الكتاب السادس: كتاب الزهد - الدعاء

الدعاء

للنبي صلى الله عليه وسلم

حدثني أبو مسعود الدارمي: قال: حدثنا جريرٌ عن أنس بن مالك قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "قال ربكم عزّ وجلّ ثلاثة: واحدةٌ لي، وواحدةٌ لك يا بن آدم، وواحدة بيني وبينك، فأما التي لي فتخلِصُ لي لا تُشرِك بي شيئاً، وأما التي لك فأحوجُ ما تكون إلى عملك أوفيكه، وأمما التي بيني وبينك فمنك الدعاءُ وعلي الإجابة".

ما يفتتح به النبي صلى الله عليه وسلم صلاته في قيام الليل حدّثني عَبْدةُ بن عبد اللّه قال: أخبرنا زيد بن الحُبَاب قال: حدثنا معاوية قال: حدثني أزهرُ ابن سعيد عن عاصم بن حميد قال: سألتُ عائشةَ رضي اللّه عنها، ما كان يفتتح به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم به صلاتَه في قيام الليل قالت: كان يُكبر عَشْراً ويحمَدُ عشرا ويسبح عشراً ويهلَل عشراً ويستغفرُ الله عشراً، وثم يقول: "اللهم اغفرْ لي واهدني وارزقني وعافني"، ويتعوذ من ضيق المقام يوم القيامة.

للنبي صلى الله عليه وسلم إذا أصبح حدثنا حسين بن حسن المروزي قال: حدثنا الخُفَافُ عن أبي الوَرْقاء عن عبد الله بن أبي أوفَى قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا أصبح قال: " أصبحنا وأصبح الملكُ والكبرياءُ والعظمةُ والخَلقُ والأمرُ والليلُ والنهارُ وما يسكن فيهما لله رب العالمين وحده لا شريك له. اللهم اجعل أوّلَ هذا النهار صلاحاً وأوسطه فلاحاً وآخرَه نجاحاً. اللهم إني أسألك خيرَ الدنيا وخير الآخرة يا أرحمَ الراحمين".

دعاء الاستسقاء للحسين حدثنا إسحاق بن راهويه قال: أخبرنا حسين بن عليّ الجُعْفِيِ عن إسرائيلي عن الحسين أنه كان إذا استسقى قال: "اللهم اسقنا سُقْيا واسعةً وادعةً عامةً نافعةَ غيرَ ضارة تعم بها حاضرَنا وبادينَا وتزيد بها في رزقنا وشكرنا. اللهم اجعله رزقَ إيمانٍ وعطاءَ إيمانٍ إن عطاءك لم يكن محظوراً. اللهم أنزل علينا في أرضنا سكنها، وأنبِتْ فيها زينتها ومرعاها".

دعاء الاستسقاء للعباس روى الكلبيّ عن أبي صالح أن العباس قال: يوم استسقى عمر رضي اللّه عنه: "اللهم إنه لم ينزلْ بلاء إلا بذنب، ولا يُكشَف إلا بتوبةٍ، وقد توجّه بي القوم إليك لمكاني من نبيّك وهذه أيدينا إليك بالذنوب ونواصينا بالتوبة، فاسقنا الغيث،. فأرخت السماءُ شابيب مثلَ الجبال بديمةٍ مُطبِقَةٍ.

دعاء عمر بن عبد العزيز عشية عرفة بعرفة وروى سفيان بن عيينة عن أبي عبد الملك قال: سمعت عمر بن عبد العزيز عشية عرفه بعرفة وهو يقول: "اللهم زِدْ في إحسان محسنهم، وراجعْ بمسيئهم إلى التوبة، وحُطْ من ورائهم بالرحمة".

دعوات النبي صلى الله عليه وسلم عند انصرافه من مجلس حدّثنا حسين بن حسين قال: حدّثنا عبد الله بن المبارك قال: أخبرنا يحيى بن أيوب عبيد الله بن زحر عن خالد بن أبي عمران عن عبد اللّه بن عمر قال: كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لا يكاد يقوم من مجلس إلا دعا بهؤلاء الدعوات: لا اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تُبلغنا به إلى رحمتك، ومن اليقين ما تهونُ به علينا مصيباتُ الدنيا ومَتِّعنا بأسماعنا، أبصارنا، واجعل ذلك الوارثَ منا، وانصرنا على من ظلمنا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا أكبر همّنا ولا مبلغ علمنا، ولا تسلَط علينا من لا يرحمنا".

لشدّاد بن أوس ثم للنبي صلى الله عليه وسلم بلغني عن يونس عن الأوزاعيّ عن حسّانَ بن عُطَيًة قال: كان شدّاد بن أوس في سفر، فنزلنا منزلاً فقال لغلامه: ائتِنا بالسفرة نَعبث بها، فأنكرت منه، فقال: ما تكلمت بكلمة مذ أسلمت إلا وأنا أخطِمها وأزّمها غير كلمتي هذه فلا تحفظوها عني، واحفظوا عني ما أقول لكم: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا كنز الناسُ الذهبَ والفضّة فاكنزوا هؤلاء الكلمات: اللهم إني أسألك الثباتَ في الأمر والعزيمةَ في الرشد وأسألك شكر نعمتك وأسألك حسنَ عبادتك أسألك قلباً سليماً ولساناً صادقاً، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم، أستغفرك لِما تعلم، إنك أنت علام الغيوب".

من أدعية النبي صلى الله عليه وسلم  

بلغني عن الوليد بن مسلم قال: حدّثنا أبو سلمة الحوسيّ عن سالم بن عبد الله قال: كان من دعاء رسول اللهّ صلى الله عليه وسلم: "اللهم ارزقني عينين هطّالتين تبكيان بذروف الدموع وتشفيانني من خشيتك قبل أن تكون الدموع دماً والأضراس جمراً".

حدّثني أبو سفيان الغَنْوِيّ قال: حدثنا عمر بن عِمران قال: حدّثني الحارث بن عِنبة عن العلاء بن كثير عن أبي الأسقع: أنه كان يحفظ من دعاء النبيّ صلى الله عليه وسلم: "يا موضعَ كلّ شكوى ويا شاهدَ كلّ نَجْوَى بكل سبيل أنت مقيم تَرَى ولا تُرَى وأنت بالمنظَر الأعلى".

دعاء عيسى عليه السلام للمرض والعميان والمجانين حدّثنا عبد الرحمن عن عبد المنعم عن أبيه عن وهب بن منبّه قال: كان دعاء عيسى الذي يدعو به للمرضى والزِّمْنَى والعميان والمجانين وغيرهم: "اللهم أنت إله مَنْ في السماء وإله مَنْ في الأرض لا إله فيهما غيرُك، وأنت جبار مَنْ في السماء وجبار مَنْ في الأرض لا جبارَ فيهما غيرك، وأنت حَكَمُ مَنْ في السماء وحَكَمُ مَنْ في الأرض لا حَكَمَ فيهما غيرُك، وأنت ملِك منْ في السماء وملِك مَنْ في الأرض لا ملِك فيهما غيرك؛ قُدرتُك في الأرض كقدرتِك في السماء، وسلطانُك في الأرض كسلطانك في السماء؛ أسألك باسمك الكريم ووجهِك المنير إمُلكِك القديم، إنك على كلّ شيء قدير،. قال وهب: هذا يُقرأ للفزع على المجنون ويُكتب له ويغسل ويسقى، فيبرأ بإذن اللهّ أيّ ذلك شاء فعل.

من دعاء المسيح حين أخذه اليهود وحدّثني أيضاً بهذا الإسناد قال: كان من دعاء المسِيح حين أخذه اليهود ليصْلُبوه بزعمهم فرفعه الله إليك: "اللهم أنت القريب في علوك، المتعالي في دنوّك، الرفيع على كل شيء خَلْقك، أنت الذي نفذ بصرك في خلقك، وحَسِرَت الأبصار دون النظر إليك وعَشِيَتْ دونك وشمخ بك العلوّ في النور؛ أنت الذي جَلّيت الظُّلَمَ بنورك فتباركت اللهم خالق الخلق بقدرتك مقدر الأمور بحكمتك، مبتدِعَ الخلق بعظمتك، القاضي في كل شيء بعلمك؛ أنت الذي خلقتَ سبعاً في الهواء بكلماتك، مستوِياتِ الطباق مذعِناتٍ لطاعتك، سَمَا بهنّ العلوّ بسلطانك فَأجبْنَ وهنّ دخان من خوفك، فأتَيْنَ طائعاتٍ بأمرك، فيهن ملائكتك يسبّحون قدسَك بتقديسك وجعلتَ فيهنّ نوراً يجلو الظلام، وضياءً أضوا من شمس النهار، وجعلتَ فيهنّ مصابيحَ يُهتد بها في ظُلمات البحر والبر ورجوماً للشياطين، فتباركتَ اللهم في مفطور سمواتك، وفيها دَحَوت من أرضك، ودَحوتها على الماء، فأذللت لها الماء المتظاهر فذل لطاعتك وأذعن لأمرك وخضع لقوتك أمواجِ البحار، ففجّرتَ فيها بعد البحار الأنهارَ، وبعد الأنهار العيونَ الغِزار والينابيعَ؛ ثم أخرجت منها الأشجارَ بالثمار، ثم جعلتَ على ظهرها الجبالَ أوتاداً فأطاعتا أطوادُها، فتباركت اللهم في صنعك، فمن يبلغ صفةَ قدرتك ومن يُنعَتُ نعتك. تُنزِل الغيث وتُنشِئ السحابَ، وتفُك الرقابَ وتَقْضِي الحقّ وأنت خير الفاصلين. لا إله إلا أنت سبحانك أمرتَ أن يستغفرك كلُّ خاطئ. لا إله إلا أنت إنما يخشاك من عبادك العلماء الأكياس. أشهد أنك لست بإله استحدثناه، ولا رب يبيد ذِكرُه، ولا كان لك شركاءُ يقضون معك فندعو ونَدَعُك، ولا أعانك أحدٌ على خَلْقِك فنشك فيك. أشهدُ أنك أحد صمدٌ لم تلِد ولم يكن لك كفواً أحدٌ، ولم تتخذ صاحبةً ولا ولدا. اجعل لي من أمري فرجاً ومخرجا".

قال وهب: وهذا الدعاء عُوذَةٌ للشقيقة وغيرها من قولك: "أشهد أنك لستَ بإله استحدثناه، إلى آخره".
لابن عباس في كيفية الدعاء حدّثني محمد بن عُبَيد قال: حدّثنا سفيان بن عُيَينة عن ابن عباس قال: "الإخلاص هكذا، وبسط يده اليمنى وأشار بإصبعه من يده اليسرى، والدعاء هكذا، وأشار براحتيه إلى السماء، والابتهال هكذا، ورفع يديه فوق رأسه ظهورُهما إلى وجهه".

دعاء داود في الليل حدثني عبد الرحمن عن عبد المنعم عن أبيه عن وهب بن منبّه قال: كان داود إذا دعا في جوف الليل قال: "اللهم نامتِ العيونً وغارتِ النجومُ وأنت حيّ قيّوم اغفر لي ذنبي العظيم إنك عظيم. وإنما يغفر العظيمَ العظيمُ، إليك رفعتُ رأسي عامرَ السماء نظرَ العبيد إلى أربابها. اللهمّ تساقطت القُرَى وأبطِل ذكرُها وأنت دائبٌ الدهرَ مُعد كرسيَّ القضاء".

من تحميد داود  

قال: وكان من تحميده: "الحمد للّه عدد قطَر المطر، وورق الشجر، وتسبيح الملائكة، وعددَ ما في البرّ والبحر. والحمد للّه عددَ أنفاس الخَلْق ولَفْظهم وطَرْفهم وظِلالهم، وعددَ ما عن أيْمانِهم وشمائِلهم، وعددَ ما قهره ملكُه، ووسِعه حِفظُه، وأحاطت به قُدرته، وأحصاه علمُه. والحمد للّه عددَ ما تجري به الرياحُ، وتحمله السحابُ، وعددَ ما يختلِف به الليلُ والنهارُ، وتسير به الشمسُ والقمرُ والنجومُ. والحمدُ للّه عددَ كل شيء أدركه بصرُه، ونفذَ فيه علمًه، وبلغ فيه لطفًه. والحمد للّه الذي أدعوه فيُجِيبُني وإن كنتُ بطيئاً حين يدعوني. والحمد للّه الذي أسأله فيعطيني، وإن كنتُ بخيلاً حين يَستقرِضًني. والحمد لله الذي أستعفِيه فيُعافيني، وإن كنتُ متعرضاً لما يُهلِكني. والحمد للّه الذي حَلُم في الذنوب عن عقوبتي حتى كأني لا ذنبَ لي، ولو يؤاخِذُني لم يظلِمني سيدي. والحمد للّه الذي أرجوه أيامَ حياتي، وهو ذُخْرِي في آخرتي، ولو رَجوتُ غيره لانقطع رجائي. والحمد لله الذي تُمسِي أبواب الملوك مغلقةً دوني، وبابُه مفتوح لكل ما شئتُ من حاجاتي بغير شفيع فيقضيها لي. والحمد لله الذي أخلو به في كل حاجاتى، وأضعُ عنده سرّي في أي ساعة شئتُ من ساعاتي. والحمد لله الذي تحبب إليَّ وهو عني غَنِي، فربّي أحمدُ شيء عنده وأحقُه بحمده".

دعاء يوسف عليه السلام وكان من دعاء يوسفَ: "يا عُدَتي عند كربتي، ويا صاحبي في وَحْدَتي، ويا غِياثي عند شدتي، ومَفزَعي عند فاقتي، ورجائي إذا انقطعتْ حيلتي، إلهي وإله آبائي إبراهيمَ وإسحاقَ ويعقوبَ، اجعل لي فرجاً ومخرجاً واقض حاجتي.

دعاء بكّاء بني إسرائيل وكان بَكاء بني إسرائيل يقول: "اللهم لا تؤدبْني بعقوبتك، ولا تمكُرْ بي في حيلتك، ولا تؤاخذني بتقصيري عن رضاك، عظيم خطيئتي فاغفِرْ، ويسير عملي فتقبل، كما شئتَ تكون مشيئتك، وإذا عزمتَ يمضي عزمُك؛ فلا الذي أحسنَ استغنى عنك وعن عَونك، ولا الذي أساء استبد بشيء يخرُج به من قُدرتِك؛ فكيف لي بالنجاة ولا توجدُ إلا من قِبَلِك إلهُ الأنبياء وولي الأنبياء، وبديعُ مرتبة الكرامة، جديد لا يبلى، حفيظٌ لا يَنْسَى؛ دائمٌ لا يبيد، حي يموت، يقظانُ لا ينام؛ بك عرفتُك، وبك اهتديتُ إليك، ولولا أنت لم أعْرِ ما أنتَ؛ فتباركت وتعاليتَ".

للنبي صلى الله عليه وسلم قال الأزديّ: حدَثتُ عن محمّد بن النضر الحارثي أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقطعوا الشهادة على أهل القبلة فإنه من يقطع الشهادةَ عليهم فأنا منه بريءٌ إنّ الله كتمنا ما يصنع بأهل القبلة وقال: "من عَلّم آيةً كتاب اللّه أو كلمةً من سنّة في دين الله حثا الله له من الثواب حثواً".

قال: وقال الأوزاعيّ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهم إني أسألك التوفيق لمحَابِّك الأعمال وحسن الظن بك وصحة التوكل عليك".

لعلي بن أبي طالب عليه السلام وقد سمع رجَلاً يدعو عند الكعبة محمد بن بشر العَبْدِي قال: حدثنا بعض أشياخنا قال: اعتمر علي عليه السلام ورجلاً متعلقاً بأستار الكعبة وهو يقول: يا من لا يشغَلُه سمعٌ عن سمع، ولا تُغلِطه المسائل ولا يبرمه إلحاحُ الملحين؛ أذقْني بَرْدَ عفوك وحلاوةَ مغفرتك. فقال علي: والذي نفسي بيده لو قلتها وعليك ملءُ السموات والأرَضين ذنوباً لغُفِر لك.

دعاء أعرابي عند الملتزم دعا أعرابي عند الملتزَم فقال: اللهم إن لك علي حقوقاً فتصدَقْ بها علي، وللناس تَبِعاتٍ فتحملها عني، وقد أوجبتَ لكل ضيف قِرى، وأنا ضيفُك فاجعلْ قِراي الليلة الجنةَ.

مثله لآخر وقال آخر: اللهم إليك خرجِتُ، وما عندك طلبتُ، فلا تحرمني خيرَ ما عندك لشرّ ما عندي. اللهم وإن كنتَ لم ترحم نصَبي وتَعَبي فلا تحرمني أجرَ المصابِ على مصيبته.

من كتاب لشيخ للمؤلف  

وقرأتُ في كتابٍ لشيخ لنا: اللهمّ إنه من تهيأ و تعبأ، وأعد واستعدّ لوِفَادة مخلوقٍ رَجاءَ رفدِه وطَلَبَ نَيلِه، فإن تهيّئي وتعبئي وإعدادي واستعدادي لك رجاءَ رِفدك وطلبَ نائلك الذي لا خطَر ولا مِثلَ. اللهمّ إني لم آتَك بعمل صالح قدّمتُه، ولا شفاعةِ مخلوقٍ رجوته، أتيتك مُقِرا بالظُلم والإساءةِ على نفسي، أتيتُك بأنّي لا حجةَ لي، أرجو عظيمَ عفوك الذي عدتَ به علي الخَطّائين، ثم لم يمنعك عكوفُهم على عظيم الجُرم أن جُدتَ لهم بالمغفرة. فيا مَنْ رحمته واسعةٌ، وفضلُه عظيم اغفر الذنبَ العظيم.

للفضل بن عيسى الرقاشي ابن عائشة قال: قال الفضل بن عيسى الرٌقاشِي: اللهم لا تُدخِلنا النارَ بعد إذ أسكنتَ قلوبَنا توحيدَك؛ وإني لأرجو ألا تفعلَ، ولئن فعلتَ لتجمعنَ بيننا وبين قوم عاديناهم فيك.

لأبي حازم بلغني عن ابن عيَيْنةَ عن أبي حازم قال: لأنا مِنْ أن أمنَع الدعاءَ أخوفُ منّي من أن أمنَع الإجابةَ.

لبعض الشعراء في وصف دعوة أنشدنا محمد بن عمر لبعض الشعراء في وصف دعوة:

وسارية لم تَسْرِ في الأرض تبتغي

 

مَحَلاً ولم يقطع بها البيد قـاطـعُ

سَرتْ حيث لم تَسْرِ الركابُ ولم تُنَخْ

 

لِورْد ولم يَقصُصْ لها القيْدَ مانـعُ

تَحل وراءَ الليل واللـيلُ سـاقـط

 

بأوراقه فيه سـمـيرٌ وهـاجـعُ

تَفَتَحُ أبوابُ الـسـمـاء ودونَـهـا

 

إذا قَرَع الأبوابَ منـهـن قـارعُ

إذا أوفدتْ لم يروُرِ اللُه وفـدَهـا

 

على أهلها واللـه راءٍ وسـامـع

وإني لأرجو اللَه حتى كـأنـنـي

 

أرى بجميل الظنَ ما الله صانـع

وقال آخر:

وإني لأدعو الله والأمرُ ضـيَق

 

علي فما ينفك أن يتـفـرًجـا

ورُث فتى سُدًتْ عليه وجوهُـهُ

 

أصاب له في دعوةِ الله مَخرجا

ونحوه:

إذا تضايقَ أمرٌ فانتظر فرجـاً

 

فأضيقُ الأمر أدناه من الفرج

كتاب رجل من العرب لآخر أخذ له مالاً أخِذَ لرجلٍ من العرب مالٌ فكتبَ إلى آخِذه: يا هذا، إن الرجلَ ينام علىِ الثكْل، ولا ينام على الحَرَبِ؛ فإمّا رددتَه، وإما عرضتُ اسمَك على الله تعالى كل يوم وليلةٍ خمْسَ مراتٍ رد بكر بن عبد اللّه على رجل طلب منه أن يدعو له قال عبد الرحمن بن زياد: اشتكَى أبي فكتب إلىِ بكر بن عبد الله يسأله أن يدعُوَ فكتب إليه بكر: يحقّ لمن عمِل ذنباً لا عُذر له فيه، وتوقَع موتاً لا بد له منه، أن يكون وجلاً مشفِقاً، سأدعو لك، ولستُ أرجو أن يُستجابَ لي بقوة في عملٍ، ولا براءةٍ من ذنبٍ، والسلام لإبراهيم بن أدهم خَلَفُ بنُ تميم عن عبد الجبّار بن كُلَيب قال: قال لنا إبراهيم بن أدهم حين عَرض لنا السبعُ: قولوا: اللهم احرُسْنا بعينك التي لا تنامُ، واجعلنا في كَنَفك الذي لا يُرام، وارحمنا بقدرتك علينا، لا نَهلِكُ وأنت رجاؤنا. قال خَلف: فما زلتُ أقولُها مذ سمعتُها، فما عَرض لي قط لِصٌ ولا غيرُهُ.

لأعرابي في الاستغفار قال أعرابيّ: من أقام بأرضنا فليُكثر من الاستغفار، فإنْ مع الاستغفار القُطَارَ .

كلمات عبر بهنّ العلاء بن الحضرمي البحر إلى أهل دارين بلغني عن موسى بن مسعود النًهْدي عن سفيان الثوري عن قُدامة بن حَمَاطَة الضَبيّ عن خالد بن مِنْجاب عن زياد بن حُدَير الأسديّ أن العلاء بنَ الحضرَميّ عبرَ إلى أهل دَارِينَ البحر بهذه الكلمات: يا حليمُ يا حكيمُ يا عليُ يا عظيمُ.

دعاء لقضاء الحاجة حدّثني محمد بن عُبَيد قال: حدّثنا يزيد بن هارون عن هشام الدَّسْتَوَائيّ عن حمّاد عن إبراهيم عن عبد الله في الرجل إذا أراد الحاجةَ صلَى ركعتين ثم قال: اللهم إنّي أستخيرك بعلمك، وأستقدرُك بقُدرتك، وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدِرُ ولا أقدِرُ، وتملِك ولا أملِك، وتعلَمُ ولا أعلَمُ، إن كان هذا الأمرُ الذي أريده - وتسميّه - خيراً لي في دِيني وخيراً لي في معيشتي وخيراً لي فيما أبتغي فيه الخِيَرَةَ فيَسرْه لي وباركْ لي فيه، وإن كان شرَاً لي في دِيني شرّاً لي في معيشتي وشرّاً لي فيما أبتغي فيه الخيرَ فاصرفه عنّي، ويسَرْ لي الخيرَ حيث كان ثم رضَني به.

من دعاء لبعض الصالحين

ومن دعاء بعض الصالحين: اللهم إنًي أستغفرك من كل ذنبِ قَوِيَ عليه بدني بعافيتك، ونالته يدي بفضل نعمتك، وانبسطتُ إليه بسَعَة رزقك، واحتجَبتُ فيه عن الناس بسَتْرك، اتّكَلْتُ فيه على أنَاتِكَ وحِلْمك، وعولتُ فيه على كريم عفوك.

الأوزاعي في دعاء الأوزاعيّ قال: مَن قال: "اللهمّ إني أستغفرك لمَا تبتً إليك منه ثم عدتُ فيه، وأستغفِرُك مَا وعدتُك من نفسي وأخلفتُك، وأستغفرك لمَا أردتُ به وجهَك فخالَطَه ما ليس لكَ، وأستغفرك للنًعم التي أنعمتَ بها عليّ فتقويْتُ بها على معصيتك، وأستغفرك لكل ذنبٍ أذنبتُه أو معصيةٍ ارتكبتها" غفر الله له ولو كانت ذنوبُه عَدَدَ ورق الشجر، ورمل عالج، وقَطْرِ السماء.

دعاء مطرف وكان مُطَرِّف يقول: اللهمّ إني أعوذً بك من شر السلطان، ومن شرّ ما تجرِي به أقلامُهم وأعوذ بك أن أقولَ قولًا حقّاً فيه رضاك ألتمس به أحداً سواك، وأعوذ بك أن أتزيًن للناس بشي يَشينُني، وأعوذ بك أن أكونَ عِبرةً لأحدٍ من خَلْقك، وأعوذ بك أن يكونَ أحدٌ من خَلْقك أسعد بما علّمتَني منّي، وأعوذ بك أن أستغيثَ بمعصيةٍ لك من ضُر يُصيبني.

بين مالك بن دينار وقوماً سألوه أن يدعو الله للاستسقاء الأزديّ عن عبد الواحد بن زيد قال: شهدتُ مالكَ بن دينار يوماً وقيل له: يا أبا يحيى ادعُ اللَه أن يَسقيَنَا. قال: تستبطِؤون المطرَ قالوا: نعم قال: إنني والله أستبطئُ الحجارَة.

لعطاء السُلمي قال أبو كعب: سمعتُ عطاءً السُلَمِيّ يقول: اللهم ارحَمْ غُرْبتي في الدنيا، ومَصرعي عند الموت ووحدتي في القبور، ومُقامي بين يديك.

في أن اللّه تعالى قسمَ الأخلاق على العباد كما قسم الأرزاق حدثني محمد بن عبد العزيز قال: حدّثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: حدّثنا زُهير عن زُبيد اليامي عن مُرةَ عن عبد الله قال: إن الله تعالى قسمَ بينكم أخلاقَكم كما قسمَ بينكم أرزاقَكم، إن الله يُؤتِي المالَ مَنْ يحب ومن لا يحب، ولا يؤتي الإيمانَ إلا من يُحِب. فمن ضن بالمال أن يُنفقه، وهاب العدوً أن يُجاهده، والليلَ أن يكابدهَ فليُكثِرْ من سبحان الله والحمد لله ولا إلهَ إلا الله والله أكبر".

ومن جامِع الدعاء: اللهمّ أغنني بالعِلْم، وزيني بالحِلْم، وجفَلني بالعافية، وأكرمني بالتقوى.

من دعاء أبي المجيب وكان من دعاء أبي المجيب: اللهم لا تَكِلْنا إلى أنفسنا فنعجِز، ولا إلى الناس فنَضِيعَ، اللهمّ اجعلْ خيرَ عملي ما قاربَ أجلي.

من دعاء عمرو بن عبيد ومن دعاء عمرو بن عبيد: اللهم أغنِني بالافتقار إليك، ولا تُغنِني بالاستغناء عنك.
لابن عون فيما كانوا يستحبون من الدعاء ابن عائشة عن سلام بن أبي مُطِيع قال: سمعت ابن عون يقول: كانوا يَستحبون من الدعاء: اللهم عبدُك وابن عبدك وابن أمَتِك لعبيدك وإمائك، أنا الذليلُ ولا أنتصر، وأنا الظالم ولا أغتفر، عملتُ سوءا وظلمتُ نفسي وإلّا تغفر لي وترحمْني أكنْ من الخاسرين. فما أتمها ابن عون حتى أجهشَ بالبكاء .

من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: "اجعلْني لك شَكاراً، لك ذَكّاراً، لك رهاباً، لك مطيعاً، إليك مُخبِتاً، لك أواهاً مُنيباً، رب تَقبلْ توبتي واغسِلْ حَوْبتي وأجبْ دعوتي وثبت حجتي واهدِ قلبي وسددْ لساني".

المناجاة

دعاء لبعضهم حدثني عبد الله بن هارون عن سُلَيم بن منصور عن أبيه قال: كنتُ بالكوفة فخرجتُ في بعض الليل لحاجة وأنا أظنُ أني قد أصبحتُ فإذا علي ليلٌ فمِلْتُ إلى بعض أبوابها أنتظر الصبحَ فسمعتُ من وراء الباب كلامَ رجلٍ وهو يقول: فوعزتك وجَلالِك ما أردتُ بمعصيتي مخالفتَكَ، وما عَصَيتُك إذ عصيتُك وأنا بنَكالِكَ جاهل، ولا بعقوبتك ولا بنظركَ مُستخِفٌ، ولكن سولتْ لي نفسي، وأعانني على ذلك شِقْوَتي، وغرني سَتْرُك المرْخَى علي، فعصيتُك بجهل وخالفتُك بجهل، فالآنَ من عذابك مَنْ يستنقِذُني وبحبل مَنْ أعتصمُ إن قطعتَ حبلَك عني، فوا سوأتاه من الوقوف بين يديك غدا إذا قيل للمِخفَين: جُوزُوا، وللمثْقِلين: حُطُوا؛ أفمع المثقلين أحُط أم مع المخفَين أجُوز ويلي كلمّا كَبِرتْ سِني كَثُرتْ ذنوبي؛ ويليِ كُلما طال عمري كثُرت مَعاصِي فمِنْ كَمْ أتوبُ وفي كم أعودُ أما آن لي أن أستحييَ من رَبيَ.

من مناجاة داود عليه السلام بلغني عن الوليد بن مُسلم عن عثمان بن أبي العاتكة قال: كان داودُ النبي عليه السلامُ يقول في مناجاته: سبحانكَ إلهي إذا ذكرتُ خطيئتي ضاقت علي الأرضُ برُحْبها، وإذا ذكرت رحمتَك ارتد إلي رُوحي، سبحانك إلهي أتيتُ أطباءَ عبادك ليُداووا لي خطيئتي فكلهم عليك يَدُلُني.

لداود الطائي حدّثني بعضُ أشياخنا قال: كان داودُ الطائي يقول: همك عطًلَ علي الهمومَ، وحالف بيني وبين السُّهادِ، وشدّةُ الشفَق من لقائك أوبقَ عليَّ الشهواتِ، ومنعني اللذْاتِ، فأنا في طلبك أيها الكريمُ مطلوبٌ.

لضيغم وقال: تعبدَ ضيغم قائماً حتى اقعِدَ، وقاعداً حتى استلقَى، ومُستلقياً حتى أفحم؛ فلما جَهِد رفع بصرَه إلى السماء وقال: سبحانك، عجباً للخليقة كيف أرادتْ بك بدَلاً وسبحانك عجباً للخليقة كيف استنارت قلوبُها بذكر غيرك وعجباً للخليقة كيف أنسَتْ بسواك.

لامرأة من التابعين عُتبة أبو الوليد قال: كانت امرأة من التابعين تقول: سبحانك، ما أضيقَ الطريقَ على من لم تكن دليلَه، سبحانك ما أوحشَ الطريقَ على لم تكن أنيسَه.

مناجاة عروة بن الزبير أبو الحسن قال: كان عُروة بن الزُبير يقول في مناجاته بعد أن قُطِعتْ رجلُه ومات ابنُه: كانوا أربعةً، يعني بنيه، فأخذتَ واحداً وأبقيتَ ثلاثةً، وكن أربعاً يعني يديْه ورِجليه؛ فأخذتَ واحدةً وأبقيتَ ثلاثاً،. لَيْمُنُكَ لئن كنتَ أخذتَ لقد أبقيتَ، ولئن كنتَ ابتليتَ عافيتَ.

بين يونس وجبريل عليهما السلام وأعبد أهل الأرض وفي حديث بني إسرائيل أن يونُس عليه السلامُ قال: لجبريلَ عليه السلام: دُلني على أعبِد أهل الأرض. فدلَه على رجل قد قَطَع الجُذامُ يديه ورِجليْه، وذهب ببصرَه، فسمِعه يقول: متّعتَني ما شئتَ، وسلبتَني حين شئتَ، وأبقيتَ لي فيك الأملَ يا بارُ يا وَصُولً.

من دعاء لبعض الصالحين ومن دعاء بعض الصالحين: اللهمّ اقطع حوائجي من الدنيا بالشوق إلى لقائك، واجعل قُرَّةَ عيني في عبادتك، وارزقني غَم خوفِ الوعيدِ، وشوقَ رجاءِ الموعود، الَلهمّ إنك تعلم ما يصلِحُني في دنياي وآخرتي فكن بي حفِيًّا.