الجزء الأول - خيبر

خيبر

قالوا: غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر في سنة سبع، فطاوله أهلها وما كثوه، وقاتلوا المسلمين، فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قريبا" من شهر، ثم إنهم صالحوه على حقن دمائهم وترك الذرية على أن يجلوا ويخلوا بين المسلمين وبين الأرض والصفراء والبيضاء والبزة، إلا ما كان منها على الأجساد، وأن لايكتموه شيئا". قم قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لنا بالعمارة والقيام على النخل علما" فأقرنا. فأقرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعاملهم على الشطر من الثمر والحب، وقال: أقركم ما أقركم الله. فلما كانت خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ظهر فيهم الوباء وتعبثوا بالمسلمين، فأجلاهم عمر، وقسم خيبر بين من كان له فيها سهم من المسلمين.

حدثني الحسين بن الأسود قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا زياد بن عبد الله ابن طفيل، عن محمد ين إسحاق قال: سألت ابن شهاب عن خيبر فأخبرني أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم افتتحها عنوة بعد القتال، وكانت مما أفآء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم، فخمسها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقسمها بين المسلمين، ونزل من نزل من أهلها على الجلاء، فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المعاملة ففعلوا.

وحدثني عبد الأعلى بن حماد النرسي قال: حدثنا حماد بن سلمة عن عبيد بن عمر عن نافع،عن ابن عمر اقل: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر فقاتلهم حتى ألجأهم إلى قصرهم وغلبهم على الأرض والنخل ، وصالحهم على أن يحقن دماءهم ويجلوا، ولهم ما حملت ركابهم ولرسول الله صلى الله عليه وسلم الصفراء والبيضاء والحلقة. واشترط عليهم أن لا يكتموا ولا يغيبوا شيئا"، فإن فعلوا فلا ذمة لهم ولا عهد. فغيبوا مسكا فيه مال وحلى لحى بن أخطب، وكان احتمله معه إلى خيبر حين أجليت بنو النضير. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعية بن عمرو: مافعل مسك حيى الذي جاء به من قبل بني النضير؟ قال: أذهبته الحروب والنفقات. قال: العهد قريب والمال كثير. وقد كان حيى قتل قبل ذلك. فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم سعية إلى الزبير فمسه بعذاب. فقال: رأيت حييا" يطوف في خربة ها هنا. فذهبوا إلى الخربة ففتشوها فوجدوا المسك. فقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ابني أبي الحقيق، وأحدهما زوج صفية بنت حيي بن أخطب، وسبى نساءهم وذراريهم، وقسم أموالهم للنكث الذي نكثوا. ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فلمان يقومون بها، وكانوا لا يفرغون للقيام عليها بأنفسهم، فأعطاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، على أن لهم الشطر من كل زرع ونخل وشيء مابدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فكان عبد الله بن رواحة بأتيهم في كل عام فيخرصها عليهم ثم يضمنهم الشطر. فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شدة خرصه، وأرادوا أن ي رشوه فقال: يا أعداء الله! أتطعمونني السحت؟ والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إلي وإنكم لأبغض إلي من عدتكم من القرود والخنازير، ولن يحملني بغض لكم وحبي إياه على أن لا أعدل عليكم. فقالوا: بهذا قامت السموات والأرض.

قال: ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعين صفية بنت حيى خضرة. فقال: ياصفية! فقالت: كان رأسي في حجر ابن أبي الحقيق وأنا نائمة، فرأيت كأن قمرا" وقع في حجري. فأخبرته بذلك فلطمني وقال: أتتمنين ملك يثرب؟ قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أبغض الناس إلي، قتل زوجي وأبي وأخي. فما زال يعتذر ويقول: إن أباك ألب علي العرب وفعل وفعل حتى ذهب ذلك من نفسي.

قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي كل ارمأة من نسائه ثمانين وسقا" من ثمر كل ، عام وعشرين وسقا" من شعير من خيبر.

قال نافع: فلما كان عمر بن الخطاب عاثوا في المسلمين وغشوهم، وألقوا ابن عمر من فوق بيت وفدغوا يديه، فقسمها عمر رضي الله عنه بين المسلمين ممن كان شهد خيبر من أهل الحديبيه.

وحدثنا الحسين بن الأسود حدثنا يحيى بن آدم عن زياد البكائي عن محمد ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال: حصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر في حصنيهم الوطيح وسلالهم، فلما أيقنوا بالتهلكة سألوه أن يسيرهم ويحقن دمائهم ففعل. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حاز الأموال كلها: الشق والنطاة والسكتيبة، وجميع حصونهم إلا ما كان في هذين الحصنين.

حدثنا الحسين بن الأسود قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا عبد السلام ابن حرب عن شعبة عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى في قوله تعالى "وأثابهم فتحا" قريبا"" قال: خيبر، "وأخرى لم تقدروا عليها" فارس الروم.

حدثنا عمرو الناقد حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار أن النبي صلى الله عليه وسلم قسم خيبر على ستة وثلاثين سهما"، وجعل كل سهم مائة سهم، فعزل نصفها لنوائبه وما ينزل به، وقسم النصف الباقي بين المسلمين. فكان سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قسم الشق والنطاة وما حيز معهما. وكان فيما وقف الكتيبة وسلالم. فلما صارت الأموال في يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له من العمال من يكفيه عمل الأرض، فدفعها إلى اليهود يعملونها على نصف ما خرج منها، فلم تزل على ذلك حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، فلما كان عمرو كثر المال في أيدي المسلمين وقووا على الأرض أجلى اليهود إلى الشام وقسم الأموال بين المسلمين.

حدثني بكر بن الهيثم قال: حدثنا عبد الرزاق عن معمر،  عن الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فتح خيبر كان سهم الخمس منها الكتيبة، وكان الشق والنطاة وسلالم والوطيح للمسلمين، فأقرها في يد يهود على اشطر، فكان ما أخرج الله منها للمسلمين يقسم بينهم، حتى كان عمر فقسم رقبة الأرض بينهم على سهامهم.

وحدثنا أبو عبيد قال: حدثنا علي بن معبد عن أبي المليح، عن ميمون بن مهران قال: حصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر ما بين عشرين ليلة إلى ثلاثين ليلة.

حدثنا الحسين بن الأسود قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: أخبرنا حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم خيبر على ستة وثلاثين سهما": لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر سهما" لما ينوبه من الحقوق وأمر الناس والوفود، وقسم ثمانية عشر سهما" كل سهم لمائة رجل.

وحدثنا الحن قال: حدثنا يحيى بن آدم عن عبد السلام بن حرب، عن يحيى بن سعيد قال: سمعت بشير بن يسار يقول: قسمت سهمان خيبر على ستة وثلاثين سهما"، جمع كل سهم مائة سهم. فكان من ذلك للمسلمين ثمانية عشر سهما" اقتسموها بينهم، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم من الناس والوفود وما نابه.

حدثنا عمرو الناقد والحسين بن الأسود قالا: حدثنا وكيع بن الجراح قال: حدثني العمري عن نافع، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث ابن رواحة إلى خيبر، فخرص عليهم النخل، ثم خيرهم أن يأخذوا أو يردوا. فقالوا: هذا الحق وبه قامت السموات والأرض.

وحدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل قال: حدثنا الحجاج بن محمد عن ابن جريج، عن رجل من أهل المدينة أن النبي صلى الله عليه وسلم صالح بني أبي الحقيق على أن لايكتموا كنزا". فكتموه فاستحل دماءهم.

حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا بن معبد عن أبي المليح، عن ميمون بن مهران أن أهل خيبر أخذوا الأمان على أنفسهم وذراريهم على أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم كل شيء في الحصن. قال: وكان في الحصن أهل بيت فيهم شدة على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال لهم قد عرفت عداوتكم لله ولرسوله، ولن يمنعني ذلك من أن أعطيكم ما أعطيت أصحابكم، وقد أعطيتموني أنكم إن كتمتم شيئا" حلت لي دماؤكم. ما فعلت آنيتكم؟ قالوا: استهلكناها في حربنا. قال: فأمر أصحابه فأتو المكان الذي هي فيه فاستثاروها ثم ضرب أعناقهم.

حدثنا عمرو الناقد ومحمد بن الصباح قالا: حدثنا هشيم قال: أخبرنا ابن أبي ليلى عن الحكم بن عتيبة عن مقسم، عن ابن عباس قال: دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر بأرضها ونخلها إلى أهلها مقاسمة على النصف.

حدثنا محمد بن الصباح قال: حدثنا هشيم بن بشير قال: أخبرنا داود بن أبي هند، عن الشعبي قال: دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر إلى أهلها بالنصف، وبعث عبد الله بن رواحة لخرص التمر أو قال النخل. فخرص عليهم وجعل ذلك نصفين، فخيرهم أن يأخذوا أيهما شاؤا. فقالوا: بهذا قامت السموات والأرض.

وحدثنا بعض أصحاب أبي يوسف قال: حدثنا أبو يوسف عن مسلم الأعور، عن أنس أن عبد الله بن رواحة قال لأهل خيبر: إن شئتم خرصت وخيرتكم، وإن شئتم خرصتم وخيرتموني. فقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض.

وحدثنا القاسم بن سلام قال: حدثنا عبد الله بن صالح المصري عن ليث ابن سعد عن يونس بن زيد، عن الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم فتح خيبر عنوة بعد قتال، فخمسها وقسم أربعة أخماسها بين المسلمين.

وحدثنا عبد الأعلى بن حماد النرسي قال: قرأت على مالك بن أنس، عن ابن شهاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لاجتمع دينان في جزيرة العرب. ففحص عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن ذلك حتى أتاه الثلج واليقين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يجتمع دينان في جزيرة العرب فأجلى يهود خيبر.

حدثني الوليد بن صالح عن الواقدي، عن أشياخه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أطعم من سهمه بخيبر طعما"، فجعل لكل أرملة من نساءه ثمانين وسقا" من تمر وعشرين وسقا" من شعير، وأطعم عمه العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه مائتي وسق، وأطعم أبا بكر وعمر والحسن والحسين وغيرهم، وأطعم بني المطلب ابن عبد مناف أو ساقا" معلومة وكتب لهم بذلك كتابا" ثابتا.

وحدثني الوليد عن الواقدي عن أفلح بن حميد،  عن أبيه قال: ولاني عمر بن عبد العزيز الكتيبة، فكنا نعطي ورثة المطعمين، وكانوا محصين عندنا.

وحدثنا محمد بن حاتم السمين قال: حدثنا جرير بن عبد الحميد عن ليث، عن نافع قال: أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر أهلها بالشطر، فكانت في أيديهم حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدرا" من خلافة عمر، ثم إن عبد الله بن عمر أتاهم في حاجة فبيتوه، فأخرجهم منها وقسمها بين من حضرها من المسلمين ، وجعل لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم فيها نصيبا" وقال: آيتكن شاءت أخذت الثمرة وآيتكن شاءت أخذت الضيعة فكانت لها ولورثتها.

وحدثني الحسين بن الأسود قال: حدثنا أبو بكر بن عياش عن الكلبي عن أب يصالح، عن ابن عباس قال: قسمت خيبر على ألف وخمس مائة سهم وثمانين سهما"، وكانوا ألفا" وخمس مائة وثمانين رجلا" الذين شهدوا الحدييية منهم ألف وخمس مائة وأربعون، والذين كانوا مع جعفر بن أبي طالب بأرض الحبسة أربعون رجلا".

حدثنا الحسين بن الأسود قال: حدثني يحيى بن آدم قال: حدثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: أقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير أرضا" بخيبر فيها نخل وشجر.

قالوا: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل فدك، منصرفه من خيبر، محيصة بن مسعود الأنصاري بدعوهم إلى الإسلام، ورئيسهم رجل منهم يقال له يوشع بن نون اليهودي. فصالحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على نصف الأرض بتربتها. فقبل ذلك منهم. فكان نصف فدك خالصا" لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب. وكان يصرف ما يأتيه منها إلى أبناء السبيل. ولم يزل أهلها بها إلى أن استخلف عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأجلى يهود الحجاز. فوجه أبا الهيثم مالك بن التيهان، ويقال النيهان، وسهل بن أبي حيثمة وزيد بن ثابت الأنصاريين فقوموا نصف تربتها بقيمة عدل، فدفعها إلى اليهود وأجلاهم إلى الشام.

حدثنا سعيد بن سليمان عن الليث بن سعيد، عن يحيى بن سعيد أن أهل فد صالحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على نصف أرضهم ونخلهم. فلما أجلاهم عمر بعث من أقام لهم حظهم من النخل والأرض فأداه إليهم.

حدثني بكر بن الهيثم قال: حدثنا عبد الرزاق عن معمر، عن الزهري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أعطى أهل فدك قيمة نصف أرضهم ونخلهم.

حدثنا الحسين بن الأسود قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا ابن أبي زائدة عن محمد بن اسحاق، عن الزهري وعبد الله بن أبي بكر وبعض ولد محمد بن مسلمة قالوا: بقيت بقية من أهل خيبر تصحنوا وسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحقن دماءهم ويسيرهم، فسمع بذلك أهل فدك فنزلوا على مثل ذلك، وكانت فدك لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة"، لأنه لم يوجف المسلمون عليها بخيل ولا ركاب.

وحدثنا الحسين عن يحيى بن آدم عن زياد البكائي عن محمد بن اسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر بنحوه، وزاد فيه: وكان في من مشى بينهم محيصه ابن مسعود.

وحدثنا الحسين قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثني إبراهيم بن حميد عن أسامة بن زيد عن ابن شهاب عن مالك بن أوس بن الحدثان، عن عمر رضي الله عنه قال: كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث صفايا. فكانت أرض بني النضير حبسا" وكانت لنوائبه، وجزأ خيبر على ثلاثة أجزاء، وكانت فدك لأبناء السبيل.

حدثنا عبد الله بن صالح العجلي قال: حدثنا صفوان بن عيسى عن أسامة ابن زيد عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أرسلن عثمان بن عفان إلى أبي بكر يسألنه موارثيهن من سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر وفد. فقالت لهن عائشة: أما تتقين الله! أما سمعتن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا نورث. ما تركنا صدقة. إنما هذا المال لآل محمد لنائبتهم وضيفهم، فإذا من فهو إلى والي الأمر بعدي. قال: فأمسكن.

حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي، حدثنا صفوان بن عيسى الزهري عن أسامة عن ابن شهاب عن عروة بمثله.

حدثني ابراهيم بن محمد عن عرعرة عن عبد الرزاق عن معمر، عن الكلبي أن بني أمية اصطفوا فدك، وغيروا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، فلما ولي عمر بن عبد العزير رضي الله عنه ردها إلى ما كانت عليه. وحدثنا عبد الله بن ميمون المكتب قال: أخبرنا الفضيل بن عياض عن مالك ابن جعونه، عن أبيه قال: قالت فاطمة لأبي بكر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل لي فدك فاعطني إياها. وشهد لها علي بن أبي طالب. فسالها شاهدا" آخر، فشهدت لها أم أيمن. فقال: قد علمت يابنت رسول الله أنه لا تجوز إلا شهادة رجلين أو رجل وامرأتين. فانصرفت.

وحدثني روح الكرابيسي قال: حدثنا زيد بن الحباب قال: أخبرنا خالد ابن طهمان، عن رجل حسبه روح جعفر بن محمد أن فاطمة رضي الله عنها قالت لأبي بكر الصدبق رضي الله عنه: أعطني فدك، فقد جعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم لي. فسألها البينة، فجاءت بأم أيمن ورباح مولي النبي صلى الله عليه وسلم فشهدا لها بذلك. فقال: إن هذا الأمر لا تجوز فيه إلا شهادة رجل وامرأتين.

حدثنا ابن عائشة التيمي قال: حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح باذام، عن أم هاني أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أتت أبا بكر الصديق رضي الله عنه فقالت له: من يرثك إذ مت؟ قال: ولدي وأهلي قالت: فما بالك ورثت رسول الله صلى الله عليه وسلم دوننا؟ فقال: يابنت رسول الله! والله ما ورثت أباك ذهبا" ولا فضة ولا كذا ولا كذا. فقالت: سهمنا بخيبر وصدقتنا فدك. فقال: يابنت رسول الله! سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنما هي طعمة أطعمنيها الله حياتي، فإذا مت فهي بين المسلمين.

حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جرير بن عبد الحميد، عن مغيرة أن عمر بن عبد العزيز جمع بني أمية فقال: إن فدك كانت للنبي صلى الله عليه وسلم. فكان ينفق منها ويأكل ويعود على فقراء بني هاشم ويزوج أمهم. وإن فاطمة سألته أن يهبها لها فأبى. فلما قبض عمل أبو بكر فيها كعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ولي عمر فعمل فيها بمثل ذلك. وإني أشهدكم أني قد رددتها إلى ما كانت عليه.

حدثنا سريج بن يونس قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب، عن الزهري في قول تعالى"فما أوجفتم عليه من خيل ولاركاب" قال: هذه قرى عربية لرسول الله صلى الله عليه وسلم فدك وكذا وكذا.

حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا سعيد بن عفير، عن مالك بن أنس-قال أبو عبيد: لاأدري ذكره عن الزهي أم لا- قال: أجلى عمر يهود خيبر، فخرجوا منها. فأما يهود فدك فكان لهم نصف الثمرة ونصف الأرض، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صالحهم على ذلك. فأقام لهم عمر نصف الثمرة ونصف الأرض من ذهب وورق وأقتاب ثم أجلاهم.

وحدثني عمرو النقاد، قال حدثني الحجاج بن أبي منيع الرصافي عن أبيه، عن أبي برقان أن عمر بن عبد العزيز لما ولي الخلافة خطب فقال: إن فدك كانت مما أفاء الله على رسوله ولم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب. فسألته إياها فاطمة رحمها الله تعالى فقال: ما كان لك أن تسأليني وما كان لي أن أعطيك. فكان يضع ما يأتيه منها في أبناء السبيل. ثم ولي أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، فوضعوا ذلك بحيث وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم ولي معاوية فأقطعها مروان بن الحكم، فوهبها مروان لأبي ولعبد الملك فصارت لي وللوليد وسليمان. فلما ولي الوليد سألته حصته منها فوهبها لي، وسألت سليمان حصته منها فوهبها لي، فاستجمعهتا. وما كان لي من مال أحب إلي منها، فاشهدوا أني قد رددتها إلى ما كانت عليه.

ولما كانت سنة عشر ومائتين أمر أمير المؤمنين المأمون عبد الله بن هارون الرشيد فدفعها إلى ولد فاطمة، وكتب بذلك إلى قثم بن جعفر عامله على المدينة:  وحدثنا عبد الله بن ميمون المكتب قال: أخبرنا الفضيل بن عياض عن مالك ابن جعونه، عن أبيه قال: قالت فاطمة لأبي بكر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل لي فدك فاعطني إياها. وشهد لها علي بن أبي طالب. فسالها شاهدا" آخر، فشهدت لها أم أيمن. فقال: قد علمت يابنت رسول الله أنه لا تجوز إلا شهادة رجلين أو رجل وامرأتين. فانصرفت.

وحدثني روح الكرابيسي قال: حدثنا زيد بن الحباب قال: أخبرنا خالد ابن طهمان، عن رجل حسبه روح جعفر بن محمد أن فاطمة رضي الله عنها قالت لأبي بكر الصدبق رضي الله عنه: أعطني فدك، فقد جعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم لي. فسألها البينة، فجاءت بأم أيمن ورباح مولي النبي صلى الله عليه وسلم فشهدا لها بذلك. فقال: إن هذا الأمر لا تجوز فيه إلا شهادة رجل وامرأتين.

حدثنا ابن عائشة التيمي قال: حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح باذام، عن أم هاني أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أتت أبا بكر الصديق رضي الله عنه فقالت له: من يرثك إذ مت؟ قال: ولدي وأهلي قالت: فما بالك ورثت رسول الله صلى الله عليه وسلم دوننا؟ فقال: يابنت رسول الله! والله ما ورثت أباك ذهبا" ولا فضة ولا كذا ولا كذا. فقالت: سهمنا بخيبر وصدقتنا فدك. فقال: يابنت رسول الله! سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنما هي طعمة أطعمنيها الله حياتي، فإذا مت فهي بين المسلمين.

حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جرير بن عبد الحميد، عن مغيرة أن عمر بن عبد العزيز جمع بني أمية فقال: إن فدك كانت للنبي صلى الله عليه وسلم. فكان ينفق منها ويأكل ويعود على فقراء بني هاشم ويزوج أمهم. وإن فاطمة سألته أن يهبها لها فأبى. فلما قبض عمل أبو بكر فيها كعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ولي عمر فعمل فيها بمثل ذلك. وإني أشهدكم أني قد رددتها إلى ما كانت عليه.

حدثنا سريج بن يونس قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب، عن الزهري في قول تعالى"فما أوجفتم عليه من خيل ولاركاب" قال: هذه قرى عربية لرسول الله صلى الله عليه وسلم فدك وكذا وكذا.

حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا سعيد بن عفير، عن مالك بن أنس-قال أبو عبيد: لاأدري ذكره عن الزهي أم لا- قال: أجلى عمر يهود خيبر، فخرجوا منها. فأما يهود فدك فكان لهم نصف الثمرة ونصف الأرض، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صالحهم على ذلك. فأقام لهم عمر نصف الثمرة ونصف الأرض من ذهب وورق وأقتاب ثم أجلاهم.

وحدثني عمرو النقاد، قال حدثني الحجاج بن أبي منيع الرصافي عن أبيه، عن أبي برقان أن عمر بن عبد العزيز لما ولي الخلافة خطب فقال: إن فدك كانت مما أفاء الله على رسوله ولم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب. فسألته إياها فاطمة رحمها الله تعالى فقال: ما كان لك أن تسأليني وما كان لي أن أعطيك. فكان يضع ما يأتيه منها في أبناء السبيل. ثم ولي أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، فوضعوا ذلك بحيث وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم ولي معاوية فأقطعها مروان بن الحكم، فوهبها مروان لأبي ولعبد الملك فصارت لي وللوليد وسليمان. فلما ولي الوليد سألته حصته منها فوهبها لي، وسألت سليمان حصته منها فوهبها لي، فاستجمعهتا. وما كان لي من مال أحب إلي منها، فاشهدوا أني قد رددتها إلى ما كانت عليه.

ولما كانت سنة عشر ومائتين أمر أمير المؤمنين المأمون عبد الله بن هارون الرشيد فدفعها إلى ولد فاطمة، وكتب بذلك إلى قثم بن جعفر عامله على المدينة:  "أما بعد فإن أمير المؤمنين، بمكانة من دين الله وخلافة رسوله صلى الله عليه وسلم والقرابة به، أولى من استن سنته ونفذ أمره وسلم لمن منحه منحة وتصدق عليه بصدقة منحته وصدقته، وبالله توفيق أمير المؤمنين وعصمته، وإليه، في العمل بما يقر به إليه، رغبته. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فدك وتصدق بها عليها، وكان ذلك أمرا" ظتهرا" معروفا" لا اختلاف فيه بين آل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم تزل تدعى منه ما هو أولى به من صدق عليه، فرأى أمير المؤمنين أن يردها إلى ورثتها ويسلمها إليهم، تقربا" إلى الله تعالى بإقامة حقه وعدله وإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتنفيذ أمره وصدقته. فأمر بإثبات ذلك في دواوينه والكتاب به إلى عماله. فلئن كان ينادي في كل موسم-بعد أن قبض الله نبيه صلى الله عليه وسلم- أن يذكر كل من كانت له صدقة أو هبة أو عدة ذلك، فيقبل قوله وينفذ عدته، إن فاطمة رضي الله عنها لأولى بأن يصدق قولها فيما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم لها. وقد كتب أمير المؤمنين إلى المبارك الطبري مولى أمير المؤمنين بأمره يرد فدك على ورثة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بحدودها وجميع حقوقها المنسوبة إليها، وما فيها من الرقيق والغلات وغير ذلك، وتسليمها إلى محمد بن يحيى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، لتولية امير المؤمنين إياها القيام بها لأهلها. فأعلم ذلك من رأي أمير المؤمنين، وما ألهمه الله من طاعته ووفقه له من التقرب إليه وإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعلمه من قبلك، وعامل محمد بن يحيى ومحمد عبد الله بما كنت تعامل به المبارك الطبري وأعنهما على ما فيه عمارتها ومصلحتها ووفور غلاتها إن شاء الله والسلام.

وكتب يوم الأربعاء لليلتين خلتا من ذي القعدة سنة عشر ومائتين.

فلما استخلف المتوكل على الله رحمه الله أمر يردها إلى ما كانت عليه قبل المأمون رحمه الله.