الكتاب العاشر: كتاب النساء - باب المهور

باب المهور

مهر أم سليم ملحان الأنصارية إسحاق بن عبد اللّه بن أبي طلحة قال: خطب جدّي أبو طلحة أمّ سليم فأبت أن تتزوجّه حتى يسلم وكان مشركاً وقالت: إذا أسلم فهو صداقي فأسلم فكان صداقها إسلامه.

عن المطّلب بن أبي وداعة السّهمي قال: زوّج سعيدٌ ابنته على درهمين.

صداق فاطمة بنت النبي صلى اللّه عليه وسلم أخبرنا محمد بن عليّ بن أبي طالب أنّ عليّاً أصدق فاطمة بنت النبّي صلى اللّه عليه وسلم بدناً من حديد. قال محمد: وأخبرني ابن أبي نجيح قال: بلغني أنا البدن الذي تزوّج عليه فاطمة كان ثمنه ثلثمائة درهم.

عن ابن أبي عيينة عن ابن أبي نجيح عن أبيه أنّ عليّاً عليه السلام قال: أتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالدّرع فباعها بأربعمائة وثمانين درهماً وزوّجني عليها.

للنبي صلى اللّه عليه وسلم عن مجاهد عن ابن عبّاس أنّ النبّي صلى اللّه عليه وسلم قال: "أعظم النّكاح بركةً أيسره موؤنة" وقال في الحديث الآخر: "اللّهم أذهب ملك غسّان وضع مهور كندة" لجارية من العرب أخبرنا بعض أصحاب الأخبار "قال" : قالت جارية من العرب لبنات عمّ لها: السعيدة التي يتزوجهاّ ابن عمها فيمهرها بتيسين وكلبين وعيرين فينبتّ التيّسان وبنبح الكلبان وينهق العيران، والشقّية التي يتزوّجها الحضرّي فيطعمها الخمير، ويلبسها الحرير، ويحملها ليلة الزّفاف على عودٍ؛ "تعني إكافاً أو سرجاً" ما بذله خاطب كمهر ويقال: جاء خاطبٌ إلى قوم فقال: أنا فلان بن فلان، وأنتم لا تسألون عنّي أعلم بي منكم. قالوا: فما تبذل فأنشأ يقول:

ألا بلغ لديك بـنـي يزيدٍ

 

بأنّي لا أريد إلى النسـاء

سوى ودّي لهنّ وأنّ عندي

 

ثريداً بالغداة وبالعـشـاء

فقال شيخ منهم: أقم كفيلاً بالقصعتين وصل به. فبقي عاراً عليهم إلى اليوم ما أصدق به عمرو بن الخطاب وابنه وابن سيري قال بعض نقلة الأخبار: أصدق عمر بن الخطّاب أمّ كلثوم بنت عليّ أربعين ألفاً، وأصدق عبد اللّه بن عمر ابنة أبي عبيد أخت المختار عشرة آلاف درهم، وأصدق محمد بن سيرين امرأته السّدوسيّة عشرة آلاف درهم.

لأعرابي في المهور قال أعرابيّ:

يقولون تزويجٌ وأشـهـد أنـه

 

هو البيع إلا أنّ من شاء يكذب

أوقات عقد النكاح

عن ضمرة بن حبيب أنه قال: كان أشياخنا يستحبّو يوم الجمعة سبب اختيار آخر النهار على أوله في النكاح وقال بعض العلماء: سمعت من يخبر عن اختيار الناس آخر النهار على أوّله في النّكاح، قال: ذهبوا إلى تأويل القرآن واتّباع السنّة في الفأل، لأن اللّ سمّى الليل في كتابه سكناً وجعل النهار نشوراً؛ وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في الطيّرة: "أصدقها الفأل"؛ فأثر الناس استقبال الليل

لعقدة النّكاح تيمّناً بما فيه من الهدوء والإجتماع، على صدر النهار لما فيه من التفرّق والإنتشار.
النكاح في شوال

قال: وأما كراهية الناس للنكاح في شوّال، فإن أهل الجاهليّة كانوا يطيّرون منه ويقولون: إنه يشول بالمرأة فعلقه الجهّال منهم، وأبطله اللّه بالنبي صلى اللّه عليه وسلم، لأنه نكح عائشة رضي اللّه عنها في شوّال.

خطب النكاح

من خطب خالد القسري في النكاح قال: حدّثني محمد بد داود قال: حدّثنا أبو غسّان مالك عبد الواحد عن معتمر عن خالد القسريّ قال - وكان جمع الخطب فكا يستحسن هذه ويذكرها -: ذكرتم أمراً حسناً جميلاً، وعد اللّه فيه الغني والسّعة، فلا خلف لموعود اللّه ولا رادّ لقضاء اللّه، إذا أراد جماع أمرٍ فلا فرقة له، وإذا أراد فرقة أمر فلا جماع له. عرضت كذا، فإذا قال: نعم. قال: قد نكحت.

لعمر بن عبد العزيز وخطب محمد بن الوليد "بن" عتبة إلى عمر بن عبد العزيز أخته؛ فقال: الحمد للّه العزّة والكبرياء وصلى اللّه على محمد خاتم الأنبياء. أما بعد، فقد حسن ظنّ من أودعك حرمته واختارك ولم يختره عليك؛ وقد زوّجناك على ما في كتاب اللّه: إمساكٌ بعروفٍ أو تسريحٌ بإحسانٍ.

لبلال الحبشي خطب بلالٌ على أخيه امرأةً من بني حسل من قريش فقال: نحن من قد عرفتم، كنّا عبدين فأعتقنا اللّه، وكنّا ضاليّن فهدانا اللّه، وفقيرين فأغنانا اللّه، وأنا أخطب على أخي خالدٍ فلانة، فإن تنكحوه فالحمد للّه، وإن تردوه فاللّه أكبر، فأقبل بغضهم على بعضٍ فقالوا: هو بلالٌ، وليس مثله يدفع، فزوّجوا أخاه. فلما نصرفا قال خالد لبلالٍ: يغفر اللّه لك ألا ذكرت سوابقنا ومشاهدنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال بلال: مه صدقت فأنكحك الصّدق.

خطبة الحسن البصري كان الحسن البصريّ يقول في خطبة النّكاح بعد حمد اللّه والثناء عليه: أما بعد، فإن اللّه جمع بهذا النكاح الأرحام المتقطعة، والأسباب المتفرّقة، وجعل ذلك في سنّةٍ من دينه ومنهاج واضح من أمره؛ وقد خطب إليكم فلان وعليه من اللّه نعمة، وهو يبذل من الصّداق كذا، فاستخيروا اللّه وردّوا خيراً "يرحمكم اللّه".

للأصمعي في رجالات قريش قال الأصمعيّ: كان رجالات قريشٍ من العرب تستحبّ من الخاطب الإطالة، ومن المخطوب إليه الإيجاز.

لعمر بن عبد العزيز وأتى رجلٌ عمر بن عبد العزيز يخطب أخته، فتكلّم بكلام جاز الحفظ؛ فقال عمر: الحمد للّه ذي الكبرياء وصلى اللّه عللى خاتم الأنبياء؛ أما بعد، فإن الرّغبة منك دعت إلينا، والرغبة فيك أجابت منا؛ وقد زوّجناك على ما في كتاب اللّه: إمساكٌ بمعروفٍ أو تسريحٌ بإحسانٍ.

لسّوار القاضي العتبيّ قال: لما زوج شيبٌ ابنه سوّارٍ القاضي قلنا: اليوم يعبّ عبابه. فلمّا اجتمعوا فقال: الحمد للّه، وصلى اللّه على رسول اللّه. أما بعد، فإنّ المعرفة منا ومنكم وبنا وبكم تمنعنا من الإكثار، وإنّ فلاناً ذكر فلانة.

لابن الفقير العتبيّ قال: حدّثني رجل قال: حضرت ابن الفقير يخطب على نفسه امرأةً من باهلة فقال:

فما حسنٌ أن يمدح المرء نفسه

 

ولكن أخلاقاً تـذمّ وتـمـدح

"وإن فلانة ذكرت لي" لأبي عثمان يذكر إجابة خاطب قال: وحدّثني أبو عثمان قال: مررت بحاضر وقد اجتمع فيه، فسألت بعضهم: ما جمعهم فقالوا: هذا سيّد الحيّ يريد أن يتزوّج منّا فتاةً. فوقفت أنظر، فتكلّم الشيخ فقال: الحمد للّه، وصلى اللّه على رسول اللّه، أما بعد ذلك، ففي غير ملالةٍ من ذكره والصلاة على رسوله؛ فإن اللّه جعل المناكحة التي رضيها فعلاً وأنزلها وحياً سبباً للمناسبة. وإن فلاناً ذكر فلانة وبذل لها من الصذداق كذا، وقد زوّجته إيّاها، وأوصيته اللّه لها. ثم قال للفتيان على رأسه: هاتوا نثاركم. فقلبي على رؤؤسنا غرائر التّمر.

خطبة أعرابي قال: وقال شبّة بن عقّال: ما تمنّيت أن لي بقليلٍ من كلامي كثيراً من كلام غيري إلا يوماً واحداً، فإنّا خرجنا مع صاحب لنا نريد أن زوّجه، فمررنا بأعرابيٍّ فأتبعنا، فتكلّم القوم فجاء بخطبةٍ فيها ذكر السموات والأرض والجبال؛ فلما فرغ قلنا: من يجيبه قال الأعرابيّ: أنا.

فجثا لركبته ثم أقبل على القوم فقال: واللّه ما أدري ما تحتاطك وتلصاقك منذ اليوم ثم قال: الحمد للّه ربّ العالمين وصلى اللّه على مجمدٍ خير المرسلين. أمّا بعد فقد توسّلت بحرمةٍ، وذكرت حقّاً وعظمت عظيماً، فحبلك موصول، وفرضك مقبول؛ وقد زوّجناها إيّاك وسلمّناها لك؛ هاتوا خبيصكم.

لسلم بن قتيبة قال ابن عائشة: زوّج سلم بن قتيبة ابنته من يعقوب بن الفضل فقال: الحمد للّه، قد ملكت باسم اللّه.

للمأمون حضر المأمون إملاكاً وهو أمير، فسأاله بعض من حضر أن يخطب، فقال: المحمود اللّه والمصطفى رسول اللّه، وخير ما عمل به كتاب اللّه؛ قال اللّه تعالى: "وأنكحوا الأيامى منكم والصّالحين من عبادكم وإمائكم" ولم يكن في المناكحة آيةٌ منزلّة ولا سنةٌ متبّعةٌ إلا ما جعل اللّه في ذلك من تألف البعيد وبرّ القريب، وليسلرع إليها الموّفق ويبادر إليها العاقل اللّبيب وفلانٌ من قد عرفتموه في نسب لم تجهلوه خطب إليكم فلانة فتاتكم وقد بذل لها من الصّداق كذا، فشفّعوا شافعنا وأنكحوا خاطبنا، وقولوا خيراً تحمدوا عليه

وتؤجروا؛ أقول قولي هذا، وأستغفر اللّه لي ولكم.

وصايا الأولياء للنساء عند الهداء

لعامر بن الظرب العتبيّ قال: حدّثنا إبراهيم العامريّ قال: زوّج عامر بن الظّرب ابنته من ابن أخيه، فلما أراد تحويلها قال لأمّها: مري ابنتك ألاّ تنزل مفازةً إلا ومعها ماءٌ فإنه للأعلى جلاءٌ وللأسفل نقاء؛ ولا تكثر مضاجعته، فإنه إذا ملّ البدن ملّ القلب؛ ولا تمنعه شهوته، فإن الحظوة في الموافقة. فلم تلبث إلا شهراً حتى جاءته مشجوجةً؛ فقال لابن أخيه: يا بنيّ ارفع عصاك عن بكرتك، فإن كانت نفرت من غير أن تنفّر فذلك الداء الذي ليس له دواء، وإن لم يكن بينكما وفاقٌ، ففراق الخلع أحسن من الطلاق؛ ولن تترك مالك وأهلك. فردّ عليه صداقه وخلعها؛ فهو أوّل من خلع من العرب.

وصية الفرافصة الكلبي لابنته، ومثله للزبرقان قال الفرافصة الكلبيّ لابنته حين جهّزها إلى عثمان رضي اللّه عنه: يا بنيّة إنك تقدمين على نساء قريشٍ وهنّ أقدر على الطّيب منك، فلا تغلبي على خصلتين: الكحل والماء، تطهّري حتى يكون ريحك ريح شنّ أصابه المطر.

كان الزّبرقان بن بدر إذا زوّج ابنةً له دنا من خدرها وقال: أتسمعين لا أعرّفنّ ما طلبت، كوني له أمةً يكن لك عبداً.

امرأة لابنتها أبو الحسن: قالت امرأةٌ لابنتها عند هدائها: اقلعي زجّ رمحه فإن أقرّ فاقلعي سنانه، فإن أقرّ فاكسري العظام بسيفه، فإن أقرّ فاقطعي اللّحم على ترسه، فإن أقرّ فضعي الإكاف على ظهره فإنما هو حمار.

وصية أبو الأسود الدؤلي لابنته قال أبو الأسود لابنته: إيّاك والغيرة فإنها مفتاح الطّلاق، وعليك بالزينة، وأزين الزينة الكحل؛ وعليك بالطّيب، وأطيب الطّيب إسباغ الوضوء؛ وكوني كما قلت لأمك في بعض الأحايين:

خذي العفو مني تستديمي مـودّتـي

 

ولا تنطقي في سورتي حي أغضب

فإني وجدت الحبّ في الصدر والأذى

 

إذا اجتمعتا لم يلبث الحـبّ يذهـب