الجزء الأول - أموال بني النضير

أموال بني النضير

قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني النضير من يهود، ومعه أبو بكر وعمر وأسيد بن حضير. فاستعانهم في دية رجلين من بني كلاب ابن ربيعة موادعين له كان عمرو بن أمية الضمري قتلهما. فهموا بأن يلقوا عليه رحا"، فانصرف عنهم وبعث إليهم يأمرهم بالجلاء عن بلده، إذ كان منهم ماكان من الغدر والنكث. فأبوا ذلك وأذنوا بالمحاربة. فزحف إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فحاصرهم خمس عشرة ليلة، ثم صالحوه على أن يخرجوا من بلده ولهم ماحملت الإبل إلا الحلقة والآلة، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم أرضهم ونخلهم والحلقة وسائر السلاح، والحلقة الدروع. فكانت أموال بني النضير خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يزرع تحت النخل في أرضهم فيدخل من ذلك قوت أهله وأزواجه سنة، ومافضل جعله في الكراع والسلاح. وأقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم من أرض بني النضير أبا بكر وعبد الرحمن بن عوف وأبا دجانة سماك بن خرشة الساعدي وغيرهم. وكان أمر بني النضير في سنة أربع من الهجرة.

قال الواقدي: وكان مخيربق أحد بني النضير حبرا" عالما"، فآمن برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل ماله له، وهو سبعة حوائط. فجعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة. وهي الميثب والصافية والدلال وحنى وبرقة والأعواف ومشربة أم إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي مارية القبطية، حدثنا القاسم بن سلام قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: أخبرنا الليث بن سعد عن عقيل، عن الزهري، أن وقيعة بني النضير من يهود كانت على ستة أشهر من يوم أحد، فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلمحتى نزلوا على الجلاء وعلى أن لهم ما أقلت الإبل من الأمتعة إل الحلقة، فأنزل الله فيهم "سبح الله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم. هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب، إلى قوله: وليخزى الفاسقين".

وحدثنا الحسين بن الأسود قال: حدثنا يحيى بن آدم عن أبي زائدة،  عن محمد بن إسحاق في قوله "وما أفاء الله على رسوله منهم" قال: من بني النضير "فما أو جفتم عليه من خيل ولا ركاب، ولكن الله يسلط رسله على من يشاء" قال: أعلمهم أنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصة دون الناس. فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم في المهاجرين، إلا أن سهل بن حنيف وأبا دجانة ذكر فقرا" فأعطاهما. قال: وأما قوله "ماأفآء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول" إلى آخر الآية قال: هذا قسم آخر بين المسلمين على ما وصفه الله.

وحدثني محمد بن حاتم السمين قال: حدثنا الحجاج بن محمد عن بن جريج عن موسى ابن عقبة عن نافع، عن ابن عمر قال: أحرق رسول الله صلى الله عليه وسلم نخل بني نضير وقطع. وفي ذلك يقول حسان بن ثابت:

لهان على سراة بني لؤي

 

حريق بالبويرة مستطير

قال ابن جريج: وفي ذلك "ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزى الفاسقين" اللينة النخلة.

وحدثنا أبو عبيد قال: حدثنا حجاج عن ابن جريج عن موسى عن نافع بن عمر بمثله.

وقال أبو عمرو الشيباني الزاوية وغيره من الرواة: إن هذا الشعر لإبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وإنما هو:

لعز على سراة بني لؤي

 

حريق بالبويرة مستطير

ويروي بالبويلة. فأجابه حسان بن ثابت فقال:

أدام الله ذالـكـم حـريقـا"

 

وضرم في طوائفها السعير

هم أوتوا الكتاب فضيعـوه

 

فهم عمي عن التوراة بور

وحدثني عمرو بن محمد الناقد قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن معمر عن الزهرىء عن مالك بن أوس بن الحدثان قال: قال عمر بن الخطاب: كانت أموال بني النضير مما أفآء الله على رسوله، ولم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، فكانت له خالصة"، فكان ينفق منها على أهله نفقة سنة، وما بقي جعله في الكراع عدة في سبيل الله.

حدثنا هشام بن عمار الدمشقي قال: حدثنا حاتم بن اسماعيل قال: حدثنا أسامة ابن زيد عن ابن شهاب، عن مالك بن أوس بن الحدثان أنه أخبره أن عمر بن الخطاب قال: كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث صفايا: مال بني النضير وخيبر وفدك. فأما أموال بني النضير فكانت حبسا" لنوائبه، وأما فدك فكانت لأبناء السبيل، وأما خيبر فجزأها ثلاثة أجزاء: فقسم جزئين منها بين المسلمين، وحبس جزأ لنفسه ونفقه أهله، فما فضل من نفقتهم إلى فقراء المهاجرين.

وحدثنا الحسين بن الأسود قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا سفيان، عن الزهري قال: كانت أموال بني النضير مما أفآء الله على رسوله، ولم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب. فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصة" فقسمها بين المهاجرين، ولم يعط أحدا" من الأنصار منها شيئا" إلا رجلين كانا فقيرين: سماك بن خرشة أبا دجانة وسهل بن حنيف.

وحدثنا الحسين قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن الكلبي قال: لما ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم على أموال بني النضير، وكانوا أول من أجلى، قال الله تباركوتعالى: "هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر" والحشر الجلاء، فكانت ممالم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصال: ليست لإخوانكم من المهاجرين أموال، فإن شئتم قسمت هذه وأموالكم بينكم وبينهم جميعا"، وإن شئتم أمسكتم أموالكم وقسمت هذه فيهم خاصة. فقالوا: بل اقسم هذه فيهم واقسم لهم من أموالنا ما شئت. فنزلت "ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة" فقال أبو بكر: جزاكم الله يا معشر الأنصار خيرا"، فو الله ما مثلنا ومثلكم إل كما قال الغنوى:

جزى الله عنا جعفر حين أزلقت

 

بنا نعلنا في الواطئتين فزلـت

أبوا أن يملونا ولـو أن أمـنـا

 

نلاقي الذي يلقون منا لمـلـت

فذو المال موفور وكل معصب

 

إلى حجرات أدفأت وأظـلـت

حدثنا الحسين قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: أخبرنا قيس بن الربي عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: أقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير بن العوام أرضا" من أرض بني النضير ذات نخل.

وحدثنا الحسين قال: حدثنا يحيى قال: حدثنا يزيد بن عبد العزيز عن هشام ابن عروة،  عن أبيه قال: أقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير من أموال بني النضير وأقطع الزبير.

وحدثني محمد بن سعد كاتب الواقدي قال: حدثني أنس بن عياض وعبد الله ابن نمير قالا: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم الزبير أقطع الزبير أرضا" من أموال بني النضير فيها نخل، وأن أبا بكر أقطع الزبير الجرف. قال أنس في حديثه: أرضا" مواتا" وقال عبد الله بن نمير في حديثه: وإن عمر أقطع الزبير العقيق أجمع.