الجزء الأول - تبوك وأيلة وأذرح ومقنا والجرباء

تبوك وأيلة وأذرح ومقنا والجرباء

قالوا: توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك من أرض الشام، لغزو من انتهى إليه أنه قد تجمع له من الروم وعاملة ولخم وجذام وغيرهم، وذلك في سنة تسع من الهجرة، لم يلق كيداً. فأقام بتبوك أياماً، فصالحه أهلها على الجزية. وأتاه وهو بها يحنه بن رؤبة صاحب أيلة، فصالحه على أن جعل له على كل حالم بأرضه في السنة ديناراً. فبلغ ذلك ثلاث مئة دينار. واشترط عليهم قرى من مر بهم من المسلمين، وكتب لهم كتاباً بأن يحفظوا ويمنعوا.

فحدثني محمد بن سعد قال: حدثنا الواقدي عن خالد بن ربيعة، عن طلحة الأبلى أن عمر بن عبد العزيز كان لا يزداد من أهل أيلة على ثلاث مئة دينار شيئاً. وصالح رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل أذرح على مئة دينار في كل رجب. وصالح أهل الجرباء على الجزية وكتب لهم كتاباً. وصالح أهل منا على ربع عروكهم - والعروك خشب يصطاد عليه - وربع كراعهم وعلى ربع ثمارهم، وكانوا يهوداً، وأخبرني بعض أهل مصر أنه رأى كتابهم بعينه في جلد أحمر دارس الخط فنسخه وأملي على نسخته.

"بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد رسول الله إلى بني حبيبة وأهل مقنا. سلم أنتم. فإنه أنزل على أنكم راجعون إلى قريتكم، فإذا جاءكم كتابي هذا فإنكم آمنون ولكم ذمة الله وذمة رسوله. وإن رسول الله غفر لكم ذنوبكم وكل دم أتبعتم به، لاشريك لكم في قريتكم إلا رسول الله أو رسول رسول الله،وإنه لاظلم عليكم ولا عدوان. وإن رسول الله يجيركم مما يجير منه نفسه، فإن لرسول الله بزتكم ورقيقكم والكراع والحلقة إلا ما عفا عنه رسول الله أو رسول رسول الله. وأن عليكم بعد ذلك ربع ما أخرجت نخيلكم، وربع ما صادت عككم، وربع ما اعتزلت نساؤكم. وإنكم قد برئتم بعد ذلكم ورفعكم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل جزية وسخرة. فإن سمعتم وأطعتم فعلى رسول الله أن يكرم كريمكم ويعفو عن مسيئكم، ومن ائتمر في بني حبيبة وأهل مقنا من المسلمين خيراً فهو خير له،ومن أطلعهم بشر فهو شر له، وليس عليكم أمير إلا من أنفسكم أو من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكتب على بن أبو طالب في سنة تسع.