الكتاب السابع: كتاب الاخوان - الحث على اتخاذ الإخوان واختيارهم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحث على اتخاذ الإخوان واختيارهم

لبعض الأدباء ينصح ابنه ويحثه على اتخاذ الأصدقاء حدثنا سهل بن محمد قال: حدثنا الأصمعي قال: أخبرنا العجليّ قال بعض الأدباء لابنه: يا بنيّ، إذا دخلت المصر فاستكثر من الصديق فأما العدو فلا يهمنّك؛ وإياك والخطب فإنها مشوار كثير العثار.

نصيحة النبي داود لابنه سليمان عليهما السلام قال: وبلغني عن الأوزاعي عن يحيى بن كثير: أن داود النبي عليه السلام قال لابنه سليمان عليه السلام: "يا بنيّ، لا تستبدلنّ بأخٍ لك قديم أخاً مستفاداً ما استقام لك، ولا تستقلّنّ أن يكون لك عدوٌ واحدٌ، ولا تستكثرنّ أن يكون لك ألف صديق" لبعضهم في طلب الإخوان وعدم التفريط بهم وكان يقال: أعجز الناس من فرّط في طلب الإخوان، وأعجز منه من ضيّع من ظفر به منهم.

في الأثر وفي الحديث المرفوع: " المرء كثيرٌ بأخيه" شعر لابن الأعرابي وأنشد ابن الأعرابيّ:

لعمرك ما مال الفتى بذخيرةٍ

 

ولكنّ إخوان الثقات الذخائر

لأبي الجراح العقيلي في الاستكثار من الإخوان قال أبو الجرّاح العقيلي: وجدت أعراض الدّنيا وذخائرها بعرض المتالف إلا ذخيرة الأدب وعقيلة الخلّة، فاستكثروا من الإخوان واستعصموا بعرا الأدب وكان يقال: الرجل بلا إخوان كاليمين بلا شمال شعر لبعضهم قال الشاعر:

إذا لم يكن للقوم عزّ ولم يكن

 

لهم رجلٌ عند الإمام مكين

فكانوا كأيدٍ أوهن اللّه بطشها

 

ترى أشملاً ليست لهنّ يمين

لأيوب السختياني قال أيوب السّختياني: إذا بلغني موت أخٍ فكأنما سقط عضوٌ مني.

شعر للقطامي، ولغيره وقال القطامي:

وإذا يصيبك والحوادث جمةٌ حدثٌ حداك إلى أخيك الأوثق

وقال آخر::

أخاك أخاك إنّ من لا أخا لـه

 

كساع إلى الهيجا بغير سـلاح

وإنّ ابن عمّ المرء فاعلم جناحه

 

مهل ينهض البازي بغير جناح

وقال الثّقفيّ:

من كان ذا عضدٍ يدرك ظلامته

 

إنّ الذليل الذي ليست له عضد

تنبو يداه إذا ما قـلّ نـاصـره

 

ويأنف الضّيم إن أثري له عدد

وقال آخر:

وبغضاء التقّـي أقـلّ ضـيراً

 

وأسلم من مودّة ذي الفسـوق

ولن تنفكّ تحسـد أو تـعـادى

 

فأكثر ما استطعت من الصّديق

كتاب الفضل بن سيار إلى الفضل بن سهل شعراً وكتب الفضل بن سيّار إلى الفضل بن سهل:

يا أبا العباس إنّـي نـاصـحٌ

 

لك والنصح لذي الودّ كبـير

لا تـعـدنّ لـيوم صـالـح

 

إنّ إخوانك في الخير كثـير

وليكن للشرّ ما أعـددتـهـم

 

إنّ يوم الشرّ صعبٌ قمطرير

هذه السّوق التـي آمـلـهـا

 

يا أبا العباس والعمر قصير

للمأمون في طبقات الإخوان قال المأمون: الإخوان ثلاث طبقات: طبقةٌ كالغذاء لا يستغنى عنه، وطبقةٌ كالدواء لا يحتاج إليه إلا أحياناً، وطبقة كالداء لا يحتاج إليه أبداً للحسن بن علي في الاختلاف إلى المسجد

قال: حدثني سعيد بن سليمان قال: حدثنا إسماعيل بن زكريا عن سعيد بن طريف عن عمير بن المأمون قال: سمعت الحسن بن عليّ يقول: من أدام الاختلاف إلى المسجد أصاب ثماني خصال: آيةً محكمةً، وأخاً مستفاداً، وعلماً مستطرفاً، ورحمةً منتظرةً، وكلمةً تدلّه على هدىً أو تردعه عن ردىً، وترك الذنوب حياءً أو خشيةً.

أقوال في الصاحب قال: وحدثني أبو حاتم عن الأصمعيّ عن أبيه قال: كان يقال: الصاحب رقعةٌ في قميص الرجل، فلينظر أحدكم بم يرقع قميصه.

وحدثني أبو حاتم عن الأصمعيّ عن أبيه أنه قال: كان يقال: ما وجدنا شيئاً أبلغ في خير أو شرّ من صاحب.

وحدثني الرياشيّ عن الأصمعيّ قال: حدثنا سليمان بن المغيرة قال: قال يونس: اثنان ما في الأرض أقلّ منهما ولا يزدادان إلا قلّةً: درهمٌ يوضع في حقٍّ، وأخٌ يسكن إليه في اللّه علقمة بن لبيد ينصح ابنه وحدّثني شيخ لنا عن محمد بن مناذر عن سفيان بن عيينة قال: قال: علقمة بن لبيد العطارديّ لابنه: يا بنيّ، إذا نزغتك إلى صحبة الرجال حاجةٌ، فأصحب منهم من إن صحبته زانك، وإن خدمته صانك، وإن أصابتك خصاصةٌ مانك؛ وإن قلت صدّق قولك ، وإن صلت شدّ صولك؛ وإن مددت يدك بفضلٍ مدّها، وإن رأى منك حسنةً عدّها؛ وإن سألته أعطاك، وإن سكتّ عنه ابتداك، وإن نزلت بك إحدى الملمّات آساك؛ من لا يأتيك منه البوائق، ولا تختلف عليك منه الطرائق، ولا يخذلك عند الحقائق؛ وإن حاول حويلاً آمرك، وإن تنازعتما منفساً آثرك.

القرظي لعمر بن العزيز قال محمد بن كعب القرظي لعمر بن عبد العزيز: إنّ فيك جهلاً، فداو بعض ما فيك ببعضٍ، وآخ من الإخوان من كان ذا مغلاةٍ في الدّين ونّيةٍ في الحق، ولا تؤاخ منهم من تكون منزلتك عنده على قدر حاجته إليك، فإذا قضى حاجته منك ذهب ما بينك وبينه. وإذا غرست غراساً من المعروف فلا تبقيّن أن تحسن تربيته.

للأحنف بن قيس في خير الإخوان وقال الأحنف بن قيس: خير الإخوان من استغنيت عنه لم يزدك في المودّة، وإن احتجت إليه لم ينقصك منها، وإن عثرت عضدك، وإن احتجت إلى مؤونته رفدك.

وقال الشاعر:

إنّ أخاك الصّدق من لم يخدعك

 

ومن يضرّ نفسه لينـفـعـك

ومن إذا ريب زمانٍ صدعـك

 

شتت شمل نفسه ليجمـعـك

وإن رآك ظالماً سعى معـك

 

 

شعر لحجيّة بن المضرّب وقال حجية بن المضّرب:

أخوك الـذي إن تـدعـه لـمـلـمةٍ

 

يجبك وإن تغضب إلى السّيف يغضب

وكتب رجلٌ إلى صديق له: أنت كما قال أعشى بأهلة:

من ليس في خيره منّ فيفـسـده

 

على الصّديق ولا في صفوه كدر

وليس فيه إذا استنظرته عـجـلٌ

 

وليس فيهأذا ياسرتـه عـسـر

لعلي بن أبي طالب كرّم اللّه وجهه وقال عليّ بن أبي طالب كرّم اللّه وجهه:

أخوك الذي إن أحوجتـك مـلـمةٌ

 

من الدّهر لم يبرح لها الدّهر واجما

وليس أخوك الحقّ من إن تشعّبـت

 

عليك أمورٌ ظلّ يلـحـاك لائمـا

وقال آخر:

إذا كان إخـوان الـرجـال حـرارةً

 

فأنت الحلال الحلو والبارد الـعـذب

لنا جانـبٌ مـنـه دمـيثٌ وجـانـبٌ

 

إذا رامه الأعداء مركبـه صـعـب

وتأخـذه عـنـد الـمـكـارم هـزّةٌ

 

كما اهتزّ تحت البارح الغصن الرطب

وقال آخر:

أبكي أخاً يتـلـقّـانـي بـنـائلـه

 

قبل السؤال ويلقى السّيف من دوني

إنّ المنايا أصابتني مـصـائبـهـا

 

فاستعجلت بأخٍ قد كان يكفـينـي

من كتاب الهند وقرأت في كتاب للهند: رأس الموّدة الإسترسال لأكثم بن صيفيّ وقال أكثم بن صيفيّ: من تراخى تألف، ومن تشدّد نفرّ، والشرف التغافل.

لحاتم في العاقل وقال حاتم: العاقل فطنٌ مغافلٌ.

من كتاب الهند في علامة الصديق، وشعر للعتابي في ذلك وقرأت في كتاب للهند: من علامة الصديق أن يكون لصديق صديقه صديقاً ولعدوّ صديق عدواً.

قال العتابي في ذلك:

تودّ عدوّي ثم تـزعـم أنّـنـي

 

صديقك، إن الرأي عنك لعازب

وليس أخي من ودّني رأي عينه

 

ولكن أخي من صدّقته المغايب

لبزر جمهر قيل لبزر جمهر: أخوك أحبّ إليك من صديقك قال: إنما أحبّ أخي إذا كان صديقاً.

لبعضهم

وقال بعضهم: إن أحب إخواني إليّ، من كثرت أياديه عليّ.

شعر لرجل في أخٍ له وقال رجل في أخٍ له:

وكنت إذا الشدائد أرهقتني

 

يقوم لها وأقعد لا أقـوم

وقال آخر:

أخٌ طالما سرّنـي ذكـره

 

فأصبحت أشجى لدى ذكره

وقد كنت أغدو إلى قصره

 

فأصبحت أغدو إلى قبـره

وكنت أراني غـنـيّاً بـه

 

عن الناس لو مدّ في عمره

إذا جئته طـالـبـاً حـاجةً

 

فأمري يجوز على أمـره

أعرابي يصف رجلاً وصف أعرابي رجلاً قال: كان واللّه يتحسّى مرار الإخوان ويسقيهم عذبه.

وقال أعرابي:

أخٌ لك ما تراه الدّهـر إلا

 

على العلاّت بسّاماً جوادا

سألناه الجزيل فما تلـكّـا

 

وأعطى فوق منيتنا وزادا

فأحسن ثم أحسن ثم عدنـا

 

فأحسن ثم عدت له فعادا

مراراً لا أعـود إلـيه إلاّ

 

تبسّم ضاحكاً وثنى الوسادا

المودّة بالتّشاكل

لعبد اللّه بن عباس بلغني عن ابن عيينة أته قال: قال ابن عباس: القرابة تقطع والمعروف يكفر، ولم ير كتقارب القلوب.

بين العرجيّ ورجل قال رجل للعرجيّ: جئتك أخطب إليك مودّتك. فقال: لا حاجة بك إلى الخطبة، قد جاءتك زناً فهو ألذّ وأحلى.

شعر للكميت بن معروف، وللطائي وقال الكميت بن معروف:

ما أنا بالنّكس الدّنـئ ولا الـذي

 

إذا صدّ عنه ذو المودّة يقـرب

ولكنه إن دام دمـت وإن يكـن

 

له مذهبٌ عني فلي عنه مذهب

ألا إنّ خير الودّ ودّ تطـوّعـت

 

به النفس لا ودّ أتى وهو متعبٌ

وقال الطائي:

ذو الودّ وذو القـربـى بـمـنـزلةٍ

 

وإخواتي أسوةٌ عنـدي وإخـوانـي

عصابة جـاورت آدابـهـم أدبـي

 

فهم وإن فرّقوا في الأرض جيراني

أرواحنا في مكـانٍ واحـدٍ وغـدت

 

أبدانـنـا بـشـآمٍ أو خـراسـان

شعر عبد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة لعمر بن عبد العزيز وقال عبد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة لعمر بن عبد العزيز:

ابن لي فكن مثلي أو ابتغ صاحباً

 

كمثلك إني مبتغٍ صاحباً مثـلـي

عزيزٌ إخائي، لا ينـال مـودّتـي

 

من القوم إلا مسلمٌ كاملٌ العقـل

وما يلبث الإخوان أن يتفـرّقـوا

 

إذا لم يؤلّف روح شكل إلى شكل

وقال الطائي:

ولن تنظم العقد الكعـاب لـزينةٍ

 

كما ينظم الشمل الشتيت الشمائل

كتاب كاتب لصديق له كتب بعض الكتّاب إلى صديق له: إني صادفت منك جوهر نفسي، فأنا غير محمودٍ على الانقياد لك بغير زمامٍ، لأن النفس يتبع بعضها بعضاً.

أبو الدرداء لسلمان قال: حدّثني محمد بن داود قال: حدّثنا يزيد بن خلف عن يعقوب بن كعب عن بقيّة عن صفوان بن عمرو عن شريح عن أبي عبيدٍ قال: كتب أبو الدّرداء إلى سلمان: إن تكن الدار من الدار بعيدةً فإنّ الرّوح من الرّوح قريبٌ، وطير السماء على إلفه من الأرض يقع.

شعر لأبي العتاهية وقال أبو العتاهية:

يقاس المرء بالمـرء

 

إذا ما هو ما شـاه

وللقلب على القلـب

 

دليلٌ حـين يلـقـاه

وللشكل على الشكل

 

مقـاييسٌ وأشـبـاه

وفي العين غنيً للعي

 

ن أن تنطق أفـواه

للمساحقي وقال المساحقي:

يزهّدني في ودّك ابن مسـاحـق

 

مودّتك الأرذال دون ذوي الفضل

وأنّ شرار الناس سادوا خيارهـم

 

زمانك، إنّ الرّذل للزّمن الرّذل