الجزء الثالث - في أحكام أراضي الخراج

في أحكام أراضي الخراج

قال بشر بن غياث: قال أبو يوسف: إيما أرض أخذت عنوة، مثل السواد والشام وغيرهما، فإن قسمها الإمام بين من غلب عليها فهي أرض عشر، وأهلها رقيق. وإن لم يقسمها الإمام وردها للمسلمين عامة-كما فعل عمر بالسواد- فعلى رقاب أهلها الجزية، وعلى الأرض الخراج وليسوا برقيق. وهو قول أبي حنيفة.

وحكى الواقدي عن سفيان الثوري مثل ذلك.

وقال الواقدي: قال مالك بن أنس وابن أبي ذئب: إذا أسلم كافر من أهل العنوة أقرت أرضه في يده يعمرها ويؤدي الخراج عنها. ولا اختلاف في ذلك.

وقال مالك وابن أبي ذئب وسفيان الثوري وابن أبي ليلى، عن الرجل يسلم من أهل العنوة: الخراج في الأرض والزكاة من الزرع بعد الخراج.

وهو قول الأوزاعي.

وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا يجتمع الخراج والزكاة على رجل.

وقال مالك وابن ذئب وسفيان وأبو حنيفة: إذا زرع رجل أرضه الخراجية مرات في السنة لم يؤخذ منه إلا خراج واحد.

وقال ابن أبي ليلى: يؤخذ منه الخراج كلما أدركت له غلة. وهو قول ابن أبي سبره وأبي شمر.

وقال أبو الزناد ومالك وأبو حنيفة وسفيان ويعقوب وابن أبي ليلىوابن أبي سبرة وزفر ومحمد بن الحسن وبشر بن غياث: إذا عطل رجل أرضه قيل له: ازرعها وأد خراجها وإلا فادفعها إلى غيرك يزرعها. فأما أرض العشر فإنه لا يقال له فيها شيء، إن زرع أخذت منه الصدقة، وإن أبى فهو أعلم.

وقالوا: إذا عطل رجل أرضه سنتين. ثم عمرها أدى خراجاً واحداً.

وقال أبو شمر: يؤدي الخراج للسنتين.

وقال أبو حنيفة وسفيان ومالك وابن أبي ذئب وأبو عمرو الأوزاعي: إذا أصابت الغلات آفة أو غرق سقط الخراج عن صاحبها.

وإذا كانت أرض من أراضي الخراج لعبد أو مكاتب أو امرأة فإن أبا حنيفة قال عليها الخراج فقط. وقال سفيان وابن ذئب ومالك عيها الخراج وفيما بقي من الغلة العشر.

وقال أبو حنيفة: والثوري في أرض الخراج بني مسلم أو ذمي فيها بناء من حوانيت أو غيرها، أنه لا شيء عليه. فإن جعلها بستاناً ألزم الخراج.

وقال مالك وابن أبي ذئب: نرى إلزامه الخراج لأن انتفاعه بالبناء كانتفاعه بالزرع. فأما أرض العشر فهو أعلم ما اتخذ فيها.

وقال أبو يوسف: في أرض موات من أرض العنوة يحييها المسلم، أنها له، وهي أرض خراج إن كانت تشرب من ماء الخراج. فإن استنبط لها عيناً أو سقاها من ماء السماء فهي أرض عشر.

وقال بشر: هي أرض عشر شربت من ماء الخراج أو عيره.

وقال أبو حنيفة، والثوري، وأصحابها، ومالك وابن ذئب والليث بن سعد في أرض الخراج التي لا تنسب إلى أحد يقعد المسلمون فيها فيتبايعون ويجعلونها سوقاً: انه لا خراج علبهم فيها.

وقال أبو يوسف: إذا كانت في البلاد سنة أعجمية لم يغيرها الإسلام ولم يبطلها فشكاها قوم إلى الإمام لما ينالهم من مضرتها فليس له أن يغيرها.

وقال مالك والشافعي: يغيرها، وإن قدمت لأن عليه نفي كل سنة جائرة سنها أحد من المسلمين فضلاً عن ما سن أهل الكفر.