الجزء الثاني - فتح الموصل

فتح الموصل

قالوا: ولى عمر بن الخطاب عتبة بن فرقد السلمي الموصل سنة عشرين. فقاتله أهل نينوى، فأخذ حصنها وهو الشرقي عنوةً، وعبر دجلة فصالحه أهل الحصن الآخر على الجزية والإذن لمن أراد الجلاء في الجلاء. ووجد بالموصل دياراتٍ فصالحه أهلها على الجزية. ثم فتح المرج وقراه، وأرض باهذرة، وباعذرى، والحنانة، والمعلة، ودامير، وجميع معاقل الأكراد. وأتى بانعاثا من حزه ففتحها. وأتى تل الشهارجة والسلق الذي يعرف ببني الحرين صالح بن عباده الهمداني صاحب رابطة الموصل، ففتح ذلك كله وغلب عليه المسلمون.

وأخبرني معافى بن طاووس، عن مشايخ من أهل الموصل قال: كانت أرمية من فتوح الموصل، فتحها عتبة بن فرقد. وكان خراجها حيناً إلى الموصل. وكذلك الحور، وخوى وسلماس.

قال معافى: وسمعت أيضاً أن عتبة فتحها حين ولى أذربيجان. والله أعلم.

وحدثني العباس بن هشام الكلبي، عن أبيه، عن جده قال: أول من اختط الموصل وأسكنها العرب ومصرها هر ثمة بن عر فجة البارقي.

حدثني أبو موسى الهروى، عن أبي الفضل الأنصاري، عن أبي المحارب الضبي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عزل عتبة عن الموصل وولاها هرثمة بن عرفجة البارقي. وكان بها الحصن وبيعٌٌ للنصارى، ومنازل لهم قليلة عند تلك البيع ومحلة اليهود. فمصرها هرثمة فأنزل العرب منازلهم واختط لهم، ثم بنى المسجد الجامع.

وحدثني المعفى بن طاووس قال: الذي فرش الموصل بالحجارة ابن تليد صاحب شرطة محمد بن مروان بن الحكم. وكان محمد والي الموصل والجزيرة وأرمينية وأذربيجان.

قال الواقدي: ولى عبد الملك بن مروان ابنه سعيد بن عبد الملك ابن مروان صاحب نهر سعيد الموصل. وولى محمداً أخاه الجزيرة وأرمينية. فبنى سعيدٌ سور الموصل، وهو الذي هدمه الرشيد حين مر بها. وقد كانوا خالفوا قبل ذلك، وفرشها سعيد بالحجارة.

وحدثت عن بعض أهل بابغيش أن المسلمين كانوا طلبوا غرة أهل ناحية منها، مما يلي دامير، يقال لها زران. فأتوهم في يوم عيد لهم وليس معهم سلاح، فحالوا بينهم وبين قلعتهم وفتحوها.

قالوا: ولما اختط هرثمة الموصل وأسكنها العرب أتى الحديثة، وكانت قرية قديمة فيها بيعتان وأبياتٌ للنصارى، فمصرها وأسكنها قوماً من العرب، فسميت الحديثة لأنها بعد الموصل. وبنى نحوه حصناً. ويقال إن هرثمة نزل الحديثة أولاً فمصرها واختطها قبل الموصل، وإنها إنما سميت الحديثة حين تحول إليها من تحول من أهل الأنبار، لما وليهم ابن الرفيل أيام الحجاج ابن يوسف فعسفها. وكان فيهم قومٌ من أهل حديثة الأنبار فبنوا بها مسجداً وسموا المدينة الحديثة.

قالوا: وافتتح عتبة بن فرقد الطيرهان وتكريت، وآمن أهل حصن تكريت على أنفسهم وأموالهم، وسار في كوره باجرامى، ثم صار إلى شهرزور.

وحدثني شيخٌ من أهل تكريت أنه كان معهم كتاب أمانٍ وشرطٌ لهم. فخرقه الجرشى حين أخرب قرى الموصل نرساياذ وهاعلة وذواتها.

وزعم الهيثم بن عدي أن عباض بن غنم لما فتح بلداً أتي الموصل ففتح أحد الحصنين. والله تعالى أعلم.

شهر زور والصامغان ودراباذ

حدثني إسحاق بن سليمان الشهرزورى قال: ثنا أبي، عن محمد بن مروان، عن الكلبي، عن بعض آل عزرة البجلى أن عزرة بن قيس حاول فتح شهرزور وهو والٍ على حلوان في خلافة عمر فلم يقدر عليها. فغزاها عتبة بن فرقد ففتحها بعد قتال على مثل صلح حلوان. وكانت العقارب تصيب الرجل من المسلمين فيموت.

وحدثني إسحاق، عن أبيه، عن مشايخهم قال: صالح أهل الصامغان ودراباذ عتبة على الجزية والخراج، على أن لا يقتلوا ولا سبوا ولا يمنعوا طريقاً يسلكونه.

وحدثني أبو رجاء الحلواني، عن أبيه، عن مشايخ شهرزور قالوا: شهرزور والصامغان ودراباذ من فتوح عتبة ابن فرقد السلمي. فتحها وقاتل الأكراد فقتل منهم خلقاً، وكتب إلى عمر: إني قد بلغت بفتوحي أذربيجان. فولاه إياها. وولى هرثمة بن عرفجة الموصل. قالوا: ولم تزل شهرزور وأعمالها مضمومةً إلى الموصل حتى فرقت في آخر خلافة الرشيد. فولى شهرزور والصامغان ودراباذ رجلٌ مفردٌ. وكان رزق عامل كل كوره من كور الموصل مائتي درهم، فحط لهذه الكور ست مئة درهم.