الكتاب العاشر: كتاب النساء - باب القبح والدمامة

باب القبح والدّمامة

لأمير من أمراء العراق في امرأة قبيحة أخبرنا بعض أشياخ البصرة أنّ رجلاً وامرأته اختصما إلى أمير من أمراء العراق، وكانت المرأة حسنة المنتقب قبيحة المسفر، وكان لها لسانٌ، فكأن العامل مال معها، فقال: يعمد أحدكم إلى المرأة الكريمة فيتزوّجها ثم يسيء إليها. فأهوى الزوج فألقى النّقاب عن وجهها، فقال العامل: عليك اللعنة، كلام مظلوم ووجه ظالم.

لرجل من البصرة تزوج ومنع من الخروج

أبو زيد الكلابيّ: قدم رجلٌ منّا البصرة فتزوّج امرأةً، فلمّا دخل بها وأرخيت السّتور وأغلقت الأبواب عليه، ضجر الأعرابيّ وطالت ليلته، حتى إذا أصبح وأراد الخروج منع من ذلك وقيل له: لا ينبغي لك أن تخرج إلا بعد سبعة أيام؛ فقال:

أقول وقد شدّوا عليها حجابـهـا

 

ألا حبّذا الأرواح والبلد القـفـر

ألا حبّذا سيفي ورحلي ونمرقـي

 

ولا حبّذا منها الوشاحان والشّذر

أتوني بها قبل المحـاق بـلـيلةٍ

 

فكان محاقاً كلّه ذلك السـهـر

وما غرّني إلاّ خضابٌ بكفّـهـا

 

وكحلٌ بعينيها وأثوابها الصّفـر

تسائلني عن نفسها هل أحبّـهـا

 

فقلت ألا لا والذي أمره الأمـر

تفوح رياح المسك والعطر عندها

 

وأشهد عند اللّه ما ينفع العطـر

لبعض الشعراء يصف امرأة قبيحة وقال آخر:

أعوذ باللّه مـن زلاّء فـاحـشةٍ

 

كأنما نيط ثوباها عـلـى عـود

لا يمسك الحبل حقواها إذا انتطقت

 

وفي الذّنابي وفي العرقوب تحديد

أعوذ باللّه من ساقٍ لهـا حـنـبٌ

 

كأنها من حديد القـين سـفّـود

وقال أخر:

موتّرة العـلـبـاء الـقـفـا

 

لها ندبٌ من حكّها غير دارس

إذا ضحكت حالت غضونٌ كأنها

 

غباب حرباءٍ تحوّز شـامـس

كأن وريديها رشـاء مـحـالةٍ

 

مغاران من جلدٍ من القدّ يابس

وقال آخر:

يا عجبا والدّهـر ذو تـعـاجـيب

 

هل يصلح الخلخال في رجل الذّيب

اليابس الكعب الحديد العـرقـوب

 

 

لأخر في عجوز تزوّجها وقال آخر:

لهـا جـسـم بـرغـوثٍ وسـاقـا بـعـــوضةٍ

 

ووجـهٌ كـوجـه الـقـرد بـل هـو أقـبــح

وتـبـرق عـينـاهـا إذا مــا رأيتـــهـــا

 

وتعـبـس فـي وجـه الـضّـجـيع وتـكـلـح

وتفتحلا كانت فماً لو رأيتهتوهّمته باباً من النار يفتح

 

 

فما ضحكت في الناس إلا ظننتها

 

أمـامـهـم كـلـبـاً يهـــرّ وينـــبـــح

إذا عـاين الـشـيطـان صـورة وجـهـهـــا

 

تعـوّذ مـنـهـا حـين يمـسـي ويصـبـــح

وقد أعجـبـتـهـا نـفـسـهـافـتـمـلّـحـت

 

بأيّ جـمـال لـيت شـعـري تـمـــلـــحّ

ل

أعرابي في امرأة كالغول رأى أعرابيّ امرأة في شارةٍ وهيئة، فظّن بها جمالاً، فلما سفرت فإذا هي غولٌ؛ فقال:

فأظهرها ربيّ بـمـنّ وقـدرةٍ

 

عليّ ولولا ذاك متّ من الكرب

فلمّا بدت سبّحت من قبح وجههـا

 

قلت لها السّاجور خيرٌ من الكلب

بين سعيد بن بيان والأخطل كان سعيد بن بيانٍ التغّلبيّ سيدّ بني تغلب، وكانت تحته برّة وكانت من أجمل النساء، فقدم الأخطل الكوفة على بشر بن مروان، فدعاه سعيد بن بيانٍ واحتفل ونجّد بيوته واستجاد طعامه وشرابه، فلما شرب الأخطل جعل ينظر إلى وجه برّة وجمالها، وإلى وجه سعيد وقبحه، فقال له سعيد: يا أبا مالك، أنت رجل تدخل على الخلفاء والملوك فأين ترى هيئتنا من هيئتهم فقال الأخطل: ما لبيتك عيبٌ غيرك. فقال سعيد: أنا واللّه أحمق منك يا نصرانيّ حين أدخلك منزلي. وطرده فخرج الأخطل وهو يقول:

وكيف يداويني الطبيب من الجوى

 

وبرّة عند الأعـور ابـن بـيان

فهلاّ زجرت الطّير إذ جاء خاطباً

 

بضيقة بين النّجـم والـدّبـران

عبد بني الحساس يذكر قبحه قال عبد بني الحسحاس يذكر قبحه:

أتيت نساء الحارثيّين غدوةً

 

بوجهٍ براه اللّه غير جميل

فشبّهنني كلباً ولست بفوقه

 

ولا دونه إن كان غير قليل

بين الأحنف ورجل عابه بقبحه قال رجل للأحنف: "تسمع بالمعتديّ لا أن تراه"؛ فقال: ما ذممت منّي يابن أخي قال: الدّمامة وقصر القامة. قال: لقد عبت عليّ ما لم أؤامر فيه.

قبح الأحنف قال عبد الملك بن عمير: قدم علينا الأحنف الكوفة مع مصعب بن الزّبير، فما رأيت خصلةً تذمّ إلا وقد رأيتها في الأحنف: كان صعل الرأس، متراكب الأسنان، أشدق، مائل الذّقن، ناتىء الوجه، غائر العين، خفيف العارض، أحنف الرّجل، ولكنه إذا تكلّم جلا عن نفسه.

شعر لهبنّقة في قبح محارش أبو اليقظان قال: كان المحارش قبيحاً فقال فيه هبنّقة:

لو كان وجهي مثل وجه محارشٍ

 

إذاً ما قربت الدّهر باب أمـير

قال:وأخذ محارش قذاةً عن عبيد اللّه بن زياد؛ فقال: صرف عنك السّوء؛ فقال جلساؤه: إذاً يصرف عنه وجهه.

سئل مدنيّ عن حلية رجلٍ، فقال: حليته محجمه.

المأمون ومحمد بن الجهم قال المأمون لمحمد بن الجهم: أنشدني يبتاً حسناً أولّك به كورةً؛ فقال:

قبحت مناظرهم فحين خبرتهم

 

حسنت مناظرهم لقبح المخبر

فاستزاده، فأنشده:

أرادوا ليخفوا قبره عـن عـدوّه

 

فطيب تراب القبر دلّ على القبر

فولاّه الدّينور وهمذان.

لأعرابي في امرأته قال أعرابيّ في امرأته:

ولا تستطيع الكحل من ضيق عينها

 

فإن عالجته صار فوق المحاجـر

وفي حاجبيهـا حـرّةٌ لـغـرارةٍ

 

فإن حلقا كانـا ثـلاث غـرائر

وثديان أمّـا واحـدٌ فـكـمـوزةٍ

 

وآخر فيه قـربةٌ لـمـسـافـر

بين إسحاق الموصلي وقريبة ابن سيابة وقال إسحاق الموصليّ: رأت قريبة ابن سيلبة مولى ابن أأسد عندي، فقلت لها: يا أمّ البهلول كيف ترين هذا قالت: ما له قبّحه "اللّه" عامّةً لو كان داءً ما بريء منه.

شعر فاتك في سعيد بن مسلم وقال فاتكٌ في سعيد بن سلم:

وإنّ من غاية حرص الفتى

 

طلابه المعروف في باهله

كبيرهم وغدٌ ومولـودهـم

 

تلعنه من قبحه القـابـلة

الأسعر الجعفي يذكر قوماً قال الأسعر الجعفيّ يهجو قوماً:

زعانف سودٌ كخبث الحدي

 

يد يكفي الثلاثة شقّ الإزار

أبو نواس يذكر امرأة وقال أبو نواس يذكر امرأةً:

وقائلةٍ لها في وجه نصحٍ

 

علام قتلت هذا المستهاما

فكان جوابها في حسن سرٍّ

 

أأجمع وجه هذا والحراما

من أخبار المغيرة بن شعبة كان المغيرة بن شعبة قبيحاً أعور، فخطب امرأةً، فأبت أن تتزّوجه، فبعث إليها: إن تزوّجتيني ملأت بيتك خيراً، ورحمك أيراً. فتزوّجت به.

وسئلت عنه امرأةٌ طلّقها فقالت: عسلٌ يمانيةُ في ظرف سوء.

شعر لدعبل، ولغيره أنشدنا دعبل:

بليت بزمّردةٍ كالـعـصـا

 

ألصّ وأسرق من كنـدش

لها شعر قـردٍ إذا ازّينـت

 

ووجه كبيض القطا الأبرش

كأنّ الثاليل في وجـهـهـا

 

إذا سفرت بدد الكشـمـش

وقال أعرابيّ:

جزى اللّه البراقع من ثيابٍ

 

عن الفتيان شراًّ ما بقينـا

يوارين الملاح فلا نراهـا

 

ويزهين القباح فيزّهينـا

وقال آخر:

رأوه فازدروه وهو حرّ

 

وينفع أهله الرجل القبيح

ذو الرمة وميّة كان ذو الرّمّة يشبّب بميّة، وكانت من أجمل النساء ولم تره قطّ، فجعلت للّه عليها بدنةً حين تراه، فلما رأته رأته رجلاً دميماً أسود، فقالت: واسوءتاه وابؤساه فقال ذو الرّمة:

على وجه ميٍّ مسحةٌ من ملاحةٍ

 

وتحت الثياب الشّين لو كان باديا

ألم تر الماء يخبـث طـعـمـه

 

وإن كان لون الماء أبيض صافيا

أعرابية تصف حمدونة بنت الرشيد إسحاق الموصليّ قال: دخلت أعرابية على حمدونة بنت الرشيد، فلما خرجت سئلت عنها، فقالت: وما حمدونة واللّه لقد رأيتها وما رأيت طائلاً، كأنّ بطنها قربة، وكأنّ ثديها دبةّ، وكأن استها رقعة، وكأن وجهها وجه ديكٍ قد نفش عفريته يقاتل ديكاً.

أعرابي يصف امرأة ذكر أعرابيّ امرأةً حسناء اللفظ قبيحة الوجه، فقال: ترخي ذيلها على عرقوبي نعامة، وتسدل خمارها على وجه كالجعالة "وهي الخرقة التي تنزل بها القدر عن النار" شعر لدعبل في كاتب وقال دعبل في كاتبٍ:

تمّت مقـابـح وجـهـه فـكـأنـه

 

طللٌ تحمّل ساكـنـوه فـأوحـشـا

لو كان لاستك ضيق صدرك أو لصـد

 

رك رحب دبرك كنت أكمل من مشى

لبعض المعلمين كان بعض المعلّمين يقعد أبناء المياسير والحسان الوجوه في الظلّ، ويقعد الآخرين في الشّمس، ويقول: يا أهل الجنة، ابزقوا في وجوه أهل النار.

لرجل من أبناء المهاجرين وقال رجل من أبناء المهاجرين: أبناء هذه الأعاجم كأنهم نقبوا الجنّة وخرجوا منها، وأولادنا كأنهم مساجر التّنانير.

بين أبي المهلهل وميّ

أبو المهلهل الحدائيّ قال: ارتحلت إلى الرمل في طلب ميّ صاحبة ذي الرّمّة، فما زلت أطلب موضعها حتى أرشدت إليه، فإذا خيمةٌ كبيرة على بابها عجوزٌ هتماء، فسلّمت عليها ثم قلت: أين منزل ميّ قالت: أنا ميّ؛ فتعجّبت وقلت: عجباً من ذي الرمّة وكثرة قوله فيك قالت: لا تعجبنّ فإني سأقوم بعذره عندك، ثم قالت: يا فلانة، فخرجت من الخيمة جاريةٌ ناهدة عليها برقع فقالت: اسفري؛ فلما سفرت تحيّرت لما رأيت من جمالها وبراعتها؛ فقالت: علقني ذو الرمّة وأنا في سنّها. فقلت: عذره اللّه ورحمه، فاستنشدتها فجعلت تنشد وأنا أكتب.

أبو نواس في الرقاشي وقال أبو نواسٍ في الرّقاشيّ:

قل للـرّقـاشـيّ إذا جـئتـه

 

لو متّ يا أخرق لم أهجـكـا

دونك عرضي فاهجه راشـداً

 

لا تدنس الأعراض من شعركا

واللّه لو كنت جـريراً لـمـا

 

كنت بأهجى لك من وجهكـا