وكرمان يمنة سجستان توازي الجوزجان. ومدينة كرمان العظمى السيرجان وهي منيعة جليلة، شجاعها بطل، ولها من المدن والقلاع: بيمند، وخناب، وكوهستان، وكرستان، ومغون، طمسكان، وسروستان، وقلعة بمّ، ومنوجان، ونرماشير. والبلد واسع جليل، ومياهها قليلة، وبها نخل كثير بمدينة يقال لها جيربت، ومنها يسلك إلى السند من جيربت إلى الرتق والدهقان، ثم إلى البل والفهرج، يسميها أهلها فهرة وهي آخر مدينة عمل كرمان: وصاحب مكران يدعي أنها من عمله ثم إلى الخروج وهي أول مدينة من عمل مكران، ثم إلى مدينة فنزبور، وهي مدينة مكران العظمى. افتتح كرمان عبد الرحمن ابن سمرة بن جبيب بن عبد شمس، وصالح ملكها على ألفي ألف درهم وألفي وصيف وذلك في خلافة عثمان.
وأما البلدان التي من سرخس إلى بحر الهند:
الطالقان
فمن مدينة سرخس إلى الطالقان أربع مراحل. والطالقان بين جبلين عظيمين، وبها لسعتها مسجداً جماعة يجمع فيهما يوم الجمعة؛ وبها تعمل اللبود الطالقانية. ومن الطالقان إلى الفارياب أربع مراحل، فالفارياب المدينة القديمة والمدينة الثانية يقال لها يهودان ينزلها عامل الفارياب.
الجوزجان
ومن الفارياب إلى الجوزجان خمس مراحل. ولها أربع مدن: فمدينة الجوزجان يقال لها أنبار بها ينزل الولاة، والثانية يقال لها أسان وصمعاكن، والثالثة التي كان يسكنها ملك الجوزجان يقال لها كندرم وقرزمان، والرابعة يقال لها شبورقان، وكانت لها في الأيام المتقدمة مملكة. والجوزجان توازي كرمان على أرض الهند.
بلخ
ومن الجوزجان إلى بلخ لمن أخذ مشرقاً أربع مراحل. وبلخ لها كور ومدائن فتحها عبد الرحمن بن سمرة في أيام معاوية بن أبي سفيان. ومدينة بلخ مدينة خراسان العظمى، وفيها كان الملك طرخان ملك خراسان ينزل بها، وهي عظيمة القدر، عليها سوران سور خلف سور. وقد كان عليها في متقدم الأيام ثلاثة ولها اثنا عشر باباً، ويقال إن مدينة بلخ وسط خراسان، فمنها إلى فرغانة ثلاثون مرحلة مشرقاً، ومنها إلى الري ثلاثون مرحلة مغرباً، ومنها إلى سجستان ثلاثون مرحلة مما يلي القبلة، ومنها إلى كابل وقندهار ثلاثون مرحلة، ومنها إلى كرمان ثلاثون مرحلة، ومنها إلى قشمير ثلاثون مرحلة، ومنها إلى خوارزم ثلاثون مرحلة، ومنها إلى الملتان ثلاثون مرحلة.
وكان يحيط بقرى بلخ وضياعها ومزارعها سور عظيم، فمن باب من أبواب السور الذي يحيط بالمزارع والقرى إلى الباب الذي بإزائه اثنا عشر فرسخاً، وليس خارج السور عمارة، ولا ضيعة، ولا قرية، وإنما خارجها الرمال. ولهذا السور الأعظم الذي يحيط بأرض بلخ اثنا عشر باباً. وللسور الثاني الذي يحيط بربض المدينة أربعة أبواب، من السور الأعظم إلى السور الثاني خمسة فراسخ. ثم سور على المدينة بين سور الربض وسور المدينة فرسخ، وفي الربض النوبهار وهي منازل البرامكة، ومن باب سور المدينة إلى الباب الذي بإزائه فرسخ، فكان مساحة المدينة ثلاثة أميال في ثلاثة أميال. ولبلخ سبعة وأربعون منبراً في مدن ليست بالعظام، مدينة يقال لها خلم، ومدينة يقال لها سمنجان، ومدينة يقال لها بغلان، ومدينة يقال لها سكلكند، ومدينة يقال لها ولوالج، ومدينة يقال لها هوظة، ومدينة يقال لها آرهن، ومدينة يقال لها راون، ومدينة يقال لها طاركان، ومدينة يقال لها نورس، ومدينة يقال لها بذخشان، ومدينة يقال لها جرم وهي آخر المدن المشرقية مما يلي بلخ إلى ناحية بلد التبت.
فأما المدن التي عن يمين المشرق: فأولها مدينة يقال لها أندراب، ومدينة يقال لها خست، ومدينة يقال لها بنجهار، ومدينة يقال لها بروان، ومدينة يقال لها غوروند، افتتحها الفضل بن يحيى بن خالد بن برمك في أيام الرشيد، وكانت ممتنعة وهي من مدن كابل شاه، فهذه المدن بين مدينة بلخ العظمى وبين الباميان. ثم مدينة الباميان وهي مدينة على جبل، وكان بها رجل دهقان يسمى أسداً، وهو بالفارسية الشير، فأسلم على يد مزاحم ابن بسطام في أيام المنصور، وزوج مزاحم بن بسطام ابنته بابنه محمد ابن مزاحم، ويكنى أبا حرب، فلما قدم الفضل بن يحيى خراسان وجه بابن له يقال له الحسن إلى غوروند فافتتحها مع جماعة من القواد، فملكه على الباميان وسماه باسم جده شير باميان، وهي من مدن طخارستان الأولى. وتخرج من جبل الباميان عيون ماء فيمر منها واد إلى القندهار مسافة شهر، ويمر نهر من شعب آخر إلى سجستان مسافة شهر، ويمر نهر آخر إلى مرو مسيرة ثلاثين يوماً، ويخرج نهر آخر إلى بلخ مسيرة اثني عشر يوماً، ونهر آخر إلى خوارزم مسير أربعين يوماُ، كل هذه الأنهار تخرج من جبل الباميان لارتفاعه، وفيه معادن نحاس ورصاص وزئبق.
وعن يسار المشرق من المدن يقال لها الترمذ، ومدينة يقال لها سرمنكان، ومدينة يقال لها دارزنكا، ومدينة يقال لها الصغانيان وهي أكبر المدن التي عن يسار المشرق من مدينة بلخ، ومدينة خرون، ومدينة يقال لها ماسند، ومدينة باساران، ومدينة يقال لها كبرسراع، ومدينة يقال لها قباذيان، ومدينة يقال لها يوز وهي بلد حاتم بن داود، ومدينة يقال لها وخش، ومدينة يقال لها هلاورد، ومدينة يقال لها كاربنك ومدينة يقال لها انديشاراع، ومدينة يقال لها روستابيك وهي مملكة الحارث بن أسد بن بيك صاحب الدواب البيكية، ومدينة يقال لها هلبك، ومدينة يقال لها منك وهي الحد إلى بلاد الترك إلى الموضع الذي يقال له راشت وكماد وبامر.
ومما يلي الشمال من مدن بلخ مدينة يقال لها درياهنين تفسيره باب الحديد، ومدينة يقال لها كش، ومدينة يقال لها نخشب، ومدينة يقال لها صغد ومنها إلى مملكة سمرقند. فأما البلدان التي في تيمن نهر بلخ ونحو القبلة فمن بلخ نحو القبلة إلى تخارستان، وإلى أندراب، وإلى الباميان وهي أول ممالك طخارستان الدنيا الغربية وهي في جبل عظيم وقلعة منيعة، ثم إلى بذخشان، وإلى مدينة كابل شاه مدينة منيعة حصينة لا يوصل إليها يقال لها حررندس، لا يوصل إليها لما دونها من الجبال الخشنة، والمسالك الحزنة، والأودية الصعبة، والقلاع المنيعة، ولها طريق من كرمان، وطريق من سجستان، وبها ملك منيع لا يكاد يؤدي الطاعة، إلا أن الفضل بن يحيى بن خالد بن برمك لما ولي خراسان للرشيد سنة ست وسبعين ومائة وجه إلى أرض كابل شاه جيوشاً عليهم إبراهيم بن جبريل وأنهض معه الملوك من بلاد طخارستان والدهاقين، وكان في الملوك الحسن الشير ملك باميان، فصاروا إلى البلاد وفتحوا مدينة الغوروند، وفج غوروند، وسارحود، وهدل استان وشاه بهار التي فيها الصنم الذي يعبدونه، فهدم وحرق بالنار واستأمن إلى الفضل بن يحيى من ملوك مدن كابل شاه أهل مدينة كاوسان مع عفرنكس ملكهم، وأهل مدينة المازران، وأهل مدينة منرحرد مع ملوكهم، فأعطاهم الأمان ووجهوا بالرهائن. ومدينة كابل العظمى التي يقال لها جروس افتتحها عبد الرحمن بن سمرة في خلافة عثمان بن عفان وهي منغلقة في هذا الوقت إلا أن التجار يدخلون إليها ويحملون منها الأهليلج الكابلي الكبار.