الكتاب الرابع: كتاب الطبائع - الأمثال المضروبة بالطبائع

الأمثال المضروبة بالطبائع

يقال: فلان "أسمع من قراد"؛ والقردان تكون عند الماء فإن قربت الإبل منهم تحركت وانتعشت، فيستدلون بذلك على إقبال الإبل. و"أسمع من فرس و"أحزم من فرخ العقاب"، وذلك أنه يكون في عرض الجبل فلا يتحرك فيسقط. و"أحلم من حية و"أهدى من قطاة وحمامة و"أخف رأساً من الذئب و"أنوم من فهد و"أظلم من حية وذلك لأنهم تدخل حجرة الحشرات وتخرجها. و"أحذر من غراب" و"أصنع من تنوط" وهو طائر يصنع عشاً مدلى من الشجر. و"أصنع من سرفة" وهي دويبة تعمل بيتاً من قطع العيدان. و"أسرق من زبابة" وهي فأرة برية. و"أسرق من كندش" وهو العقعق؛ ويقال أيضاً: "أحمق من عقعق" لأنه من الطير الذي يضيع فراخه. و"أخرق من حمامة" وذلك لأنها لا تجيد عمل العش فربما وقع البيض فانكسر.

شعر لعبيد بن الأبرص قال عبيد بن الأبرص:

عيوا بأمرهم كـمـا

 

عيت بيضتها الحمامه

جعلت لهم عودين من

 

نشمٍ وآخر من ثمامه

يقول: قرنت النشم بالثمام وهو ضعيف فتكسر ووقع البيض فانكسر.

نصيحة عيسى عليه السلام للحواريين

وفي الإنجيل أن المسيح عليه السلام قال للحواريين: كونوا حلماء كالحيات وبلهاً كالحمام. و"أعق من ضب"، لأنه يأكل ولده من الجوع و"أبر من هرة" وهي تأكل ولدها من شدة محبته. و"أروغ من ثعلب"، و"أموق من رخمة" و"أزهى من ذباب" لأنه يقع على أنف الملك وتاجه. و"أصنع من الذبر"، وهي النحل. و"أسمح من لافظة"، ويقال: هي العنز تسمح بالحلب، ويقال: الرحا، لأنهم تلفظ ما تطحنه لا تحبس منه شيئاً. و"أصرد من عين حرباء" و"ألح من الخنفساء و"أخيل من مذالة"، وهي الأمة تهان وهي تتبختر. و"أحلم من فرخ الطائر و"أكيس من قشة"، وهي القردة. و"أجبن من صافر"، وهو ما صفر من الطير، ويقال هو: الصافر بالمرأة للريبة. و"أنم من صبح و"أبعد من بيض الأنوق"، والأنوق: الرخمة تبيض، في أعالي الجبال والشواهق حيث لا يبلغه سبع ولا طائر. و"أشجع من ليث عفرين"، قال بعضهم: هو الأسد، كأنه قال: أشجع من ليث ليوث تعفر من نازعهم وتصره، وقال الأصمعيّ. هو دابة مثل الخرباء يتحدى الراكب ويضربه بذنبه. و"أحن من شارف"، وهي الناقة المسنة. و"أسرع من عدوى الثؤباء و"أروى من النقاقة"، وهي الضفادع. و"أزنى من قرد"، ويقول بعضهم: إنه رجل من هذيل كان كثير الزنا. و"أخدع من ضب و"أشأم من الزرقاء" وهي ناقة

الأنعام

للنبي صلى الله عليه وسلم حدّثني يزيد بن عمرو عن عبد العزيز الباهلي عن الأسود بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما خلق الله دابة أكرم عليه من النعجة" وذلك أنه ستر عورتهم ولم يستر عورة غيرهم .

لإهاب بن عمير وقال. حدّثني أبو حاتم عن الأصمعيّ عن إهاب بن عمير قال. كان لنا جمل يعرف كشح الحامل من غير أن يشمها.

لابنة الخس قيل لابنة الخس: ما تقولين في مائة من المعز قالت: قنى؛ قيل: فمائة من الضأن قالت: غنى؛ قيل: فمائة من الإبل قالت: منى. والعرب تضرب المثل في الصرد بالمعزى فتقول: "أصرد من عنز جرباء" وسأل دغغل عن بني مخزوم، فقال: معزى مطيرة، عليها قشعريرة، إلا بني المغيرة؛ فإن فيهم تشادق الكلام، ومصاهرة الكرام.

للعرب فيما تقول على ألسنة البهائم وقالت العرب فيما تقول على ألسنة البهائم: قالت المعزى: الاست جهوى، والذنب ألوى؛ والجلد رقاق، والشعر دقاق. قالوا: والضأن تضع مرة في السنة وتفرد ولا تلتئم، والماعز قد تلد مرتين في السنة، تضع الثلاثة وأكثر وأقل، والنماء والبركة والعدد في الضأن، وكذلك الخنازير تضع الأنثى منهم عشرين خنوصاً ولا نماء فيهم. ويقال: الجواميس ضأن البقر، والبخت ضأن الإبل، والبراذين ضأن الخيل، والجرذان ضأن الفأر، والدلدل ضأن القنافذ، والنمل ضأن الذر. يقول الأطباء في لحم الماعز: إنه يورث الهم ويحرك السوداء ويورث النسيان ويخبل الأولاد ويفسد الدم، ولحم الضأن يضر بمن يصرع من المرة إضراراً شديدا حتى يصرعهم في غير أوان الصرع. وأوان الصرع الأهلة وأنصاف الشهور؛ وهذان الوقتان هما وقت معد البحر وزيادة الماء والدم. ولزيادة القمر إلى أن يصير بدراً أثر في زيادة الدم والدماغ وجميع الرطوبات قال الشاعر:

كأن القوم عشوا لحم ضـأن

 

فهم نعجون قد مالت طلاهم

وفي الماعزة: إنهم ترتضع من لخفها، وهي محفلة حتى تأتي على كل ما فيه؛ قال ابن أحمر:

إني وجدت بني أعيا وجاملهـم

 

كالعنز تعطف روقيها فترتضع

وإذا رعت الضائنة والماعزة في قصير نبت لم ينبت ما تأكله الماعزة لأن الضائنة تقرضه بأسنانهم والماعزة تقتلعه وتجذبه فتنثره من أصله. وإذا حمل على الماعزة فحملت أنزلت التبن في أول الحمل إلى الضرع، والضائنة لا تنزل اللبن إلا عند الولاد، ولذلك تقول العرب "رمدت المعزى فرنق رنق" و"رمدت الضأن فربق ربق" وذكور كل شيء أحسن من إناثه إلا التيوس فإنهم أقبح من الصفايا. وأصوات الذكور من كل شيء أجهر وأغلظ إلا إناث البقر فإنهم أجهر أصواتاً من ذكورهم.

لأعرابي في صفة الشاة الحامل قيل لأعرابي: بأي شيء تعرف حمل شاتك قال: إذا ورم حياؤها ورجت شعرتها واستفاضت خاصرتها.

قال الأصمعيّ: لبني عقيل ماعزة لا ترد، تجتزئ بالرطب.

معرفة لون جنين النعجة في كتب الروم وقرأت في كتاب من كتب الروم: إن أردت أن تعرف ما لون جنين النعجة فانظر إلى لسانها فإن الجنين يكون على لونه.

وقرأت فيه أن الإبل تتحامى أمهاتها وأخواتها فلا تسفدها.

قالوا: وكل ثور أفطس، وكل بعير أعلم وكل ذباب أقرح.

في إذلال البعير وقالوا: البعير إذا صعب وخافه الناس استعانوا عليه حتى يبرك ويعقل ثم يركبه فحل أخر فيذل.
والعرب تعرف البعير المغد بسقوط الذباب عليه. ويقولون: بعير مذبوب إذا عرض له داء يدعو الذباب إلى المسقوط عليه.
لبعض القصاص في فضل الله على البعير وسخطه على التيس وقال بعض القصاص: مما فضل الله به الكبش أن جعله مستور العورة من قبل ومن دبر، ومما أهان به التيس أن جعله مهتوك الستر مكشوف القبل والدبر.

من مناجاة عزير حدّثني عبد الرحمن بن عبد المنعم عن أمية عن وهب بن منبه أنه قال: كان في مناجاة عزير: اللهم إنك اخترت من الأنعام الضائنة، ومن الطير الحمامة، ومن النبات الحبلة، ومن البيوت بكة، وإيلياء، ومن إيلياء بيت المقدس.

للنبي صلى الله عليه وسلم وفي الحديث أن امرأة أتت النبي عليه السلام فقال: يا رسول الله، صلى الله عليك، إني اتخذت غنماً أبتغي نسلهم ورسلهم وإنهم لا تنمو. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما ألوانهم"، قالت: سود، فقال: "عفري"، وبعث إلى الرعيان "من كانت له غنم سود فليخلطهم بغفر فإن دم عفراء أزكى من دم سوداوين".

وقال: "الغنم إذا أقبلت أقبلت وإذا أدبرت أقبلت. والأبل إذا أدبرت أدبرت وإذا أقبلت أدبرت ولا يأتي نفعهم إلا من جانبهم الأشأم".

والأقط قد يكون من المعزى قال امرؤ القيس:

لنا غنم نسوقـهـم غـزاز

 

كأن قرون جلتها عـصـي

فتملأ بيتنا أقطاً وسـمـنـاً

 

وحسبك من غنى شبع وري

وقالوا: شقشقة البعير: لهاته يخرجها.

شعر مخارق بن شهاب في الغنم ومن أحسن ما قيل في الغنم قول مخارق بن شهاب في تيس غنمه:

وراحت أصيلانا كـأن ضـروعـهـم

 

دلاء وفيهم واتـد الـقـرن لـبـلـب

له رعثـات كـالـشـنـوف وغـرة

 

شديخ ولـون كـالـوذيلة مـذهــب

وعينا أحم المـقـلـتـين وعـصـمة

 

يواصلها دان من الظلـف مـكـنـب

إذا دوحة من مخرف الضال أذبـلـت

 

عطاها كمما يعطو ذرى الضال قرهب

أبو الحور والغر اللـواتـي كـأنـهـا

 

من الحسن في الأعناق جزع مثـقـب

ترى ضيفها فيهـا يبـيت بـغـبـطة

 

وضيف ابن قـيس جـائع يتـحـوب

فوفد ابن قيس هذا على الثعبان فقال: كيف المخارق فيكم قال: سيد كريم من رجل يمدح تيسه ويهجو ابن عمه.

للعجاج يصف شاة قال العجاج في وصف شاة: حمراء المقدم شعراء المؤخر إذا أقبلت حسبتها نافراً، وإذا أدبرت حسبتها ناثراً. أي كأنهم تعطس، يريد من أي أقطارهم رأيتهم وجدتهم مشرقة.

لأعرابي يهزأ بصاحبه قال الأصمعي: قال أعرابي يهزأ بصاحبه: اشتر لي شاة فقماء كأنها تضحك، مندلقة خاصرتاها، لها ضرع أرقط كأنه جيب؛ قال: فكيف العطل قال: أنى لهذه عطل؛ العطل: العنق. يقول. من سمنها يحسب أنه لا عنق لها.

مما تقوله العرب على ألسنة البهائم ومما تقوله العرب على ألسنة البهائم. قالت الضائنة: أوتد رخالاً وأجز جفالاً وأحلب كثباً ثقالا ولم تر مثلي مالاً حفالاً. تقول: أجز مرة وذلك أن الضائنة إذا جزت لم يسقط من صوفهم شيء إلى الأرض حتى يؤتى عليه؛ والكثب جمع كغبة وهي الدفعة من اللبن، تقول: أحلب دفعاً ثقالا من اللبن، وذلك لأن لبنهم أدسم وأخثر من لبن المعز فهو أثقل.

السباع وما شاكلها

في طيب الأفواه يقال. إنه ليس شيء من السباع أطيب أفواهم من الكلاب، ولا في الوحوش أطيب أفواهاً من الظباء.
ويقال. ليس شيء أشد بخراً من أسد وصقر، ولا في السباع أسبح من كلب. وليس في الأرض فحل من جميع أجناس الحيوان لذكره حجم ظاهر إلا الإنسان والكلب. والأسد لا يأكل الحار ولا يدنو من النار ولا يأكل الحامض وكذلك أكثر السباع.

للروم وتقول الروم: إن الأسد يذعر بصوت الديك ولا يدنو من المرأة الطامث. والأسد إذا بال شغر كما يشغر الكلب؛ وهو قليل الشرب للماء، ونجوه يشبه نجو الكلب، ودواء عضته دواء عضة الكلب الكلب.

الحيوانات التي تضيء عيونهم في الليل وقالوا: العيون التي تضيء بالليل عيون الأسد والنمور والسنانير والأفاعي.

والعرب تقو ل هو "أحمق من جهيزة"، وهي الذئبة لأنها تدع ولدها وترضع ولد الضبع.

ويقولون: الضبع إذا صيدت أو قتلت عال الذئب أولادهم وأتاهم باللحم؛ قال الكميت:

كما خامرت في بيتها أم عامـر

 

لدى الحبل حتى عال أوس عيالها

أوس: الذئب.

وقالوا. ثلاثة من الحيوان ترجع في قيئها: الأسد والكلب والسنور، ويقال: الضب أيضاً. أمراض الكلاب وأمراض الكلاب ثلاثة: الكلب وهو جنون، والذبحة والنقرس.

فوائد دماء الملوك وشعر للفرزدق والعرب تقول: دماء الملوك شفاء من عضة الكلب الكلب والجنون والخبل؛ قال الفرزدق:

من الدارميين الذين دماؤهـم

 

شفاء من الداء المجنة والخبل

للخيل بن أحمد في دواء عضة الكلب وبلغني عن الخليل بن أحمد أنه قال: دواء عضة الكلب الكلب الذراريح والعدس والشراب العتيق يصنع؛ وقد ذكر كيف صنعته وكم يشرب منه وكيف تتعالج به، والكلب الكلب إذا عض إنساناً فربما أحاله نباحاً مثله ثم أحبله وألقحه بأجر صغار تراهم علقاً في صور ا لكلاب.

مداواة المحل بن الأسود عتيبة بن مرداس من داء الكلب وشعر لابن فسوة في ذلك قال أبو اليقظان: كان الأسود بن أوس بن الحمرة أتى النجاشي فعلمه دواء الكلب، فهو في ولده إلى اليوم. فمن ولده المحل، وقد داوى المحل عتيبة بن مرداس فأخرج منه مثل جراء الكلاب علقاً، قال ابن فسوة حين برأ:

ولولا دواء لابن المحل وعلمـه

 

هررت إذا ما الناس هر كليبها

وأخرج بعد اللّـه أولاد زارع

 

مولعة أكتافهم وجـنـوبـهـا

الكليب: جمع كلب على غير قياس مثل عبد وعبيد.

شعر لامرأة رجل من بني العنبر عضه كلب كلب وعض رجلاً من بني العنبر كلب كلب فبال علقاً في صور الكلاب، فقالت امرأته:

أبالك أدراصاً وأولاد زارع

 

لعمري نهية المتعـجـب

ويزعمون أنه يطلب الماء أشد طالب، فإذا أتوه به صاح عند معاينته: لا أريد لا أريد، أو شيئاً في معنى ذلك.

قالوا. وتمام حمل الكلبة ستون يوماً، فإن وضعت في أقل من ذلك لم تكد أولادها تعيش. وإناث الكلاب تحيض في كل سبعة أيام وعلامة ذلك أن يرم ثفر" الكلبة ولا تريد السفاد في ذلك الوقت. وذكور السلوقية تعيش عشرين سنة، والإناث تعيش اثنتي عشرة سنة. وليس يلقي الكلب شيئاً من أسنانه سوى النابين.

علامة سرعة الكلب قالوا. وعلامة سرعة الكلب أن يطول ما بين يديه ورجليه ويكون قصير الظهر.

وصف الكلب ويوصف الكلب بصغر الرأس وطول العنق وغلظها وإفراط الغضف وزرق العينين وعظم المقلتين وطول الخطم مع اللطافة وسعة الشدقين ونتوء الحدقة ونتوء الجبهة وعرضها، وأن يكون الشعر الذي تحت حنكه طاقة ويكون غليظاً، وكذلك شعر خديه، ويكون قصير اليدين طويل الرجلين عريض الظهر طويل الصدر، في ركبته انحناء. ويكره للذكور طول الأذناب قالوا: وإذا هرم الكلب أطعم السمن مراراً فإنه يعود كالشاب، وإذا حفى دهنت أسته وأجم ومسح على يديه ورجليه القطران. وإذا بلغ أن يشغر فقد بلغ الإلقاح. والكلب من الحيوان إلذي يحتلم.

قالوا في الكلبة: إنه يسفدهم كلب أسود وكلب أبيض وكلب أصفر فتؤدي إلى كل سافد شكله وشبهه.
ما جاء في الكلب من الأمثال قعد جماعة من أصحابنا يعدون ما جاء في الكلب من الأمثال فحفظت منه: "ألأم من كلب على عرق"، و"أجع كلبك يتبعك"، و"نعيم كلب في بؤس أهله"، و"أسمن كلبك يأكلك" و"أحرص من كلب على عقي صبي"، و"أجوع من كلبة حومل" و"أبول من كلب"، و"جلس فلان مزجر الكلب" و"الكلاب على الجقح "، و"الكلب م حب أهله إليه الظاعن "، و"هو كالكلب في الأذى لا يعتلف ولا يدع الدابة تعتكن".

الذئب

الذئب إذا سفد الذئبة فالتحم الفرجان وهجم عليهما هاجم قتلهما كيف شاء، إلا أنهما لا يكادان يوجدان كذلك، لأن الذئب إذا أراد السفاد توخى موضعاً لا يطؤه أنيس خوفاً على نفسه. وتقول الروم: إن الذئب إذا رأى إنساناً قبل أن يراه الإنسان أبح الذئب صوت ذلك الإنسان.

وقالوا: في طبع الذئب محبة الدم، ويبلغ به طبعه أنه يرى الذئب مثله قد دمي فيثب عليه فيمزقه؛ قال الشاعر:

وكنت كذئب السوء لما رأى دماً

 

بصاحبه يوماً أحال على الـدم

قالوا: والفرس إذا وطئ أثر الذئب ثقلت قائمته التي وطئ بها.

من كتاب عليّ رضي الله عنه إلى ابن عباس رضي الله عنهما وفي كتاب عليّ رضي الله عنه إلى ابن عباس: لقد رأيت العدو على ابن عمك قد حرب، والزمان قد كلب، قلبت لابن عمك ظهر المجن بفراقه مع المفارقين، وخذلانه مع الخاذلين، واختطفت ما قدرت عليه من الأموال اختطاف الذئب الأزل دامية المعزى.

في نوم الذئب وشعر لحميد بن ثور ويقولون. إن الذئب ربما نام بإحدى عينيه وفتح الأخرى؛ وقال حميد بن ثور:

ينام بإحدى مقلـتـيه ويتـقـي

 

بأخرى المنايا فهو يقظان هاجع

والذئب أشد السباع مطالبة، وإذا عجز عوى عواء استغاثة فتسامعت الذئاب فأقبلت حتى تجتمع على الإنسان فتأكله؛ وليس شيء من السباع يفعل ذلك.

الفيل

قالوا: لسان الفيل مقلوب طرفه إلى داخل.

من أقوال الهند في لسان الفيل والهند تقول: لولا أن لسانه مقلوي لتكلم.

والفيل إذا ساء خلقه وصعب عصبوا رجليه فسكن. وليس في جميع الحيوان شيء لذكوره ثدي في صدره إلا الإنسان والفيل.

والفيل المغتلم إن سمع صوت خنوص من الخنازير ارتاع ونفر. والفيل يفزع من السنور.

وتزعم الهند أن نابي الفيل هما قرناه يخرجان مستبطنين حتى يخرقا الحنك ويخرجا أعقفين. وقال صاحب المنطق: ظهر فيل عاش أربعمائة سنة.

وقال حدّثني شيخ لنا قال: رأيت فيلاً أيام أبي جعفر قيل. إنه سجد لسابور ذي الأكتاف ولأبي جعفر، والفيلة تضع في سبع سنين.

الفهد

قالوا: السباع تشتهى رائحة الفهد، فإذا سمن الفهد عرف أنه مطلوب وأن حركته قد ثقلت فأخفى نفسه حتى ينقضي الزمان الذي تسمن فيه الفهود. ويعتري الفهد داء يقالع له خانقة الفهود، فإذا اعتراه أكل العذرة فبرأ. والوحشي المسن منها في الصيد أنفع من الجرو المربب.

الأرنب

قالوا: الأرنب تحيض ولاتسمن إلا بزيادة اللحم. وقضيب الذكر من الأرانب ربما كاد من عضم، وكذلك قضيب الثعلب. والأرنب تنام مفتوحة العين. وإنفحة الأرنب إذا شربتهم المرأة من بعد أن تطهر من المحيض منعت من الحبل. والكلف إن طلي بدم الأرنب أذهبه.

القرد والدب

لعمرو بن ميمون في قردة زنت قال: حدّثني محمد بن خالد بن خداش قال: حدّثني سلم بن قتيبة عن هشام عن حصين وأبي بلج عن عمرو بن ميمون قال. زنت قردة في الجاهلية فرجمهم القرود ورجمتهم معهم.

قالوا: وليس شيء يجتمع فيه الزواج والغيرة إلا الإنسان والقرد.

قالوا: والديسم جرو الدب تضعه أمه وهو كفدرة لحم فتهرب به في المواضع العالية من الذر والنمل حتى تثغد أعضاؤه.

مصايد السباع العادية

السباع العادية: تصطاد بالزبى والمغويات، وهي آبار تحفر في أنشاز الأرض، فلذلك يقال: قد "بلغ السيل الزبى".
في مصائد السباع العادية قال صاحب الفلاحة: ومما تصاد به السباع العادية أن يؤخذ سمك من سمك البحر الكبار السمان فتقطع قطعاً ثم تشرح ثم تكتل كتلاً ثم تؤجج نار في غائط من الأرض يقرب فيه السباع ثم تقذف تلك الكتل في النار واحدة بعد واحدة حتى ينتشر دخان تلك النار وقتار تلك الكتل في تلك الأرض ثم تطرح حول تلك النار قطع من لحم قد جعل فيها الخربق الأسود والأفيون وتكون تلك النار في موضع لا ترى فيه حتى تقبل السباع لريح القتار وهي آمنة فتأكل من قطع اللحم ويغشى عليها فيصيدها الكامنون لهم كيف شاءوا.

النعام

قالوا في الظليم: إن الصيف إذا أقبل وابتدأ البسر في الحمرة ابتدأ لون وظيفيه بالحمرة ولا يزالان يتلونان ويزدادان حمرة إلى أن تنتهي حمرة البسر، ولذلك قيل له: خاضب.

وفي الظليم: إن كل ذي رجلين إذا انكسرت إحدى رجليه قام على الأخرى وتحامل على ظلع غيره فإنه إذا انكسرت إحدى رجليه جثم، ولذلك قال الشاعر في نفسه وأخيه:

فإني وإياه كرجلـي نـعـامةٍ

 

على ما بنا من ذي غنى وفقير

يقول: لا غنى بواحد منا عن الآخر.

وقال آخر:

إذا انكسرت رجل النعامة لم تجد

 

على أختهم نهضا ولا باستها حبوا

قالوا: وعلة ذلك أنه لا مخ له في ساقيه، وكل عظم فهو ينجبر إلا عظماً لا مخ فيه؛ وزماخر الشاء لا تنجبر؛ قال الشاعر:

أجدك لم تظلع برجل نـعـامة

 

ولست بنهاض وعظمك زمخر

أي أجوف لا مخ فيه.

شعر لذي الرمة يذكر الظليم

والظليم يغتذي المرو والضخر فتذيبه قانصته بطبعهم حتى يصير كالماء قال ذو الرمة يذكره:

ألهـاه آء وتـنـوم وعـقـبـتـه

 

من لائح المرو والمرعى له عقب

ولأبي النجم قال أبو النجم:

والمرو يلقيه إلى أمـعـائه

 

في سرطم هاد على التوائه

والظليم يبتلع الجمرة وربما ألقي الحجر في النار حتى إذا صار كأنه جمرة قذف به بين يديه فيبتلعه وربما ابتلع أوزان الحديد.

في النعامة وفي النعامة إنهم أخذت من البعير المنسم والوظيف والعنق والخزامة، ومن الطائر الريش والجناحين والمنقار فهو لا بعير ولا طائر؛ وقال أوس بن حجر:

وتنهى ذوي الأحلام عني حلومهم

 

وأرفع صوتي للتعام المـخـزم

جعله مخزماً للخرقين اللذين في عرض أنفه في موضع الخزامة من البعير.

شعر ليحيى بن نوفل قال يحيى بن نوفل:

ومثل نعمامة تدعى بـعـيراً

 

تعاصينا إذا ما قيل طـيري

فإن قيل احملي قالت فـإنـي

 

من الطير المربة في الوكور

شعر لابن هرمة في النعامة وتقول العرب في المثل: هذا "أموق من نعامة" وذلك أنهم ربما خرجت لطلب الطعم فمرت ببيض نعامة أخرى فحضنته وتركت بيضها؛ ولذلك قال الشاعر وهو ابن هرمة:

وإني وتركي ندى الأكرمين

 

وقدحي بكفي زندا شحاحا

كتاركة بيضها بالـعـراء

 

وملبسةٍ بيض أخرى جناحا

ولسهم بن حنظلة وقال سهم بن حنظلة:

إذا ما لقيت بني عامـر

 

رأيت جفاء ونوكاً كبيرا

نعمام تمد بأعنـاقـهـا

 

ويمنعا نوكهما أن تطيرا

في نفور النعامة، وشعر لبشر بن أبي خازم يهجو بنو عامر ويضرب بهم المثل في الشراد والنفار قال بشر بن أبي خازم:

وأما بنو عامر بالنسار

 

فكانوا غداة لقونا نعاما

ير يد مروا منهزمين.

وربما حضنت النعامة أربعين بيضة أو نحوهم وأخرجت ثلاثين رألا، قال ذو الرمة:

كأنه خاضب بالسي مرتعـه

 

أبو ثلاثين أمسى وهو منقلب

والبواقي من بيضها الذي لا تنقفه يقال لهم: الترائك.

في عدو الظليم وأشد ما يكون الظليم عدواً إذا استقبل الريح لأنه يضع عنقه على ظهره ثم يخرق الريح وإذا استدبرها كبته من خلفه.

والنعامة تضع بيضها طولاً ثم تغطيها كل بيضة بما يصيبها من الحضن؛ قال ابن أحمر:

وضعن وكلهن على غرار

وقال آخر:

على غرار كاستواء المطمر

والمطمر خيط البناء، إلا أن ثعلبة بن صعير خالف ذلك فقال يذكر الظليم والنعامة:

فتذكرا ثقلاً رثيداً بعـدمـا

 

ألقت ذكاء يمينها في كافر

والرثيد: المنضود بعضه على بعض.

قالوا: الوحش في الفلوات ما لم تعرف الإنسان ولم تره لا تنفر منه إذا رأته خلا النعام فإنه شارد أبداً؛ قال ذو الرمة:

وكل أحم الـمـقـلـتـين كـأنـه

 

أخو الإنس من طول الخلاء المغفل

يريد: أنه لا ينفر من الناس لأنه في خلاء ولم ير أحداً قبل طلك.

للأحيمر السعدي وقال الأحيمر السعدي: كنت حين خلعني قومي وأطل السلطان دمي وهربت وترددت في البوادي ظننت أني قد جزت نخل وبار أو قريب منهم، وذلك أني كنت أرى النوى في رجع الذئاب وكنت أغشى الظباء وغيرهم من بهائم الوحش فلا تنفر مني، لأنها لم تر أحداً قبلي وكنت أمشي إلى الظبي السمين فآخذه، وعلى ذلك رأيت جميع تلك الوحوش إلا النعام فإنه لم أره قط إلا نافراً فزعاً.

الطير

إعجاب للنبي صلى الله عليه وسلم النظر إلى الحمام الأحمر قان: حدّثني زياد بن يحيى قال. حدّثنا أبو عتاب قال: حدّثنا طلحة بن يزيد الشامي عن بقية بن الوليد عن عبد اللّه بن أبي كبشة عن أبيه قال: كان النبي عليه السلام يعجبه أن ينظر إلى الأترج وإلى الحمام الأحمر.

للرياشي عن عليّ بن أبي طالب حدّثني الرياشيّ قال: ليس شيء يغيب أذناه إلا وهو يبيض، وليس شيء يظهر أذناه إلا وهو يلد؛ وروي ذلك عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام.

للنبي صلى الله عليه وسلم حدّثني محمد بن عبيد عن معاوية بن عمرو عن أبي إسحاق عن ابن جريج قال ابن شهاب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أربع لا يقتلن النملة والنحلة والهدهد والصرد".

دعاء داود عليه السلام

بلغني عن مكحول قال: كان من دعاء داود النبي عليه السلام: "يا رازق النعاب في عشه".

وذلك أن الغراب إذا فقص عن فراخه خرجت بيضاً فإذا رآها كذلك نفر عنها فتفتح أفواهها ويرسل الله لهم ذباباً فيدخل في أجوافها فيكون غذاءها حتى تسود، وإذا اسودت عاد الغراب فغذاها ويرفع الله عنهم الذباب.

للنبي صلى الله عليه وسلم قال: حدّثني أحمد بن الخليل عن محمد بن عباد عن الوليد بن كثير عن عبد الملك بن يحيى قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "لا تطرقوا الطير في أوكارها فإن الليل أمان الله" وله صلى الله عليه وسلم في الديك الأبيض حدّثني أبو سفيان الغنوي عن معاوية بن عمرو عن طلحة بن زيد عن الأحوص بن حكيم عن خالد بن معدان عن رجل من الأنصار قال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الديك الأبيض صديقي وصديق صديقي وعدو عدو الله يحرس دار صاحبه وسبع أدور". وكان النبي عليه السلام يبيته معه في البيت.

في أصناف الطير قالوا: الطير ثلاثة أضرب، بهائم الطير وهو ما لقط الحبوب والبزور، وسباع الطير وهي التي تغتدي اللحم، والمشترك وهو مثل العصفور يشارك بهائم الطير في أنه ليس بذي مخلب ولا منسر وإذا سقط على عود قدم أصابعه الثلاث وأخر الدابرة. وسباع الطير تقدم إصبعين وتؤخر إصبعين ويشارك سباع الطير بأنه يلقم فراخه ولا يزق وأنه يأكل اللحم ويصطاد الجراد والنمل.

قالوا: والعصفور شديد الوطء، والفيل خفيف الوطء، والورشان يصرغ في كل شهر مرة.

قالوا: وأسوأ الطير هداية الأسود، والأبيض لا يجيء من الغاية لضعف قوته وأجودهم هداية الغبر والنمر.

لصاحب الفلاحة في طبائع الحمام قال صاحب الفلاحة: الحمام يعجب بالكمون ويألف الموضع الذي يكون فيه الكمون، وكذلك العدس ولا سيما إذا أنقعا في عصير حلو. ومما يصلحن عليه ويكثرن أن تدخن بيوتهن بالعلك؛ وأسلم مواضعها وأصلحها أن يبنى لها بيت على أساطين خشب ويجعل فيه ثلاث كوى: كوة في سمك البيت وكوة من قبل المشرق وكوة من قبل المغرب، وبابان من قبل مهب الجنوب.
قال: والسذاب إذا ألقي في البرج تحامته السنانير البرية.

للكلبي في فضل أسماء كنائن نوح عليه السلام حدّثني ابن أبي سعد عن عليّ بن الصباح عن أبي المنذر هشام بن محمد قال: حدّثني أن أسماء كنائن نوح إذا كتبن في زوايا بيت حمام نمت الفروخ وسلمت من الآفات. قال هشام. قد جربته أنا وغيري فوجدته كما قال أبي.

قال: واسم امرأة سام بن نوح "محلث محو"، واسم امرأة حام "أذنف نشا" واسم امرأة يافت "زذقت نبث".

في أمراض الحمام قالوا: وأمراض الحمام أربعة: الكباد والخنان والسل والقمل، فدواء الكباد الزعفران والسكر الطبرزذ وماء الهندباء يجعل في سكرجة ثم يمج في حلقه قبل أن يلتقط شيئاً. ودواء الخنان أن يلين لسانه يوماً أو اثنين بدهن البنفسج ثم بالرماد والملح ويدلك بهما حتى تنسلخ الجلدة العليّا التي غشيت لسانه ثم يطلى بعسل ودهن ورد حتى يبرأ. ودواء السل أن يطعم الماش المقشور ويمج في حلقه لبن حليب ويقطع من وظيفيه عرقان ظاهران في أسفل ذلك مما يلي المفصل. ودواء القمل أن تطلى أصول ريشه بالزنبق المخلوط بدهن البنفسج، يفعل به ذلك مراراً حتى يسقط قمله، ويكنس مكانه الذي يكون فيه كنساً نظيفاً.

في الطير الذي يخرج في الليل قالوا: والطير الذي يخرج من وكره بالليل البومة والصدى والهامة والضوع والوطواط والخفاش وغراب الليل.

قالوا: إذا خرج فرخ الحمامة نفخ أبواه في حلقه الريح لتتسع الحوصلة من بعد التحامها وتنبثق، فإذا اتسعت زقاه عند ذلك اللعاب ثم زقاه سورج أصول الحيطان ليدبغا به الحوصلة، ثم زقاه بعد الحب.

للمثنى بن زهير قال المثنى بن زهير: لم أر شيئا قط في رجل وامرأة إلا وقد رأيته في الحمام، رأيت حمامة لا تريد إلا ذكرها، ورأيت حمامة لا تمنع شيئاً من الذكور، ورأيت حمامة لا تزيف إلا بعد شدة طلب، ورأيت حمامة تزيف للذكر ساعة يطلبها، ورأيت حمامة وهي تمكن آخر ما تعدوه، ورأيت حمامة تقمط حمامة، ورأيت حمامة تقمط الذكر، ورأيت ذكرا يقمط الذكر، ورأيت الذكر يقمط ما لقي ولا يزواج، ورأيت ذكراً له أنثيان يحضن مع هذه وهذه ويزق مع هذه وهذه.

البيض

في أصناف البيض

قالوا: والبيض يكون من أربعة أشياء: منه ما يكون من السفاد؛ ومنه ما يكون من التراب، ومنه ما يكون من نسيم الريح يصل إلى أرحامها؛ ومنه شيء يعتري الحجل وما شاكله في الطبيعة، فإن الأنثى منه ربما كانت على سفالة الريح التي تهمت من شق الذكر في بعض الزمان فتحتشي من ذلك بيضاً، وكذلك النخلة تكون بجنب الفحال وتحت ريحه فتلقح بتلك الريحة وتكتفي بذلك، والدجاجة إذا هرمت لم يكن لبيضهم مح، وإذا لم يكن للبيضة مح لم يخلق فيهم فرخ، لأنه لا يكون له طعم يغذوه؛ والفرخ والفروج يخلقان من البياض وغذاؤهما الصفرة، وإذا باضت الدجاجة بيضتين في اليوم كان ذلك من علامات موتهم

والطائر إذا نتف ريشه احتبس بيضه وإذا سمع صوت الرعد الشديد.

 الخفاش

خصائص الخفاش قالوا. عجائب الخفاش أنه لا يبصر في الضوء الشديد ولا في الظلمة الشديدة ونحبل وتلد وتحيض وترضع وتطير بلا ريش، وتحمل الأنثى ولدهم تحت جناحهم وربما قبضت عليه بفيها خوفاً عليه، وربما ولدت وهي تطير. ولهم أذنان وأسنان وجناحان متصلان برجليها، وأبصارها تصح على طول العمر، وإنما يظهر في القمر منهم المسنات.

لبعض الحكماء وقال بعض الحكماء: الخفاش فأر يطير.

الخطاف والزرزور

قالوا: الخطاف والرزور يتبع الربيع حيث كان.

قالوا: وتقلع إحدى عينيه فترجع. والزرزور لا يمشي ومتى وقع بالأرض لم يستقل وأخذ، وإنما يعشش في الأماكن المرتفعة فإذا أراد الطيران رمى بنفسه في الهواء فطار، وإذا أراد أن يشرب الماء انقض عليه فشرب منه اختلاسا من غير أن يسقط بالأرض.

العقاب والحدأة

قالوا: العقاب تبيض ثلاث بيضات في أكثر حالاتهم فإذا فرخت غذت اثنين وباعدت عنها واحداً فيتعهد فرخها طائر يقال له: كاسر العظام، ويغذوه حتى يكبر ويقوى.

لصاحب الفلاحة في العقاب والحدأة وقال صاحب الفلاحة: العقاب والحدأة يتبدلان فتصير العقافي حدأة والحدأة عقاباً.
قال: وكذلك الأرانب تتبدل فيصير الذكر منها أنثى وتصير الأنثى ذكراً.

لصاحب المنطق في العقاب قال صاحب المنطق: العقاب إذا اشتكت كبدهم من رفعهم الثعلب والأرنب في الهواء وحظهم لذلك وأشباهه تعالجت بأكل الأكباد حتى تبرأ.

الغراب

الغربان لا تقرب النخل المواقير وإنما تسقط على النخل المصرومة فتلقط ما يسقط من التمر في القلبة وأصول الكرب وعلى إناث الغربان الحضن وعلى الذكور أن تأتي الإناث بالطعم، والإوزة دون الذكر.

والغربان أكتم شيء للسفاد.

القطا

قالوا: والقطا لا تضع بيضهما أبداً إلا أفراداً؛ قال أبو وجزة:

وهن ينسبن وهناً كل صـادقة

 

باتت تباشر عرماً غير أزواج

الحيوان الذي لا يصلح شأنه إلا برئيس أو رقيب الحيوان الذي لا يصلح شأنه إلا برئيس أو رقيب: الناس، والغرانيق، والكراكي والنحل؛ فأما الإبل والبقر والحمير فتتخذ رئيساً من غير رقيب.

باب مصايد الطير

لصاحب الفلاحة في طرق صيد الطير قال صاحب الفلاحة: من أراد أن يحتال للطير والدجاج حتى يتحيرن ويغشى عليهن حتى يصيدهن عمد إلى الحلتيت فدافه بالماء ثم جعل في ذلك الماء شيئاً من عسل ثم أنقع فيه براً يوماً وليلة ثم ألقى ذلك البر للطير فإنهم إذا التقطته تحيرت وغشي عليهم فلم تقدر على الطيران إلا أن تسقى لبناً خالطه سمن.

قال: وإن عمد إلى طحين بر غير منخول فعجن بخمر ثم طرح للطير والحجل فأكلن منه تحيرن. وإن جعل خمر في إناء وجعل فيه بنبيذ فشربن منه غشي عليهن.

قال: ومما يصاد به الكراكي وغيرها من الطير أن يوضع لهن في مواقعهن إناء فيه خمر وقد جعل فيه خربق أسود والنقع فيه شعير فإذا أكلن منه أخذهن الصائد كيف شاء.

من طرق مصائد الطير قال غيره: ومما تصاد به العصافير بأسهل حيلة أن تؤخذ شبكة في صورة المحبرة اليهودية المنكوسة ويجعل في جوفهم عصفور فتنقض عليه العصافير ويدخلن عليه وما دخل منهم لم يقدر على الخروج فيصيد الرجل في اليوم الواحد مائتين وهو وادع.

قال: ويصاد طير الماء بالقرعة وذلك أن تؤخذ قرعة يابسة صحيحة فيرمى بهم في الماء فإنهم تتحرك فإذا أبصرهم الطير تتحرك فزع فإذا كثر ذلك عليه أنس حتى لربما سقط عليهم، ثم تؤخذ قرعة فيقطع رأسها ويخرق فيها موضع عينين ثم يدخل الصائد رأسه فيهم ويدخل الماء فيمشي إليهم مشياً رويداً فكلما دنا من طائر أدخل يده في الماء فقبض على رجليه ثم غمسه في الماء ثم دق جناحه وخلاه فبقي طافياً فوق الماء يسبح برجله ولا يطيق الطيران، وسائر الطير لا يمكن انغماسه فإذا فزع من صيد ما يريد رمى بالقرعة ثم يلتقطهم ويحملهم.

الحشرات

لعبد الله بن عمر عن أصناف الفار حدّثني يزيد بن عمرو قال. حدّثنا عبد الله بن الربيع قال: أخبرنا هشام بن عبد الله عن قتادة عن عبد الله بن عمرو أنه قال: الفأرة يهودية ولو سقيتهم ألبان الإبل ما شربتهم، والفار أصناف: منهن الزباب وهو أصم.
شعر للحارث بن حلزة قال الحارث بن حلزة:

وهم زبـاب حـائر

 

لا تسمح الآذان رعدا

 والخلد وهو أعمى؛ وتقول العرب: هو "أسرق من زبابة" وفأرة البيش، والبيش سم قاتل؛ ويقال: هو قرون السنبل، وله فأرة تغتذيه لا تأكل غيره، ومن غير هذا فأرة المسك وفارة الإبل أفاحت أرواحهم إذا عرقت.

قالوا: ومن الحيات ما يقتل ولا يخطئ: الثعبان والأفعى والهندية؛ فأما سوى هذه فإنما يقتل بما يمده من الفزع، لأنه إذا فزع تفتحت منافسه فوغل السم إلى مواضع الصميم وعمق البدن، فإن نهشت النائم والمغمى عليه والطفل الصغير والمجنون الذي لا يعقل لم تقتل.

وأذناب الأفاعي تقطع فتهبت ونابهم يقطع بالعكاز فينبت حتى يعود في ثلاث ليال؛ والحية إن ننفث في فيهم حماض الأترج وأطبق لحيها الأعلى على الأسفل لم تقتل بعضتها أياماً صالحة." ومن الناس من يبصق في فم الحية فيقتلها بريقه.

والحيات تكره ريح السذاب والشيح، وتعجب باللفاح؛ والبطيخ والحرف والخردل الموخف واللبن والخمر، وليس في الأرض حيوان أصبر على جوع من حية؛ ثم الضب بعدها فإذا هرمت صغرت في بدنها وأقنعها النسيم ولم تشته الطعام، ولذلك قال الراجز

حارية قد صغرت من الكبر

لصاحب الفلاحة في الحية وقال صاحب الفلاحة. إن الحية إن ضربتهم بقصبة مرة أوهنتهم القصبة في تلك الضربة وحيرتهم، فإن ألحت عليهم بالضرب انسابت ولم تكترث.

ما يعالج بن الملسوع قال. ومن جيد ما يعالج به الملسوع أن يشق بطن الضفددع ثم يرفد به موضع لسعة العقرب.

في الضفاع والضفدع لا يصيح حتى يدخل حنكه الأسفل في الماء، فإذا صار في فيه بعض الماء صاح، ولذلك لا تسمع للضفادع نقيقاً إذا خرجن من الماء، قال الراجز:

يدخل في الأشداق ماءً ينصفه

 

حتى ينق والنقيق يتـلـفـه

يريد أن النقيق يدل عليه حية البحر، كما قال الآخر:

ضفاع في ظلماء ليلٍ تجاوبت

 

فدل عليهما صوتها حية البحر

وقال في السبخ: إنه إن انخرق فيه خرق بمقدار منخر الثور حتى تدخله الريح استحال ذلك السبخ ضفادع. والضفادع لا عظام لها، ويضرب بها المثل في الرسح؛ فيقال: "أرسح من ضفدع" و"أجحظ عينا من ضفدع".

قالوا: وكل شيء يأكل فهو يحرك فكه الأسفل إلا التمساح فإنه يحرك فكه الأعلى.

سمك الرعاد في مصر من صاد منه سمكة لم تزل يده ترعد وتنتفض ما دام في شبكته أو شصه. والجعل ،إذا دفنته في الورد سكنت حركته حتى يتوهم من رآه قد مات، فإذا أعدته إلى الروث تحرك ورجع في حسه. والعير إذا ابتلع في علفه خنفساء قتلته إن وصلت إلى جوفه حية. وأطول شيء ذماء الخنفساء فإنها يسرج على ظهرها فتصبر وتمشي.

والضب يذبح فيمكث ليلة ثم يقرب من النار فيتحرك.

والأفعى إذا ذبحت تبقى أياماً تتحرك وإن وطئها واطئ نهشته، ويقطع ثلثها الأسفل فتعيش وينبت ذلك المقطوع.

والكلب والخنزير يجرحان الجرح القاتل فيعيشان.

قالوا: وللضب ذكران وللضبة حران، خبرني بذلك سهل عن الأصمعي أو غيره. قال: ويقال لذكره نزك وأنشد:

سبحل له نزكان كانا فـضـيلة

 

على كل حافٍ في البلاد وناعل

 وكذلك الحردون. والذبان لا تقرب قدراً فيهم كمأة.

وسام أبرص لا يدخل بيتاً فيه زعفران.

ومن عضه الكلب الكلب احتاج إلى أن يستر وجهه من الذباب لئلا يسقط عليه.

وخرطوم الذباب يده، ومنه يغني، وفيه يجري الصوت كما يجري الزافر الصوت في القصبة بالنفخ.

قالوا: ليس شيء يذخر إلا الإنسان والنملة والفأرة. والذرة اتذخر في الصيف للشتاء فإذا خافت العَفَن على الحبوب أخرجتها إلى ظاهِر الأرض فشَرًرَتْها، وأكثرُ ما تَفعلُ ذلك ليلاً في القمر. فإن خافت أن ينبتَ الحب نقرت وسط الحبة لئلا تنبتَ.
والسلَحْفَاة إذا أكلت أفْعى أكلت سَعْتَرا جَبَلياً.

وابنُ عِرْسٍ إذا قاتل الحيةَ أكل السذَابَ.

والكلاب إذا كان في أجوافها عود أكلت سُنبلَ القَمح.

والأيِّلُ إذا نهشته الحيةُ أكل السراطين.

لابن ماسويه قال ابن ماسويه: فلذلك يُظنّ أن السراطينَ صالحة لمن نُهِشَ من الناس.

والوَزَع، يُزاقُّ الحياتِ ويُقارِبُها، ويَكرع في اللبن والمَرَق ثم يَمُخع في الإناء، وأهلُ السجن يعملون من الوزع سمّاً أنفذَ من سم البِيش ومن ريق الأفاعي، وذلك أنهم يُدخلون الوزعَة قارورةً ثم يَصبون فيها من الزيت ما يغمُرها ويضعونها في الشمس أربعين يوماً حتى تتهرّأ في الزيت، فإن مُسِحَتْ على اللُّقمةِ منه مَسحةٌ وأكله آكل مات من يومه.

والجرادُ إذا طَلع فعُمِدَ إلى التُرْمُس والحَنظَل فطبِخا بماء ثم نُضحَ ذلك الماءُ على زرع تنكّبه الجرادُ.

وإذا زُرع خَرْدَل في نواحي زرع نجا من الدَبَى.

وإذا أخذ المُرْدَاسَنْجً فعُجِن بعجين ثم طُرح للفأر فأكلته مُوّتن عنه، وكذلك بُرايةُ الحديد.

وإذا أخِذ الأفْيون والشُّونِيز والبارد وقرنُ الأيل وبَابُونَج وظِلفٌ من أظلاف المعز فَخُلِط لك جميعاً ثم دقّ وعُجِن بخل عتيق ثم قُطِعَ قطعاً فدُخن بقطعة منه نفرت لذلك الحيّاتُ الهوامُّ والنملُ والعقاربُ، وإن أحرِقَ منه شيء ودُخَن به هرب ما وجَدَ منها تلك الريحَ.

والنملُ تهرُبُ من دُخَان أصول الحَنْظَل.

في ما يقتل النمل وإن عُمِدَ إلى كبريت وسَذَابٍ وخَرْبقٍ فَحُق ذلك جميعاً وطُرِحَ في قرية النمل قتلها ومنعها ظهورهن من ذلك الموضع ذهبن.

في طرد البعوض والبعوضُ تهرُب من دخان القَلْقَدِيس إذا دُخن به ومعه حبُّ السوس، وتهرُب من دخان الكبريت والعِلْك.
منافع لحم الحيوان وقالت الأطباء: لحمُ ابنِ عرس نافعٌ من الصرْع. ولحمُ القُنفذ نافع من الجُذام والسل والتشنُج ووجع الكُلَى، يُجففُ وُيشرب ويُطعَمُه العليلُ مطبوخاً ومشو ويُضمدُ به المتشنج. والعقرب إذا شُقَّ بطنُها ثم شُد على موضع اللسعة نفعت. وقد تجعل في جوف فَخار مشدود الرأس مُطَين الجوانب ثم يوضع الفخّارُ في تَنُّور، فإذا صارت العقربُ رَماداً سُقيَ منْ ذلك الرمادِ مَن به الحصاة مقدارَ نصف دانق وأكثر فيُفَتَت الحصاةَ من غير أن يضر بشيء مم سائر الأعضاء والأخلاط وقد تَلسعُ العقربُ مَنْ به حُمَّى عتيقة فتقلعُ؛ وتلسعُ المفلوجَ فيذهبُ عنه الفالِجِ، وتلقى في الدهن وتُترك فيه حتى يأخذَ الدُهنُ منها ويَجتذبَ قُواها فيكون ذلك الدُّهْنُ مُفرقاً للأورام الغليظة.

من طبع العقرب ومن طبع العقرب أنك إن ألقيتها في ماء غَمْرٍ بقيت في وسط الماء لا تَطفو ولا تَرسُبُ؛ وهي من الحيوان الذي لا يَسبَحُ.

وعينُ الجرادة وعينُ الأفعى لا تَدورانِ. وإنما تَنْسُجُ من العناكب الأنثى، والذكر هو الخدْرَنُق. وولد العنكبوت يَنسُجُ ساعةَ يولدُ. والقَمْلُ يُخلق في الرؤوس على لون الشعر إن كان أسودَ أو أبيضَ أو مخضوباً بالحِنّاء.

الحُلْكاءُ دُوَيبَّة تغوص في الرمل كما يغوص طائرُ الماء في الماء.

وبناتُ النّقا كذلك، وهي التي يُقال لها: شحمةُ الأرض.

وأم حُبَيْنٍ لا تُقيمُ بمكان تكون فيه السرْفَةُ، والسّرفةُ دويَبَة يُضربُ بها المثلُ في الصّنعة فيقال: "أصْنَعُ مِنْ سُرْفَةٍ ".
شعر لأعرابية في أفعى ومن أحسنِ ما قيل في الأفعى قول امرأة من الأعراب:

خُلِقَتْ لَهَازِمُه عِـزِينَ وراسـهُ

 

كالقُرْص فُرْطِحَ من دقيقِ شعيرِ

وكأن مَلْـقـاهُ بـكـلّ تَـنُـوفَةٍ

 

مَلقاكَ كفَّةَ مِنْجَـلٍِ مـأطـور

وُيدير عيناً للـوِقـاع كـأنـهـا

 

سمراءُ طاحت من نفِيض بَريرِ

لماسرجويه وقد سُئل عن السموم وعلاجها

قيل لماسرجويه: نَجدُ ملسوعَ العقرب يُعالجَ بالاسفيوش فينفعه، وآخر يُعالج بالبندق فينفعه، وآخر يَشربُ الأنقاس فتنفعه، وآخر يأكلُ التفاحَ الحامضَ فينفعًه، وآخر يَطليه بالقِلْي والخل فيحمَدُه، وآخر يَعْصِبُ عليه الثومَ الحارَّ المطبوخَ، وآخر يُدخِلُ يده في مِرْجَلٍ حار لا ماء يه فيحَمدُه، وآخر يعالج بالنُّخَالة الحارّة فيحمدَها، وآخر يَحجِمُ ذلك الموضعَ فيحمَده، ثم رأيناه يتعالج بعدُ بذلك الشيءِ للسعة أخرى فلا يحمده! فقال: لما اختلفت السّمومُ في أنفسها بالجنس والقدر والزمان، وباختلاف ما لاقاه اختلفَ الذي يوافقه على حسب اختلافه.

قالوا: وأشدّ ما تكون لسعتُها إذا خرج الإنسانُ من الحمّام، لتفتّح المنافس وسَعَةِ المجاري وسُخُونة البدن.

لأي بكر البحري وحدّثني أبو حاتم عن الأصمعيَ قال: قال أبو بكر البحريّ: ما من شيء يضرّ إلا يحمل منفعة.
لبعض الأطباء وقيل لبعض الأطباء: إن قائلاً قال: أنا مثلُ العقرب أضُر ولا أنفعُ. فقال: ما أقلّ علمه بها، "إنها لتنفع إذا شُقّ بطنُها ثم شُئت على موضع اللّسعة؛ وقد تجعل في جوف فخار مشدود الرأس مُطيّن الجوانب ثم يُوضع الفخار في تَنُور فإذا صارت العقربُ رَماداً سُقِيَ من الرمادِ مقدارَ نصف دانق أو أكثر قليلاً مَنْ به الحصاةُ ففتّها من غير أن يضر بشيء من سائر الأعضاء والأخلاط. وقد تَلسعُ العقربُ مَن به الحمَى العتيقةُ فتُقلِعُ عنه. ولَسعتِ العقرب رجلاً مفلوجاً فذهب عنه الفالج. وقد تُلقَى العقربُ في الدهن وتترك فيه حتى يأخذَ الدهنُ منها ويَجتذبَ قواها فيكون ذلك الدهنُ مُفرقاً للأورام الغليظة.

بين أعرابي لسعته عقرب وبعض الناس قال أبو عبيدة: ولَسعت أعرابياً عقرب بالبصرة، وخِيفَ عليه فاشتد جزعُه، فقال بعض الناس له: ليس شي خيراً مِنْ أن تُغْسَلَ له خُصِيةُ زِنجي عَرِقَ ففعلوا، وكان ذاك في ليلَةٍ ومدة، فلما سَقَوْه قَطَب؛ فقيل له: طعمَ ماذا تَجِدُ قال: أجدُ طعمَ قِرْبَةٍ جديدةٍ.

بين المأمون وسلمويه وبختيشوع وابن ماسويه قال المأمون: قال لي بَخْتِيَشُوع وسلمويه وابن ماسويه: إن الذباب إذا دلِكَ على موضع لسعة الزُّنبور هَدَأ وسكن الألمُ، فلسعني زُنبور فحككتُ على موضعه أكثر من عشرين ذبابة سكن الألمُ إلا في قدر الزمان الني كان يسكن فيه من غير علاج، فلم يبقَ في يدي منهم إلا أن يقولوا: كان هذا الزنبورُ حنقاً غاضباً، ولولا ذلك العلاجُ قتلَك.

قالوا: ومما ينفع من اللسعة أن يُصيروا على موضعها قطعةَ رَصاصٍ رقيقةً وتُشد عليه أياماً. وقد يُمَوهُ بهذا قوم فيجعلونه خاتَماً فيدفعونه إلى الملسوع إذا نُهِشَ في إصبعه.

لمحمد بن الجَهْم قال محمد بن الجَهْم: لا تتهاونوا بكثير مما تَرَوْن من علاج العجائز، فإن كثيراً منه وقع إليهن من قدماء الأطباء، كالذبان يلقَى في الإثمدِ فيسحقُ معه، فيزيدُ ذلك في نور البصر، النظر وتشديدِ مراكز الشعر في حافات الجفون.
قال: وفي أمة من الأمم قومٌ يأكلون الذَبانَ فلا يرمَدون، وليس لذلك يأكلونه، ولكن كما يأكل غيرهم فراخ الزنانير.
لابن ماسويه في علاج لسع العقرب وقال ابن ماسوِيه: المجرًبُ للسع العقرب أن يُسقَى من الزًراوَند المدحرج ويُشربَ عليه ماء بارد، ويُمضغ ويوضعَ على اللسعة.

قال: وللسع الأفاعي والحيّات ورقُ الاس الرطب يُعْصَرُ ويُسقَى من مائه قدرَ نصف رطل، وكذلك ماء المَرْزَنْجُوش وماء ورق التفاح المدقوق والمعصور مع المطبوخ، ويُضمد الموضعُ بورق التفاح المدقوق. وللأدوية والسموم القاتلة البندق والتين والسذابُ يُطعم ذلك العليلُ.

قال: والثُّوم والملح وبَعْر الغنم نافع جدّاً إذا وُضِعَ على موضع لسعة الحية إلا أن تكون اصَلةً، فإن الأصَلَةَ تُوضعُ على لسعها الكُلْيتان جميعاً بالزيت والعسل.

والخِطمي إذا أخِذَ ورقُه فلُق ثم وُضع على لسع قَملة النّسر كان دواء له. وإن طَلَى أحد به يديه أو جسده لم يَلدغْ ذلك الموضعَ منه زُنْبور. وإن لَدغَ أحداً زنبورٌ فآذاه فشرب من مائه نفعه.

والبشكول وهو الطرشَقوقُ إن دُق فضُمد به لسعةُ العقرب نفع إذا أغلي أو شُرِب من عصيره.

قالوا: وإن أخَذَ مَنْ حذَر على نفسه السمومَ التينَ مع الشُّونِيز على الريق وَقاه.

النبات

لكُليب أبي وائل

حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد قال: حدثنا قريشُ بن أنس عن كُلَيْب ابن وائل رجل من المُطَّوٌعة قال: رأيت ببلاد الهند شجراً له ورد أحمر مكتوب فيه ببياض "محمد رسول الله". والعرب تقول في مثل هذا هو "أشكرَ من البَرْوَقَة"، وهو نبت ضعيف ينبت بالغيم.

ويزعم قوم أن النارَجيلَ هو نخل المُقْل قَلبه طِباعُ البلد.

لصاحب الفلاحة في الكرنب والكَرْم وقال صاحب الفلاحة: بين الكُرْنب وبين الكَرْم عداوة، فإذا زُرعَ الكرنب بحضرة الكَرم ذَبَلَ أحدهما وتشنج، ولذلك يُبطىء السُّكْرُ عمن أكل منه ورقاتٍ على ريق النفس ثم شرب. وقُضبان الرمان إذا ضُرِبَ بها ظهرُ رجل اشتد عليه الألم.

وقالوا: وكل زَهر ونَوْرٍ فإنه ينحرفُ مع الشمس وُيحوَل إليها وجهَه؛ ولذلك يقال: يُضاحِكُ الشمسَ.

للأعشى قال الأعشى:

ما روضَةٌ من رياض الحَزْنِ مُعشِبةٌ

 

خضراءُ جَادَ عليها مُسْبِلٌ هَـطِـل

يُضاحكُ الشمسَ منها كوكبٌ شَـرِقٌ

 

مُؤَزَز بِعَميم النَبـتِ مُـكْـتَـهِـلُ

وقال آخر:

فَنُوَّارُه مِيلٌ إلى الشمس زَاهِرُه

 والخُبًازَي يَنضمُّ ورقُهً بالليل ويَنفتِحُ بالنهار.

والنًيلُوفَرُ يَنبتُ في الماء فيغيب الليلَ كلّه ويظهرُ إذا طلعتِ الشمسُ.

في الطحلب وقالوا في الطحلُب: إن اخذ فجُفِّفَ في الظل ثم سقطَ في النار لم يَحترِق.

وذكروا أن قَسّاً راهنَ على صليب في عنقه من خشب أنه لا يَحترق، وقال: هو من العود، الذي صًلِبَ عليه المسيحُ، فكاد يَفتِنُ بذلك خَلْقاً حتى فَطِنَ له بعضُ أهل النظر فأتاهم بقطعة، تكون بكرِمانَ فكان أبقى على النار منِ صليبه. والطلَقُ كذلك لا يصير جمراً.
وطِلاءُ النفاطين طَلَقٌ وخِطْمِي ومَغرَةٌ.

وقالوا: إذا أخِذَ بِزرُ السذاب البريّ وزُرع وطال به ذلك تَحوّل حرملاً، والنّمامُ إذا أعتَقَ تحول حبقاً.

قالوا: والقُسْطُ إنما هو جَزَر بحريّ.

قالوا: بالسند نبتٌ من الحشيش يُسمّى تِرِيَّةً، إذا أخذ فطُبخ ثم صُفِّي ماؤه فجُعِلَ في وِعاء لم يلبَث إلا يسيراً حتى يشتد ويسكِر شاربَه إسكارَ الخمر.

لصاحب الفلاحة في إفساد البقل والرمان قال صاحب الفلاحة: من أراد أن يضرّ بمَبْقَلَةٍ عَمَد إلى شيء من خُرء البَط فخلط به كل من ملح ثم طُرِحَا في ماءٍ فدِيفَا فيه فيُنضَحُ ذلك الماءُ على البقل فإنه يَفْسُدُ.

قال: ومن أراد إفسادَ الرمان الكثير ألقى في أضعافه نوَىَ التمر والملح والجرِيش. ومن أراد قتلَ السمك في الماء القائم عَمَد إلى نبت يسمى "ما هِي زهره" فدُقّ وطُرِحَ في الماء فإنه يموت سمكُ ذلك الماءَ؛ والمازريون يفعل ذلك.

قال: ومما يَجِص له الشجر أن يُعمَد إلى مِسمار من حديد فيُحمَى بالنار حتى تشتدّ حُمرته ثم يدَقّ في أصل الشجرة، وأن يُعْمَد إلى وتد من طَرْفاءَ فيُثقَبَ أصل الشجرة بِمثقَب حديد يُجَعلَ ذلك العودُ على قدر الثقب في المِثقَب فتجفّ الشجرةُ إن كان غِلظُ العودُ على قدر الثقب.

لماسرجويه في أن النظر إلى الخضرة فضائل قيل لماسرجويه: ما بالُ الأكَرَةِ وسُكَانِ البساتينِ مع أكلهم الكُراثَ والتمرَ وشُربِهم الحار على السّمكِ المالح أقل عُمياناً وعُورَاناً وعُمشَاناً قال: فكَّرتُ في ذلك فلم أجهدْ عِلّةً طولَ وُقوع أبصارهم على الخضرة.

الحجارة

لأرسطاطاليس قال أرسطاطاليس: حَجرُ سنقيلا إذا رُبط على بطن صاحب الاستسقاء نَشَفَ منه الماءَ والدليل على ذلك أنه يوزن بعد أن كان على بطنه فيوجدُ قد زاد في وزنه؛ وذاكرتُ بهذا رجلاً من علماء الأطبّاء فعرفه، وقال: هذا الحجر مذكور في التوراة. وحجر المغناطيس يَجذِبُ الحديدَ من بُعْدٍ وإذا وُضِعَ عليه عَلقَه، فإن دُلِكَ بالثُوم بطلَ عملُه.

قالوا: والرّمادُ ؤالقِلْيُ يُدبران فيستحِيلان حجارةً سُوداً تَصلحُ للأرجاء. ومِن الحجارة حصاةٌ في صورة النواة تَسبَحُ في الخل كأنها سمكة. ومنها خَرَزَة العُقْر إن كانت في حَقْو المرأة فلا تَحْبَلُ. وحجر يُوضع على حرف التنور فيتساقط خبزُ التنور كله.
وبمصر حجر مَنْ قَبضَ عليه بِجمبع كَفيهِ فأكل شيئاً في جوفه فإن هو لم يَنْبُذْه من كفه خِيفَ عليه. ومن الحجارة النَشفُ، ليس شيء من الحجارة يَطْفُو على الماء غيره وفيه حُفَر صِغَارٌ.

قالوا: الرصاص قد يدبرُ فيستحيلُ مُرْدَاسَنْجاً.

وإقليمياء النحاس يدبر فيصيرُ تُوتِياء. وحجر البازَهْر يُفرًقُ الأورام.

الشب اليماني وباليمن جبل يقطر منه ماء، فإذا صار إلى الأرض ويَبِسَ استحال وصار شباً، وهو هذا الشب اليماني.
للأصمعي في أشياء لا تكون إلا باليمن حدّثنا الرياشي عن الأصمعي قال: أربعةُ أشياءَ قد ملأتِ الدنيا لا تكون إلا باليمن: الوَرْسُ والكُنْدُرُ والخِطْرُ والعَصْب.

وبمصرحجر تُحركه فسمعُ في جوفه شيئاً يَتقلقلُ كالنواة.

بين شريح ورجلين اختصما إليه حدثني شيخ لنا عن علي بن عاصم عن خالد الحَذَّاء عن محمد بن سيرين قال: اختصم رجلان إلى شُرَيْح، فقال أحدُهما: إني استودعتُ هذا وديعةً فأبى أن يدردها عليّ. فقال له شريح: رُدَ على هذا الرجل وديعَته. قال: يا أبا أميةَ، إنه حجر إذا رأته الحُبْلَى ألقتْ ولدَها وإذا وَقَع في الخل غَلَى، وإذا وُضِع في التنُور بَرَدَ فسكتَ شرَيحٌ ولم يَقُلْ شيئاً حتى قاما.

الجنّ

قالوا: الشياطينُ مَرَدةُ الجن، والجان ضَعَفةُ الجن.

لمجاهد عن إبليس وبلغني عن يحيى بن آدم عن شَرِيكٍ عن لَيْث عنِ مُجاهد قال: قال - يعني إبليس عليه لعنة الله - : أعطِينَا أنا نَرَى ولا نُرَى، وأنا ندخُل تحت الثَرَى، وأن شيخنا يُرَدّ فَتىً.

بين عبدالله بن الزبير ورجل من الجن حدّثنا عبد الرحمن عن عمه قال: حدّثني يَعْلَى بن عُقْبة - شيِخ من أهل المدينة مولًى لآل الزُّبَير - : أن عبد الله بن الزبير باتَ بالقَفْر، فقام ليَرْحَلَ فوجدَ رجلاً طُوله شِبرانِ عظيمَ اللحية على الوَلِيّة، فنفَضَها فوقع ثم وضَعَها على الراحلة، وجاء وهو بين الشَرْخَينِ، فنفضَ الرحلَ ثم شده، وأخذ السوطَ ثم أتاه، فقال: مَنْ أنتَ قال: أنا أزَبُ. قال: وما أزَت قال: رجلٌ من الجن. قال: افتح فاك أنظر. ففتح فاه، قال: أهكذا حُلوقُكُم! لقد شُوًه حُلوقُكمُ! ثم قَلَبَ السوطَ فوضعه في رأس أزَب حتى شقه.

 

بين بنت عوف بن عفراء ورجل من الجن ثم بينها وبين عائشة رضي الله عنها حدثني خالد بن محمد الأزدي قال: حدثنا عمر بن يونس قال: حدثنا عِكرِمة بن عفار قال: حدثنا إسحاق بن أبي طلحة الأنصاري قال: حدثني أنس بن مالك قال: كانت بنتُ عوف ابن عفراء مُضطجِعَةً في بيتها قائلة إذا استيقظَتْ وزنجي على صدرها آخذاً بحلقها، قالت: فأمسكَني ما شاء الله وأنا حينثذ قد حَرُمَتْ علي الصلاةُ، فبينا أنا كذلك نظرتُ إلى سقف البيت يَنْفَرِج، حتى نظرتُ إلى السماء فإذا صحيفة صفراء تَهِوي بين السماء والأرض حتى وقَعتْ على صدري، فنشرها وأرسل حَلقي فقرأها، فإذا فيها: من رَبّ لُكَيزٍ إلى لُكيزٍ، اجتنب ابنةَ العبد الصالح إنه لا سبيل لك عليها. ثم ضرب بيده على ركبتي وقال: لولا هذه الصحيفةُ لكان دم، أي لذبحتُكِ؛ فاسودتْ ركبتي حتى صارت مثلَ رأس الشاة، فأتيت عائشة. فذكرت لها ذلك؛ فقالت لي: يا بنة أخي، إذا حِضتِ فألزِمي عليك ثيابكِ فإنه لا سبيل له عليكِ إن شاء الله. فحفظها اللّه بأبيها وكان استُشهِدَ يوم بدر.

بين عجوز وجني أبو يعقوب الثقفيّ عن عبد الملك بن عُمير عن الشّعْبيّ عن زياد بن النضر أن عجوزاً سألت جِنّيّاً فقالت: إن بنتي عَروسٌ وقد تمرط شَعَرُها من حمَى رِبْع بها، فهل عندكَ دواء فقال: اعْمدِي إلى ذُباب الماء الطويل القوائم الذي يكون بأفواه الأنهار فاجعليه في سبعة ألوان من العِهْنِ: أصفرَ وأحمرَ وأخضرَ وأزرقَ وأبيضَ وأسودَ وأغبرَ، ثم اجعليه في وسطه وافتِلِيه بأصبعك هكذا ثم اعقِديه على عَضُدها اليسرى، ففعلَتْ فكأنّها النشِطَتْ من عِقَالٍ.

لمحمد بن مسلم الطائفي حدّثني أبو حاتم عن الأصمعي قال: أخبرني محمد بن مسلم الطائفيّ في حديث ذكره أن الشياطين لا تستطيعُ أن تغيَرَ خَلْقَها ولكنها تُسَخرُ.

وللنهاس بن قهم، ولغيره وقال الأصمعي: حدّثنا أبو عمرو بن العلاء قال: حدثنا النفاسُ بن قَهْم قال: دخلتُ مِرْبَداً لنا فإذا فيه شيء كالعَجوْل له قرنان وله رِيشٌ ينظرُ إليٌ كأنه شيطان.

حدثنا عبد الرحمن بن عبدالله عن عمه قال: سَمِع رجلٌ بأرض ليس بها أحدٌ قائلاً من تحته يقول: مَنْ يُحرك شُعَيراتِي ذاك مَقِيلي، وظِل مَظَفي، حاشا الغزيل وعبد الملك وجمعهِ الأدْم، وكانوا يَرَوْن أن الأصمعي سمع هذا، وذاك أنه كان في آخر عمره وقد أصابه مَسٌ ثم ذهب عنه.

بين عُمير بن ضبيعة وصاحب له وجني حدّثني سهل بن محمد عن الأصمعي قال: أخبرنا عمر بن الهيثم عن عُمَير بن ضبَيْعة قال: بينا أنا أسيرُ في فلاةٍ أنا وابن ظبيانَ - أو رفيق له آخر ذكره - عَرَضتْ لنا عجوز - كذا سمعته يقول، إن شاء الله - أو شيخ - ورأيتُ في كتاب محمدٍ ابنه - وصبي يبكي؛ فقال: إني مُنْقَطَعٌ بي في هذه الفلاة فلو تحمّلتماني! فقال صاحبُ عمير: لو أردفتَه! فحمله خلفَه، فمكثنا ساعة فنظم في وجه عمير وتنفّس فخرج مِنْ فِيهِ نارٌ مثلُ نار الأتون فأخذَ له عميرٌ السيفَ فبكى وقال: ما تُرِيدُ منّي فكفّ عنه ولم يُعْلِم صاحبَه بما رأى؛ فمكث هنيهةً ثم عاد، فأخذ له السيفَ؛ فبكى وقال: ما تريد مني وبكى؛ فتركه ولم يعْلِم صاحبه؛ ثم عاد الثالثةَ ففغر في وجهه؛ فحمل عليه بالسيف؛ فلما رأى الجدَ وثبَ وقال: قاتَلكَ اللُه ما أشد قلبَك! ما فَعلتُه قطّ في وجه رجل إلا ذهب عقلُه.

بين النبي صلى الله عليه وسلم وأبو أيوب الأنصاري والغول بلغني عن محمد بن عبد الله الأسديّ عن سفيان عن ابن أبي ليلى عن أخيه عن عبد الرحمن عن أبي أيوب الأنصاري أنه كان في سَفْرَة له وكانت الغولُ تجيء، فشكاها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "إذا رأيتَها فقُل باسم اللِه أجيبي رسولَ الله" فجاءت فقال لها ذلك، فأخذها فقالت: لا أعودة فأرسلها فقال له النبي عليه السلام: "ما فَعل أسيرك" فأخبره؛ فقال: "إنها عائدة" ففعلتْ ذلك مرتين أو ثلاثاً، وقالت في آخرها: أرسِلْني وأعلَمك شيئاً تقوله فلا يضرّك شيء: آيةَ الكرسيّ. فأتى النبي عليه السلام فأخبره؛ فقال: "صَدَقَتْ وهي كذُوبٌ".

بين عمر بن عبد العزيز وعامل عمان في شأن ساحرة حدّثني زيدُ بن أخزَمَ قال: حدثنا عبد الصمد عن همام عن يحيى بن أبي كثير أن عامل عُمَانَ كتب إلى عمرَ بن عبد العزيز: إنا أتِينَا بساحرة فألقيناها في الماء فطَفَتْ؛ فكتب إليه عمرُ لَسْنَا من الماءِ

في شيء، إن قامتِ البينةُ وإلا فَخَل عنها.

للنيي صلى الله عليه وسلم حدثني يزيد بن عمرو قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا ابن جُريج عن ابن أبي الحسين المكي قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "نعِمَتِ الذخْنةُ اللبانُ واللُبانً دُخنةً الأنبياءِ ولن يَدخُلَ بيتاً خن فيه بِلُبَانٍ ساحِر ولا كاهِن".
بين سفيان بن عيينة وأعرابية حدثني عبدالله بن أبي سعيد قال: حدثني عبدالله بن مروان بن معاوية من ولد أسماء بن خارجةَ قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول: سمعتُ أعرابيةً تقول: من يشتري مني الحَزَأ فقلتُ: وما الحزأ قالت: يشتريه أكايسُ النساء للطَّشة والخافية والإقلاتِ. قال عبد الله: سألتُ ابن مُنَاذِرٍ فقال: الطَّشةُ: شيء يُصيبُ الصبيانَ كالزُّكام. والخافيةُ: الجن. والإقلاتُ: قِلةُ الولد. يريد أن المرأةَ إذا ولدت يموتُ أولادُها فلا يبقى لها ولد؛ يقال: امرأة مِقْلاَت.

بين شيخ من بني نمير وقوم من الجن المسلمين  

بلغني عن شيخ منِ بني نُمير أنه قال: أضْللْت أباعر لي بالشُرَيفِ فخرجتُ في بُغَائِها فذأبْتُ أياماً فأمسيتُ عشيَّةَ بواب مُوحِش وقد كدَدْتُ راحلتي فاختليتُ لها من الشجر وأصبتُ لها من الماء ثم قيَدتُها واضجعتُ مغموماً، فلما جَرى وسَنُ النوم في عيني إذ هَمس قَدمٌ قريباً مني، فانتبهتُ فزِعاً وإذا شيخ يتنحنح وهو يقول: لا رَيْعَة عليك! ثم سلّم وجلس؛ ثم جاء آخر وآخر حتى تألّفوا أربعة فقالوا: ما بك أيها المسلم. فقلت: أضللتُ أباعِرَ لي وأنا في طلبها؛ منذ أيام. فقال لي الأول منهم: كُنّ لك ما كنّ، وقد ودعنَ فبِنّ، وصِرنَ حيث صِرنَ، فلا تتعَنّيَن. فاجترأت على المسألة فقلت: أمِن الخافيةِ أنتم نشدتكم بإلهكم. قالوا: نعم وإلهنا إلهكم واحدة فقلت: علموني مما علمكم الله شيئاً أنتفع به. قالوا: إذا أردتَ حِفظَ مالِكَ فاقرأ عليه: "إن رَبكُمُ اللُّه الذِي خَلَقَ السموَاتِ والأرضَ في سِتَةِ أيامٍ ثم اسْتَوَى عَلَى الْعَرْش" إلى آخر ثلاث الآيات، وآية الكرسي، وإذا أمسيتَ في خَلاءٍ وحمَك فاقرأ المعوَذتين، وإن حببتَ ألا يعبَثَ بك ولا بأهلك وولدك عابثٌ منا فعليك بالديكِ الأبيض؛ واجعل في حجور صبيانك بَرِيماً، يعني خيطاً من صوف أبيض وأسود، واحتَشُوا بالإذخر يُنشر في الصوف. فحدثوني كحديثنا تلك الليلة، فلما أصبحت رجعتُ.

قال المدائنيّ: كانت وفاةُ زِياد بالعَرْفَةِ ظهرتْ في إصبعه، واشتد عليه الوجع فجمع الأطباء فشاورهم في قطع إصبعه، فأشار عليه بعضهم بذلك، وقال له رجل منهم: أتجد الوجعَ، الإصبع أم تجده في قلبك والإصبع قال: في قلبي وفي إصبعي. قال: عِش سليماً ومُتْ سليماً. وأمره أن يَغمِسها في الخّل، فكان ذلك يُخفف عنه بعضَ الوجع، فمكث بذلك سبعة عشر يوماً ثم مات؛ وسَمِع أهل الحبس ليلةَ مات قائلاً يقول: أنا النقادُ فوق الرقْيَة قد كفيتُكم الرجلَ. والعرب تدعو الطاعونَ رماحَ الجن.

للنبي صلى الله عليه وسلم في الطاعون وقال النبيّ صلى الله عليه وسلم "إنه وَخْزٌ من الجنّ" يعني الطاعونَ. واللهّ أعلم

.أنتهى كتاب ألطبائع وهو  الكتاب الرابع ويتلوه كتاب العلم.