الكتاب السادس: كتاب الزهد - الموت

الموت

بين محمد بن كعب وعمر بن عبد العزيز حدثني أبو حاتم عن الأصمعيّ قال: حدثني عيسى بن ميمون عن محمد بن كعب قال: نطرت إلى عمر بن عبد العزيز فأدمتُ النظرَ إليه؛ قال: ما تنظُر يا محمد قلت: أنظر إلى ما ابيض من شعرك، ونحَلَ من جسمك، وتغيَّر من لونك. فقال: أمَا واللّه لو رأيتني في القبر بعد ثالثة؛ وقد سالتْ حدقتاي على وجنتيّ، وسال منخراي صديداً ودوداً، لكنتَ أشد نَكرَة.

لجارية ترثي ميتا وقال الأصمعي: دخلتُ بعضَ الجَبَابين، فإذا أنا بجاريةٍ ما أحسبها أتت مكليها عَشْرُ سنينَ، وهي تقول:

عَدِمتُ الحياةَ ولا نـلـتـهـا

 

إذا كنت في القبر قد ألحدوكا

وكيف أذوق لـذيذ الـكـرى

 

وأنت بيمناك قد وسّـدوكـا

قال الأزديّ: بلغني أن داود الطائيّ مر بامرأة تبكي عند قبرٍ وهي تقول: يا أخاه شعري:

بأيَ خديك تبدي البِلى

 

وأيُ عينيك إذاً سالا

شعر لمالك بن دينار وقد أتى القبور حدّثني محمد بن مرزوق قال: حدّثنا محمد بن نصر المعلم قال: حدّثنا جعفر بن سليمان عن مالك بن دينار أنه قال:

أتيت القبـورَ فـنـاديتُـه

 

ن أين المعظَّم والمحتقَـرْ

وأين المدلُ بسلـطـانـه

 

وأين المزكَى إذا ما افتخَرْ

قال: فنوديتُ من بينها ولا أرى أحداً:

تفانَوْا جميعاً فما مُـخـبِـرٌ

 

وماتوا جميعاً وماتَ الخبَرْ

تروحُ وتغدو بناتُ الـثـرى

 

وتُمْحَى محاسنُ تلك الصُّوَرْ

فيا سائلي عن أناس مَضَـوْا

 

أمَالك فيما ترى مُعتـبَـرْ

قال: فرجعت وأنا أبكي.

شعر على قبر بالشام بلغني أنه قرئ على قبرٍ بالشام:

باتوا على قُلَل الأجبال تحرُسُـهـم

 

غُلْبُ الرجال فلم تنفعهم القُـلَـلُ

واستُنْزِلوا بعد عزٍّ من معاقلـهـم

 

فأسكِنوا حُفْرهًّ يا بئس ما نزلـوا

ناداهُمُ صارخٌ من بعد ما دُفـنـوا

 

أين الأسرةُ والتيجانُ والـحُـلَـلً

أين الوجوهُ التي كانت مُحـخـبةً

 

من دونها تُضرَبُ الأستارُ والكِلَلُ

فأفصحَ القبرُ عنهم حين ساء لهـم

 

تلك الوجوهُ عليها الدودُ تقتـتـلُ

قد طال ما أكلوا دهراً وما نَعِمـوا

 

فأصبحوا بعد طول الأكل قد أكِلُوا

وقال آخر:

ربَّ قوم عَبَروا من عيشهم

 

في نعيم وسرور وغَـدَقْ

سكتَ الدهرُ زمانا عنهُـمُ

 

ثم أبكاهم دماً حين نَطَـقْ

بين النعمان وعدي بن يزيد نزل النُعمان ومعه عِدي بن زيد في ظل شجرةٍ عظيمةٍ ليَلْهُوَا، فقال له عدي بن زيد: أتدري ما تقولُ هذه الشجرةُ. قال: لا؛ قال تقول:

رب شَرْب قد أناخوا عنـدنـا

 

يشربون الخمرَ بالماءِ الزلازل

ثم أضحًوْا لَعب الدهرُ بـهـم

 

وكذاك الدهرُ حالاً بعد حـال

لإبراهيم بن مهدي وقال إبراهيم بن المهدي:

بالله ربك كم بيتٍ مـررتَ بـه

 

قد كان يُعْمَر باللذات والطربِ

طارتْ عُقابُ المنايا في سقائفه

 

فصار من بعدها للويل والحربِ

شعر للخليل بن أحمد الفراهيدي أنشدنا أبو عبد الرحمن صاحب الأخفش عن الأخفش للخليل بن أحمد العروضي:

كن كيف شئتَ فقَصرُك الموتُ

 

لا مَزْحَلٌ عـنـه ولا فَـوْت

بينا غِنَى بـيِتِ وبـهـجـتُـه

 

زال الغنَى وتقوَضَ الـبـيتُ

شعر لمالك بن دينار وقد كان يخرج إلى القبور كل خميس حدّثني يزداد بن أسد عن الطَّنَافسيّ قال: حدّثنا أبو محمد قال: كان مالك بن دينار يخرج إلى القبور كل خميس على حِمار قوطرانيّ؛ ويقول:

ألا حَي القبورَ ومن بِهِنَّـهْ

 

وجوه في القبورِ أحِبُّهنَـهْ

فلو أنّ القبور سمعنَ صوتي

 

إذاً لأجبنني من وجدِهِنَـهْ

ولكنّ القبورَ صمتنَ عنـي

 

فابْتُ بحسرةٍ من عندِهِنَـهْ

ثم يبكي ونبكي.

بين معاوية بن أي سفيان وعُبَيْد بن شرية الجُرْهميّ قال معاوية بن أبي سفيان لعُبَيد بن شرية الجُرْهُميّ: أخبِرْني بأعجبِ شيءٍ رأيتَه الجاهليَّة. فقال: إني نزلتُ بحي من قُضاعة فخرجوا بجنازةِ رجل من عُفرَة يقال له حُريث وخرجتُ معهم، حتى إذا وارَوْه في حفرته انتبذتُ جانباً عن القوم وعيناي تذْرِفان ثم تمثلت بأبياتِ شعرٍ كنتُ أرويها قبل ذلك بزمانٍ طويلٍ:

تجري أمور ولا تَـدْرِي: أوائلُـهـا

 

خَيْرٌ لنفسك أم مـا فـيه تـأخـير

 

فاستقدرِ اللـه خـيراً وارضَـيَنَ بـه

 

فبينما العـسـرُ إذ دارت مـياسـر

 

وبينما المرءُ في الأحياءِ مغتـبـطـاً

 

إذ صار في الرمس تعفوه الأعاصير

 

يبكي الغريبُ عليه ليس يعرفه

 

وذو قرابته في الحيّ مسرور

           

قال: وإلى جانبي رجلٌ يسمع ما أقول، فقال لي: يا عبدَ الله، هل لك علم بقائل الأبيات. قلتُ: لا والله؛ إلا أني أرويها منذُ زمانٍ . فقال: والذي تحلِفُ به إن قائلَها لصاحبنا الذي دفنَّاه آنفاً، وهذا الذي ترى ذو قرابته أسر الناس بموته، وإنك لغريب وتبكي عليه وصفتَ. فعجبتُ لما ذكره في شعره وما صار إليه من أمره وقوله، كأنه ينظر إلى مكاني جنازته، فقلت: "إنً البلاء موكُل بالقول" فذهبتْ مثلاً.

لأعرابي فيما هو خير من الحياة وشر من الموت قال أعرابي: خيرٌ من الحياة ما إذا فقدتَه أبغضتَ لفقده الحياةَ، وشر من الموت ما إذا نزل بك أحببت لنزوله الموت.

شعر لأبي زبيد ولأبي العتاهية وقال أبو زُبَيد:

يملِكُ المرءُ بالرجاءِ وُيضحي

 

غَرَضا للمنون نَصْبَ العودِ

كلّ يومٍ ترميه منها برَشْـقٍ

 

فمصيبٌ أو صاف غير بعيد

وقال أبو العتاهية:

وَعَظَتْك أحداث صُمُتْ

 

وَنَعَتْك أزمنة خُفُـتْ

وتكلَّمتْ عـن أوجـهٍ

 

تَبلى وعن صور شُتُتْ

وأرتك قبرَكَ في القبو

 

رِ وأنت حي لم تمًتْ

لأعرابي وقال أعرابي: أبْعدَ سفر أولُ مَنْقَلةٍ منه الموتُ.

وقيل لأعرابيّ: مات فلانٌ أصح ما كان. فقال: أوَ صحيحٌ مَن الموتُ في عُنقِه وقال بعض المحدَثين:

اسمعْ فقد أسمعك الصـوتُ

 

إن لم تبادر فهو الـفـوت

بل كُلْ إذا شئت وعِشْ ناعما

 

آخرُ هذا كلَـه الـمـوتُ

ما كان يقوله صالح المرّي في قصصه وكان صالح المرّي يقول في قَصَصه:

مؤمِّل دنيا لتـبـقَـى لـه

 

فماتَ المؤفَلُ قبل الأمَـلْ

وباتَ يُروِّي أصولَ الفَسيل

 

فعاش الفسيلُ ومات الرجُلْ

لمسلم بن الوليد وقال مسلم بن الوليد:

كم رأينا من أناس هلكـوا

 

وبكَى أحبَابُهم ثم بُـكُـوا

تركوا الدنيا لمن بعـدهُـمُ

 

ودُفُم لو قدموا ما تركـوا

كم رأينا من ملوكٍ سـوقةَ

 

ورأينا سُوقةً قد مَلَـكـوا

قَلَب الدهرُ عليهم وَرِكـا

 

فاستداروا حيث دار الفلَكُ

بيتان كانا على جدار من جُدر القسطنطينية حدثني أبي عن أبي العتاهية أنه قرئ له بيتان على جدارٍ من جُحُر كنيسة القسطنطينية ما اختلف الليلُ والنهار ولا دارتْ نجومُ السماء في الفلَكِ إلا بنقل السلطانَ عن مَلكٍ كان يحدث الدنيا إلى مَلِكِ وقال آخر:

ما أنزل الموتَ حق منزلِـهِ

 

من عَدً يوماً لم يأتِ من أجَلِهْ

والصدق والصّبرُ يبلُغان بمن

 

كانا قرينيْه منتهَـى أمـلِـهْ

عليك صدق اللسان مجتهـدا

 

فإنّ جُل الهلاك في زللِـهْ

للطرماح وقال الطِّرماح:

فيا ربّ لا تجعلْ وفـاتـيِ إن أتـت

 

على شَرجَع يُعْلَى بدُكنِ المطـارف

ولكن أجِزْ يومي شهيداً وعُـصْـبةً

 

يصابون في فجٍّ من الأرض خائف

عصائبُ من شتَّى يؤلـفُ بـينـهـم

 

هُدى الله نزَّالون عند الـمـواقـف

إذا فارقوا دنياهُـم فـارقـوا الأذى

 

هُدى الله نزَّالون عند الـمـواقـف

فأقتل قَعْصاً ثم يُرمَى بأعـظـمـي

 

كضِغْثِ الخَلاَ بين الرياح العواصِف

ويصبِح لحمي بطنَ طـير مـقـيلة

 

دُوينَ السماء في نسـورٍ عـوائِف

لنوح عليه السلام وقد بنى بيتاً من خص وُهَيب بن الوَرْد قال: اتّخذ نوح بيتاً من خُصٍّ، فقيل له لو بنيت بيتاً. فقال: هذا لمن يموت كثيرٌ.

لأبي الدرداء إذا رأى جنازة، وشعر للبيد بلغني عن إسماعيل بن عَيّاش عن شُرحَبيْل بن مسلم أن أبا الدَرداء كان إذا رأى جنازةً قال: إغْدِي فإنّا رائحون، أو قال: روحي فإنا غادون. وهذا مثل قول لبيد:

وإنا وإخواناً لنا قد تتابعـوا

 

لكالمغتدي والرائح المتهجرِ

لهلال بن إساف بلغني عن وَكِيع عن شَريك عن منصور عن هلال بن إِساف قال: ما من مولود يولد إلا وفي سرّته من تربة الأرض التي يموت فيها.

أول شعر قيل في ذم الدنيا قال الأصمعي: أوّل شعر قيل في ذم الدنيا قول ابن خَذّاق:

هل للفتى من بناتِ الدهر من راقي

 

أم هل له من حِمَام الموت من واقي

قد رجَّلوني وما رُجِّلتُ من شَـعَـثٍ

 

وألبسونـي ثـيابـاً غـيرَ أخـلاقِ

وطيَّبونـي وقـالـوا أيّمـا رجـلٍ

 

وأدرجوني كأنّي طـي مـخـراقِ

هوَن عليك ولا تُولَـع بـإشـفـاقِ

 

فإنما مالُنا لـلـوارث الـبـاقـي

بين النبي صلى الله عليه وسلم ورجل لا يحب الموت محمد بن فُضَيل عن عُبيد الله بن عُمَير قال: جاء رجل إلى النبي عليه السلام فقال: يا نبيً الله، ما لي لا أحبُّ الموت فقال له: "هل لك مال" قال: نعم. قال: "قدمه بين يديك".

قال: لا أطيق ذلك. قال: فقال النبي عليه السلام: "إنّ المرءَ مع ماله إن قدمه أحبَّ أن يَلْحق به وإن أخَّره أحب أن يتخلَف معه".

للربيع بن خيثم في مرضه المحاربيّ عن عبد الملك بن عُمَير قال: قيل للربيع بن خيْثم في مرضه: ألا ندعو لك طبيباً قال: أنظِروني؛ ثم فكر فقال: "وعادٍ وثَمُودَ وأصحابَ الرَسَ وقُرُوناً بينَ ذلكَ كثيراً" قد كانت فيهمِ أطباءُ، فما أرى المداوى بَقِي ولا المداوَى؛ هلك الناعتُ والمنعوتُ له، لا تدعوا لي طبيباً.

شعر كان يتمثل به عمر بن عبد العزيز دائماً إسحاق بن سليمان عن أبي أحمد قال: كان عمر بن عبد العزيز ليس له هِجيرَى إلا أن يقول:

تُسَر بما يَبلَى وتفرَحُ بالمـنـى

 

كما اغترّ باللذاتِ في النوم حالمُ

نهارُك يا مغرورُ سهوٌ وغَفْـلةٌ

 

وليلُك نومٌ والـردىَ لـك لازمُ

وسعيُك فيما سوف تكره غبـهُ

 

كذلك في الدنيا تعيشُ البهـائمُ

كم من مستقبل يوماً ليس بمستكمله، ومنتظِرٍ غدا ليس من أجله، لو رأيتم الأجل ومسيرَه، لأبغضتم الأمل وغرورَه.

لا يلبث القُرنَاء أن يتفرّقوا

 

ليل يَكُرّ عليهمُ ونهـارُا

لأبي هريرة يحيى بن آدم عن عبد اللّه بن المبارك عن عبد الوهاب بن وَرْد عن سالم بن بَشير بن حَجَل عن أبي هريرة: أنه بكى في مرضه فقال: أمَا إني لا أبكي على دنياكم ولكني أبكي على بُعْدِ سفري وقلّة زادي، وأني أمسيتُ في صُعودٍ مهبِطُه على جنةٍ أو نار، ولا أدري على أيّهما يؤخذ بي.

لمعاذ لما احتُضِر أبو جَنَاب قال: لما احتُضِر معاذٌ قال لجاريته: ويحكِ هل أصبحنا قالت: لا؛ ثم تركها ساعةً ثم قال لهًا: أنظُرِي فقالت: نعم؛ فقال: أعوذ باللّه من صباح إلى النار ثم قال: مرحباً بالموت، مرحبا بزائر جاء على فاقةٍ، لا أفلَح مَنْ نَدِم اللهمّ إنك تعلم أني لم أكن أحب البقاءَ في الدنيا لكَرْي الأنهارِ ولا لغرس الأشجارِ، ولكن كنت أحب البقاءَ لمكابدة الليل الطويل ولظمأ الهواجر في الحر الشديد ولمزاحمةِ العلماء بالرُّكَبِ في حلَق الذَكر.

لعمرو بن العاص عند احتضاره أبو اليَقْظان قال: لما احتُضِر عمرُو بن العاص جعل يده في موضع الغُل من عنقه ثم قال: اللهم إنك أمرتَنا ففَرّطْنا، ونهيتنا فركِبنا، اللهم إنه لا يَسعُنا إلا رحمتُك؛ فلم يزل ذلك هِجيراه حتى قُبضَ.

لأزاذمرد في احتضاره وقد سُئِل عن حاله قيل لأزاذمَرْد بن الهِرْبذ حيني احتًضِر: ما حالُك فقال: ما حال من يريد سفراً بعيداً بلا زاد، وينزلُ حفرةً من الأرض مُوحِشة بلا مؤنس، ويَقْدَمُ على ملكٍ جبّارٍ قد قَدم إليه العذرَ بلا حُجةٍ.

لأمية بن أبي الصلت عند وفاته حدثني عَبدةُ الصفارُ قال: حدّثني العَلاء بن الفضل قال: حدّثني محمد بن إسماعيل عن أبيه عن جده عن جد أبيه قال: سمعتُ أميةَ بن أبي الصلْت عند وفاته وأغميَ عليه طويلاً ثم أفاق، ورفع رأسه إلى سقف البيت وقال: لبيكما لبيكما، هأنذا لديكما، لا عشيرتي تَحمِيني، إلا مالي يَفدِيني. ثم أغميَ عليه طويلاً ثم أفاق فقال:

كل عيش وإن تـطـاولَ دهـراً

 

صائرٌ مـرة إلـــى أن يزولا

ليتني كنتُ قبل ما قـد بـدا لـي

 

في رؤوس الجبال أرعَى الوُعُولا

ثم فاضت نفسُه.

للمنصور عند موته

الحكَم بن عثمان قال: قال المنصور عند موته: اللهمّ إن كنتَ تعلمَ أني قد ارتكبتُ لأمورَ العظامَ جُرأة منّي عليك، فإنك تعلم أني قد أطعتُك في أحب الأشياء إليك شهادةِ أن لا له إلا أنت، مَنًا مِنْك لا مَنُّا عليك.

وكان سببُ إحرامه من الخضراء أنه كان يوماً نائماً، فأتاه آتٍ في منامه فقال:

كأنّي بهذا القصر قد بادَ أهلُـه

 

وعُرِّيَ منه أهلُه ومنـازلُـه

وصار عميدُ القوم من بعد نعمةٍ

 

إلى جَدَثٍ تُبنَى عليه جنادلـه

فلم يبق إلا رسمـهُ وحـديثُـه

 

تُبَكِّي عليه مُعْوِلاتٍ حـلائلـه

فاستيقظ مرعوباً ثم نام فأتاه الآتي فقال:

أبا جعفرٍ حانت وفاتك وانقضت

 

سنُوكَ وأمرُ الله لا بـد واقـع

فهل كاهن أعددتَه أو منـجـم

 

أبا جعفرٍ عنك المنـيةَ دافـع

فقال: يا ربيع آئْتِني بطَهوري. فقام واغتسل وصلَى ولبى وتجهًز للحج، فلما صار في الثلث الأؤل اشتدت علتُه، فجعل يقول: يا ربيع ألقِني في حرم اللّه، فمات ببئر ميمون.

فيمن يذهله احتضاره عن قول: لا إله إلا اللّه حدثني محمد بن داود عن سعيد بن نصير عن العباس بن طالب قال: قال الربيع بزة: كنتُ بالشامٍ فسمعتُ رجلاً وهو في الموت يقال له: قل لا إله إلا الله، فقال: اشرب واسقني.

ورأيت رجلاً بالأهواز قيل له: قل لا إلهَ إلا الله؛ فقال: ده يا ذده وده وداوزده . وقيل لرجل بالبصر: قل لا إله إلا الله، فقال:

يارب قائلة يوماً وقد لَـغِـبـتْ

 

كيف الطريقُ إلى حمفَام مِنجاب

لأبي معمر فى تلقين الميت حدّثني أبو حاتم عن الأصمعيّ عن معمر عن أبيه قال: لقَن ميتَك، فإذا قالها فدعه يتكلم بغيرها من أمر الدنيا ولا تُضجِرْه.

وصية والد مالك بن ضيغم لبنيه قال مالك بن ضيغم: لما احتُضِر أبي قلنا له: ألا تُوصي قال: بلى، أوصيكم بما أوصى به إبراهيمُ بنيه ويعقوبُ: "يَا بَنِيً إنً الله اصطَفَى لَكُمُ الدينَ فَلاَ تَمُوتن إلا وأنتُمْ مسْلِمُونَ" وأوصيكم بصلة الرحم وحسنِ الجوار وفعل ما استطعتم من المعروف، وادفنوني مع المساكين.

بين عمر بن عبد العزيز وابنه وقال عمر بن عبد العزيز لابنه: كيف تَجدك. قال: في الموت؛ قال: لأن تكونَ في ميزاني أحبّ إلي من أن أكون في ميزانك. قال: وأنا والله لأن يكون ما تُحبّ أحبّ إليَّ من أن يكون ما أحِبّ.

لسيبويه النحويّ في احتضاره احتضر سيبويه النحوي فوضع رأسه في حجر أخيه فقطَرت قَطرةٌ من دموع أخيه على خدّه، فأفاق من غشيته وقال:

أخيينْ كنّا فـرّق الـدهـر بـينـنـا

 

إلى الأمد الأقصى ومن يأمن الدهرا

وصية هَرِم بن حبان أبو أسامة عن سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال: قيل لهَرِم بن حبئان: أوص؛ فقال: قد صدَقَتني نفسي في الحياة، ما لي شيء أوصِي فيه، ولكن أوصيكم بخواتيم سورة النحل.

قال الشاعر:

ما ارتدّ طرفُ امرىء بلحظته

 

إلا وشيء يموتُ من جسـدهْ

وقال آخر:

المرء يشقَى بما يسعَى لـوارثـه

 

والقبرُ وارثُ ما يسعى له الرجُلُ

وصية الربيع بن خيثم حدثني محمد بن عبيد عن معاوية بن عمرو عن أبي إسحاق عن أبي حيّان التيميّ عن أبيه قال: أوصَى الربيعُ بن خيثم وأشهدَ على نفسه وكفَى بالله شهيداً وجازياً لعباده الصالحين ومُثيباً: إني رضيت بالله ربًّا وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً، وأوصِي نفسي ومن أطاعني أن يعبُدَ اللّه في العابدين ويحمده فيٍ الحامدين وينصحَ لجماعة المسلمين؛ وأوصَى أهله: ألًا تُشعِروا بي أحداً وسُلُوني إلى ربّي سَلاً.

لعمر بن ذرّ عند موت ابنه ذز حدثني محمد بن أحمد بن يونس قال: سمعتُ عمر بن جرير المهاجري يقول: لما مات ذرّ بن عمر بن ذر قال لأصحابه: الآن يضيع الشيخ لأنه كان به بارّاً؛ فسمعها الشيخُ فقال: أنَى أضيعُ والله حيّ لا يموت فلما واراه الترابَ وقف على قبره وقال: رحمك الله يا ذراً ماعلينا بعدك من خصاصةٍ وما بنا إلى أحدٍ مع الله حاجةٌ، وما يسرُّني أنَي كنت المقدمَ قبلَك، ولولا هولُ المطًلَع لتمنيّتُ أن أكون مكانَك، لقد شغلني الحزنُ لك عن الحزن عليك، فيا ليت شعري ماذا قلتَ وما قيل لك ثم رفع رأسَه إلى السماء فقال: اللهمّ إنّي قد وهبتُ حقَي في بيني وبينه له، فهبْ حقَك فيما بينك وبينه له. ثم قال عند انصرافه: مضينا وتركناك، ولو أقمنا ما نفعناك.

لعائشة رضي اللّه عنها في وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ولها أيضاً على قبر أبيها حدّثني محمد بن عبيد قال: حدّثنا شُرَيح بن النّعمان عن عبد العزيز بن أبي سَلمة الماجِشُون عن عبد الواحد بن أبي عَوْن عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها قالت: "تُوِّفي رسولُ الله؛ فوالله لو نزل بالجبال الراسيات ما نزل بأبي لهاضَها، إشرأب النفاق بالمدينة وارتدت العربُ، فوالله ما اختلفوا في نقطة إلا طار أبي بحظها وغَنَائها في الإسلام وكانت مع هذا تقول: "من رأى عمرَ بن الخطاب عرفَ أنه خُلِقَ غَنَاءً للإسلام، كان والله أحوزِيّاً نسيجَ وحده، قد أعد للأمور أقرانَها".

وقالت عند قبره: "رحِمك الله يا أبتِ لقد قمتَ بالدين حين وهى شَعْبهُ وتفاقم صَدْعه؛ ورجفت جوانبُه؛ إنقبضتَ مما أصغَوْا إليه، وشمرت فيما وَنُوا فيه واستخففتَ من دنياك استوطنوا وصغَّرتَ منها ما عظموا ورعَيت دينك فيما أغفلوا، أطالوا عِنان الأمن واقتَدت مطي الحذر، ولم تهضِم دينك ولم تَشِنْ غدَك ففاز عند المساهمة قِدْحُك وخفً مما استوزروا ظهرُك".

وقالت أيضاً عند قبره: "نَضر اللّه وجهك يا أبتِ فلقد كنتَ للدنيا مُذُلاً بإدبارِك عنها وللآخرة مِعزاً بإقبالك عليها؛ ولئن كان أجل الرزايا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم رُزْؤك وأكبرَ المصائب فقدُك إنّ كتابَ الله ليَعِدُ بجميل العزاءه عند أحسنِ العِوَض منك، فأنا أتنَجَز من الله مَوعده فيك بالصبر عليك، وأستعيضُه منك بالاستغفار لك؛ عليك سلامُ الله ورحمتُه،

توديعَ غير قاليةٍ لحياتك ولا زاريةٍ على القضاء فيك".

للحسين بن علي على قبر أخيه الحسن قال الحسين بن علي عند قبر أخيه الحسن: "رحِمك الله أبا محمد إن كنتَ لَتُباصِرُ الحق مَظَانًه، وتؤلِر اللّه عند تداحُض الباطل في مواطن التقية بحسن الروية، وتستشف جليلَ مَعاظم الدنيا بعينِ لها حاقرة، وتُفيضُ عليها يداً طاهرةَ الأطرافِ نقيةَ الأسرةِ، وتردَعُ بادرةَ غربِ أعدائك بأَيسرٍ المؤونة عليك؛ ولا غَروَ وأنت ابن سلالة النبوة ورضيعُ لِبان الحكمةِ، فإلي رَوْح ورَيحانٍ وجنةِ نعيم؛ أعظمَ الله لنا ولكم الأجرَ عليه، ووهبَ لنا ولكم النبوةَ وحُسْنَ الأسَى عنه".

تأبين ابن السماك لداود الطائي  

حدثني عبد الرحمن بن الحسين السعيديّ عن محمد بن مُصْعَب: أن ابن السفَاك قال يوم مات داودُ الطائيّ في كلام له: إن داود رحمه الله نظر بقلبه إلى ما بين يديه من آخرته، فأعشَى بصرُ القلب بصرَ العين، فكًان كأنه لا ينظر إلى ما إليه تنظرون، وكأنكم لا تنظرون إلى ما إليه ينظر، فأنتم منه تعجَبون وهو منكم يعجَب، فلما رآكم راغبين مذهولين مغرورين قد أذهلت الدنيا عقولَكم وأماتت بحتها قلوبَكم استوحش منكم، فكنتُ إذا نظرتُ إليه نظرت إلى، حي وسطَ أمواتٍ. يا داود ما أعجب شأنك بين أهل زمانك؛ أهَنت نفسَك وإنما تريد إكرامَها، وأتعبتهِا وإنما تريد راحتَها، أخشنتَ المطعمَ وإنما تريد طِيبَه وأخشنتَ الملبسَ وإنما تريد لِينَه، ثم أمتَ نفسَك قبل أن تموتَ، وقبَرتَها قبلَ أن تُقبَر، وعذَبتها ولما تُعذب، وأغنيتها عن الدنيا لكيلا تُذكَر، رغبتْ نفسُك عن الدنيا فلم ترها لك قدراً إلى الآخرة، فما أظنُّك إلا وقد ظَفِرت بما طالبت؛ كان سيماك في سرك ولم يكن سيماك في علانيتك، تفقًهتَ في دينك وتركت الناس يُغَنُّون، وسمعتَ الحديثَ وتركتهم يُحدَثُون، وخَرِسْتَ عن القول وتركتهم ينطقون، لا تَحسُد الأخيارَ، ولا تعيبُ الأشرارَ، ولا تقبل من السلطان عطية، ولا من الإخوان هدية؛ آنسُ ما تكون إذا كنتَ بالله خالياً، وأوحشُ ما تكون آنسُ ما يكون الناس؛ فمن سمِع بمثلك وصبرَ صبرَك وعزَم عزمَك لا أحسَبُك إلا وقد أتعبت العابدين بعدَك، سجنتَ نفسَك في بيتك فلا مُحدَثَ لك ولا جليسَ معك ولا فراشَ تحتك ولا سترَعلى بابك ولا قلةَ يُبَرْد فيها ماؤك ولا صحفةَ يكون فيها غَداؤك وعَشاؤك، مِطْهَرَتُك قلبُك وقَصْعتُك تَوْرُك. داود ما كنتَ تشتهي من الماء باردَه ولا من الطعام طيبَهُ ولا من اللباس ليِّنَه، بلى ولكن زَهِدتَ فيه لما بين يديك، فما أصغرَ ما بذلت وما أحقرَ ما تركتَ في جنب ما أملتَ، فلما مِتَّ شَهَرَك ربك بموتك، وألبسَك رداءَ عصلك وأكثرَ تبعَك، فلو رأيتَ من حضَرك عرفتَ أنّ ربَّك قد أكرمك وشرفك، فَلْتتكلّم اليوم عشيرتُك بكلِّ ألسنتها، فقد أوضحَ ربك فضلَها بك، ووالله لو لم يَدْعُ عبداً إلى خيرٍ بعمله إلا حُسْنُ هذا النَشرِ من كثرة هذا التَبَع، لقد كان حقيقاً بالاجتهاد والجهد لمن لا يُضيع مُطيعاً ولا ينسى صنيعاً شاكراً ومُثيباً.

لمحمد بن سليمان عند قبر ابنه وقف محمد بن سليمان على قبر ابنه فقال: اللهم إني أرجوك له وأخافك عليه، فحقق رجائي وآمن خوفي.

لمالك بن أنس عند قبر ابنه مات ابن لأنَس بن مالك فقال أنَسٌ عند قبره: اللهم عبدُك وولدُ عبدك وقد رُدَّ إليك فارأفْ به وارحمْه، وجافِ الأرضَ عن بدنه، وافتح أبوابَ السماء لرُوحه وتقبلْه بقبولٍ حسنِ. ثم رجع فأكلَ وشربَ وادهن وأصاب من أهله.

شعر لجرير يرثي امرأته وقال جرير في امرأته:

لا يلبَث القُرنَاءُ أن يتفرّقوا

 

ليل يَكُرُ عليهـم ونـهـارُ

صلّى الملائكةُ الذين تُخِيرُوا

 

والطيِّبون عليكِ والأبـرارُ

أعرابية ترثي ابنها وقفتْ أعرابيّة على قبر ابنها فقالت: والله ما كان مالُك لعِرسِك، ولا همُّك لنفسك، وما كنتَ إلا كما قال القائل:

رحيبُ النراع بالتي لا تَـشِـينُـه

 

وإن كانت الفحشاءُ ضَاقَ بها ذَرْعا

شعر لعديّ بن زيد كان سفيان بن عيينة يستحسنه حدثني محمد بن داود عن الصَلْت بن مسعود قال: كان سفيان بن عُيَينة يستحسن شعر عدي بن زيد:

أين أهلُ الديار من قـوم نـوحٍ

 

ثم عادٌ من بعدهـم وثـمـودُ

بينما هم علـى الأسـرة والأن

 

ماط أفضت إلى التراب الخدودُ

ثم لم ينقَض الحـديثُ ولـكـن

 

بعد ذا الوعدُ كلُـه والـوعـيدُ

وأطباءُ بعدَهـم لـحِـقـوهـمٍ

 

ضل عنهم سَعُوطهم واللًـدُود

وصحيحٌ أضحى يعود مريضـاً

 

وهو أدنى للموتِ ممن يعـودُ

أخذه عليّ بن الجهم فقال:

كم من عليل قد تخَطاه الردى

 

فنجا ومات طبيبُه والعُـوَّدُ

لربعي بن حراش

حدثني عَبْدة بن عبد الله قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن عبد الملك بن عُمَير عن ربْعِي بن حِراش قال: أتيتُ أهلي فقيل لي: مات أخوك. فوجدتُ أخي مُسَجًى عليه بثوب، فأنا عند رأسه أترحَم عليه وأدعو له إذ كَشَفَ الثوبَ عن وجهه فقال: السلام عليكم. فقلنا: وعليكَ السلام، سبحان الله بعد الموت فقال: إني تُلُقَيتُ برَوْح ورَيْحان وربً غيرِ غضبان، وكساني باباً من سندسٍ وإسْتَبرَق، وإني وجدتُ الأمرَ أيسرَ مما تظنون ولا تتكِلوا؛ إني استأذنت ربيِّ أن أخبركم وأبشّرَكم، إحملوني إلى رسول الله، فقد عُهِد إليّ ألَّا أبْرَحَ حتى ألقاه ثم طَفِيء.

لمطرف عن أهل القبور حدثني أبو سهل عن عليّ بن محمد عن إسحاق بن منصور عن عمارة بن زاذان عن ثابت أن مُطرفاً كان يبدو على دابته بين المقام فأغفى فإذا أهلُ القبور جلوس على شِفَاه قبورهم يقولون: هذا مُطَرفٌ يروح إلى الجُمعة. قلتُ: هل تعرفون يومَ الجمعة. قالوا: نعم، وما تقول الطيرُ في جوف السماء، يقولون: سلام، يومٌ صالحٌ.

عن جابر في عين أبي زياد التي حفرها معاوية حدثني محمد بن عبيد قال: حدثنا سُفيان بن عُيَينة عن أبي الربير عن جابر قال: لما أراد معاوية أن تَجرِيَ العينُ التي حفرها - قال سفيان: تُسفَى عينَ أبي زياد - نادوْا بالمدينة: من كان له قتيل فليأتِ قتيلَه. قال جابر: فأتيناهم فأخرجناهم رِطَباً يتثَنون، وأصابت المِسحَاة رِجْلَ رجلٍ منهم فانفَطَرتْ دماً. قال أبو سعيد الخدري: لا يُنكِرُ بعدَ هذا مُنكِر أبداً.

في أن أهل القبور يتوكفون الأخبار حدّثني محمد بن عُبيد قال: حدثنا ابن عُيينة عن عمرو بن دينار عن عُبَيد بن عُمَير قال: أهلُ القبور يتوَكَفُون الأخبارَ فإذا أتاهم الميت سألوه: ما فعل فلانٌ فيقول: ألم يأتكم فيقولون إنا لله وإنا إليه راجعون، سُلِكَ به غيرُ سبيلنا.

للربيع بن صبيح وحميد الطويل في ثابت البناني بعد موته حدثني عبد الرحمن العَبْدي عن جعفر بن أبي جعفر قال: حدثنا أبو جعفر السائح عن الربيع بن صَبِيح قال: شهِدتُ ثابتاً البُنَاني يوم مات وشهده أهلُ البَصرة، فدخلتُ قبرَه أنا وحُميدَ الطويلُ وأبو جعفر حسن مما يلي رأسَه فلما ذهبتُ أسَوَي عليه اللَبِنةَ سقطَتْ من يدي فلم أرَ في اللحد أحداً، وأصغى إليً حُميدٌ أن اختُطِفَ صاحبُنا وضجً الناسُ فسوينا على اللحد وحثونا الترابَ؛ فلبم يكن لحُميدٍ هِمًةٌ حتى أتى سليمان بن عليّ وهو أميرٌ على البَصرة فأخبره، فقال: ما ينكَرُ لله قدرة إلا أني انكِر أن يكون أحد من أهل زماننا يُفْعَلُ هذا به، فهل علم به أحد سواك قال: نعم، الربيع بن صَبيح وحَسَن؛ قال: عَدْلان مَرْضِيان، فبعثَ أمناءَ جيرانه فنبشوا عنه فلم يجدوه في قبره.

لأعرابية تدعى أم غسان المكفوفة وحدثني أيضاً عن أعرابيّة كان يُقال لها أم غَسّان مكفوفةٍ وكانت تعيشُ بمِغزَلها وتقول: الحمدُ للة على ما قضى وارتضَى. رضيتُ من الله ما رضِيَ لي، وأستعينُ اللهّ على بيتٍ ضيق الفِناء قليلِ الكِوَاءِ وأستعين الله على ما يُطالعَ من نواحيه.

وماتت جارةٌ لها فقيل لها: ما فعلتْ جارتك فقالت:

تقَسّم جاراتُها بـيتَـهـا

 

وصارت إلى بيتها الأتلد

وقالت يوماً: إن تقبل الله مني صلاةً لم يعذَبْني. فقيل لها: كيف ذلك قالت: لأنّ الله وجل لايثني في رحمتِه وحلمِهِ.

قال: وكنتُ سمعتُ حديثَ معاذ "من كُتِبَتْ له حسنةٌ دخلَ الجنّةَ، ولم أعر ما تفسيره حتى سمعت أمّ غسانَ تقول هذا، فعرفت تأويلَه.