الجوع والصوم
قيل لبعض الحكماء: أيّ الطعام أطيب قال: الجوع أعلم.
وكان يقال: نعم الإدام الجوع، ما ألقيت إليه قبله.
نصيحة لقمان لابنه قال لقمان لابنه يا بنيّ، كل أطيب الطعام، ونم على أوطأ الفراش. يقول: أكثر الصيام، وأطل بالليل القيام.
شعر لأعرابي إشتاق أعرابيّ بالبصرة إلى البادية فقال:
أقول بالمصر لمّا ساءني شبعي |
|
ألا سبيل إلى أرضٍ بها جـوع |
ألا سبيل إلى أرضٍ بها عرسٌ |
|
جوعٌ يصدّع منه الرأس برقوع |
وقال آخر:
وعادة الجوع فاعلم عصمةٌ وغنىً |
|
وقد يزيدك جوعاً عادة الشّـبـع |
بين العتبي وبدوي العتبيّ قال: قلت لرجلٍ من أهل البادية: يا أخي، إني لأعجب من"أن" فقهاءكم أظرف من فقهائنا، وعوامّكم أظرف من عوامّنا، ومجانينكم أظرف من مجانينا، قال: وما تدري لم ذاك قلت لا قال:"من" الجوع؛ ألا ترى أن العود إنما صفا صوته لخلوّ جوفه!.
لبعض حكماء الروم وقيل لبعض حكماء الرّوم: أيّ وقت الطعام فيه أطيب وأفضل قال: أمّا لمن قدر فإذا جاع، وأمّا لمن لم يقدر فإذا وجد.
لأعرابي في هلال شهر رمضان ونظر أعرابيّ إلى قومٍ يلتمسون هلال شهر رمضان، فقال: أما اللّه لئن أثرتموه لتمسكنّ منه بذنابي عيشٍ أغبر.
وقيل لآخر: ألا تصوم البيض من شعبان! فقال: بين يديها ثلاثون كأنها القباطيّ.
لمدنيّ في السحور وقيل لمدنيّ: بم تتسحّر الليلة فقال: باليأس من فطور القابلة.
الرّياشيّ قال: قيل لأعرابيّ: إشرب. فقال: إني لا أشرب على ثميلة. وقال:
إذا لم يكن قبـل الـنـبـيذ ثـريدة |
|
مبقّلةٌ صفراء شحمٌ جـمـيعـهـا |
فإنّ النبيذ الصّرف إن كان وحـده |
|
على غير شيءٍ أوجع الكبد جوعها |
لأعرابي في شهر رمضان قدم أعرابيّ على ابن عمٍّ له بالحضر، فأدركه شهر رمضان؛ فقيل له: أبا عمرٍ ولقد أتاك شهر رمضان. قال: وما شهر رمضان قالوا: الإمساك عن الطعام. قال: أبا لليل أم النهار قالوا: لا بل بالنهار. قال: أفيرضون بدلاً من الشهر قالوا لا قال: فإن لم أصم فعلوا ماذا قالوا: تضرب وتحبس. فصام أياماً فلم يصبر، فارتحل عنهم وجعل يقول:
يقول بنو عمّي وقد زرت مصرهم |
|
تهّيأ أبا عمرٍ ولـشـهـر صـيام |
فقلت لهم هاتوا جرابي ومـزودي |
|
سلامٌ عليكم فاذهـبـوا بـسـلام |
فبادرت أرضاً ليس فيها مسيطـرٌ |
|
عليّ ولا منّـاع أكـل طـعـام |
وأدرك أعرابيّاً شهر رمضان فلم يصم؛ فعذلته امرأته في الصوم، فزجرها وأنشأ يقول:
أتأمرني بالصّوم لا درّ درّهـا |
|
وفي القبر صومٌ يا أميم طويل |
عبد اللّه بن الزبير والصيام دعا عبد اللّه بن الزبير الحسين فحضر وأصحابه، فأكلوا ولم يأكل؛ فقيل له: ألا تأكل! فقال: إنّي صائمٌ، ولكن تحفة الصائم قيل: وما هي قال: الدّهن والمجمر.