مكة وأعمالها

ومن المدينة إلى مكة مائتان وخمسة وعشرون ميلاً. والحاج ينزلون هذه المنازل وغيرها من المناهل، ويطول قوم ويقصر آخرون على ما يذهبون إليه في المسير من السرعة والإبطاء، فيدخل الناس إلى مكة من ذي طوى- وهي أسفل مكة، ومن عقبة المدنيين- وهي أعلى مكة- ومنها دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومكة بين جبال عظام وهي أودية ذات شعاب، فجبالها المحيطة بها: أبو قبيس الجبل الأعظم منه تشرق الشمس على المسجد الحرام، وقعيقعان، وفاضح، والمحصب، وثور عند الصفا، وحراء، وثبير، وتفاحة، والمطابخ، والفلق، والحجون، وسقر. ولها من الشعاب: شعب الحجون، وشعب دار مال الله، وشعب البطاطين، وشعب فلق ابن الزبير، وشعب ابن عامر، وشعب الجوف، وشعب الخوز، وشعب أذاخر، وشعب خط الحزامية، وشعب الصفا، وشعب الرزازين، وشعب الجبيريين، وشعب الجوف، وشعب الجزارين، وشعب زقاق النار، وشعب جبل تفاحة، وشعب الحجاج، وشعب العطارين، وشعب جياد الكبير، وشعب جياد الصغير، وشعب النفر، وشعب ثور وخيام عنقود، وشعب يرنى، وشعب علي، وشعب ثنية المدنيين، وشعب الحامام.

والمسجد الحرام بين جياد وقعيقعان، وآخر من بنى المسجد الحرام، وزاد فيه، ووسعه، حتى صارت الكعبة في وسطه المهدي في سنة أربع وستين ومائة، فذرع المسجد الحرام مكسراً مائة ألف ذراع وعشرون ألف ذراع، وطول المسجد من باب بني جمح إلى باب بني هاشم، الذي عند العلم الأخضر أربعمائة ذراع وأربع أذرع، وعرضه من باب الندوة إلى باب الصفا ثلثمائة ذراع وأربع أذرع، وفيه من العمد الرخام أربعمائة وأربعة وثمانون عموداً، طول كل عمود عشر أذرع، وفيه أربعمائة طاق وثمانية وتسعون طاقاً، وثلاثة وعشرون باباً. والمهدي أمير المؤمنين بنى العلمين الأخضرين اللذين بين الصفا والمروة، وبين كل علم وصاحبه مائة واثنتا عشرة ذراعاً، وبين الصفا والمروة سبعمائة ذراع وأربع وخمسون ذراعاً، وارتفاع سمك الكعبة ثماني وعشرون ذراعاً، ومن الركن الأسود إلى الركن الشأمي خمس وعشرون ذراعاً، ومن الركن الغربي في الحجر إلى الركن الشأمي اثنتان وعشرون ذراعاً، ومن الركن الغربي إلى الركن اليماني خمس وعشرون ذراعاً، ومن الركن اليماني إلى الركن الذي فيه الحجر الأسود إحدى وعشرون ذراعاً.

وشرب أهل مكة من آبار ملحة ومن القنوات التي حفرتها أم جعفر بنت جعفر ابن أمير المؤمنين المنصور، في خلافة الرشيد أمير المؤمنين، وأجرتها من الموضع الذي يقال له المشاش في قنوات رصاص، وبينهما اثنا عشر ميلاً، فشرب أهل مكة والحاج من بركة أم جعفر.

والطائف من مكة على مرحلتين، والطائف منازل ثقيف، وهي من أعمال مكة، مضمومة إلى عامل مكة.

ولمكة من الأعمال: رعيلاء الهوذة، ورعيلاء البياض، وهي معادن سليم وهلال وعقيل من قيس، وتبالة وأهلها خثعم، ونجران لبني الحارث ابن كعب كانت منازلهم في الجاهلية، والسراة وأهلها الأزد، وعشم معدن ذهب، وبيش، والسرين، والحسبة، وعثر، وجدة وهي ساحل البحر، ورهاط، ونخلة، وذات عرق، وقرن، وعسفان ومر الظهران، والجحفة. وحول مكة من قبائل العرب من قيس: بنو عقيل، وبنو هلال، وبنو نمير، وبنو نصر. ومن كنانة: غفار، ودوس، وبنو ليث، وخزاعة، وخثعم، وحكم، والأزد. ولمكة عيون كثيرة، بها أموال الناس بمر الظهران، وعرفة، ورهاط، وتثليث وبها معدن ذهب بعشم وذو علق، وعكاظ. وخراجها من أعشار وصدقات، والميرة تحمل إليها من مصر إلى ساحلها وهو جدة