الكتاب الرابع: كتاب الطبائع - باب الحمق

باب الحمق

الشعبي لرجل استجهله قال الشعبي لرجل استجهله: ما أحوجك إلى مدرجٍ شديد الفتل جيد الجلاز عظيم الثمرة لدن المهزة يأخذ منك فيما بين عجب الذنب ومغرز العنق فتكثر له رقصاتك من غير جذل. فقال: وما هذا فقال: بعض الأمر. في إثابة كل إنسان على قدر عقله قال: حدّثني القومسي عن محمد بن الصلت الأسدي عن أحمد بن بشير عن الأعمش عن سلمة بن كهيل عن عطاء عن جابر قال: كان في بني إسرائيل رجل له حمارٌ، فقال: يا رب لو كان لك حمارٌ لعلفته مع حماري هذا. فهم به نبيٌ، فأوحى اللّه إليه: إنما أثيب كل إنسان على قدر عقله.

لابن سيرين عن رجل أحمق رأى مناماً حدّثني محمد بن خالد بن خداش عن أبيه عن حماد بن زيد عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين أن رجلاً رأى في المنام أن له غنماً وكأنه يعطى بها ثمانيةً ثمانيةً، ففتح عينه فلم ير شيئاً، فغمض عينه ومد يده وقال: هاتوا أربعةً أربعةً.

بين أحد العباد، وكان أحمق، ورجل مر رجل من العباد وعلى عنقه عصا في طرفيها زبيلان قد كادا يحطمانه، في أحدهما بر وفي الآخر ترابٌ، فقيل له: ما هذا قال: عدلت البر بهذا التراب، لأنه كان قد أمالني في أحد جانبي. فأخذ رجلٌ زبيل التراب فقلبه وجعل البر نصفين في الزبيلين وقال له: احمل الآن؛ فحمله، فلما رآه خفيفاً قال: ما أعقلك من شيخ!

حفر أعرابي لقوم قبراً في أيام الطاعون بدرهمين، فلما أعطوه الدرهمين قال: بأبي دعوهما عندكم حتى يجتمع لي ثمن ثوب.

لأم عمرو بنت جندب كانت أم عمرو بنت جندب بن عمرو بن جمعة السدوسي عند عثمان بن عفان، وكانت حمقاء تجعل الخنفساء في فيها ثم تقول: حاجيتك ما في فمي وهي أم عمرو وأبان ابني عثمان.

لبعض ولاة بني أمية على المدينة إبراهيم بن المنذر قال: حدّثنا زيد بن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده قال: رأيت طارقاً وهو والٍ الخلفاء من بني أمية على المدينة يدعو بالغداء فيتغدى على منبر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، ويكون فيه العظم المخ فينكته على رمانة المنبر فيأكله.

أم غزوان الرقاشي لابنها قالت أم غزوان الرقاشي لابنها - ورأته يقرأ في المصحف - : يا غزوان، أما تجد فيه بعيراً لنا ضل في الجاهلية فما كهرها وقال: يا أمه، أجد والله فيه وعداً حسناً ووعيداً شديداً.

بين ابن أبي عتيق ورجل سفيان بن عيينة عن أيوب بن موسى قال: قال ابن أبي عتيق لرجل: ما اسمك قال: وثابٌ. قال: فما كان اسم كلبك قال: عمرو. قال: واخلافاه! لأبي الدرداء في علامات الجاهل قال أبو الدرداء: علامة الجاهل ثلاثٌ: العجب، وكثرة المنطق فيما لا يعنيه، وأن ينهى عن شيء ويأتيه.

أغمي على رجل من الأزد فصاح النساء واجتمع الجيران وبعث أخوه إلى غاسل الموتى فجاء فوجده حياً بعد؛ فقال أخوه: اغسله فإنك لا تفرغ من غسله حتى يقضي.

لأردشير في عيب الجهل وقال أردشير: بحسبكم دلالةً على عيب الجهل أن كل إنسان ينتفي منه ويغضب إذا نسب !ليه.

وكان يقال: لا يغرنك من الجاهل قرابةٌ ولا أخوة ولا إلفٌ فإن أحق الناس بتحريق النار أقربهم منها.

لعمر بن عبد العزيز في خصال الجاهل قال عمر بن عبد العزيز: خصلتان لا تعدمانك من الجاهل: كثرة الالتفات وسرعة الجواب.

عمر بن الخطاب ينهي عن مؤاخاة الأحمق وقال عمر بن الخطاب: إياك ومؤاخاة الأحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك.

وقال بعضهم: لأن أزاول أحمق أحب إلي من أن أزاول نصف أحمق؛ يعني الأحمق المتعاقل.

لهشام بن عبد الملك فيما يعرف به الأحمق وقال هشام بن عبد الملك يعرف حمق الرجل بأربعةٍ: بطول لحيته، وبشناعة كنيته، ونقش خاتمه، وإفراط شهوته ؛ فدخل عليه ذات يوم شيخٌ طويل العثنون، فقال هشام: أما هذا فقد جاء بواحدة، فانظروا أين هو من الثلاث؛ فقيل له: ما كنيتك فقال: أبو الياقوت ؛ وقالوا: ما نقش خاتمك قال: وجاءوا على قميصه بدمٍ كذبٍ وفي حكاية أخرى وتفقد الطير فقال ما لي لا أرى الهدهد؛ فقيل له: أي الطعام تشتهي فقال: جلنجبين، وفي حكاية أخرى: مصاصة لعمر بن عبد العزيز سمع عمر بن عبد العزيز رجلاً ينادي رجلاً: يا أبا العمرين، فقال: لو كان له عقلٌ كفاه أحدهما.

لأبي العاج والي واسط وقال أبو العاج يوماً لجلسائه - وكان يلي واسط - : إن الطويل لا يخلو من أن يكون فيه إحدى ثلاث: أن يفرق الكلاب، أو يكون في رجله قرحةٌ، أو يكون أحمق، وما زلت وأنا صغيرٌ في رجلي قرحةٌ، وما فرق الكلاب أحدٌ فرقي، وأما الحمق فأنتم أعلم بواليكم.

ويقال: الأحمق أعلم بشأنه من العاقل بشأن غيره.

شعر لبشار وقال بشار:

خليلي إن العسر سـوف يفـيق

 

لأن يساراً في غد لـخـلـيق

وما كنت إلا كالزمان إذا صحـا

 

صحوت لأن ماق الزمان أموق

ذريني أشب همي براحٍ فإننـي

 

أرى الدهر فيه كربةٌ ومضيق

وقال رجل: فلان إلى من يداوي عقله أحوج منه إلى من يداوي بدنه.

لبعض الحكماء قيل لبعض الحكماء: متى يكون الأدب شراً من عدمه قال: إذا كثر الأدب ونقص العقل.

من كتاب الهند في الحمق والحمقاء وقرأت في كتاب للهند: من الحمق التماس الرجل الإخوان بغير وفاءٍ، والأجر بالرياء، ومودة النساء بالغلظة، ونفع نفسه بضر غيره، والعلم والفضل بالدعة والخفض. وفيه: ثلاثة يهزأ بهم: مدعي الحرب ولقاء الزحوف وشدة النكاية في الأعداء وبدنه سليمٌ لا أثر به، ومنتحل علم الدين والإجتهاد في العبادة وهو غليظ الرقبة أسمن من الأثمة، والمرأة الخلية تعيب ذات الزوج. أيضاً من كتاب الهند في خمسةٍ يعملون بجهل وفيه: من يعمل بجهلٍ خمسةٌ: مستعمل الرماد في جنته بدلاً من الزبل، ومظهر مستور عورته، والرجل يتزيا بزي المرأة والمرأة تتزيا بزي الرجل، والمتملك في بيت مضيفه، والمتكلم بما لا يعنيه ولا يسأل عنه.

وفيه: الأدب يذهب عن العاقل السكر ويزيد الأحمق سكراً، كما أن النهار يزيد كل ذي بصر بصراً ويزيد الخفافيش سوء بصر.

وكانوا يكرهون م ن يزيد منطق الرجل على عقله.

لبعض الشعراء في جاهل قال الشاعر في جاهل :

ما لي أرى الناس يأخذون ويع

 

طون ويستمتعون بالنـشـب

وأنت مثل الحمار أبـهـم لا

 

تشكو جراحات ألسن العرب

بين الأحنف ورجل سمع الأحنف رجلاً يقول: ما أبالي أمدحت أم هجيت. فقال الأحنف: استرحت من حيث تعب الكرام.

لعامر بن كريز، وهو من حمقى قريش، وقد سمع ابنه عبد الله وهو يخطب كان عامر بن كريز أبو عبد الله بن عامر من حمقى قريش، نظر إلى ابنه عبد الله وهو يخطب فأقبل على رجل إلى جانبه وقال: إنه واللّه خرج من هذا، وأشار إلى ذكره.

العاص بن هشام، من حمقى قريش ومن حمقى قريش العاص بن هاشم أخو أبي جهل وكان أبو لهب قامره فقمره ماله ثم داره ثم قليله وكثيره وأهله ونفسه فاتخذه عبداً وأسلمه قيناً، فلما كان يوم بدر بعث به عن نفسه فقتل ببدر كافراً، قتله عمر بن الخطاب، وكان خال عمر.

من حمقى قريش أيضاً: الأحوص بن جعفر ومن حمقى قريش الأحوص بن جعفر بن عمرو بن حريث، قال له يوماً مجالسوه: ما بال وجهك أصفر! أتشتكي شيئاً وأعادوا عليه ذلك، فرجع إلى أهله يلومهم ويقول لهم: أنا شاكٍ ولا تعلمونني! ألقوا عليّ الثياب وابعثوا إلى الطبيب.

وتمارض مرةً فعاده أصحابه وجعل لا يتكلم، فدخل شراعة بن عبيد اللّه بن الزندبوذ وكان أملح أهل الكوفة، فعرف أنه متمارضٌ فقال: يا فلان كنا أمس بالحيرة فأخذنا الخمر ثلاثين قنينة بدرهم. والخمر يومئذ ثلاث قناني بدرهم، فرفع الأحوص رأسه وقال: كذا مني في كذا من أم الكاذب. واستوى جالساً، فنثر أهله على شراعة السكر؛ فقال له شراعة: أجلس لا جلست وهات شرابك. فشربا يومهما.

من حمق بكار بن عبد الملك بن مروان ومن حمقى قريش بكار بن عبد الملك بن مروان، وكان أبوه ينهاه أن يجالس خالد بن يزيد بن معاوية لما يعرف من حمق ابنه، فجلس يوماً إلى خالد، فقال بكار: أنا والله كما قال الأول: مرددٌ في بني اللخناء ترديدا وكان له بازٍ فقال لصاحب الشرطة: أغلق أبواب المدينة لئلا يخرج البازي.

أيضاً لمعاوية بن مروان من حمقى قريش، بينه وبين طحان ومن حمقى قريش معاوية بن مروان أخو عبد الملك بن مروان. بينا هو واقف بباب دمشق ينتظر عبد الملك على باب طحان نظر إلى حمار الطحان يدور الرحا وفي عنقه جلجلٌ، فقال للطحان: لم جعلت في عنق الحمار جلجلاً فقال: ربما أدركتني سآمةٌ أو نعسةٌ فإذا لم أسمع صوت الجلجل علمت أنه قام فصحت به؛ فقال معاوية: أرأيت إن قام وحرك رأسه ما علمك أنه قائم قال الطحان: ومن لحماري بمثل عقل الأمير!.

بين معاوية بن مروان وأبي امرأته وقال معاوية هذا لأبي آمرأته: ملأتنا أبنتك البارحة بالدم؛ فقال: إنها من نسوة يخبأن ذلك لأزواجهن.

وقال له أيضاً يوماً آخر: لقد نكحت ابنتك بعصبة ما رأت مثلها قط. فقال له: لو كنت عنيناً ما زوجناك.

سليمان بن يزيد بن عبد الملك ومن حمقى قريش سليمان بن يزيد بن عبد الملك، قال يوماً: لعن اللّه الوليد أخي فإنه كان فاجراً، واللّه لقد أرادني على أن يفعل بي. فقال له قائل: أسكت فوالله لئن كان هم لقد فعل.

لعائشة بنت عثمان في أخي سعيد بن العاص خطب سعيد بن العاص عائشة بنت عثمان على أخيه، فقالت: هو أحمق لا أتزوجه أبداً، له برذونان أشهبان فهو يحتمل مؤونة اثنين وهما عند الناس واحدٌ.

وأخبرني رجل أنه كان له صديق له برذونان في شيةٍ واحدة فكنا لا نظن إلا أن له برذوناً واحداً، وغلامان يسميان جميعاً بفتح، وكان إذا دعا واحداً قال: يا فتح الكبير، وإذا دعا لآخر قال: يا فتح الصغير.

لعجيل بن لجيم وقد سأله ابنه عن اسم لفرسه قال أبو عبيدة: أرسل ابن لعجل بن لجيم فرساً له في حلبة فجاء سابقاً، فقال لأبيه: يا أبت، بأي شيء أسميه فقال: افقأ إحدى عينيه وسمه الأعور.

لبعض الشعراء يهجو بني عجل وقال الشاعر:

رمتني بنـو عـجـلٍ بـداء أبـيهـم

 

وأي عباد الله أنـوك مـن عـجـل!

أليس أبـوهـم عـار عـين جـواده

 

فأضحت به الأمثال تضرب في الجهل

ومن عجل "دغة" التي يضرب بها المثل في الجهل، فيقال: هي دغة بنت مغنج؛ ويقال: دغة لقبٌ، واسمها مارية بنت زمعة.

لحيان بن غضبان قال أبو اليقظان: ومن عجل حيان بن غضبان ورث نصف دار أبيه فقال: أريد أن أبيع حصتي من الدار وأشتري النصف الباقي فتصير كلها لي.

ومن القبائل المشهور فيها الحمق الأزد شعر لأزدي في المهلب بن أبي صفرة قال رجلٌ منهم في المهلب بن أبي صفرة:

نعم أمير الرفقة المهـلـب

 

أبيض وضاحٌ كتيس الحلب

 ينقص بالقوم انقضاض الكوكب فلما أنشده المهلب، قال: حسبك رحمك الله! من أشعار الأزديين ومن أشعارهم:

يا رب جاريةٍ في الحي حالية

 

كأنها عومةٌ في جوف راقود

وقال آخر منهم :

زياد بن عمرٍو عينه تحت حاجبه

 

وأسنانه بيضٌ وقد طر شاربـه

شعر لعمر بن لجا يصف إبلاً وقال عمر بن لجأٍ يصف إبلاً:

تصطك ألحيها على دلائها

 

تلاطم الأزد على عطائها

لأبي دحية النميري وقال أبو حية النميري:

وكأن غلي دنانهم في دورهم

 

لغط العتيك على خوان زياد

بين أزدي ويزيد بن المهلب كتب مسلمة بن عبد الملك إلى يزيد بن المهلب: والله ما أنت بصاحب هذا الأمر، صاحب هذا الأمر مغمورٌ موتورٌ وأنت مشهورٌ غير موتورٍ، فقام إليه رجل من الأزد فقال: قدم ابنك مخلداً حتى يقتل فتصير موتوراً.

أيضاً بين أزدي وعبيد اللّه بن زياد قام رجل من الأزد إلى عبيد الله بن زياد فقال: أصلح الله الأمير، إن امرأتي هلكت وأردت أن أتزوج أمها وأزوج ابني ابنتها وهذا عريفي، فأعني في الصداق ؛ فقال: في كم أنت من العطاء قال: في سبعمائةٍ ؛ قال: حطا عنه أربعمائةٍ، يكفيك ثلاثمائةٍ.

لقبيصة بن المهلب ومن حمقى الأزد قبيصة بن المهلب، رأى جراداً يطير فقال: لا يهولنكم ما ترون فإن عامتها موتى.
وقال يوما: رأيت غرفةً فوق بيت.

وقال لغلامه: اذهب إلى بياض الملاء.

بين كلاب بن صعصة وأخوته ومن حمقى العرب كلاب بن صعصعة، خرج أخوته يشترون خيلاً وخرج معهم كلا بٌ فجاء بعجل يقوده؛ فقال له أخوته: ما هذا قال: فرسٌ اشتريته، قالوا: يا مائق، هذه بقرةٌ أما ترى قرنيها! فرجع إلى بيته فقطع قرنيها، فأولاده يدعون بني فارس البقرة شعر للكميت قال الكميت:

ولولا أمير الـمـؤمـنـين وذبـه

 

بخيل عن العجل المبرقع ما صهل

شذرة بن الزبرقان وكان شذرة بن الزبرقان من الحمقى، دخل يوم الجمعة المسجد فأخذ بعضادتي الباب ثم قال: السلام عليكم، أيلج شذرة فقالوا له: هذا يومٌ لا يستأذن فيه. قال: أفيلج مثلي على جماعة مثل هؤلاء ولا يعرف مكانه! لرجل من كلب استعمله معاوية ثم عزله عوانة قال: استعمل معاوية رجلاً من كلب؛ فذكر المجوس يوماً فقال: لعن الله المجوس ينكحون أمهاتهم، والله لو أعطيت عشرة آلاف ما نكحت أمي. فبلغ ذلك معاوية، فقال: قبحه الله! أترونه لو زادوه فعل؛ وعزله.

للحارث بن جران وقد سأله قوم إعانتهم في بناء مسجد حدّثني أبو حاتم عن الأصمعي قال: سأل القوم الحارث بن جران أن يعينهم في تأسيس مسجد؛ فقال: قيروه وعليّ الودع.

لوالي اليمامة وسبب تسميته بمقوم الناقة خطب والي اليمامة فقال: إن اللّه لا يقار على المعاصي عباده، وقد أهلك أمةً عظيمةً في ناقة ما كانت تساوي مائتي درهم. فسمي مقوم الناقة.

ليزيد بن ثروان وقد شرد له بعير شرد بعيرٌ لهبنقة، واسمه يزيد بن ثروان، فقال: من وجد بعيري فهو له. فقيل له: وما ينفعك من هذا قال: إنكم لا تدرون ما حلاوة الوجدان.

بين المنصور والربيع والقاسم بن محمد الطلحي وقال المنصور للربيع: كيف تعرف الريح قال: أنظر إلى خاتمي فإن كان سلساً فهي شمالٌ وإلا فهي جنوبٌ. فسأل القاسم بن محمد الطلحي عن ذلك؛ فقال: أضرب بيدي إلى خصيتي فإن كانتا قد قلصتا فهي شمالٌ وإن كانتا متدليتين فهي جنوبٌ.

من أخبار أبي كعب القاص

قال أبو كعب القاص في قصصه: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: في كبد حمزة ما قد علمتم، فادعوا الله أن يطعمنا من كبد حمزة.

وكان يقول في قصصه: ليس في خيرٌ ولا فيكم، فتبلغوا بي حتى تجدوا خيراً مني.

وقال هو أو غيره في قصصه: كان اسم الذئب الذي أكل يوسف كذا وكذا؛ قالوا: فإن يوسف لم يأكله الذئب؛ قال: فهذا اسم الذئب الذي لم يأكل يوسف.

لقاص يضرب مثلاً في الكافر والمؤمن.

حدّثني عبد الرحمن بن عبد الله عن عمه قال: كان قاصٌ يقص في المسجد فيقول: مثل الكافر مثل قصر الإسكاف خارجه حسن وداخله مخرأةٌ، ومثل المؤمن مثل قصر زربي جداره كالحٌ وداخله زهرةٌ.

ويقول: وما الدنيا! أخزى الله الدنيا! إنما مثلها مثل أير حمارٍ، بينا هو قد أنعظ إذ طفيء.

وقال: المؤمن غذاؤه فلقةٌ وسمكته شلقةٌ ودواؤه علقةٌ ومرقته سلقةٌ.

بين داود المصاب وصاحب له أصابت داود المصاب مصيبةٌ فاغتم؛ فقال له صاحبٌ له: لا تتهم اللّه في قضائه. فقال داود: أقول لك شيئاً وتكتمه قال: نعم. قال: والله ما صاحبي غيره.

وبينه وبين رجل استشاره في حمل أمه إلى البصرة واستشاره رجل في حمل أمه إلى البصرة، وقال: إن حملتها في البر خفت عليها اللصوص، وإن حملتها في الماء خفت عليها الغرق؛ فقال: خذ بهم سفتجةً.

بين بعض السلاطين ومجنونين دعا بعض السلاطين مجنونين ليضحك منهما، فأسمعاه فغضب فدعا بالسيف؛ فقال أحدهما للآخر: كنا اثنين وقد صرنا ثلاثةً.

بين ابن سيابة ورجل اتهمه بعدم معرفة الله قال رجل لابن سيابة مولى بني أسد: ما أراك تعرف الله. قال: أتراني لا أعرف من أجاعني وأعراني وأخزاني.

لأعرابي وسئل عن بره بأمه قيل لأعرابي: كيف برك بأمك قال: ما قرعتها سوطاً قط.

أيضاً لأعرابي ضرب أمه وقيل لآخر وهو يضرب أمه: ويحك؛ تضرب أمك! فقال: أحب أن تنشأ على أدبي.

لبعض الشعراء وقال بعض الشعراء:

جنونك مجنون ولست بواجدٍ

 

طبيباً يداوي من جنون جنون

وقال آخر:

وكيف يفيق الدهر كعب بن ناشبٍ

 

وشيطانه بين الأهـلة يصـرع

شعر لأعرابي وذكر الله عز وجل وقال أعرابي وذكر اللّه عز وجل:

خلق السماء وأهلها في جمعةٍ

 

وأبوك يمدر حوضه في عام

بين أبو العاج وصاحب شرطته كان أبو العاج والي واسط، وأتاه صاحب شرطته بقوادةٍ فقال: أصلح اللّه الأمير، هذه قوادةٌ. قال: وأي شيء تصنع قال: تجمع بين الرجال والنساء. قال: لماذا قال: للزنا؛ قال: وإنما أتيتني بها لتعرفها منزلي! خل عنهم لعنك الله.

وأتاه يوماً بمخنثٍ، فقال له: ما هذا قال: مخنثٌ؛ قال: وما يصنع قال: ينكح كما تنكح المرأة؛ قال: يبذل هذا آسته وأحظر أنا عليه! اذهب يابن أخي فارتد لها.

لوكيع بن أبي أسود خطب وكيع بن أبي أسودٍ بخراسان فقال: إن اللّه خلق السموات والأرض في ستة أشهرٍ؛ فقيل له: إنها ستة أيام ؛ فقال: واللّه لقد قلتها وأنا أستقلها.

بين سليمان بن عبد الملك ورجل تغدى رجلٌ عند سليمان بن عبد الملك وهو يومئذ ولي عهدٍ وقدامه جدي، فقال له سليمان: كل من كليته فإنها تزيد في الدماغ؛ فقال: لو كان هذا هكذا كان رأس الأمير مثل رأس البغل.

صاحب اللجام أبو عبيد ة: أجريت الخيل فطلع منهم فرسٌ سابقٌ فجعل رجل من النظارة يكبر ويثب من الفرح؛ فقال له رجل إلى جانبه: يا فتى، هذا الفرس فرسك قال: لا ولكن اللجمام لي.

بين أبو عتاب وعمرو بن هداب دخل أبو عتاب على عمرو بن هداب وقد كف بصره والناس يعزونه، فقال: يا أبا زيدٍ، لا يسوءنك ذهابهما، فإنك لو رأيت ثوابهما في ميزانك تمنيت أن الله قطع يديك ورجليك ودق ظهرك.

بين أعمى وقائده كان رجل يقود أعمى بكراءٍ، فكان الأعمى ربما عثر فيقول: اللهم أبدلني به قائداً خيراً منه. ويقول القائد: اللهم أبدلني أعمى خيراً منه.

لأبي بكر الشيباني ادعى أبو بكر الشيباني إلى العرب ذات ليلة فأصبح من الغد على الشمس فقعد فيها فثارت به مرةٌ، فجعل يحك جسده بأظفاره خمشاً ويقول: إنما نحن إبل؛ فقال له قائل: والله إنك تشبه العرب، فغضب وقال: أيقال لي هذا! أنا واللّه حرباء تنضبةٍ، يشهد لي سواد لوني وغؤور عيني وحبي للشمس.

أبو السفاح يوصي عند موته

قيل لأبي السفاح عند موته: أوصه؛ فقال: إنا لكرام قوم طخفة. قالوا: قل خيراً يا أبا السفاح؛ فقال: إن أحبت امرأتي فأعطوها بعيراً؛ قالوا: قل خيراً قال: إذا مات غلامي فهو حر.

ولرجل عند موته وقيل لرجل عند موته: قل لا إله إلى الله، فأعرض، فأعادوا عليه مرارا، فقال: أخبروني عن أبي طالب أقالها عند موته قالوا: وما أنت وأبو طالب! قال: لا أرغب بنفسي عنه.

أيضا لعجير السلولي عند موته ولما احتضر العجير السلولي قال لقوم عنده: أنا في آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة، واللّه لئن وجدت لي عند الله موضعاً لأكلمنه فيكم.

مثله لأوس بن حارثة، وغيره وقيل لأوس بن حارثة عند موته: قل لا إله إلا اللّه. فقال: لم يأن لهم بعد.
وقيل لآخر عند موته: ألا توصي قال: أنا مغفور لي؛ قالوا: قل إن شاء الله، قال: قد شاء الله ذلك. قالوا: لا تدع الوصية، فقال لبني أخيه:

بني حريث ارفعا وسادي

 

واحتفظا بالجلة الجـلاد

فإنما حوليهما الأعادي

 

 

لسهل بن هم هارون قال سهل بن هارون: ثلاثة من المجانين وإن كانوا عقلاء. الغضبان والغيران والسكران قالوا: فما تقول في المنعظ فضحك وقال:

وما شر الثلاثة أم عمرو

 

بصاحبك الذي لا تصبحينا

للوليد قال الوليد: إلا إن أمير المؤمنين عبد الملك كان يقول: إن الحجاج جلدة ما بين عيني، لا وإن الحجاج جلدة وجهي كله.

العتاب بن ورقاء يحث على الجهاد خطب عتاب بن ورقاء فحث على الجهاد وقال: هذا كما قال الله تعالى:

كتـب الـقـتـل والـقـتـال

 

عليّنا وعلى الغانيات جر الذيول

شعر في الربيع والي اليمامة وقال آخر في الربيع وإلى اليمامة:

شهدت بأن الله حق لـقـاؤه

 

وأن الربيع العامري رقيع

أقاد لنا كلباً بكلب ولـم يدع

 

دماء كلاب المسلمين تضيع

بين شاب دخل على المنصور والربيع دخل شاب على المنصور فسأله عن وفاة أبيه، فقال: مات رحمه اللّه يوم كذا وكذا، وكان مرضه رضي الله عنه كذا وكذا، وترك عفا اللّه عنه من المال كذا وكذا فانتهزه الربيع وقال: أبين يدي أمير المؤمنين توالي الدعاء لأبيك! فقال الشاب: لا ألومك، إنك لم تعرف حلاوة الآباء؛ فما علم أن المنصور ضحك مثل ضحكه يومئذ. وكان الربيع لقيطاً.

هاشمي دخل على المنصور والربيع دخل رجل من بني هاشم على المنصور فاستجلسه ودعا بغدائه فقال للفتى: ادن! فقال. قد تغذيت؛ فلما خرج استخف به الربيع ودفع في قفاه، وقال: هذا كان يسلم من بعيد وينصرف، فلما استدناه أمير المؤمنين وأمره بالجلوس ودعاه إلى طعامه تبذل بين يديه فبلغ من جهله بفضيلة المنزلة التي صيره فيهم أن قال: قد تغذيت، وإذاً ليس عنده لمن تغدى مع أمير المؤمنين إلا سد خلة الجوع.

للحجاج على قبر رجل من جند أهل الشام يونس الهجري قال: مات رجل من جند أهل الشام فحضر الحجاج جنازته، وكان عظيم القدر، فصلى وجلس على قبره وقال: لينزل قبره بعض إخوانه! فنزل نفر منهم، فقال أحدهم وهو يسوي عليه: رحمك اللّه أبا فلان! إن كنت ما علمتك لتجيد الغناء وتسرع رب الكأس، ولقد وقعت في موقع سوء لا تخرج نه إلى الدكة؛ فما تمالك الحجاج أن ضحك فأكثر، وكان لا يكثر الضحك في جد ولا هزل، ثم قال له: لا أم لك! هذا موضع هذا! قال: أصلح الله الأمير، فرسي حبيس لو سمعه يتغنى:

يا لبينى أوقدي النارا

لانتشر الأمير على سنعة. وكان الميت يلقب سعنة، وكان من أوحش خلق اللّه صورة وأدمهم؛ فقال الحجاج: إنا الله! أخرجوه عن القبرة؛ ثم قال: ما أبين حجة أهل العراق في جهلكم يا أهل الشأم. ولم يبق أحد حضر القبر إلا استفرغ ضحكاً.

بين داود بن المعتمر وامرأة تبع داود بن المعتمر امرأة ظن أنهم من الفواسد، فقال لهم: لولا ما رأيت عليك من سيما الخير لم اتبعك؛ فضحكت المرأة وأسندت ظهرهم إلى الحائط ثم قالت: إنما يعتصم مثلي من مثلك بسيما الخير، فإذا صار سيما الخير هو الدال لمثلك على مثلي فاللّه المستعان.

كان بهلول المجنون يتغنى بقيراط ولا يسكت إلا بدانقٍ.

وكان رجل يهوى جارية تختلف في حوائج أهلها، وكانت إذا خرجت إلي السوق ولم يعلم بخروجهم ثم رجعت فرآهم قال وهو يسمعهم: "لو كنت أعلم بالغيب لاستكثرن من الخير" إن وعدته شيئاً فأخلفت قال: "يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون" فإن تغضبت لشيء بلغها عنه قال: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا".

بين امرأة تبكي على قبر وأحمق مر بعض الحمقى بامرأة قاعدة على قبر وهي تبكي، فرق لهم وقال: من هذا الميت قالت: زوجي؛ قال: فما كان عمله قالت. يحفر القبور؛ قال: أبعده الله أما علم أن من حفر حفرة وقع فيها! لأحمق أحدّث على باب رجل أحدّث رجل من الحمقى ليلة على باب رجل، فلما خرج الرجل زلق ووقع على ذراعه فانكسرت، واجتمع الجيران وجعلوا يختصمون ويوقعون الظنون وهو ناحية يسمع كلامهم، فلما أكثروا قال:

رأيت الحرب يجنيهم رجال

 

ويصلى حرها قوم بـراء

فأخذوه وقالوا: أنت صاحبنا.

لداود المصاب وقد رأى رؤيا قال داود المصاب: رأيت رؤيا نصفها حق ونصفهم باطل، رأيت كأن على عنقي بدرة فمن ثقلهما أحدّثت فاستيقظت فرأيت الحدّث ولم أر البدرة.

الأعرابي رئي أعرابي يبكي بكاء شديداً، فسئل عن سبب بكائه فقال. بلغني أن جالوت قتل مظلوماً.

بين أحمق وشيخ رأى رجل أحمق شيخاً في الحمام أعكن البطن، فقال له: يا عم إني أشتهي أن أضع هذا - يعني ذكره - في سرتك؛ فقال له الشيخ: يا بن أخي فأين يكون استك حينئذ.

لأعرابي وقد نزل عليه يهودي ومات عنده نزل يهودي على أعرابي فمات عنده، فقام الأعرابي يصلي عليه فقال: اللهم إنه ضيف وحق الضيف ما قد علمت، فأمهلنا إلى أن نقضي ذمامه ثم شأنك والكلب.

بين اثنين شركاء في عبد وحدّثني عبد الرحمن عن الأصمعيّ قال: كان بين اثنين عبد فقام أحدهما فجعل يضربه؛ فقال له الآخر شريكه: ما تصنع قال: إنما أضرب حصتي.

بين أعرابي ورجل قال أعرابي لرجل: ما اسمك قال: عبد الله. قال: ابن من قال: ابن عبيد اللّه. قال: أبو من قال: أبو عبد الرحمن. قال: أشهد إنك لتلوذ بالله لواذ يتيم جبان.

لبعضهم عن رجلين بالبصرة يتنازعان قال بعضهم: رأيت رجلين بالبصرة على باب مويس يتنازعان في العنب النيروزي والرازقي: أيهما أطيب، فجرى بينهما كلام إلى أن تواثبا، فقطع الكوفي إصبع البصري وفقأ البصري عين الكوفي، ثم لم ألبث إلا يسيراً حتى رأيتهما متصافيين متنادمين.

بين ثمامة وشيخ يحتجيم قال: وقال ثمامة: مررت في غب سماء والأرض ندية والسماء متغيمة والريح شمال وإذا شيخ أصفر كأنه جرادة، وقد قعد على قارعة الطريق وحجام يحجمه على كاهله وأخدعيه بمحاجم كأنها قعاب وقد مص دمه حتى كاد يستفرغه؛ فوقفت وقلت: يا شيخ لم تحتجم قال: لمكان الصفار الذي بي.

الطمحان يعود مريضاً أتى الطمحان قوماً يعود عليّلاً لهم عزاهم به؛ قالوا: إنه لم يمت! فرجع وهو يقول. يموت إن شاء الله، يموت إن شاء الله.

لنافع عن حمق الناضري أبو حاتم عن الأصمعيّ عن نافع قال: كان الغاضري من أحمق الناس! فقيل له: ما حمقه فجعل يتربث، فلما أكثر عليه قال. قال لي مرة: البحر من حفره وها حفر فأين نبيثته أترى أمير المؤمنين يقدر على أن يحفر مثله في ثلاثة أيام لشاعر أحمق وشريف دخل رجل من الحمقى من الشعراء على رجل من الأشراف يقال في نسبه، فقال: إني قد امتدحتك بشعر لم تمدح قط بأنفع لك منه؛ قال: ما أحوجني إلى المنفعة فهاته فقال:

سألت عن أصلك فيما مضى

 

ابناء سبعين وقـد نـيفـوا

فكلهـم يخـبـرنـي أنـه

 

مهذب جوهـره يعـرف

فقال له: قم في لعنة الله وفي سخطه! لعنك الله ولعن من سألت ومن أجابك.

بين أعرابي وعمه وحدّثنى أبو حاتم عن الأصمعي قال: جاء رجل من الأعراب إلى عمه فقال: يا عم، إن ولد جارية آل فلان مني فافتده. ففعل! ثم جاءه مرة أخرى فقال له مثل ذلك؛ فقال له عمه: لو عزلت! قال: بلغني أن العزل مكروه.

قال: وحدّثنا الأصمعيّ قال: بلغني عن شيخ جزع على ميت جزعاً شديداً؛ فقيل له في ذلك: فقال: نحن قوم لم نتعود الموت.

أبو الحسن الجعفري قال: قيل لكردم السدوسي: كل؛ قال: ما أريد؛ قيل: ولم قال: أكلت قليل أرز فأكثرت منه.

لأعرابي أفعل بعيره

ضل بعير لأعرابي فجعل ينشده إلى أن دخل الإمارة فأخذ منها بعيراً؛ فقيل له. إن بعيرك كان أعرابياً قال: إنه لما أكل من مال الإمارة تبخت.

لحبيش بن دلجة وأهل المدينة الهيثم عن ابن عباس قال: لما ولي مروان وجه حبيش ابن دلجة القيني إلى المدينة وكان يصعد المنبر ومعه الكتلة من التمر فيأكلهم ثم يلقي النوى على وجوه أهل المدينة يميناً وشمالاً، ثم يقول: يا أهل المدينة، إني لأعلم أن هذا المكان في حرمته وموضعه ليس موضع أكل شرب، ولكني أحب أن أريكم هوانكم على اللّه.

قيل لمعلم بن معلم: ما لك أحمق قال: لو لم أكن أحمق كنت ولد زناً.

لبعض الشعراء قال بعض الشعراء:

فإن كنت قد بايعت مروان طائعاً

 

فصرت إذاً بعد المشيب معلماً

وقال آخر:

وكيف ترجي العقل والرأي عند من

 

يروح على أنثى ويغدو على طفل

لأبي عبد الله الكرخي وقد ادعى أنه فقيه ابن المدائني قال: تحول أبو عبد الله الكرخي إلى الخريبة فادعى الفقه وظن أن ذلك يجوز لمكان لحيته وسمته، فألقى على باب داره البواري وجلس فجلس إليه قوم فقال له رجل منهم: يا أبا عبد الله، رجل في الصلاة أدخل إصبعه في أنفه فخرج عليها دم، أي شيء يصنع قال: يحتجم رحمك الله؛ فقال له السائل: ظننت أنك فقية ولم أدر أنك طبيب.

بين الشعبي ورجل قال رجل للشعبي: إني أجد في قفاي حكة فترى لي أن أحتجم فقال الشعبي: الحمد لله الذي نقلنا من الفقه إلى الحجامة.

وقال له آخر: رجل استمنى في يوم من شهر رمضان هل يؤجر قال: أو ما يرضى أن يفلت رأساً برأس.

بين التيمي وقوم نازع التيمي رجل من بني عمه في حائط بينهما فبعث إلى قوم يشهدهم، فأتاه جماعة من القبائل، فوقف بهم على ذلك الحائط وقال: أشهدكم جميعاً أن نصف هذا الحائط لي.

وقدم آخر رجلاً إلى القاضي في شيء يدعيه عليه، فأنكر الرجل، فقال: أيها القاضي أكتب إنكاره؛ فقال القاضي: الإنكار في يدك متى شئت.

لمسعدة بن طارق الذراع وسيد بني تميم قال مسعدة بن طارق الذراع: إنا لوقوف على حدود دار لنقسمهم ونحن في خصومة، إذ أقبل سيد بني تميم وموسرهم والمصلي على جنائزهم، فأمسكنا عن الكلام، فقال: حدّثوني عن هذه الدار هل ضم منهم بعضنا إلى بعض أحداً؛ قال مسعدة: فأنا منذ ستين سنة أفكر في كلامه فما أدري ما عنى.

بين أبي ضمضم وجارية أتت جارية أبا ضمضم فقالت: إن هذا قبلني؛ فقال: يا فتى، أذعن لها بحقها، قبليه عافاك الله كما قبلك، فإن الله يقول: "والجروح قصاص".

للأصمعي حدّثني أبو حاتم عن الأصمعيّ قال: ألقيت على رجل فريضة فاشتدت عليه فجعل يحسب غيرها؛ فقالوا له في ذلك؛ فقال: عسى أن يكون ترك غير ما ذكروا.

بين بعض الطالبيين وأشعب حدّثني محمد بن عمر عن ابن كناسة قال: قال بعض الطالبيين لأشعب. لو رويت الحديث وتركت النوادر كان أنبل لك؛ قال: والله قد سمعت الحديث ورويته؛ قال: فحدّثنا؛ قال: حدّثني نافع عن ابن عمر أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: خلتان من كانتا فيه كان من خالصة الله؛ قال: هذا حديث حسن فما هما قال: نسي نافع واحدة ونسيت أنا الأخرى.

لثلاثة بصريين أخوة وكان بالبصرة ثلاثة أخوة من ولد عتاب بن أسيد كان أحدهم يحج عن حمزة ويقول: استشهد قبل أن يحج، وكان الآخر يضحي عن أبي بكر وعمرو يقول: اخطأا السنة في ترك الأضحية، وكان الآخر يفطر عن عائشة أيام التشريق ويقول: غلطت في صومها أيام العيد، فمن صام عن أبيه وأمه فأنا أفطر عن أمي عائشة.

لثمامة وشيخ من الدهاقين قال ثمامة: كنا في منزل رجل من الدهاقين وفينا شيخ منهم، فأتى رب البيت بدهن طيب فدهن بعضنا رأسه وبعضنا لحيته ومسح بعضنا شاربه وبعضنا يديه، فقال أحدهم: ادهنوا أستاهكم تأمنوا الحزاز، وأمروها على وجوهكم؛ فأخذ شيخ منهم بطرف إصبعه فادخله في أنفه ومسح حاجبيه، فعمد الشيخ إلى بقية الدهن فصبه في أذنه؛ فقلنا له: ويحك؛ هل رأيت أحداً أتي بدهن طيب فصبه في أذنه قال: إنه مع هذا يضرني.

لابن المبارك عن أبي خارجة قال عبد الله بن المبارك: كان عندنا رجل يكنى أبا خارجة، فقلت له: لم كنوك أبا خارجة قال: لأني ولدت يوم دخل سليمان بن عليّ البصرة.

لشيخ إباضي

قال عمرو بن بحر: ذكر لي ذاكر عن شيخ من الإباضية أنه جرى ذكر الشيعة عنده فأنكر ذلك واشتد غضبه؛ فقلت له: ما أنكرت قال: أنكر مكان الشين في أول الكلمة لأني لم أجدها قط إلا في مسخوط عليه مثل شؤم وشر وشيطان وشح وشغب وشيب وشك وشرك وشتك وشيعة وشطرنج وشاكي وشانيء وشحج وشوصة وشابشتي وشكوى؛ فقلت: ما تقوم بهؤلاء قائمة أبداً.

قال: وسمعت رجلاً يقول: عجبت لمن يأخذه النوم هو لا يزعم أن الاستطاعة مع الفعل؛ فقلت له. ما الدليل على ذلك فقال. سبحان اللّه! الأشعار الصحاح؛ قلت: مثل ماذا قال. مثل قول رؤبة:

ما إن يقعن الأرض إلا وفقا

وقوله:

يهوين شتى ويقعن وفقا

وقوله:

مكر مفر مقبل مدبر معاً

وقولهم في المثل: "وقعا كعكمي عير" ثم قال: هل في هذا مقنع قلت: بلى وفي دون هذا.

لأحمق وقد وعد بنعل وعد رجل رجلاً من الحمقى أن يهدي له من مكة نعلاً، فطال عليه الانتظار، فأخذ قارورة فبال فيهم ثم أتى بها الطبيب ثم قال: انظر في هذا الماء هل يهدي لي بعض إخواني نعلا حضرمية لأشعب وقال الزيادي: مر أشعب برجل طبقاً وقال له: زد فيه طوقاً؛ قال: وبم قال: لعله يهدى لي فيه شيء.

أبو حاتم عن الأصمعي قال: حدّثنا إبراهيم بن القعقاع قال: رأيت أشعب بسوق المدينة معه قطيفة قد ذهب خملها وهو يقول: من يشتري مني الرمدة فأتاه رجل فساومه؛ قال: أبرأ إليك من عيب فيها؛ قال: وما هو قال: تحترق إن أنت لبستها.

بين أعرابي كسر أضلاعه والجابر سقط أعرابي من بعير له، فانكسرت ضلع من أضلاعه فأتى الجابر يستوصفه؛ فقال: خذ تمراً جيداً فانزع أقماعه ونواه واعجنه بسمنٍ ثم أضمده عليه؛ قال: أي بأبي أنت من داخل أم من خارج قال: من خارج؛ قال: لا أبا لشانئك هو من داخل أنفع لي؛ قال: ضعه حيث تعلم أنه أنفع.

لأعرابي وقد مات ابن صغير له مات ابن صغير لأعرابي، فقيل له. نرجو أن يكون لك شفيعاً؛ ففال: لا وكلنا الله إلى شفاعته، حسبه المسكين أن يقوم بأمر نفسه.

لأعرابي وقد سمع الإمام يخطب في المسجد جاء أعرأبي إلى المسجد والإمام يخطب، فقال لبعض القوم. ما هذا قال: يدعون الناس إلى الطعام؛ قال: فما يقول صاحب المنبر قال. يقول ما يرضى الأعراب أن يأكلوا حتى يحملوا معهم، فتخطى الأعرابي الناس حتى دنا من الوالي فقال: يا هذا، إن الذين يفعلون ما تقول سفهاؤنا.

بين الحجاج وأعرابي أخذ الحجاج لصاً أعرابياً فضربه سبعمائة سوط فكلما قرعه بسوط قال: اللهم شكراً؛ فأتاه ابن عم له فقال: والله ما دعا الحجاج إلى التمادي في ضربك إلا كثرة شكرك، لأن اللّه يقول: "ولئن شكرتم لأزيدنكم" فقال: إن هذا في كتاب الله؛ فقال: اللهم نعم؛ فانشأ الأعرابي يقول:

يا رب لا شكر فـلا تـزدنـي

 

أسرفت في شكرك فاعف عني

باعد ثواب الشاكرين مـنـي

 

 

فبلغ الحجاج فخلى سبيله.

بين أعرابي وصيرفي جاء أعرابي إلى صيرفي بدرهم؛ قال: هذا ستوق؛ فقال الأعرابي: وما هو الستوق بأبي أنت قال: داخله نحاس وخارجه فضة قال: ليس كذلك؛ قال: أكسره فإن كان كذلك فأنا منه برىء قال. نعم؛ فكسره فلما رأى النحاس قال: بأبي أنت، متى أموت فأنا أشهد أنك تعلم الغيب.

للحطيئة عند وفاته وشعر له لما حضرت الحطيئة الوفاة قال: احملوني على حمار فإنه لم يمت عليه كريم قط فلعليّ أن أبقى، ثم تمثل:

لكل جديد لذة غير أنـنـي

 

رأيت جديد الموت غير لذيذ

لرجل يدعو لأمه بمكة المدائني قال: دعا رجل بمكة لأمه؛ فقال له قائل: فما بال أبيك قال: هو رجل يحتال لنفسه.

لأشعب في شخص أطمع منه قيل لأشعب: أرأيت أحداً قط أطمع منك قال: نعم خرجت إلى الشأم فنزلت أنا ورفيق لي بدير فيه راهب، فتلاحينا في أمر فقلت: الكاذب منا كذا من الراهب في كذا من أمه، فأتى الراهب وقد أنعظ وهو يقول: بأبي من الكاذب منكما إسحاق بن سليمان بن عليّ وقد مر على قاص مر إسحاق ببن سليمان بن عليّ الهاشمي بقاص وهو يقرأ: "يتجرعة ولا يكاد يسيغه"، فتنفس ثم قال: اللهم اجعلنا ممن يتجرعه ويسيغه.

الأصمعيّ عن أبيه: قلت لأعرابي: أفيكم زناً قال: بالحرائر ذاك عند الله عظيم، ولكن مساعاة بهذه الإماء.

بين عليّ بن أبي طالب وطائفة شباب قريش

موسى بن طلحة قال: جاءنا عليّ بن أبي طالب رحمه الله ونحن في المسجد شباب من شباب قريش. فنحينا له عن الأسطوانة وقلنا: هاهنا يا عم، فقال: يا بني أخي، أنتم لشيوخكم خير من مهرة فإنه إذا كبر الشيخ فيهم شدوه عقالاً ثم يقال له. ثب فيه، فإن وثب خلوا سبيله وقالوا. فيه بقية من علالة، وإن لم يثب قدموه فضربوا علاوته وقالوا: لا يصيبك عندنا بلاء.

لبحر بن الأحنف قيل لبحر بن الأحنف: ما يمنعك أن تكون مثل أبيك قال: الكسل.

وقال يوماً لزبراء جارية أبيه: يا زانية؛ فقالت: لو كنت كذلك جئت أباك بمثلك.

لرجل من الوجوه طلب منه كفن أبو الحسن قال: جاء قوم إلى رجل من الوجوه فقالوا له: مات جارك فلان فمر لنا بكفن؛ فقال: ما عندنا اليوم شيء ولكن تعودون؛ قالوا: أفنملي إلى أن يتيسر عندك شيء! وأتى رجل رجلاً فقال له: أصلحك الله، تعيرنا ثوباً نكفن فيه ميتاً قال قاسم التمار في كلام له: بينهما كما بين السماء إلى قريب من الأرض.

وقال أيضاً: رأيت إيوان كسرى فإذا هو كأنما رفعت اليد عنه أول من أمس.

لعبد الملك بن هلال الهينابي كان عبد الملك بن هلال الهينابي له زبيل مملوء حصاً للتسبيح، فكان يسبح بواحدة واحدة، فإذا مل طرح ثنتين ثنتين ثم ثلاثاً ثلاثاً، فإذا زاد ملاله طرحه قبضة قبضة وقال: سبحان اللّه عددك، فإذا ضجر أخذ بعرى الزبيل وقال: الحمد لله بعدد هذا كله.

للرستمي وقوم نزلوا عنده دخل قوم منزل الرستمي لأمر وقع، فحضر وقت صلاة الظهر فقالوا: كيف القبلة في دارك هذه فقال: إنما نزلناها منذ شهر.

بين الشعبي وشيخ من جهينة المدائني عن عليّ بن مجاهد عن حميد بن أبي البختري أن الشعبي قال: مرضت فلقيت ابن الحر فأمرني أن أمشي كل يوم إلى الثوية؛ فكنت أغدو كل يوم إليهم، فانصرفت ذات يوم فلما كنت في جهينة الظاهرة إذا شيخ منهم قاعد على طنفسة متكيء على وسادة، فسلمت ثم ألقيت نفسي على الرمل؛ فقال: لقد جلست جلسة عاجز أو ضعيف؛ قلت: قد جمعتهما قال: أدام الله لك ذلك. ثم قال: إن أهلي كانوا يتخوفون عليّ ثلاثاً: نقصان البصر وترك النساء والقطاف في المشي، فوالله إنهبم ليرون الشخص واحداً وأراه اثنين، ولقد تركت النساء فما لي فيهن من حاجة، وإني لأمشي فاهملج، قلت: أدام الله لك ذلك.

ليزيد بن نهشل قال المدائني: ركب يزيد بن نهشل النهشلي بعيراً وقال. اللهم إنك قلت "وما كنا له مقرنين" وإني لبعيري هذا لمقرن؛ فنفر به فطرحه وبقيت رجله في الغرز، فجعل يضرب برأسه كل حجر ومدر حتى مات.

لابن عرباض يحكم في رجل يدعيه فريقان: طفاوة وبنو راسب حدّثنا أبو حاتم عن الأصمعيّ قال: اختصمت الطفاوة وبنو راسب في رجل يدعيه الفريقان إلى ابن عرباض، فقال: الحكم بينكم أبين من ذلك، يلقى في النهر فإن طفا فهو لطفاوة، وإن رسب فهو لبني راسب.

للحطيئة عند وفاته المدائني قال: لما حضرت الحطيئة الوفاة قيل له: أوص؛ قال: بم أوصي؛ مالي للذكور دون الإناث؛ فقالوا: إن اللّه لم يأمر بهذا! فقال. لكني آمر به؛ ثم قال. ويل للشعر من راوية الشعر؛ فقيل له. أوص يا أبا مليكة للمساكين بشيء؛ قال. أوصيهم بالمسألة ما عاشوا فإنها تجارة لن تبور. قيل: أعتق عبد ك يساراً؛ قال: اشهدوا أنه عبد ما بقي. قيل. فلان اليتيم ما توصي فيه قال: اوصي أن تأكلوا ماله وتنيكوا أمه؛ قالوا: ليس إلا هذا! قال: احملوني على حمار فإنه لم يمت عليه كريم لعليّ أنجو؛ ومات مكانه.

سعد بن زيد يوصي لما حضرت سعد بن زيد الوفاة جمع ولده قال: يا بني أوصيكم بالناس شراً، كلموهم نزراً، وانظروا اليهم شزراً، ولا تقبلوا لهم عذراً؛ قصروا الأعنة، واشحذوا الأسنة، تأكلوا القريب، ويرهبكم البعيد.

لوكيع يوصي بنيه ولما حضرت وكيعاً الوفاة دعا بنيه فقال: يا بني إني لأعلم أن قوماً سيأتونكم قد أقرحوا جباههم وعرضوا لحاهم يدعون أن لهم على أبيكم ديناً فلا تقضوهم، فإن أباكم قد حمل من الذنوب ما إن غفر الله له لم تضرره، وإلا فهي مع ما تقدم.

بين سوار القاضي وأعرابي من بني العنبر  

تقدم رجل من بني العنبر إلى سوار فقال: إن أبي وتركني وأخاً لي، وخط خطين ناحية، ثم قال: وهجيناً لنا، ثم خط خطاً آخر ناحية، ثم قال: كيف ينقسم المال بيننا فقال: المال بينكم أثلاثاً إن لم يكن وارث غير كم فقال له: لا أحسبك فهمت، إنه تركني وأخي وهجيناً لنا؛ فقال سوار: المال بينكم سواء؛ فقال الأعرابي: أيأخذ الهجين كما آخذ ويأخذ أخي قال: أجل؛ فغضب الأعرابي وقال: تعلم واللة أنك قليل الخالات بالدهناء؛ فقال سوار: إذا لا يضرني ذلك عند الله شيئاً.

بين أعرابي وبعض العمال قال بعض العمال لأعرابي: ما أحسبك تدري كم تصلي في كل يوم وليلة فقال: أرأيت إن أنبأنك بذلك تجعل لي عليك مسألة قال: نعم؛ قال الأعرابي:

إن الصلاة أربعة وأربـع

 

ثم ثلاث بعدهـن أربـع

 

 

 

قال: قد صدقت، فسل؛ قال: كم فقار ظهرك قال: لا أدري؛ قال. أفتحكم بين الناس وأنت تجهل هذا من نفسك! لمحمد بن الجهم البرمكي أخبرني رجل حضر مجلس محمد بن الجهم البرمكي أنه دخل عليه رجل يكتب في حوائج له؛ فقرأها ووعده قضاءها؛ فنهض وهو يدعو له وقال: أبقاك اللّه وحفظك وأتم نعمته عليك؛ فقال له محمد بن الجهم: كتابي إليك وأنا في عافية.