الكتاب التاسع: كتاب الطعام - باب اللحمان وما شاكلها

باب اللحمان وما شاكلها

للأطباء في لحم الماعز والضأن قالت الأطباء: لحم الماعز يورث الهمّ، ويحرك السوداء، ويرث النسيان، ويخبل الأولاد ويفسد الدم؛ وهو ضارٌّ لمن سكن البلاد الباردة. وأحمد اللحمان ما خصي من لمعز. والضأن نافع من المرّة السوداء إلا أن الممروري الذين يصرعون إذا أكلوا لحم الضان اشتد بهم ذلك حتى يصرعوا في غير أوا الصرع. وأوان الصرع الأهلّة وأنصاف الشهور.

في اللحم قال الشاعر:

كأن القوم عشّوا لحم ضـأنٍ

 

فهم نعجون قد مالت طلاهم

قالوا: واللحم أقلّ الطعام نجواً. ولحم الدجاج الهوم شرّ اللحمان وأغلظها.

في البيض، وحب الرمان والبيض إن سلق بالخلّ ثم أكل بالسماق وحبّ الرمان المفلّق والملح والمرّي عقل الطبيعة.

منافع الزبد والمخ والدماغ والزبد إن طلي على منابت أسنان الطفل كان معيناً على نباتها وطلوعها، والمخ والدماغ يفعلان ذلك.

مضارّ الأطعمة ومنافعها

للنبي ) في الكمأة والعجوة الكمأة والفطر - عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج عليهم وهم يذكرون الكمأة وبعضهم يقول جدري الأرض، فقال: " الكمأة من المنّ وماؤها شفاءٌ للعين والعجوة من الجنة وهي شفاء من السقم" للأصمعي في الجراد والفطر ولحوم والإبل

الأصمعي عن بعض مشايخه قال: ثلاثة أشياء ربّما صرعت أهل البيت عن آخرهم الجراد، ولحوم الإبل، والفطر.
أردأ الفطر وتقول الأطباء: إن أردأ الفطر ما نبت تحت ظلال الشجر، وأردأه كلّه ما كان في ظلّ شجر الزيتون فإنه قتال.

قالوا: والكمثّرى إذا طبخ مع الفطر أذهب ضرره.

قالوا: والفطر يورث الذبحة.

لأعرابي أكل فطراً فأصيب بذبحة قدم أعرابي المصر فأكل فطراً، فأصابته ذبحة، فقيل له: إن الطبيب بعث أن يحلب في فيك. فقال: مازلت أسمع باللئيم الراضع ولا والله لا أكونه. قالوا: فتموت إذاً. قال: وإن متّ.

ترياق الفطر وتقول الأطباء: إن أكل آكلٌ الفطر فأضرّ به، سقي الكرنب المعصور وسقي من خرء الدجاج وزن درهمين مع خل وعسلٍ مطبوخ وقيء به.

مضار الكمأة قالوا: والكمأة تورث وجع القولنج والسكتة والفالج ووجع المعدة.

قالوا: والذباب لا يقرب قدراً فيه كمأة.

ومن أراد اتخاذ الكمأة اليابسة جعلها في الطين الحرّ يوماً وليلةً ثم غسلها واستعملها.

أعرابي يبيع الكمء

بلغني عن فتىً من أهل الكتاب أنه قال: كنا في طريق مكة بالخزيمية، فأتانا أعرابيٌّ بكمأةٍ في كساءٍ قدر ما أطاق، فقلنا: بكم الكمأة قال: بدرهمين. فاشتريناها منه ودفعنا الثمن إليه، فلما نهض قال له بعضنا: "في است المغبو عودٌ" . قال: بل عودان؛ وضرب الأرض برجله، فإذا نحن على الكمأة.

قال بعض الشعراء:

جنيتها تملأ كفّ الجـانـي

 

سوداء مما قد سقى السواني

كأنها مدهونةٌ بـالـبـان

 

 

وهذه صفة أجود الكماة وأقلّها أذىً.

البصل والثوم

نصر بن سيّر والبصل دخل داخلٌ على نصر بن سيّار وحوله بنون له صغارٌ، فقال: هل تدرون ما ولدي هؤلاء هؤلاء بنو البصل؛ وكان يأكله نيئاً ومطبوخاً.

منافع البصل والأطبّاء تقول في البصل: إنه يشهّي إلى الطعام إن أكل مشويّاً أو نيئاً، ويشهّي إلى الجماع. وإن دقّ وشم وعطّس وشهّى الطعام. وإن اكتحل بمائه مع العسل جلا البصر. وإن وضع مع الملح والسّذاب على عضّة الكلب الذي ليس بكلبٍ نفع. والإكثار منه يفسد العقل.

والمسلوق منه يدر البول والدمعة.

العصافير إن أكلت بالزّنجبيل والبصل هيجت شهوة الجماع وأكثرت المنيّ.

بين سليمان النبي ورجل عن طارق بن شهاب قال: بعث سليمان النبيّ عليه السلام بعض عفاريته وبعث معه رجلاً وقال: ردّه إليّ وانظر إلى صنيعه. فمرّ على أهل بيت يبكون فضحك، ودخل إلى السوق ونظر إلى الناس فرفع رأسه إلى السماء وهزّه، ونظر إلى الثّوم وهو يكال "كيلاً" والفلفل "وهو" يوزن وزناً، فضحك. فلما ردّه إلى سليمان عليه السلام وأخبره بما جرى منه، قال: لم ضحكت من أهل البيت ولم هززت رأسك حين نظرت إلى السوق ولم ضحكت من الثّوم والفلفل قال: أمّا أهل البيت فإنّ اللّه أدخل ميّتهم الجنّة وهم يبكون عليه؛ ونظرت إلى الناس في السّوق والملائكة من فوق رؤوسهم والناس يملون والملائكة سراعا يكتبون، فهززت رأسي؛ ونظرت إلى الثوم وهو شفاءٌ يكال كيلاً، وإلى الفلفل وهو داءٌ يوزن وزناً.

وعن وهبٍ: أن سليمان عليه السلام قل: مم كنت تضحك قال:" إني مررت برجلٍ يشتري خفّين ويقول لصاحبها: شرطي عليك أنّ ألبسها عشر سنين لا يتخرّقان؛ فعجبت كيف شرط أمله ونسي أجله. ومررت بعجوز دهرية تتكهّن وتخبر الناس بما لا يعلمون والذيّ سخرّ لك الريح وأذلّ لك الجنّ وعبدّ لك الشياطين إنّي لأعلم في بيتها تحت فراشها مطمورة فيها قناطير من ذهب وفضّةٍ وهي لا تدري ما تحتها، وقد ماتت هزلاً وجوعاً وحاجةً. ومررت بإخرى دهريةٍ تطّبب وكان بها مرّةً داءٌ، فأكلت البصل فصادفت منه برءاً، فظّنت أنه حسم داءها وشفاها، فهي تصفه للناس من كل داء؛ وقد كانت في ظهرها ريحٌ حبست منذ زمانٍ فأكلت الثّوم أحداً وعشرين يوماً فشفيت منه؛ فعجبت لها كيف تدع أن تصفه ومررت برجلٍ على شاطىء نهر يستقي منه في قلةٌ له ومعه بغلة، فلما سقى البغلة ملأ القّلة بأذن القلةّ وذهب لبعض حاجته فنفرت البغلة وكسرت القلة؛ فجعل يلعن الشيطان وبرّأ عقله ونسي فعله. ومررت بقومٍ يذكرون اللّه فاجتهدوا ونصبوا وابتهلوا، فلما أظلّت الرحمة ملّ رجل منهم فقام، وجاء آخر لم ينصب معهم فجلس مجلسه، فنزلت لرحمة فدخل فيها معها وحرمها الأوّل؛ فعجبت من سعادة هذ وشقوة هذ.

منافع الثوم وتقول الأطبّاء: إنّ الثّوم إذا شوي بالنار ووضع على الضّرس المأكول ودلكت به الأسنان لتي يعرض فيه لوجع من الرطوبة ولريح، أذهب ما فيها بإذن اللهّ من الوجع.

قال: وهو ينفع من العطش الحدث من البلغم، ويقوم مقام التّرياق في لسع الهوامّ، والأمراض الباردة.

للروم في الثوم وتقول الروم في الثّوم: إنه دواء لمن صابه وجع السّقي في بطنه. وإن أكله من ظهر "فيه" حرّةٌ من شرىً أو غيره أبرأه. وإن دقّ الثّوم يابساً فأغلي بسمن ولبن ثم جعله من يشتكي ضرسه في فيه سخناً فأمسكه ساعة، ذهب وجع ضرسه؛ وهو نافع لمن اجتوى.

الكراث

قالت الأطباء: الكرّاث النّبطيّ إذا أدمن كانت فيه أحلامٌ رديئة، وولّد بخاراً في الرأس رديئاً.

وإن صبّ في مائه خلٌ ودقاق كندر واستعط به سكّن الصّداع. وإن سلق أو طحن وأكل أو ضمّد به البواسير العارضة من الرطوبة نفع فيها.

وماء الكراث إذا خلط بمثله من ألبان النساء ودهن الورد والكندر وكحّل به عين من أصابته غشاوة في عينه فلم يبصر ليلاً نفعه. وأكل البصل نافعٌ لذلك أيضاً.

الكرنب والقنّبيط

قالوا: الكرنب معينٌ على الأكثار من النبيذ إذا أكل وهو مدرٌ للبول.

للروم في منافع الكرنب وقالت الروم: بين الكرنب والكرم عداوةٌ؛ ولا يكاد يصلح الكرم والكرنب إذا تجاوزا .
قالت الأطباء: إن احتملت "المرأة" بزر الكرنب بعد الحيض أسهل المنيّ وأفسد ولم يكن معه حمل، وشرب مائه مع الشّيح الأرمنيّ غير المطبوخ أو ماء الترمس المنقع مخرجٌ لحبّ القرع نت البطن والقسط أيضاً خاصةً بزره يفسد المنيّ إذ احتملته المرأة بعد طهرها ومقدار ما يحتمل وزن درهمين.

أيضاً من منافع الكرنب وتقول الروم: الكرنب إن طبخ وخلط ماؤه بالحندقوق وسقي المرأة التي تأخر حيضها حاضت لحينها.

قالوا: وإذا خلط ماء الكرنب بالبنج كان نافعاً للسّعال وصفة حنين الطبيب لعلة في الحلق قال أبو محمد: شكوت إلى حنينٍ الطبيب علةً كنت أجدها في حلقي لا أكاد أبتلع معها ريقي؛ فقال: هي بينةّ في عينك. فتغرغر بعقيد العنب مع خميرٍ ثلاثة أيام في كل يوم ثلاث مرات؛ ففعلت ذلك يوماً واحداً فذهب.

لعلاج البرص والجرب قالوا: وإذا دقّ الكرنب وخلط به شيء من زاج الأساكفة وشيء من خلّ فأوجف ذلك بالخطمي ثم طلي به برص أو جربٌ نفع بإذن اللّه تعالى.

السّلجم والفجل

منافع الفجل تقول الأطباء في الفجل: إنه مهيجّ للجماع زائد في المني، وبزره نافعٌ من السموم قالوا: والفّجل هاضمٌ للطعام فإن أكل بزره بعسل كان دواء من السّعال والفواق وإذا شدخت قطعة فجل فطرحت على عقرب ماتت؛ وماؤه وبزره للسموم بمنزلة التّرياق. وإذا طلى أحدٌ يده بمائه ثم قبض على حيّةٍ و غيرها من الهوام لم يضارّ ذلك الموضع قالوا: وإن دقّ بزره مع الكندر وطلي به البهق الأسود في الحّمام أذهبه، وإن شرب ماء

ورقه نفع من الأرقان الحادث من الطحال.

الباذنجان

لأبي الحارث في الباذنجان قالوا: والباذنجان مكلف للوجه يورث داء السرطان والأورام الصّلبة وحدّثني إبي عن أبي الحارث جمّيزٍ أنه سمعه يقول في الباذنجان: لا آكله لون العقرب وشبه المحجمة قيل له: فقد رأيناك تأكله على خوان فلانٍ! قال: كان ميتةً وأنا مضطرّ.

الخيار والقثّاء

قالوا: شمّ الخيار نافع لمن أصابه الغشي من الحرارة. وبزر القثّاء إذا شربه من به حمّى الأسى نفعه. وإن أصابت رضيعاً حمّى فألزقت به خيارتين تمسّان جلده إحداهما عن يمينه والأخرى عن شماله، أقلعت الحمّى عنه.

السّلق

قالوا: والسّلق إن دقّ مع أصله وعصر ماؤه وغسل به الرأس ذهب بالأتربة وأطال الشعر

الهليون

قالوا: والهليون مدرّ للبول، نافع من القولنج

القرع

قالوا: إذا شوي القرع بالنار ثم عصر فجعل من مائه في أذن من اشتكى أذنه نفعه، وإن دهنت منابت شعر اللّحية بدهن القرع المرّ، قثاء الحمار مذاباً فيه شيحٌ أرمنيّ أسرع فيها نبات الشّعر

البقول

الجرجير قالوا: والجرجير زائد في الباه والإنعاظ مدرّللبول.

وتذكر الروم أنّ من أكل الجرجير ثم ضرب بالسياط هوّن عليه بعض ذلك الجلد.

قالوا: وهو ينفع من ذفر الإبطين إذا أكل على الريق وطلي الإبطان بمائه. وتزعم الروم أنّ ماءه ينفع من عضّة ابن عرسٍ.

وقال بعض الأطباء: إن ذرّ بزر الجاجير مدقوقاً في البيض وحشي كان ذلك زائداً في الباه والإنعاظ زيادة بيّنة.

قال أبو حاتم عن القحذمي قال: أكله أعرابيّ فأنعظ شهراً، فقال الفرزدق يفخر به:

ومنا التميميّ الذي قام أيره

 

ثلاثين يوماً ثم زادهم عشرا

السّذاب قالوا: والسّذاب قاطع لشهوة الجماع.

وقالت الروم: إن أكلت امرأة حاملٌ أربعة مثاقيل كلّ يوم بماء سخنٍ أو نبيذ خمسة عشر يوماً أسقطت ولدها.

وقال بعض الشعرء:

كم نعمةٍ لـلـسّـذاب

 

جليلةٍ في الـرّقـاب

الناس عنها غـفـولٌ

 

إلاّ ذوي الألـبـاب

فالحمد للّه شـكـراً

 

لولا مكان السّـذاب

لغّيب الأرض نسل ال

 

مغنّيات الـقـحـاب

البقلة الحمقاء "الرجلة" والهندباء

قالوا: والبقلة الحمقاء إذا مضغت أذهبت الطّرش، وإذا أكلت أذهبت شهوة الجماع.

والروم تقول: إن نظر ناظرٌ عند رؤية الهلال إلى الهندباء فحلف بإله القمر ألاّ يأكل هندباء ولا لحم فرسٍ، سلم في كلّ شهر يحلف فيه من وجع الضرس.

الخس قالت الأطباء: الخسّ إذا أكل على الريق نافعٌ لتغيير الماء ومن يتأذّى باحتلام. وإذا شرب بزره بماءٍ باردٍ "قطع شهوة الجماع".

الخردل قالوا: والخردل إن أكثر من أكله أورث ضعفاً في البصر، وهو مكثّر للّبن مدرّ للبول، وهو نافع من الصّرع. وإن اكتحل بمائه بعد أن يغلى عليه ويصفّى جلا البصر الضعيف من الرطوبة. وتزعم الروم أن ماءه يصلح للأطفال من الحمّى إذا أصابتهم. وهو يفسد الذهن ويورث االنّسيان ويضعف البصر.

النعناع والحبق قالت الأطباء: النّعناع يسكّن القيء، وينفع من الفواق الحادث من البلغم إذا شرب مع النّمّام.

وتقول الروم: الحبق الذي على شطوط الأنهار نافعٌ للرّمد إذا دقّ ونخل واكتحل به، وإن مضغه ماضعٌ ووضعه على عينه نفعه.

الفوذنج والحندقوق والطرخون وأما الفوذنخ النّهري - "فإنه" يدر الطّمث. وإن أخذ من الفوذنخ الجبليّ أوقيّة وطبخ بنصف رطل من ماءٍ حتى يبقى الثلث ويشرب، سهّل السّوداء.

وقالت الأطباء: الحندقوق يورث وجع الحلق، ويذهب بضرره من يأكل بعده الكزبرة الرّطبة والبقلة الحمقاء والهندباء.
والطّرخون يؤكل مع الكرفس.

الراسن والكشوث قالوا: والراسن ينفع من قطار البول إذا كان من بردٍ، ويقوّي المثانة.

قالوا: والكشوث يذهب بالأرقان.

عنب الثعلب والكرفس قالوا: وعنب الثعلب قاطعٌ لدم الحيض إن شرب أو احتمل.

وقالوا: الكرفس إذا طبخ وشرب كان دواءً من وجع الكليتين ومن الأسر.