ومن جند الأردن إلى جند فلسطين ثلاث مراحل، ومدينة فلسطين القديمة كانت مدينة يقال لها لد ، فلما ولي سليمان بن عبد الملك الخلافة ابتنى مدينة الرملة، وخرب مدينة لد، ونقل أهل لد إلى الرملة. الرملة مدينة فلسطين ولها نهر صغير منه شرب أهلها، ونهر أبي فطرس منها على اثني عشر ميلا، وشرب أهل الرملة من ماء الآبار ومن صهاريج يجري فيها ماء المطر، وأهل المدينة أخلاط من الناس من العرب والعجم وذمتها سامرة. ولفلسطين من الكور: كورة إيليا: وهي بيت المقدس، وبها آثار الأنبياء عم. وكورة لد: ومدينتها قائمة بحالها إلا أنها خراب. وعمواس ونابلس: وهي مدينة قديمة فيها الجبلان المقدسان، وتحت المدينة مدينة منقورة في حجر وبها أخلاط من العرب والعجم. والسامرة وسبسطية: وهي مضافة إلى نابلس. وقيسارية: وهي مدينة على ساحل البحر، كانت من أمنع مدن فلسطين، وهي آخر ما افتتح من مدن البلد، افتتحها معاوية بن أبي سفيان في خلافة عمر بن الخطاب. ويبنا: وهي مدينة قديمة على قلعة، وهي التي يروى أن أسامة بن زيد قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم لما وجهني، فقال: اغد على يبنا صباحا ثم حرق . وأهل هذه المدينة قوم من السامرة. ويافا: وهي على ساحل البحر إليها ينفر أهل الرملة. وكورة بيت جبرين: وهي مدينة قديمة وأهلها قوم من جذام، وبها البحيرة الميتة التي تخرج الحمرة وهي الموميا. ومدينة عسقلان: على ساحل البحر. ومدينة غزة: على ساحل البحر وهي رأس الإقليم الثالث، وبها قبر هاشم بن عبد مناف، وأهل جند فلسطين أخلاط من العرب من لخم، وجذام، وعاملة، وكندة، وقيس، وكنانة، افتتحت أرض فلسطين سنة ست عشرة بعد طول محاصرة، حتى خرج عمر ابن الخطاب فصالح أهل كورة إيليا وهي بيت المقدس، وقالوا لا نصالح إلا الخليفة، فسار إليهم حتى صالحهم وافتتحت أكثر كور فلسطين خلا قيسارية، فخلف عليها أبو عبيدة ابن الجراح معاوية بن أبي سفيان، فافتتحها سنة ثمان عشرة. ومبلغ خراج جند فلسطين مع ما صار في الضياع يبلغ ثلثمائة ألف دينار.
ومن أراد أن يسلك من الشأم على فلسطين إلى مكة سلك جبالا خشنة حزنة، حتى يصير إلى أيلة، ثم إلى مدين، ثم يستمر به الطريق مع أهل مصر والمغرب.