الكتاب الخامس: كتاب العلم والبيان - وصايا المعلمين

وصايا المعلّمين

من عتبة بن أبي سفيان لعبد الصمد مؤدَب ولده قال عُتبة بن أبي سُفيان لعبد الصمد مؤدِّب ولده: ليكن إصلاحُك بَني إصلاحَك نفسك، فإن عُيوبَهم معقودة بعَيْبك، فالحسنُ عندهم ما استحسنتَ، والقبيحُ ما استقبحت؛ وعلِّمهم سِيَرَ الحكماءِ، وأخلاقَ الأدباء، وتهدَدْهم بي وأدَبْهم دوني؛ وكن لهم كالطبيب الذي لا يَعْجَل بالدواء حتى يَعْرِف الداء؛ ولا تَتَكِلَنَ على عذر مني، فإني قد اتكلتُ على كِفاية منك.

من الحجاج لمؤدب بنيه قال الحجّاج لمؤدب بنيه: علِّمهم السباحة قبل الكتابة، فإنهم يَجدون مَنْ يكتُبُ عنهم، ولا يَجِدون مَن يَسْبَحُ عنهم.

من عبد الملك لمؤدب ولده وقال عبد الملك لمؤدٌب ولده: علِّمْهم الصدق كما تُعَلَمهم القرآن وجَنِّبْهم السًفِلَةَ فإنّهم أسوأ الناس رِعَةً وأقلُهم أدباً، وَجَنَبْهُم الحَشَم فإنّهم لهم مَفْسَدة؛ وأحفِ شُعُورَهم تَغْلُظْ رِقابُهم، وأطْعِمْهم اللحمَ يَقْوَوْا؛ علَمهم الشِّعر يَمْجُدُوا ويَنْجُدُوا، ومُرْهم أن يَستاكوا عَرْضاً ويَمُصوا الماء مصاً ولا يَعبُوُه عَبًّا؛ وإذا احتجتَ إلى أن تتناولَهم بأدب فليكن ذلك في سِتْر لا يعلَمُ به أحدٌ من الغاشية فَيَهُونُوا عليه.

وقال آخر لمؤدَب ولده: لا تُخْرجهم من عِلْم إلى عِلْم حتى يُحْكِمُوه، فإن اصطِكَاكَ العلم في السمع وازدحامَه في الوَهم مَضَلَةٌ للفهم.

شعر شريح إلى معلم ولده يوصيه به

وكان لشُرَيح ابن يلْعَب بالكلاب، فكتَب شُرَيحٌ إلى مُعلمه:

تَركَ الصلاةَ لأكْلُبٍ يَسعى بـهـا

 

طلب الهِرَاش مع الغِوَاةِ الرُّجس

فإذا خَلَوْتَ فَعَـضّـه بـمَـلاَمَةٍ

 

وِعظَتْهُ وَعْظَكَ للأرِيب الكَـيس

وإذا همَمْتَ بضَـرْبِـه فـبـدرَةٍ

 

وإذا بلغتَ بها ثلاثاً فـاحْـبِـس

واعْلَمْ بأنك ما فعلتَ فنـفـسُـه

 

مع ما يُجَرعُني أعَز الأنْـفُـس

وقال آخر لرجل يلعب بالكلاب:

أيها المُبْتلَى بحب الكـلابِ

 

لا يُحِبّ الكلابَ إلا الكلاب

لو تَعَريتَ وسطها كنتَ منها

 

إنما فُقتَها بلُبْس الـثـياب

وقال آخر:

لتَبْـكِ أبـا أحـمـدٍ قِـردةٌ

 

وكَلْبُ هِرَاشٍ ودِيك صَدُوحُ

وطيرٌ زِجَـالٌ وقُـمْـرِية

 

هَتُوفُ العَشِي وكَبْشٌ نَطُو

من حكم لقمان بلغني عن أبي الحسن العُكْلي عن عبد الله بن بكر بن عبد الله المُزنيّ قال: سمعت أبي يقول قال لقمان: ضربُ الوالدِ وَلَده كالسمَاد للزرع.

وصية عمر لأهل الشام حدّثني محمد بن عُبَيد عن معاوية بن عمرو عن أبي إسحاق عن ابن المبارك عن أسامة ابن زيد عن مكحول قال: كتب عمر إلى أهل الشام: عَلَموا أولادَكًم السَبَاحةَ والرمْي والفُرُوسية. ما كانت تسميه العرب الكامل من الرجال وكانت العرب تُسمَي الرجل، إذا كان يكتُب ويُحسِن الرًمْي ويُحسِن العَوْم وهي السِّباحة ويقول الشَعْر، الكاملَ.