أخبار الصحابة

أخبار أبو بكر الصديق

رضي الله تعالى عنه

قال أبو محمد: اسم أبي بكر عبد الله واسم أبي قحافة أبيه عثمان، وكان اسم أبي بكر في الجاهلية عبد الكعبة فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله ولقبه عتيقاً لجمال وجهه. ويقال: سمي عتيقاً لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: أنت عتيق من النار. وسمي صديقاً لتصديقه خبر الإسراء، فهو عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، وينسب أبو بكر إلى تيم قريش فيقال: التيمي وهو في التعدد مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه يلتقي هو ورسول الله صلى الله عليه وسلم عند مرة بن كعب، وبين كل واحد منهما وبين مرة ستة آباء.

أبو أبي بكر وأمه: قالوا: أسلم أبو قحافة يوم فتح مكة وأتى به النبي صلى الله عليه وسلم وكان اسمه ثغامة، فأمرهم أن يغيروه وبايعه وأتى المدينة وبقي حتى أدرك خلافة أبي بكر، ومات أبو بكر قبله وورثه أبو قحافة السدس، فرده على ولد أبي بكر. وكانت وفاته سنة أربع عشرة في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وله يوم قبض سبع وتسعون سنة. وأم أبي بكر سلمى ابنة صخر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم، وهي بنت عم أبي قحافة وتكنى أم الخير، وولد أبو قحافة أبا بكر وأم فروة وقريبة، فأما أم فروة فتزوجها رجل من الأزد فولدت له جارية ثم تزوجها تميم الداري ثم تزوجها الأشعث بن قيس، وأما قريبة فكانت عند سعد بن عبادة.

إسلام أبي بكر رضي الله تعالى عنه والاختلاف في ذلك: قال ابن إسحاق: كان أول من اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمن به من أصحابه علي بن أبي طالب وهو ابن تسع سنين، ثم زيد بن حارثة ثم أبو بكر بن أبي قحافة، ثم أسلم رهط من المسلمين منهم: عثمان بن عفان والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله.

قال: حدثني أبو الخطاب، قال: حدثني نوح بن قيس، قال: حدثنا سليمان أبو فاطمة عن معاذة بنت عبد الله العدوية، قالت: سمعت علي بن أبي طالب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أنا الصديق الأكبر آمنت قبل أن يؤمن أبو بكر، وأسلمت قبل أن يسلم أبو بكر.

قال: وحدثني أبو الخطاب، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا شعبة عن سلمة بن كهيل، قال: سمعت حية العرني يقول: سمعت علياً يقول: أنا أول من صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وحدثني أبو الخطاب قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا شعبة، قال: حدثنا الجريري، قال: سمعت أبا نضرة يقول: قال أبو بكر في الخلافة: ومن أحق بها مني ألست أول من أسلم؟ حلية أبي بكر: وصفته عائشة رضي الله عنها، قالت: كان أبيض نحيفاً خفيف العارضين أجنأ لا يستمسك إزاره يسترخي عن حقويه معروق الوجه غائر العينين ناتئ الجبهة عاري الأشاجع يعني الأصابع، وقالت أيضاً: كان يصبغ بالحناء والكتم.

بيعة أبي بكر وخلافته ووفاته

وبويع أبو بكر في اليوم الذي قبض فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سقيفة بني ساعدة بن كعب بن الخزرج، ثم بويع بيعة العامة يوم الثلاثاء من غد ذلك اليوم، وارتدّت العرب إلا القليل منهم بمنع الزكاة فجاهدهم حتى استقاموا، وبعث عمر بن الخطاب فحج بالناس سنة إحدى عشرة وفتح اليمامة وقتل مسيلمة الكذاب والأسود بن كعب العنسي بصنعاء، وحج أبو بكر بالناس سنة اثنتي عشرة ثم صدر إلى المدينة فبعث الجيوش إلى الشام فكانت أجنادين سنة ثلاث عشرة في جمادى الأولى.

واختلفوا في مرضه الذي مات فيه، وفي اليوم الذي مات فيه. قال أبو اليقظان عن سلام بن أبي مطيع: إنه سُمَّ فمات يوم الاثنين في آخره.

وقال غيره: كان سبب موته أنه اغتسل في يوم بارد فحُمَّ ومرض خمسة عشر يوماً وكان عمر يصلي بالناس حين ثقل. وقال ابن إسحاق: توفي يوم الجمعة لتسع ليال بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة فكانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر وتسع ليال، وكان أوصى أن تغسله أسماء بنت عميس امرأته، فلما مات حمل على السرير الذي كان ينام عليه النبي صلى الله عليه وسلم وهو سرير عائشة رضي الله تعالى عنها، وهو من خشبتي ساج منسوج بالليف، وبيع في ميراث عائشة، فاشتراه رجل من موالي معاوية بأربعة آلاف درهم فجعله للناس.

قال أبو محمد: وهو بالمدينة وصلى عليه عمر بن الخطاب ونزل في حفرته عمر وطلحة وعثمان وعبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهم، ودفن مع النبي صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة، وكان قال لعائشة: انظري يا بنية ما زاد في مال أبي بكر منذ ولينا هذا الأمر، فرديه على المسلمين فوالله ما نلنا من أموالهم إلا ما أكلنا من جريش طعامهم ولبسنا على ظهورنا من خشن ثيابهم، فنظرت فإذا بكر وجرد قطيفة لا يساوي خمسة دراهم وخشية، فلما جاء به الرسول إلى عمر قال له عبد الرحمن بن عوف: يا أمير المؤمنين! أتسلب هذه ولد أبي بكر؟ فقال: كلا ورب الكعبة ر يتأثم بها أبو بكر في حياته وأتحملها من بعد موته، رحم الله أبا بكر لقد كلف من بعده تعبا!

سن أبي بكر

رضي الله عنه اتفقوا على أن عمره ثلاث وستون سنة، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أسن من أبي بكر بمقدار سني خلافته.

قال: حدثني محمد بن زياد، قال: حدثنا عبد الوارث بن سعيد عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك، قال: أقبل النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مردفاً أبا بكر شيخاً يعرف، ونبي الله صلى الله عليه وسلم شاب لا يعرف، فيلقى الرجل أبا بكر فيقول: يا أبا بكر من هذا الذي بين يديك؟ فيقول: يهديني السبيل فيحسب الحاسب أن يهديه الطريق وإنما يعني سبيل الخير. وهذا الحديث يدل على أن أبا بكر كان أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بمدة طويلة، والمعروف عند أهل الأخبار ما حكيناه أولاً.

ولد أبي بكر لصلبه وأعقابهم رضي الله تعالى عنهم:

ولد أبي بكر

عبد الله بن أبي بكر وأسماء أمهما قتيلة من بني عامر بن لؤي وعبد الرحمن وعائشة أمهما أم رومان بنت الحارث بن سخبرة فولدت له الطفيل بن الحارث، فقدم أبو الطفيل من السراة فحالف أبا بكر ومعه امرأته أم رومان، ثم مات فتزوجها أبو بكر فكان الطفيل أخا عائشة لأمها، ومحمد أمه أسماء بنت عميس، وئام كلثوم أمها بنت زيد بن خارجة من الأنصار.


فأما عبد الله بن أبي بكر: فإنه شهد يوم الطائف مع النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج وبقي إلى خلافة أبيه وهلك في خلافته وترك سبعة دنانير فاستكثرها أبو بكر، وولد عبد الله إسماعيل فهلك ولا عقب لعبد الله.

وأما أسماء: فهي ذات النطاقين وتزوجها الزبير بمكة فولدت له عدة فطلقها، فكانت مع عبد الله ابنها بمكة حتى قتل وبقيت مائة سنة حتى عميت وماتت بمكة. وأما عائشة: فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرنا قصتها في قصص أزواجه.

وأما عبد الرحمن بن أبي بكر: فشهد يوم بدر مع المشركين ثم أسلم وحسن إسلامه ومات فجأة سنة ثلاث وخمسين بحبل يقرب من مكة فأدخلته عائشة الحرم ودفنته وأعتقت عنه، وكان شهد الجمل معها ويكنى أبا عبد الله، فولد عبد الرحمن محمداً وعبد الله وحفصة.

فأما عبد الله بن عبد الرحمن فولد طلحة أمه عائشة بنت طلحة بن عبيد الله، وأمها أم كلثوم بنت أبي بكر، وكان طلحة جواداً فولد طلحة محمداً وكان عاملاً على مكة، ولطلحة عقب كثير وهم ينزلون بالقرب من المدينة فكانت عائشة بنت محمد بن طلحة عند سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس.

وأما محمد بن عبد الرحمن: فولد عبد الله بن محمد وله عقب يقال لهم آل أبي عتيق من بين ولد أبي بكر، وذلك أن عدة من ولد أبي بكر تفاضلوا، فقال أحدهم: أنا ابن الصديق، وقال آخر: أنا ابن صاحب الغار، وقال محمد بن عبد الرحمن: أنا ابن أبي عتيق. فنسب إلى ذلك هو وولده إلى اليوم. وأما محمد بن أبي بكر: فكان يكنى أبا القاسم، وكان من نساك قريش، وكان فيمن أعان على قتل عثمان، ثم ولاه علي بن أبي طالب مصر فقاتله صاحب معاوية هناك وظفر به فقتله، فولد محمد بن أبي بكر القاسم بن محمد لأم ولد وكان فقيهاً بالحجاز فاضلاً، وتوفي بقديد سنة ثمان ومائة فولد القاسم بن محمد عبد الرحمن بن القاسم وأم فروة.

فأما أم فروة فتزوجها محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.

وأما عبد الرحمن فكان من أفضل قريش ويكنى أبا محمد وله عقب بالمدينة وليسوا بالكثير.

وأما أم كلثوم بنت أبي بكر: فخطبها عمر بن الخطاب إلى عائشة فأنعمت له وكرهت أم كلثوم فاحتالت له حتى أمسك عنها وتزوجها طلحة بن عبيد الله فولدت له زكريا وعائشة، ثم قتل عنها فتزوجها عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي.

موالي أبي بكر وولده بلال

وهو بلال بن رباح وأمه حمامة، وكان من مولدي مكة لرجل من بني جمح فأسر فاشتراه أبو بكر بخمس أواق فأعتقه، وكان يعذب في الله وشهد بلال بدراً والمشاهد كلها وهو أول من أذّن لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى أبا بكر فاستأذنه إلى الشام فأذن له، فلم يزل مقيماً بها ولم يؤذن بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قدم عمر إلى الشام لقيه فأمره فأذن فبكى عمر والمسلمون، فكان ديوانه في خثعم، فليس بالشام حبشي إلا وديوانه في خثعم وهلك هناك. قال الواقدي: كان بلال من مولدي السراة فيما بين اليمن والطائف ويكنى أبا عبد الله، وكان رجلاً شديد الأدمة نحيفاً طوالاً أحنى، له شعر كثير خفيف العارضين به شمط كثير، وكان لا يغير شيبه، فمات بدمشق سنة عشرين وهو ابن بضع وستين سنة.

عامر بن فهيرة: قال: ومن موالي أبي بكر عامر بن فهيرة، وكان للطفيل بن الحارث أخي عائشة لأمها أم رومان، وأسلم عامر فاشتراه أبو بكر فأعتقه، وكان ممن يعذب في الله.

قال أبو محمد: حدثنا غير واحد، منهم الرياشي، أن أبا بكر أعتق سبعة كلهم يعذب في الله بلال وعامر بن فهيرة وزبير وأم عنبس وجارية من بني عمر بن مؤمل والنهدية وابنتها، وكان عامر بن فهيرة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين هاجر إلى المدينة يخدمه وشهد يوم بدر وبئر معونة فاستشهد يومئذ.

صفية: ومن موالي أبي بكر صفية وهي أم محمد بن سيرين.

أبو نافع: ومن موالي أبي بكر أبو نافع مولى عبد الرحمن بن أبي بكر، وكان مكثراً من المال وإياه يعني بهذا القول "بخت أبي نافع" وكان ينزل البصرة وله بها دار مشهورة وفيه يقول ابن مفرغ الحميري:

سقى الله أرضاً لي وداراً تركتها

 

إلى جنب داري معقل بن يسار

أبو نافع جار لها وابن بـرثـن

 

فيالك جـاري ذلة وصـغـار

قال أبو محمد: وابن برثن مولى لبنى ضبيعة، فقتل لأبي نافع: إنه هجاك. قال: فإذا هجاني أموت أو يموت ابني طلحة. قالوا: لا. قال: فلا أبالي.

مرة بن أبي عثمان: قال: ومن موالي أبي بكر: مرة بن أبي عثمان مولى عبد الرحمن بن أبي بكر، وكانت عائشة رضي الله عنها كتبت إلى زياد بن أبي سفيان بالوصاة فسر بكتابها وأكرمه وأقطعه نهر مرة بالبصرة، وإليه ينسب ذلك النهر، وله عقب بالبصرة.

سليمان بن بلال: ومن موالي القاسم بن محمد سليمان بن بلال وكان بربرياً جميلاً وولي خراج المدينة وحمل عنه الحديث، وتوفي بالمدينة سنة اثنتين وسبعين ومائة في خلافة مروان.

أخبار عمر بن الخطاب

رضي الله تعالى عنه هو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزّى بن قرط بن رياح بن عبد الله بن رزاح بن عدي ابن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، وينسب عمر إلى عدي فيقال العدوي.

أبو عمر وأمه وأخوه زيد وأمه: كان الخطاب بن نفيل من رجال قريش وأمه امرأة من فهم، وكانت تحت نفيل فتزوجها عمرو بن نفيل بعد أبيه فولدت له زيداً وأمه أم الخطاب، وزيد هو أبو سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، أحد العشرة الذين بشرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة، فولد الخطاب زيد بن الخطاب وعمر بن الخطاب. فأما زيد بن الخطاب: فأمه أسماء من بني أسد بن خزيمة فكان إسلامه قبل إسلام عمر وشهد بدراً، وكان بينه وبين عمر درع فجعل كل واحد منهما يقول: والله لا يلبسها غيرك. ثم شهد يوم أحد فصبر في أربعة أنفس ولم يهرب فيمن هرب، وشهد يوم مسيلمة سنة اثنتي عشرة فقتل، ويقال إن قاتله أبو مريم الحنفي ويقال بل قتله سلمة أخو أبي مريم، وكان زيد يكنى أبا عبد الرحمن فولد زيد عبد الرحمن وأمه بنت أبي لبابة الأنصاري وأسماء.

فأما أسماء فتزوجها عبيد الله بن عمر فقتل عنها.

وأما عبد الرحمن فولد عبد الحميد بن عبد الرحمن وكان أعرج. وعبد الله وأمه فاطمة ابنة عمر بن الخطاب. وكان عبد الحميد عاملاً لعمر بن عبد العزيز وولده إبراهيم وعبد الملك وعبد الكبير وعمر وزيد وعبد العزيز ومحمد.

فأما إبراهيم فولد إسحاق الذي يعرف بالخطابي وولده بالبصرة لهم أقدار وعدد، وكان الباقون من ولد عبد الحميد يلون الولايات.

وأما عمر بن الخطاب: فيكنى أبا حفص وأمه حنتمة بنت هشام بن المغيرة المخزومي. وكان يدعى الفاروق لأنه أعلن بالإسلام ونادى به والناس يخفونه، ففرق بين الحق والباطل. وكان المسلمون يوم أسلم تسعة وثلاثون رجلاً وامرأة بمكة فكلمهم عمر أربعين. وقال ابن مسعود ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر.

حلية عمر

رضي الله عنه: قال أبو محمد اختلفوا في لونه، فروى بعض الحجازيين أنه كان أبيض أمهق طوالاً أصلع تعلوه حمرة. وروى الكوفيون أنه كان آدم شديد الأدمة وإنه كان يصفر لحيته بالحناء، وروى من غير وجه أنه كان أعسر يسراً، وهو الذي يعتمل بيديه جميعاً وهو الأضبط. قال: حدثني سهل بن محمد، قال: حدثني الأصمعي، قال: حدثنا شعبة عن سماك بن حرب أن عمر كان أروح كأنه راكب والناس يمشون وكأنه من رجال بني سدوس والأرواح الذي يتدانى عقباه إذا مشى.

خلافة عمر بن الخطاب

رضي الله عنه: قال أبو محمد: وعهد أبو بكر الصديق رضي الله عنه إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه واستخلفه بعده، ففتح الله عليه في سني ولايته بيت المقدس ودمشق صلحاً على يد خالد بن الوليد وميسان ودست ميسان وأبو قباذ واليرموك، ثم كانت وقعة جلولاء سنة تسع عشرة وأميرها سعد بن أبي وقاص، وفيها كانت قيسارية وأميرها معاوية بن أبي سفيان. ثم كانت وقعة باب اليون سنة عشرين وأميرها عمرو بن العاص، وكانت وقعة نهاوند سنة إحدى وعشرين وأميرها النعمان بن مقرن المزني، وكانت أرجان من الأهواز سنة اثنتين وعشرين وأميرها المغيرة بن شعبة وكانت اصطخر الأولى وهمذان سنة ثلاث وعشرين.

فأما الرمادة من طاعون عمواس فكان سنة ثماني عشرة، وحج عمر بالناس عشر سنين متواليه ثم صدر إلى المدينة فقتله فيروز أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة يوم الاثنين لأربع ليال بقين من ذي الحجة تتمة سنة ثلاثة وعشرين سنة. قال الواقدي: طعن يوم الأربعاء لسبع بقين من ذي الحجة ومكث ثلاثاً ثم توفي لأربع بقين وصلى عليه صهيب وقبر في حجرة عائشة رضي الله عنها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنهما. قال ابن إسحاق: كانت ولايته عشر سنين وستة أشهر وخمس ليال.

سن عمر بن الخطاب

رضي الله عنه: واختلفوا في سنه، فقال ابن إسحاق: قبض وهو ابن خمس وخمسين سنة وهو قول أبي اليقظان، وذكر الواقدي عن قيس بن الربيع عن أبي إسحاق عن عامر بن سعد: توفي عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو ابن ثلاث وستين سنة، ولا أرى هذا إلا غلطاً، والقول هو الأول. وحدثني زيد بن أخرم، قال: حدثنا أبو قتيبة عن جرير بن حازم عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: قتل عمر بن الخطاب وهو ابن خمس وخمسين سنة.

ولد عمر بن الخطاب

لصلبه وأعقابهم: وولد عمر بن الخطاب عبد الله وحفصة أمهما زينب بنت مظعون، وعبيد الله وأمه مليكة بنت جرول الخزاعية، وعاصماً وأمه جميلة بنت عاصم بن ثابت حمى الدبر، وفاطمة وزيداً وأمهما أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقال إن اسم بنت أم كلثوم من عمر رقية، وإن عمر زوّجها إبراهيم بن نعيم النجام فماتت عنده ولم تترك ولداً، ومجبراً واسمه عبد الرحمن، وأبا شحمة واسمه أيضاً عبد الرحمن وفاطمة وبنات أخر. عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: فأما عبد الله بن عمر فكان يكنى أبا عبد الرحمن وأسلم مع إسلامه أبيه بمكة وهو صغير، وشهد المشاهد بعد يوم بدر وأحد، وبقي إلى زمن عبد الملك. قال أبو اليقظان: فيزعمون أن الحجاج دس له رجلاً فسمّ، زج رمحه فرجمه في الطريق وطعنه في ظهر قدمه، فدخل الحجاج عليه فقال: يا أبا عبد الرحمن! من أصابك؟ قال: أنت أصبتني. قال: لمَ تقول هذا رحمك الله؟ قال: حملت السلاح في بلد لم يكن يحمل فيه السلاح فمات. فصلى عليه عند الردم ودفن في حائط حرماز وقال غير أبي اليقظان: مات بمكة ودفن بفخ وهو ابن أربع وثمانين سنة، وكان يصفر لحيته، وهو آخر من مات بمكة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم.

ولد عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: فولد عبد الله بن عمر عبد الله وأمه صفية بنت أبي عبيد أخت المختار وسالماً وأمه أم ولد وعاصماً وحمزة وبلالاً وواقداً وبنات كانت واحدة منهن عند عمرو بن عثمان بن عفان وأخرى منهن عند عروة بن الزبير.

فأما عبد الله بن عبد الله بن عمر فكان من رجالات قريش، وكان وصي أبيه وله عقب بالمدينة منهم: عمر بن عبد العزيز بن عبد الله بن عمر كان على كرمان للمهدي، ثم استعمله موسى على المدينة. ومنهم: عبد الله بن عبد العزيز وكان من أزهد الناس وأعبدهم وأفضلهم وهلك في بادية بقرب المدينة.

وأما سالم بن عبد الله فكان يكنى أبا عمر وكان من خيار الناس وفقهائهم وكان أبوه يلام في حبه فيقول:

يلومونني في سالم وألومهـم

 

وجلدة بين العين والأنف سالم

قال الواقدي: كان سالم يكنى أبا المنذر وهلك بالمدينة سنة ست ومائة وصلى عليه هشام بن عبد الملك.

وأما عاصم بن عبد الله بن عمر فولد محمداً وله عقب بالكوفة.

وأما واقد بن عبد الله بن عمر فوقع من بعير وهو محرم فهلك، فولد واقد عبد الله بن واقد، وكان من رجال قريش وفيه يقول الشاعر:

أحب من النسوان كل خـريدة

 

لها حسن عباد وجسم ابن واقد

يعني عباد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير.

وأما بلال بن عبد الله بن عمر فكان أشج وكان عبد الله بن عمر يقول له يا بلال! أترجو أن تكون أشج بني عمر؟ فهلك وهو صغير لا عقب له.

عبيد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: وأما عبيد الله بن عمر بن الخطاب فكان شديد البطش، فلما قتل عمر جرد سيفه فقتل بنت أبي لؤلؤة وقتل الهرمزان وجفينة رجلاً أعجمياً. وقال: لا أدع أعجمياً إلا قتلته. فأراد علي قتله بمن قتل فهرب إلى معاوية، وشهد معه صفين فقتل. وولد عبيد الله بن عمر أبا بكر وعثمان وأم عيسى وغيرهم فولد أبو بكر أم سلمة وكانت تحت الحجاج وولد عثمان أم عثمان وكانت تحت عمر بن عبد العزيز.

عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: وأما عاصم بن عمر بن الخطاب فكان فاضلاً خيراً وتوفي سنة سبعين قبل قتل عبد الله بن الزبير ورثاه أخوه عبد الله فقال شعراً فيه:

فليت المنايا كن خلّفن عاصماً

 

فعشنا جميعاً أو ذهبن بنا معا

وولد عاصم حفصا وعمر وحفصة وأم عاصم وأم مسكين.

فأما أم عاصم فتزوجها عبد العزيز بن مروان فولدت له عمر بن عبد العزيز وماتت عنده فتزوج أختها حفصة فلها يقال ليست حفصة من رجال أم عاصم.

وأما أم مسكين فتزوجها يزيد بن معاوية وطلقها فخلف عليها عبيد الله بن زياد.

وأما حفص بن عاصم فولد عمر وأم عاصم، وولد عمر بن حفص. عبيد الله بن عمر العمري الذي يروي عنه الحديث.

أبو شحمة بن عمر بن الخطاب: وأما أبو شحمة بن عمر بن الخطاب فضربه عمر الحد في الشراب وفي أمر آخر فمات ولا عقب له.

زيد بن عمر بن الخطاب: وأما زيد بن عمر بن الخطاب فرمي بحجر في حرب كانت بين بني عويج وبين بني رزاح فمات ولا عقب له، ويقال إنه مات وأمه أم كلثوم في ساعة واحدة فلم يرث واحد منهما من صاحبه، وصلى عليهما عبد الله بن عمر فقدم زيداً وأخّر أم كلثوم فجرت السنة بتقديم الرجال.

مجير بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: وأما مجير بن عمر بن الخطاب فكان له ولد ثم بادوا ولم يبق منهم أحد.

موالي عمر بن الخطاب

ومن موالي عمر بن الخطاب مالك الدار، وكان عمر ولاه داراً وكان يقسم بين الناس فيها شيئاً وأم ولده حبي، وكانت قد أرضعت عثمان بن عفان وكانت مليحة فقال لها عثمان إني أريد أن أقطعك، فأيما أحب إليك خمس من خمسة أخماس أو سدس من ستة أسداس؟ فقالت: سدس فأقطعها فانتمى مالك الدار إلى اليمن.

ومن موالي مالك الدار ذكوان عظيم القدر قد ولي بعض الأعمال وهو الذي سار من مكة إلى المدينة في يوم وليلة.

ومن موالي عمر بن الخطاب رضي الله عنه مهجع مولى عمر قتل يوم بدر.

ومن مواليه: أسلم مولى عمر بن الخطاب: قال سعيد بن المسيب أسلم حبشي بجاوي وكان يكنى أبا زيد واشتراه عمر بن الخطاب سنة اثنتي عشرة، وفي تلك السنة قدم بالأشعث بن قيس على أبي بكر في الحديد قال أسلم فسمعته يكلم أبا بكر وتوفي في خلافة عبد الملك بن مروان وهو كثير الرواية عن عمر وابنه زيد بن أسلم كثير الرواية عن أبيه.

نافع مولى عبد الله بن عمر: كان نافع يكنى أبا عبد الله وكان من أهل آبر شهر أصابه عبد الله بن عمر في غزاته وكان له من الولد أبو بكر وعبد الله وعمر وقد روى عنهم.

هنى مولى عمر بن الخطاب: وكان هنى مولى لعمر وهو الذي روى أن أبا بكر لم يحم شيئاً من الأرض إلا البقيع وهو مرج حماه للخيل التي يغزى عليها.

ومن موالي عمر: المبارك بن فضالة بن أبي أمية كان جده أبو أمية مكاتبا لعمر واسمه عبد الرحمن وحمل عن المبارك حديثاً كثيراً. وتوفي سنة خمس وستين ومائة وللمبارك أخوان روى عنهما المفضل بن فضالة وعبد الرحمن بن فضالة.

أخبار عثمان بن عفان

رضي الله عنه

نسب عثمان

هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب ابن مرة بن كعب بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة ويكنى أبا عمرو وأبا عبد الله وأبا ليلى.

أبو عثمان وأمه

وكان عفان خرج إلى الشام في تجارة فمات هناك ويقال: إنه قتل بالغميصاء مع الفاكه بن المغيرة، وولد عفان عثمان وآمنة وأرنب، أمهم أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، وأمها البيضاء بنت عبد المطلب فأم عثمان بنت عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

حلية عثمان وأخباره رضي الله عنه: قال الواقدي: كان عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه رجلاً ليس بالقصير ولا بالطويل بل حسن الوجه رقيق البشرة كثير اللحية عظيمها أسمر اللون كثير الرأس، وكان يشد أسنانه بالذهب، وزاد غيره: كان أصلع أقنى له جمة أسفل من أذنيه، ولكثرة شعر رأسه ولحيته كان أعداؤه يسمونه عثولا وزوّجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنتيه رقية وأم كلثوم وكان محبباً في قريش قال قائلهم:

أحبك والرحمـن

حب قريش عثمان

إذ دعا بالمـيزان"

وهو من المهاجرين الأولين: وكان تزوج رقية ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة فهاجر بها إلى أرض الحبشة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنهما لأول من هاجر إلى الله عز وجل بعد إبراهيم ولوط عليهما السلام ثم هاجر إلى المدينة فله هجرتان واشترى بئر رومة وكانت ركية ليهودي يبيع ماءها للمسلمين يضرب بدلوه في دلائهم وله بها مشرب في الجنة. فأتى عثمان اليهودي فساومه بها فأبى أن يبيعها كلها فاشترى نصفها باثني عشر ألف درهم فجعله للمسلمين، فقال عثمان: إن شئت فلي يوم ولك يوم، وإن شئت جعلت على نصيبي قربتين، قال بل يوم لي ولك يوم، فكان إذا كان يوم عثمان استقى المسلمون ما يكفيهم يومين، فلما رأى ذلك اليهودي قال لعثمان: أفسدت على ركيتي فاشتر النصف الآخر، فاشتراه بثمانية آلاف درهم. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يزيدنا في مسجدنا؟ فاشترى عثمان موضع خمس سوار فزاده في المسجد وجهز عثمان جيش العسرة بتسعمائة وخمسين بعيراً وأتمها ألفاً بخمسين فرساً، ولم يشهد يوم بدر لأن النبي صلى الله عليه وسلم خلفه على رقية ابنته، وكانت ابنته وكانت تقيلة فماتت ودفنها وضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه وأجره، ولم يشهد بيعة الرضوان لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان بعث به إلى مكة يخبرهم أنه لم يأت لقتال، فبايع له رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله، شهد يوم أحد فانهزم ومضى إلى الغابة مسيرة ثلاثة أيام، ففيه وفي أصحابه نزلت: "إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم" آل عمران: 155 ".

خلافة عثمان بن عفان

رضي الله عنه: وبويع عثمان غرة المحرم سنة أربع وعشرين وهو يومئذ ابن تسع وستين سنة، فكانت أول غزاة غزيت الري في خلافته وأمير الجيوش أبو موسى الأشعري، ثم الإسكندرية، ثم سابور، ثم أفريقية، ثم قبرس، ثم سواحل بحر الروم واصطخر الآخرة، وفارس الأولى، ثم جور وفارس الآخرة، ثم طبرستان ودار بجرد وكرمان وسجستان، ثم الأساورة في البحر، ثم أفريقية ثم حصون قبرس، ثم ساحل الأردن، ثم كانت مرو على يد عبد الله بن عامر سنة أربع وثلاثين، ثم حصر عثمان في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين. وكان مما نقموا على عثمان أنه آوى الحكم بن أبي العاص وأعطاه مائة ألف درهم، وقد سيره رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لم يؤوه أبو بكر ولا عمر. قالوا: وتصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم بمهزور موضع سوق المدينة على المسلمين فأقطعه عثمان الحارث بن الحكم أخا مروان، وأقع فدك مروان، وهي صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وافتتح أفريقية فأخذ الخمس فوهبه كله لمروان، فقال عبد الرحمن بن حنبل الجمحي وكان عثمان سيره:

أحلف بـالـلـه رب الأنـام

 

ما ترك اللـه شـيئاً سـدى

ولكن خلقت لـنـا فـتـنة

 

لكي نبتلى بك أو تبتـلـى

فإن الأمـينـين قـد بـينـا

 

منا الطريق عليه الـهـدى

فما أخـذا درهـمـا غـيلة

 

وما جعلا درهماً في الهوى

وأعطيت مروان خمس العبا

 

د فهيهات شأوك ممن سعى

وطلب إليه عبد بن خالد بن أسد صلة فأعطاه أربعمائة ألف درهم، وسير أبا ذر إلى الربذة، وسير عامر بن عبد القيس من البصرة إلى الشام، فسار إليه قوم من أهل مصر فيهم محمد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة في جند، وكنانة بن بشر التجيبي في جند، وابن عديس البلوي في جند، ومن أهل البصرة حكيم بن جبلة العبدي وسدوس بن عبيس الشني ونفر من أهل الكوفة منهم الأشتر بن الحارث النخعي فاستعتبوه فأعتبهم وأرضاهم، ثم وجدا بعد أن انصرفوا يريدون مصر كتاباً من عثمان عليه خاتمه إلى أمير مصر إذا أتاك القوم فاضرب رقابهم فعادوا به إلى عثمان فحلف لهم أنه لم يأمر ولم يعلم. قالوا: إن هذا عليك شديد يؤخذ خاتمك بغير علمك وداخلتك فإن كنت قد غلبت على أمرك فاعتزل، فأبى أن يعتزل وأن يقاتلهم ونهى عن ذلك وأغلق بابه فحوصر أكثر من عشرين يوماً وهو في الدار في ستمائة رجل، ثم دخلوا عليه من دار بني حزم الأنصاري فضربه نيار بن عياض الأسلمي بمشقص في وجهه فسال الدم على المصحف في حجره ثم أخذ محمد بن أبي بكر بلحيته فقال: دع لحيتي، وكان قتله في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين وأقام للناس الحج تلك السنة عبد الله بن العباس وصلى بالناس علي بن أبي طالب بالمدينة وخطبهم، وكان عثمان حج بالناس عشر سنين متوالية واختلفوا في يوم قتله. قال ابن إسحاق: يوم الأربعاء بعد العصر، ودفن يوم السبت قبل الظهر. وقال الواقدي: قتل يوم الجمعة لثمان ليال خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين وهو يومئذ ابن اثنتين وثمانين سنة، وقال: هذا ما لا اختلاف فيه، ودفن بالبقيع ليلاً وصلى عليه جبير بن مطعم وأخفوا قبره، قال أبو اليقظان قتل يوم الجمعة سنة خمس وثلاثين ودفن بأرض يقال لها حش كوكب رجل من الأنصار.


وجدت الشعراء يذكرون أنه قتل يوم الأضحى قال الفرزدق:

عثمان إذ قتلوه وانتهكوا

 

دمه صبيحة ليلة النحر

وقال آخر:

ضحوا بأشمط عنوان السجود به

 

يقطّع الليل تسبيحـاً وقـرآنـا

وقال أيمن بن خريم:

تعاقدوا يذبحوا عـثـمـان ضـاحـية

 

فأي ذبح حـرام ويحـهـم ذبـحـوا

ضحوا بعثمان في الشهر الحرام ولـم

 

يخشوا على مطمح الكفر الذي طمحوا

فأي سـنة كـفـر سـن أولـهــم

 

وباب كفر على سلطانهم فـتـحـوا

فاستوردتهم سيوف المسلمـين عـلـى

 

تمام ظمءٍ كما يستـورد الـنـصـح

ماذا أراداو أسيوف الـلـه سـعـيهـم

 

بسفك ذاك الدم الذاكي الذي سفـحـوا

قال ابن إسحاق: كانت ولايته اثنتي عشرة سنة إلا اثنتي عشرة ليلة.

ولد عثمان بن عفان: فولد عثمان بن عفان عبد الله الأكبر أمه فاختة بنت غزوان، وعبد الله الأصغر أمه رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمرا وأبان وخالدا وعمر وسعيد أو الوليد وأم سعيد والمغيرة وعبد الملك وأم أبان وأم عمرو وعائشة.

عمرو بن عثمان: فأما عمرو بن عثمان فكان أسنّ أولاده وأشرفهم عقبا وهلك بمنى، وولده عثمان الأكبر وخالد وعبد الله الأكبر، أمه حفصة بنت عبد الله بن عمر بن الخطاب وعثمان الأصغر وبكير والمغيرة وعنبسة وعمر والوليد.

فأما عبد الله الأكبر فكان من أجمل الناس ولقب المطرف لجماله وفيه يقول مدرك بن حصن:

كأني إذ دخلت على ابن عمرو

 

دخلت على مخبأة كـعـوب

فولد عبد الله بن عمر الأكبر خالداً وعائشة وعبد العزيز وآمنة وأم عبد الله وولد له من فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب محمد الأصغر والقاسم ورقية، ومن غيرها محمد الأكبر وعمر وسعدة. وكان محمد بن عبد الله بن عمرو الأصغر من أجمل الناس وكان يلقب بالديباج لجماله وكان له قدر ونبل، وكان يقال فيه سمي النبي صلى الله عليه وسلم ومن ذريته، وزرع الخليفة المظلوم. وكان كثير التزويج كثير الطلاق، فقالت امرأة من نسائه إنما مثله مثل الدنيا لا يدوم نعيمها ولا تؤمن فجائعها، وأخذه أبو جعفر مع الفاطميين ثم أمر به فضربت عنقه صبراً وبعث برأسه إلى الهند، وأظهر أنه رأس محمد بن عبد الله بن الحسن وله عقب. ومن ولده امرأة ولدها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وهي بنت محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان وأمها خديجة بنت عثمان بن عروة بن الزبير، وأم عروة وأسماء بنت أبي بكر الصديق، وأم محمد فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب، وأم الحسين فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأم فاطمة ابنة الحسين بن علي أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله، وأم عبد الله بن عمرو وحفصة بنت عبد الله بن عمر بن الخطاب.

وأما القاسم بن عبد الله بن عمرو بن عثمان فلا عقب له.

وأما عمر بن عبد الله فولد عبد الله بن عمر وهو العرجي الشاعر، وكان ينزل العرج وهو موضع قبل الطائف، وكان يهجو إبراهيم بن هشام المخزومي فأخذه فحبسه فهلك في السجن وهو القائل في السجن:

كأني لم أكن فيهم وسـيطـاً

 

ولم تك نسبتي في آل عمرو

أضاعوني وأي فتى أضاعوا

 

ليوم كريهةٍ وسداد ثـغـر

أبان بن عثمان: فأما أبان بن عثمان فشهد الجمل مع عائشة فكان الثاني من المنهزمين، وكانت أمه بنت جندب بن عمرو بن حممة الدوسي، وكانت حمقاء تجعل الخنفساء في فمها وتقول: حاحيتك ما في فمي؟ وهي أم عمرو بن عثمان أيضاً، وكان أبان أبرص أحول يلقب بقيعاً وكانت عنده أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر خلف عليها بعده الحجاج وعقبه كثير، منهم: عبد الرحمن بن أبان وكان عابداً مجتهداً يحمل عنه الحديث.

خالد بن عثمان: وأما خالد بن عثمان فكان عنده مصحف عثمان الذي كان في حجره حين قتل، ثم صار في أيدي ولده وقد درجوا.

عمر بن عثمان: وأما عمر بن عثمان فولد زيداً وعاصماً وأم أيوب، وكانت أم أيوب عند عبد الملك بن مروان، وأما زيد بن عمر بن عثمان فكان تزوج سكينة بنت الحسين، وأما عاصم بن عمر أبخل الناس، فهو الذي قيل فيه:

سيرا فقد جن الـظـلام عـلـيكـم

 

فلست الذي يرجو القرى عند عاصم

فما كان لي ذنب إليه عـلـمـتـه

 

سوى أنني قد زرته غـير صـائم

سعيد بن عثمان: وأما سعيد بن عثمان فكان أعور بخيلاً وقتل، وكان سبب قتله أنه كان عاملاً لمعاوية على خراسان فعزله معاوية فأقبل معه برهن كانوا في يديه من أولاد الصغد إلى المدينة وألقاهم في أرض يعملون له فيها بالمساحي فأغلقوا يوماً باب الحائط ووثبوا عليه فقتلوه فطلبوا فقتلوا أنفسهم.

الوليد بن عثمان: وأما الوليد بن عثمان فكان صاحب شراب وفتوة وقتل أبوه عثمان وهو مخلق في حجلته.

عبد الله بن عثمان: وأما عبد الله بن عثمان وهو من رقية بنت رسول النبي صلى الله عليه وسلم فهلك صبياً، وذكروا أنه بلغ ست سنين فنقره ديك على عينيه فمرض فمات.

عبد الملك بن عثمان: وأما عبد الملك بن عثمان فهلك وهو غلام أيضاً.

موالي عثمان: ومن موالي عثمان أيضاً كيسان أبو فروة وابنه عبد الله بن أبي فروة، كان عظيم القدر وكان صاحب أمر مصعب بن الزبير، فلما قتل مصعب حمل مما كان معه من المال عشرة آلاف درهم فذهب بها إلى المدينة، وعددهم بالمدينة كثير وقدرهم عظيم. ومن موالي عثمان خدان بن أبان وولده وأبو الزناد وولده.

أخبار علي بن أبي طالب

رضي الله تعالى عنه

نسب علي

بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وكرم الله وجهه: هو علي بن أبي طالب، واسم أبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم ويكنى أبا محسن.

أبوه وإخوته وأخواته

وولد أبو طالب عقيلاً وجعفراً وعلياً وطالباً وأم هانئ واسمها فاختة وجمانة وأمهم فاطمة بنت أسد بن هشام بن عبد مناف وأمها حبي بنت حرم بن رواحة من قريش من بني عامر بن لؤي، وأسلمت أمهم فاطمة بنت أسد بن هاشم وهي أول هاشمية ولدت لهاشمي.

عقيل بن أبي طالب: فأما عقيل بن أبي طالب فكان يكنى أبا يزيد وأسر يوم بدر ففداه العباس بأربعة آلاف درهم فيما يذكر أبو اليقظان، وورث عقيل وطالب أبا طالب ولم يرثه علي ولا جعفر ولأنهما كانا مسلمين، وكان عقيل أسن من جعفر بعشر سنين، وجعفر أسن من علي بعشر سنين، وأسلم عقيل ولحق بمعاوية وترك أخاه علياً ومات بعدما عمي في خلافة معاوية، وله دار بالبقيع واسعة كثيرة الأهل، وكان عقيل قذف رجلاً من قريش، فحده عمر بن الخطاب وولد عقيل مسلماً وعبد الله ومحمداً ورملة وعبيد الله لأم ولد، وقال بعضهم كانت أم مسلم بن عقيل نبطية من آل فرزندا وعبد الرحمن وحمزة وعلياً وجعفر وعثمان وزينب وأسماء وأم هانئ لأمهات وأولاد شتى، وزيد وسعداً وجعفراً الأكبر وأبا سعيد فأما أسماء فتزوجها عمر بن علي بن أبي طالب وخرج ولد عقيل مع الحسين بن علي بن أبي طالب فقتل منهم تسعة نفر، وكان مسلم بن عقيل أشجعهم وكان على مقدمة الحسين فقتله ابن زياد سراً، قال الشاعر:

يا عين جودي بعبرة وعويل

 

واندبي إن ندبت آل الرسول

سبعة كلهم لصلب عـلـي

 

قد أصيبوا وتسعة لعـقـيل

فولد مسلم بن عقيل عبد الله بن مسلم وعلي بن مسلم أمهما رقية بنت علي بن أبي طالب ومسلم بن مسلم، وعبد العزيز ولد محمد بن عقيل القاسم بن محمد وعبد الله بن محمد وعبد الرحمن بن محمد أمهم زينب الصغرى بنت علي بن أبي طالب.

فأما عبد الله بن محمد بن عقيل فكان فقيهاً تروى عنه الأخبار وكان أحول.

وأما عبد الله بن عقيل فولد محمداً ورقية وأم كلثوم أمهم ميمونة ابنة علي بن أبي طالب.

وأما أبو سعيد بن عقيل فولد محمداً.

وأما عبد الرحمن بن عقيل فولد سعيداً أمه خديجة ابنة علي بن أبي طالب.

جعفر بن أبي طالب: وأما جعفر بن أبي طالب فهو ذو الهجرتين وذو الجناحين وكان استشهد يوم مؤتة فقطعت يداه فأبداله الله عز وجل بهما جناحين يطير بهما في الجنة ووجدوا يومئذ في مقدمة أربعاً وخمسين ضربة بسيف، وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحبشة يوم فتح خيبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أدري بأي الأمرين أنا أسر، بقدوم جعفر أم بفتح خيبر؟ واختط له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة إلى جنب المسجد.

وقال أبو هريرة: ما ركب الكور ولا احتذى النعال ولا وطئ التراب أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من جعفر، وكان يكنى أبا عبد الله، فولد جعفر عبد الله بن جعفر وعوف بن جعفر ومحمد بن جعفر، وأمهم أسماء بنت عميس الخثعمية. محمد بن جعفر بن أبي طالب: فأما محمد بن جعفر فولد وطلحة، وولد طلحة فاطمة، أمها أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر، وأمها زينب بنت علي، وأمها فاطمة ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فتزوج فاطمة حمزة بن عبد الله بن الزبير، ثم تزوجها طلحة بن عمر بن عبيد الله ولا عقب له. واستشهد محمد بن جعفر بشتر.

عون بن جعفر بن أبي طالب: وأما عون بن جعفر فقتل بشتر أيضاً ولا عقب له، إلا أن رجلاً كان يقال له: المارد أتى عبد الله بن جعفر فقال: أنا ابن عون! فأقر به عبد الله بن جعفر وأعطاه عشرة آلاف درهم، وذكر أنه زوجه بنتاً له كانت عمياء فلم تلد له ثم نفاه بنو عبد الله وهم اليوم بالمدائن لا يزوجهم شريف ولا يتزوج إليهم ولا يقال أنتم من قريش.

عبد الله بن جعفر بن أبي طالب: وأما عبد الله بن جعفر فكان يكنى أبا جعفر، وولد بالحبشة وكان أجود العرب، وتوفي بالمدينة وقد كبر، هذا قول أبي اليقظان. وقال غيره: توفي ودفن بالأبواء سنة تسعين. ويقال: إنه كان ابن عشر سنين حين قبض النبي صلى الله عليه وسلم، فكان ولد عام الهجرة ومات وهو ابن تسعين سنة، وصلى عليه سليمان بن عبد الملك. فولد عبد الله بن جعفر جعفراً الأكبر وعلياً وعوناً الأكبر وعباساً وأم كلثوم وأمهم زينب بنت علي وأمها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحمداً وعبيد الله وأبا بكر، أمهم الحوصاء بنت حفصة أحد بني تيم الله بن ثعلبة، وصالحاً وموسى وهارون ويحيى وأم أبيها أمهم ليلى بنت مسعود بن خالد النهشلي، خلف عليها بعد علي بن أبي طالب ومعاوية وإسحاق وإسماعيل والقاسم لأمهات أولاد شتى، والحسن وعوناً الأصغر أمهما جمانة بنت المسيب الفزارية وجعفرا.

فأما أم كلثوم فكانت عند القاسم بن محمد بن جعفر بن أبي طالب، ثم تزوجها الحجاج بن يوسف، ثم تزوجها أبان بن عثمان بن عفان، وأما أم أبيها فكانت عند عبد الملك بن مروان فطلقها ثم تزوجها علي بن عبد الله بن العباس فهلكت عنده. وكان سبب طلاقها أنه عض على تفاحة ثم رمى بها إليها وكان بعبد الملك بخر فدعت بمدية فقال ما تصنعين؟ قالت أميط عنها الأذى! ففارقها والعقب من ولد عبد الله بن جعفر لعلي ومعاوية وإسحاق وإسماعيل.

وأما معاوية فكان بنحل وولد عبد الله بن معاوية ومحمد بن معاوية وأمهما أم عون من ولد الحارث بن عبد المطلب ويزيد والحسن وصالحاً، أمهم فاطمة بنت الحسن بن الحسن بن علي وعلياً لأم ولد.

فأما عبد الله بن معاوية فطلب الخلافة وظهر بأصبهان وبعض فارس فقتله أبو مسلم ولا عقب له.

وأما إسحاق بن عبد الله بن جعفر فكان عمر بن عبد العزيز جلده الحد وهو أول وال على المدائن فقال بودك: أنه ليس في الأرض قرشي إلا محدود وذلك أن أباه عبد العزيز كان حد فولد إسحاق القاسم، أمه أم حكيم بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه.

خلافة علي بن أبي طالب

رضي الله عنه  قال ابن إسحاق إن عثمان لما قتل بويع علي بن أبي طالب رضوان الله عليه بيعة العامة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبايع له أهل البصرة، وبايع له بالمدينة طلحة والزبير وكانت عائشة خرجت من المدينة حاجة وعثمان محصور، ثم صدرت عن الحج فلما كانت بسرف لقيها الخبر بقتل عثمان وبيعة علي، فانصرفت راجعة إلى مكة ولحق بها طلحة والزبير ومروان بن الحكم وعبد الله بن عامر ويعلى بن منبه عامل اليمن، فلما استقاموا بمكة تشاورا فيما يريدون عن الطلب بدم عون وهموا بالشام لمكان معاوية بها، فصرفهم عبد الله ابن عامر عن ذلك إلى البصرة فتوجهوا إليها وأخذوا عثمان بن حنيف عامل علي بها فحسبوه وقتلوا خمسين رجلاً كانوا معه على بيت المال وغير ذلك من أعماله، واحدثوا أحداثاً، فلما بلغ علياً مسيرهم خرج مبادراً إليهم واستنجد الكوفة ثم سار بهم إلى البصرة وهم أربعة عشر ألفاً فخرج إليه طلحة والزبير وعائشة بأهل البصرة فاقتتلوا قتالاً شديداً فقتل طلحة وهزم من كان معهم ورجع الزبير فقتل بوادي السباع، قتله عمير بن جرموز وأحيط بعائشة فأخذت ودخل على البصرة بمن معه فبايعه أهلها وأطلق عثمان بن حنيف، ولم يكن له بها كثير مقام حتى انصرف إلى الكوفة واستعمل على البصرة عبد الله بن عباس وتهيأ لحرب معاوية، فسار بأهل العراق ومن معه من سائر الناس وأقبل معاوية في أهل الشام ومن أتبعه فكانت وقعة صفين ثم الحكمان، ولم يزل في حرب إلى أن قتل رحمة الله عليه، ولم يحج في شيء من سنيه لشغله بالحروب وقتل ليلة الجمعة لسبع عشرة ليلة مضت من شهر رمضان سنة أربعين، وكانت ولايته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر وقاتله عبد الرحمن بن ملجم المرادي، قال الواقدي: دفن ليلاً وغبى قبره. قال أبو اليقظان: صلى عليه الحسن ودفن بالكوفة عند مسجد الجماعة في قصر الإمارة.

حلية علي بن أبي طالب وسنه

واختلفوا في سنه، فقال ابن إسحاق: قتل وهو ابن ثلاث وستين سنة، وقال غيره: قتل وهو ابن ثمان وخمسين سنة. واختلفوا في حليته فقال الواقدي: كان آدم شديد الأدمة عظيم البطن عظيم العينين أصلع إلى القصر هاهو. وروى قيس بن الربيع، عن ابن إسحاق قال: كان علي قصيراً أصلع حادراً ضخم البطن أفطس الأنف دقيق الذراعين لم يصارع قط أحداً إلا صرعه. قال غيره: ورأته امرأة فقالت من هذا الذي كأنه كسر ثم جبر.

ولد علي بن أبي طالب

فولد علي الحسن والحسين ومحسناً وأم كلثوم الكبرى وزينب الصغرى وأمهم فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومحمداً أمه خولة بنت أياس بن جعفر جار الصفا وهي الحنفية، ويقال: بل هي خولة بنت جعفر بن قيس، ويقال: بل كانت أمة من سبى اليمامة، فصارت إلى علي، وأنها كانت أمة لبني حنيفة سندية سوداء، ولم تكن من أنفسهم، وإنما صالحهم خالد بن الوليد على الرقيق ولم يصالحهم على أنفسهم، وعبيد الله وأبا بكر أمهما ليلى بنت مسعود بن خالد النهشلي، وعمر ورقية أمهما تغلبية، وكان خالد بن الوليد سباها في الردة، فاشتراها علي ويحيى أمه أسماء بنت عميس وجعفراً والعباس وعبد الله أمهم أم البنين بنت حرام الوحيدية، ورملة وأم الحسن أمهما أم سعيد بنت عروة بن مسعود الثقفي وأم كلثوم الصغرى وزينب الصغرى وجمانة وميمونة وخديجة وفاطمة وأم الكرام ونفيسة وأم سلمة وأمامة وأم أبيها لأمهات أولاد شتى.

بنات علي بن أبي طالب

فأما زينب الكبرى بنت فاطمة فكانت عند عبد الله بن جعفر، فولدت له أولاداً قد ذكرناهم.

وأما أم كلثوم الكبرى وهي بنت فاطمة فكانت عند عمر بن الخطاب وولدت له ولداً قد ذكرناهم، فلما قتل عمر تزوجها محمد بن جعفر بن أبي طالب، فمات عنها ثم تزوجها عون بن جعفر بن أبي طالب، فماتت عنده، وكان سائر بنات علي عند ولد عقيل، وولد العباس خلا أم الحسن فإنها كانت عند جعدة بن هبيرة المخزومي وخلا فاطمة، فإنها كانت عند سعيد بن الأسود من بني الحارث بن أسد.

محسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما:وأما محسن بن علي فهلك وهو صغير.

الحسن بن علي:  وأما الحسن بن علي رضي الله عنهما فكان يكنى أبا محمد ولما قتل علي بويع له بالكوفة وبويع لمعاوية بالشام وبيت المقدس، فسار معاوية يريد الكوفة وسار الحسن يريده فالتقوا بمسكن من أرض الكوفة فصالح الحسن معاوية وبايع له ودخل معه الكوفة، ثم انصرف معاوية عن الكوفة إلى الشام، واستعمل على الكوفة المغيرة بن شعبة وعلى البصرة عبد الله بن عامر، ثم جمعهما لزياد. وانصرف الحسن إلى المدينة فمات بها. ويقال إن امرأته جعدة بنت الأشعث بن قيس سمّته، وكانت وفاته في شهر ربيع الأول من سنة تسع وأربعين وهو يومئذ ابن سبع وأربعين سنة، وصلى عليه سعيد بن العاص وهو أمير المدينة فولد الحسن حسناً أمه خولة بنت منظور بن زبان الفزارية وزيداً، وأم الحسن أمهما بنت عقبة بن مسعود البدري وعمر وأمه ثقيفة، والحسين الأثرم لأم ولد وطلحة وأمه أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله وأم عبد الله لأم ولد.

فأما الحسن بن الحسن بن علي فولد عبد الله والحسن وإبراهيم ومحمداً وجعفراً وداود ومحمداً، وكان عبد الله بن الحسن بن الحسن يكنى أبا محمد وكان خيراً ورؤي يوماً يمسح على خفيه فقيل له، تمسح! فقال: نعم. قد مسح عمر بن الخطاب ومن جعل عمر بينه وبين الله فقد استوثق، وكان مع أبي العباس، وكان له مكرماً وبه آنساً وأخرج يوماً سفط جوهر فقاسمه إياه وأراه بناء قد بناه، وقال له: كيف ترى هذا؟ فقال:

ألم تر حوشباً أمي ويبني

 

قصوراً نفعها لبني نفيلة

يؤمل أن يعمر عمر نوح

 

وأمر الله يحدث كل ليلة

فقال له: أتمثل بهذا وقد رأيت صنيعي بك؟ فقال: والله ما أردت بها سوءاً، ولكنها أبيات حضرت، فإن رأى أمير المؤمنين أن يحتمل ما كان مني، قال: قد فعلت ثم رده إلى المدينة فلما ولي أبو جعفر ألحج في طلب ابنيه محمد وإبراهيم بني عبد الله وتغيبا بالبادية فأمر أبو جعفر أن يؤخذ أبوهما عبد الله وإخوته حسن وداود وإبراهيم ويشدوا وثاقاً ويبعثوا بهم إليه فوافوه في طريق مكة بالربذة مكتفين، فسأله عبد الله أن يأذن له عليه فأبى أبو جعفر فلم يره حتى فارق الدنيا فمات في الحبس، وماتوا وخرج أبناء إبراهيم ومحمد على أبي جعفر وغلبا على المدينة ومكة والبصرة فبعث إليهما فقتل محمداً بالمدينة وقتل إبراهيم بباب خمرا على سنة عشر فرسخا من الكوفة، وإدريس بن عبد الله بن الحسن أخوهما هو الذي صار إلى الأندلس والبربر وغلب عليهما.

الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما: وأما الحسين بن علي بن أبي طالب فكان يكنى أبا عبد الله وخرج يريد الكوفة فوجه إليه عبيد الله بن زياد عمر بن سعد بن أبي وقاص فقتله سنان بن أبي أنس النخعي سنة إحدى وستين يوم عاشوراء، وهو ابن ثمان وخمسين سنة، ويقال ابن ست وخمسين سنة، وكان يخضب بالسواد.

وولد الحسين علياً وأمه بنت مرة بن عروة بن مسعود الثقفي وعلياً الأصغر لأم ولد وفاطمة أمها أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله وسكينة أمها الرباب بنت امرئ القيس الكلبية، وفيها يقول:

لعمرك إنني لأحب داراً

 

تحل بها سكينة والرباب

فأما فاطمة فإنها كانت عند الحسن بن الحسن بن علي، ثم خلف عليها عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان.

وأما سكينة فتزوجها مصعب بن الزبير فهلك عنها فتزوجها عبد الله بن عثمان بن عبد الله بن حكيم بن حزام، فولدت له قرينا وله عقب، ثم تزوجها الأصبغ بن عبد العزيز بن مروان وفارقها قبل أن يدخل بها، ثم تزوجها زيد بن عمرو بن عثمان بن عفان فأمره سليمان بن عبد الملك بطلاقها ففعل وماتت بالمدينة في خلافة هشام. هذا قول أبي اليقظان. وقال الهيثم بن عدي: حدثني صالح بن حسان وغيره قال: كانت سكينة عند عمرو بن حكيم بن حزام ثم تزوجها بعده عمرو بن عثمان بن عفان، ثم تزوجها بعده مصعب بن الزبير.

وقال ابن الكلبي: أول أزواج سكينة الأصبغ بن عبد العزيز أخو عمر بن عبد العزيز، ثم مات عنها بمصر ولم يرها، ثم خلف عليها زيد بن عمرو بن عثمان بن عفان، ثم خلف عليها مصعب بن الزبير، ثم خلف عليها عبد الله بن عثمان بن عبد الله بن حكيم بن حزام، فولدت له عثمان الذي يقال له قرين، وكانت قد ولدت من مصعب جارية، ثم خلف عليها إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف جد إبراهيم بن سعد الفقيه. وأما علي بن الحسين الأصغر: فليس للحسين عقب إلا منه، ويقال إن أمه سندية يقال لها سلافة ويقال غزالة، خلف عليها بعد الحسين زبيد مولى الحسين بن علي فولدت له عبد الله بن زبيد فهو أخو علي بن الحسين لأمه.

وروى علي بن محمد بن عثمان بن عثمان، قال: زوّج علي بن الحسين أمه من مولاه وأعتق جارية له وتزوجها له وتزوجها، فكتب إليه عبد الملك يعيره بذلك، فكتب إليه علي: قد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، قد أعتق رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت حيي وتزوجها، وأعتق زيد بن حارثة وزوجه ابنة عمته زينب بنت جحش، وتوفي علي بن الحسين بالمدينة سنة أربع وتسعين ويكنى أبا الحسن، وتوفي بالبقيع وكان خيراً فاضلاً فولد علي بن الحسين الحسن بن علي، ومحمد بن علي، وعلي بن علي، وعبد الله بن علي أمهم أم عبد الله بنت الحسن بن علي، وعمر وزيداً لآم ولد تسمى حيدان، وخديجة لأم ولد وأم موسى وأم حسن وأم كلثوم لأمهات أولاد.

فأما محمد بن علي فكان يكنى أبا جعفر، وكان له فقه ومات بالمدينة سنة سبع عشرة ومائة. فولد محمد جعفر بن محمد وعبد الله بن محمد، أمهما فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، وأمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر. فأما جعفر بن محمد فيكنى أبا عبد الله وإليه تنسب الجعفرية، ومات بالمدينة سنة ست وأربعين ومائة وله عقب.

وأما عبد الله بن محمد فهو الملقب بدقدق، ومات بالمدينة وله عقب.

وأما عبد الله بن علي بن الحسين بن علي فله عقب.

وأما زيد بن علي بن الحسين فكان يكنى أبا الحسن وأمه سندية، وخرج في خلافة هشام سنة اثنتين وعشرين ومائة، فبعث إليه يوسف بن عمر العباس المري فرماه رجل منهم بسهم فمات وصلب، فولد زيد يحيى أمه ريطة بنت أبي هاشم بن عبد الله بن محمد الحنفية، وعيسى وحسينا ومحمد لأمهات أولاد.

فأما يحيى فقتل زمن نصر بن سيار بالجوزجان ولا عقب له.

وأما عيسى بن زيد فمات بالكوفة وله عقب منهم: أحمد بن عيسى.

وأما حسين بن زيد فعمي وكانت بنته ميمونة عند المهدي وله ولد.

وأما علي بن علي بن حسين فكان يلقب الأفطن وله عقب.

وأما أم موسى بنت علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب فتزوجها داود بن علي بن عبد بن عباس، وتزوج أم حسن أختها بعدها، وتزوج أختها خديجة محمد بن عمر علي بن أبي طالب.

محمد بن علي بن أبي طالب بن الحنفية رحمة الله تعالى عليه: وأما محمد بن علي بن أبي طالب بن الحنفية فكان يكنى أبا القاسم، وتحول إلى الطائف هارباً من عبد بن الزبير، ومات بها سنة إحدى وثمانين وهو يومئذ ابن خمس وستين سنة، فولد محمد بن علي بن أبي طالب الحسن وعبد الله وأبا هاشم وجعفر الأكبر وحمزة وعلياً لأم ولد، وجعفراً الأصغر وعوناً أمهما أم جعفر والقاسم وإبراهيم.

فأما أبو هاشم فكان عظيم القدر، وكانت الشيعة تتولاه فحضرته الوفاة بالشام فأوصى إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، وقال له: أنت صاحب هذا الأمر، وهو في ولدك ودفع إليه كتبه وصرف الشيعة إليه وليس لأبي هاشم عقب.

وأما علي وحمزة فلا عقب لهما، وإبراهيم هو الملقب بثعرة.

وأما القاسم فكان مؤخراً عن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقدر أن يدخله.

عمر بن علي بن أبي طالب رحمه الله تعالى: وأما عمر بن علي بن أبي طالب فقد حمل عنه الحديث، وكان يروي عن عمر بن الخطاب، وولد محمداً وأم موسى أمهما أسماء بنت عقيل بن أبي طالب.

فأما محمد فولد عمراً، وعبيد الله وعبد الله أمهم خديجة ابنة علي بن الحسين بن علي وجعفراً أمه أم هاشم بنت جعفر بن جعدة بن هبيرة المخزومي ولعمر عقب بالمدينة.

العباس بن علي بن أبي طالب رحمه الله تعالى: وأما العباس بن علي بن أبي طالب فقتل مع الحسين بن علي بن أبي طالب، فولد العباس عبيد الله أمه لبابة بنت عبيد الله بن عباس وحسناً لأم ولد وله عقب.

عبيد الله بن علي بن أبي طالب: وأما عبيد الله فقتله المختار ولا عقب له.

جعفر بن علي بن أبي طالب: أما جعفر بن علي بن أبي طالب فلا عقب له.

موالي علي بن أبي طالب:  قال أبو محمد: منهم يحيى بن أبي كثير الذي يروي عنه الأوزاعي، وكان مولى علي بن أبي طالب. وقال أيوب السختياني: ما بقي على الأرض مثل يحيى بن أبي كثير، وكان ابنه عبد الله بن يحيى يروي عن أبيه. ومنهم أبو أسامة حماد بن أسامة مولى الحسن بن سعد مولى الحسن بن علي بن أبي طالب فهو مولى مولى توفي بالكوفة سنة إحدى ومائتين وهو ابن ثمانين سنة.

أخبار الزبير بن العوام

رضي الله عنه

نسب الزبير

هو الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزّى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، وأمه صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكنى أبا عبيد الله، وكان خويلد قتل في الجاهلية، فولد خويلد: خديجة وأمها فاطمة بنت زائدة بن الأصم وهي زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وعمة الزبير بن العوام بن خويلد، أمه من بني مازن بن منصور، وقتل العوام يوم الفجار وولد نوفل بن خويلد وكان يقال له أسد قريش وقتله علي بن أبي طالب يوم بشر ولا عقب له، وولد حزام بن خويلد وهو أبو حكيم بن حزام، وكان حكيم يكنى أبا خالد وشهد بدراً مع المشركين فلم يقتل ولم يؤسر أسلم وحسن إسلامه، وكان إذا حلف وشدد في اليمين قال: والذي نجاني يوم بدر، وولد عبد الله بن حكيم وهشام بن حكيم وكانت لهشام صحبة ولا عقب له.

وأما عبد الله، فقتل يوم الجمل مع عائشة فولد عثمان بن عبد الله، وولد لعثمان عبد الله بن عثمان زوج سكينة بنت الحسين، وولدت له ولداً يسمى قريناً وله عقب. وولد العوام بن خويلد الزبير والسائب، وأم السائب أيضاً صفية بنت عبد المطلب، وكان السائب شهد أحداً والخندق وقتل يوم اليمامة وعبد الرحمن وأسود وأصرم ويعلى ولم يعقب أحد منهم غير الزبير، وكان الزبير حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد العشرة الذين سموا للجنة وأحد أصحاب الشورى، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطعه حضر فرسه فركض حتى أعيا فرسه فرمى بالسوط وقتل يوم الجمل في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين وهو يومئذ ابن أربع وستين سنة، هذا قول الواقدي. وقال أبو اليقظان: قتل وهو ابن ستين سنة فقتله ابن جرموذ بوادي السباع وقبر هناك.

حلية الزبير بن العوام

رضي الله عنه قال الواقدي: كان الزبير رجلاً ليس بالطويل ولا بالقصير إلى الخفة ما هو خفيف اللحية أسمر اللون أشعر، وكان لا يغير شيبه، وروى ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه أن الزبير كان طويلاً تخط رجلاه الأرض إذا ركب دابة، أزرق أشعر ربما أخذت وأنا غلام بشعر كتفه حتى أقوم.

ولد الزبير

فولد الزبير عبد الله وعاصماً وعروة والمنذر وأم الحسن، وأمهم أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين، ومصعباً وحمزة ورملة وخالداً وعمراً وعبيدة وجعفراً وخديجة وعائشة وغيرهما تتمة تسع بنات.

فأما رملة فكانت عند خالد بن يزيد بن معاوية وفيها يقول:

تجول خلاخيل النساء ولا أرى

 

لرملة خلخالاً يجول ولا قلبـا

أحب بني العوام طراً لحبهـا

 

ومن أجلها أحببت أخوالها كلبا

وأما جعفر بن الزبير فكان من فتيان قريش وكان ذا غزل وهو القائل:

ولمجلس القرشي حـق واجـب

 

فانظرن في شأن الكريم الأروع

ما تأمرين بجعفـر وبـحـاجة

 

يستامها في خلـوة وتـضـرع

وله عقب بالمدينة.

وأما حمزة بن الزبير فقتل مع عبد الله بن الزبير بمكة ولا عقب له. وأما عمرو بن الزبير فكان يكنى أبا الزبير، وكان له قدر وكبر وخالف أخاه عبد الله فقاتله ثم أتاه في جوار عبيدة أخيه فقتله وله عقب، وابنه عمرو بن عمر الذي يقول فيه الحزين الدئلي:

لو أن اللؤم كان مع الـثـريا

 

تناول رأسه عمرو بن عمرو

وأما عبيدة بن الزبير فهو الذي قال لعمرو بن الزبير حين قاتل عبد الله: امض معي إليه وأنت في جواري، فإن أمّنك وإلا رددتك إلى مأمنك، فذهب معه فلم يجز عبد الله أمانه واقتص منه حتى مات ولعبيدة عقب.

وأما خالد بن الزبير فاستعمله عبد الله على اليمن وله عقب منهم خالد بن عثمان بن خالد بن الزبير كان خرج مع محمد الحسني وأخذه أبو حفص فصلبه.

وأما عاصم بن الزبير فمات وهو غلام ولا عقب له. عروة بن الزبير: وأما عروة بن الزبير فكان فقيهاً فاضلاً ويكنى أبا عبد الله وأصابته الأكلة في رجله بالشام وهو عند الوليد بن عبد الملك فقطعت رجله والوليد حاضر فلم يتحرك، ولم يشعر الوليد أنها تقطع حتى كويت فوجد رائحة الكي وبقي بعد ذلك ثماني سنين واحتفر بالمدينة بئراً يقال لها بئر عروة ليس بالمدينة بئر أعذب منها، وهلك في ضيعة له بالقرب المدينة سنة ثلاث وتسعين ويقال مات سنة أربع وتسعين، وكانت تلك السنة تدعى سنة الفقهاء لكثرة من مات منهم فيها. فولد عروة محمداً ويحيى وعثمان وعمراً وعبد الله ومصعباً وعبيد الله وهشاماً وكانت أم هشام بن عروة أمه تسمى سارة.

فأما عبد الله بن عروة فكان من أخطب الناس وأبلغهم وكان يشبه بخالد بن صفوان في البلاغة وقيل له: تركت المدينة دار الهجرة فلو رجعت لقيت الناس ولقيك الناس، فقال: وأين الناس إنما الناس شامت بنكبة أو حاسد لنعمة. وعمي قبل موته وله عقب بالمدينة.

وأما محمد بن عروة فكان من أجلّ الناس ولا عقب له من الرجال.

وأما عثمان فكان خطيباً جلداً وله عقب بالمدينة.

وأما يحيى بن عروة فكان له علم بالنسب، وأيام الناس فذكر إبراهيم بن هشام عامل هشام بن عبد الملك على المدينة، فأمر به هشام فضرب فمات بعد الضرب وله عقب بالمدينة.

وأما عمرو بن عروة فقتل مع ابن الزبير ولا عقب له.

وأما عبيدة بن عروة فله عقب بالمدينة.

وأما هشام بن عروة فكان فقيهاً وقدم الكوفة أيام أبي جعفر فسمع منه الكوفيون ومات بها سنة ست وأربعين ومائة وله عقب بالمدينة وبالبصرة وكان يكنى أبا المنذر.

المنذر بن الزبير: وأما المنذر بن الزبير فكان يكنى أبا عثمان، وكان سيداً حليماً وقتل مع ابن الزبير، ومن ولده: محمد بن المنذر وكان يقال له سيد قريش ويكنى أبا زيد، وكان إذا مر في الطريق أطفئت النيران تعظيماً له وانقطع يوماً قبال نعله فقال برجله هكذا فنزع الأخرى ومضى وتركهما لم يعرج عليهما وهو القائل: ما قل سفهاء قوم قط إلا ذلوا. وله عقب.

مصعب بن الزبير: أما مصعب بن الزبير فكان يكنى أبا عبد الله، ويقال: إنه كان يكنى أبا عيسى، وكان أجود العرب، وولاه أخوه عبد الله العراقين فسار إليه عبد الملك بن مروان ووجه أخاه محمد بن مروان على مقدمته، فلقيه مصعب فقاتله فقتل مصعب، فولد مصعب عيسى وعكاشة وعمر وجعفراً وحمزة وسعداً ومصعباً ولقبه حصين ومحمد.

فأما عيسى فقتل مع أبيه ولا عقب له.

وأما عكاشة فله عقب بالمدينة وابنه مصعب بن عكاشة قتل يوم قديد.

وأما جعفر فتزوج مليكة بنت الحسن بن الحسن بن علي فولدت له نساء وله عقب من غيرها.

وأما حمزة فقتل هو وابنه عمارة يوم قديد وله بالمدينة عقب، وكان شرب فأخذه بعض أمراء المدينة فجلده الحد وأقامه للناس، ويوم قديد يوم قتل فيه أبو حمزة الخارجي وكان خرج من اليمن فغلب على مكة والمدينة ثم توجه إلى الشام فقتل.

عبد الله بن الزبير: وأما عبد الله بن الزبير فكان يكنى أبا بكر وأبا حبيب وولد بعد الهجرة بعشرين شهرين شهرين شهراً هذا قول الواقدي. وقال أبو اليقظان: هو أول مولود ولد بالمدينة في الإسلام وبنى الكعبة فجعل لها بابين، وطلب الخلافة فظفر بالحجاز والعراق واليمن ومصر، فمكث بعد ذلك تسع سنين فسار إليه الحجاج فحاصره بمكة ثم أصابته رمية فمات بها وكان بخيلاً. فقال الشاعر فيه:

رأيت أبا بكر وربك غـالـب

 

على أمره يبغي الخلافة بالتمر

وقتل وهو ابن ثلاث وسبعين سنة وصلب حيث أصيب، فولد عبد الله حمزة وخبيباً وثابتاً وموسى وعباداً وقيساً وعامراً وعبد الله وبنات.

فأما حمزة فكان أجود العرب، وكان عامل أبيه على البصرة وله عقب بالمدينة.

وأما خبيب فكان عقيماً.

وأما ثابت فكان بذيئاً لسناً بئيساً وله عقب، ومن ولده الزبير بن عبد الله بن مصعب بن ثابت عامل هارون على المدينة واليمن.

وأما موسى فله عقب بالمدينة منهم: صديق بن موسى بن عبد الله بن الزبير، وكان من سروات قريش.

وأما عباد فله ولد بالمدينة وقيس ولا عقب له.

وأما عامر بن عبد الله فكان من أعبد أهل زمانه، وكان لا يزوج بناته وهو الذي سرقت نعله فحلف أن لا يشتري نعلاً مخافة أن يسرقها مسلم فيأثم في سرقته. وأما عبد الله بن عبد الله فكان أشبه القوم بأبيه، وزوّج عبد الله بن الزبير بناته من بني أخيه.

موالي الزبير وآله: البهي الذي يروي عن عائشة هو مولى الزبير واسمه عبد الله بن يسار ويكنى أبا محمد، ونزل الكوفة فروى عنه الكوفيون ومنهم حميد الأعرج القارئ، وهو حميد بن قيس مولى آل الزبير، وكان قارئ أهل الكوفة كثير الحديث فارضاً حاسباً، وقرأ على مجاهد. وأخوه عمر بن قيس يضعف في الحديث.

وكان مرة عبث بمالك بن أنس فقال مرة يخطئ ومرة يصيب وذلك عند والي مكة فقال له مالك: هكذا الناس، ولم يفهمها وإنما تغفله ثم نبه مالك على ذلك فقال: لا أكلمه أبداً.

وأما أبو الزبير الذي يروي عن جابر واسمه محمد بن مسلم فإنه مولى حكيم بن حزام بن خويلد ابن عم الزبير.

أخبار طلحة بن عبيد الله

رضي الله تعالى عنه

نسب طلحة

هو طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي ابن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، ويكنى أبا محمد وكان يقال له طلحة الخير وطلحة الفياض وطلحة الطلحات وليس هو طلحة الطلحات الذي يقال فيه:

رحم الله أعظما دفنوهـا

 

بسجستان طلحة الطلحات

بل ذلك من خزاعة، وكان طلحة من المهاجرين الأولين ومن العشرة المسمّين للجنة وأحد أصحاب الشورى، ولم يحضر يوم التشاور وكان غائباً، وثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد ووقاه يومئذ من ضربة قصد بها إليه فشلت يده وقال النبي صلى الله عليه وسلم: أوجب طلحة، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن أبي وقاص وكان شديداً على عثمان وأمه الصعبة بنت الحضرمي، وكانت قبل أن تكون عند عبيد الله تحت أبي سفيان بن حرب، فطلقها ثم تبعتها نفسه فقال:

إني وصعـبة فـيمـا يرى

 

بعيدان والـود دان قـريب

فإن لم يكن نسـب ثـاقـب

 

فعند الفتاة جمال وطـيب

فيا آل قصي ألا فاعجبـوا

 

هزبر يصيد الغزال الربيب

فلما قدم البصرة لقتال علي وشهد يوم الجمل فنظر إليه مروان بن الحكم وكان يحقد عليه ما كان منه من أمر عثمان فرماه بسهم فأصاب ساقه فشكها بجنب الفرس، فاعتنق هاديه يعني عنق الفرس وقال: تالله ما رأيت مصرع أشياخ أضيع، ومات فدفن بقنيطرة قرة. ثم رأت عائشة بنته بعد موته بثلاثين سنة في المنام أنه يشكو إليها الندى، فأمرت به فاستخرج طرياً وتولى إخراجه عبد الرحمن بن سلامة التيمي فدفن في داره في الهجريين بالبصرة فقبره هناك مشهور.

وكان لطلحة أخوان عثمان بن عبيد الله ومالك بن عبيد الله، فأما عثمان فكان له قدر في الجاهلية وأدرك الإسلام فأخذ طلحة وأبا بكر فقرنهما بحبل فلذلك سميا القرينين وقال بعض آل الزبير في رجل من ولد طلحة ولده أبو بكر:

يا طلحة يا بن القرينين اللذين هما

 

مع النبـي أذلا كـل جـبـار

هذا المسمى بفعل الخير نـافـلة

 

دون الأنام وهذا صاحب الغـار

ولعثمان عقب، ولمالك أيضاً عقب بمكة.

سن طلحة وحليته

واختلفوا في سن طلحة وحليته؛ قال أبو اليقظان: قتل وهو ابن ستين سنة. قال الواقدي: قتل وهو ابن أربع وستين سنة في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين. وروى عن بعض ولده أنه قال: قتل وهو ابن اثنتين وستين سنة. واختلفوا في حليته، فقال بعضهم: كان آدم كثير الشعر ليس بالسبط ولا بالجعد القطط، حسن الوجه دقيق العرنين إذا مشى أسرع، وكان لا يغير شعره، وقال موسى بن طلحة: كان أبيض الوجه يضرب إلى الحمرة مربوعاً هو إلى القصر أقرب، رحب الصدر عريض المنكبين إذا التفت جميعاً، ضخم القدمين لا أخمص لهما، وإذا كان الرجل لا أخمص لقدميه فهو أدج. وروى الفضل بن دكين، عن قيس بن الربيع، عن عمران بن موسى بن طلحة، عن أبيه، قال: كان في يد طلحة خاتم من ذهب فيه ياقوتة حمراء، وكانت غلته كل يوم ألف درهم واف.

ولد طلحة بن عبيد الله

فولد طلحة عشرة بنين وأربع لأمهات مختلفات منهم: محمد بن طلحة وأمه حمنة بنت جحش وأمها أميمة بنت عبد المطلب عمة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان عابداً يقال له السجاد، ويكنى أبا القاسم وشهد يوم الجمل ونهى عنه علي وقال: إياكم وصاحب البرنس، فقتله رجل وأنشأ يقول شعراً:

وأشـعـث قـوام بـآيات ربـه

 

قليل الأذى فيما ترى العين مسلما

أمكنه بالرمح حضني قمـيصـه

 

فخر قتيلاً لـلـيدين ولـلـفـم

على غير شيء غير أن ليس تابعاً

 

علياً ومن لا يتبع الحق يظـلـم

يناشدني حاميم والرمح شـاجـر

 

فهلا تلا حاميم قبـل الـتـقـدم

فولد محمد بن طلحة إبراهيم وكان أصلع أعرج سيداً يسمى أسد الحجاز واستعمله عبد الله بن الزبير على أخراج الكوفة ومات بمكة وهو محرم، فمن ولد إبراهيم عمران ويعقوب ابنا إبراهيم وأمهما بنت إسماعيل بن طلحة وأمها لبابة بنت عبد الله بن العباس، فولد عمران، محمد بن عمران قاضي المدينة لأبي جعفر، وكان بخيلاً وهو القائل حين عوتب في البخل إني لا أجمد عن الحق ولا أذوب في الباطل.

ومنهم عمران بن طلحة وأمه حمنة، وكانت عنده أم كلثوم بنت الفضل بن العباس ولا عقب له، ومنهم: عيسى بن طلحة وكان ناسكاً بخيلاً ووفد إلى عبد الملك بن مروان فكلمه في عزل الحجاج مع عمر بن عبد الرحمن بن عوف حتى عزله عن الحجاز وتوفي في خلافة عمر بن عبد العزيز وله عقب، ومنهم: يحيى بن طلحة وكان من خيار ولد طلحة وكان ابنه إسحاق بن يحيى بن طلحة يروي عنه الفقه، وأم إسحاق أم أياس بنت أبي موسى الأشعري.

ومنهم إسماعيل بن طلحة وكان سرياً وكان عنده لبابة بنت عبد الله بن العباس.

ومنهم إسحاق بن طلحة وكان معاوية استعمله على خراسان شريكاً لسعيد بن عثمان بن عفان، ومات بالري ولولده عقب وعدد.

ومنهم يعقوب بن طلحة قتل يوم الحرة وله عقب منهم: أبو يعرة عامل أبي جعفر على البحرين.

ومنهم موسى بن طلحة وكان من خيار ولده وله قدر ونبل مات بالكوفة سنة أربع ومائة، وكان يكنى أبا عيسى ويشد أسنانه بالذهب ويخضب بالسواد، وابنه محمد بن موسى كانت أمه بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ووجهه عبد الملك بن مروان إلى شبيب فقتله شبيب. وعمران بن موسى أمه أم ولد وكان سخياً وله عقب.

ومنهم زكريا بن طلحة أمه أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق وأخته لأمه وأبيه عائشة بنت طلحة وكان سخياً وله عقب.

ومنهم صالح بن طلحة أمه تغلبية. ومن بناته أم إسحاق بنت طلحة وكانت تحت الحسن بن علي، فولدت له طلحة بن الحسن وهلك وهو صغير، ثم تزوجها الحسين بن علي فولدت له فاطمة بنت الحسين وهي أم عبد الله بن الحسين، ثم تزوجها عبد الله بن محمد بن أبي عتيق فولدت أمية. ومن بناته عائشة بنت طلحة تزوجها عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر، ثم تزوجها مصعب بن الزبير فأعطاها ألف ألف درهم، فقال أنس بن زنيم الديلمي لأخيه:

أبلغ أمير المؤمنين رسـالة

 

من ناصح لك لا يريد خداعا

بضع الفتاة بألف ألف كامل

 

وتبيت سادات الجيوش جياعا

لولا أبو حفص أقول مقالتي

 

وأقص شأن حديثهم لأرتاعا

يعني عمر بن الخطاب رضي الله عنه. فلما قتل مصعب تزوجها عصر بن عبيد الله بن معمر التيمي ولم تلد إلا لعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر. ومن بناته الصعبة لأمة ومريم لأمة.

موالي طلحة

رضي الله عنه من مواليه مسلم بن يسار وكان لا يفضل عليه أحد في زمانه، وكان إذا غضب فاشتد غضبه قال: فرق بيني وبينك! فإذا قالها علموا أنه لم يبق بعد ذلك شيء. وكان يقول: إني لأكره أن أمر فرجي بيميني، وأنا أرجو أن آخذ بها كتابي، ومر بمسجد فأذن المؤذن فرجع، فقال له المؤذن: ما ردك؟ قال: أنت رددتني. وكان لا يلعن شيئاً، فإذا غضب على البهية قال: أكلت سماً قاضياً، وتوفي سنة مائة أو إحدى ومائة وابنه عبد الله بن مسلم بن يسار وقد روى عنه. ومن موالي طلحة أبو نعيم الفضل بن دكين بن حماد المحدث، كان يروي عن الأعمش والثوري وتوفي بالكوفة سنة تسع عشرة ومائتين. وأما حميد الطويل فهو مولى طلحة الطلحات الخزاعي لا طلحة بن عبيد الله التيمي.

أخبار عبد الرحمن بن عوف

رضي الله تعالى عنه

نسب عبد الرحمن

رضي الله تعالى عنه: قال أبو محمد: هو عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب ابن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، وكان اسمه في الجاهلية عبد الحارث وقيل: عبد عمرو، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم: عبد الرحمن، وقتل أبوه عوف في الجاهلية بالغميصاء قتله بنو جذيمة، وكانت أمه تسمى الشفاء وهي زهرية أيضاً، وكان لعبد الرحمن إخوة أحدهم: عبد الله بن عوف من سرات وقريش، وابنه طلحة بن عبد الله بن عوف له عقب بالمدينة، والآخر الأسود بن عوف كانت له صحبة ووجده عمر بن الخطاب بمكة شارباً فأمر به فجلده الحد، وشهد يوم الجمل مع عائشة فقتل وله عقب.
وكان عبد الرحمن يكنى أبا محمد وهو أحد العشرة الذين سموا للجنة وأحد الستة الذين ذكروا للشورى وكان به برص.

قال الواقدي: ولد عبد الرحمن بن عوف بعد الفيل بعشر سنين، ومات سنة اثنتين وثلاثين وهو يومئذ عن خمس وسبعين سنة. قال أبو اليقظان: توفي في خلافة عثمان وقسم ميراثه على ستة عشر سهماً، فبلغ نصيب كل امرأة له ثمانين ألف درهم، وأعتق في يوم واحد ثلاثين عبداً وأوصى أن يصلي عليه عثمان بن عفان.

حلية عبد الرحمن بن عوف

قال الواقدي: كان رجلاً طوالاً حسن الوجه رقيق البشرة فيه جناً أبيض مشرب حمرة لا يغير رأسه ولا لحيته، وقالت سهلة بنت عاصم بن عدي: كان أعين أقنى طويل الثنيتين العليتين ربما أدمى بهما شفته جداً، له جمة أسفل من أذنيه، أعنق تنظر إلى صورة وجهه كأن فيه حباب الماء، ضخم الكفين غليظ الأصابع.

ولد عبد الرحمن بن عوف

فولد عبد الرحمن محمداً وإبراهيم وحميداً وزيداً، أمهم أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، وأبا سلمة الفقيه أمه تماضر بنت الأصبغ الكلبية، ومصعباً أمه يمانية، وعثمان والمسور وعمر وغيرهم وبنات.

محمد بن عبد الرحمن: فأما محمد بن عبد الرحمن فكان شديد الغيرة وولد عبد الواحد وله عقب.

إبراهيم: وأما إبراهيم فكان سيد القوم وكان قصيراً وتزوج سكينة بنت الحسين فلم يرض بذلك بنو هاشم فخلعت منه وكان يكنى أبا إسحاق، ومات سنة ست وسبعين وهو ابن خمس وسبعين سنة، فولد إبراهيم سعد بن إبراهيم، أمه بنت سعد بن أبي وقاص، وكان قاضي المدينة زمن هشام، وله عقب، وقال فيه موسى شهوات:

يتقي الناس فحـشـه وأذاه

 

مثل ما يتقون بول الحمار

لا يغرنك سجدة بين عينـيه

 

حذاري منها ومنها فراري

وذكر أنه جلد رجلاً دخل عليه، فقال له: في أي شيء جلدتني؟ قال: في السماجة. فقال قائل بالمدينة:

جلد الحاكم سعد اب

 

ن سليم في السماجة

فقضى الله لسـعـد

 

من أمير كل حاجة

وتوفي سعد بالمدينة سنة سبع وعشرين ومائة وهو ابن اثنتين وسبعين سنة، وابنه إبراهيم بن سعد أبو إسحاق كان ببغداد على بيت المال، وكان عسراً في الحديث، ومات ببغداد سنة ثلاث وثمانين ومائة.

حميد بن عبد الرحمن: وأما حميد بن عبد الرحمن فكان له مال وجاه وحمل عنه الحديث وكان يكنى أبا عبد الرحمن، ومن ولده عبد الرحمن بن حميد كان من سروات قريش بالمدينة، ومات بالمدينة سنة خمس وتسعين، ويقال إنه مات سنة أربع ومائة وهو ابن ثلاث وسبعين سنة، وقال بعضهم: مات سنة خمس ومائة.

أبو سلمة بن عبد الرحمن: وأما أبو سلمة بن عبد الرحمن فكان فقيهاً يحمل عنه الحديث واسمه عبد الله وابنه عمر بن أبي سلمة قتله أبو جعفر بالشام، وكان عمر مع بني أخت له من بني أمية فقتله معهم، ومات أبو سلمة سنة أربع وتسعين وهو ابن اثنتين وسبعين سنة. ويقال إنه مات سنة أربع ومائة.

مصعب بن عبد الرحمن: وأما مصعب بن عبد الرحمن فكان شجاعاً، وقال عبد الملك لرجل من أهل الشام أي فارس لقيته قط أشد؟ قال: مصعب. فقتل مع ابن عم الزبير، وكان قبل ذلك مع مروان على شرطته بالمدينة، وفيه يقول ابن قيس الرقيات:

حال دون الهـوى ودو

 

ن سرى الليل مصعب

وسـياط عـلـى أك

 

ف رجال تـقـلـب

وقال الواقدي: قتل مصعب بن عبد الرحمن من أصحاب الحصين بن نمير بيد خمسة، ثم رجع وسيفه منحنٍ فجعل يقول:

إنا لنوردها بيضاً ونصدرها

 

حمراً وفيها انحناء بعد تقويم

وكان الواقدي ينكر أنه توفي ولم يقتل. سهيل بن عبد الرحمن: وأما سهيل بن عبد الرحمن فكان تزوج الثريا امرأة من بني أمية الصغدي، وهي التي كان يشبب بها عمر بن أبي ربيعة، فقال:

أيها المنكح الثريا سهيلاً

 

عمرك الله كيف يلتقيان

هي شامية إذا ما استقلت

 

وسهيل إذا استقل يماني

ولسهيل عقب بالمدينة منهم: عتير بن سهيل وكان صاحب شراب، وفيه يقول الشاعر:

إذا أنت نادمت العتير وذا الندى

 

جبيراً وعاطيت الزجاجة خالدا

وجبير هو ابن أم أيمن حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخالد هو ابن أبي أيوب الأنصاري.

عمر بن عبد الرحمن: وأما عمر بن عبد الرحمن فكان من جلداء قريش، وهو أحد من عمل في أمر الحجاج حتى عزله عبد الملك عن المدينة، ومن ولده: محمد بن عبد العزيز قاضي أبي جعفر على المدينة، وله عقب.

وأما المسور بن عبد الرحمن فقتل يوم الحرة.

وأما عثمان بن عبد الرحمن فله عقب بالبصرة.

أخبار سعد بن أبي وقاص

رضي الله تعالى عنه

نسب سعد

قال أبو محمد: هو سعد بن مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن كعب بن لؤي ابن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، يكنى أبا إسحاق وأمه حمنة بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس، وله أخوان: عتبة وعمير. فأما عتبة: فمن ولده هاشم بن عتبة المرقال وكان أعور، وكان مع علي يوم صفين، وكان من أشجع الناس وهو القائل:

أعور يبغي أهله محـلا

 

قد عالج الحياة حتى ملا

لا بد أن يغل أو يغلا"

 

 

وأما عمير بن أبي وقاص فاستشهد يوم بدر، وكان سعد أحد العشرة الذين سموا للجنة، وأحد أصحاب الشورى، وكان أرمى الناس، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "اللهم استجب دعوته وسدد رميته." وجمع له النبي صلى الله عليه وسلم أبويه، فقال: أرم فداك أبي وأمي. وقال: هذا خالي فليأت كل رجل بخاله، وولاه عمر بن الخطاب الكوفة. وكان على الناس يوم القادسية، وكان به جراح فلم يشهد الحرب واستخلف خليفة، ففتح الله على المسلمين. فقال رجل من بجيلة:

ألم تر أن الله أظهر دينـه

 

وسعد بباب القادسية معصم

فأبنا وقد أيمت نساء كثـيرة

 

ونسوة سعد ليس منهن أيم

فقال سعد: اللهم أكفنا يده ولسانه! فأصابته رمية رمية فخرس ويبست يده، ثم شكا أهل الكوفة سعداً فعزله عمر، ثم ولاه عثمان بعده الكوفة ثم عزله، واستعمل الوليد بن عقبة، فلما قدم عليه قال سعد للوليد: يا أبا وهب أكست بعدنا أم حمقنا بعدك؟ فقال: ما كسنا ولا حمقت ولكن القوم استأثروا! ثم ذكر شيئاً ومات في قصره بالعقيق على عشرة أميال من المدينة، فحمل إلى المدينة على رقاب الناس وكان وفاته سنة خمس وخمسين وهو آخر العشرة موتاً، وصلى عليه مروان بن الحكم وهو يومئذ والي المدينة لمعاوية، وبلغ من السن بضعاً وثمانين سنة أو بضعاً وسبعين سنة، وكان يقول: أسلمت وأنا ابن تسعة عشرة سنة.

حلية سعد رضي الله عنه: قال الواقدي: قالت عائشة بنت سعد: كان أبي رجلاً قصيراً دحداحاً غليظاً ذا هامة، ششن الأصابع. وقال عامر بن سعد: كان سعد جعد الشعر أشعر الجسد آدم طويلاً، وذهب بصره في آخر عمره.

ولد سعد

فولد سعد عمر بن سعد ومحمد بن سعد وعامر بن سعد وموسى بن سعد ومصعب بن سعد وعائشة بنت سعد وغيرهم.

فأما عمر بن سعد: فهو قاتل الحسين بن علي رضي الله عنهما، وكان عبيد الله بن رياد وجهه لقتاله، فلما كان أيام المختار بعث إلى عمر بن سعد أبا عمرة مولى بجيلة فقتله وحمل رأسه إليه وعنده حفص بن عمر بن سعد، فقال له المختار: أتعرف هذا الرأس؟ قال: نعم هذا رأس أبي حفص. قال: فألحقوا حفصاً بأبي حفص فقتل ولعمر عقب بالكوفة.

وأما محمد بن سعد فخرج مع ابن الأشعث فقتله الحجاج صبراً، وكان ابنه إسماعيل بن محمد بن سعد من فقهاء قريش وذوي النبل منهم.

وأما عامر بن سعد فذكروا أنه بكى عند موت أبيه، فقال له: ما يبكيك يا بني إني أقسم على ربي أنه لا يعذبني ، ومات مصعب سنة ثلاث ومائة وقد روي عنه الحديث.

وأما موسى بن سعد فله عقب منهم نجاد بن موسى.

أخبار سعيد بن زيد

رضي الله تعالى عنه

نسب سعد

قال أبو محمد هو سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن قرط بن رياح بن عبد الله بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، وعمر بن الخطاب ابن عم أبيه وكان نفيل ولد عمر بن نفيل والخطاب بن نفيل، وأم الخطاب امرأة من فهم، فتزوج عمرو بن نفيل امرأة أبيه بعد أبيه فولد عمرو زيد بن عمرو وأمه أم الخطاب.


وكان زيد رغب عن عبادة الأوثان وطلب الدين حتى وقع على رجل بالجزيرة فوصف له دين إبراهيم وقال: ارجع إلى بلادك فقد دنا خروج نبي فإذا خرج فاتبعه، فبقي زيد حتى لقي النبي صلى الله عليه وسلم فحدثه حديثه وقال: قد رجعت فما أرى شيئاً، وذلك قبل أن يوحى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ثم رجع إلى الشام فقتله النصارى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنه يبعث أمة وحده. وله يقول ورقة بن نوفل:

رشدت وأنعمت بن عمرو وإنما

 

تجنبت تنوراً من النار حامـيا

وزيد بن عمرو القائل:

أسلمت وجهي لمن أسلمت

 

له المزن تحمل عذباً زلالا

فولد زيد بن سعيد بن زيد وعاتكة بنت زيد.

فأما عاتكة فكانت عند عبد الله بن أبي بكر، ثم خلف عليها عمر بن الخطاب ثم خلف عليها الزبير.

وأما سعيد بن زيد فكان يكنى أبا الأعور، وكان من المهاجرين الأولين. وأسلم قبل عمرو وهو أحد العشرة الذين سموا للجنة، وبقي إلى خلافة معاوية، وعقبه بالكوفة كثيرة، وكانت له بنت عند الحسن بن الحسن بن علي، وبنت عند المنذر بن الزبير بن العوام، وبنت عند عاصم بن المنذر. ومن ولد محمد بن عبد الله بن سعيد كان يقول الشعر، وهو القائل ليزيد بن معاوية يوم الحرة:

لست فينا وليس خالك منـا

 

يا مضيع الصلاة للشهوات

قال الواقدي: كان سعيد رجلاً آدم طوالاً أشعر، وتوفي سنة إحدى وخمسين وهو يومئذ ابن بضع وسبعين سنة، وقبره بالمدينة ونزل في قبره سعد بن أبي وقاص وابن عمر، وقال غيره: كان ممن سكن الكوفة وقبر بها.

أبو عبيدة بن الجراح

رضي الله عنه

نسبه

قال أبو اليقظان: هو أبو عبيدة بن عبد الله بن الجراح، ونسب إلى جده واسمه عامر، وهو من بني الحارث بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة. وبنو فهر وهو قريش، ومن فهر تفرقت قبائلها، وأمه من بني الحارث بن فهر، وقد أسلمت وزوجها أبو عبيدة في الإسلام، والحارث بن فهر من المطيبين، وأبو عبيدة من عظماء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة". وقال أبو بكر يوم سقيفة بني ساعدة: رضيت لكم أحد صاحبي أبا عبيدة أو عمر. أما أبو عبيدة فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لكل أمة أمين وأبو عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمة".


وأما عمر فسمعته يقول: اللهم أيد الدين بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل. ومات أبو عبيدة بالشام في طاعون عمراس ولا عقب له. قال جهل. قال الواقدي: وكان رجلاً نحيفاً معروق الوجه خفيف اللحية طوالاً أجنأ أثرم الثنيتين، وكان يخضب بالحناء والكتم. قال غيره: سبب ثرمه أنه كان انتزع نصالاً من جبهة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد بثنيته فسقطتا، فما رؤي أهتم كان أحسن من أبي عبيدة. والأهم هو الأثرم، وحكى الواقدي عن رجل من قومه: أنه شهد بدراً وهو ابن إحدى وأربعين سنة، ومات سنة ثماني عشرة وهو ابن ثمان وخمسين.

عبد الله بن مسعود

رضي الله عنه

نسبه

كان عبد الله بن مسعود من هذيل، ورهطه منهم: بنو عمر بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل، وكان من خلفاء بني زهرة ويكنى أبا عبد الرحمن، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدراً وبيعة الرضوان وجميع المشاهد، وكان على قضاء الكوفة وبيت مالها لعمر وصدراً من خلافة عثمان، ثم صار إلى المدينة قتوفي بها سنة اثنتين وثلاثين وهو ابن بضع وستين سنة ودفن بالبقيع، وكان رجلاً نحيفاً قصيراً يكاد الجلوس توازيه من قصره، وكان شديد الأدمة وله شعر يبلغ ترقوته يجعلها وراء أذنيه، وكان لا يغير شيبه، وكان يتختم بالحديد.

ولد عبد الله بن مسعود

ومن ولد عبد الله بن مسعود عبد الرحمن بن عبد الله وعتبة بن عبد الله وأبو عبيدة بن عبد الله. فأما عبد الرحمن فولد القاسم بن عبد الرحمن وكان على قضاء الكوفة، ومعن بن عبد الرحمن وولد معن القاسم بن معن وكان على قضاء الكوفة ولم يرتزق شيئاً حتى مات، وكان عالماً بالفقه والحديث والشعر وأيام الناس والنسب وكان يقال له شعبي زمانه.


وأما عتبة بن عبد الله فله عقب منهم: أبو عميس عتبة بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود، مات ببغداد وأخوه عبد الرحمن المسعودي واختلط في آخر عمره ومات ببغداد وهو المسعودي الأكبر.

وأما الأصغر فهو عبد الله بن عبد الملك بن أبي عبيدة.

عتبة بن مسعود

أخو عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما: وكان لعبد الله أخ يقال له عتبة بن مسعود لأبويه، وكان قديم الإسلام ولم يرو عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً، ومات في خلافة عمر، وكان له ابن يقال له عبد الله ويكنى أبا عبد الرحمن منزله بالكوفة، ومات بها في خلافة عبد الملك بن مروان، وكان كثير الحديث والفتيا فقيهاً. ومن ولده: عبيد الله بن عبيد الله بن عتبة كان عالماً وهو الذي يروي عنه الزهري، وكان الزهري يقوم له إذا خرج، فلما ظن أنه قد استنفد ما عنده لم يقم، فقال له: إنك في العزاز، فقم العزاز ما غلظ من الأرض يقول إنك بعد في الأطراف، ومات سنة ثمان وتسعين. ومن ولده عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، كان زاهداً عالماً وكان في أول عمره يقول بالإرجاء ثم رجع عن ذلك وقال:

وأول ما نفارق غير شـك

 

نفارق ما يقول المرجئونا

وقالوا مؤمن دمه حـلال

 

وقد حرمت دماء المؤمنينا

وقالوا مؤمن من أهل جود

 

وليس المؤمنون يحاربونا

وكان ذا منزلة من عمر بن عبد العزيز له، ويقول جرير:

يا أيها القارئ المرخي عمامـتـه

 

هذا زمانك إني قد خلا زمـنـي

أبلغ خليفتنـا إن كـنـت لاقـيه

 

إني لدى الباب كالمشدود في قرن

ولعون كلام كثير بليغ حسن، وأوصى ابنه بوصية طويلة أولها: يا بني كن ممن نأيه نز عمن نأى عنه تقى وتراهة. وعوتب أخوه عبيد الله في قول الشعر، فقال:

لا بد للمصدر من أن ينفث

أبو ذر الغفاري

رضي الله عنه

نسبه

قال أبو اليقظان: اسمه جندب بن السكن. ولقبه برير، قال: وحدثني أبو الخطاب، قال: حدثنا أبو عتاب سهل بن حماد، قال: حدثنا عمر بن ثابت عن ابن إسحاق عن حفص بن المعتمر، قال: جئت وأبو ذر آخذ بحلقة باب الكعبة وهو يقول أنا أبو ذر الغفاري من لم يعرفني فأنا جندب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا "، وهو من غفار، وغفار قبيلة من كنانة، وهو غفار بن مليك بن ضمرة بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة، وأسلم رجع إلى بلاد قومه فأقام حت مضت هذه المشاهد، ثم قدم المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عثمان شيره إلى الربذة فمات بها سنة اثنتين وثلاثين وليس له عقب. وعبد الله الصامت بن أخي ذر ويكنى أبا نصر.

معاذ بن جبل معاذ

رضي الله عنه

نسبه

هو معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ بن عدي، وهو من الخزرج ويكنى أبا عبد الرحمن وأمه هند بنت سهل بن جهينة وأخوه لأمه عبد الله بن جرير بن قيس بدوي. وقال بعضهم: لم يولد له قط. وقال آخرون: كان له من الولد أم عبد الله وهي من المبايعات، وابنان أحدهما عبد الرحمن ولم يسم الآخر. فهلك هو وابناه في طاعون عمواس بعد أبي عبيدة، ولا عقب له وكانت وفاته بناحية الأردن.

واختلفوا في سنه فروي عن سعيد بن المسيب أنه قال: مات معاذ وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة. وقال الواقدي: شهد معاذ بدراً وهو ابن عشرين سنة أو إحدى وعشرين سنة. ومات سنة ثماني عشرة وهو ابن ثمان وثلاثين سنة. واختلفوا في لونه، فقال الواقدي: كان أبيض طوالاً حسن الثغر عظيم العينين جعداً قططاً من أجمل الرجال، وقال غيره: كان آدم جميلاً براق الثنايا.

عبادة بن الصامت

رضي الله عنه

نسبه

هو عبادة بن الصامت بن قيس من الخزرج ويكنى أبا الوليد وأمه قرة العين بنت عبادة بن فضلة خزرجية، وكان عبادة أحد النقباء الاثني عشر وشهد بدراً والمشاهد كلها، وشهد العقبة مع السبعين وأخوه أوس بن الصامت شهد بدراً وهو أول من ظاهر في الإسلام وكان به لمم فلاحى امرأته خولة في بعض صحواته، فقال: أنت علي كظهر أمي ثم ندم، القصة. وكان عبادة جميلاً جسيماً توفي بالرملة من الشام سنة أربع وثلاثين وهو يومئذ ابن اثنتين وسبعين سنة، وابنه الوليد بن عبادة ولد في آخر عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وتوفي في خلافة عبد الملك بن مروان بالشام، وكان ثقة قليل الحديث وله عقب.

عمار بن ياسر

رضي الله عنه هو عمار بن ياسر بن عامر بن مالك من عنس، وعنس من مذحج من اليمن رهط العنسي الكذاب المتنبي وهم أخوة مراد من مذحج وسعد العشيرة من مذحج، وكان ياسر قدم من اليمن مكة وحالف أبا حذيفة بن المغيرة المخزومي وزوّجه أبو حذيفة أمة له يقال لها سمية فولدت له عماراً، فأعتقه أبو حذيفة. ولم يزل ياسر وعمار ابنه مع أبي حذيفة إلى أن مات، وجاء الله بالإسلام فأسلم ياسر وعمار وسمية وأخوه عبد الله بن ياسر وخلف على سمية بعد ياسر الأزرق، وكان غلاماً رومياً للحارث بن كلدة وهو ممن خرج يوم الطائف إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع عبيد أهل الطائف، ومنهم: أبو بكرة فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فولدت سمية للأزرق سلمة بن الأزرق وهو أخو عمار بن ياسر لأمه ثم ادعى ولد سلمة أنهم من غسان وأنهم حلفاء لبني أمية وشرفوا بمكة، وتزوج الأزرق وولده في بني أمية، وكان لهم منهم أولاد. وسمية أم عمار أول شهيدة استشهدت في الإسلام وجأها أبو جهل بحربة فماتت، وشهد عمار صفين مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقتل ودفن هناك وصلى عليه علي ولم يغسله، وعمار ممن شهد بدراً وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .

قال: حدثني الزيادي، قال: حدثنا عبد الوارث بن سعيد، قال: حدثنا زمعة بن كلثوم بن جبير، قال: حدثني أبي، قال: حدثني أبو العامرية، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ألا لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض، فإن الحق يومئذ لمع عمار". قال أبو العامرية: وسمعت عماراً يذكر عثمان في المسجد، قال: يدعى فينا جباناً ويقول إن نعثلا هذا يفعل ويفعل يعيبه، فلو وجدت ثلاثة أعوان يومئذ لوطئته حتى أقتله، فبينما أنا بصفين إذ أنا به أول الكتيبة، فطعنه رجل في كتفه فانكشف المغفر عن رأسه فضرب رأسه فإذا رأس عمار قد نذر، قال أبي، فما رأيت شيخاً أضل منه يروي إنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول ما قال، ثم ضرب عنق عمار.
قال الواقدي: كان عمار رجل آدم طويلاً مضطرباً أشهل العينين بعيد ما بين المنكبين يكنى أبا اليقظان. وقال غيره: وقطعت أذن عمار يوم اليمامة، وقتل سنة سبع وثلاثين وهو ابن ثلاث وتسعين سنة، وكان لعمار ابن يقال له محمد بن عمار قد روى عنه.

وسعد القرظ مولى عمار كان يؤذن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر بقباء، فلما ولي عمر أنزله المدينة فكان يؤذن في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فولده إلى اليوم يؤذنون في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

سعد بن عبادة

رضي الله عنه هو سعد بن عبادة بن دليم من بني ساعدة من الخزرج ويكنى أبا ثابت، وكان يكتب في الجاهلية ويحسن العوم والرمي، وكان يسمى الكامل، ولم يشهد بدراً لأنه كان نهش، ثم شهد المشاهد كلها وخرج إلى الشام بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوفي بحوران لسنتين ونصف من خلافة عمر، وكان سبب موته أنه جلس يبول في نفق فاقتتل فمات من ساعته واخضر جلده، وقال رجل من ولده: ما علمنا بموته بالمدينة حتى بلغنا أن غلماناً سمعوا قائلاً في بئر يقول:

قد قتلنا سيد الخـز

 

رج سعد بن عباده

ورميناه بسهمـي

 

ن فلم نخط فؤاده

ويقال: إنه نهش وهو الصحيح. ومن ولده: قيس بن سعد يكنى أبا عبد الملك وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث، وتوفي بالمدينة في آخر خلافة معاوية، وسعيد بن سعد كانت تحته بنت أبي الدرداء وله منها أولاد.

زيد بن ثابت

رضي الله عنه

هو زيد بن ثابت بن الضحاك من الأنصار أحد بني غنم بن مالك بن النجار ويكنى أبا سعيد ويقال يكنى أبا عبد الرحمن، قتل أبوه في وقعة بعاث وهو ابن ست سنين، وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهو ابن إحدى عشرة سنة، وكان آخر عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن على مصحفه وهو أقرب المصاحف من مصحفنا، وقد كتب زيد لعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما ومات سنة خمس وأربعين وصلى عليه مروان، وكان له أخ يقال له يزيد بن ثابت، وابنه خارجة بن زيد يكنى أبا زيد قال: رأيت في المنام كأني بنيت سبعين درجة، فلما فرغت منها تهورت، وهذه السنة لي سبعون سنة قد أكملتها فمات فيها وهي سنة مائة بالمدينة، وقتل لزيد بن ثابت يوم الحرة سبعة أولاد لصلبه وله عقب بالمدينة.

أبي بن كعب

رضي الله تعالى عنه هو من الأنصار ويكنى أبا المنذر وكان يكتب في الجاهلية، وكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي وكان دحداحاً أبيض الرأس واللحية لا يغير شيبه، واختلف في وقت موته، فقال قوم: مات في خلافة عمر سنة اثنتين وعشرين، فقال عمر: اليوم مات سيد المسلمين. وقال آخرون: مات سنة ثلاثين في خلافة عثمان وكان له أولاد منهم الطفيل ابن أبي ومحمد بن أبي.

المقداد بن الأسود

رضي الله عنه قال أبو اليقظان: هو المقداد بن عمرو بن ثعلبة من اليمن، وكان الأسود بن عبد مناف بن زهرة ادعاه لأنه كان حليفاً له فنسب إليه ثم رجع إلى نسبه وكان فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر، وكانت تحته ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب بنت عم النبي صلى الله عليه وسلم، وكان رجلاً طوالاً آدم ذا بطن كثير شعر الرأس يصفر لحيته أعين مقروناً أقنى ويكنى أبا معبد ومات بالجرف فحمل على رقاب الرجال حتى دفن بالمدينة سنة ثلاث وثلاثين وهو ابن سبعين سنة أو نحوها.

حذيفة بن اليمان

رضي الله عنه قال أبو اليقظان: هو حذيفة بن حشد بن جابر وكان حشد يلقب اليمان ويكنى أبا عبد الله، قال: وهو من بني عبس وعداده في بني عبد الأشهل، وأسلم من بني عبس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة، وشعارهم عشرة وأسلم اليمان وأخطأ به المسلمون يوم أحد فقتلوه، وحذيفة يقول أبي أبي. وقال غيره: حذيفة بن حشد بن جابر بن ربيعة بن عمرو بن جروة، وجروة هو اليمان وكان أصاب دماً في قومه فهرب إلى المدينة وحالف بني عبد الأشهل فسماه قومه اليمان لأنه حالف اليمانية.

وروى الأشعث عن الحسن إنه قال: كان حذيفة رجلاً من عبس فخيره رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن شئت كنت من المهاجرين، وإن شئت كنت من الأنصار. قال: من الأنصار. قال: فأنت منهم. ولحذيفة عقب في الأنصار، ولم يشهد حذيفة بدراً وأخوه صفوان بن اليمان شهد أحد ولم يشهد بدراً، وهلك حذيفة بالكوفة بعد مقتل عثمان. وقال الواقدي: مات بالمدائن سنة ست وثلاثين وجاءه نعي عثمان ولم يدرك الجمل، وكان الجمل لعشر ليال خلون من جمادى الأولى سنة ست وثلاثين، وأخته ليلى بنت اليمان أم سلمة بنت ثابت بن وقش، وأخته فاطمة بنت اليمان.

صهيب بن سنان

رضي الله عنه هو صهيب بن سنان بن مالك بدري، وجميع المدنيين يثبتون نسبه في النمر بن قاسط وأمه سلمى من مازن تميم. وقال بعضهم: كان أبوه سنان بن مالك عاملاً لكسرى على الأبلة، وكذلك كان عمه، وكانت منازلهم بأرض الموصل وما يليها من الجزيرة، فأغارت الروم على تلك الناحية فسبوا صهيباً وهو غلام صغير فنشأ بالروم فابتاعته كلب منهم ثم قدمت به مكة فاشتراه عبد الله بن جدعان، ويقال: إن ابن جدعان أعتقه وبعث به إلى النبي صلى الله عليه وسلم. ويقول ولده إنه هرب من الروم فقدم مكة فخالف عبد الله بن جدعان.

قال: وحدثني زياد بن يحيى، قال: حدثنا بشر بن المفضل، قال: حدثنا يوسف عن الحسن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا سابق العرب وصهيب سابق الروم وسلمان سابق فارس وبلال سابق الحبش. قال الواقدي: كان صهيب رجلاً أحمر شديد الحمرة ليس بالطويل ولا بالقصير وهو إلى القصر أقرب، كثير شعر الرأس يخضب بالحناء والكتم وكان مزاحاً، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: أتأكل تمراً وبك رمد؟ فقال: يا رسول الله! إنما أمضغ بالناحية الأخرى، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم منه، وتوفي بالمدينة سنة ثمان وثلاثين في شوال وهو ابن سبعين سنة فدفن بالبقيع، وأولاده: حمزة وصيفي وعمارة بنو صهيب.

أبو موسى الأشعري

رضي الله عنه هو عبد الله بن قيس من الأشعريين من اليمن وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأشعريين فأسلموا. وأول مشاهده خيبر وكان يقال لأمه طغية.

قال أبو محمد: الطغية: خوصة المقل وهي من عك. وأسلمت أمه طغية وماتت بالمدينة وكان لبني موسى أخوة أسلموا، منهم: أبو عامر بن قيس قتل يوم أوطاس، وأبو بردة بن قيس، وأبو رهم بن قيس، ولم يروِ أبو رهم عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً.

وكان أبو موسى خفيف الجسم قصيراً ثطاً، والثط: السناط،، حسن الصوت بالقرآن. وتوفي سنة اثنتين وخمسين، ويقال سنة اثنتين وأربعين وكان له أولاد. منهم: أبو بردة بن أبي موسى كان قاضياً وابنه بلال بن أبي بردة كان قاضياً، واسم أبي بردة عامر بن عبد الله، وتوفي أبو بردة سنة ثلاثة ومائة. ومنهم: موسى بن أبي موسى أمه أم كلثوم بنت الفضل بن العباس بن عبد المطلب. ومنهم أبو بكر بن أبي موسى واسمه وكنيته وكان أسن من أبي بردة.

خالد بن الوليد

رضي الله عنه وهو خالد بن الوليد بن المغيرة من بني مخزوم، وأمه لبابة الصغرى بنت الحرث الهلالية أخت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وأخت لبابة الكبرى وهي أم الفضل امرأة العباس بن عبد المطلب، وأم عبد الله بن العباس والفضل وعبيد الله وغيرهم من ولده. ويكنى خالد أبا سليمان ولم يشهد بدراً ولا أحداً ولا الخندق: وكان في ذلك كله مع المشركين وأسلم سنة ثمان هو وعمرو بن العاص وعثمان بن طلحة. وخالد قتل مسيلمة ومالك بن نويرة وهزم طليحة الكذاب وقتل بني جذيمة وهم من بني كنانة بالغميصاء فوداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد"، وافتتح عين التمر وعامة الشام وحمى المسلمين يوم مؤته ومات بحمص سنة إحدى وعشرين، وكان له بالشام من الولد عدد كثير فقتل الطاعون منهم أربعون رجلاً فبادوا، وكان خالد يقول: لقد لقيت كذا وكذا زحفاً فما في جسدي موضع إلا وفيه ضربة بسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم، وها أنا ذا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت العير فلا نامت أعين الجبناء.

أبو سعيد الخدري

رضي الله تعالى عنه هو سعد بن مالك منسوب إلى الخدرة وهم من اليمن، وأخوه لأمه قتادة بن النعمان، وكان قتادة من الرماة المذكورين في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومات أبو سعيد سنة أربع وسبعين وفيها مات سلمة بن الأكوع وكان له من الولد عبد الرحمن وسعيد وبشير.

فأما عبد الرحمن فكان يكنى أبا محمد ومات سنة اثنتي عشرة ومائة بالمدينة وولد لعبد الرحمن عبد الله وربيح واسمه سعيد وهو ضعيف عند أصحاب الحديث ليس بثبت وحديثه كثير.

أبو الدرداء

رضي الله تعالى عنه

هو عويمر بن مالك، ويقال عويمر بن زيد، ويقال عويمر بن عامر بن الحرث بن الخزرج، وكان آخر أهل داره إسلاماً، وكان قبل إسلامه تاجراً ومات بالشام سنة اثنتين وثلاثين وعقبه بالشام.

عثمان بن أبي العاص الثقفي

رضي الله تعالى عنه يكنى أبا عبد الله واستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على الطائف فلم يزل عليها إلى أن مضت سنون من خلافة عمر، واستعمله عمر على عمان والبحرين وصار إلى توج فقاتل شهرك الأذري فقتل شهرك، ونزل عثمان بالبصرة فأقطعه عثمان بن عفان اثني عشر ألف جريب ومات في خلافة معاوية وله عقب أشراف.

محمد بن مسلمة

رضي الله عنه  هو محمد بن مسلمة بن سلمة من بني حارثة بن الحرث بن الخزرج حليف لبني عبد الأشهل، وكان يقال له فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستخلفه في غزاة قرقرة الكدر على المدينة، وكان أسود طويلاً عظيماً أصلع، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدراً، والمشاهد كلها، واتخذ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفاً من خشب وجعله في جفن ولم يشهد الجمل. ولا صفين ولا حارب في فتنة، وكان يكنى أبا عبد الرحمن ونزل بالمدينة ومات بها في صفر سنة ست وأربعين أو ثلاث وأربعين وصلى عليه مروان بن الحكم وكان له من الولد عشرة ذكور وست بنات.

أبو الهيثم بن التيهان

هو مالك بن التيهان بن بلى بن عمرو بن الحاف بن قضاعة حليف لبني عبد الأشهل، وقال بعضهم: هو من الأوس وكان يخرص لرسول الله صلى الله عليه وسلم النخل، وذكر قوم أنه شهد صفين مع علي بن أبي طالب، رواه جرير عن عمر بن ثابت وليس يعرف ذلك أهل العلم ولا يثبتونه، وتوفي في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المدينة سنة عشرين وليس له عقب باق، وأخوه عبيد بن التيهان يختلف في اسمه فيقول قوم عبيد ويقول قوم عتيك.

سلمان الفارسي

رضي الله تعالى عنه كان يكنى أبا عبد الله، ويقول قوم إنه من أهل أصبهان، ويقول قوم إنه من فارس من رامهرمز، وأصبهان تحاذي فارس، ولم يشهد بدراً ولا أحداً لأنه كان في أوقاتهما عبداً وأول غزاة غزاها الخندق سنة خمس من الهجرة وعمر طويلاً ومات في أول خلافة عثمان.

وفي بعض الروايات: أنه مات في خلافة عمر رضي الله تعالى عنه بالمدائن.

أبو طلحة الأنصاري

رضي الله عنه هو زيد بن سهل وهو القائل:

أنا أبو طلحة واسمـي زيد

 

وكل يوم في سلاحي صيد

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لصوت أبي طلحة في الجيش خير من ألف رجل"، وكان من الرماة وقتل يوم حنين عشرين رجلاً وأخذ أسلابهم، وكان آدم مربوعاً لا يغير شيبه، ومات بالمدينة سنة أربع وثلاثين وصلى عليه عثمان، وأهل البصرة يروون أنه ركب البحر فمات فيه ودفنوه في جزيرة، وكانت أم سليم بنت ملحان تحت أبي طلحة وهي أم أنس بن مالك وأخوها حرام بن ملحان.

أبو دجانة الأنصاري

رضي الله عنه هو سماك بن خرشة وكان شهد يوم مسيلمة وشارك في قتل مسيلمة ثم قتل في ذلك اليوم، وله عقب بالمدينة والعراق.

أبو أسيد الساعدي

رضي الله عنه هو مالك بن ربيعة، وكان قصيراً دحداحاً كثير شعر الرأس أبيض الرأس واللحية، وذهب بصره ومات وهو ابن ثمان وسبعين وذلك سنة ستين وله عقب بالمدينة ومدينة السلام.

أبو حذيفة بن عتبة

رضي الله عنه هو هشيم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف، وكان من مهاجرة الحبشة في الهجرتين جميعاً، وولد له هناك محمد بن أبي حذيفة، وكان أبو حذيفة طوالاً حسن الوجه أثعل أحول وقتل يوم اليمامة، وكفل عثمان بن عفان ابن أبي حذيفة ولم يزل في نفقته، فلما حصر عثمان وكان محمد بن أبي حذيفة أحد من وثب به وأعان عليه وحرض أهل مصر حتى ساروا إليه، فلما قتل عثمان هرب محمد بن أبي حذيفة إلى الشام فوجده رشدين مولى معاوية فقتله، وقد انقرض ولد أبي حذيفة فلم يبق منهم أحد، وانقرض ولد أبيه عتبة بن ربيعة إلا ولد المغيرة بن عمران بن عاصم بن الوليد بن عتبة بن ربيعة فإنهم بالشام.

سالم مولى أبي حذيفة

بن عتبة رضي الله عنه كان سالم يكنى أبا عبد الله وهو بدري وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبي بكر، وكان ولاء سالم لامرأة أبي حذيفة وكانت أنصارية، فجعلت ولاءه لأبي حذيفة. وقال بعضهم هو سالم بن معقل من أهل اصطخر وكان مولى لبثينة الأنصارية، فهو يذكر في الأنصار لعتقها إياه ويذكر في المهاجرين لموالاته لأبي حذيفة، وكانت بثينة تحت أبي حذيفة فأعتقته سائبة. قال: والسائبة الذي لا يرجع إليه من أسبابه شيء، فتولى أبا حذيفة وتبناه وزوّجه أبو حذيفة بنت أخيه فاطمة بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة. ويقول قوم: إن المعتقة له امرأة أبي حذيفة كان اسمها سلمى من خطمة، واستشهد يوم اليمامة ولا عقب له.

عكاشة بن محصن

هو عكاشة بن محصن بن حرثان من أسد خزيمة بدري يكنى أبا محصن، وأخته أم قيس بنت محصن التي دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم بابن لها قد أعلقت عليه من العذرة والعذرة وجع الحلق، وكان عكاشة من أجمل الرجال وبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة بغير حساب، وقتل ببزاخة في خلافة أبي بكر وأخوه أبو سنان بن محصن شهد بدراً وأحداً والخندق وسائر المشاهد، وهو أول من بايع النبي صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان في قول بعضهم.

وقال الواقدي: أول من بايعه بيعة الرضوان ابنه سنان بن أبي سنان الأسدي، ويقال عبد الله ابن عمر.

أبو أيوب الأنصاري

رضي الله تعالى عنه هو خالد بن زيد بن كليب شهد مع علي حروراء وغزا مع يزيد بن معاوية ومات بالقسطنطينية وقبر بأصل سور المدينة وغبى قبره.

قال مجاهد: أمر يزيد بالخيل فجعلت تقبل عليه وتدبر حتى غبى، فأشرف أهل القسطنطينية فقالوا: لقد كان لكم الليلة شأن قالوا: هذا رجل من أكابر صحابة نبينا صلى الله عليه وسلم وأقدمهم إسلاماً وقد دفناه حيث رأيتم والله لئن نبش لأضرب بناقوس في أرض العرب ما كانت لنا مملكة.

قال مجاهد: فكانوا إذا محلوا كشفوا عن قبره فمطروا، وله عقب بالمدينة.

عتبة بن غزوان رضي الله تعالى عنه هو عتبة بن غزوان بن الحرث بن جابر من بني مازن أخي سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان، وهو من المهاجرين الأولين، وهو ممن شهد بدراً، وكان من الرماة المذكورين وهو الذي افتتح الأبلة واختط البصرة وأمر محجن بن الأزرع فاختط مسجد البصرة، وكان رجلاً طوالاً قدم المدينة في الهجرة وهو ابن أربعين سنة وتوفي وهو ابن سبع وخمسين سنة في طريق مكة بمعدن بني سليم في خلافة عمر سنة سبع عشرة ومولاه خباب، شهد بدراً.

يعلى ابن منية

رضي الله تعالى عنه هو يعلى ابن منية من المهاجرين وأمه منية نسب إليها، وهي منية بنت الحرث بن جابر من بني مازن بن منصور، ومنية عمقة عتبة بن غزوان، وكان اسم أبيه أمية بن أبي عبيدة من بني زيد بن مالك بن حنظلة، وجاء يعلى بابنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! بايعه على الهجرة. فقال: لا هجرة بعد الفتح. وولى أبو بكر رضي الله تعالى عنه يعلى اليمن وتزوج بنت الزبير بن العوام وبنت أبي لهب، وقدم يعلى في خلافة عثمان وأتاه أبو سفيان بن حرب فأعطاه عشرة آلاف درهم، فلما كان يوم الجمل حمل يعلى عائشة على جمل يقال له عسكر فهو جمل عائشة وجهز تسعين رجلاً من ماله فقال علي حين بلغه قدومهم البصرة: بليت بأشجع الناس يعني الزبير بن العوام، وأجبن الناس يعني طلحة، وأطوع الناس في الناس يعني عائشة، وأنض الناس أي أكثر الناس مالاً يعني يعلى ابن منية. وكان له ابن يقال له عبد الله بن يعلى وكان ينزل عليثبالقرب من مكة، وكان شاعراً وهو القائل في زينب امرأته يرثيها:

بوجهك عن مس التراب مضـنة

 

فلا تبعديني كل حي سـيذهـب

تنكرت الأبواب لما دخـلـتـهـا

 

وقالوا ألا بانـت الـيوم زينـب

أأذهب قد خليت زينب طـائعـاً

 

ونفسي معي لم ألقها حيث أذهب

ومن موالي يعلى قوم باليمن يدعون بنو هشاب لهم خطر وقدر، وكانوا عرباً من خولان فسباهم يعلى فانتموا إلى اليمن، وفي صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلى بن مرة من ثقيف وهو الذي أمره بقطع شجر الطائف.

أبو هريرة

رضي الله تعالى عنه اختلفوا في اسمه واكثروا، فقال الواقدي: هو عبد الله بن عمرو وقال غيره: هو عبد الرحمن، وقال غيره: عبد عمرو بن عبد غنم، ويقال عبد شمس، ويقال: عمير بن عامر: ويقال: سكين. وهو من قبيلة من اليمن يقال لها دوس، وهو دوس بن عدنان بن عبد الله بن زهران من الأزد، وأمه أمية بنت صفيح بن الحرث من دوس، وقد أسلمت أمه وخاله سعد بن صفيح من أشد أهل زمانه.

وقال أبو هريرة: نشأت يتيماً وهاجرت مسكيناً وكنت أجيراً لبسرة بنت غزوان بطعام بطني وعقبة رجلي، فكنت أخدم إذا نزلوا وأحدو إذا ركبوا فزوجنيها الله، فالحمد لله الذي جعل الدين قواماً، وجعل أبا هريرة إماماً، وكنيت بأبي هريرة بهرة صغيرة كنت ألعب بها. فكان قدومه المدينة سنة سبع والنبي صلى الله عليه وسلم بخيبر فسار إلى خيبر حتى قدم مع النبي صلى الله عليه وسلم. وكان أبو هريرة آدم بعيد ما بين المنكبين ذا ضفيرتين، أفرق الثنيتين، يصفر لحيته ويعفيها ويحفي شاربه وكان مزّاحاً.

وروى عثمان عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي رافع، قال: كان مروان ربما استخلف أبا هريرة على المدينة فيركب حماراً قد شد عليه برذعة وفي رأسه خلبة من ليف فيسير فيلقى الرجل فيقول: الطريق قد جاء الأمير. ورربما أتى الصبيان وهم يلعبون بالليل لعبة الغراب فلا يشعرون بشيء حتى يلقي نفسه بينهم ويضرب برجليه فينفر الصبيان فيفرون، وربما دعاني إلى عشائه بالليل فيقول دع العراق للأمير فانظر فإذا هو ثريد بزيت. وتوفي سنة تسع وخمسين ويقال: سنة سبع وخمسين.

عقبة بن عامر الجهني

رضي الله تعالى عنه يكنى أبا عمرو ويقال كنيته أبو حماد وأسلم بعد قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وكان يكثر الرمي لشيء سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومات وترك سبعين قوساً بجعابها ونبالها، وشهد صفين مع معاوية وتحول إلى مصر فنزل بها وبنى داراً له بها وكان يصبغ بالسواد ويقول: نغير أعلاها وتأبى أصولها. وتوفي في آخر خلافة معاوية.

زيد بن خالد الجهني

رضي الله تعالى عنه يكنى أبا عبد الرحمن، ويقال يكنى أبا طلحة، واختلفوا في الموضع الذي مات فيه، فقال بعضهم: مات بالمدينة سنة ثمان وسبعين وهو ابن خمس وثمانين. وقال آخرون: توفي بالكوفة في آخر خلافة معاوية.

عبد الله بن أنيس الأنصاري

رضي الله عنه كان يكنى أبا يحيى ويعرف بالجهني وليس بجهني، ولكنه من وبرة من قضاعة حليف لبني سلمة، وجهينة أيضاً من قضاعة، شهد العقبة وأحداً واختلف في بدر أشهدها أم لم يشهدها، وكان منزله بإعراف على بريد من المدينة، وأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عصا وقال: "هي آية بيني وبينك إن أقل الناس المتحضرون يومئذ، وهو الذي يقال فيه ليلة الأعرابي وليلة الجهني" وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن ينزل من باديته إلى مسجده فيصلي فيه ليلة ثلاث وعشرين، فكان يدخل المسجد مساء ليلة ثلاث وعشرين إذا صلى العصر، ثم لا يخرج عنه إلا لحاجة حتى يصلي الصبح، ثم يخرج إلى أهله فقيل: ليلة الجهني وهو الذي روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر أنه قال: "التمسوها الليلة" وكانت ليلة ثلاث وعشرين ومات بالمدينة في خلافة معاوية.

الحرث بن هشام

هو أخو أبي جهل بن هشام بن المغيرة وشهد بدراً مع المشركين، فانهزم، ففيه يقول حسان ابن ثابت:

إن كنت كاذبة الذي حدثتـنـي

 

فنجوت منجى الحرث بن هشام

ترك الأحبة أن يقاتل دونـهـم

 

ونجا برأس طمـرة ولـجـام

فاعتذر الحرث من فراره فقال:

الله يعلم ما تركت قـتـالـهـم

 

حتى علوا فرسي بأشقر مزبد

وعلمت أني إن أقاتـل واحـداً

 

أقتل ولا يضرر عدوي مشهدي

فصددت عنهم والأحبة فـيهـم

 

طمعاً لهم بعقاب يوم سـرمـد

وأسلم يوم فتح مكة وكان من المؤلفة قلوبهم، ثم حسن إسلامه وخرج في زمن عمر إلى الشام بأهله وماله فاتبعه أهل مكة يبكون فرق وبكى، ثم قال: أما لو أنا نستبدل داراً بدارنا أو جاراً بجارنا ما أردنا بكم بدلاً، ولكنما النقلة إلى الله. فلم يزل مجاهداً هناك حتى مات في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة. وابنه عبد الرحمن بن الحرث كان يكنى أبا محمد، وكان اسمه إبراهيم فدخل على عمر بن الخطاب في ولايته حين أراد أن يغير أسماء المسمين بأسماء الأنبياء فسماه عبد الرحمن وثبت اسمه إلى اليوم، وقالت عائشة رضي الله عنها: لأن أكون قعدت في منزلي عن مسيري إلى البصرة أحب إليّ من أن يكون لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة أولاد كلهم مثل عبد الرحمن بن الحرث، وكان شهد معها الجمل وكان شريفاً سخياً. وتوفي في خلافة معاوية بالمدينة وابنه أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام اسمه كنيته، وكان يقال له راهب قريش لفضله وكثرة صلاته، واستصغر يوم الجمل فرد هو وعروة بن الزبير وذهب بصره بعد. ودخل مغتسله فمات فيه فجأة سنة أربع وتسعين بالمدينة وهي سنة الفقهاء.

شداد بن الهادي

رضي الله تعالى عنه  هو شداد بن أسامة، سمي الهادي لأنه كان يوقد النار ليلاً لمن يسلك الطريق، وكانت عنده سلمى بنت عميس أخت أسماء بنت عميس فولدت له عبد الله بن شداد، وكان فيها محدثاً وهو ابن خالة عبد الله بن عباس وخالد بن الوليد لأن أم عبد الله وأم خالد أختان لأسماء، وسلمى ابنة عميس.

عتاب بن أسيد

رضي الله تعالى عنه هو عتاب بن أسيد بن أبي العيص بن أمية، أسلم يوم فتح مكة، ولما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى حنين استعمله على مكة فلم يزل عليها حتى قبض النبي صلى الله عليه وسلم وفي خلافة أبي بكر، ومات هو وأبو بكر في وقت واحد، لم يعلم أحد منهما بموت الآخر. وأخوه خالد بن أسيد لأبويه أسلم يوم فتح مكة وكان فيه تيه شديد فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "اللهم زده تيهاً"، فكان ذلك في ولده إلى اليوم وله عقب وعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد هو يعسوب قريش شبه بيعسوب النحل وهو أميرها، وشهد الجمل مع عائشة فقتل فاحتملت عقاب كفه وأصيبت ذلك اليوم باليمامة فعرفت بخاتمه.

العلاء بن الحضرمي

رضي الله عنه واسم أبيه الحضرمي عبد الله بن ضماد من حضرموت، وكان حليفاً لبني أمية، وأخوه ميمون بن الحضرمي صاحب بئر ميمون التي بأبطح مكة، وكان حفرها في الجاهلية والعلاء هو الذي عبر إلى أهل دارين البحر على فرسه فقاتلهم فقتلهم وسبى الذراري وافتتح أسافاً من فارس وتوفي في خلافة عمر بتياس من أرض تميم، ويقال: إنه كان مستجاب الدعوة.

سهيل بن عمرو

رضي الله عنه يكنى أبا زيد وهو من بني حسل بن عامر بن لؤي من قريش، خرج إلى حنين مه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على شركه وأسلم بالجعرانة وكان من المؤلفة قلوبهم، ثم حسن إسلامه وخرج إلى الشام في خلافة عمر بن الخطاب مجاهداً فمات بها في طاعون عمواس، وكان أعلم الشفة، ولا عقب له من الرجال. والأعلم المشقوق الشفة، وكذا الأفلح. وكان أخوه السكران بن عمرو من مهاجرة الحبشة، وكانت سودة تحته فلما مات تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وليس للسكران عقب أيضاً إنما العقب لأخيهما سهل بن عمرو بالمدينة، وكان سهل بن عمرو أسلم يوم فتح مكة وتوفي بالمدينة.

جبير بن مطعم

رضي الله تعالى عنه هو جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصي، أسلم عام الفتح بالمدينة ويكنى أبا محمد، وكان من المؤلفة قلوبهم ثم حسن إسلامه، وكان من سادة مسلمي الفتح بالمدينة ومات سنة تسع وخمسين وفيها مات أبو هريرة في قول بعضهم، وابنه نافع بن جبير بن مطعم كان ذا كبر وجلس في حلقة العلاء بن عبد الرحمن الحرقي وهو يقرئ الناس فلما فرغ قال: أتدرون لم جلست إليكم. قالوا: جلست لتسمع. قال: لا، ولكني أردت التواضع لله بالجلوس إليكم.

عمرو بن العاص

رضي الله تعالى عنه هو عمرو بن العاص بن وائل بن هشام بن سهم بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، وكان العاص أبوه من المستهزئين، فيه نزلت: "إن شانئك هو الأبتر" الكوثر: 3 ". والأبتر الذي ليس له ولد فأراد أنه ينقطع ذكره وأمه النابغة من عنزة وهو العاصي فحذفت الياء، فولد العاص عمرو بن العاص وهشام بن العاص، وكان هشام من خيار المسلمين وقتل في يوم من أيام اليرموك ولا عقب له، وقيل لعمرو بن العاص: أأنت أفضل أم هشام؟ فقال: أقول فاحكموا: أمه أم حرملة بنت هشام بن المغيرة وهي خالة عمر بن الخطاب وأمي عنزة وكان أحب إلى أبي مني وبصر الوالد بولده ما قد علمتم، وأسلم قبلي واستبقنا إلى فاستشهد يوم اليرموك وبقيت بعده.

وأما عمرو فكان يكنى أبا عبد الله وأسلم سنة ثمان مع خالد بن الوليد، وولاه معاوية مصر ثلاث سنين ثم حضرته الوفاة قبل الفطر بيوم، وقال: اللهم لا براءة لي فأعتذر ولا لجاء لي فأنتصر، أمرتنا فعصينا ونهيتنا فركبنا، اللهم هذه يدي إلى ذقني، ثم أوصى فقال: خدوا لي الأرض خداً وسفوا عليّ التراب سفا، ثم وضع أصبعه في فمه حتى مات. وقبض وهو ابن ثلاث وسبعين سنة فدفن يوم الفطر بحبل المقطم في ناحية الفخ، وكان طريق الناس إلى الحجاز وقد اختلف في وقت موته، فقيل سنة اثنتين وأربعين، وقيل: سنة ثلاث وأربعين، وقيل: سنة إحدى وخمسين وصلى عليه ابنه عبد الله ثم صلى بالناس صلاة العيد.

عبد الله بن عمرو بن العاص

رضي الله تعالى عنه كان يكنى أبا محمد وأسلم قبل أبيه وشهد مع أبيه صفين وكان يضرب بسيفين، وكان مسكنه مكة ثم دخل الشام فأقام بها حتى توفي يزيد بن معاوية ثم توفي بمكة سنة خمس وستين وهو ابن اثنتين وسبعين سنة، ويقال: توفي بمصر ودفن في داره الصغيرة، وكان بين عبد الله بن عمرو وبين أبيه اثنتا عشرة سنة في السن.

قال أبو محمد: ولا نعرف أحداً بينه وبين أبيه في السن هذا غيره. قال: حدثنا إسحاق بن راهويه، قال: حدثنايحيى بن آدم، قال: حدثنا الحسن بن صالح، قال: كانت لنا جارية بنت إحدى وعشرين سنة وهي جدة، وكانت تحته عمرة بنت عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب فولدت له محمداً، فولد محمداً شعيباً فولد شعيب عمرو بن شعيب وكان سرياً ربما قسم في المجلس الواحد من صدقة جده خمسين ألفاً، وشعيب بن شعيب وكان سرياً، وكان يقرأ بالسريانية، وكان لعمرو ابن آخر يقال له محمد. ومن موالي عمرو وردان كان ذا رأي وفكر وله بمصر ولد وسوق يعرف بسوق وردان.

أبو بكرة

رضي الله تعالى عنه

هو نفيع بن الحرث بن كلدة منسوب إليه وكان الحرث بن كلدة طبيب العرب وكان عقيماً لا يولد له. وأسلم ومات في خلافة عمر. وأم أبي بكرة سمية من أهل زندرود، وكان كسرى وهبها لأبي الخير ملك من ملوك اليمن، فلما رجع إلى اليمن مرض بالطائف فداواه الحرث فوهبها له، فلما حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الطائف قال: "أيما عبد نزل إلي فهو حر" فتدلى أبو بكرة واسمه نفيع وأراد أخوه نافع أن يدلي نفسه فقال له الحرث: أنت ابني فأقم فأقام فنسبا جميعاً إليه، وأمهما سمية هي أم زياد بن أبي سفيان ونسبت أردة بنت الحرث إلى الحرث، وكانت تحت عتبة بن غزوان، فلما ولي عتبة البصرة حملها فخرج معها أخوتها نافع ونفيع وزياد، فلما أسلم أبو بكرة وحسن إسلامه ترك الانتساب إلى الحرث، وكان يقول أنا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهلك الحرث فلم يقبض أبو بكرة ميراثه، وكان زوج سمية يسمى مسروحا. وتوفي أبو بكرة عن أربعين ولداً من بين ذكر وأنثى وأعقب فيهم سبعة: عبد الله وعبيد الله وعبد الرحمن وعبد العزيز وملم ورواد وعتبة.

فأما عبد الرحمن بن أبي بكرة فهو أول مولود ولد بالبصرة. وأول مولود ولد بالكوفة، معاوية ابن ثور من بني البكاء من بني عامر بن ربيعة.

وأما عبيد الله فكان من أجمل الناس وأشجعهم وكان شديد السواد وأقطع عبيد الله عمر بن عبد الله بن معمر سبعمائة جريت في دفعة فخلف عمر أن لا يراه أبداً إلا أخذ بركابه، ولا يزوج ولداً حتى يكون عبيد الله يزوجه، وكان عبد الملك بن مروان يقول: الأرغم سيد أهل الشرق يعني عبيد الله. ويقال: الأرغم الدابة الديزج شبهه به وولاه الحجاج سجستان سنة ثمان وسبعين فغزا بلاد العدو فأصاب أصحابه جوع شديد وأخذ عليهم الشعب فبلغ الرغيف سبعين درهماً فمات هناك عبيد الله وهلك معه بشر كثير ولقوا ما لم يلقه جيش قط، فقال أعشى همدان:

أسمعت بالجيش الذين تمزقـوا

 

وأصابهم ريب الزمان الأعوج

لبثوا بكابل يأكلون خـيارهـم

 

في شر منزلة وشر معـرج

لم يلق جيش في البلاد كما لقوا

 

فلمثلهم قل للنوائح تـنـشـج

عمرو بن عبسة

رضي الله تعالى عنه هو من بني سليم ويكنى أبا نجيح وكان يقال له ربع الإسلام لإنه حين أسلم قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: من اتبعك على هذا الأمر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حر عبد" فالحر أبو بكر والعبد بلال، فكان عمرو بن عبسة يقول: لقد رأيتني وإني لربع الإسلام فلما أسلم عمرو رجع إلى بلاده أرض بني سليم، فلم يزل هناك حتى مضت بدر وأحد والخندق والحديبية وخيبر ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم سكن الشام بعده.

ابن أم مكتوم الأعمى

رضي الله تعالى عنه يقول قوم اسمه عبد الله ويقول آخرون عمرو وهو ابن قيس من بني عامر بن لؤي، وأمه أم مكتوم واسمها عاتكة مخزومية قدم المدينة يصلي بالناس في عامة غزواته، وشهد القادسية ومعه راية سوداء وعليه درع ثم رجع إلى المدينة فمات بها.

سهيل بن حنيف

رضي الله تعالى عنه  هو من الأنصار من بني عمرو بن عوف ويكنى أبا سعد وشهد مع علي بن أبي طالب صفين، وكان يسكن الكوفة ومات بها سنة ثمان وثلاثين وصلى عليه علي بن أبي طالب وكبر عليه ستاً، وقال قوم: كبر عليه خمساً، وقال: إنه بدري وابنه أبو إمامة بن سهيل كثير الحديث واسمه أسعد سمي باسم جده أمية، وكان اسمه أسعد بن زرارة، ولسهيل بنون غيره وعقب بالمدينة وبغداد.

تميم الداري

رضي الله تعالى عنه

هو تميم بن أوس من بني الدار بن هانئ من لخم من اليمن ويكنى أبو رقية، وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخوه نعيم بن أوس مع عدة من بني الدار يقال: كانوا عشرة سنة تسع فأسلموا.

عمران الحق

رضي الله تعالى عنه هو من خزاعة بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وصحبه بعد ذلك وروى عنه حديثاُ، وكان من ساكني الكوفة ومن شيعة علي بن أبي طالب، وكان ممن سار إلى عثمان وشهد مع علي ابن أبي طالب مشاهده وأعان حجر بن عدي ثم هرب إلى الموصل ودخل غاراً فنهشته حية فقتلته وبعث إلى الغار في طلبه فوجدوه ميتاً فأخذ عامل الموصل رأسه وحمله إلى زياد وبعث به زياد إلى معاوية وهو أول رأس حمل في الإسلام من بلد إلى بلد.

جرير بن عبد الله البجلي

رضي الله تعالى عنه هو من بجيلة ويكنى أبا عمرو وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة عشر في شهر رمضان وبايعه وأسلم، وكان عمر يقول: جرير يوسف هذه الأمة لحسنه. وقال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: "على وجهه مسحة ملك"، وكان طويلاً يقل في ذروة البعير من طوله وكانت نعله ذراعاً ويخضب لحيته بزعفران من الليل ويغسلها إذا أصبح فتخرج مثل لون التبر، واعتزل علياً ومعاوية وأقام بالجزيرة ونواحيها حتى توفي بالشراة سنة أربع وخمسين في ولاية الضحاك بن قيس على الكوفة، وكان لجرير ابنان يروي عنهما إبراهيم وأبان جرير وعمر إبراهيم حتى لقيه شريك وأبو زرعة بن عمرو بن جرير البجلي، روى عن جده وعن أبي هريرة وله ابن يقال له عمرو ولا يروى عنه.

عمرو بن حريث

رضي الله تعالى عنه هو من بني مخزوم وتزوج بنت عدي بن حاتم على حكم عدي فحكم عدي بأربعمائة درهم وتزوج بنت جرير بن عبد الله البجلي وله عقب بالكوفة وذكر عظيم، ومن مواليه: عمرو بن العلاء وكان جواداً شجاعاً وولاه المهدي طبرستان وفيه يقول بشار:

إذا أرقتك جسـام الأمـو

 

ر فنبه لها عمراً ثم نـم

دعاني إلى عمـر جـوده

 

وقول العشيرة بحر خضم

ولولا الذي زعموا لم أكن

 

لأمدح ريحانة قبل شـم

وكانت أم عمرو بن حريث بنت هشام بن خلف الكناني، وكان هشام شريفاً في الجاهلية وهو الذي بال على رأس النعمان بن المنذر، وذلك أن النعمان كان على دين العرب فحج، فلما صار بمكة رآه هشام فقال: أهذا ملك العرب؟ قالوا: نعم، فبال على رأسه ليذل، فتحول عن دين العرب وتنصر وكان لعمرو بن حريث أخ يقال له سعيد بن حريث.

النعمان بن بشير

رضي الله تعالى عنه ويكنى أبا عبد الله وأمه عمرة بنت رواحة أخت عبد الله بن رواحة، وفيها يقول الشاعر:

وعمرة من سروات النسا

 

ء وتنقع بالمسك أردانها

وسمع قائلاً يقول هذا فأسكتوه. فقال النعمان: ما قال إلا حقاً ولم يقل سوءاً وقتل غيلة بالشام فيما بين سلمية وحمص.

المغيرة بن شعبة

رضي الله تعالى عنه

هو من ثقيف ويكنى أبا عبد الله وعمه عروة بن مسعود الثقفي، وكان عروة أسلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا قومه إلى الإسلام فقتلوه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هو شبيه بمؤمن آل ياسين"، وكان المغيرة صاحب قوماً من المشركين إلى مصر فقتلهم غيلة وأخذ ما معهم، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم، وشهد بيعة الرضوان وشهد اليمامة وفتوح الشام واليرموك والقادسية وولاه عمر بالبصرة فافتتح عيسان. وأبو الحسن البصري وأبو محمد بن سيرين من بني عيسان، وافتتح دست عيسان وابرقبان وسوق الأهواز وهمذان وشهد نهاوند، وكان على ميسرة النعمان بن مقرن وهو أول من وضع ديوان البصرة، ويقال إنه أحصن ثمانين امرأة، وقيل لامرأة من نسائه إنه أعور دميم، فقالت: هو والله عسلة يمانية في ظرف سوء. ومات بالكوفة وهو أميرها بالطاعون سنة خمسين، وقال حين حضرته الوفاة: اللهم هذه يميني بايعت بها نبيك وجاهدت بها في سبيلك. وولد له عروة بن المغيرة ويكنى أبا يعقوب وكان أميراً بالكوفة وكان خيراً والعفار ويعفور وحمزة وقد روى عنهم جميعاً.

خالد بن سعيد بن العاص

بن أمية رضي الله تعالى عنه

ذكر أبو اليقظان شخيم بن حفص بن قادم العجيفي وغيره أنه أسلم قبل إسلام أبي بكر وذلك لرؤيا رآها، واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدقات بني زبيد فصارت إليه الصمصامة سيف عمرو بن معد يكرب، فلم يزل عند آل سعيد بن العاص حتى اشتراه المهدي منهم بعشرين ألف درهم، وقتل خالد يوم اليرموك وأخوه العاص بن سعيد قتل مشركاً يوم بدر، والقاتل له علي رضي الله عنه، وكان ابنه غلاماً فكساه رسول الله صلى الله عليه وسلم جبة فبها سميت الثياب السعدية. وكان سعيد أول من خش الإبل في العظم وولد له نحواً من عشرين ابناً وعشرين بنتاً، ومن ولده عمرو بن سعيد الأشدق الذي قتله عبد الملك بن مروان. ومات سعيد بن العاص سنة تسع وخمسين. وقال معاوية لابنه عمرو الأشدق وهو صغير: إلى من أوصى بك أبوك؟ قال: أوصى إلي ولم يوص بي. ومن ولد عمرو إسماعيل بن أمية بن عمرو بن سعيد كان يروى عنه الحديث ومات سنة أربعين ومائة.

عبد الله بن مغفل

رضي الله تعالى عنه

هو من مزينة مضر ويقال لهم بنو عثمان وألفت مزينة، يعني صارت ألفاً يوم فتح مكة، وألفت سليم أيضاً ويكنى أبا عبد الرحمن ومات بالبصرة في آخر خلافة معاوية في ولاية عبيد الله بن زياد، وأوصى أن لا يصلي عليه ابن زياد وأن يصلي عليه أبو برزة الأسلمي. وكان له من الولد عشرة منهم: سعيد وحسان الأكبر وحسان الأصغر وزياد وطارق والمغيرة، وروى محمد بن عبد الله بن خزاعي بن زياد بن عبد الله بن مغفل أن كنيته أبو سعيد عبد الله بن مغفل بن عبد نهم، وولد عبد نهم المغفل وخزاعياً وعبد الله ذا البجادين لأم واسمها عبلة بنت معاوية بن معاوية المزني.

معقل بن يسار

رضي الله عنه

هو من مزينة مضر أيضاً ويكنى أبا عبد الله وهو الذي فجر فوهة نهر معقل، وكان زياد حفره فتيمن به لصحبته فأمره ففجره فنسب إليه، وإليه ينسب الرطب المعقلي وتوفي في آخر خلافة معاوية وله عقب بالبصرة، ومن مواليه حبيب المعلم وهو حبيب بن زيد مولى معقل بن يسار.

معقل بن سنان

رضي الله تعالى عنه هو من أشجع، وشهد الفتح مع النبي صلى الله عليه وسلم وبقي إلى يوم الحرة فقتله مسلم بن عقبة يومئذ وتولى قاله نوفل بن مساحق لأنه سمعه قديماً يذكر يزيد بن معاوية بشرب الخمر ويطعن عليه، فحقد ذلك عليه.

عائذ بن عمرو

رضي الله تعالى عنه

هو من مزينة مضر أيضاً وهو الذي قال له عبيد الله بن زياد: إنك لمن حثالة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فقال عائذ: وهل في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم من حثالة؟ وله دار بالبصرة في مزينة.

بلال بن الحرث

رضي الله تعالى عنه

هو من مزينة مضر ويكنى أبا عبد الرحمن وهو الذي أقطعه النبي صلى الله عليه وسلم معادن القبيلة. ومات سنة ستين وسنة ثمانون. وابنه حسان بن بلال أول من أحدث الأرجاء بالبصرة.

النعمان بن مقرن

رضي الله تعالى عنه  هو من أوس من مزينة إلا أنهم ليسوا من ولد عثمان وعددهم قليل، وفتح نهاوند لعمر وقتل يومئذ وقبره هناك بموضع يقال له الاسفيذهان، وقبر طلحة بن خويلد وقبر عمرو بن معد يكرب وقبور جماعة من المسلمين وله أخوان: سويد بن مقرن ومعقل بن مقرن وكلهم يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسكنهم الكوفة، ومعقل بن مقرن هو أبو عمرة المزني.

حنظلة الكاتب

رضي الله تعالى عنه

هو حنظلة بن ربيعة بن صيفي بن أخي أكثم بن صيفي حكيم العرب من بني تميم من بطن يقال لهم بنو شريف، وكان أكثم أدرك مبعث النبي صلى الله عليه وسلم يوصي قومي بإتيانه والسبق إليه، ولم يسلم وبلغ مائة وتسعين سنة، فقال:

وإن امرأ قد عاش تسعين حجة

 

إلى مائة لم يسأم العيش جاهل

ولأكثم عقب بالكوفة ومات أكثم بالبادية.

وأما حنظلة فكان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبقي إلى زمن معاوية ومات ولا عقب له. وقال بعضهم: هو حنظلة بن الربيع وكتب للنبي صلى الله عليه وسلم مرة كتاباً فسمي بذلك الكاتب، وكانت الكتابة في العرب قليلاً وله صحبة وأخوه رياح بن ربيعة بن صيفي كانت له صحبة، وقال للنبي صلى الله عليه وسلم لليهود يوم وللنصارى يوم، فلو كان لنا يوم فنزلت سورة الجمعة.

بريدة الأسلمي

رضي الله تعالى عنه هو بريدة بن الخصيب، وكان رئيس أسلم ولما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بكراع الغميم وبريدة بها فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام فأسلموا، ثم قدم بريدة على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة هو يبني المسجد ومات بريدة في خلافة يزيد بن معاوية بمرو.

عبد الله بن سعيد

بن أبي سرح رضي الله عنه

اسم أبي سرح الحسام، وهو الذي كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فيملي عليه النبي صلى الله عليه وسلم: عزيز حكيم، فيكتب غفور رحيم، وفيه نزلت: "ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله" الأنعام: 93 " فنذر النبي صلى الله عليه وسلم دمه يوم فتح مكة، وكان أخا عثمان من الرضاعة فجاء به عثمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يزل به حتى أمنه، واستعمله عثمان على مصر، وهو الذي افتتح أفريقية وأبوه سعد من المنافقين.

قيس بن عاصم

هو قيس بن عاصم بن سنان بن خالد بن منقر ويكنى أبا علي، وهو الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: سيد أهل الوبر. وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد تميم بعد الفتح فأسلم وكان شريفاً سيداً، وفيه يقول الشاعر:

فما كان قيس هلكه هلك واحد

 

ولكنه بنيان قـوم تـهـدمـا

وكان له من الولد طلبة والقعقاع وشماخ وغيرهم، يقال إنهم كانوا ثلاثة وثلاثين ابناً، ومية صاحبة ذي الرمة من ولد طلبة.

الزبرقان بن بدر

رضي الله تعالى عنه كان اسمه حصين بن بدر بن خلف بن بهدلة بن عوف بن كعب بن سعد وسمي الزبرقان لجماله، وكان يقال له قمر نجد وولده عباس، وكان يكنى به وعياش وأبو شذرة وبنات وعقبه بالبادية كثير. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل الزبرقان على صدقات قومه فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم فذهب بالصدقة إلى أبي بكر وهي سبعمائة بعير.

عيينة بن حصن

رضي الله تعالى عنه

هو عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر، وكان اسمه حذيفة فأصابته لقوة فجحظت عيناه فسمي عيينة ويكنى أبا مالك، وجده حذيفة بن بدر سيد غطفان وكان يقال له رب معد، وكذلك ابنه حصن قاد أسداً وغطفان وقتل بنو عبس حذيفة، وقتل بنو عقيل حصناً وخارجة بن حصن ابنه سيد أهل الكوفة. قال الواقدي: أجدبت بلاد بدر بن عمرو حتى ما أبقت لهم من مالهم إلا الشريد، وذكرت لهم سحابة وقعت بتغلمين إلى بطن نخل فسار عيينة في آل بدر حتى أشرف على بطن نخل ثم هاب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فورد المدينة وأتى النبي صلى الله عليه وسلم فدعاه إلى الإسلام فلم يبعد ولم يدخل فيه، وقال: إني أريد أن أدنو من جوارك فوادعني فوادعه ثلاثة أشهر، فلما انقضت المدة انصرف عيينة وقومه إلى بلادهم وقد أسمنوا وألبنوا وسمن الحافر على لقاح النبي صلى الله عليه وسلم التي كانت بالغابة، فقال له الجارود بن عوف: ما جزيت محمداً سمنت في بلاده ثم غزوته، قال: هو ما ترى. وقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأحمق المطاع. فأسلم وكان من المؤلفة قلوبهم وارتد حين ارتدت العرب ولحق بطلحة بن خويلد حين تنبأ وآمن به، فلما هزم طليحة وهرب أخذ خالد بن الوليد عيينة بن حصن فبعث به إلى أبي بكر رضي الله تعالى عنه في وثاق فقدم به المدينة فجعل غلمان المدينة ينخسونه بالجريد ويضربونه ويقولون: أي عدو الله لقد كفرت بالله بعد إيمانك، فيقول: والله ما كنت آمنت. فلما كلمه أبو بكر رجع إلى الإسلام فقبل منه وكتب له أماناً ودخل على عثمان في خلافته فقال له: يا بن عفان سر فينا بسيرة عمر بن الخطاب فإنه أعطانا فاغنانا وأخشانا فأتقانا. فقال له عثمان: أما والله على ذلك ما كنت بالراضي بسيرة عمر، هل لك إلى العشاء؟ قال: أنا صائم. قال: أمواصل أنت؟ قال: وما الوصال؟ قال: تصوم يومك وليلتك ويومك حتى تمسك. قال: لا، ولكني وجدت صيام الليل أيسر علي من صيام النهار. وعيينة هو الذي أغار على سوق عكاظ فهو الفجار الثاني، وله عقب، وعمي في خلافة عثمان.

عبد الرحمن بن سمرة

رضي الله عنه

هو عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس، وكان سمي عبد كلال، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم: عبد الرحمن وقال له: لا تطلب الإمارة فإنك أن أوتيتها عن غير مسألة أعنت عليها. وولاه عبد الله بن عامر سجستان فافتتحها وهو افتتح كابل، وكان له أخ يقال له عمر بن سمرة قطعه النبي صلى الله عليه وسلم في سرقة ولهما عقب، ومنصور بن زادان مولاه.

سمرة بن جندب

رضي الله تعالى عنه هو من بني لؤي بن شمح بن فزارة ويكنى أبا سليمان وشهد أحداً وهو صغير، ويقال إنه من العشرة الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم آخركم موتاً في النار، وكان أحول وأمه سوداء واستعمله زياد على البصرة ومات بالكوفة سنة بضع وستين وعقبه بها.

سمرة بن جنادة بن جندب رضي الله تعالى عنه وفي الصحابة سمرة بن جنادة بن جندب فظن قوم أنه سمرة الأول وليس كذلك وهو أبو جابر بن سمرة ويروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومات بالكوفة في خلافة عبد الملك بن مروان، وكان سعد وهب له يوم المدائن غلامين من أبناء الأكاسرة أحدهما بذيمة وهو أبو علي بن بذيمة الذي يروي عنه، والآخر هو أبو زهير وهو جد المطلب بن زياد بن أبي زهير فأعتقهما جابر.

أبو محذورة

رضي الله تعالى عنه

هو سليمان بن سمرة، ويقال: سمرة بن معير بن لوذان بن عريج بن سعد بن جمح وأمه من خزاعة، وكان سمرة هذا مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي قال له عمر حين أذن: أما خشيت أن ينشق مريطاؤك، وكان له أخ يقال له أنيس بن معير قتل يوم بدر كافراً، والمريطاء أسفل البطن ما بين السرة إلى العانة، وأسلم أبو محذورة بعد حنين وأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالأذان بمكة فالأذان في ولده إلى اليوم في المسجد الحرام وتوفي سنة تسع وخمسين.

رافع بن خديج

بن رافع رضي الله عنه

هو من الأنصار من الأوس ويكنى أبا عبد الله وشهد أحداص والخندق، وكان يحفي شاربه جداً كأنه الحلق ويعفي لحيته ويصفرها، ومات من جراح كان به في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانتقض عليه سنة ثلاث وسبعين وهو ابن ست وثمانين سنة وأخوه رفاعة بن خديج قد صحب النبي صلى الله عليه وسلم وعمه ظهير بن رافع وابنه أسيد بن ظهير قد رويا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

جابر بن عبد الله الأنصاري

رضي الله تعالى عنه

هو جابر بن عبد الله بن عمرو وقتل أبوه يوم أحد وكان جابر يكنى أبا عبد الله وشهد العقبة مع السبعين من الأنصار وكان أصغرهم يومئذ ولم يشهد بدراً ولا أحداً وشهد ما بعد ذلك. روي في بعض الحديث عنه أنه قال: كنت منيح أصحابي يوم بدر، وهذا غلط لأن أهل السيرة مجمعون على أنه لم يشهد بدراً ومات بالمدينة سنة ثمان وسبعين وهو يومئذ ابن أربع وتسعين سنة، وقد كان ذهب بصره وصلى عليه أبان بن عثمان وهو والي المدينة، وهو ممن تأخر موته من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وكان له ابنان يروي عنهما الحديث عبد الرحمن بن جابر وكلاهما يضعفه أهل الحديث.

جابر بن عبد الله بن رباب

رضي الله تعالى عنه

وفي الصحابة رجل آخر يقال له جابر بن عبد الله بن رباب روى أحاديث يسيرة.

أنس بن مالك

رضي الله عنه

هو من الأنصار، وأمه أم سليم بنت ملحان امرأة أبي طلحة، وأخوه البراء بن مالك، قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت أم أنس قد أتت به للنبي صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة وهو ابن ثماني سنين فخدمه إلى أن قبض عليه الصلاة والسلام، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "اللهم ارزقه مالاً وولداً وبارك"، قال أنس: فإني لمن أكثر الأنصار مالاً وولداً. وخبرت أنه قدم من صلبه إلى مقدم الحجاج البصرة ببضعة وعشرين ومائة ولد، وقال الحرمازي: ثلاثة من أهل البصرة لم يموتوا حتى رأى كل منهم من صلبه مائة، ذكر: خليفة بن يدر، وأبو بكرة، وأنس بن مالك. وعمّر أنس عمراً طويلاً وهو آخر من مات بالبصرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت وفاته سنة إحدى وتسعين ويقال سنة ثلاث وتسعين قبل موت الحجاج بسنتين، وروى الحديث من ولد أنس النضر بن أنس وعبد الله وموسى ومالك بنو أنس، وكان محمد بن سيرين مولى أنس كاتب أباه سيرين، وفيه يقول الشاعر:

يأبى الجواب فما يراجع هيبة

 

فالسائلون نواكـس الأذقـان

هدى التقي وعز سلطان التقى

 

فهو المطاع وليس ذا سلطان

عمران بن حصين الخزاعي

رضي الله تعالى عنه

يكنى أبا نجيد وأسلم قديماً وتوفي في خلافة معاوية بالبصرة سنة اثنتين وخمسين.

أبو أمامة الباهلي

رضي الله تعالى عنه

هو صدى بن عجلان وكان ممن شهد صفين مع علي رضي الله عنه، ونزل الشام وهو ممن يعدّ فيمن تأخر موته من الصحابة، وتوفي سنة ست وثمانين وهو ابن إحدى وتسعين سنة، وكان يصفر لحيته. وفي الأنصار: أبو أمامة أسعد بن زرارة، وأبو أمامة الحارثي ثعلبة بن سهل.

عكراش بن ذؤيب

رضي الله تعالى عنه

هو من تميم من بني النزال بن مرة بن عبيد، بعث به بنو مرة بن عبيد بصدقات أموالهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد الجمل مع عائشة، فقال الأحنف: وهو من رهطه كأنكم وقد جيء به قتيلاً أو به جراحة لا تفارقه حتى يموت، فضرب ضربة على أنفه فعاش بعدها مائة سنة، والضربة به، وكان يكنى أبا الصهباء، فولد: عبد الله وعبيد الله وعبد السلام. وعبيد الله هو الذي يروي الحديث عن أبيه في قدومه على رسول الله صلى الله عليه وسلم بإبل كأنها عروق الأرط، وأنه أكل معه، وعبيد الله هو الذي يقول فيه أبو النضر مولى عبد الأعلى:

قل لـسـوار إذا مـا

 

جئته وابـن عـلاثـه

زاد في الصبح عبيد الل

 

ه أوتـاداً ثـلاثـــه

ولعبيد الله عقب بالبصرة، وهو القائل: زمن خؤون ووارث شفون، فلا تأمن الخؤون وكن وارث الشفون.

حكيم بن حزام

رضي الله تعالى عنه

هو حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد ابن عم الزبير بن العوام وابن أخي خديجة بنت خويلد بن أسد زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قال حكيم: ولدت قبل الفيل بثلاث عشرة سنة وأنا أعقل حين أراد عبد المطلب أن يذبح ابنه عبد الله حين وقع نذره عليه وذلك قبل مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس سنين، وشهد حكيم مع ابنه الفجار وقتل أبوه حزام في الفجار، وكان حكيم يكنى أبا خالد، وأسلم يوم الفتح وأسلم أولاده يومئذ وهم: هشام بن حكيم وخالد بن حكيم وعبد الله بن حكيم، وكلهم قد صحب النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه الحديث، وعاش حكيم بن حزام في الجاهلية ستين سنة وفي الإسلام ستين سنة، وكان من المؤلفة قلوبهم ثم حسن إسلامه ومات بالمدينة سنة أربع وخمسين وباع داراً له من معاوية بستين ألف دينار، فقيل له: غبنك معاوية! فقال: والله ما أخذتها في الجاهلية إلا بزق خمر أشهدكم أنها في سبيل الله انظروا أيّنا المغبون؟

حويطب بن عبد العزّى

رضي الله تعالى عنه

هو من بني عامر بن لؤي، وعاش أيضاً مائة سنة وعشرين سنة، في الإسلام ستين وفي الجاهلية ستين، ومات بالمدينة سنة أربع وخمسين في خلافة معاوية وله عقب، وكان حويطب باع داراً له من معاوية بأربعين ألف دينار، فقيل له: يا أبا محمد أربعون ألف دينار!؟ قال: وما أربعون ألف دينار لرجل عنده خمسة من العيال، وكان من المؤلفة قلوبهم ثم حسن إسلامه.

حسان بن ثابت بن المنذر

رضي الله تعالى عنه

هو من الأنصار ويكنى أبا الوليد وأمه الفريعة خزرجية وهو متقدم الإسلام إلا أنه لم يشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم مشهداً لأنه كان جباناً، وكانت له ناصية يسدلها بين عينيه، وكان يضرب بلسانه روثة أنفه من طوله، وعاش في الجاهلية ستين سنة وفي الإسلام ستين سنة، وولد له: عبد الرحمن بن حسان من أخت مارية القبطية أم إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت تسمى شيرين، وكان عبد الرحمن شاعراً وابنه سعيد بن عبد الرحمن، وانقرض ولده فلم منهم أحد، وكان لحسان أخوان يقال لهما: أوس بن ثابت وأبي بن ثابت.

فأما أوس فهو شداد بن أوس الذي يروي عنه العلم، ومات شداد بفلسطين سنة خمسين وعقبه ببيت المقدس منهم: يعلى بن شداد ثقة يروى عنه.

وأما أبي بن ثابت فكان يعرف بأبي شيخ. وقتل يوم بئر معونة ولا عقب له.

قال الواقدي: ومن هذه الطبقة ممن مات سنة أربع وخمسين من المعمرين سعيد بن يربوع أبو هود بلغ مائة وعشرين سنة، ومخرمة بن نوفل بلغ مائة وخمس عشرة سنة.

عدي بن حاتم الطائي

رضي الله تعالى عنه

كان يكنى أبا طريف وكان طويلاً إذا ركب الفرس كادت رجله تخط في الأرض وقدم على عمر بن الخطاب فكأنه رأى منه جفاء، فقال له: أما تعرفني؟ قال: بلى والله أعرفك أكرمك الله بأحسن المعرفة أسلمت إذ كفروا وعرفت إذ أنكروا ووفيت إذ غدروا وأقبلت إذ أدبروا. فقال: حسبي يا أمير المؤمنين حسبي. وشهد مع علي رضي الله عنه يوم الجمل ففقئت عينه وقتل ابنه محمد يومئذ وقتل ابنه الآخر مع الخوارج. وشهد مع علي يوم صفين ومات في زمن المختار وله مائة وعشرين سنة وأوصى أن لا يصلي المختار عليه، ولم يبق له عقب إلا من قبل ابنتيه أسدة وعمرة وإنما عقب حاتم الطائي من ولد عبد الله بن حاتم وهم ينزلون بنهر كربلا.

عمرو بن المسيح الطائي

رضي الله تعالى عنه

وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكان أرمى العرب كلها وهو الذي يقول فيه امرؤ القيس:

رب رام من بني ثعل

 

مخرج كفيه من ستره

وعاش مائة وخمسين سنة، ولست أدري أقبض قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أم بعده.

نوفل بن معاوية

رضي الله عنه

هو نوفل بن معاوية بن عمرو الديلي، وكان أبوه معاوية على بني الديل يوم الفجار الأول وله يقول تأبط شراً. ولا عامر ولا النفاثي نوفل. وكان ابنه أسلم بن نوفل أجود العرب، وعمر نوفل في الجاهلية ستين سنة وفي الإسلام ستين سنة، وأسلم بعد الخندق وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث، ومات بالمدينة في خلافة يزيد بن معاوية.

عوف بن مالك الأشجعي

رضي الله تعالى عنه

هو عوف بن مالك أسلم وشهد يوم حنين وكانت معه راية أشجع يوم فتح مكة، وتحول إلى الشام في خلافة أبي بكر رضي الله تعالى عنه فنزل حمص وبقي إلى أول خلافة عبد الملك ومات سنة ثلاث وسبعين وكان يكنى أبا عمرو.

مالك بن عوف النصري

هو من نصر بن معاوية بن بكر هوازن، وكان رئيس المشركين يوم حنين ثم أسلم واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومه وأعطاه مائة من الإبل، وكان من المؤلفة قلوبهم، وله عقب.

الحرث بن عوف

رضي الله تعالى عنه

هو من بني مرة بن نشبة ويكنى أبا أسماء وهو صاحب الحمالة في حرب داحس، وكان أحد رؤساء المشركين يوم الأحزاب ثم أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه، وبعث معه رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من الأنصار في جواره يدعو قومه إلى الإسلام فقتلوا الأنصاري، فبعث بديّة الأنصاري سبعين بعيراً فدفعها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ورثته، وله عقب.

معيقيب

رضي الله تعالى عنه

هو معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي من الأزد، وكان ممن أسلم قديماً بمكة ثم هاجر إلى أرض الحبشة، ويقال: بل رجع إلى بلده ثم قدم مع أبي موسى الأشعري والأشعريين على رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر، وشهد خيبر وبقي إلى خلافة عثمان، وكان على خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكتب لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان من أمنائه على بيت المال وأصابه الجذام. قال خارجة بن زيد: قال عمر بن الخطاب لمعيقيب وهو يأكل معه: كل مما يليك فإن الذي بك لو كان بغيرك لم أكلمه إلا وبيني وبينه قيد رمح.

خباب بن الأرت

رضي الله عنه

هو من بني سعد بن زيد مناة بن تميم ويكنى أبا عبد الله. وكان أصابه سباء فبيع بمكة فاشترته أم أنمار وهي أم سباع الخزاعية من حلفاء بني زهرة فأعتقته. ويقال: بل أم خباب وأم سباع بن عبد العزّى الخزاعي واحدة، وكانت ختانة بمكة، وقال حمزة بن عبد المطلب لسباع بن عبد العزى وأمه أم أنمار: هلم إلي يا بن مقطعة البظور، فانضم خباب إلى آل السباع وادعى حلف بني زهرة بهذا السبب، وكان خباب رجلاً فتياً وكان بظهره برص وابنه عبد الله بن خباب هو الذي قتله الخوارج فسال دمه كأنه شراك نعل ما امذقر وبقروا بطن أم ولده وكان نازلاً في قرية فبهذا السبب استحل علي قتالهم.

قال الواقدي: وكان خباب يكنى أبا عبد الله ومات بالكوفة سنة سبع وثلاثين وهو ابن ثلاث وستين سنة أو ثلاث وسبعين، وهو أول من قبره علي بالكوفة وصلى عليه من منصرفه من صفين وله عقب.

حاطب بن أبي بلتعة

رضي الله تعالى عنه

قال أبو اليقظان: هو مولى لعبيد الله بن حميد بن زهير بن الحرث بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى، ابن قصي كاتبه فأدى مكاتبته يوم الفتح، وأصله من حي من الأزد يقال لهم النمر، وقتل عبيد الله بن حميد يوم بدر كافراً، قتله علي بن أبي طالب.


وقال الواقدي: هو من لخم لبني أسد بن عبد العزى ويكنى أبا محمد، ومات بالمدينة سنة ثلاثين وصلى عليه عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو يومئذ ابن خمس وستين سنة، وكان خفيف اللحية أجنأ حسن الجسم.

وقال غيره: كان حاطب تاجراً يبيع الطعام وغيره، وترك يوم مات أربعة آلاف دينار ودراهم وغير ذلك، ومولاه سعد بن خولي مولى نعمة، شهد بدراً وأحداً وقتل يوم أحد وكان له ابن يقال له عبد الرحمن بن حاطب يحمل عنه الحديث، ولد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى عن عمر، ومات بالمدينة سنة ثمان وستين وكان ثقة قليل الحديث، ولحاطب عقب بالمدينة.

الوليد بن عقبة

رضي الله تعالى عنه

قال أبو اليقظان: هو الوليد بن عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس، وكان أبو عمرو عبداً يسمى ذكوان فاستلحقه أمية وكناه أبا عمرو فخلف على امرأة أمية وهي آمنة بنت أبان أم الأعياص، وكان الوليد يكنى أبا وهب وهو أخو عثمان لأمه أروى بنت كريز، أسلم يوم فتح مكة وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقاً إلى بني المصطلق فأتاه، فقال: منعوني الصدقة. وكان كاذباً، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسلاح إليهم فأنزل الله عز وجل: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا" الحجرات: 6 " ووقع بينه وبين علي بن أبي طالب كلام، فقال: لأنا أرد للكتبية وأضرب لهامة البطل المشيخ منك، فأنزل الله عز وجل: "أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون" السجدة: 18 " وقال ابن الكلبي: كان أمية بن عبد شمس خرج إلى الشام فأقام بها عشر سنين فوقع على أمة للخم يهودية يقال لها ترناء، وكان لها زوج من أهل صفورية يهودي فولدت له ذكوان فادعاه أمية واستلحقه وكناه أبا عمرو ثم قدم به مكة، فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لعقبة يوم أمر بقتله: إنما أنت يهودي من أهل صفورية. وولاه عمر على صدقات بني تغلب، وولاه عثمان الكوفة بعد سعد بن أبي وقاص، فصلى بأهلها وهو سكران، وقال: أزيدكم. فشهدوا عليه بشرب الخمر عند عثمان فعزله وحدّه، ولم يزل بالمدينة حتى بويع علي، وخرج إلى الرقة فنزلها واعتزل علياً ومعاوية ومات بناحية الرقة وقبره على البليخ. وولده بالرقة وبالكوفة منهم: محمد بن عمرو بن الوليد بن عقبة وكان يقال له ذو الشامة ويرمى بالزندقة، وأخوه عمارة بن عقبة وأسلم يوم فتح مكة، ومن ولده مدرك بن عمارة الذي روى عنه إسماعيل بن أبي خالد، وأخوه خالد بن عقبة كان من سرواتهم وأسلم يوم فتح مكة وشهد جنازة الحسن بن علي من بين بني أمية.

عبد الله بن عامر

رضي الله تعالى عنه

قال أبو يقظان: هو عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، وكان أبوه عامر بن كريز أسلم يوم فتح مكة وبقي إلى خلافة عثمان، وقدم على ابنه عبد الله بن عامر البصرة وهو واليها لعثمان، وكانت أم عامر البيضاء بنت عبد المطلب وكان مضعوفاً، فأتى ابن عبد المطلب فمسه، فقال: وعظام هاشم ما في بني عبد مناف مولود أحمق منه.

وأما عبد الله بن عامر فإن أباه أتى به النبي صلى الله عليه وسلم فحنكه فتثاءب فتفل في فمه فازدرد ريقه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "إني لأرجو أن يكون متقياً"، وكان يكنى أبا عبد الرحمن وهو افتتح عامة فارس وخراسان وسجستان وكابل واتخذ النباج وغرس فيها فهي تدعى نباج ابن عامر، واتخذ القريتين وغرس بها نخلاً وأنبط عيوناً تعرف بعيون ابن عامر بينها وبين النباج ليلة على طريق المدينة، وحفر الحفير ثم حفر السمينة واتخذ بقرب قباء قصراً وجعل فيه زنجاً ليعملوا فيه فماتوا فتركه واتخذ بعرفات حياضاً ونخلاً واحتفر بالبصرة نهرين: أحدهما في السوق، والآخر الذي يعرف بأم عبد الله، وأم عبد الله أمه واسمها دجاجة بنت أسماء بن الصلت السليمي، وحوض أم عبد الله بالبصرة منسوب إليها وماتت بالبصرة وعبد الله بن عامر حفر نهر الإبلة وكان يقول: لو تركت لخرجت المرأة في حداجتها على دابتها ترد كل يوم على ماء وسوق حتى توافي مكة، ومات بمكة ودفن بعرفات وعقبه كثير. وكانت وفاته سنة تسع وخمسين قبل وفاة معاوية بسنة. وبلغني أنه لم يروِ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا حديثاً واحداً: "من قتل دون ماله فهو شهيد" وأوصى إلى عبد الله بن الزبير، وحضره ابن عمر عند وفاته فأثنى عليه قوم بما اتخذ من الحياض بعرفات وبآثاره في الأرض فنظر إليهم فقال ابن عمر: إذا طابت المكسبة زكت النفقة وسترد فتعلم. ومن موالي آل كريز طويس مولى أروى بنت كريز أم عثمان بن عفان واسمه عبد الملك، وكان يكنى أبا عبد النعيم ورئي طويس يرمي الجمار بسكر مزعفر، فقيل له: ما هذا؟ فقال: كانت للشيطان عندي يد فأحببت أن أكافئه عليها.

ذو اليدين

رضي الله تعالى عنه

هو عمير بن عبد عمرو من خزاعة ويكنى أبا محمد وكان يعمل بيديه جميعاً فقيل له ذو اليدين. ويقال له: ذو الشمالين أيضاً، وقد يقال إن اسمه الخرباق وإنه كان طويل اليدين، وهذا هو الذي ذكر الحديث الذي ذكر فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلم بعد الصلاة ثم قضى ما فاته، وليس هو ذو الشمالين الذي استشهد يوم بدر.

ذو البجادين

رضي الله تعالى عنه

هو عبد الله بن عبد نهم سمي ذا البجادين لأنه حين أراد المسير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قطعت أمه بجاداً لها وهو كساء باثنين، فاتزر بواحد وارتدى بآخر ومات في عصر النبي صلى الله عليه وسلم.

عمير مولى أبي اللحم الغفاري

رضي الله عنه

كان عمير مولى آبي اللحم يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكان آبي اللحم أبى أن يأكل ما ذبح على الأنصاب فسمي آبي اللحم. وقال عمير: شهدت حنيناً وأنا عبد فأعطاني النبي صلى الله عليه وسلم سيفاً ومن خرثى المتاع ولم يضرب لي بسهم.

جهجاه الغفاري

رضي الله تعالى عنه

هو جهجاه بن سعيد الغفاري وكان من فقراء المهاجرين وأجيراً لعمر بن الخطاب، وتناول عصا عثمان وهو على المنبر فكسرها على ركبته فوقعت الأكلة في ركبتيه، وكان أكل مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو كافر فأكثر ثم أكل معه وقد أسلم فأقل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "المؤمن يأكل في معيّ واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء".

سلمة بن الأكوع

رضي الله تعالى عنه

كان يكنى أبا أياس، وكان من الرماة المذكورين، ومات سنة أربع وسبعين وهو ابن ثمانين سنة وأخوه أهبان بن الأكوع مكلم الذئب.


قال الواقدي: مكلم الذئب أهبان بن أوس الأسلمي، وأسلم أهبان وصحب النبي صلى الله عليه وسلم ونزل الكوفة وتوفي في خلافة معاوية بن أبي سفيان وابنه أياس بن سلمة بن الأكوع يكنى أبا بكر، وتوفي في سنة تسع عشرة ومائة بالمدينة وهو ابن سبع وسبعين سنة.

شرحبيل بن حسنة

رضي الله تعالى عنه

هو منسوب إلى أمه وأبوه عبيد الله بن المطاع بن عمرو من اليمن حليف لبني زهرة، وكان يكنى أبا عبد الله ومات بالشام في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة وهو ابن أربع وستين سنة.

عبد الله بن بحينة

رضي الله تعالى عنه

هو منسوب إلى أمه بحينة بنت الحرث بن المطلب وأبوه مالك من الأزد.

خفاف بن ندبة

رضي الله تعالى عنه

هو منسوب إلى أمه وكانت سوداء، وخفاف أحد أغربة العرب لسواده، وأبوه عمير بن الحرث ابن الشريد السلمي وكان شاعراً، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة ومعه لواء بني سليم وبقي إلى زمان عمر.

أبو لبابة الأنصاري

رضي الله عنه

وهو مكنى ببنت له يقال لها لبابة كانت تحت زيد بن الخطاب، وقد ولدت له واسمه بشير بن عبد المنذر ويقال رفاعة بن المنذر، وتوفي أبو لبابة بعد قتل عثمان. وقيل: قبل علي، وله عقب من السائب ابنه.

البراء بن عازب الأنصاري

رضي الله تعالى عنه

كان البراء ابن أخت أبي بردة بن نيار، واسم أبي بردة هانئ من قضاعة ولأبي بردة عقب، وكان للبراء ابنان قد روى عنهما يزيد بن البراء وسويد بن البراء، وكان سويد على عمان فكان كخير الأمراء.

عاصم بن عدي

رضي الله عنه

هو من العجلان من بني قضاعة، ومات وهو ابن مائة وخمس عشرة سنة في خلافة معاوية، وأخوه معن بن عدي له عقب وقتل باليمامة، ومن ولد عاصم: أبو البداح بن عاصم بن عدي العجلاني لقب علبة ويكنى أبا عمرو، وحمل عنه الحديث وتوفي سنة سبع عشرة ومائة وهو ابن أربع وثمانين سنة.

أبو عبس بن جبر

رضي الله عنه

اسمه عبد الرحمن من الخزرج وكان أبو عبس يكتب بالعربية قبل الإسلام، ومات سنة أربع وثلاثين ودفن بالبقيع وكان يخضب بالحناء، وعقبه بالمدينة كثير وببغداد.

خوات بن جبير بن النعمان

رضي الله عنه

هو من الخزرج ويكنى أبا صالح، ويقال: يكنى أبا عبد الله وهو صاحب ذات النحيين في الجاهلية ومات بالمدينة سنة أربعين وله عقب وأخوه عبد الله بن جبير أمير الرماة يوم أحد، وقتل عبد الله يومئذ ولا عقب له.

أبو اليسر

رضي الله عنه

هو كعب بن عمرو بن عمرو من الأنصار، وكان قصيراً ذا بطن، وأسر العباس بن عبد المطلب يوم بدر فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم وتوفي سنة خمس وخمسين في خلافة معاوية، وله عقب بالمدينة.

أبو مرثد الغنوي

رضي الله عنه

هو كناز بن حصين من غنى، وكان ترباً لحمزة بن عبد المطلب وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين عبادة بن الصامت، وآخى بين ابنه مرثد وبين ابن الصامت أخي عبادة، وكان أبو مرثد طوالاً كثير شعر الرأس ومات في خلافة أبي بكر سنة اثنتي عشرة وهو يومئذ ابن ست وستين سنة، وقتل ابنه مرثد في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الرجيع شهيد وكان أمير السرية.

مسطح بن أثاثة

رضي الله تعالى عنه

هو مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب بن عبد مناف ويكنى أبا عباد، وشهد بدراً وأحداً والمشاهد كلها، وكان أبو بكر يجري عليه وهو الذي قذف عائشة رضي الله عنها، والذي قذفت به صفوان بن المعطل.

سويبط

رضي الله عنه

هو سويبط بن سعد بن حرملة بن عبد الدار بن قصي كان من مهاجرة الحبشة وشهد بدراً وأحداً وكان مزاحاً وهو الذي ضحك النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من قصته حولاً. وذلك أنه خرج مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه في تجارة إلى بصرى ومعهم نعيمان، وكان نعيمان ممن شهد بدراً وكان على الزاد، فقال له سويبط: أطعمني. فقال: حتى يجيء أبو بكر. فقال: أما والله لأغيظنك، فمروا بقوم فقال لهم سويبط: تشترون مني عبداً لي؟ فقالوا: نعم. فقال: إنه عبد له كلام وهو قائل لكم إني حر فإن كنتم إذا قال لكم هذه المقالة تركتموه فلا تفسدوا عليّ عبدي. قالوا: بل نشتريه منك. قال: فاشتروه بعشرة قلائص ثم جاؤوا فوضعوا في عنقه حبلاً فقال نعيمان: إن هذا يستهزئ بكم وإني حر. فقالوا: قد عرفنا خبرك وانطلقوا به، فلما جاء أبو بكر أخبروه فاتبعهم فرد عليهم القلائص وأخذه فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه فضحك هو وأصحابه من ذلك حولاً. وكان نعيمان أيضاً مزاحاً وجلده النبي صلى الله عليه وسلم في الخمر أربع مرات، ومر بمخرمة بن نوفل وقد كف بصره فقال: ألا رجل يقودني حتى أبول، فأخذ بيده نعيمان فلما بلغ مؤخر المسجد قال: ههنا فبل، فبال، فصيح به فقال: من قادني؟ قيل: نعيمان. فقال: لله عليّ أن أضربه بعصاي هذه، فبلغت نعيمان فأتاه فقال له: هل لك في نعيمان. قال: نعم. قال: قم، فقام معه فأتى به عثمان بن عفان وهو يصلي فقال: دونك الرجل فجمع يده بالعصا ثم ضربه، فقال الناس أمير المؤمنين. فقال: من قادني؟ قالوا: نعيمان. قال: لا أعود إلى نعيمان أبداً.

دحية الكلبي

رضي الله تعالى عنه هو دحية بن خليفة بن عامر بن الخزرج، وأسلم قديماً ولم يشهد بدراً وكان يشبه بجبريل عليه السلام لجماله وحسنه، وكان إذا قدم المدينة لم تبق معصر إلا خرجت تنظر إليه وبقي إلى زمان معاوية.

عرابة الأوسي

رضي الله تعالى عنه

هو عرابة بن أوس بن قيطي الذي مدحه الشماخ فقال:

رأيت عرابة الأوسيّ يسمو

 

إلى الغايات منقطع القرين

وشهد عرابة يوم أحد فاستصغر فرد.

وحشي قاتل حمزة

هو وحشي بن حرب ويكنى أبا دسمة، وكان من سودان مكة عبداً لجبير بن مطعم قتل حمزة وأتى النبي صلى الله عليه وسلم مسلماً، فقال له: النبي صلى الله عليه وسلم غيب وجهك عني. قال: فكنت إذا رأيته في الطريق تقصيتها، وخرج إلى الشام فنزل حمص وكان يشرب الخمر ويلبس المعصفر وهو أول من حد بالشام في الخمر وله عقب بالشام.

حمل بن مالك بن النابغة

هو من هذيل، أسلم ثم رجع إلى بلاد قومه ثم تحول إلى البصرة وابتنى بها داراً في هذيل، ثم صارت داره بعد لعمر بن مهران الكاتب.

مجالد ومجاشع ابنا مسعود

رضي الله تعالى عنهما

هما من سليم، وكان بمجالد عرج شديد وأخوه مجاشع بن مسعود من المهاجرين، وجاء مجاشع بأخيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليبايعه بعد فتح مكة فقال: لا هجرة بعد الفتح، وكان لمجاشع فرس يقال لها الدبساء سابق عليها، ويقال إنه أخذ في غاية واحدة خمسين ألف درهم وشهد الجمل مع عائشة رضي الله عنها فقتل، وله عقب بالبصرة.

علقمة بن علاثة

رضي الله تعالى عنه

هو الذي نافر عامر بن الطفيل فقال الأعشى:

علقم ما أنت إلى عامر

وكان وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم ثم ارتد ولحق بقيصر ثم انصرف وأسلم واستعمله عمر على حوران فمات بها.

لبيد بن ربيعة الشاعر

رضي الله تعالى عنه

هو لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب قدم لبيد في وفد بني كلاب على النبي صلى الله عليه وسلم وأسلموا ورجعوا إلى بلادهم ولم يقل بعد الإسلام شعراً، ثم قدم الكوفة وبنوه، فرجع بنوه إلى البادية أعراباً وأقام لبيد إلى أن مات بها فدفن في صحراء بني جعفر بن كلاب وكانت وفاته ليلة نزل معاوية النخيلة لمصالحة الحسن بن علي رضي الله عنهما، ويقال: بل كانت بعد ذلك ومات وهو ابن مائة وسبع وخمسين سنة.

وافد بن المنتفق

يقال هو لقيط بن صبرة، ويقال: هو لقيط بن عامر بن المنتفق من عقيل ويكنى أبا رزين وهم مجمعون على أنه عقيلي.

مكنف بن زيد الخيل الطائي

رضي الله عنه

كان مكنف أكبر ولد أبيه وبه كان يكنى، أسلم وصحب النبي صلى الله عليه وسلم وشهد قتال الردة مع خالد بن الوليد، وكذلك حريث بن زيد الخيل صاحب النبي صلى الله عليه وسلم وشهد الردة.


فأما زيد الخيل فإنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وسماه زيد الخير وقطع له أرضين وكانت المدينة وبيئة، فلما خرج من عند النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لن ينجو زيد من أم ملدم"، فلما بلغ بلده مات، وحماد الراوية مولى مكنف.

الأشعث بن قيس

رضي الله تعالى عنه

اسمه معد يكرب بن قيس وسمي أشعث لشعث رأسه وهو من كندة، وكانت مراد قتلت أباه فخرج ثائراً بأبيه فأسر ففدى نفسه بثلاثة آلاف بعير، ووفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم في سبعين رجلاً من كندة فأسلم ويكنى أبا محمد، ولما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أبى أن يبايع أبا بكر رضي الله عنه، فحاربه عامل أبي بكر حتى استأمنه على حكم أبي بكر وبعث به إليه، فسأل أبا بكر أن يستبقيه لجزية ويزوجه أخته أم فروة ففعل ذلك أبو بكر، ومات سنة أربعين وابنه عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث الذي خرج على الحجاج وخرج معه القراء والعلماء.

عكرمة بن أبي جهل

رضي الله تعالى عنه

أسلم بعد الفتح وقتل يوم اليرموك في خلافة أبي بكر رضي الله عنه مجاهداً ولا عقب له.

حجر بن عدي

رضي الله تعالى عنه

هو الذي قتله معاوية ويكنى أبا عبد الرحمن وكان وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم وشهد القادسية وشهد الجمل وصفين مع علي، فقتله معاوية بمرج غدراء مع عدة، وكان له ابنان يتشيعان يقال لهما عبد الله وعبد الرحمن قتلهما مصعب بن الزبير صبراً، وقتل حجر سنة ثلاث وخمسين.

عبد الله بن عوسجة البجلي

كان عبد الله بن عوسجة البجلي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني حارثة بن عمرو بن قريط، وكان كتب معه إليهم يدعوهم إلى الإسلام فأخذوا الصحيفة فغسلوها ورقعوا بها أسفل دلوهم وأبوا أن يجيبوه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مالهم أذهب الله عقولهم فهم أهل رعدة وسفه وكلام مختلط.

فيروز الديلمي

هو من أبناء فارس الذين بعثهم كسرى إلى اليمن فنفوا الحبشة عنها وغلبوا عليها، فيروز هو الذي قتل الأسود بن كعب العنسي المتنبي باليمن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قتله الرجل الصالح فيروز الديلمي" وقد وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه أحاديث يذكر فيها فيقال الديلمي الحميري، وإنما قال حميري لنزوله في حمير، ومات فيروز في خلافة عثمان.

العجلاني

الذي لاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين امرأته: هو عويمر بن الحرث، وقال عكرمة: رأيت ابن الملاعنة أميراً على مصر، وما يدعى لأب.

العباس بن مرداس السلمي

أسلم قبل فتح مكة وحضر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة في تسعمائة ونيف بالقنا والدروع على الخيل، وكان يرجع إلى بلاد قومه ولا يسكن مكة ولا المدينة، وابنه جلهمة قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث.

أبو برزة الأسلمي

رضي الله تعالى عنه هو عبد الله بن نضلة، ويقال نضلة بن عبد الله مات بخراسان غازياً.

الفرات بن حيان

هو من عجل من بني سعد رهط حنظلة بن ثعلبة بن سيار وكان أهدى الناس بالطريق وأعرفهم بها، وكان يخرج مع عيران قريش إلى الشام وله يقول حسان:

فإن نلقَ في تطرافنا وانبعاثنـا

 

فرات بن حيان نقظ دون هالك

وأسلم الفرات فحسن إسلامه. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم خيبر حين أعطى المؤلفة قلوبهم: إن من الناس ناساً نكلهم إلى إيمانهم، منهم: فرات بن حيان.

الخشخاش

هو الخشخاش بن خلف، وكان أبوه يعرف بالمجفر من بني العنبر، وهو الذي قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تجني شمالك على يمينك". وكان له ابنان: مالك وعبيد يليان الولايات، ولمالك ابن يقال له حصين ولي لزياد ميان وبقي عليها أربعين سنة، وابن آخر يقال له الحر ومن ولده معاذ بن العنبري، ولي قضاء البصرة للرشيد. ومن موالي آل الخشخاش فيروز أعظم مولى بالعراق قدراً، وقد ولي الولايات وخرج مع ابن الأشعث، فقال الحجاج: من جاءني برأس فيروز له عشرة آلاف درهم، فقال فيروز: من جاءني برأس الحجاج فله مائة ألف درهم، فلما هزم ابن الأشعث هرب إلى خراسان فأخذه يزيد بن المهلب فبعث به إلى الحجاج فقال له: أظهرني على أموالك. قال: على أن تأمنني. قال: لا. فنادى: ألا من كان لفيروز عنده مال فهو في حل منه، فأمر به فشق له قصب ثم شد عليه وجعل يسله قصبة قصبة حتى قطع جسده ثم صب عليه الخل والملح حتى مات.

عياض بن حماد

هو عياض بن حماد بن أبي حماد بن ناجية بن عقال الدارمي، وأبو حماد بن ناجية بن عقال الدارمي هو أخو صعصعة بن ناجية جد الفرزدق الشاعر، وعياض هو الذي أهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم في شركه، فقال لا أقبل زاد المشركين، ولا نعلم له عقباً.

الأشج العبدي

هو منذر بن عائذ من عصر، وكان عمرو بن قيس ابن أخته وهو أول من أسلم من ربيعة، وذلك أن الأشج بعثه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعلم علمه، فلما لقي النبي صلى الله عليه وسلم وأتى الأشج فأخبره بأخباره فأسلم الأشج وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: إن فيك خليقين يحبهما الله: الحلم والحياء.

الجارود العبدي

هو بشر بن عمرو بن حنش بن المعلى من عبد القيس، ويكنى أبا غياث، وسمي الجارود لأنه فر بإبله إلى أخواله بني شيبان وبإبله داء، ففشا ذلك الداء في إبل أخواله فأهلكها، فلذلك قال الشاعر:

كما جرد الجارود بكر بن وائل

وأسلم الجارود في زمان النبي صلى الله عليه وسلم، ولقي العدو بعقبة الطين فقتل بها فسميت عقبة الجارود، وابنه عبد الله بن الجارود، وكان يلقب بطير العناق لقصره، وكان رأس عبد القيس واجتمعت عليه القبائل من أهل البصرة وأهل الكوفة فولوه أمرهم برستقابان فقاتلوا الحجاج فظفر بهم فأخذه الحجاج فصلبه، وابنه المنذر بن الجارود والي اصطخر لعلي بن أبي طالب وابنه الحكم بن المنذر سيد عبد القيس وفيه يقول الكذاب الحرمازي:

يا حكم بن المنذر بن الـجـارود

 

سرادق المجد عليك مـمـدود

أنت الجواد ابن الجواد المحمـود

 

نبت في الجود وفي بيت الجود

والعود قد ينبت في أصل العود

 

 

ويكنى أبا غيلان، ومات في حبس الحجاج الذي يعرف بالديماس.

صحار بن العباس العبدي

وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وكان من أخطب الناس وأبينهم، وكان أحمر أزرق، قال له معاوية: يا أزرق؟ قال: البازي أزرق. قال: يا أحمر. قال: الذهب أحمر. وكان عثمانياً، وكانت عبد القيس تتشيع فحالفها، وهو جد جعفر بن زيد وكان فاضلاً خيراً عابداً وقد روى صحار عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثين أو ثلاثة.

خريم بن فاتك

هو من بني أسد صحب النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه، وابنه أيمن بن خريم الشاعر، وكان أبرص وكان مع بني مروان يسامرهم ويواكلهم.


قال: وحدثني سهل بن محمد، قال: حدثنا الأصمعي، قال: حدثنا أبو زكريا الحبطي عن أبيه، قال: قال عبد الملك بن مروان لأيمن بن خريم الأسدي: إن أباك كانت له صحبة ولعمك، فخذ هذا المال وانطلق فقاتل ابن الزبير، فأبى وقال:

ولست بقاتل رجلاً يصـلـي

 

على سلطان آخر من قريش

له سلطانه وعـلـيّ وزري

 

معاذ الله من سفه وطـيش

أأقتل مؤمنـاً وأعـيش حـياً

 

ولست بنافع ما عشت عيشي

من تأخر من الصحابة

رضي الله تعالى عنه

قال أبو محمد: قال الواقدي: آخر من مات بالكوفة من الصحابة عبد الله بن أبي توفي في سنة ست وثمانين، وآخر من مات بالمدينة من الصحابة سهل بن سعد الساعدي سنة إحدى وتسعين ويقال هو ابن مائة. وآخر من مات بالبصرة من الصحابة أنس بن مالك سنة إحدى وتسعين ويقال سنة ثلاث وتسعين. وآخر من مات بالشام عبد الله بن بسر سنة ثمان وثمانين. وممن تأخر موته واثلة بن الأسقع هلك بالشام سنة خمس وثمانين وهو ابن ثمان وتسعين سنة وهو من بني ليث بن كنانة.

أبو الطفيل

رضي الله تعالى عنه

هو أبو الطفيل عامر بن واثلة رأى النبي صلى الله عليه وسلم وكان آخر من رآه موتاً ومات بعد سنة مائة وشهد مع علي المشاهد كلها وكان مع المختار صاحب رايته، وكان يؤمن بالرجعة وهو القائل:

وبقيت سهماً في الكنـانة واحـداً

 

سيرمى به أو يكسر السهم كاسره

وهو القائل:

أيدعونني شيخاً وقد عشت حقـبة

 

وهن من الأزواج نحوي نزائع

وما شاب رأسي من سنين تتابعت

 

علي ولكن شيبتنـي الـوقـائع

أسماء المؤلفة قلوبهم

أبو سفيان بن حرب ومعاوية ابنه وحسن إسلامه، وحكيم بن حزام ثم حسن إسلامه، والحرث بن هشام أخو أبي جهل بن هشام ثم حسن إسلامه، وسهيل بن عمرو ثم حسن إسلامه، والعلاء بن حارثة الثقفي، وعيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر، والأقرع بن حابس، ومالك بن عوف النصري، والعباس بن مرداس السلمي ثم حسن إسلامه، وقيس بن مخرمة ثم حسن إسلامه، وجبير بن مطعم ثم حسن إسلامه.

أسماء المنافقين

الذين أرادوا أن يلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الثنية في غزوة تبوك:

عبد الله بن أبي سلول، سعد بن أبي سرح وهو أبو الذي كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم: مكان غفور، رحيم عزيز حكيم. وأبو حاضر الأعرابي والحلاس بن سويد بن صامت، ومجمع بن حارثة، ومليح التيمي وهو الذي سرق طيب الكعبة وارتد عن الإسلام وانطلق فلا يدري أين ذهب، وحصين بن نمير وهو الذي أغار على تمر الصدقة فسرقه، وطعيمة بن أبيرق، ومرة بن ربيع وكان أبو عامر رأسهم وله بنوا مسجد الضرار وهو أبو حنظلة غسيل الملائكة.

أسماء الثلاثة الذين خلفوا

ونزل فيهم القرآن

كعب بن مالك، ومروان بن الربيع، وهلال بن أمية.