الجزء الأول - في أمر القراطيس

في أمر القراطيس

قالوا: كانت القراطيس تدخل بلاد الروم من ارض مصر، ويأتي العرب من قبل الروم الدنانير. فكان عبد الملك بن مروان أول من أحدث الكتاب الذي يكتب في رؤوس الطوامير من: "قل هو الله أحد" ، وغيرها من ذكر الله. فكتب إليه ملك الروم: "إنكم أحدثتم في قراطيسكم كتاباً نكرهه، فإن تركتموه وإلا أتاكم في الدنانير من ذكر نبيكم ما تكرهونه".

قال: فكبر ذلك في صدر عبد الملك. فكره أن يدع سنةً حسنة سنها. فارسل إلى خالد بن يزيد بن معاوية فقال له: يا أبا هاشم! إحدى بنات طبق. وأخبره الخبر. فقال: أفرخ روعك يا أمير المؤمنين. حرم دنانيرهم فلا يتعامل بها، واضرب للناس سلكاً، ولا تعف هؤلاء، الكفرة مما كرهوا في الطوامير. فقال عبد الملك: فرجتها عنى فرج الله عنك. وضرب الدنانير.

قال عوانة بن الحكم: وكانت الأقباط تذكر المسيح في رؤوس الطوامير وتنسبه إلى الربوبية، تعالى الله علواً كبيرا، وتجعل الصليب مكان بسم الله الرحمن الرحيم. فلذلك كره ملك الروم ما كره، واشتد عليه تغيير عبد الملك ما غيره.

وقال المدائني: قال مسلمة بن محارب: أشار خالد بن يزيد على عبد الملك بتحريم دنانيرهم ومنع التعامل بها، وأن لا يدخل بلاد الروم شيء من القراطيس. فمكث حيناً لا يحمل إليهم.