أطرابلس

أطرابلس مدينة قديمة جليلة على ساحل البحر عامرة آهلة، وأهلها أخلاط من الناس. افتتحها عمرو بن العاص سنة ثلاث وعشرين في خلافة عمر بن الخطاب، وكانت آخر ما افتتح من المغرب في خلافة عمر. ومن أطرابلس إلى أرض نفوسة وهم قوم عجم الألسن، أباضية كلهم، لهم رئيس يقال له ألياس، لا يخرجون عن أمره؛ ومنازلهم في جبال أطرابلس، في ضياع، وقرى، ومزارع، وعمارات كثيرة؛ لا يؤدون خراجاً إلى سلطان، ولا يعطون طاعة إلا إلى رئيس لهم بتاهرت، وهو رئيس الأباضية، يقال له عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم، فارسي. وديار نفوسة متصلة من حد بطرابلس مما يلي القبلة إلى قريب من القيروان، ولهم قبائل كثيرة، وبطون شتى. ومن أطرابلس على الجادة العظمى إلى مدينة يقال لها قابس- عظيمة على البحر المالح، عامرة كثيرة الأشجار، الثمار، والعيون الجارية، وأهلها أخلاط من العرب والعجم، والبربر، وبها عامل من قبل ابن الأغلب صاحب أفريقية- خمس مراحل عامرة، يسكنها قوم من البربر من زناتة، ولواتة، والأفارقة الأول. فأولها ويله أول مرحلة من أطرابلس، ثم صبرة وهي منزل بها أصنام حجارة قديمة، ثم قصر بني حبان، ثم بام وهي، ثم الفاصلات، ثم قابس.