أمر الخط
حدثنا عباس بن هشام بن محمد بن السائب الكلبي
عن أبيه عن جده، وعن الشرقي بن القطامي قال: اجتمع ثلاثة نفر من طيء ببقة
وهم مرا مر بن مرة وأسلم بن سدرة، وعامر بن جدرة فوضعوا الخط، وقاسوا هجاء
العربية على هجاء السريانية. فتعلمه منهم قوم من الأنفار ثم تعلمه أهل
الحيرة من أهل الأنبار. وكان بشر بن عبد الملك أخو أكيدر بن عبد الملك بن
عبد الجن الكندي ثم السكوني صاحب دومة أتجندل يأتي الحيرة فيقيم بها لحين،
وكان نصرانياً. فتعلم بشر الخط العربي من أهل الحيرة. ثم أتى مكة في بعض
أمره فرآه سفيان بن أمية بن عبد شمس، وأبو قيس بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب
يكتب فسألاه أن يعلمهما الخط. فعلمهما الهجاء ثم أراهما الخط فكتبا.
ثم إن بشراً وسفيان وأبا قيس أتوا الطائف في تجارة فصحبهم غيلان بن سلمة
الثقفي فتعلم الخط منهم.
وفارقهم بشر ومضى إلى ديار مضر فتعلم الخط منه عمرو بن زرارة بن عدس فسمي
عمرو الكاتب.
ثم أتى بشر الشام فتعلم الخط منه ناس هناك.
وتعلم الخط من الثلاثة الطائيين أيضاً رجل من طابخة كلب، فعلمه رجلاً من
أهل وادي القرى، فأتى الوادي يتردد فأقام بها وعلم الخط قوماً من أهلها.
وحدثني الوليد بن صالح ومحمد بن سعد قالا: حدثنا محمد بن عمر الواقدي عن
خالد بن الياس عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي جهم العدوي قال: دخل الإسلام
وفي قريش سبعة عشر رجلاً كلهم يكتبون: عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب
وعثمان بن عفان وأبو عبيدة بن الجراح وطلحة ويزيد بن أبي سفيان وأبو حذيفة
بن عتبة بن ربيعة وحاطب بن عمرو أخو سهيل بن عمرو العامري من قريش وأبو
سلمة بن عبد الأسد المخزومي وأبان بن سعيد بن العاصي بن أمية وخالد بن سعيد
أخوه وعبد الله بن سعد بن أبي سرح العامري، وحويطب بن عبد العزى العامري
وأبو سفيان بن حرب بن أمية. ومعاوية بن أبي سفيان وجهيم بن الصلت بن مخرمة
بن المطلب بن عبد مناف ومن حلفاء قريش العلاء بن الحضرمي.
حدثني بكر بن الهيثم قال: حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبد الله
بن عبد الله بن عقبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للشفاء بنت عبد الله
العدوية من رهط عمر بن الخطاب: ألا تعلمين حفصة رقنة النملة كما علمتها
الكتابة؟ وكانت الشفاء كاتبة في الجاهلية.
حدثني الوليد بن صالح عن الواقدي عن أسامة بن زيد عن عبد الرحمن بن سعد
قال: كانت حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تكتب.
وحدثني الوليد عن الواقدي عن ابن أبي سبرة عن علقمة بن أبي علقمة عن محمد
بن عبد الرحمن بن ثوبان أن أم كلثوم بنت عقبة كانت تكتب.
وحدثني الوليد عن الواقدي عن فروه عن عائشة بنت سعد أنها قالت: علمني أبي الكتاب.
حدثني الوليد عن الواقدي عن ابن أبي سبرة عن
ابن عون عن ابن مياح عن عائشة أنها كانت تقرأ المصحف ولا تكتب.
وحدثني الوليد عن الواقدي عن عبد الله بن يزيد الهذلي عن سالم سبلان عن أم
سلمة أنها كانت تقرأ ولا تكتب وحدثني الوليد ومحمد بن سعد عن الواقدي عن
أشياخنا قالوا: أول من كتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمه المدينة
أبي بن كعب الأنصاري. وهو أول من كتب في آخر الكتاب وكتب فلان. فكان أبي
إذا لم يحضر دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدبن ثابت الأنصاري فكتب
له. فكان أبي وزيد يكتبان الوحي بين يديه وكتبه إلى الناس وما يقطع وغير
ذلك.
قال الواقدي: وأول من كتب له من قريش عبد الله بن سعد بن أبي سرح، ثم ارتد
ورجع إلى مكة وقال لقريش. أنا آتي بمثل ما يأتي به محمد. وكان يملي عليه
الظالمين فيكتب الكافرين. يمل عليه سميع عليم فيكتب غفور رحيم. وأشباه ذلك
فأنزل الله" ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو قال أوحي إلي ولم يوح
إليه شيء ، ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله" فلما كان يوم فتح مكة أمر رسول
الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان وقال: أخي من الرضاع وقد أسلم فأمر
رسول الله صلى الله عليه وسلم بتركه وولاه عثمان مصر.
فكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن
عفان، شرحبيل بن حسنة الطابخي من خندف حليف قريش. ويقال بل هو كندي وكتب
لهم جهيم بن الصلت مخرمة وخالد بن سعيد وأبان بن سعيد بن العاص والعلاء بن
الحضرمي. فلما كان الفتح أسلم معاوية وكتب له أيضاَ.ودعاه يوماً وهو يأكل
فأبطأ فقال: لا أشبع الله بطنه. فكان يقول: لحقنني دعوة رسول الله صلى الله
عليه وسلم. وكان يأكل في اليوم سبع أكلات وأكثر وأقل.
وقال الواقدي وغيره: كتب حنظلة بن الربيع بن رباح الأسدي، من تميم بين يدي
رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة، فسمي حنظلة الكاتب. وقال الواقدي: كان
الكتاب بالعربية في الأوس والخزرج قليلاً. وكان بعض اليهود قد علم كتاب
العربية، وكان تعلمه الصبيان بالمدينة في الزمن الأول فجاء الإسلام وفي
الأوس والخزرج عدة يكتبون. وهم سعد بن عبادة بن دليم والمنذر بن عمرو وأبي
بن كعب وزيد بن ثابت فكان يكتب العربية والعبرانية ورافع بن مالك وأسيد بن
حضير وسعد بن الربيع وأوس ابن خولى وعبد الله بن أبي المنافق.
قال:فكان الكملة منهم -والكامل من يجمع إلى الكتاب الرمي والعوم-رافع بن
مالك وسعد بن عبادة وأسيد بن حضير وعبد الله ابن أبي وأوس بن خولى وكان من
جمع هذه الأشياء في الجاهلية من أهل يثرب سويد الصامت وحضير الكتائب.
قال الواقدي: وكان جفينة العبادي من أهل الحيرة نصرانياً ظئراً لسعد بن أبي
وقاص. فاتهمه عبيد الله بن عمر بمشايعة أبي لؤلؤة على قتل أبيه، فقتله وقتل
ابنيه.
حدثنا اسحاق بن اسرائيل قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد بن ثابت قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتعلم له كتاب اليهود، وقال لي: إني لا آمن يهودياً على كتابي. فلم يمر بي نصف شهر حتى تعلمته. فكنت أكتب له إلى يهود، وإذا كتبوا إليه قرأت كتابهم.