الكتاب الثاني: كتاب الحرب - باب في الخيل

باب في الخيل

للنبي في فضل الخيل

حدّثني محمد بن عيينة عن شبيب بن غرقدة "عن عروة" البارقي قال: سمعت النبي يقول: "الخيل معقود في نواصيهم الخير إلى يوم القيامة".

بين النبي ورجل أراد شراء فرس

حدّثني يزيد بن عمرو قال: حدّثني أسهل بن حاتم قال: حدّثني موسى بن عليّ بن رباح اللّخمي عن أبيه قال: جاء رجل إلى النبي فقال: إني أريد أن أعدّ فرساً. قال رسول اللّه: "فاشتره إذاً أدهم أو كميتاً أقرح أرثم أو محجلا مطلق اليمين".

وفي حديث آخر "فإنهم ميامن الخيل ثم آغز تسلم وتغنم إن شاء اللّه".

للنبي في فضل الخيل، وما كان يستحبه ويكرهه منهم

حدّثني سهل بن محمد قال: أخبرني أبو عبيد ة أن النبي قال: "عليكم بإناث الخيل فإن ظهورهم حرز وبطونهم كنز".


قال: وكان النبي يستحب من الدواب الشّقر ويقول: "لو جمعت خيل العرب كلهم في صعيد واحد ما سبقهم إلا أشقر".

وسأل رجل رسول اللّه: أيّ المال خير قال: "سكة مأبورة" يعني النخل " ومهرة مأمورة " يريد كثيرة النتاج.

قال: وكان يكره الشّكال في الخيل.

قول لأبي ذر

"قال أبو ذرّ: ما من ليلة إلا والفرس يدعو فيهم ربه ويقول: اللهم سخرتني لابن آدم وجعلت رزقي بيده فاجعلني أحبّ إليه من أهله وماله، اللهم ارزقه وارزقني على يديه".

لمطر بن دراج وقد سأله المهدي عن أفضل الخيل

سأل المهدي مطر بن درّاج: أيّ الخيل أفضل قال: الذي إذا استقبلته قلت نافر، وإذا استعرضته قلت زافر، وإذا استدبرته قلت زاجر. قال: فأيّ البراذين شر قال: الغليظ الرقبة الكثير الجلبة الذي إذا أرسلته قال أمسكني وإذا أمسكته قال أرسلني. قال: فأيّ البراذين خير قال: ما طرفه إمامه وسوطه عنانه.

لرجل يصف برذوناً

"وصف رجل برذوناً فقال: إن تركته نعس وإن حركته طار".

لابن أقيصر في أفضل الخيل

وقال ابن أقيصر: خير الخيل الذي إذا استقبلته أقعى وإذا استدبرته جبىّ وإذا استعرضته استوى وإذا مشى ردى وإذا عدا دحا.

بين مسلابن عمرو وابن عم له أرسله ليشتري له خيلاً

محمد بن سلاّم قال: أرسل مسلابن عمرو ابن عمّ له إلى الشأم ومصر يشتري له خيلاً فقال: لاعلم لي بالخيل. قال: ألست صاحب قنص قال: بلى. قال": فانظر، كلّ شيء تستحسنه في الكلب فاطلبه في الفرس. فقدم بخيل لم يك في العرب مثلهم. وقالوا: سمّيت خيلاً لاختيالهم .

لأعرابي يصف فرساً

وذكر أعرابي فرساً وسرعته فقال: لما خرجت الخيل جارى بشيطان في أشطان فلما أرسلت لمع لمعة سحاب فكان أقربهم إليه الذي تقع عينه عليه.

لرجل من بني أسد في الكريم والمقرف من الخيل

وسئل رجل من بني أسد: أتعرف الفرس الكريم قال: أعرف الجواد المبرّ من المبطيء المقرف. أما الجواد المبر فالذي لهز لهز العير وأنّف تأنيف السّير، الذي إذا عدا آسلهبّ وإذا قيّد آجعلب وإذا انتصب آتلاب. وأما المبطيء المقرف فالمدلوك الحجبة الضخم الأرنبة الغليظ الرقبة "الكثير الجلبة الذي إن أرسلته قال: أمسكني وإن أمسكته قال: أرسلني.

وأنشد الرياشيّ:

كمهر سوء إذا سكّنت شرته

 

رام الجماح فإن رفّعته سكنا

بين عمر بن الخطاب

وسلمان بن ربيعة الباهلي في معرفة عراب الخيل

حدّثني عبد الرحمن بن عبد اللّه قال: حدّثني الأصمعيّ عن أبي عمرو بن العلاء أن عمر ابن الخطاب شك في العتاق والهجن، فدعا سلمان بن ربيعة الباهلي فأخبره، فأمر سلمان بطست فيه ماء فوضع في الأرض ثم قدّمت الخيل إليه فرساً فرساً فما ثنى منهم سنبكه فشرب هجّنه، وما شرب ولم يثن سنبكه عرّبه. وذلك لأن في أعناق الهجن قصراً فهي لا تنال الماء على تلك الحال حتى تثني سنلبكهم ، وأعناق العتاق طوال.

لكسرى في أفراسه

وحدّثني أبو حاتم قال: حدّثنا الأصمعيّ قال: ذكروا أن كسرى كان إذا أتاه سائسه فقال: الفرس يشتكني حافره، قال: المطبخ. وإذا قال: يشتكني ظهره، قال: البيطار.

شعر النضر بن سلمة يصف الفرس

وأنشدني أبو حاتم لأبي ميمون العجليّ وهو النضر بن سلمة في شعر طويل له يصف الفرس، وقال: قرأته على أبي عبيد ة وعلى الأصمعيّ:

الخيل منّي أهل ما أن يدنـين

وأن يقرّبن وأن لا يقـصـين

 

وأن يبـأبـأن وأن يفـــدّين

وأن يكون المحض مما يسقين

 

وأهل أن يعلـيّن أو يغـالـين

بالطّرف والتّلد وأن لا يجفين

 

وأهل ما صحبننا أن يقـفـين

وأهل ما أعقبننا أن يجـزين

 

أليس عزّ الناس فـيمـا أبـلـين

والحسب الزاكي إذا ما يقـنـين

والأجر والـزّين إذا ريم الـزّين

كم من كريم جدّه قـد أعـلـيّن

وكم طريدٍ خائفٍ قـد أنـجـين

ومن فقير عـائل قـد أغـنـين

وكم برأس في لـبـان أجـرين

وجسدٍ لـلـعـافـيات أعـرين

وأهل حصنٍ ذي امتـنـاع أرذين

وكم لهم في الغنم من ذي سهمين

يكون فيما اقتسموا كالرّجـلـين

وكم وكم أنكحن من ذي طمرين

بغير مـهـر عـاجـل ولا دين

والخيل والخيرات في قـرينـين

لاتشتكنين عـمـلاً مـا أنـقـين

ما دام مخٌّ في سلامى أو عـين

ما بلّل الصوفة ماء البحرين

شعر في وصف الفرس

وأنشدني أبو حاتم عن أبي عبيد ة، قال: وقال لي أبو عبيد ة: لا أعرف قائل هذا الشعر وعروضه لا يخرّج. قال أبو حاتم: أحسبه لعبد الغفار الخزاعي:

ذاك وقد أذعـر الـوحـوشـا

 

بصلت الخدّ رحبٍ لبانه مجفـر

طويل خمسٍ قـصـير أربـعة

 

عريض ست مقلّصٌ حـشـور

حدّت له تسـعةٌ وقـد عـريت

 

تسع ففيه لمن رأى مـنـظـر

ثم له تـسـعة كـسـين وقـد

 

أرحب منه اللّبان والمـنـخـر

بعيد عشر وقـد قـربـن لـه

 

عشر وخمس طالت ولم تقصر

نقفيه بالمحض دون ولـدتـنـا

 

وعـضّـه فـي آريّه ينـثـر

نصبحه تـلـرة ونـغـبـقـه

 

ألـبـان كـومٍ روائم أظـؤر

حتى شـتـا بـادنـاً يقـال ألا

 

يطوون من بدنه وقد أضـمـر

موثّق الخلق جـرشـعٌ عـتـد

 

منضرج الحضر حين يستحضر

حاظي الحماتين لـحـمـه زيمٌ

 

نهدٌ شديد الصّفـاق والأبـهـر

رقيق خمـس غـلـيظ أربـعة

 

نائي المعدّين لـيّن الأشـعـر

وقد فسرت هذا الشعر في كتابي المؤلف في أبيات المعاني في خلق الفرس.

لبعض الضبيين في وصف فرس

أنشدنا أبو سعيد لبعض الضّبّيين في وصف فرس:

متقاذف عبل الشّوى شنج النّسا

 

سبّاق أندية الجياد عمـيثـل

وإذا تعلّل بالسّياط جـيادهـم

 

أعطاك نائله ولم يتـعـلّـل

شعر لعمرو بن العاص بعد انتهم ء وقعة صفين

قيل لما وضعت حرب صفّين أوزارهم قال عمرو بن العاص:

شبّت الحرب فأعددت لهـم

 

مفرع الحارك مرويّ الثّبج

جرشعاً أعظمه جفـرتـه

 

فإذا ابتلّ من الماء حـرج

يصل الشّـد بـشـدٍّ فـإذا

 

ونت الخيل من الشدّ معج

من كتاب للروم في علامات فراهة المهر

ووجدت في كتاب من كتب الروم أن من علامة فراهة المهر الحولي صغر رأسه وشدّة سواد عينيه، وأن يكون محدّد الأذنين أجرد باطنهم كثيف العرف، في عرفه ميل من قبل يمين راكبه. عريض الصدر مرتفع الهم دي معتدل العضدين مكتنز الجنبين طويل الذنب عريض الكفل مستدير الحوافر صحيح باطنهم. ومن علامة فراهة المهر ألا يكون نفوراً "ولا يقف عند دابة إلا مع أمّه" وإذا دفع إلى عين أو نهر ماء لم يقف لتجاوزه دابة فيسير بسيرهم ولكنه يقطع ذلك النهر والعين.

مما يسلّم اللّه به الخيل من العين

قالوا: ومما يسلم اللّه به الخيل من العين وأشباه ذلك أن يجعل في أعناقهم خرزة من قرون الأيايل.

ومثله في رقية الفرس من العين

حدّثني محمد بن عبيد عن معاوية عن أبي إسحاق عن سفيان عن حصين بن عبد الرحمن عن هلال بن إساف وعن سحيم بن نوفل قالا: كنا جلوساً عند عبد اللّه بن مسعود ونحن نعرض المصاحف، فجاءت جارية إلى سيّدهم فقالت: ما يجلسك قم فابتغ لنا راقياً فإن فلاناُ لقع مهرك بعينه فتركته يدور كأنه فلك. فقال عبد اللّه: لا تبتغ راقياً ولكن أذهب فآنفث في منخره الأيمن أربعاً وفي الأيسر ثلاثاً، ثم قل: بسم اللّه لا باس لاباس أذهب الباس رب النّاس وآشف أنت الشافي لا يكشف الضراء إلا أنت. قال: فما قمنا حتى جاء الرجل فقال: قد فعلت الذي أمرتني به فبال وراث وأكل.

في مداواة الفرس من بعض العلل

حدّثني أبو حاتم عن أبي عبيد ة أنه قال: إذا كان الفرس صلودا لا يعرق سقيته ماء قد دفت فيه خميرة أو علفته ضغثا من هندباء فإن ذلك يكثر عرقه، فإن حمر أدخلته الحمّام وأشمه عذرةً. فقلت لأبي عبيد ة: ما يدريك أن هذا كذا فقال: خبرني به جلّ الهنديّ وكان بصيراً. قال: فإن أصابته مغلةٌ وهي وجع البطن من أكل التراب أخذ له شيء من بورقٍ فدقّ ونخل فجعل في ربع دورق من خمر فحقن به وبلّ تراب طيّب ببول أتان حتى يصير طيناً ثم لطخ به بطن الدابة.

قال: ومما يذهب العرن دماغ الأرنب.

للهيثم بن مطهّر على باب الخيزران

وقف الهيثم بن مطهّر على باب الخيزران على ظهر دابته، فبعث إليه الكاتب في دارهم: آنزل عن ظهر دابتكن فقد جاء في الأثر: لا تجعلوا ظهور دوابّكم مجالس. فبعث إليه: إني رجل أعرج وإن خرج صاحبي خفت ألاّ أدركه. فبعث إليه: إن لم تنزل أنزلناك. قال: هو حبيس إن أنزلتني عنه إن أقضمته شهراً فانظر أيّما خير له، راحةٌ ساعة أو جوع شهر فقال: هذا شيطان، آتركوه.