الكتاب الرابع: كتاب الطبائع - تشابه الناس في الطبائع وذمهم

تشابه الناس في الطبائع وذمهم

لعمر بن الخطاب رضي الله عنه في تشابه الناس بآبائهم حدّثني محمد بن عبيد قال: حدّثنا يحيى بن هاشم الغساني عن إسماعيل بن أبي خالد عن مصعب بن سعد قال: قال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه: الناس بأزمانهم أشبه منهم بآبائهم.

ولأبي الدرداء قال: وحدّثني حسين بن الحسن المروزي قال: حدّثنا عبد اللّه بن المبارك عن سفيان قال: قال أبو الدرداء: وجدت الناس أخبر تقله.

عمر بن الخطاب وقد مر بقوم يتبعون رجلاً متهماً قال: حدّثني محمد بن عبيد قال: حدّثنا شريح بن النعمان عن المعافى بن عمر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مر بقوم يتبعون رجلاً قد أخذ في ريبةٍ فقال: لا مرحباً بهذه الوجوه التي لا ترى إلا في الشر.

للنبي صلى الله عليه وسلم في طبائع الناس وأخلاقهم قال: وحدّثني محمد بن داود قال: حدّثنا الصلت بن مسعود قال: حدّثنا عصام بن عليّ عن الأعمش عن أبى إسحاق عن عبيد ة أن الوليد السوائي قال: لغط قومٌ عند رسول صلى الله عليه وسلم، فقيل: يا رسول الله لو نهيتهم! فقال: "لو نهيتهم أن يأتوا الحجون لأتاه بعضهم ولو لم تكن له حاجةٌ".

لمطرف وغيره في اختلاف الناس قال: وحدّثنا عن عفان عن مهدي بن ميمون عن غيلان بن جرير قال: قال مطرف: هم الناس وهم النسناس وناسٌ غمسوا في ماء الناس.

قال يونس بن عبيد: لو أمرنا بالجزع لصبرنا.

وكان يقال: لو نهي الناس عن فت البعر لفتوه، وقالوا: ما نهينا عنه إلا وفيه شيءٌ.

لشاعر في بني جوين وقال الشاعر:

ولما أن أتيت بنـي جـوينٍ

 

جلوساً ليس بينهم جلـيس

يئست من التي أقبلت أبغي

 

لديهم، أنني رجـلٌ يؤوس

إذا مـا قـلـت أيهـم لأي

 

تشابهت المناكب والرؤوس

ويقال: لا يزال الناس بخير ما تباينوا فإذا تساووا هلكوا.

لبعض شعراء في اختلاف الناس وقال آخر:

الناس أسواءٌ وشتى في الشيم

 

وكلهم يجمعهم بـيت الأدم

وقال آخر - يذكر قوماً - :

سواءٌ كأسنان الحمـار ولا تـرى

 

لذي شيبةٍ منهم على ناشيءٍ فضلاً

وقال آخر:

سواسيةٌ كأسنان الحمار

وكان يقال: المرء تواقٌ إلى ما لم ينل والعجم تقول: كل عزٍ دخل تحت القدرة فهو ذليل.

وقالوا: كل مقدورٍ عليه مملولٌ محقورٌ.

وقال الشاعر:

وزاده كلفاً بالحب أن منـعـت

 

أحب شيءٍ إلى الإنسان ما منعا

وقال آخر:

ترى الناس أسواء إذا جلسوا مـعـاً

 

وفي الناس زيف مثل زيفٌ الدراهم

ويقال: الناس سيلٌ وأسراب طيرٍ يتبع بعضهم بعضاً.

 

لطرفة بن العبد وغيره وقال طرفة:

كل خليلٍ كنت خاللتـه

 

لا ترك اللّه له واضحه

كلهم أروغ من ثعلـبٍ

 

ما أشبه الليلة بالبارحه

وقال آخر:

فإنك لا يضرك بعد حـولٍ

 

أظبيٌ كان أمك أم حمـار

فقد لحق الأسافل بالأعالـي

 

وماج اللؤم واختلط النجار

وعاد العبد مثل أبي قبـيسٍ

 

وسيق مع المعلهجة العشار

يقول: سيقت الإبل الحوامل في مهر اللئيمة.

للحسن قال أبو محمد: بلغني عن إسماعيل بن محمد بن جحادة عن أبيه، قال: كنت عند الحسن فقال: أسمع حسيساً ولا أرى أنيساً، صبيانٌ حيارى ما لهم تفاقدوا عقولهم وفراش نار وذبان طمع.

للأصمعي، وابن الجهم وقال أبو حاتم عن الأصمعيّ: لو قسمت في الناس مائة ألف درهم كان أكثر للائمتي من لو أخذتها منهم.

ونحوه قول محمد بن الجهم: منع الجميع أرضى للجميع.

شعر لابن بشير، وغيره وقال ابن بشير:

سوءةً للناس كـلـهـم

 

أنا في هذا من أولهم

لست تدري حين تنسبهم

 

أين أدناهم من أفضلهم

وقال نهار بن توسعة:

عتبت على سلم فلما فقـدتـه

 

وجربت أقواماً بكيت على سلم

وهذا مثل قولهم: ما بكيت من زمان إلا بكيت عليه.

وقال الأحنف بن قيس :

وما مر يومٌ أرتجي فيه راحةً

 

فأخبره إلا بكيت على أمس

وقال آخر: وفسره بأنه قطعة من الجبل طولاً، وقيل الجبل العظيم. وأبو قبيس جبل بمكة، والمراد به الرجل الشريف كما يراد بالفند الرجل الوضيع.

المعلهجة: المرأة اللئيمة الأصل الفاسدة النسب. ورواه سيبويه في كتابه عن خداش بن زهير وصار مع المعلهجة العشار.

ونعتب أحياناً عليه ولو مضـى

 

لكنا على الباقي من الناس أعتبا

وقال آخر:

سبكناه ونحسبـه لـجـينـاً

 

فأبدى الكبر عن خبث الحديد

لأبي الزناد قال: وحدّثني أبو حاتم، قال: حدّثني الأصمعيّ عن ابن أبي الزناد عن أبيه قال: لا يزال في الناس بقيةٌ ما تعجب من العجب.

رجوع المتخلق إلى طبعه

لأعرابي ربى جرو ذئب ورجع إلى طبعه بلغني أن أعرابياً ربى جرو ذئب حتى شب وظن أنه يكون أغنى عنه من الكلب وأقوى على الذب عن الماشية فلما قوي وثب على شاةٍ فقتلها وأكل منها فقال الأعرابي:

أكلت شويهتي وربيت فينا

 

فما أدراك أن أباك ذيب

ويروى: ولدت بقفرةٍ ونشأت عندي

إذا كان الطباع طباع سوءٍ

 

فليس بنافعٍ أدب الأديب

للخريمي في غلبة الطبع وقال الخريمي:

يلام أبو الفضل في جـوده

 

وهل يملك البحر ألا يفيضا

مثله لأبي الأسد، ولكثير وقال أبو الأسد:

ولائمةٍ لامتك يا فيض فـي الـنـدى

 

فقلت لها هل يقدح اللوم في البحـر

أرادت لتثني الفيض عن عادة النـدى

 

ومن ذا الذي يثني السحاب عن القطر

موقع جود الفيض في كل بلـدةٍ

 

مواقع ماء المزن في البلد القفر

 

           

وقال كثير:

ومن يبتدع ما ليس من سوس نفسه

 

يدعه ويغلبه على النفس خيمهـا

لزهير بن أبي سلمى، وغيره وقال زهير:

ومهما تكن عند امرءٍ من خلـيقةٍ

 

وإن خالها تخفى على الناس تعلم

وأنشدني ابن الأعرابي لذي الإصبع العدواني:

كل امرء راجعٌ يوماً لشيمته

 

وإن تخلق أخلاقاً إلى حين

وقال آخر:

ارجع إلى خلقك المعروف ديدنه

 

إن التخلق يأبى دونه الخـلـق

لكثير في التطبع وترك الأهواء وقال كثير في خلاف هذا:

وفي الحلم والإسلام للمرء وازعٌ

 

وفي ترك أهواء الفؤاد المتـيم

بصائر رشدٍ للفتى مسـتـبـينةٌ

 

وأخلاق صد قٍ علمها بالتعلـم

مثله للمتلمس، وللطائي ونحوه للمتلمس:

تجاوز عن الأدنين واستبق ودهم

 

ولن تستطيع الحلم حتى تحلما

وقال الطائي:

لبس الشجاعة إنها كانت لـه

 

قدماً نشوعاً في الصبا ولدودا

بأسا قبيلـيًا وبـأس تـكـرمٍ

 

فينا وبأس قريحةٍ مـولـودا

أبو جعفر الشطرنجي يصف جارية سوداء وقال أبو جعفر الشطرنجي مولى المهدي في سوداء:

أشبهك المسك وأشبهته

 

قائمةً في لونه قاعده

لا شك إذ لونكما واحدٌ

 

أنكما من طينةٍ واحده

لأبي نواس، وللرياشي وقال أبو نواس:

تلقى الندى في غير عرضاً

 

وتراه فيه طبيعةً أصـلا

وإذا قرنت بعاقـلٍ أمـلاً

 

كانت نتيجة قوله فـعـل

وأنشدنا الرياشي:

لا تصحبن امرءًا على حسب

 

إني رأيت الأحساب قد دخلت

مالك مـن أن يقـال إن لـه

 

أباً كريماً في أمةٍ سلـفـت

بل اصحبنه على طـبـائعـه

 

فكل نفسٍ تجري كماطبعـت

للعباس بن مرداس في غلبة الطبع وقال العباس بن مرداس:

إنك لم تك كابن الـشـريد

 

ولكن أبوك أبـو سـالـم

حملت المئين وأثقـالـهـا

 

على أذني قـنـقـذٍ رازم

وأشبهت جدك شر الجـدو

 

د والعرق يسري إلى النائم

مثله لبعض العبديين وقال بعض العبديين:

وما يستوي المرءان هذا ابن حرةٍ

 

وهذا ابن أخرى ظهرها مشترك

وأدركه خالاتـه فـخـذلـنـه

 

ألا إن عرق السوء لا بـد يدرك