الكتاب الثامن: كتاب الحوائج - استنجاح الحوائج

استنجاح الحوائج

للنبي صلى اللّه عليه وسلم في كتمان الحوائج حدّثني أحمد بن الخليل قال: حدّثنا محمد بن الخصيب قال: حدّثني أوس بن عبد اللّه بن بريدة عن أخيه سهل بن عبد اللّه بن بريدة عن بريدة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه:"إستعينوا على الحوائج بالكتمن فإنّ كلّ ذي نعمةٍ محسودٌ".

لخالد بن صفوان في طلب الحاجة ومفتاح نجاحها قال خالد بن صفوان: لا تطلبوا الحوائج في غير حينها، ولا تطلبوها إلى غير أهلها، ولا تطلبوا ما لستم له بأهلٍ فتكونوا للمنع خلقاء.

لشبيب بن شيبة في نجح السؤال مع العقل قال شبيب بن شيبة: إنّي لأعرف أمراً لا يتلاقى به اثنان إلاّ وجب النّجح بينهما. فقال له خالد بن صفوان: ما هو قال:"العقل، فإنّ" العاقل لا يسأل ما لا يجوز ولا يردّ عما يمكن. فقال له خالد: نعيت إليّ نفسي إنّا أهل بيتٍ لا يموت منا أحدّ حتى يرى خلفه.

وصية بني ربيعة لأولادهم أبو اليقظان قال: كان بنو ربيعة-وهم من بني عسل بن عمرو بن يربوع-يوصون أولادهم فيقولون: إستعينوا على الناس في حوائجكم بالتثقيل عليهم، فذاك أنجح لكم قال الشاعر:

هيبة الإخوان مقـطـعةٌ

 

لأخي الحاجات عن طلبه

فإذا ما هـبـت ذا أمـلٍ

 

مات ما أمّلت من سببـه

لأبي نواس، وغيره، في طلب الحاجات وقال أبو نواس:

وما طالب الحاجات ممّن يرومـهـا

 

من الناس إلا المصبحون على رجل

تأنّ مواعـيد الـكـرام فـربّـمـا

 

أصبت من الإلحاح سمحاً على بخل

والبيت المشهور في هذا:

إنّ الأمور إذا انسدت مسالـكـهـا

 

فالصبر يفتح منها كلّ ما ارتتجـا

أخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته

 

ومدمن القرع للأبواب أن يلـجـا

لا تيأسنّ وإن طالـت مـطـالـبةٌ

 

إذا استعنت بصبرٍ أن ترى فرجـا

وقال آخر:

إنّـي رأيت، ولـلأيّام تـجـربةٌ

 

للصبر عاقبةً محـمـودة الأثـر

وقلّ من جدّ في أمر يطـالـبـه

 

واستصحب الصبر إلاّ فاز بالظّفر

من أمثال العرب في الصبر في طلب الحاجة والعرب تقول:"ربّ عجلة تهب ريثاً". يريدون أن الرجل قد يخرق ويعجل في حاجته فتتأخّر أو تبطل بذلك.

وتقولك"الرّشف أنقع". يريدون أن الشراب الذي يترّشف رويداً رويداً أقطع للعطش وإن طال على صاحبه.

شعر لعامر بن خالد بن جعفر يخاطب يزيد بن الصقّ وقال عامر بن خالد بن جعفر ليزيد بن الصّق:

إنك إن كلّفتني ما لـم أطـق

 

ساءك ما سرّك منّي من خلق

دعاء في استنجاح الحوائج

وكانوا يستنجحون حوائجهم بركعتين يقولون بعدهما: اللّهم إنّي بك أستفتح، وبك أستنجح، وبمحمّد نبيك إليك أتوجّه، اللّهم ذلّل لي صعوبته، وسهّل لي خزونته، وارزقني من الخير أكثر مما أرجو، واصرف عنّي من الشرّ أكثر مما أخاف.

شعر للقطامي في التأني بطلب الحاجة وقال القطاميّ:

قد يدرك المتأنّي بعض حاجته

 

وقد يكون مع المستعجل الزّلل

بين إبراهيم بن السندي ورجل من أهل الكوفة عرف بالمرؤة عمرو بن بحرٍ عن إبراهيم بن السّنديّ قال: قلت في أيام ولايتي الكوفة لرجلٍ من وجوهها، كان لا يجفّ لبده ولا يستريح قلمه ولا تسكن حركته في طلب حوائج الرجال، وإدخال المرافق على الضغفاء وكان رجلاً مفوّهاً: خبّرني عن الشيء الذي هوّن عليك النّصب وقوّاك على التعب ما هو قال: قد واللّه سمعت تغريد الطير بالأسحار، في أفنان الأشجار؛ وسمعت خفق أوتار العيدان، وترجيع أصوات القيان الحسان؛ ما طربت من صوتٍ قطّ طربي من ثناء حسنٍ بلسانٍ حسنٍ على رجلٍ قد أحسن، ومن شكر حرّ لمنعمٍ حرّ، ومن شفاعة محتسب لطالب شاكر. قال إبراهيم: فقلت: للّه أبوك لقد حشيت كرماً فزادك اللّه كرماً، فبأيّ شيء سهلت عليك المعاودة والطلب قال: لأني لا أبلغ المجهود ولا أسأل ما لا يجوز، وليس صدق العذر أكره إليّ من إنجاز الوعد، ولست لإكداء السائل أكره منّي للإجحاف بالمسؤول، ولا أرى الراغب أوجب عليّ حقّاً للذي قدّم من حسن ظنه من المرغوب إليه الذي احتمل من كلّه. قال إبراهيم: ما سمعت كلاماً قطّ أشدّ موافقة لموضعه ولا أليق بمكانه من هذا الكلام. شعر لمصعب في طلب الحوائج وقال مصعبٌ:

في القوم معتصمٌ بقوّة أمـره

 

ومقصّر أودى به التقصـير

لا ترض منزلة الذليل ولا تقم

 

في دار معجزةٍ وأنت خبير

وإذا هممت فأمض همّك إنما

 

طلب الحوائج كلّه تغـرير

وكان يقال: إذا أحببت أن تطاع، فلا تسأل ما لا يستطاع.

ويقال: الحوائج تطلب بالرجاء، وتدرك بالقضاء.