الجزء الأول - دومة أتجندل

دومة أتجندل

قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي إلى أكيدر بن عبد الملك الكندي ثم السكوني بدومة أتجندل فأخذه أسيراً وقتل أخاه وسلبه قباء ديباج منسوجاً بالذهب، وقدم بأكيدر على النبي صلى الله عليه وسلم، وكتب له ولأهل دومة كتاباً نسخته: "بسم اله الرحمن الرحيم. من محمد رسول الله إلى بني حبيبة وأهل مقنا.

سلم أنتم. فإنه أنزل على أنكم راجعون إلى قريتكم، فإذا جاءكم كتابي هذا فإنكم آمنون، ولكم ذمة الله وذمة رسوله. وإن رسول الله قد غفر لكم ذنوبكم وكل دمٍ أتبعتم به، لا شريك لكم في قريتكم إلا رسول الله أو رسول رسول الله، وإنه لاظلم عليكم ولا عدوان. وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يجيركم مما يجير منه نفسه، فإن لرسول الله بزتكم ورقيقكم والكراع والحلقة إلا ما عفا عنه رسول الله أو رسول رسول الله. وإن عليكم بعد ذلك ربع ما أخرجت نخيلكم، وربع ما صادت عرككم، وربع ما اعتزلت نساؤكم. وإنكم قد برئتم بعد ذلكم ورفعكم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل جزية وسخرة. فإن سمعتم وأطعتم فعلى رسول الله أن يكرم كريمكم ويعفو عن مسيئكم، ومن ائتمر في بنى حبيبة وأهل مقنا من المسلمين خيراً فهو خير له، ومن أطلعهم بشرٍ فهو شرٌ له. وليس عليكم أميرٌ إلا من أنفسكم أو من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكتب علي بن أبو طالب في سنة تسع.

قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي إلى أكيدر بن عبد الملك الكندي ثم السكوني بدونة أتجندل فأخذه أسيراً، وقتل أخاه وسلبه قباء ديباج منسوجاً بالذهب، وقدم بأكيدر على التبي صلى الله عليه وسلم فأسلم، وكتب له ولأهل دومة كتاباً نسخته: "هذا كتاب من محمد رسول الله أكيدر حين أجاب إلى الاسلام وخلع الأنداد والأصنام ولأهل دومة. إن لنا الضاحية من الضحل، والبور، والمعامى، وأغفال الأرض، والحلقة والسلاح، والحافر والحصن، ولكم الصامنة من النخل والمعين من المعمور. لاتعدل سارحتكم، ولا تعد فاردتكم، ولا يحظر عليكم التبات، تقيمون الصلاة لوقتها وتؤتون الزكاة بحقها. عليكم بذلك عهد الله والميثاق ولكم به الصدق والوفاء. شهد الله ومن حضر من المسلمين." الضاحى البارز، والضحل الماء القليل، والبور الأرض التي لم تستخرج ولم تعتمل، والمعامى الأرض المجهولة، والأغفال التي لا آثار فيها، والحلقة الدروع، والحافر الخيل والبرازين والبغال والحمير، والحصن حصنهم، والضامنة النخيل الذي معهم في الحصن، والمعين الماء الظاهر الدائم. وقوله: لا تعدل ماشيتكم أي لانصدقها إلا في مراعيها ومواضعها لا نحشرها، وقوله: لاتعد فاردتكم يقول: لا تضم الفاردة إلى غيرها ثم يصدق الجميع فيجمع بين متفرق.

وحدثني العباس بن هشام الكلبي عن أبيه.

عن جده قال: وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى أكيدر، فقدم به عليه فأسلم، فكتب له كتاباً. فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم منع الصدقة ونقض العهد وخرج من دومة أتجندل فلحق بالحيرة، وابتنى بها بناء سماه دومة بدومة أتجندل. وأسلم حريث بن عبد الملك أخوه على ما في يده فسلم ذلك له. فقال سويد بن شبيب الكلبي:

لا يأمنن قومٌ عثـار جـدودهـم

 

كما زال من خبتٍ ظعائن أكدرا

قال: وتزوج يزيد بن معاوية ابنة حريث أخي أكيدر.

قال العباس: وأخبرني أبي عن عوانة بن الحكم أن أبا بكر كتب إلى خالد ابن الوليد وهو بعين التمر يأمره أن يسير إلى أكيدر. فسار إليه فقتله وفتح دومة. وكان قد خرج منها بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم عاد إليها، فلما قتله خالد مضى إلى الشام.

وقال الواقدي: لما شخص خالد من العراق يريد الشام مر بدومة أتجندل ففتحها وأصاب سبايا، فكان فيمن سبا منها ليلى بنت الجودي الغساني. ويقال إنها أصيبت في حاضر من غسان، أصابتها خيل له. وابنة الجودي هي التي كان عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق هويها وقال فيها:

تذكرت ليلى والسماوة بيننـا

 

وما لابنة الجودي ليلى وماليا

فصارت له فتزوجها، وغلبت عليه حتى أعرض عن من سواها من نسائه. ثم إنها اشتكت شكوى شدسدة، فتغيرت فقلاها، فقيل له: متعها وردها إلى أهلها ز ففعل.

وقال الواقدي: كان النبي صلى الله عليه وسلم غزا دومة أتجندل في سنة خمس فلم يلق كيداً، ووجه خالد بن الوليد إلى أكيدر في شوال سنة تسع بعد إسلام خالد بن الوليد بعشرين شهراً.

وسمعت بعض أهل الحيرة يذكر أن أكيدر وإخوته كانوا ينزلون دومة الحيرة. وكانوا يزوؤون أخوالهم من كلب فيتغربون عندهم. فإنهم لمعهم وقد خرجوا للصيد إذ رفعت لهم مدينةٌ متهدمة لم يبق إلا بعض حيطانها، وكانت مبنيةً بالجندل. فأعادوا بناءها وغرسوا فيها الزيتون وغيره، وسموها دومة الحيرة.

وحدثني عمرو بن محمد الناقد عن عبد الله بن وهب المصري عن يونس الأبلى، عن الزهرى قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد بن المغيرة إلى أهل دومة أتجندل. وكانوا من عباد الكوفة. فاسر أكيدر رأسهم فقاضاه على الجزية.