الجزء الثاني - يوم قس الناطف وهو يوم الجسر

يوم قس الناطف وهو يوم الجسر

قالوا: بعث الفرس إلى العرب حين بلغها اجتماعها ذا الحاجب مردا نشاه، وكان أنوشروان لقبه بهمن لتبركه به ، وسمى ذا الحاجب لأنه كان يغضب حاجبيه ليرفعهما عن عينيه كبرا. ويقال أن اسمه رستم . فأمر أبو عبيد بالجسر فعقد ، أعانه على عقده أهل بانقيا. ويقال أن ذلك الجسر كان قديما لأهل الحيرة يعبرون عليه إلي ضياعهم، فأصلحه أبو عبيد، وذلك أنه كان معتلاً مقطوعاً. ثم عبر أبو عبيد والمسلمون من المروحة على الجسر، فلقوا ذا الحاجب وهو في أربعة آلاف مدججٍ ومعه فيلٌ، ويقال عدة فيلة، واقتتلوا قتالاً شديداً، وكثرت الجراحات وفشت في المسلمين. فقال سليط بن قيس: يا أبا عبيد! قد كنت نهيتك عن قطع هذا الجسر إليهم ،اشرت عليك بالانحياز إلى بعض النواحي والكتاب إلى أمير المؤمنين بالاستمداد فأبيت. وقاتل سليط حتى قتل. وسأل أبو عبيد: أين مقتل هذه الدابة؟ فقيل: خرطومه. فحمل فضرب خرطوم الفيل، وحمل عليه أبو محجن بن حبيب الثقفي فضرب رجله فعلقها، وحمل المشركون، فقتل أبو عبيد رجمه الله. ويقال إن الفيل برك عليه فمات تحته. فأخذ اللواء أخوه فقتل. فأخذه ابنه جبر فقتل. ثم إن المثنى بن حارثة أخذه ساعة وانصرف بالناس وبعضهم على حامية بعض، وقاتل عروة بن زيد الخيل يومئذ قتالاً شديداً عدل بقتال جماعة، وقاتل أبو زبيد الطائي الشاعر حميةً للمسلمين بالغربية، وكان أتى الحيرة في بعض أموره، وكان نصرانياً. وأتى المثنى أليس فنزلها، وكتب إلى عمر بن الخطاب بالخبر مع عروة بن زيد.

وكان ممن قتل يوم الجسر فيما ذكر أبو مخنف: أبو زيد الأنصاري أحد من جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.

قالوا: وكانت وقعة الجسر يوم السبت في آخر شهر رمضان سنة ثلاث عشرة.

وقال أبو محجن بن حبيب:

أنى نسرت نـحـونـا أم يوسـف

 

ومن دون مسراها فيافٍ مجاهـل

إلى فتيةٍ بالطف نيل سـراتـهـم

 

وغودر أفراسٌ لـهـم ورواحـل

مررت على الأنصار وسط رحالهم

 

فقلت لهم هل منكم اليوم قـافـل

حدثني أبو عبيد بن سلام قال: حدثنا محمد بن كثير، عن زائدة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم قال: عبر أبو عبيد بانقيا في ناس من أصحابه، فقطع المشركون الجسر، فأصيب ناسٌ من أصحابه.

قال إسماعيل: وقال أبو عمرو الشيباني: كان يوم مهران في أول السنة والقادسية في آخرها.