من كتاب للهند
في صحبة السلطان ولزوم بابه
وقرأت في كتاب للهند: "صحبة السلطان على ما فيهم من العز والثروة عظيمة
الخطار، وإنما تشبّه بالجبل الوعر فيه الثمار الطيبة والسباع العادية،
فالارتقاء إليه شديد والمقام فيه أشدّ، وليس يتكافأ خير السلطان وشره لأنّ
خير السلطان لا يعدو مزيد الحال، وشر السلطان قد يزيل الحال ويتلف النفوس
التي لها طلب المزيد، ولا خير في الشيء الذي سلامته مال وجاه وفي نكبته
الجائحة والتلف".
وقرأت فيه: "من لزم باب السلطان بصبر جميل وكظم للغيظ واطّرح للأنفة، وصل
إلى حاجته".
وقرأت فيه: "السلطان لا يتوخى بكرامته الأفضل فالأفضل ولكن الأدنى فالأدنى كالكرم لا يتعلق بأكرم الشجر ولكن بأدناهم منه".
كلام العرب
وكانت العرب تقول: "إذا لم تكن من قربان الأمير فكن من بعدانه".
لابن المقفع في صحبة السلطان
وقرأت في آداب ابن المقفع: "لا تكوننّ صحبتك للسلطان إلا بعد رياضة منك لنفسك عن طاعتهم في المكروه عندك وموافقتهم فيما خالفك وتقدير الأمور على أهوائهم دون هواك، فإن كنت حافظاً إذا ولّوك، حذراً إذا قرّبوك، أميناً إذا ائتمنوك، تعلمهم وكأنك تتعلم منهم، وتؤدبهم وكأنك تتأدب بهم، وتشكر لهم ولا تكلفهم الشكر، ذليلاً إن صرموك، راضياً إن أسخطوك، وإلا فالبعد منهم كلّ البعد والحذر منهم كلّ الحذر. وإن وجدت عن السلطان وصحبته غنًى فاستغن به فإنه من يخدم السلطان بحقّه يحل بينه وبين لذة الدنيا وعمل الآخرة، ومن يخدمه بغير حقه يحتمل الفضيحة في الدنيا والوزر في الآخرة".
وقال: "إذا صبحت السلطان فعليك بطول الملازمة في غير طول المعاتبة، وإذا نزلت منه منزلة الثقة فاعزل عنه كلام الملق ولا تكنثرن له في الدعاء إلا أن تكنلمه على رؤوس الناس ولا يكوننّ طلبك ما عنده بالمسألة ولا تستبطئنّه إن أبطأ. اطلبه بالاستحقاق ولا تخبرنه أن لك عليه حقاً وأنك تعتدّ عليه ببلاء. وإن استطعت ألا ينسى حقّك وبلاءك بتجديد النصح والاجتهم فافعل. ولا تعطينه المجهود كله في أوّل صحبتك له فلا تجد موضعاً للمزيد ولكن دع للمزيد موضعاً. وإذا سأل غيرك فلا تكن المجيب. واعلم أن استلابك للكلام خفةٌ بك واستخفاف منك بالسائل والمسؤول، فما أنت قائل إن قال لك السائل: ما إياك سألت، وقال لك المسؤول: اجب أيهم المعجب بنفسه المستخفّ بسلطانه وقال: "مثل صاحب السلطان مثل راكب الأسد يهم به الناس وهو لمركبه أهيب".
نصيحة عبد الملك بن صالح المؤدب ولده
وقال عبد الملك بن صالح لمؤدّب ولده بعد أن اختصه لمجالسته وحادثته: "كن على التماس الحظ بالسكوت أحرص منك على التماسه بالكلام فإنهم قالوا: إذا أعجبك الكلام فاصمت وإذا اعجبك الصمت فتكنلم. يا عبد الرحمن لا تساعدني على ما يقبح بي ولا تردّنّ عليّ الخطأ في مجلسي، ولا تكلّفني جواب التشميت والتّهنئة ولا جواب السؤال والتعزية، ودع عنك كيف أصبح الأمير وأمسى. وكلّمني بقدر ما استنطقتك واجعل بدل التقريظ لي حسن الاستماع مني، واعلم أن صواب الاستماع أقل من صواب القول، وإذا سمعتني أتحدّث فأرني فهمك في طرفك وتوقّفك ولا تجهد نفسك في تطرية صوابي، ولا تستدع الزيادة من كلامي بما تظهر من استحسان ما يكون مني، فمن أسوأ حالاً ممن يستكدّ الملوك بالباطل فيدلّ على تهاونه، وما ظنك بالملك وقد أحلّك محلّ المعجب بما تسمع منه وقد أحللته محل من لا يسمع منه وأقل من هذا يحبط إحسانك ويسقط حقّ حرمةٍ إن كانت لك. إني جعلتك مؤدّباً بعد أن كنت معلّماً وجعلتك جليساً مقرّباً بعد أن كنت مع الصبيان مباعداً ومتى لم تعرف نقصان ما خرجت منه لم تعرف رجحان ما دخلت فيه، ومن لم يعرف سوء ما يولّى لم يعرف حسن ما يبلى".
بين أبي مسلم الخراساني والسفاح
دخل أبو مسلم على أبي العباس وعنده أبو جعفر فسلّم على أبي العباس فقال له: يا أبا مسلم، هذا أبو جعفر! فقال: يا أمير المؤمنين، هذا موضع لا يقضى فيه إلا حقك.
للفضل بن الربيع في مسألة الملوك
قال الفضل بن الربيع: "مسألة الملوك عن أحوالهم من تحيات النّوكى، فإذا أردت أن تقول: كيف أصبح الأمير، فقل: صبّح اللّه الأمير بالكرامة. وإذا أردت أن تقول: كيف يجد الأمير نفسه، فقل: أنزل اللّه على الأمير الشفاء والرحمة، فإن المسألة توجب الجواب، فإن لم يجبك اشتدّ عليك وإن اجابك اشتدّ عليه".
لابن المقفع في ما يجب سلوكه مع السلطان
وقرأت في آداب ابن المقفع: "جانب المسخوط عليه والظّنين عند السلطان ولا يجمعنك وإياه مجلس ولا منزل ولا تظهران له عذراً ولا تثن عليه عند أحد، فإذا رأيته قد بلغ في الانتقام ما ترجو أن يلين بعده فاعمل في رضاه عنك برفق وتلطّف، ولا تسارّ في مجلس السلطان أحداً، ولا تومىء إليه بجفنك وعينك فإن السّرار يخيّل إلى كل من رآه من ذي سلطان وغيره أنه المراد به، وإذا كلّمك فاصغ إلى كلامه ولا تشغل طرفك عنه بنظر ولا قلبك بحديث نفس".