حدثني عبد الحميد بن واسع الختلى الحاسب قال: حدثني يحيى بن آدم، عن الحسن بن صالح قال: أول مسجدٍ جامعٍ بالسواد مسجد المدائن، بناه سعد وأصحابه، ثم وسع بعد وأحكم بناؤه، وجرى ذلك على يدي حذيفة ابن اليمان. وبالمدائن مات حذيفة سنة ست وثلاثين. ثم بنى مسجد الكوفة، ثم مسجد الأنبار.
قال: وأحدث الحجاج مدينة واسط في سنة ثلاث وثمانين أو سنة أربع وثمانين. وبنى مسجدها وقصرها وقبة الخضراء بها. وكانت واسط أرض قصب فسميت واسط القصب. وبينها وبين الأهواز والبصرة والكوفة مقدارٌ واحد.
وقال ابن القرية: بناها في غير بلده ويتركها لغيره ولده.
وحدثني شيخ من أهل واسط، عن أشياخ منهم أن الحجاج لما فرغ من واسط كتب إلى عبد المللك بن مروان: إني اتخذت مدينة فر كرش من الأرض بين الجبل والمصرين وسميتها واسطاً. فلذلك سمى أهل واسط الكرشيين. وكان الحجاج قبل اتخاذه واسطاً أراد نزول الصين من كسكر فخفر نهر الصين، وجمع له الفعلة، وأمر بأن يسلسوا لئلا يشذوا ويتبلطوا. ثم بدا له فأحدث واسطاً. فنزلها واحتفر النيل والزابي وسماه زابياً لأخذه من الزابي القديم. وأحيا ما على هذين النهرين من الأرضين، وأحدث المدينة التي تعرف بالنيل ومصرها. وعمد إلى ضياعٍ كان عبد الله بن دراج مولى معاوية بن أبي سفيان استخرجا له، أيام ولايته خراج الكوفة مع المغيرة بن شعبة، من مواتٍ مرفوض ونقوع مياهٍ ومغايض وآجام ضرب عليها المسنيات، ثم قلع قصبها فحازها لعبد الملك بن مروان وعمرها.
ونقل الحجاج إلى قصره والمسجد الجامع بواسط أبواباً من زند ورد، والد وقرة، ودار وساط، ودير ماسرجسان، وشرابيط. فضج أهل هذه المدن وقالوا: قد أومنا على مدننا وأموالنا. فلم يلتفت إلى قولهم.
قال: وحفر خالد بن عبد الله القسري المبارك، فقال الفرز دق:
كأنك بالمبارك بعد شـهـرٍ |
|
تخوض غموره بقع الكلاب |
ثم قال في شعر له طويل:
أعطى خليفته بقوة خـالـدٍ |
|
نهراً يفيض له على الأنهار |
إن المبارك كاسمه يسقى به |
|
حرث السواد وناعم الجبار |
وكأن دجلة حين أقبل مدهـا |
|
نابٌ يمد له بحبل قـطـار |
وحدثني محمد بن خالد بن عبد الله الطحان قال: حدثني مشايخنا أن خالد بن عبد الله القسري كتب إلى هشام بن عبد الملك يستأذنه في عمل قنطرة على دجلة. فكتب إليه هشام: لو كان هذا ممكناً لسبق إليه الفرس. فراجعه، فكتب إليه: إن كنت متيقناً أنها تتم فاعملها. فعملها وأعظم النفقة عليها، فلم يلبث أن قطعها الماء. فأغرمه هشام ما كان أنفق عليها. قالوا: وكان النهر المعروف بالبزاق قديماً، وكان يدعى بالنبطية البساق أي الذي يقطع الماء عن ما يليه ويجره إليه. وهو نهر يجتمع إليه فضول مياه آجام السيب وماءٌ من ماء الفرات. فقال الناس: البزاق.
فأما الميمون فأول من حفره وكيلٌ لأم جعفر زبيدة بنت جعفر بن المنصور يقال له سعيد بن زيد. وكانت فوهته عند قرية تدعى قرية ميمون. فحولت في أيام الواثق بالله على يدي عمر بن فرج الرخجى، وسمى الميمون لئلا يسقط عنه ذكر اليمن.
وحدثني محمد بن خالد قال: أمر المهدي أمير المؤمنين بحفر نهر الصلة فحفر، وأحيا ما عليه من الأرضين، وجعلت غلته لصلات أهل الحرمين والنفقة هناك. وكان شرط لمن تألف إليه من المزارعين الشرط الذي هم عليه اليوم خمسين سنة، على أن يقاسموا بعد انقضاء الخمسين مقاسمة النصف.
وأما نهر الأمير فنسب إلى عيسى بن علي وهو في قطيعته.
وحدثنا محمد بن خالد قال: كان محمد بن القاسم أهدى إلى الحجاج من السند فيلاً فأجيز البطائح في سفينة وأخرج في المشرعة التي تدعى مشرعة الفيل. فسميت تلك المشرعة مشرعة الفيل وفرضة الفيل.