الكتاب الخامس: كتاب العلم والبيان - في فضل العلم

في فضل العلم

وكان يقال: استُدِل على فضل العلم أنه ليس أحدٌ يُحِبّ أن له بحظه منه خَطَراً.

ليونس بن حبيب، وأبي الأسود قال يونس بن حبيب: عِلْمُك من رُوحك، ومَالُك من بَدَنك.

قال أبو الأسود: الملوك حُكَامٌ على الناس، والعلماء حُكَامٌ على الملوك.

لبزرجمهر في فضل العالم على الغني قيل لبُزُرْجِمهْر: العلماءُ أفضلُ أم الأغنياء فقال: العلماء. فقيل له: فما بالُ العلماء بأبواب الأغنياء أكْثَرُ من الأغنياء بأبواب العلماء فقال: لمعرفة العلماء بفضل الغِنَى وجَهل الأغنياء بفضل العلم.

للنبي صلى الله عليه وسلم وفي الحديث: "ليس المَلَقُ من أخلاق المؤمن إلا في طلب العِلْم".

لابن عباس رضي الله عنهما قال ابن عبّاس: ذَلَلْتُ طالباً، فعزَزْتُ مطلوباً؛ وكان يقول: وجدتُّ عامّة علم رسول الله صلى الله عليه وسلم عند هذا الحيّ من الأنصار، إنْ كنتُ لأقِيل بباب أحدهم ولو شئتُ أذن لي، ولكن أبتغي بذلك طِيب نفسه.

في درجات العلم وكان يقال: أوَّلُ العلم الصمت والثاني الاستماعُ، والثالث الحِفْظُ، والرابع العقل، والخامس نشرُه.

للحسن قال الحسن: مَن أحسنَ عِبادَةَ اللّه في شبيبته لقاه الله الحكمة في سِنِّه، وذلك قولُه: "وَلما بَلَغَ أشُدَّهُ واسْتَوَى أتَيْنَاهُ حُكْماً وعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ".

في الحكمة، وصفات العالم قال بعض الحكماء من الصحابة: تقول الحكمةُ: مَن التمسني فلم يَجِدْنِي فَليفْعَلْ بأحسنِ ما يعْلم، وليترك أقبح ما يَعلم، فإذا فَعَلَ ذلك فأنَا معه وإن لم يَعرِفْني.

وكان يقال: لا يكون الرجلُ عالماً حتى يكونَ فيه ثلاثٌ: لا يَحْقِرُ مَن دونه في العلم، ولا يَحسُد من فوقه، ولا يأخذ على علمه ثَمناً.

لابن عيينة فيما يُستحب للعالم وقال ابن عُيينة: يُستَحَبّ للعالم إذا علَم ألا يُعَنَف، وإذا عُلَم ألا يأنَف.

لغيلان وفي كلام لغَيْلان: لا تكن كعلماء زمن الهَرْج إن علَموا أنِفوا وإن عًلّمُوا عَنفُوا.

من حكم لقمان وفي حكمة لُقْمان: إن العالمَ الحكيم يَدعو الناسَ إلى علمه بالصَمْت والوَقَار، وإن العالِم الأخْرَق يَطْرُد الناس عن علمه بالهَدَر والإكثار.

لإبراهيم بن منصور قال إبراهيم بن منصور: سَلْ مَسْألَةَ الحَمْقَى واحفَظْ حِفظَ الأكياس.

شعر لابن الأعرابي في طلب العلم وتدبّره وأنشد ابن الأعرابيّ:

ما أقربَ الأشياءَ حينَ يَسُوقُها

 

قدر وأبعدَها إذا لـم تُـقْـدرِ

فسل الفَقِيهَ تكُنْ فقيهاً مثـلَـهُ

 

مَن يَسْعَ في عمل بِفقْهٍ يَمْهَرِ

وتدبر الأمرَ الني تُعْنـى بـه

 

لا خيرَ في عمل بغير تدبُّـرِ

فلقد يَجِدُ المرءُ وهو مقَصٌـر

 

ويَخِيبُ جِدّ المرءَ غيرَ مقصَر

ذهب الرجالُ المُقْتَدَى بفَعَالهم

 

والمنكِرُون لكل أمرٍ مُنْكَـرِ

وبقيت في خَلَفٍ يُزَيِّن بعضُهم

 

بعضاً ليَدْفَعَ مُعْوِر عن معورِ

مثله لبعض الشعراء وقال الشاعر:

شِفَاءُ العمى طولُ الـسـؤال وإنّـمـا

 

تمامُ العمى طولُ السكوتِ على الجَهْل

وقال بعضهم: خير ُخِصال المرء السؤالُ.

ويقال: إذا جلست إلى عالم فسل تفَقُهاً ولا تَسَلْ تَعَنُتاً.

للحسن في طلب العلم قال الحسن: مَن استتَر عَن الطلَب بالحَيَاء لَبِسَ للجهل سِرْبَالَه، فقَطِّعُوا سَرَابِيلَ الحياء فإنّه مَن رَق وجهُه رق عِلْمُه، وقال: إنَي وجدتُ العِلْم بين الحياء والستْر.

للخليل في منزلة الجهل وقال الخليل: منزلة الجهل بين الحياء والأنَفة.

لعلي بن أي طالب كرّم الله وجهه وقال علي بن أبي طالب عليه السلامِ: قُرِنت الهيْبَةُ بالخَيْبة، والحياءُ بالحِرْمان، والحِكْمة ضالةُ المؤمن فليَطْلُبْها ولو في يَدَيْ أهل الشرك.

نصيحة عروة بن الزبير لبنيه وقال عُرْوةُ بن الزُّبَيْر لبنيه: تعلموا العلم فإنْ تكونوا صِغَارَ قوم فعسى أنْ تكُونوا كِبَارَ قوم آخَرِين، فيا سوءتا ماذا أقبح من جهل بشيخ! في تعلُّم العلم وتعليمه وكان يقال: عَلم عِلْمَك مَنْ يَجْهَل، وتَعَلَم ممن يَعْلَم، فإنك إذا فعلتَ ذلك عَلِمتَ ما جَهِلتَ وحَفِظْتَ ما عَلِمت.

لبزرجمهر وقد سُئل عن إدراكه العلم قيل لبُزُرْجِمهْر: بِم أدركتَ ما أدركتَ من العلم فقال: بِبُكُور كبُكُور الغُرَاب، وحِرْصٍ كحرص الخِنْزير، وصَبْرٍ كصبر الحِمَار.

للحسن في طلب العلم في الصّغر وقال الحسن: طلبُ العلم في الصِّغر كالنًقش في الحَجَر، وطلبُ العلم في الكِبَر كالنقش على الماء.

ويقال: التفقه على غير علم كحِمار الطاحونة يدور ولا يَبْرَح.

للنبي صلى الله عليه وسلم وفي الحديث المرفوع "ارحموا عزيزاً ذَلّ ارحموا غنياً افتقر ارحموا عالماً ضاع بين جُهال".
ويقال: أحق الناس بالرحمة عالم يجوز عليه حُكْمُ جاهل.

للمسيح عليه السلام في الحكمة قال المسيح عليه السلام: يا بَني إسرائيلَ لا تُلْقُوا اللؤلُؤَ إلى الخنازير، فإنّها لا تَصْنع به شيئاً، ولا تُعْطُوا الحِكْمةَ مَن لا يُريدها، فإن الحكمةَ أفضلُ من اللؤلؤ، ومن لا يرِيدها شَرُ من الخنازير.

لديمقراط، وغيره قال ديمقراط: عالِم معانِدٌ خير من منْصف جاهل.

وقال آخر: الجاهل لا يكون مُنصِفاً؛ وقد يكون العالمُ معانداً.

قال سُفْيان: تَعوذُوا باللهّ من فتنة العابد الجاهل، وفتنة العالم الفاجر.

قيل للحسن: الحِرْفَةُ في أهل العلم؛ ولغيرهم الثرْوة، فقال: إنّك طلبت قليلاً في قليل فأعجزك، طلبت المال وهو قليل في الناس، في أهل العلم وهم قليل في الناس.

شعر للخزيمي، ولآخر وقال الخُزَيْمي:

لا تَنْظُرَنّ إلى عَقْل ولا أدبٍ

 

إن الجدودَ قريناتُ الحماقات

وقال آخر:

وما ازددتُ من أدبي حَرْفا أسَر بِهِ

 

إلا تَزَيدْتُ حَرْفاً تحـتـه شُـومُ

إن المُقدم في حِنْقٍ بصَنْـعـتـه

 

أنى تَوجه منها فهـو مـحـروم

شعر الطائي لمحمد بن عبد الملك وقال الطائيّ لمحمد بن عبد الملك:

أبا جَعْفرٍ إنّ الجَهَالة أمها

 

وَلُود وأمُّ العلم جَذَّاءُ حائِلُ

لسفيان الثوري قال الثوْرِي: مَن طلب الرياسة بالعلم سريعاً فاته عِلم كثيرٌ؛ وقال: يَهتف العلم بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل.

لبعض أهل العلم قال بعض أهل العلم: يُغفَر للجاهل سبعون ذنباً قبل أن يُغفَر للعالم ذنب واحد.

لبلال بن أي بردة شعر للخليل بن أحمد قال بلال بن أبي بُرْدة: لا يَمنعنكم سوءُ ما تعلمون منا أن تَقْبلوا أحسنَ ما تسمعون.

شعر للخليل بن أحمد وقال الخليل بن أحمد:

اعْمَل بعلمي ولا تَنْظُر إلى عملـي

 

يَنفَعْك قولي ولا يَضْرُرْك تقصيري

كتب رجل إلى أخ له: إنّك قد أوتيتَ علماً فلا تُطْفِئَنّ نورَ علمك بظُلْمة الذنوب فتَبقى في الظلمة يومَ يسعى أهلُ العلم بنور علمهم.

لبعض الحكماء في اقتران العلم والعمل وقال بعض الحكماء: لولا العلمُ لم يُطْلب العمل، ولولا العملُ لم يُطلب العلم، ولأن ادعً الحقَّ جهلاً به أحب إلي من أن أدَعَه زُهْداً فيه.

مثله لمالك بن دينار، ولغيره وقال مالك بنُ دِينار: إن العالِمَ إذا لم يَعْمَل بعلمه زَلّت موعظتُه عن القول كما يَزلّ القَطْرُ عن الصَفَا.

ونحوه قولُ زياد: إذا خرج الكلامُ من القلب وَقَعَ في القلب، وإذا خرج من اللسان لم يجاوِز الآذان.

ويقال: العلماءُ إذا عَلِمُوا كمِلوا، فإذا عَمِلوا شُغِلوا، فإذا شُغِلوا فُقدوا، فإذا فُقدوا طُلِبُوا فإذا طُلِبُوا هَرَبُوا.

قال الحسن: ما أحسنَ الرجلَ ناطقاً عالِماً ومُستَمعاً واعِياً وواعياً عامِلاً.

وقال ابن مسعود: إني لأحسَب الرجل يَنْسَى العلمَ بالخطيئة يَعْمَلُها.

وقال ابن عباس: إذا تَرَك العالمُ قولَ لا أدري أصِيبت مقاتِلُه.

شعر ليزيد بن الوليد بن عبد الملك وقال يزيد بن الوليد بن عبد الملك:

إذا ما تحدثتُ في مَجْـلِـسٍ

 

تَنَاهى حديثي إلى ما علِمتُ

ولم أعْدُ علمي إلى غـيره

 

وكان إذا ما تناهى قَصَرْتُ

وقال آخر:

إذا ما انتهَى عِلْمي تناهيتُ عـنـده

 

أطال فأملَى أم تناهى فاقْـصَـرا

ويخبِرُني عن غائب المرء ِفِعْـلُـه

 

كفى الفعلُ عما غَيَب المرءُ مُخْبِرا

لعمر بن الخطاب في تغاير الناس على العلم

قال عمرُ بن الخطّاب: لا أدركتُ لا أنا ولا أنت زماناً يتَغايَرُ الناس فيه على العِلْم؛ يتغايرون على الأزواج.
لسلمان الفارسي قال سَلْمان: علم لا يُقال به ككنز لا يُنْفَق منه.

للنبي صلى الله عليه وسلم في أصناف العلم وفي الحديث المرفوع: "العلم علمان علمٌ في القلب فذلك العلم النافع وعلمٌ محس اللسان فذلك حُجّةُ الله على ابن آدم".

لعمر بن عبد العزيز قال عُمر بن عبد العزيز: ما قُرِن شيء إلى شيء أحسن من حِلْم إلى علم ومن عَفْو إلى قُدْرة.
لأبي الدرداء قال أبو الدّرْدَاء: مَن يَزْددْ علماً يَزددْ وَجَعا.

لأفلاطون، وغيره في قول: لا أعلم قال أفلاطون: لولا أن في قول لا أعلم سبَباً لأنَي أعلمُ لقلتُ إنِّي لا أعْلَمُ.

وقال آخر: ليس معي من فضيلة العلم إلا علمي بأنَي لستُ أعلم.

للخليل بن أحمد في أصناف الرجال قال الخليل بنُ أحمد: الرجال أربعة: رجلٌ يدرِي ويدْرِي أنه يَدْرِي فذاك ناس فذكَر، ورجل لا يدري ويدري أنه لا يدري فذلك مسترشد فعلِّموه، ورجل لا يدري ولا يدري أنه لا يدري فذلك جاهل فارفضوه.

كتاب كسرى إلى بزرجمهر وهو في الحبس ورد بزرجمهر عليه كتب كِسْرى إلى بُزُرْجِمهْر وهو في الحبس: كانت ثمرةُ علمك أن صِرْتَ بها أهلاً للحبس والقتل. فكتب إليه بُزُرجمِهْر: أما ما كان معي الجد فقد كنتُ أنتفِعُ بثمرة العلم فالآن إذ لا جد فقد صِرتُ أنتفع بثمرة الصبر مع أني إن كنتُ فَقْدت كثيرَ الخير فقد استرحت من كثير الشر. لبزرجمهر ولبعض الحكماء قال بُزُر

ْجِمهْر: من صلح له العُمْرُ صلح له التعلمُ.

وقيل لبعض الحكماء: أيحسُن بالرجل أن يتعلَم فقال: إن كانت الجَهَالةُ تَقْبُح به فإنّ العلم يَحْسُنُ به.

ويقال: التودد زَيْن العلم.

لعمر بن الخطاب قال عمر بن الخطاب: ما من غاشية أدوَم أرَقاً، وأبطأ شِبَعاً من عالم.

ولمالك بن دينار في طلب العلم قال مالك بن دينار: مَن طلب العلم لنفسه فالقليل منه يكفي، ومن طلبه للناس فحوائجُ ناس كثيرةٌ.

قال إِتقْرَاطُ: العلم كثير، والعُمر قصير، والصنعةُ طويلة، والزمان جديد، والتجرِبة خطأ. للمسيح عليه السلام قال المسيح عليه السلام: إلى متى تَصِفُون الطريقَ للمُدْلجين، وأنتم مُقيمون مع المتحيرين، إنما ينبغي من العلم القليلُ، ومن العمل الكثير.

سلمان في علمه قال سَلْمان: لو حدثتُ الناسَ بكل ما أعلَمُ لقالوا رَحِمَ الله قاتِلَ سَلْمان.

في القول بغير علم كان يقال: لا تقل فيما لا تعلم قلهَم فيما تَعلَم.

وكان يقال: العلم قائد، والعمل، سائق، والنًفْس حَرُون، فإذا كان قائدٌ بلا سائق بَلُدَتْ إذا كان سائقٌ بلا قائد عَدَلتْ يميناً وشِمَالاً، فإذا اجتمعا أنابت طَوْعاً وكَرْهاً.

لأيوب في تعرّف منزلة العلم قال أيُوب: لا يَعرِف الرجلُ خطأ مُعلَمه حتى يعرِفَ الاختلاف.

ويقال: غَرِيزة العقل أنْثى وما يُستفاد من العلم ذَكَرٌ ولن يصلُحَا إلا معاً.

للمسيح عليه السلام قال المسيح عليه السلام: إن أبْغَض العلماء إلى الله رجل يُحِث الذكرَ بالمَغِيب، ويُوَسع له في المجالس، ويُدْعى إلى الطعام، وتُفْرَغ له المَزَاوِد، بحق أقولُ لكم: إن أولئك قد أخذوا أجُورَهم في الدنيا، وإن الله يُضاعِف لهم العذابَ يومَ القيامة.

لابن عباس رضي الله عنهما على قبر زيد بن ثابت لما دُلًيَ زيد بن ثابت في قبره قال ابن عباس: من سَرًه أن يَرَى كيف ذهب العِلْمُ فهكذا ذَهَابُ العلم.

لبعض الشعراء في تلاقي العلماء وقال بعضُ الشعراء في تَلاَقِي العلماء:

إذا تَلاقَى القيُولُ وازْدحـمـتْ

 

فكيف حالُ البَعُوض في الوَسَطِ

وقال ابن الرقاع:

ولقد أصبتُ من الـمـعـيشةِ لَـذةً

 

ولَقِيتُ من شَظَفِ الخُطوبِ شِدَادَها

وعلمتُ حتّى لستُ أسألُ عالِـمـاً

 

عن حَرْفِ واحدةٍ لكـي أزدادَهـا

في أربع لا يأنف منهن الشريف ويقال: أربعٌ لا يَأْنف منهن الشريفُ: قيامُه عن مجلسه لأبيه، وخِدمتُه لضيفه، وقيامُه على فَرَسه وإن كان له مائةُ عبدٍ، وخدمته العالِم ليأخذَ من علمه.

لعطاء بن مصعب في غَلَبتْه

قيل لعطاء بن مُصْعَب: كيف غَلَبْتَ على البرامكةِ وعندهم مَن هو آدب منك. قال: ليس للقُرَباء ظَرَافَةُ الغُرَباء، كنتُ بعيدَ الدار، غريبَ الاسم، عظيمَ الكِبْر، صغير الجِرْم، كثير الالتواء، شحيحاً بالإملاء؛ فقَربني إليهم تَباعدني منهم، ورغَبهم فيَّ رغبتي عنهم.

بين الخزيمي وسعيد بن وهب، ثم بينه وبين أنس بن أي شيخ قاد أبو يعقوب الخُزَيْميٌ : تلقَاني سعيد بن وَهْب مع طلوع الشمس فقلت: أين تُريد قال: أدُورُ لعليِّ أسمَع حديثاً حَسَناً، ثم تلقَّاني أنَس بن أبي شيخ فقلت: أين تُريد قال: عندي حديث حَسَن فأنا أطلُب له إنساناً حَسَنَ الفهم حَسَنَ الاستماع، قلت: حدّثْني به قال: أنت حَسَنُ الفهم سَيءَ الاستماع، وما أرى لهذا الحديث إلا إسماعيلَ بن غَزْوان.

شعر للطائي وقال الطائيّ في نحو هذا:

وكُنْتُ أعَزَ مـن قـنُـوعٍ

 

تَعَوّضه صَفُوحٌ من مَلُول

فصِرْتُ أذلَّ من معنى دَقيقٍ

 

به فَقْر إلى فَهْـمٍ جَـلِـيل

في الفرق بين العالم والأديب كان يقال: إذا أردتَ أن تكون عالماً فاقصِد لفنّ من العلم، وإذا أردت أن تكون أديباً فخذ من كل شيء أحسَنَه.

شعر لإبراهيم بن مهدي قال إبراهيم بن المهديّ:

قد يُرْزَق المرءُ لم تتعب رواحِلُـهُ

 

ويُحْرَمُ الرِّزقَ مَن لم يُؤْتَ من تَعَبِ

مع أنني واجِدٌ في النـاس واحـدةً

 

الرزقُ أرْوَغُ شيءٍ عن قوي الأدَب

وخَلَةٍ ليس فيها مَن يُخـالـفـنـي

 

الرزق والنَوْك مَقرونانِ في سَبَـب

يا ثابِتَ العقل كم عاينتَ ذا حُـمُـقٍ

 

الرزقُ أغرى به من لازم الجَرًبِ

بين أنوشروان والموبذ قال أنوشِرْوان للمُوبَذ: ما رأسُ الأشياء قال: الطبيعة النقيّة تكتفي من الأدب برائحته، ومن العلم بالإشارة إليه، وكما يذهب البذْر في السٌباخ ضائعاً، كذلك الحكمة تموت بموت الطبيعة، وكما تَغلِب السَباخُ طيبَ البَذْر إلى العَفَن، كذلك الحكمة تَفْسُد عند غير أهلها؛ قال كسرى: قد صدقتَ وبحق قلدناك ما قلًدناك.

قال بعضُ السلف: يكون في آخر الزمان علماء يُزَهِّدون في الدنيا ولا يَزْهَدُون ويُرَغبون في الآخرة ولا يَرْغبون، يَنْهَوْن عن غشيان الولاة ولا ينتْهون، يُقَربون الأغنياء ويُباعدون الفقراء، وَيَنْقبِضون عند الحُقرَاء، وينبسطون عند الكُبرَاء: أولئك الجبارون أعداء الرحمن.

لابن عمر في العلم نافع عن ابن عُمَر قال: العلم ثلاثة: كتاب ناطق، وسنة ماضية، ولا أدري.

الكُتُب والحفظ

للخليل بن أحمد حدّثني إسحاق بن إبراهيم قال: حدّثني قريش بن أنَس قال: سمعت الخليل بن أحمد يقول: اسْلَمْ من الوَحْدة. فقيل له: قد جاء في الوَحدةِ ما جاء. فقال: ما أفسدَها للجاهل، قال بعض الشعراء في قوم يَجمْعون الكُتُب ولا يَعْلَمون:

زَوامِلُ للأسفارِ لا عِلْمَ عندهـم

 

بجيدِها إلا كعِـلْـم الأبـاعِـرِ

لعمرُك ما يَدْرِي المِطي إذا غدا

 

بأحمالها أو راحَ ما في الغَرَائزِ

ليحيى بن خالد وللشعبي قال يحيى بن خالد: الناسً يكتُبون أحسنَ ما يَسمعون، ويحفظون أحسنَ ما يكتُبون ويتحدثون بأحسن ما يَحفظون.

قال الشَعْبيّ: لو أن رجلاً حفِظ ما نَسِيتُ كان عالماً.

لرجلً يصف رجلاً كان يغلط في علمه ووَصَف رجلٌ رجلاً فقال: كان يَغْلَطً في علمه من وجُوهٍ أربعةٍ: يَسمع غيرَ ما يُقال؛ ويَحفَظ غير ما يَسمع، ويكتُب غيرَ ما يحفَظ، ويُحدِّث بغير ما يَكْتُب.

لأبي نواس عن الأصمعي وأبي عبيدة قيل لأبي نُوَاس: قد بَعَثُوا إلى أبي عُبَيدة والأصمعي ليُجْمَعَ بينهما. فقال: أما أبو عُبَيدة فإن أمْكَنوه من شُقَره قرأ عليهم أسَاطيرَ الأولين، وأما الأصمعي فبُلْبلٌ في قَفَص يُطر بهم بنَغَماتَه.

القرآن

لابن شقيق في أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يكرهون بيع المصاحف والأخذ على التعليم حدثني الزٌيادي قال: حدثنا عبدُ الوارث بن سعيد عن الجُرَيْرِي عن عبد الله بن شقيق قال: كان أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يَكْرَهون بَيْعَ المصاحِف ويَرَوْنه عظيماً، وكانوا يَكْرهون أن يَأخُذَ المعلمُ على تعليم الغِلْمان شيئاً.

لعلي بن أي طالب في المؤمن والفاجر حدثني محمد بن عبد العزيز عن خالد الكاهلي عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي عليه السلام قال: مَثَلُ المؤمن الذي يقرأ القرآن مَثَل الأتْرجة ريحُها طَيب وطعمُها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التَمْرة طعمُها طيب ولا رِيحَ لهاة ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن مثل الرَّيْحَانة ريحها طيب وطعمها مُرٌّ، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن مثل الحَنْظَلة طعمها مُر ولا رِيحَ لها.

للنبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو وحدثني محمد بن عُبَيد عن معاوية بن عمرو عن أبي إسحاق عن إسماعيل بن أمية ولَيْث بن أبي سُلَيم عن نافع عن ابن عُمَر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إلا تُسَافروا بالقرآن إلى أرض العدو فإني أخاف أن يَنَاله العدو".

في الاستفتاح بالبسملة حدّثني أبو سفيان الغنوي قال: حدّثنا عُمَيْر بن عِمْران العَلاّف قال: حدثنا خُرَيمة ابن أسد المُرِّي قال: كان سعيدُ بن المُسيب يَستفتح القراءة ب"ببسم الله الرحمن الرحيم" ويقول: إنها أوّلُ شيءٍ كُتِب في المصحف، وأوّل الكُتُب، وأوّل ما كَتَبَ به سُليمانُ بن داود إلى المرأة.

بين عمران بن حُدَير وأعرابي وحدّثني أبو حاتم قال: حدّثنا الأصمعيّ قال: حدثنا رجل عن عِمْران بن حُدَيْر قال: قرأت علِى أعرابيّ آخر سُورة "براءة" فقال: كان هذا من آخر ما نَزَل. قالوا: كيف. قال: أرى أشياء تُقْضى وعُهوداً تُنْبَذُ. قال: وقرأتُ عليه سُورة الأحزاب فقال: كأنّها ليست بتامّة.

لعبد الله بن مسعود في الحواميم حدّثني محمدُ بن عُبيد قال: حدثنا سفيانُ بن عُييَنة عن ابن أبي نَجِيح عن مجاهد قال: قال ابن مسعود: "حم" دِيباج القرآن. قال: وزاد فيه مِسْعَر، قال عبد الله: إذا وقعتُ في ال "حم" وقعتُ في رَوْضات دَمِثات أتأنَق فيهن.

للحسن في حَمَلة القرآن حدّثني شيخٌ لنا عن المُحارِبي قال: حدّثنا بكر بن خُنَيس عن ضِرَار بن عَمْرو عن الحسن قال: قراء القرآن ثلاثةٌ: رجل اتّخذه بِضَاعةً ينقله من مصر إلى مصر، يطلُب به ما عند الناس؛ وقومٌ حفِظوا حروفَه، وضيًعوا حُدوده، واستدرُوا به الوُلاة، واستطالوا به على أهل بلادهم - وقد كَثَر الله هذا الضربَ في حَمَلة القرآن لا كثرهم الله - ورجلٌ قرأ القرآن فَبَدَأ بما يَعْلَم من دَواء القرآن فوَضَعه على دَاءِ قلبِه. فسَهِر ليلَه وهَمَلَت عيناه، تَسَرْبَلوا الخُشُوعَ، وارتدَوْا بالحُزْن، ورَكدُوا في محاريبهم، وجَثَوْا في بَرَانِسهم، فبهم يَسْقِي الله الغَيْثَ، ويُنْزِك النًصَر، ويَرْفَعُ البَلاءَ، واللِه لَهَذا الضَّرْبُ في حَمَلَة القرآن أقل من الكِبْريت الأحمر.

للنبي صلى الله عليه وسلم في فضل القرآن رَوَى الحارثُ الأعْورُ عن عليّ عليه السلام عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كتاب الله فيه خَبَرُ ما قبلكم ونبأ ما بعدكم وحُكْمُ ما بينكم هو الفصلُ ليس بالهَوْل هو الذي لا تُزِيغُ به الأهواء ولا تَشْبَع منه العلماء ولا يَخْلُق عن كثرة الرد ولا تَنْقَضِي عجائبُه هو الذي مَن تركه من جبارٍ قَصَمه الله ومن ابتغى الهُدى في غيره أضلَه اللّه هو حَبْلُ اللّه المتين والذَكر الحكيم والصراط المستقيم خذها إليك يا أعور.

لابن مسعود فيما ينبغي لحامل القران المُحارِبيّ قال: حدثنا مالكُ بن مِغْول عمن أخبره عن المُسَيَّب بن رافع عن عبد الله بن مسعود قال: ينبغي لحامل القرآن أن يُعْرَف بليلِه إذ الناسُ نائمون، وبِحُزْنه إذ الناس يَفْرَحون، وببكائه إذ الناس يَضْحَكُون؛ وينبغي لحامل القرآن أن يكون عليماً حكيماً ليناً مُستَكِينا.

للنبي صلى الله عليه وسلم وكيع عن أبي مَعْشر المَدِيني عن طلحة بن عبيد الله بن كَريز قال: قاد رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من تعظيم جَلاَل الله إكرَامَ في الشًيْبة في الإسلام وإكرامَ الإمام العادل وإكرامَ حامل القرآن".

لبعض المفسرين قال بعضُ المفسرين في قول اللهّ عَز وجل: "سَأصرِفُ عَن آيَاتيَ الَذِينَ يَتَكًبَرُونَ في الأرْض بِغَيْرِ الْحَق" أحْرِمهُم فَهْم القرآن.

لأعرابي وقد سمع ابن عباس يقرأ سورة من القرآن الكريم  

سَمِع أعرابيّ ابن عباسٍ وهو يقرأ "وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النًارِ فَأنْقَذَكُمْ مِنْهَا". فقَال: واللِه ما أنقذهم منها وهو يُريد أن يُدخِلَهم فيها، فقال ابن عباس: خُذْها من غير فقيه.

الحديث

للأعمش عن إسماعيل بن رجاء حدّثني إسحاقُ بنُ إبراهيمَ بن حبيب بن الشَهيد قال: حدّثنا محمد بنِ فُضَيْل عن الأعْمش قال: كان إسماعيلُ بن رَجَاء يَجمع صِبْيانَ الكُتَاب فيُحدَثهم كيلا يَنْسَى حَدِيثه.

بين حبيب بن أبي ثابت والأعمش وحدّثني إسحاق الشَهيديً قال: حدثنا أبو بكر بن عيّاش عن الأعمش قال: قال لي حبيب بن أبي ثابت: لو أنّ رجلاً حدَّثني عنك بحديثٍ ما بالَيْت أن أرْوِيه عنك.

لربيعة بن أبي عبد الرحمن حدّثني أبو حاتم عن الأصمعي عن نافع عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال: ألْف عن ألفٍ خير من واحدٍ عن واحدٍ إن فلاناً عن فلانٍ يَنْتَزع السُنَة من أيديكم.

للحسن في: وَيْح حدثني الرياشيٌ قال: رُوِي عن محمد بن إسماعيل عن مُعتَمِر قال: حدّثني مُنْقذٌ عن أيوب عن الحسن قال: وَيْح: رَحْمة.

للنبي صلى الله عليه وسلم حدثنا الرياشيّ قال: رَوى ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سُهَيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هُرَيرة أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قَضَى باليمينِ مع الشاهد؛ قال ربيعة: ثم ذاكرتُ سُهَيْلاً بهذا الحديثِ فلم يَحفظه، فكان بعد ذلك يَرْوِيه عني عن نفسه عن أبيه عن أبي هُرَيرة.

لشعبة عن قتادة في الحديث حدثني أبو حاتم عن الأصمعيّ عن شُعْبة قال: كان قَتَادةُ إذا حدث بالحديث الجيِّد ثم ذهب يجيء بالثاني غدْوَه.

لشعبة وقد سُئِل عن الني يُترك حديثه يلغني عن ابن مَهْديٍّ قال: سئل شُعْبَةُ: مَن الذي يُتْرَكُ حديثه فقال: الذي يُتَهم بالكَذِب، ومن تكثر بالغَلط، ومن يخطئ في حديث مُجْمَع عليه فلا يَتَهِمُ نفسَه ويُقيم على غَلَطِه، ورجل رَوَى عن المعروفين ما لا يَعْرفه المعروفون.

لمالك في أربعة لا يؤخذ العلم منهم وعن مالك أنه قال: لا يُؤخَذُ العلمُ من أربعة: سفيهٍ معلَن بالسفه، وصاحبِ هَوىً، ورجلٍ يَكذِب في أحاديث الناس وإن كنتَ لا تَتَهمه في الحديث، ورجل له فضل وتعفّف وصلاح لا يعرِف ما يحدث.

شعر للأصمعي يرثي سفيان ابن عيَيْنَة حدثني عبدُ الرحمن عن الأصمعي أنه رَثَى سفيان بن عُيينة فقال:

فَلْيَبْكِ سُفْيانَ باغي سُـنَةٍ دَرَسـتْ

 

ومُسْـتَـبِـيتُ أثـاراتٍ وآثـارِ

ومُبْتَغِي قُرْب إسنادٍ ومـوعـظةٍ

 

وافَقِيُّون من طَـارٍ ومـن طـارِ

أمْستْ مجالِسُه وَحْشاً مُـعَـطـلةً

 

من قاطنِين وحُجـاجٍ وعُـمًـار

مَن للحديث عن الزُهرِيِّ حين ثَوَى

 

أو للأحاديثِ عَنْ عَمْرِو بن دينارِ

لن يَسمَعُوا بعلي مَن قال حدّثنا ال

 

زهري من أهل بدْوِ أو بإحْضارِ

لا يَهنأ الشامِتَ المسرًورَ مَصْرَعهُ

 

من مارقينَ ومِن جُحَـاد أقـدار

ومِن زَنـادِقةٍ جَـهْـمٌ يَقُـودهـم

 

قَوْداً إلى غَضَبِ الرحمن والنـارِ

ومُلْحِدين ومُرتابين قد خَـلَـطُـوا

 

بِسُنًة الله اهـتـارا بـاهْـتـارِ

لآخر يرثي مالك بن أنس وقال آخر في مالك بن أنس الفقيه:

يَأبَى الجَوَابَ فما يُراجَعُ هَيْبَةً

 

والسائلون نَواكِـسُ الأذقـانِ

هَدْيُ التقيّ وعز سلطان التُقَى

 

فهو المُطاع وليس ذَا سُلْطانِ

لهشام بن حسّان عن الحسن حدّثنا أبو الخَطَاب قال: حدّثنا محمد بن سًوّار قال: حدّثنا هِشام بن حسان قال: كان الحسن يًحدثنا اليومَ بالحديث ويرُدُه الغَدَ ويزِيد فيه وينقُص إلا أن المعنى واحد.

لحذيفة بن اليمان حدثني أبو الخطاب قال: حدّثنا ميمون قال: حدّثنا جعفر بن محمد عن أبيه قال: قال حُذَيْفَةُ بن اليَمَان: إنا قوم عَرَب فنقدِّم ونؤَخِّر ونَزيد ونَنْقُص، ولا نرِيد بذلك كَذِبا.

لأبي إسحاق الشامي ولمسعر أبو معاوية قال: قال أبو إسحاق الشاميّ: لو كان هذا الحديث من الخبز نقص.
أبو أسامة قال: قال مِسعر: من أبغضني فجعله الله محدّثاً.

للأعمش ولسفيان في كراهية التحدث أبو معاوية قال: سمعت الأعمش يقول: والله لأنْ أتصدَق بِكِسْرة أحسن إليّ من أن أتحدث بستين حديثاً.

أبو أسامة قال: سمعت سُفْيانَ يقول: لوددتُ أنها قُطِعتْ من هامتي، وأومَأ إلى المَنْكب وأني لم أسْمَع منه شيئاً.

لأبن عيينة في مثل فلك المعنى قال ابن عُيَينة: ما أحدث لمَن أحِبّ أن يكون أحْفَظَ الناس للحديث.

قال بعضهم: إنَي لأسمْع الحديثَ عُطلا فأشَنَفه وأقرطه وأقلده فيَحسنُ، وما زدتُ فيه معنى، ولا نقصت منه معنى.
للأعمش وقد سأله حفص بن غياث عن إسناد الحديث أبو أسامة قال: سَأل حَفْص بن غياثٍ الأعمشَ عن إسناد حديثٍ فأخذ بِحَلْقه وأسنده إلى الحائط وقال: هذا إسناده.

مثله للسمّاك وللحسن وحدث ابن السًمِّاك بحديثٍ فقال له رجل: ما إسناده فقال: هو من المُرْسَلَاتِ عُرْفا.
وحدث الحسن بحديث، فقال له رجلٌ : يا أبا سعيد، عمن قال: وما يصنع بمَن أما أنت فقد نالتْك موعِظتُه، وقامت عليك حجته.

للأعمش في طلب الفقه يَعْلَى قال: قال الأعمش: إذا رأيتُ الشيخ لم يطلب الفقهَ أحببتُ أن أصْفَعَه.

ابن عُيينة قال: قال الأعمش: لولا تَعَلُّم هذه الأحاديث كنتُ كبعض بَقَالي الكُوفة.

بين حاج خراساني وابن عُيَيْنة ازدحم الناس يوماً على باب ابن عيينة أيام المَوْسِم وبالقُرب منه رجل من حاجَ خُراسَان قد حطّ بمَحْمِله فَدِيس وكُسِرَ ما كان معه وانتهب كَعْكُه وسَوِيقُه، فقام يسيرُ إلى سفيانَ ويدعو وبقول: إني لا أحِل لك ما صنعتَ؛ فقال سفيان: ما يقول فقال بعضهم: يقول لك: زدنا في السماع رحمك اللّه.

شعر العلاء بن المنهاد الغنوي في شريك أنشدني أبو حاتم عن الأصمعي للعَلاء بن المِنْهَال الغَنَوِي في شَرِيك:

ليت أبا شَرِيكٍ كـان حـياً

 

فيُقْصِرَ حين يُبصِرُه شَرِيكُ

ويَتْرُكَ من تَدرَيه علـينـا

 

إذا قلنا له هـذا أبـوكـا

مثله لآخر في شريك وقال آخر:

تحرّز سُفـيانٌ وفـرْ بـدينـهِ

 

وأمسى شرِيكٌ مُرْصَداً للدراهم

ولآخر في شهر بن حوشب وقال آخر في شَهْر بن حَوْشَبٍ:

لقد باع شهرٌ دينَه بـخَـرِيطةٍ

 

فمن يأمن القراء بعدك يا شهرُ

وذلك أنه كان دخل بيت المال فسَرَق خَرِيطةً، ورافق رجلًا من أهل الشام فَسَرق عَيْبَتَه.

ولابن مناذر يهجو ابن داب وقال ابن مُنَاذِر:

ومن يبغ الوَصَاةَ فإن عِنْـدي

 

وَصاةً للكُهُول وللـشَـبـابِ

خذوا عن مالكٍ وعن ابن عَوْنٍ

 

ولا تَرْوُوا أحاديثَ ابـن دَاب

لحبيب بن أبي ثابت ثم لسفيان عبد العزيز بن أبَان عن سُفيان عن حبيب بن أبي ثابت قال: طلبنا هذا الأمر وما لنا فيه نِيّة، ثم إنّ النية جاءت بعدُ؛ فقال سفيان: قال زيد بن أسْلَم: رأيتم رجلاً مدّ رِجله فقال: اقطعوها سوف أجْبُرها.

لرقبة بن مصقلة قيل لرَقَبَة: ما أكثر شَكّك! فقال: محاماة عن اليقين.

وبين شعبة وأيوب السختياني وقال بعضهم: سأل شُعْبَةُ أيُّوب السخْتِيَانيّ عن حديث فقال: أنا أشُك فيه. فقال: شَكُّكَ أحبّ إلي من يقينِ سبعة.

للشرقي بن قطامي وقد سُئِل عما كانت العرب تقول في صلاتها على موتاها حدّثني أبو حاتم عن الأصمعيّ قال: حدّثني بعضُ الرواة قال: قلت للشرَقِي بن قُطَامَي: ما كانتِ العربُ تقول في صلاتها على موتاها فقال: لا أدري، فأكْذِب له؛ فقلت: كانوا يقولون:

ما كنتَ وَكْوَاكاً ولا بِـزَوَنَـكٍ

 

رُوَيْدكَ حتى يَبْعَثَ الحًقّ باعِثُهْ

وَكْوَاك: غليظ، وزونك: قصيرة قال: فإذا أنا به يُحدث به في المقصورة يومَ الجمعة.

لأبي نواس قال أبو نُوَاس:

حدثني الأزرقُ المحـدثُ عـن

 

عَمْرو بن شِمْر عن ابن مسعود

لا يُخلِفُ الوعدَ غيرُ كـافـرِه

 

وكافرٍ في الجحيم مَصـفـودِ

بين شقيق البلخي وعلي بن إسحاق في أبي حنيفة حدثني مِهْيَار قال: حدثني هُدْبَةُ بن عبد الوهاب عن شَقيق البَلْخِيّ أنه أطرى يوماً حنيفة رحمه الله بمَرْو فقال له عليّ بن إسحاق: لا تُطْرِه بمَرْو فإنهم لا يحتملون ذلك. فقال شَقِيق: قد مَدَحه مُساوِرٌ الشاعر فقال:

إذا ما الناسُ يوماً قَايَسُونـا

 

بآبِدَةٍ من الفُتْيَا ظَـرِيفَـهْ

أتيناهُمْ بمقْياسٍ صـحـيح

 

تِلادٍ من طراز أبي حنيفة

إذا سمع الفقِيهُ بها وعاها

 

وأثبتها بحبرٍ في، صحيفة

فقال له: قد أجابه بعض أصحابنا:

إذا ذُو الرَّأي خَاصمَ في قِياسٍ

 

وجاء بِبدْعَةٍ هَنَةٍ سـخـيفـه

أتيناهم بقـول الـلـهّ فـيهـا

 

وآثـارٍ مـبَـرَّزة شــريفة

فكم من فَرْج مُحْصَنَةٍ عَفِـيفٍ

 

أحلً حرامُه بأبي حـنـيفـه

أقال أبو حنيفة بنت صُـلْـبٍ

 

تكون من الزنا عُرْساً صحيحه

لرجل وقد سمع منادياً يطلب شيخاً ضالاً فأحضره إلى بِشر المريسي سَمِع رجل منادياً يُنادي: من يَدئُنا على شيخ ضل فقال: ما سمعتُ كاليوم شيخٌ يُنَادي عليه، ثم جاء به إلى بِشْر المِريسِي فقال: هذا شيخ ضال فَخُذْ بيده؛ وكان بِشْرٌ يقول بخلقَ القرآن.

الأهواء والكلام في الدّين

بين المأمون وعلي بن موسى الرضي قال المأمونُ يوماً لعلي بن موسى رضي عليهما السلام: بم تدعون هذا الأمر. قال بقرابة علي من النبي صلى الله عليه وسلم، وبقرابة فاطمة رضي الله عنها. فقال المأمون: إن لم يكن هاهنا شيء إلا القرابة ففي خَلَفِ رسول الله !صلى الله عليه وسلم من أهل بيته مَنْ هو أقربُ إليه من علي، ومَنْ هو في القرآن مثلُه، وإن كان بقرابة فاطمةَ من رسول الله، فإن الحق بعد فاطمةَ للحَسَن والحُسَين وليس لعلي في هذا الأمر حق وهما حَيان؛ وإذا كان الأمر على ذلك، فإن عليّاً قد ابتزهما جميعاً وهما حيان صحِيحان، واستولى علي على ما لا يَجِبُ له. فما أحارَا علي بن موسى نطقا.

حدثنا الرياشيٌ قال سمعت الأصمعي ينشد:

وإنَي لأغْنَى الناس عن متـكـلـم

 

يَرعى الناسَ ضلالاً وليس بُمهتدي

وأنشدني أيضاً الرِّياشي:

وعاجزُ الرأي مِضْيَاع لفُرْصَتهِ

 

حتى إذا فات أمْرٌ عاتبَ القَدرا

وقال آخر:

إذا عُيروا قالوا مقاديرُ قُدَرَتْ

 

وما العارُ إلا ما تَجُر المَقَادرُ

وأنشدني سَهْلٌ عن الأصمَعِي:

يا أيها المُضْمِرُ هَماً لا تُهـم

 

إنك إن تُقدرْ لك الحُمَى تُحَمً

ولو غَدوْتَ شَاهِقاً من العَلَم

 

كيف تَوَقَيك وقد جَفً القَلَمْ

وأنْشَدني غيرُه:

هِيَ المقاديرُ فَلُمْـنِـي أو فَـدَرْ

 

إن كنتُ أخطأتُ فما أخطأ القَمَر

لأبي يوسف القاضي في طالبي الدين والكيمياء والحديث قال أبو يوسف: مَن طَلَب الدين بالكلام تَزَنْدَق، ومَن طلب المال بالكيمْيَاء أفْلَس، ومَن طَلَب غرائِبَ الحديث كَذَب.

لمسلم بن أبى مريم وقد كُسِرت رجله كان مُسْلِمُ بن أبي مَرْيم - وهو مَوْلًى لبعض أهل المدينة وقد حُمِل عنه الحديثُ - شديداً على القَدَرِنة، عائباً لهم ولكلامهم، فانكسَرت رِجلُه فتركها ولم يَجْبُرها، فكُلِّم في ذلك فقال: يَكْسِرها هو وأجبْرُها أنا لقد عاندته إذاً.

بين هشام بن الحكم وبين رجل قال رجل لهِشَام بن الحَكَم: أترى الله عز وجل في فضله وكَرَمه وعَدْله كَلًفَنَا ما لا نُطيق ثم يُعَذَبنا؛ فقال هشام: قد والله فَعَل، ولكننا لا نَسْتَطيع أن نتكلم.

بين قَدري ومجوسي حدثني رجلٌ من أصحابنا قال: صاحَبَ رجل من القَدَرِية مَجُوسِيّاً في سَفَر فقال القدَري: يا مجوسي، ما لك لا تُسْلِم قال: حتى يَشَاء الله! قال: قد شاء الله ذلك، الشيطانَ لا يَدَعُك. قال المجوسي: فأنا مع أقواهما.

بين أبو عَمْرو بن العلاء وعَمْرو بن عبيد اجتمع أبو عَمْرو بن العَلاَء وعمرو بن عُبَيد فقال عمرو: إن الله وَعَدَ وَعْداً وأوْعَد ايعاداً وإنه مُنْجِزٌ وعْدَه ووعيدَه. فقال له أبو عَمْرو: أنت أعْجَم! لا أقول إنَك أعْجَمُ اللسان، ولكن أعجم القَلْب! أما تعلم، وَيْحَكَ! أن العرب تَعُد إنجاز الوَعْد مَكْرُمة، وتَرْكَ إيقاع الوعيد مكرمة ثم أنشد:

وإني وَإنْ أوْعدْتُه أو وعَـدْتُـه

 

لمُخْلِفُ إيعادي ومُنْجِزُ مَوْعدي

بين حبيب بن الشهيد وإياس بن معاوية في القدري

حبيب بن الشهيد قال: قال إِياسُ بن معاوية: ما كلَّمتُ أحداً بعَقْلي كفَه إلا صاحب القَدَر قلت: ما الظلمُ في كلام العرب قال: هو أن يَأخُذ الرجلُ ما ليس له، قلت: فإن الله له كل شيء.

من كتاب الهند وفي كتاب للهند: اليقينُ بالقدر لا يَمنعُ الحازِمَ تَوَقَيَ المهالك، وليس على أحدٍ النّظرُ في القدر المُغَيَّب، ولكن عليه العمل بالحَزْم، ونحنُ نجمَعْ تصديقاً بالقدَرَ وأخذاً بالحَزْم.

بين ابن سوّار ورافضيّ حدثني خالد بن محمد الأزْدي قال: حدّثنا شَبَابَةُ بنُ سَوَّارٍ قال: سَمِعتُ رجلاً من الرافضة يقول: رحِمَ اللهّ أبا لُؤْلُؤةَ! فقلت: تَتَرَحّم على رَجُلٍ مَجُوسيّ قتل عُمَرَ بنَ الخَطّاب رضي اللّه عنه! فقال: كانت طعنَتُه لِعُمَر إسلامَه.

لأمير من أمراء المدينة ورجل شتم أبا بكر وعمر حدثني أحمدُ بن الخليل قال: حدثنا الأصمعي قال: أخبرني عاصم بن محمد العُمَرِيّ كنتُ جالساً عند أميرٍ من أمراء المدينة فأتِيَ برجلٍ شَتَم أبا بكر وعُمَر فأسلمه حجاماً حتى حذق.

لبعض شعراء الرافضة في محمد بن الحنفية وقال بعضُ شعراء الرافِضة في محمد بن الحَنَفِيّة:

ألا قُلْ للوَصِيّ فَدتْك نـفـسـي

 

أطلْتَ بذلك الجَبَل المُـقـامـا

أضَر بمعْشـرٍ وَالَـوْكَ مـنّـا

 

وسًمّوْك الخَلِـيفةَ والِإمـامَـا

وعَادَوْا فيك أهلَ الأرض طُـرّاً

 

مُقامك عنهمُ سـتـين عـامـا

وما ذاق ابن خَوْلة طَعْمَ مـوتٍ

 

ولا وَارتْ له أرضٌ عِظـامـا

لقد أمسى بمُورِق شِعْب رضْوى

 

تُراجعهُ الملائكةُ الـكـلامـا

شعر لكثير عزّة يمدح علي بن أبي طالب وأولاده وقال كُثَير عَزّة فيه وكان رافِضِيّاً يقول بالرَّجْعة:

ألا إن الأئِمّة مـــــــن قُــــــــرَيشٍ

 

وُلَاةً الـــحَـــق أربـــعةٌ سَــــــواءُ

علـي والـــثـــلاثةُ مـــن بـــنَـــيهِ

 

هُمُ الأسـبـاطُ لـيس بـهـــم خَـــفَـــاءُ

فسِـبْـــط سِـــبْـــطُ إيمـــانٍ وبِـــرٍّ

 

وسِـبْـطٌ غَــيَّبـــتَـــهْ كَـــرْبَـــلاَءُ

وسِـبْـطٌ لا يَذُوق الــمـــوتَ حـــتـــىِ

 

يَقُـودَ الـخـيلَ يَقْـدُمـهـــا الـــلِّـــوَاءُ

تغيب لا يُرَى عنهم زماناًبِرَضوَى عنده عَسَل وماءُ

 

 

وهم يذكرون أنه دخل شِعْبا باليمن في أربعين من أصحابه فلم يُرَ لهم أثر.

لطلحة بن مصرّف قال طلحة بن مُصرف لرجل: لولا أني على وُضوءٍ لأخبرتُك بما تقول الشَيعة.

شعر لهارون بن سعد العجلي الزيدي يتبرأ من الرافضة قال هارون بن سعد العِجْلي وكان رَأْسَ الزيدية:

ألم تَرَ أن الرافِـضِـين تَـفَـرًقُـوا

 

فكُلهُمُ في جَعْفـرٍ قـال مُـنْـكَـرَا

فطـائفة قـالـوا إِلـهٌ ومـنـهـمُ

 

طوائف سَمّتْهُ النبيَّ الـمُـطـهَـرَا

فإن كان يَرْضَى ما يقولون جعـفـرٌ

 

فإنَي إلى رَبي أفـارِق جَـعْـفَـرَا

ومن عَجب لم أقْضِهِ جِلْدُ جَفْـرِهـم

 

بَرِئتُ إلى الرحمن ممن تَـجَـفَـرا

بَرِئت إلى الرحمن من كل رافـضٍ

 

بَصيرٍ بباب الكُفْر، في الدين أعـورا

إذا كًفّ أهلُ الحق عنِ بدْعة مَضَـى

 

عليها وإن يَمْضُوا على الحق قصرا

ولو قال إن الفِيلَ ضب لـصـدّقـوا

 

ولو قال زِنْجِي تـحـوَّل أحْـمَـرَا

وأخْلَفُ من بَوْل الـبَـعِـير فـإنـه

 

إذا هـو لـلإقـبـال وُجـه أدْبَـرا

فَقُـبـحَ أقـوام رَمَـوْه بِـفــرْيةٍ

 

كما قال في عيسى الفِرَى من تَنصرا

لبعض أهل الأدب في الروافض سمعت بعضَ أهل الأدب يقول: ما أشبهَ تأويل الرافضة للقرآن بتأويل رجل للشِّعْر، فإنه قال يوماً: ما سمعتُ بأكذَبَ من بني تميم! زعموا أن قولَ القائل:

بَيْتٌ زُرَارةُ مُحْتَبٍ بِـفـنَـائه

 

ومُجاشِع وأبو الفوارِس نَهْشَلُ

إنما هو في رجال منهم، قيل له: ما تقول أنت. قال: البيت بيت اللّه، وزُرارة الحجر؛ قيل له: فمجاشع قال: زمزم جَشِعت بالماء؛ قيل له: فأبو الفوارس. قال: أبو قُبَيْس؛ قيل: نهشل قال: نهشل أشد. وفكر ساعةً ثم قال: نعم، نهشل! مِصباح الكعبة طويلٌ أسودُ فذاك نهشل!.

لأعشى همدان يذكر قتل الرافضة الناسَ قال أعشىِ هَمْدَان يذكُر قتلَ الرافضةِ الناسَ:

إذا سِرْت في عِجْل فسِر في صحابة

 

وكِندَة فاحذرْها حِذَارك للخَـسْـفِ

وفي شيعة الأعْـمـى زِيادٌ وغِـيلَة

 

ولَسْبٌ وإعمال لجنـدلة الـقَـذْفِ

الأعمى هو المُغيرة. وزياد يعني الخَنْق. واللسْب: السم؛ وإعمال لجِنْدلة القذف: يريد رَضْخهم رؤوسَ الناس بالحجارة.
ثم قال:

وكُلُّهُمُ شَر على أنَ رَأسَـهـم

 

حَمِيدَةُ والمَيْلاَءُ حاضِنةُ الكِسْفِ

والكِسْفُ هذا هو أبو منصور، سُفَي بذلك لأنه قال لأصحابه: قي نَزَلَ: "وَإنْ يَروا كِسْفاً مِنَ السًمَاءِ سَاقِطاً" وكان يَدِين بخَنْق الناس وَقَتْلِهم.

ثم قال:

مَتى كُنتَ في حيًيْ بِجَيلَةَ فاستَمِعْ

 

فإن لهم قَصْفا يَدلُ على حَتْـفِ

كان المغيرة بَجَلياً مولى لهم.

إذا اعتَزَمُوا يوماً على قَتْل زَائرٍ

 

تَدَاعَوْا عليه بالنُّبَاح وبالعَـزْفِ

ولابن عيينة وكان ابن عُيينة يُنشِد:

إذا مَا سَرك العَيْشُ

 

فَلا تأخذْ على كِنْدَهْ

يريد أن الخَنّاقين من المنصورية أكثرًهم بالكوفة من كِنْدَة، منهم أبو قُطْبة الخَنّاق.

قتل خالد بن عبد اللّه للمغيرة وشعر في ذلك حدثني أبو حاتم قال: حدّثنا الأصمعي عن ابن أبي زائدة قال: قال هِشَام بنُ القاسم: أخذ خالد بنُ عبد اللّه المُغِيرَةَ فقتله وصَلَبَه بوَاسِط عند مَنْظَرة العاشر، فقال الشاعر:

طال التًجاوُرُ من بَيانٍ واقـفـاً

 

ومن المُغِيرة عند جِذْع العَاشِرِ

يا ليته قد شال جِذْعـا نـخْـلَةٍ

 

بأبي حنيفة وابن قَيْس الناصر

وبيان هذا هو بيان التبان وكان يقول: إلي أشار الله إذ يقول: "هَذَا بَيَان للناس". وهو أوّل من قال بخَلْق القرآن.
سؤال الأعمش للمغيرة بن سعد عن علي بن أبي طالب وأما المغيرة فكان مَوْلًى لبَجِيلَة وكان سَبَائِياً وصاحبَ نِيْرَنْجَات. قال الأعمش: قلت للمغيرة: هل كان علي يُحْي المَوْتى لقال: لو شاء لأحْيَا عاداً وثَمُودَ وقُرونَاً بين ذلك كثيراً.
بين إسماعيل بن مسلم المكي ورجل ادعى أنه علي بن أبي طالب بَلَغنِي عن أبي عاصِم عن إسماعيلَ بنِ مُسْلم المَكَي قال: كنتُ بالكوفة فإذا قوم من جِيرَاني يُكْثِرُون الدخولَ على رجل، فقلت: مَن هذا الذي تدخُلون عليه فقالوا: هذا علي بن أبي طالب. فقلت: ادْخِلُوني معكم. فمضيتُ معهم وخَبأتُ معي سَوْطاً تحتَ ثِيابي فدخلْتُ فإذا شيخ أصْلَعُ بَطِين، فقلت له: أنت علي بن أبي طالب فأوْمَأ برأسه: أي نعم؛ فأخرجتُ السوْة فما زلت أقنعُه وهو يقول: لتاوي لتاوي، فقلتُ لهم: يا فَسَقَة! عليُّ بن أبي طالبٍ نَبَطِي ثم قلت له: ويلك ما قصتك. قال: جُعْلْتُ فِدَاك، أنا رجلٌ من أهل السوَاد أخذني هؤلاء فقالوا: أنت عليّ بن أبي طالب.

حدّثني رجل من أصحاب الكلام قال: دخل هِشامُ بن الحَكَم على بعض الولاة العباسيين فقال رجل للعباسيّ: أنا أقَرِّر هِشاماً بأن عَلِياً كان ظالماً. فقال له: إن فعلتَ ذلك فلك كذا؛ فقال له: يا أبا محمد، أما علمتَ أن عَلِياً نازع العبّاسَ إلى أبي بكر قال: نعم. قال: فأيُّهما كان الظالم لصاحبه فتوقف هِشامٌ وقال: إن قلتُ العباسَ خِفتً العباسي، وإن قلت عَلِياً ناقضت قولي، ثم قال: لم يَكُن فيهما ظالمٌ. قال: فيختصم اثنان في أمر وهما مُحِقًان جميعاً؛ قال: نعم، اختصم المَلَكَان؛ إلى دَاوُدَ وليس فيهما ظالمٌ إنّما أرادا أن يُنَبِّهاه على ظلْمه، كذلك اختصم هذان إلى أبي بكر ليُعَرفاه ظُلْمَه فأسكتَ الرجلَ وأمرَ الخليفةُ لهشام بصِلَة.

شعر لحسان بن ثابت يمدح النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما قال حسّان بن ثابت في النبيّ صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما:

ثَلاَثَة بَـرزُوا بـسَـبْـقِـهُـمُ

 

نَضرَهم ربهـم إذا نُـشِـروا

عَاشُوا بلا فُـرْقَةٍ حـياتَـهُـم

 

واجتمعوا في الممات إذْ قُبِروا

فليس مِن مُسْلم لـه بَـصَـر

 

يُنْكِرُ من فَضْلهم إذا ذُكِـرُوا

شعر لأعرابي في عبد الله بن عمر

يمدح النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وقال أعرابيّ لعَبْد اللهّ بن عُمَر:

إليكَ ابن خَيْرِ الناس إلا محمداً

 

وإلا أبا بَكرٍ نَرُوحُ ونَغْتَـدِي

مثله لأبي طالب ولعبيد اللّه بن عمر وقال أبو طالب في سُهَيْل بن بيضاء، وكان أسِرَ فأطْلقه رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير فِدَاءٍ، لأنه كان مُسْلماً مُكْرَهاً على الخروج:

وهم رَجعُوا سَهْلَ بنَ بَيْضاء راضياً

 

وسُرّ أبو بَكْرٍ بهـا ومُـحـمـدُ

وقال عُبَيد اللهّ بن عمر:

أنا عُبيدُ الله يَنـمِـينِـي عُـمَـرْ

 

خيرُ قُرَيْش مَن مَضَى ومَنْ غَبَرْ

بعدَ رسول الله والشَّـيْخ الأغَـر

 

مَهْلاً عُبيَد َالله في ذاك نَـظَـرْ

لحسان بن ثابت يرثي أبا بكر رضي الله عنه وقال حَسّان بن ثابت يَرْثِي أبا بَكْرٍ رَضِيَ الله عنه:

إذا تَذَكَّرتَ شَجْواً من أخي ثـقَةٍ

 

فاذْكُرْ أخاك أبا بَكرٍ بما فَعَـلا

خيرَ البَرِيَّة أتْقاها وأعْـدَلـهَـا

 

بعدَ النًبِي وأوفَاها بما حَـمَـلا

والثانِيَ الصادقَ المحمودَ مَشْهده

 

وأولَ الناس منهم صَدق الرُّسُلا

وكان حِبّ رسول الله قد عَلِمُوا

 

من البرية لم يَعدِل به رَجُـلا

بين جرير بن ثعلبة وشيطان حدثني مِهْيَار الرازي قال: قال جريرُ بنُ ثَعْلَبة: حَضَرْتُ شيطاناً مَرةً فقال: ارْفُقْ بِي فإنَي من الشِّيعة. فقلتُ: فمَن تَعْرِف من الشيعة قال: الأعمش. فخليتُ سَبِيلَه.

شعر لأبي هريرة العجلي في محمد بن علي بن الحسين قال أبو هريرة العِجْليّ لمحمد بن علي بنِ الحُسَين عليهم السلامِ:

أبا جَعْفَرٍ أنت الوَلـي أحِـبـه

 

وأرضى بما تَرْضى به وأتابِعُ

أتتنْا رِجال يَحْمِلون عـلـيكُـمُ

 

أحادِيثَ قد ضاقتْ بهنَ الأضَالِعُ

أحاديثَ أفشاها المُغِيرَةُ فـيهـمُ

 

وشَر الأمورِ المُحْدَثَاتُ البَـدائِعُ

لعمر بن عبد العزيز حدثني هارونُ بنُ موسى عن الحسن بن موسى الأشْيَبِ عن حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد قال: قال عُمَرُ بن عبد العزيز: مَن جَعَل دِينَه غَرَضاً لخُصومات أكثَرَ التنقُل.

قال:

ما ضَر مَن أصبح المأمونُ سَائِسَهُ

 

إن لم يَسُسْه أبو بَكْرٍ ولا عُمـرُ