الكتاب العاشر: كتاب النساء - باب العجز والمشايخ

باب العجز والمشايخ

لرجل خاصم امرأته إلى زياد الأصمعيّ قال: خاصم رجلٌ امرأته إلى زيادٍ، فكأن زياداً شددّ عليه، فقال الرجل: أصلح اللّه الأمير، إنّ خير نصفي الرجل آخرهما، يذهب جهله ويثوب حلمه ويجتمع رأيه، وإن شرّ نصفي المرأة آخرهما، يسوء خلقها ويحدّ لسانها وتعقم رحمها؛ فقال: اسفع بيدها.

لبعض الأعراب في عجوز وقال بعض الأعراب:

لا تنكحنّ عجوزاً إن دعوك لها

 

وإن حبوك على تزويجها الذّهبا

وإن أتوك وقالوا إنها نـصـفٌ

 

فإنّ أطيب نصفيها الذي ذهبـا

لأعرابي ضجر من امرأته وقد شاخت الأصمعيّ قال: ضجر أعرابيّ بطول حياة امرأته، فقال:

ثلاثين حـولاً لا أرى مـنـك راحةً

 

لهنّك في الدنيا لباقـية الـعـمـر

فإن أنفلت من حبل صـعـبة مـرّةً

 

أكن من نساء الناس في بيضة العقر

أبو الأسود في امرأته وقال أبو الأسود في امرأته أمّ عوف:

أبي القلب إلا أمّ عوف وحبّهـا

 

عجوزاً ومن يحبب عجوزاً يفنّد

كسحق اليماني قد تقادم عهـده

 

ورقعته ما شئت في العين واليد

لبعضهم يشبب بعجوز وقال آخر يشبب بعجوزٍ:

عجوزٌ عليها كرةٌ ومـلاحة

 

وقاتلتي يا للرّجال عـجـوز

عجوزٌ لو أن الماء ملك يمينها

 

لما تركتنا بالمـياه نـجـور

كانت لرجل من الأعراب امرأة عجوز، وكانت تشتري العطر بالخبز؛ فقال:

عجوزٌ ترجّى أن تـكـون فـتـيّةً

 

وقد غارت العينان واحدودب الظهر

تدسّ إلى العطّار سلـعة أهـلـهـا

 

ولن يصلح العطّار ما أفسد الدّهـر

بين أبي الجندي وامرأته طلّق أبو الجنديّ امرأته؛ فقلت له: بعد صحبة خمسين سنة فقال: ما لك عندي ذنبٌ غيره لبعض الأعراب وقال بعض الأعراب:

لا بارك اللّه في لـيل يقـربـنـي

 

إلى مضاجعةٍ كالدّلك بـالـمـسـد

لقد لمست معرّاها فمـا وقـعـت

 

فيما لمست يدي إلا عـلـى وتـد

وكلّ عضو لها قرنٌ تـصـلّ بـه

 

جسم الضّجيع فيضحي واهي الجسد

للطائي، وغيره، في أحلى الرجال عند النساء وقال الطائي:

أحلى الرجال من النساء مواقعاً

 

من كان أشبههم بهنّ خـدودا

وقال امرؤ القيس:

أراهنّ لا يحببن من قلّ مالـه

 

ولا من رأين الشيب فيه وقوّسا

وقال علقمة بن عبدة:

فإن تسألوني بالنساء فـإنـنّـي

 

خبيرٌ بأدواء النسـاء طـبـيب

إذا شاب رأس المرء أو قلّ ماله

 

فليس له في ودّهنّ نـصـيب

يردن ثراء المال حيث علمنـه

 

وشرخ الشباب عندهنّ عجـيب

وقال آخر:

أرى شيب الرجال من الغواني

 

كموضع شيبهنّ من الرجـال

وقال آخر:

أيا عجباً للخود يجري وشاحـهـا

 

تزفّ إلى شيخ من القوم تنـبـال

دعـاهـا إلـيه أنـه ذو قـرابةٍ

 

فويل الغواني من بني العمّ والخال

وقال ذو الرّمة بخلاف قول الأول:

وما الفقر أزرى عندّهن بوصلنـا

 

ولكن جرت أخلاقهن على البخل

وقال المّرار في مثله:

وليس الغواني للجفاء ولا الذي

 

له عن تقاضي دينهنّ همـوم

ولكنّما يستنجز الوعد تـابـعٌ

 

مناهنّ حلاّفٌ لـهـنّ أثـيم

وما جعلت ألبابهن لذي لغنـى

 

فييأس من ألبابـهـنّ عـديم

عثمان بن عفان رضي اللّه عنه وزوجته بنت الفرافصة كن عثمان بن عفّان رضي اللّه عنه تزوّج نائلة بنت الفرافصة الكلبيّ - والفرافصة يومئذٍ نصرانيّ - وكان وليّها مسلماً وهو أخوها، فحملها الفرافصة. فلما قدمت على عثمان وضع لها سريراً وله آخر، فقال لها عثمان: إمّا أن تقومي إليّ وإمّا ان أقوم إليك. فقالت: ما تجشّمت إليك من عرض السّماوة أبعد ممّا بيننا، بل أقوم أنا. فقامت حتى جلست معه على السرير، فوضع قلنسوته فإذا هو أصلع، فقال: يا بنة الفراقصة، لا يهولنّك ما ترين من صلعتي، فإن وراء ذلك ما تحبيّن. قالت: إني لمن نسوة أحبّ بعولتهن إليهنّ الكهول الصّلع. فقال: اطرحي درعك؛ ثم قال: اطرحي إزارك. قالت: ذك إليك. ومسح رأسها ودعا لها بالبركة؛ فكانت أحبّ نسائه إليه، وولدت منه جاريةً يقال لها مريم.

لخنساء بنت عمرو في دريد الصمة وقد خطبها بن الكلبيّ قال: خطب دريد بن الصّمةّ خنساء بنت عمرو، فبعث جاريتها فقالت: أنظري إذا بال أيقعي أم يبعثر فقالت لها الجارية: وهويبعثر. فقالت: لا حاجة لي فيه.

لرجل تزوج عجوزاً الاصمعيّ قال: تزوّج رجل امرأة بالمدينة فقالوا له: إنها شابةٌ طريةٌ من أمرها ومن مرها؛ ويدلسون له عجوزاً، فلما دخل بها زع نعليه، وهم يظنون أنه يضربها، فقلدها إياهما وقال: لبيك اللهم لبيك، هذه بدنةٌ؛ فأسكتوه وافتدوا منه.

أطوار عمر المرأة عن عبد الله بن محمد بن عمران القاضي عن أبيه قال: شباب المرأة من خمس عشرة سنة إلى ثلاثين سنةً، وفيها من الثلاثين إلى الأربعين مستمتعٌ، وإذا اقتحمت العقبة الأخرى حسلت.

شعر لجهم في عجوز تزوجها

تزوج جمهمٌ امرأة من بني فقعسٍ وباع إبلاً له ومهرها، فلما دخل بها إذا هي عجوز، فقال:

وما لمت نفسي مذ فطمت بـلـحـيةٍ

 

كما لمت نفسي في عجوز بني شمس

وبنت ولم أغبن غداة اشـتـريتـهـا

 

وبعت تلاد المال بالثمن الـبـخـس

فإن مات جهمٌ غيلةً فاقـتـلـوا بـه

 

قمامة إن النفس تقتل بـالـنـفـس

لبعض الشعرء:

كفاك بالشيب ذنباً عند غانيةٍ

 

وبالشباب شفيعاً أيها الرجل

خبر الحارث بن سليل الأسدي وزوجته خطب الحارث بن سليل الأسدي إلى علقمة بن حفصة الطائي وكان شيخاً، فقال لأم الجارية: أريدي ابنتك على نفسها. فقالت: أي بنية. أي الرجال أحب إليك: الكهل الجحجاح، الواصل المنّاح، أم الفتى الوضّاح، الذهول الطماح قالت: يا أمتاه.

إن الفتاة تحب الفـتـى

 

كحبّ الرعاء أنيق الكلا

فقالت: يا بنية، إن الشباب شديد الحجاب، كثير العتاب. قالت: يا أمتاه، أخشى من الشيخ أن يدنس ثيابي، ويبلي شبابي، ويشمت بي أترابي. فلم تزل بها حتى غلبتها على رأيها؛ فتزوج به الحارث ثم رحل بها إلى قومه؛ فإنه لجالس يوماً بفناء لمظلته وهي إلى جانبه، إذ أقبل شباب من بني أسد يعتلجون، فتنفست ثم بكت؛ فقال لها: ما يبكيك قالت: ما لي وللشيوخ الناهضين كالفروخ؛ فقال: ثكلتك أمك "تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها"- فذهبت مثلاً-. أما وأبيك لرب غارةٍ شهدتها؛ فالحقي بأهلك، ولا حاجة لي فيك.

بين رجل وزوجته أراد أن يغيرها الرياشي قال: خرج رجل إلى الغزو فأصاب جارية وضيئة، وكان يغزو على فرسه ويرجع إليها، فوجد يوماً فضلاً من القول فقال:

ألا لا أبالي اليوم ما فعلت هنـد

 

إذا بقيت عندي الحمامة والورد

شديد مناط المنكبـين إذا جـرى

 

وبيضاء صنهاجيةٌ زانها العقـد

فهـذا لأيام الـحـروب وهـذه

 

لحاجة نفسي حين ينصرف الجند

فنمي الشعر إليها فقالت:

ألا أقره مني السـلام وقـل لـه

 

غينا وأغنتنا غطـارفة الـمـرد

بحمد أمير المؤمـنـين أقـرّهـم

 

شباباً وأغزاكم حواقلة الـجـنـد

إذا شئت غناني رفـلٌ مـرجّـلٌ

 

ونازعني في ماء معتصـر ورد

وإن شاء منهم ناشئ مـد كـفـه

 

على كتدٍ ملساء أو كفـل نـهـد

فما كنتم تقضون حاجة أهـلـكـم

 

شهوداً فتقضوها على النأي والبعد

فلما بلغه الشعر أتاها، وقال: أكنت فاعلةً فقالت: الله أجلّ في عيني، وأنت أهون علي.

لأ

بي عمرو بن العلاء في الشباب قال أبو عمرو بن العلاء: ما بكت العرب شيئاً ما بكت الشباب، وما بلغت ما هو أهله.

لبعض الأعراب وقد أسن كانت لبعض الأعراب امرأة لا تزال تشارّه وقد كان أسن وامتنع من النكاح، فقال له رجل: ما يصلح بينكما أبداً فقال: لا، إنه قد مات الذي كان يصلح بيننا "يعني ذكره".

شعر رجل لصديق له تزوج عجوزاً قال رجلٌ لصديقٍ له:

أعنّست نفسـك حـتـى إذا

 

أتيت على الخمس والأربعينا

تزوّجتها شـارفـاً فـخـمةً

 

فلا بالرّفاء ولا بالبـنـينـا

فلا ذات مال تزوّجـتـهـا

 

ولا ولد ترتجي أن يكـونـا

بها أبداً فالتمـس غـيرهـا

 

لعلّك تعطى بغثٍّ سمـينـا

لأنو شروان قال أنوشروان: كنت أخاف إذا أنا شخت لا تريدي النساء، فإذا أنا لا أريدهنّ.

شعر لأعرابي في العجوز قل أعرابيّ:

إنّ العجوز فاركٌ ضجيعها

 

تسيل من غير بكىً دموعها

تمدّد الوجه فلا يطيعـهـا

 

كأنّ م يضيفها يضيعـهـا

لأبي النجم في أم الخيار وقال أبو النجم:

قد زعمت أمّ الـخـيار أنّـي

 

شبت وحنّى ظهري المحنّي

وأعرضت فعل الشّموس عنّي

 

فقلت مـا داؤك إلا سـنّـي

"لن تجمعي ودّي وأن تضنّي" في الشيب والخضاب قال يزيد بن الحكم بن "أبي" العاص:

فما منك الشّباب ولست منه

 

إذا سألتك لحيتك الخضابـا

وما يرجو الكبير من الغواني

 

إذا ذهبت شبيبتـه وشـابـا

وقال آخر:

" " فـالـغـوانـي

 

وافر عن ملاحظة القتير

 

فقلت لها المشيب نذير عمري

 

ولست مسوّداً وجه الـنّـذير

           

لسعد بن أبي وقاص، لآخرين في الخضاب كان سعد بن أبي وقاص يخضب بالسّواد، ويقول:

أسوّد أعلاها وتأبى أصولـهـا

 

فيا ليت ما يسودّ مها هو الأصل

وقال أسود بن دهيم:

لما رأيت الشّيب عيب بياضه

 

تشببت وابتعت الشباب بدرهم

وقال محمود الورّاق:

يا خاضب الشّيب الذي

 

في كلّ ثالثةٍ يعـود

إنّ النّصـول إذا بـدا

 

فكأنه شـيبٌ جـديد

ولـه بـديهة روعةٍ

 

مكروهها أبداً عتـيد

فدع المشيب كما أرا

 

د فلن يعود كما تريد

لابن الأعرابي، ولغيره في الشيب أنشد ابن الأعرابيّ:

ولقد أقول لشيبةٍ أبصـرتـهـا

 

في مفرقي فمنحتها إعراضـي

عنّي إليك فلست من خير ولـو

 

عمّمت منك مفارقي بـبـياض

ولقلّما أرتاع مـنـك وإنـنـي

 

فيما ألذّ وإن فزعت لمـاضـي

فعليك ما اسطعت الظهور بلمّتي

 

وعليّ أن ألقاك بالمـقـراض

وقال الفرزدق:

تفاريق شيبٍ في السّواد لوامعٌ

 

وما خير ليل ليس فيه نجـوم

وقال غيلان بن سلمة:

الشّيب إن يظهر فـإنّ وراءه

 

عمراً يكون خلاله متنفّـس

لم ينتقص منّي المشيب قلامةً

 

ولنحن حين بدا ألبّ وأكيس

وقال الطائي:

ابدت أسىً أن رأتني مخلس القصب

 

وآل ما كان من عجبٍ إلى عجـب

لا تنكري منه تخـديداً تـخـلّـلـه

 

فالسيف لا يزدرى أن كان ذا شطب

ولا يؤرقك إيماض الـقـتـير بـه

 

فإنّ ذاك ابتـسـام الـرأي والأدب

 

وقال آخر:

يقولون هل بعد الثلاثين ملـعـبٌ

 

فقلت وهل قبل الثلاثين ملعـب

لقد جلّ قدر الشّيب إن كان كلّمـا

 

بدت شيبةٌ يعرى من اللّهو مركب