الأشراف وأصحاب السلطان

والخارجين عليهم

عبد الله بن مطيع بن الأسود

من بني عويج بن عدي بن كعب رهط عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان أبوه مطيع يسمى العاصي فسماه النبي صلى الله عليه وسلم مطيعاً وكان عبد الله على قريش يوم الحرة ففر ثم سار مع ابن الزبير بمكة فقاتل وهو يقول:

أنا الذي فررت يوم الحرة

 

فاليوم أجزى كرة بفـرة

وهل يفر الشيخ إلا مرة

 

 

فلم يزل يقاتل حتى قتل ابن الزبير وخرج هو فمات من جراحه بمكة فصلى عليه الحجاج، وقال: اللهم هذا عدو الله ابن مطيع كان موالياً لأعدائك معادياً لأوليائك فاملأ عليه قبره ناراً، وكان الشعبي كاتب عبد الله بن مطيع.

الحجاج بن يوسف الثقفي

هو الحجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود بن عامر بن معتب بن مالك بن كعب من الأحلاف الثقفي، وكان الحكم جده وله يوسف ويحيى وأيوب ومحمداً وسليمان.

فأما يوسف فولي لعبد الملك بعض الولاية وكان معه بعض الألوية يوم قاتل الحتيف بن السجف جيش ابن دلجة فانهزم، فقال يوسف بن توسعة العبدي:

ونجى يوسف الثقفي ركض

 

دراك بعدما سقط اللـواء

ولو أدركنه لقضين نحـبـا

 

به ولكل مخطـاة وقـاء

فمات يوسف والحجاج على المدينة فنعاه على المنبر. فولد يوسف الحجاج ومحمداً وزينب.

فأما محمد بن يوسف فولاه عبد الملك اليمن فلم يزل والياً حتى مات بها، فولد محمد بن يوسف: يوسف بن محمد ومصعب بن محمد وعمر بن محمد وأم الحجاج.

فأما يوسف بن محمد فولاه الوليد بن يزيد خلافته.

وأما عمر فكان تائهاً متكبراً، فقال الوليد لأشعب إن أضحكته فلك خلعتي، فلم يزل يحدثه حتى أضحكه فأخذ خلعة الوليد.

وأما أم الحجاج فهي أم الوليد بن يزيد بن عبد الملك وعقب محمد بن يوسف بالشام.

وأما الحجاج بن يوسف فكان يكنى أبا محمد، وكان أخفش دقيق الصوت، وأول ولاية وليها تبالة فلما رآها احتقرها وانصرف. فقيل في المثل: أهون من تبالة على الحجاج وولي شرط أبان بن مروان في بعض ولايات أبان، فلما خرج ابن الزبير وقوتل زماناً قال الحجاج لعبد الملك: إني رأيت في منامي كأني أسلخ عبد الله بن الزبير، فوجهني إليه فوجهه في ألف رجل وأمره أن ينزل الطائف حتى يأتيه رأيه،ثم كتب إليه لقتاله وأمره فحاصره حتى قتله ثم أخرجه فصلبه، وذلك في سنة ثلاث وسبعين، فولاه عبد الملك الحجاز ثلاث سنين فكان يصلي بالموسم كل سنة ثم ولاه العراق وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة فوليها عشرين سنة وأصلحها وذلل أهلها.
وروى: أبو اليمان عن جرير بن عثمان عن عبد الرحمن بن سمرة عن أبي عذبة الحضرمي، قال: قدمت على عمر بن الخطاب رابع أربعة من أهل الشام ونحن حجاج، فينا نحن عنده أتاه خبر من العراق بأنهم قد حصبوا إمامهم، فخرج إلى الصلاة ثم قال: من ههنا من أهل الشام؟ فقمت أنا وأصحابي فقال: يا أهل الشام تجهزوا لأهل العراق فإن الشيطان قد باض فيهم وفرخ، ثم قال: اللهم إنهم قد لبسوا علي فالبس عليهم، اللهم عجل لهم الغلام الثقفي الذي يحكم فيهم بحكم الجاهلية، لا يقبل من محسنهم ولا يتجاوز عن مسيئهم، ولما حضرته الوفاة قال للمنجم، هل ترى ملكاً يموت؟ قال: نعم ولست به أرى ملكاً يموت يسمى كليباً. قال: أنا والله كليب بذلك كانت أمي سمتني، فاستخلف على الخراج يزيد بن أبي مسلم وعلى الحرب يزيد بن أبي كبشة، وأمر ابنه عبد الملك بن الحجاج أن يصلي بالناس، وهلك بواسط فدفن بها وعفي قبره وأجري عليه الماء، وكانت وفاته سنة خمس وتسعين في شهر رمضان. فولد الحجاج محمداً وأباناً وعبد الملك والوليد وجارية، فمات محمد في حياة أبيه وعقبه بدمشق، وعقب عبد الملك بالبصرة، ولا عقب لأبان ولا للوليد.

يوسف بن عمر

هو يوسف بن عمر بن محمد بن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود ابن عم الحجاج بن يوسف، يجمعه وإياه الحكم بن أبي عقيل وكان يكنى أبا عبد الله، ولي اليمن لهشام ثم ولاه العراق ومحاسبة خالد بن عبد الله القسري وعماله فعذبهم، فمات خالد في عذابه، ومات بلال بن أبي بردة في عذابه، فلما قتل الوليد هرب فلحق بالشام فأخذ بالشام وحبس، ثم قتل في الحبس، وكان يزيد بن خالد بن عبد الله فيمن قتله بأبيه وعقبه بالشام.

خالد بن عبد الله القسري

هو خالد بن عبد الله بن يزيد بن أسد بن كرز البجلي ثم القسري، وكان يزيد بن أسد جده وفد على النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم ونزل بالشام ثم اشترى خالد بن عبد الله، لما ولي العراق خططا بالكوفة وابتنى بها وله بها عقب وعدد، وكانت أمه نصرانية وكان جده يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً رواه خالد.

ذكر هشيم عن سيار بن أبي الحكم. قال: سمعت خالد بن عبد الله القسري يقول: حدثني أبي عن جدي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا يزيد بن أسد أحبب للناس الذي تحب لنفسك".

المهلب بن أبي صفرة

هو المهلب بن أبي صفرة، وأبو صفرة ظالم بن سراق من أزد دبا ودبا فيما بين عمان والبحرين.

قال الواقدي: كان أهل دبا أسلموا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ارتدوا بعده ومنعوا الصدقة، فوجه إليهم أبو بكر عكرمة بن أبي جهل فقاتلهم فهزمهم وأثخن فيهم القتل وتحصن فلهم في حصن لهم، وحصرهم المسلمون ثم نزلوا على حكم حذيفة فقتل مائة من أشرافهم وسبى ذراريهم وبعث بهم إلى أبي بكر وفيهم أبو صفرة غلام لم يبلغ، فأعتقه عمر وقال: اذهبوا حيث شئتم فتفرقوا فكان أبو صفرة ممن نزل البصرة، وكان المهلب يكنى أبا سعيد وكان من أشجع الناس وحمى البصرة من الشراة بعد جلاء أهلها عنها، إلا من كانت به قوة فهي تسمى بصرة المهلب، ولم يكن يعاب إلا بالكذب، وفيه قيل: رائج يكذب.

وكان ولي خراسان فعمل عليها خمس سنين ومات بمرو الرود سنة ثلاث وثمانين واستخلف ابنه يزيد بن المهلب، ويزيد ابن ثلاثين سنة، فعزله عبد الملك بن مروان برأي الحجاج ومشورته وولي قتيبة بن مسلم وصار يزيد في يد الحجاج فعذبه، فهرب من حبسه إلى الشام يريد سليمان فأتاه فشفع له إلى الوليد بن عبد الملك فأمنه وكف عنه، ثم ولاه سليمان خراسان حين أفضت إليه الخلافة فافتتح جرجان ودهستان. وأقبل يريد العراق فتلقاه موت سليمان بن عبد الملك فصار إلى البصرة فأخذه عدي بن أرطاة فأوثقه وبعث به إلى عمر بن عبد العزيز فحبسه عمر، فهرب من حبسه وأتى البصرة، ومات عمر، فخالف يزيد بن عبد الملك فوجه إليه مسلمة فقتله ولحق فل آل المهلب بنواحي كرمان وقندابيل، وكان ابنه مخلد بن يزيد سيداً شريفاً على حداثته يقدم على أبيه ويقال: إنه وقع إلى الأرض، من صلب المهلب ثلثمائة ولد.

المختار بن أبي عبيدة

هو المختار بن أبي عبيد بن مسعود بن عمر، والثقفي من الأحلاف، ويقال: إن مسعوداً جده هو عظيم القريتين فولد مسعود سعداً وأبا عبيد، فكان سعد عامل علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه على المدائن، وله عقب بالكوفة.

وأما أبو عبيد فولاه عمر بن الخطاب جيشاً فيهم رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلقي خرزاد الحاجب بقس الناطف من الكوفة وهو على فيل، فضرب أبو عبيد الفيل فوقع عليه الفيل فمات فولد أبو عبي المختار وصفية وجبراً وأسيداً.

فأما جبر فقتل مع أبيه يوم الفيل ولا عقب له.

وأما صفية فكانت تحت عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

وأما المختار فغلب على الكوفة زمن مصعب بن الزبير، وكان يزعم أن جبرائيل يأتيه، وتتبع قتلة الحسين رضي الله عنه وقتل عمر بن سعد بن أبي وقاص وابنه حفص بن عمر، وقتل شمر بن ذي الجوشن الضبابي، ووجه إبراهيم بن الشتر فقتل عبيد الله بن زياد وغيره.

وخرج نفر من أهل الكوفة فقدموا البصرة يستغيثون بهم ويستنصرونهم على المختار، فخرج أهل البصرة مع مصعب فقاتلوه بالكوفة، فقتل المختار عبيد الله بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو لا يعرف في عسكر مصعب، ومحمد بن الأشعث بن قيس، ثم ظفر بالمختار فقتل، قتله صراف بن يزيد الحنفي وكانت ابنة سمرة بن جندب تحته وله منها ابنان إسحاق ومحمد، ومن غيرها بنون وعقبه بالكوفة كثير.

بنو صوحان

هم زيد بن صوحان، وصعصعة بن صوحان، وسيحان بن صوحان من بني عبد القيس.

فأما زيد فكان من خيار الناس وروي في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: زيد الخير الأجذم وجندب ما جندب. فقيل: يا رسول الله! أتذكر رجلين؟ فقال: أما أحدهما فسبقته يده إلى الجنة بثلاثين عاماً، وأما الآخر فيضرب ضربة يفصل بها بين الحق والباطل. فكان أحد الرجلين زيد بن صوحان شهد يوم جلولاء فقطعت يده وشهد مع علي يوم الجم، فقال: يا أمير المؤمنين! ما أراني إلا مقتولاً. قال: وما علمك بذلك يا أبا سليمان؟ قال: رأيت يدي نزلت من السماء وهي تستشيلي، فقتله عمرو بن يثربي وقتل أخاه سيحان يوم الجمل.
وأما الآخر فهو جندب بن زهير الغاضري ضرب ساحراً كان يلعب بين يدي الوليد بن عقبة فقتله. وكان صعصعة بن صوحان مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم الجمل، وكان من أخطب الناس.

مصقلة بن هبيرة

هو من بني شيبان، وكان مع علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، ثم هرب إلى معاوية فهدم على داره، وقال مصقلة حين فارقه:

قضى وطراً منها عليّ فأصبحت

 

أمارته فينـا أحـاديث راكـب

ثم بعث مصقلة رجلاً نصرانياً ليحمل عياله من الكوفة، فأخذه علي فقطع يده وولاه معاوية طبرستان فمات بها، فيقال في المثل حتى يرجع مصقلة من كبرستان، وله عقب بالكوفة ودار بالبصرة.

مصقلة بن رقبة

من عبد القيس أمه جرمقانية، وكان أخطب الناس زمن الحجاج وبعده، فولد مصقلة كرزاً ورقبة وكانا خاطبين، وكانت لكرز خطبة يقال لها العجوز.

خالد بن صفوان

هو خالد بن صفوان بن عبد الله بن الأهتم، واسمه سنان بن سمي بن سنان بن خالد بن منقر بن عبيد بن تميم، وسمي سنان الأهتم لأن قيس بن عاصم المنقري ضربه بقوسه فهتم فمه، وكان صفوان أبو خالد ولي رياسة بني تميم أيام مسعود، وكان خطيباً وشهد لحسن وصيته فأوصى بمائة ألف درهم وعشرين ألفاً، وقال: أعددتها لعض الزمان وجفوة السلطان ومباهاة العشيرة، فقال الحسن: خلفتها لمن لا يحمدك، وتقدم على من لا يعذرك. ومات بالبصرة وعمر ابنه خالد إلى أن حادث أبا العباس، وكان لسناً بيناً خطيباً بخيلاً مطلاقاً وهو القائل: أربع لا يطمع فيهن عندي: القرض والفرض والهرس وأن أسعى مع أحد في حاجة. قيل له: وما يصنع بك بعد هذه يا أبا صفوان؟ فقال: الماء البارد. وحديث: لا ينادي وليده وكان يقول: ما من ليلة أحب إلي من ليلة قد طلقت فيها نسائي، فأرجع والستور قد قلعت ومتاع البيت قد نقل، فتبعث إلي بنتي بسليلة فيها طعامي وتبعث إلي الأخرى بفراشي أنام عليه. ومن رهطه شبيب بن شيبة الخطيب.

ابن القرية

هو أيوب بن زيد بن قيس، والقرية أمه وهو من بني هلال بن ربيعة بن زيد مناة بن عامر، وكان لسناً خطيباً، وكان مع الحجاج فقتله لسبب اتهمه فيه بميل إلى ابن الأشعث.

مسيلمة الكذاب

هو مسيلمة بن حبيب من حنيفة بن لجيم ويكنى أبا ثمامة، وكان صاحب نيرنجات، وهو أول من أدخل البيضة في قرورة، وأول من وصل جناح المقصوص من الطير، فاتبعه على ذلك خلق، وقال بعض شعراء بني حنيفة يرثيه:

لهفي عليك أبـا ثـمـامة

 

لهفي على ركني شهامه

كم آية لـك فــيهـــم

 

كالشمس تطلع من غمامه

ولا عقب له.

سجاح التي تنبأت

هي من بن بني يربوع: وكان يقال لها صادر، وتزوجها مسيلمة واتبعها قوم من بني تميم، وقال عطارد بن حاجب بن زرارة:

أمست نبيتنا أنثى نطيف بهـا

 

وأصبحت أنبياء الناس ذكرانا

وكان مؤذنها زهير بن عمرو من بني سليط بن يربوع، ويقال: إن شبث بن ربعي أذن لها أيضاً.

قتيبة بن مسلم الباهلي

ويكنى أبا حفص

هو قتيبة بن مسلم بن عمرو بن حصين بن أسيد بن زيد بن قضاعي من بني هلال بن عمرو من باهلة، وكان مسلم بن عمرو عظيم القدر عند يزيد بن معاوية ويكنى أبا صالح، وفيه يقول الشاعر:

إذا ما قريش خلا ملكها

 

فإن الخلافة في باهله

لرب الحرون أبي صالح

 

وما تلك بالسنةالعادله

والحرون فرسه، فولد مسلم بشاراً وزياداً وعبد الكريم وقتيبة وعبد الله وصالحاً وعبد الرحمن وحماداً وزريقاً وضراراً وعمراً ومعبداً والحصين.

فأما بشار فكان أكبرهم وهو صاحب نهر بشار، وكان سيد ولد مسلم حتى سبق عليه قتيبة، ولبشار عقب.

وأما زياد بن مسلم فقتل مع قتيبة بخراسان وله عقب، ولعبد الكريم عقب بالبصرة.

وأما قتيبة بن مسلم فكان على خراسان عاملاً للحجاج ومن قبل ذلك على الري، ثم خلع فقتل بفرغانة سنة سبع وتسعين وهو ابن خمس وأربعين سنة، قتله وكيع وسمرقند وبخارى، وقد كانوا كفروا، فولد قتيبة مسلم بن قتيبة وقطن بن قتيبة وكثيراً والحجاج وعبد الرحمن وسلماً وصالحاً وعمراً ويوسف وغيرهم.

فأما سلم فولي البصرة مرتين: مرة لابن هبيرة، ومرة لأبي جعفر وكان سيد قومه، ومات بالري وكنيته أبو قتيبة، فولد سلم جماعة منهم: سعيد بن سلم ولي أرمينية والموصل والسند وطبرستان وسجستان والجزيرة وولده كثير.

وأما إبراهيم بن سلم فولي اليمن لموسى وولي عمر بن سلم الري وبلخ وولي كثير بن سلم سجستان.

وأما قطن بن قتيبة بن مسلم فكان على سمرقند وغيرها من كور خراسان وله هناك عقب، وجميع ولد قتيبة سراة لهم أعقاب.

وأما عبد الله بن مسلم بن عمرو فقتل مع أخيه قتيبة، ومن ولده المسور بن عبد الله وله عقب كثير، وقتل معبد بن مسلم أيضاً وله عقب، للحصين ابن مسلم عقب بالبصرة. وعمرو بن مسلم كان شجاعاً يلي الولايات لقتيبة وعدي بن أرطأة وعقبه كثير.

عمر بن هبيرة الفزاري

هو عمر بن هبيرة بن سعد بن عدي بن فزارة وجده من قبل أمه كعب بن حسان بن شهاب رأس بني عدي في زمانه، وفي منزله احتلفت الرباب، ولي العراقين ليزيد بن عبد الملك ست سنين وكان يكنى أبا المثنى، وفيه يقول الفرزدق ليزيد:

أوليت العراق ورافـديه

 

فزارياً أحذيد القمـيص

تفتق بالعراق أبو المثنى

 

وعلم قومه أكل الخبيص

رافده دجلة والفرات، وقله: أحذيد القميص يريد أنه خفيف اليد نسبه إلى الخيانة، وكانت حبابة جارية يزيد بن عبد الملك سبيه في ولاية العراقين، وكانت تدعوه أبي ومات بالشام فولد عمر يزيد بن عمر وسفيان وعبد الواحد.

فأما يزيد فولى العراقين لمروان بن محمد خمس سنين، وكان شريفاً يقسم على زواره في كل شهر خمسمائة ألف ويعشي كل ليلة من شهر رمضان ثم يقضي للناس عشر حوائج لا يجلسون بها، وكان جميل المرآة عظيم الخطر وأمه سندية، فولد يزيد المثنى ومخلداً.

فأما المثنى فولي اليمامة لأبيه وقتله أبو حماد المروزي بالبادية.

وأما مخلد فكان شريف الولد، ولهم بالشام قدر وعدد، وكان ليزيد ابن يقال له داود وقتل مع يزيد أبيه، وكان أبو جعفر المنصور حصر يزيد بواسط شهوراً ثم أمنه وافتتح البلد صلحاً، وركب يزيد إليه في أهل بيته فكان يقول أبو جعفر: لا يعز ملك هذا فيه، ثم قتله.

نصر بن سيار

هو نصر بن سيار بن رافع من بني جندع بن ليث بن كنانة وهم راهط عبيد بن عمير بن قتادة الليثي، وكان سيار بن رافع مع مصعب بن الزبير فسرق عيبة، فقطع عبد الرحمن بن سمرة يده، فكان يقال له: الأقطع، وكان ابنه نصر يكنى أبا الليث ولاه هشام بن عبد الملك خراسان فلم يزل والياً عليها عشر سنين حتى وقعت الفتنة فخرج يريد العراق فمات في الطريق بناحية ساوه، وله عقب ذو عدد.

مرداس وعروة ابنا أدية

هما مرداس وعروة ابنا عمر بن جدير من ربيعة بن حنظلة، وأدية جدة لهما من محارب نسبا إليها، ويقال: بل كانت ظئراً لهما، وكان مرداس أبا بلال وهو رأس كل حروري، وكان عبيد الله بن زياد وجه إليه عباد بن علقمة المازني فقتله بتوج فقال عمران بن حطان الخارجي يذكره:

أنكرت بعدك من قد كنت أعرفه

 

ما الناس بعدك يا مرداس بالناس

وأما عروة فهو أول من حكم بصفين، وأخذه عبيد الله بن زياد فقتله في مقبرة بن حصن بالبصرة، ولا عقب لمرداس إنما العقب لعروة.

شبيب الخارجي

هو شبيب بن يزيد بن نعيم من شيبان ويكنى أبا الصحارى، وكان مع صالح بن مسرح رأس الصفرية فمات بالموصل فأوصى إلى شبيب وقبر صالح هنالك لا يخرج أحد منهم إلا حلق رأسه عند قبره، فخرج شبيب بالموصل وبعث إليه الحجاج خمسة قواد فقتلهم واحداً بعد واحد منهم: موسى بن طلحة بن عبيد الله وخرج من الموصل يريد الكوفة، وخرج الحجاج من البصرة يريد الكوفة، وطمع شبيب أن يلقاه قبل أن يصل إلى الكوفة فأقحم الحجاج، خيله الكوفة فدخل قبله، ومر شبيب بعتاب بن ورقاء فقتله شبيب، ومر بعبد الرحمن بن محمد بن الأشعث فهرب منه وقدم الكوفة فلم يصل إلى الحجاج، ثم خرج يريد الأهواز فغرق في دجيل وهو يقول ذلك تقدير العزيز العليم. وغزالة التي طلبت الحجاج هي امرأته وهو منهزم، قال الشاعر في الحجاج:

أسد عليّ وفي الحروب نـعـامة

 

فتخاء تنفر من صفير الصـافـر

هلا كررت على غزالة في الوغى

 

بل كان قلبك في جناحـيطـائر

قال أبو محمد: حدثني سهل بن محمد، قال: حدثنا الأصمعي، قال: حدثني العباس بن محمد الهاشمي، قال: حدثني من رأى شبيباً دخل مسجد وعليه جبة طيالسية عليها نقط من أثر مطر وهو طويل أشمط جعد آدم فجعل يرتج له.

قطري بن الفجاءة الخارجي

هو من كابية بن حرقوص بن مازن بن مالك بن عمرو بن تميم، وكان يكنى أبا نعامة، وخرج زمن مصعب بن الزبير فبقي عشرين سنة يقاتل ويسلم عليه بالخلافة، فوجه إليه الحجاج جيشاً بعد جيش وكان آخرهم سفيان بن الأبرد الكلبي فقتله، وكان المتولي لذلك سورة بن أبجر الدارمي، ولا عقب لقطري.

الضحاك بن قيس الفهري

هو الضحاك بن قيس بن ثعلبة بن محارب بن فهر، استعمله معاوية على الكوفة بعد زياد ثم صار بعد ذلك مع عبد الله بن الزبي، فقاتل مروان بن الحكم يوم المرج وهو على قيس كلها فقتله مروان، فهو يوم مرج راهط، وكان ابنة عبد الرحمن بن الضحاك عاملاً ليزيد بن عبد الملك على المدينة.

الضحاك بن سفيان الكلابي

وهذا آخر وهو رجل من بني أربي بكر بن كلاب، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمله على بني سليم.

الضحاك بن قيس الخارجي

الشيباني

وهو آخر من كان خرج من ناحية الجزيرة في جمع من الخوارج حتى أتى الكوفة وبها عبد الله بن عمر بن عبد العزيز عاملاً عليها، فحاربه عنها فهزمه الضحاك وظفر بالكوفة ثم سار إلى مروان بن محمد وأقبل مروان إليه فالتقيا بكفر توفا سنة ثمان وعشرين ومائة في صفر، فقتل الضحاك وخلف مكانه الخيبري فاقتتلوا، فهزم مروان، ثم رجع مروان وولي الخوارج شيبان فرجع بأصحابه إلى الموصل واتبعه مروان فقاتله شهراً ثم انهزم شيبان ووجه مروان في طلبه عامر بن ضبارة المري.

المسيب بن زهير الضبي

هو من ولد ضرار بن عمرو، وبنو ضرار من سادة ضبة، وكان على شرط أبي جعفر، وولاه المهدي خراسان وولي شرطة موسى، وابنه عبد الله بن المسيب ولي مصر وفارس والجزيرة، ومحمد بن المسيب ولي شرطة محمد الأمين، والعباس بن المسيب ولي شرطة المأمون، وزهير بن المسيب ولي كرمان لهارون، وكان للمسيب بن زهير أخ يقال له عمرو بن زهير ولي لأبي جعفر الكوفة.

يزيد بن مزيد الشيباني

هو يزيد بن مزيد بن زائدة بن عبد الله بن زائدة بن مطر بن شريك بن عمرو الشيباني، وكان زائدة أعرج والحوفزان بن شريك أعرج، ومعن بن زائدة هو عم يزيد بن مزيد، وكان معن أجود العرب، وكان يقال: حدث عن معن ولا حرج، وكان مزيد يكنى أبا داود وقال فيه أخوه معن بن زائدة:

لا تسألن أبـا داود خـلـعـتـه

 

عول على مزيد في الخبز واللبن

وبالنبيذ إذا ما بحـتـه عـزرت

 

فإنه بقرى الأضيافمرتـهـن

وكان سخياً على الطعام بخيلاً بغيره، وكان معن يكنى أبا الوليد ويزيد هو قتل خراشة الخارجي والوليد بن طريف الشاري وولي أرمينية وابنه محمد بن يزيد بعده، وهو ابن عشرين سنة، وشبيب الخارجي من رهطه.

عباد بن حصين الحنظلي

كان يكنى أبا جهضم وكان فارس بني تميم وولي شرطة البصرة أيام ابن الزبير، وكان مع مصعب أيام قتل المختار، وكان مع عمر بن عبد الله بن معمر على بني تميم أيام أبي فديك وأبلى يومئذ ما لم يبله أحد، وشهد فتح كابل مع عبد الله بن عامر فقال الحسن: ما كنت أرى أن أحداً يعدل بألف فارس حتى رأيت عباداً، وأدرك فتنة ابن الأشعث وهو شيخ مفلوج، فأشار عليه بأشياء، فخاف الحجاج فهرب نحو كابل فقتله العدو هناك، وكان ابنه جهضم مع ابن الأشعث فقتله الحجاج وابن ابنه المسور بن عمر بن عباد سيد بني تميم في زمانه ورأسهم في فتنة ابن سهيل، وفيه يقول الراجز:

أنت لها يا مسور بن عـبـاد

 

إذا انتضين من جفون الأغماد

عتاب بن ورقاء الرياحي

كان يكنى أبا ورقاء، وكان من أجود العرب وكان الفرخان صاحب الري كفر فوجه إليه عتاب فقتله وفتح الري وولي أصبهان في فتنة ابن الزبير، ووجهه الحجاج على جيش أهل الكوفة في قتال الأزارقة، ووجهه المهلب على جيش أهل البصرة في قتالهم وولي المدائن وناحيتها وبيته شبيب، فتفرق عنه جيشه فقتل وكان ابنه خالد جواداً مر به طلحة الطلحات مقبلاً من سجستان وهو على الري، فأهدى إليه واستهداه شهداً فحمل إليه سبعمائة ألف درهم وكتب إليه: قد بعثت إليك ثمن الشهد، والشهد لم يكن في بيت المال أكثر منه. وكتب الحجاج: إنك هربت من أبيك ليلة شبيب فكتب إليه: قد علم من رأى أني لم أهرب، ولكنك وأباك هربتما يوم الربذة من الحتيف بن السجف وأنتما على بعير بقتب، فلله أبوك أيكما كان ردف صاحبه، ثم أتى عبد الملك بن مروان خوفاً من الحجاج فلم يزل مقيماً عنده حتى مات.

وكيع بن حسان بن قيس بن سود

وكان يكنى أبا مطرف، وكان سيد بن تميم وافترض مع سلم بن زياد فجعل مكتبه بسجستان، وولي عبد العزيز بن عبد الله بن عامر بن سجستان فغضب على وكيع في شيء فأخذه فحبسه، فمر بوكيع ابن لعبد العزيز مع ظئر له، فدعا به فأخذه ودعا بسكين فقال: والله لأذبحنه أو لتخلين عني فبلغ ذلك عبد العزيز فأتاه، فقال: خل عنه ونؤمنك. فقال: لا، والله حتى يجيء عشرة من بني تميم فتضمن لهم ثم يكونون هم الذين يطلقون عني. ففعل ذلك، ثم تحول وكيع إلى خراسان فكان رأساً، فكتب الحجاج إلى قتيبة يأمره بقتله، وكان وكيع قد أبلى بلاءً حسناً مع قتيبة في مغازيه ويوم الترك خاصة، فعزل قتيبة وكيعاً عن الرياسة، فلما ملك الوليد وخلع قتيبة وسار بالناس نحو فرغانة اجتمع الناس على خلعه وبايعوا وكيعاً، فقتل قتيبة وأخذ رأسه فبعث به إلى سليمان ومكث وكيع بخراسان غالباً عليها تسعة أشهر ولي يزيد بن المهلب خراسان.

الحتيف بن السجف

بن سعد بن عوف بن زهير بن مالك

كان يكنى أبا عبد الله وكان ديناً شريفاً وله منزلة من عبيد الله بن زياد، ولما وقعت فتنة ابن الزبير سار جيش دلجة القيني من قضاعة إلى المدينة يريد قتال ابن الزبير فعقد الحرث بن عبد الله المخزومي وهو أمير البصرة للحتيف لواء، فسار في سبعمائة وخرج إليه جيش من المدينة فلقيهم بالربذة فقتل الحتيف جيشاً، وعبيد الله بن الحكم أخا مروان بن الحكم، وانهزم الحجاج بن يوسف وأبوه يومئذ، ثم سار الحتيف نحو الشام حتى إذا كان بوادي القرى سمّ بطعامه فمات هناك رئيساً.

هريم بن أبي طحمة التيمي

واسم أبي طحمة: حارثة بن عدي، وكان هريم شجاعاً كيساً، وكان مع المهلب في قتال الأزارقة، ومع عدي بن أرطأة في قتال يزيد بن المهلب، ولما كان يوم سورا أخذ اللواء ثم أقحم في خمسة فوارس فانهزم زيد بن المهلب، ثم كبر هريم فحول اسمه في أعوانالديوان لترفع عنه الغزو، فقيل له: إنك لا تحسن أن تكتب فقال: إن لا أكتب فإني أمحو الصحف، وكان ابنه الترجمان على الأهواز وعلى بني حنظلة في فتنة ابن سهل.

خازم بن خزيمة النهشلي

هو من صخر بن نهشل، وكان لأم ولد ويكنى أبا خزيمة وولي خراسان وقتل العنزية، وولي عمان ومات ببغداد فعزى عنه أبو جعفر وابنه خزيمة بن خازم ويكنى أبا العباس، وولي الولايات، وابنه إبراهيم بن خازم قتله الوليد بن طريف الشاري.

عامر بن ضبارة

 هو من بني مرة، وكان سيداً شريفاً، وبعثه يزيد بن عمر بن هبيرة إلى فارس ليقاتل عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر، فهزم عبد الله بن معاوية ولم يزل مع مروان على جيوشه ومن عدده.

نباتة بن حنظلة

هم من بني أبي بكر بن كلاب، وكان فارس أهل الشام وكان على المنجنيق يوم الكعبة وولي جرجان والري لمروان، فقتله قحطبة بها وقتل معه ابنه حية بن نباتة، وكان يقال له ابن يقال له محمد قتله يزيد بن عمر بن هبيرة صبراً.

إسحاق بن مسلم

بن ربيعة العقيلي

كان أثيراً عند أبي جعفر جليلاً وعظيم القدر أيام مروان، سالم فسالمت العرب، وحارب فحاربت، وولي أرمينية وإخوته: بكار وعبد العزيز والحرث وعبد الله أشراف سادة، وأعقابهم بالجزيرة.

عبد الله بن خازم السلمي

يكنى أبا صالح وأمه سوداء يقال لها عجلى، وكان أشجع الناس وولي خراسان عشر سنين وافتتح الطبسين ثم ثار به أهل خراسان فقاتلوه، فقتله وكيع ابن الدورقية.

مالك بن مسمع

هو مالك بن مسمع بن سيار من بكر بن وائل من ولد جحدر الذي فدى شعره يوم تحلاق اللمم باكرة فارس يطلع وكان مسمع أبو مالك أتى النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ارتد بعد النبي صلى الله عليه وسلم وقتل بالبحرين ويكنى أبا سيارة وهو أبو المسامعة، وكان مالك ابنه أنبه الناس، وقال رجل لعبد الملك: لو غضب مالك لغضب معه مائة ألف لا يسألونه فيم غضب. فقال عبد الملك: وهذا وأبيك السودد ولم يل شيئاً قط، وهلك في أول خلافة عبد الملك بن مروان بالبصرة وعقبه كثير وعقب إخوته.

طلحة الطلحات

هو طلحة بن عبد الله بن خلف من خزاعة، وكان أبوه عبد الله كاتباً لعمر بن الخطاب رضي الله عنه على ديوان الكوفة والبصرة، وكان طلحة على سجستان ومات بها، وحميد الطويل الذي يروي عن أنس مولاه وزريق جد طاهر بن الحسين ذي اليمينين مولى عبد الله بن خلف، والد طلحة.

أبو فديك الخارجي

هو عبد الله بن ثور بن سلمة من بني سعد بن قيس من بكر بن وائل.

أبو العاج السلمي

هو كثير بن عبد الله وقيل له أبو العاج لثناياه، وكان عامل يوسف بن عمر على البصرة.

أبو مسلم صاحب الدعوة

ذكروا أن مولده سنة مائة واختلفوا في نسبه اختلافاً كثيراً، فقال بعضهم: هو من أصبهان، وقال بعضهم: من خراسان، وقيل: من العرب، وادعى هو أنه من سليط بن علي بن عبد الله بن عباس ونسبه أبو دلامة إلى الأكراد، فقال:

أبا مجرم ما غير الله نـعـمة

 

على عبده حتى يغيرها العبـد

أفي دولة المهدي حاولت غدره

 

ألا إن أهل الغدر آباؤك الكرد

أبا مجرم خوفتني القتل فانتحى

 

عليك بما خوفتني الأسدالورد

وكان منشؤه عند إدريس بن عيسى جد أبي دلف النازل في حد أصبهان. وقتله أبو جعفر برومية المدائن سنة سبع وثلاثين ومائة.