الجزء الأول - الطائف

الطائف

قال: لما هزمت هوازن يوم حنين وقتل دريد بن الصمة أتى فلهم أوطاس. فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عامر الأشعري فقتل. فقام بأمر الناس أبو موسى عبد الله بن قيس الأشعري. وأقبل المسلمون إلى أوطاس، فلما رأى ذلك مالك بن عوف بن سعد، أحد بنى دهمان بن نصر ابن معاوية بن بكر بن هوازن - وكان رئيس هوازن يومئذ - هرب إلى الطائف فوجد أهلها مستعدين للحصار، قد رموا حصنهم وجمعوا فيه الميرة. فأقام بها، وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسلمين حتى نزل الطائف، فرمتهم ثقيف بالحجارة والنبل، ونصب رسول الله صلى الله عليه وسلم منجنيقاً على حصنهم، وكانت مع المسلمين دبابة من جلود البقر، فألقت عليها ثقيف سكك الحديد المحماة فأحرقتها، فأصيب من تحتها من المسلمين، وكان حصار رسول الله صلى الله عليه وسلم الطائف خمس عشرة ليلة. وكان غزوه إياها في شوال سنة ثمان.

قالوا: ونزل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رقيق من رقيق أهل الطائف، منهم أبو بكرة بن مسروح مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم واسمه نقيع، ومنهم الأزرق الذي نسبت الأزارقة إليه كان عبداً رومياً حداداً، وهو أبو نافع بن الأزرق الخارجي. فأعتقوا بنزولهم. ويقال إن نافع بن الأزرق الخارجي من بنى حنيفة، وأن الأزرق الذي نزل من الطائف غيره. ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف إلى الجعرانة ليقسم سبى أهل حنين وغنائمهم. فخافت ثقيف أن يعود إليهم. فبعثوا إليه وفدهم فصالحهم على أن يسلموا ويقرهم على ما في أيديهم من أموالهم وركازهم، واشترط عليهم أن لا يربوا ولا يشربوا الخمر، وكانوا أصحاب ربا. وكتب لهم كتاباز قال: وكانت الطائف تسمى وج، فلما حصنت وبنى سورها سميت الطائف.

حدثني المدائني عن أبي اسماعيل الطائفي عن أبيه، عن أشياخ من أهل الطائف قال :كان بمخالف الطائف قوم من اليهود طردوا من اليمن ويثرب ، فأقاموا بها للتجارة ،فوضعت عليهم الجزية، ومن بعضهم ابتاع معاوية أمواله بالطائف .

قالوا : وكانت للعباس بن عبد المطلب رحمه الله أرض بالطائف. وكان الزبيب يحمل منها فينبذ في السقاية للحج، وكانت لعامة قريش أموال بالطائف يأتونها من مكة فيصلحونها، فلما فتحت مكة وأسلم أهلها طمعت ثقيف فيها، حتى إذا فتحت الطائف أقرت في أيدي المكيين، وصارت أرض الطائف مخلافاً من مخاليف مكة.

قالوا: وفي يوم الطائف أصيبت عين أبي سفيان بن حرب.

حدثنا الوليد بن صالح قال: حدثنا الواقدي عن محمد بن عبدالله عن الزهري عن ابن المسيب.

عن عتاب بن أسيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن تخرص أعتاب ثقيف كخرص النخل، ثم تؤخذ زكاتهم زبيباً كما تؤدي زكاة النخل.

قال الواقدي: قات أبو حنيفة لايخرص، ولكنه إذا وضع بلأرض أخذت الصدقة من قليله وكثيره. وقال يعقوب إذا بالأرض فبلغت مكيلته خمسة أوسق ففيه الزكاة العشر أو نصف العشر. وهو قول سفيان بن سعيد الثوري، والوسق ستون صاعاً.

حدثنا شيبان بن أبي شيبه قال: حدثنا حماد بن سلمىقال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن عمر أنه جعل في العسل العشر.

حدثنا داود بن عبد الحميد قاضي القة عن مروان بن شجاع عن خصيف، عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى عماله على مكة والطائف: إن في الخلايا صدقة فخذوها منها قال: والخلايا الكوثر.

وقال الواقدي: وروى عن ابن عمر أنه قال:عمر أنه قال: ليس في الخلايا صدقة.

وقال مالك والثورى: لازكاة في العسل وإن كثر، وهو قول الشافعي.

وقال أبو حنيفة: في قليل العسل وكثيره إذا كان في أرض العشر العشر، وإذا كان في ارض الخراج فلا شيء عليه، لأنه لا يجتمع الزكاة والخراج في رجل.

وقال الواقدي: أخبرني القاسم بن معن ويعقوب، عن أبي حنيفة أنه قال في العسل، يكون في أرض ذمى وهي من أرض العشر، إنه لا عشر عليه، وعلى أرضه الخراج. وإذا كان في أرض تغلبي أخذ منه الخمس. وقول زفر مثل قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: إذا كان العسل في أرض الخراج فلا شيء فيه وإذا كان في أرض العشر ففي كل عشرة أرطال رطل.

وقال محمد بن الحسن: ليس فيما دون أفراق صدقة وهو قول ابن أبي ذئب.

وروى خالد بن عبد الله الطحان، عن ابن أبي ليلى أنه قال: إذا كان في أرض الخراج أو العشر ففي كل عشرة أرطال رطل. وهو قول الحسن بن صالح بن حي.

وحدثني أبو عبيد قال: حدثنا محمد بن كثير عن الأوزاعي، عن الزهري قال: في كل عشرة زقاق زق.

وحدثنا الحسين بن علي بن الأسود قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا عبد الرحمن بن حميد الرقاشي عن جعفر بن نجيح المديني، عن بشر بن عاصم وعثمان بن عبد الله بن أوس أن سفيان بين عبد الله الثقفي كتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان عاملاً له على الطائف، يذكر أن قبله حيطاناً فيها كروم وفيها من الفرسك والرمان وما هو أكثر غلة من الكروم أضعافاً، واستأمره في العشر. قال: فكتب إليه عمر: ليس عليها عشر.

قال يحيى بن آدم: وهو قول سفيان بن سعيد سمعته يقول: ليس فيما أخرجت الأرض صدقة إلا أربعة أشياء: الحنطة والشعير والتمر والزبيب، أذا بلغ كل واحد من ذلك خمسة أوسق.

قال: وقال أبو حنيفة فيما أخرجت أرض العشر العشر ولو دستجة بقل. وهو قول زفر.

وقال مالك وابن أبي ذئب ويعقوب: ليس في البقول وما أشبهها صدقة.

وقالوا: ليس فيما دون خمسة أو سق من الحنطة والشعير والذرة والسلت والزوان والتمر والزبيب والأرز والسمسم والجلبان وأنواع الحبوب التي تكال وتدخر مع العدس واللوبيا والحمص والماش والدخن صدقة، فإذا بلغت خمسة أو سق ففيها صدق. قال الواقدي: وهذا قول ربيعة بن أبي عبد الرحمن.

وقال الزهري: التوابل والقطانى كلها تزكى.

وقال مالك: لاشيء في المثرى، والفرسك وهو الخوخ، ولا في الرمان وسائر أصناف الفواكه الرطبة من صدقة. وهو قول ابن أبي ليلى.

قال أبو يوسف: ليس الصدقة إلا فيما وقع عليه القفيز وجرى عليه الكيل.

وقال أبو الزناد وابن أبي ذئب وابن أبي سبرة: لا شيء في الخضر والفواكه من صدقة، ولكن الصدقة في أثمانها ساعة تباع.

وحدثني عباس بن هشام عن أبيه، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل عثمان بن أبي العاص الثقفي على الطائف.

تبالة وجرش

حدثني بكر بن الهيثم عن عبد الرزاق عن معمر، عن الزهري قال: أسلم أهل تبالة وجرش عن غير قتال. فأقرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما أسلموا عليه، وجعل على كل حالم ممن بهما من أهل الكتاب ديناراً، واشترط عليهم ضيافة المسلمين، وولى أبا سفيان بن حرب جرش.