الجزء الأول - فتح مدينة دمشق وأرضها

فتح مدينة دمشق وأرضها

قالوا: لما فرغ المسلمون من قتال من اجتمع لهم بالمرج أقاموا خمس عشرة ليلة، ثم رجعوا إلى مدينة دمشق لأربع عشرة ليلة بقيت من المحرم سنة أربع عشرة، فأخذوا الغوطة وكنائسها عنوة. وتحصن أهل المدينة وأغلقوا بابها. فنزل خالد بن الوليد على الباب الشرقي في زهاء خمسة آلاف ضمهم إليه أبو عبيده. وقوم يقولون إن خالداً كان أميراً، وإنما أتاه عزله وهم محاصرون دمشق. وسمى الدير الذي نزل عنده خالد دير خالد. ونزل عمرو ابن العاص على باب توما. ونزل شرحبيل على باب الفراديس. ونزل أبو عبيده على باب الجابية. ونزل يزيد بن أبي سفيان على الباب الصغير إلى الباب الذي يعرف بكيسان. وجعل أبو الدر داء عويمر بن عامر الخز رجي على مسلحةٍ ببرزة. وكان الأسقف الذي أقام لخالد النزل في بدأته ربما وقف على السور فدعى له خالد: فإذا أتى سلم عليه وحادثه. فقال له ذات يوم: يا أبا سليمان! إن أمركم مقبلٌ، ولي عليك عدة، فصالحني عن هذه المدينة، فدعى خالد بداوة وقرطاس فكتب: "بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما أعطى خالد بن الوليد أهل دمشق إذا دخلها: أعطاهم أماناً على أنفسهم وأموالهم وكنائسهم وسور مدينتهم لا يهدم ولا يسكن شيء من دورهم. لهم بذلك عهد الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم والخلفاء والمؤمنين لا يعرض لهم إلا بخير إذا أعطوا الجزية".

ثم إن بعض أصحاب الأسقف أتى خالداً في ليلة من الليالي فأعلمه أنها ليلة عيد لأهل المدينة، وأنهم في شغل، وأن الباب الشرقي قد ردم بالحجارة وترك وأشار عليه أن يلتمس سلماً. فأتاه قوم من أهل الدير الذي عند عسكرة بسلمين فرقى جماعة من المسلمين عليهما إلى أعلى السور ونزلوا إلى الباب وليس عليه إلا رجلٌ أو رجلان. فتعاونوا عليه وفتحوه ،وذلك عند طلوع الشمس ، وقد كان أبو عبيد بن الجراح عانى فتح باب الجابية وأصعد جماعة من المسلمين على حائطه، فأنصب مقاتلة الروم إلى ناحيته فقاتلوا المسلمينقتالاً شديداً، ودخلوا منه، فالتقى أبو عبيده وخالد بن الوليد بالمقسلاط، وهو موضع النحاسين بدمشق، وهو البربص الذي ذكره حسان بن ثابت في شعره حين قال:

يسقون من ورد البريص عليهم

 

بردى يصفق بالرحيق السلسل

وقد روى أن الروم أخرجوا ميتاً لهم من باب الجابية ليلاً، وقد أحاط بجنازته المسلمين من فتحه ودخوله إلى رجوع أصحابهم من دفن الميت، وطمعوا في غفلة المسلمين عنهم، وإن المسلمين بدروا بهم فقاتلوهم على الباب أشد قتال وأبرحه حتى فتحوه في وقت طلوع الشمس. فلما رأى السقف أن أبا عبيده قد قارب دخول المدينة بدر إلى خالد فصالحه وفتح له الباب الشرقي. فدخل والأسقف معه ناشراً كتابه الذي كتبه له. فقال بعض المسلمين: والله ما خالد بأمير فكيف يجوز صلحه؟ فقال أبو عبيده: إنه يجيز على المسلمين أدناهم. وأجاز صلحه وأمضاه، ولم يلتفت إلى ما فتح عنوة، فصارت دمشق صلحاً كلها. وكتب أبو عبيدة بذلك إلى عمر وأنفذه، وفتحت أبواب المدينة فالتقى القوم جميعاً.

وفي رواية أبي مخنف وغيره أن خالداً دخل دمشق بقتال، وأن أبا عبيده دخلها بصلح، فالتقيا بالزياتين. والخبر الأول أثبت.

وزعم الهيثم بن عدى أن أهل دمشق صلحوا على أنصاف منازلهم وكنائسهم.

وقال محمد بن سعد: قال أبو عبد الله الواقدي: قرأت كتاب خالد بن الوليد لأهل دمشق فلم أر فيه أنصاف المنازل والكنائس. وقد روى ذلك ولا أدري من أين جاء من رواه. ولكن دمشق لما فتحت لحق بشرٌ كثير من أهلها بهرقل وهو بإنطاكية، فكثرت فضول منازلها فنزلها المسلمون.

وقد روى قوم أن أبا عبيده كان بالباب الشرقي وأن خالداً كان بباب الجابية. وهذا غلط.

قال الواقدي: وكان فتح مدينة دمشق في رجب سنة أربع عشرة. وتاريخ كتاب خالد بصلحها في شهر ربيع الآخر سنة خمس عشرة. وذلك أن خالداً كتب الكتاب بغير تاريخ، فلما اجتمع المسلمون للنهوض إلى من تجمع لهم باليرموك أتى الأسقف خالداً فسأله أن يجدد له كتاباً ويشهد عليه أبا عبيده والمسلمين. ففعل وأثبت في الكتاب أبي عبيده ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة وغيرهم، فأرخه بالوقت الذي جدده.

وحدثني القاسم بن سلام قال: حدثنا أبو مسهر، عن سعيد بن عبد العزيز التنوخي قال: دخل يزيد دمشق من الباب الشرقي صلحاً فالتقيا بالمقسلاط، فأمضيت كلها على الصلح. وحدثني القاسم قال: حدثنا أبو مسهر عن يحيى بن حمزة عن أبي المهلب الصنعائي، عن أبي الأشعث الصنعائي أو أبي عثمان الصنعائي أن أبا عبيده أقام بباب الجابية محاصراً لهم أربعة أشهر.

حدثني أبو عبيد قال: حدثنا نعيم بن حماد عن ضمرة بن ربيعه، عن رجاء بن أبي سلمة قال: خاصم حسان بن مالك عجم أهل دمشق إلى عمر بن عبد العزيز في كنيسة كان رجل من الأمراء أقطعه إياها. فقال عمر: إن كانت من الخمس العشرة الكنيسة التي في عهدهم فلا سبيل لك عليها.

قال ضمرة عن علي بن أبي حملة: خاصمنا عجم أهل دمشق إلى عمر بن عبد العزيز في كنيسة كان فلان قطعها لبني نصر بدمشق، فأخرجنا عمر عنها وردها إلى النصارى. فلما ولى يزيد بن عبد الملك ردها إلى بني نصير.

حدثني أبو عبيد قال: حدثنا هشام بن عمار عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي أنه قال: كانت الجزية بالشام في بدئ الأمر جريباً وديناراً على كل جمجمة. ثم وضعها عمر بن الخطاب على أهل الذهب أربعة دنانير وعلى أهل الورق أربعين درهماً، وجعلهم طبقات لغنى الغنى وإقلال المقل وتوسط المتوسط.

قال هشام: وسمعت مشايخنا يذكرون أن اليهود كانوا كالذمة للنصارى يؤدون إليهم الخراج فدخلوا معهم في الصلح.

وقد ذكر بعض الرواة أن خالد بن الوليد صالح أهل دمشق فيما صالحهم عليه على أن ألزم كل رجل من الجزية ديناراً وجريب حنطة وخلاً وزيتاً لقوت المسلمين.

حدثنا عمرو الناقد حدثنا عبد الله بن وهب المصري عن عمر بن محمد عن نافع.

عن أسلم مولى عمر بن الخطاب أن عمر كتب إلى أمراء الأجناد بأمرهم أن يضربوا الجزية على كل من جرت عليه الموسى، وأن يجعلوها على أهل الورق على كل رجل أربعين درهماً، وعلى أهل الذهب أربعة دنانير، وعليهم من أرزاق المسلمين من الحنطة والزيت مديان حنطةً وثلاثة أقساطٍ زيتاً، كل شهر لكل إنسان بالشام والجزيرة، وجعل عليهم ودكاً وعسلاً لا أدري كم هو، وجعل لكل إنسان بمصر في كل شهر أردباً وكسوةً وضيافة ثلاثة أيام.

وحدثنا عمرو بن حماد بن أبي حنيفة قال حدثنا مالك بن أنس عن نافع، عن أسلم أن عمر بن ضرب الجزية على أهل الذهب أربعة وعلى أهل الورق أربعين درهماً، مع ذلك أرزاق المسلمين وضيافة ثلاثة أيام.

وحدثني مصعب عن أبيه عن مالك عن نافع عن اسلم بمثله.

قالوا: ولما ولى معاوية بن أبي سفيان أراد أن يزيد كنيسة يوحنا في المسجد بدمشق. فأبى النصارى ذلك، فأمسك. ثم طلبها عبد الملك بن مروان في أيامه للزيادة في المسجد، وبذل لهم مالاً عظيماً على أن يعطوه إياها فأبوا. فقال: لئن لم تفعلوا لأهدمنها. فقال بعضهم: يا أمير المؤمنين! إن من هدم كنيسة جن وأصابته عاهة. فأحفظه قوله، ودعا بمعول وجعل يهدم بعض حيطانها بيده، وعليه قباء خز أصفر. ثم جمع الفعلة والنقاضين فهدموها، وأدخلها في المسجد. فلما استخلف عمر بن عبد العزيز شكا النصارى إليه ما فعل الوليد بهم في كنيستهم. فكتب إلى عامله يأمره برد ما زاده في المسجد عليهم. فكره أهل دمشق ذلك وقالوا: يهدم مسجدنا بعد أن أذنا فيه وصلينا ويرد بيعةً؟. وفيهم يومئذ سليمان بن حبيب المحاربي وغيره من الفقهاء. وأقبلوا على النصارى فسألوهم أن يعطوا جميع كنائس الغوطة التي أخذت عنوة وصارت في أيدي المسلمين، على أن يصفحوا عن كنيسة يوحنا ويمسكوا عن المطالبة بها. فرضوا بذلك وأعجبهم. فكتب به إلى عمر فسره وأمضاه.

وبمسجد دمشق في الرواق القبلة مما يلي المئذنة كتاب في رخامة بقرب السقف: "مما أمر ببنيانه أمير المؤمنين الوليد سنة ست وثمانين".

وسمعت هشام بن عمار يقول: لم يزل سور مدينة دمشق قائماً حتى هدمه عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس بعد انقضاء أمر مروان وبني أمية.

وحدثني أبو حفص الدمشقي عن سعيد بن عبد العزيز،عن مؤذن مسجد دمشق وغيره قالوا: اجتمع المسلمون عند قدوم خالد على بصرى ففتحوها صلحاً، وانبثوا في أرض حوران جميعاً فغلبوا عليها. وأتاهم صاحب أذر عات فطلب الصلح على مثل ما صولح عليه أهل بصرى على أن جميع أرض البثنية أرض خراج. فأجابوهم إلى ذلك. ومضى يزيد بن أبي سفيان حتى دخلها، وعقد لأهلها. وكان المسلمون يتصرفون بكورتي حوران والبثنية. ثم مضوا إلى فلسطين وأردن وغزوا ما لم يكن فتح. وسار يزيد إلى عمان ففتحها فتحاً يسيراً بصلح على مثل صلح بصرى، وغلب على أرض البلقاء. وولى أبو عبيده وقد فتح هذا كله، فكان أمير الناس حين فتحت دمشق، إلا أن الصلح كان لخالد وأجاز صلحه. وتوجه يزيد بن أبي سفيان في ولاية أبي عبيده ففتح عر ندل صلحاً، وغلب على أرض الشراة وجبالها.

قال: وقال سعيد بن عبد العزيز أخبرني الوضين أن يزيد أتى بعد فتح مدينة دمشق صيدا وعرقة وجبيل وبيروت وهي سواحل، وعلى مقدمته أخوه معاوية، ففتحها فتحاً يسيراً وجلا كثيراً من أهلها، وتولى فتح عرقة معاوية نفسه في ولاية يزيد. ثم إن الروم غلبوا على بعض هذه السواحل في آخر خلافة عمر بن الخطاب أو أول خلافة عثمان بن عفان، فقصد لهم معاوية حتى فتحها، ثم رمها وشحنها بالمقاتلة وأعطاهم القطائع.

قالوا: فلما استحلف عثمان وولى معاوية الشام وجه معاوية سفيان بن مجيب الأزدى إلى أطرابلس، وهي ثلاث مدن مجتمعة، فبنى في مرج على أميال منها حصناً سمى حصن سفيان، وقطع المادة عن أهلها من البحر وغيره وحاصرهم، فلما اشتد عليهم الحصار اجتمعوا في أحد الحصون الثلاثة وكتبوا إلى ملك الروم يسألونه أن يمدهم أو يبعث إليهم بمراكب يهربون فيها إلى ما قبله. فوجه إليهم بمراكب كثيرة فركبوها ليلاً وهربوا. فلما أصبح سفيان - وكان يبيت كل ليلة في حصنه ويحصن المسلمين فيه، ثم يغدو على العدو - وجد الحصن الذي كانوا فيه خالياً فدخله. وكتب بالفتح إلى معاوية، فأسكنه معاوية جماعة كبيرة من اليهود. وهو الذي فيه المينا اليوم. ثم إن عبد الملك بناه بعد وحصنه.

قالوا: وكان معاوية يوجه في كل عام إلى أطرابلس جماعة كثيفة من الجند يشحنها بهم ويوليها عاملاً، فإذا نغلق البحر قفل وبقى العامل في جميعه منهم يسيرة، فلم يزل الأمر فيها جارياً على ذلك حتى ولى عبد الملك، فقدم في أيامه بطريق من بطارقة الروم ومعه بشر منهم كثير، فسأل أن يعطى الأمان على أن يقيم بها وؤدى الخراج. فأجيب إلى مسئلته. فلم يلبث إلا سنتين أو أكثر منهما بأشهر حتى تحين قفول الجند عن المدينة، ثم أغلق بابها وقتل عاملها وأسر من معه من الجند وعدة من اليهود ولحق وأصحابه بأرض الروم. فقدر المسلمون بعد ذلك عليه في البحر وهو متوجه إلى ساحل للمسلمين في مراكب كثيرة فقتلوه، ويقال: بل أسروه وبعثوا به إلى عبد الملك فقتله وصلبه.

وسمعت من يذكر أن عبد الملك بعث إليه من حصره بأطرابلس ثم أخذه سلماً وحمله إليه فقتله وصلبه. وهرب من أصحابه جماعة فلحقوا ببلاد الروم.

وقال علي بن محمد المدائني قال عتاب بن إبراهيم: فتح أطرابلس سفيان بن مجيب، ثم نقض أهلها أيام عبد الملك، ففتحها الوليد بن عبد الملك في زمانه.

وحدثني أبو حفص الشامي، عن سعيد عن الوضين قال: كان يزيد بن أبي سفيان وجه معاوية إلى سواحل دمشق، سوى أطرابلس فإنه لم يكن يطمع فيها. فكان يقيم على الحصن اليومين والأيام اليسيرة، فربما قوتل قتالاً غير شديد، وربما رمى ففتحها.

قال: وكان المسلمون كلما فتحوا مدينة ظاهرة أو عند ساحلٍ رتبوا فيها قدر من يحتاج لها إليه من المسلمين، فإن حدث في شيء منها حدثٌ من قبل العدو، سربوا إليها الإمداد. فلما استخلف عثمان بن عفان رضي الله عنه كتب إلى معاوية يأمره بتحصين السواحل وشحنتها وإقطاع من ينزله إياها القطائع ففعل.

وحدثني أبو حفص ،عن سعيد بن عبد العزيز قال: أدركت الناس وهم يتحدثون أن معاوية كتب إلى عمر بن الخطاب بعد موت أخيه يزيد يصف له حال السواحل، فكتب إليه في مرمة حصونها، وترتيب المقاتلة فيها، وإقامة الحرس على مناظرها، واتخاذ المواقيدلها. ولم يأذن له في غزو البحر. وأن معاوية لم يزل بعثمان حتى أذن له في الغزو بحراً وأمره أن يعد في السواحل إذا غزا أو أغزى جيوشاً سوى من فيها من الرتب، وأن يقطع الرتب أرضين ويعطيهم ماجلا عنه أهله من المنازل، ويبنى المساجد ويكبر ماكان ابتنى منها قبل خلافته. قال الوضين: ثم إن الناس بعد انتقلوا إلى السواحل من كل ناحية.

حدثني العباس بن هشام الكلبي عن أبيه.

عن جعفر بن كلاب الكلابي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولى علقمة ابن عوف بن الأحوض بن جعفر بن كلاب حوران، وجعل ولايته من قبل معاوية. فمات بها. وله يقول الحطيئة العبسي - وخرج اليه فكان موته قبل وصوله، وبلغه أنه في الطريق يريده، فأوصى له بمثل سهم من سهام ولده:-

فما كان بيني، لو لقيتك سالماً،

 

وبين الغنى الا ليال قـلائل

وحدثني عدة من أهل العلم منهم جار لهشام بن عمار أنه كانت لأبي سفيان بن حرب أيام تجارته الى الشام في الجاهلية ضيعة بالبلقاء تدعى بقبش، فصارت لمعاوية وولده. ثم قبضت في أول الدولة وصارت لبعض ولد أمير المؤمنين المهدي رضي الله عنه. ثم صارت لقوم من الزياتين يعرفون ببني نعيم من أهل الكوفة.

وحدثني عباس بن هشام عن أبيه.

عن جده قال: وفد تميم بن أوس أحد بني الدار بن حبيب من لخم، ويكني أبا رقية على النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أخوه نعيم بن أوس فأقطعهما رسول الله صلى الله عليه وسلم حبرى وبيت عينون ومسجد ابراهيم عليه السلام فكتب بذلك كتاباً. فلما افتتح الشام دفع ذلك إليهما. فكان سليمان بن عبد الملك إذا مر بهذه القطعة لم يعرج وقال: أخاف ان تصيبني دعوة النبي صلى الله عليه وسلم.

وحدثني هشام بن عمار أنه سمع المشايخ يذكرون أن عمر بن الخطاب عند مقدمه الجابية من أرض دمشق مر بقوم مجذمين من النصارى فامر أن يعطوا من الصدقات وأن يجرى عليهم القوت.

وقال هشام: سمعت الوليد بن مسلم يذكر أن خالد بن الوليد شرط لأهل الدير الذي يعرف بدير خالد شرطاً في خراجهم بالتخفيف عنهم حين أعطوه سلماً صعد عليه. فأنفذه لهم ابو عبيدة.

ولما فرغ أبو عبيدة من أمر مدينة دمشق سار إلى حمص فمر ببعتبك فطلب اهلها الأمان والصلح فصالحهم على أن أمنهم على أنفسهم واموالهم وكنائسهم وكتب لهم: "بسم الله الحمن الرحيم .هذا كتاب أمان لفلان بن فلان وأهل بعلبك رومها وفرسها وعربها على انفسهم وأموالهم وكنائسهم ودورهم داخل المدينة وخارجها، وعلى أرحائهم، وللروم أن يرعوا سرحهم ما بينهم وبين خمسة عشر ميلاً، ولا ينزلوا قرية عامرة. فإذا مضى شهر ربيع وجمادي الأولى ساروا إلى حيث شاؤا. ومن أسلم منهم فله مالنا وعليه ما علينا ولتجارهم أن يسافروا إلى حيث أرادوا من البلاد التي صالحنا عليها وعلى من أقام الجزية والخراج. شهد الله وكفى بالله شهيداً.