الكتاب التاسع: كتاب الطعام - الجوع والصوم

الجوع والصوم

قيل لبعض الحكماء: أيّ الطعام أطيب قال: الجوع أعلم.

وكان يقال: نعم الإدام الجوع، ما ألقيت إليه قبله.

نصيحة لقمان لابنه قال لقمان لابنه يا بنيّ، كل أطيب الطعام، ونم على أوطأ الفراش. يقول: أكثر الصيام، وأطل بالليل القيام.

شعر لأعرابي إشتاق أعرابيّ بالبصرة إلى البادية فقال:

أقول بالمصر لمّا ساءني شبعي

 

ألا سبيل إلى أرضٍ بها جـوع

ألا سبيل إلى أرضٍ بها عرسٌ

 

جوعٌ يصدّع منه الرأس برقوع

وقال آخر:

وعادة الجوع فاعلم عصمةٌ وغنىً

 

وقد يزيدك جوعاً عادة الشّـبـع

بين العتبي وبدوي العتبيّ قال: قلت لرجلٍ من أهل البادية: يا أخي، إني لأعجب من"أن" فقهاءكم أظرف من فقهائنا، وعوامّكم أظرف من عوامّنا، ومجانينكم أظرف من مجانينا، قال: وما تدري لم ذاك قلت لا قال:"من" الجوع؛ ألا ترى أن العود إنما صفا صوته لخلوّ جوفه!.

لبعض حكماء الروم وقيل لبعض حكماء الرّوم: أيّ وقت الطعام فيه أطيب وأفضل قال: أمّا لمن قدر فإذا جاع، وأمّا لمن لم يقدر فإذا وجد.

لأعرابي في هلال شهر رمضان ونظر أعرابيّ إلى قومٍ يلتمسون هلال شهر رمضان، فقال: أما اللّه لئن أثرتموه لتمسكنّ منه بذنابي عيشٍ أغبر.

وقيل لآخر: ألا تصوم البيض من شعبان! فقال: بين يديها ثلاثون كأنها القباطيّ.

لمدنيّ في السحور وقيل لمدنيّ: بم تتسحّر الليلة فقال: باليأس من فطور القابلة.

الرّياشيّ قال: قيل لأعرابيّ: إشرب. فقال: إني لا أشرب على ثميلة. وقال:

إذا لم يكن قبـل الـنـبـيذ ثـريدة

 

مبقّلةٌ صفراء شحمٌ جـمـيعـهـا

فإنّ النبيذ الصّرف إن كان وحـده

 

على غير شيءٍ أوجع الكبد جوعها

لأعرابي في شهر رمضان قدم أعرابيّ على ابن عمٍّ له بالحضر، فأدركه شهر رمضان؛ فقيل له: أبا عمرٍ ولقد أتاك شهر رمضان. قال: وما شهر رمضان قالوا: الإمساك عن الطعام. قال: أبا لليل أم النهار قالوا: لا بل بالنهار. قال: أفيرضون بدلاً من الشهر قالوا لا قال: فإن لم أصم فعلوا ماذا قالوا: تضرب وتحبس. فصام أياماً فلم يصبر، فارتحل عنهم وجعل يقول:

يقول بنو عمّي وقد زرت مصرهم

 

تهّيأ أبا عمرٍ ولـشـهـر صـيام

فقلت لهم هاتوا جرابي ومـزودي

 

سلامٌ عليكم فاذهـبـوا بـسـلام

فبادرت أرضاً ليس فيها مسيطـرٌ

 

عليّ ولا منّـاع أكـل طـعـام

وأدرك أعرابيّاً شهر رمضان فلم يصم؛ فعذلته امرأته في الصوم، فزجرها وأنشأ يقول:

أتأمرني بالصّوم لا درّ درّهـا

 

وفي القبر صومٌ يا أميم طويل

عبد اللّه بن الزبير والصيام دعا عبد اللّه بن الزبير الحسين فحضر وأصحابه، فأكلوا ولم يأكل؛ فقيل له: ألا تأكل! فقال: إنّي صائمٌ، ولكن تحفة الصائم قيل: وما هي قال: الدّهن والمجمر.