ومن مدينة تاهرت وما يحوز عمل ابن أفلح الرستمي إلى مملكة رجل من هوارة: يقال له ابن مسالة الأباضي، إلا أنه مخالف لابن أفلح، يحاربه، ومدينته التي يسكنها يقال لها الجبل منها إلى مدينة يقال لها يلل تقرب من البحر المالح، مسيرة نصف يوم، ولها مزارع، وقرى، وعمارات، وزرع، واشجار. ثم من مملكة ابن مسالة الهواري إلى مملكة لبني محمد بن سليمان بن عبد الله بن الحسن بن الحسن أيضاً، سوى المملكة التي ذكرناها، وهي مدينة مدكرة، ومسكنهم في المدينة العظمى التي يقال لها ثمطلاس، وأهل هذه المملكة قوم من بطون البربر، من سائر قبائلهم، وأكثرهم قوم يقال لهم بنو مطماطة، وهم بطون كثيرة؛ ولهم في مملكتهم مدينة عظيمة يقال لها ايزرج، بها بعضهم وأهل هذه المدينة مطماطة. ومدينة أيضاً يملكها رجل منهم يقال له عبيد الله تسمى المدينة الحسنة إذا فسرت من لسان البربر بالعربية. ثم إلى المدينة العظمى المشهورة بالمغرب، التي يقال لها تلمسان، وعليها سور حجارة، وخلفه سور آخر حجارة، وبها خلق عظيم، وقصور، ومنازل مشيدة، ينزلها رجل منهم يقال له محمد ابن القاسم بن محمد بن سليمان، وحول هذه المدينة قوم من البربر، يقال لهم مكناسة وسربية ثم إلى المدينة التي تسمى مدينة العلويين كانت في أيدي العلويين، من ولد محمد بن سليمان، ثم تركوها، فسكنها رجل من أبناء ملوك زناتة، يقال له علي بن حامد بن مرحوم الزناتي. ثم منها إلى مدينة يقال له نمالتة، فيها محمد بن علي ابن محمد بن سليمان، وآخر مملكة بني محمد بن سليمان بن عبد الله بن الحسن بن الحسن مدينة فالوسن، وهي مدينة عظيمة، أهلها بطون البربر من مطماطة، وترجة، وجزولة، وصنهاجة، وأنجفة، وابحره. ثم بعد مملكة بني محمد بن سليمان مملكة رجل يقال له صالح بن سعيد، يدعي أنه من حمير، وأهل البلد يزعمون أنه من أهل البلد نفزي؛ واسم مدينته العظمى التي ينزلها ناكور وهي على البحر المالح. ومن هذه المدينة جاز رجل ولد هشام بن عبد الملك بن مروان ومن معه من آل مروان إلى جزيرة الأندلس، لما هربوا من بني العباس، ومملكة صالح بن سعيد الحميري مسيرة عشرة أيام في عمارات، وحصون، وقرى، ومنازل، وزرع، وضرع، وخصب؛ وآخر مملكته مدينة يقال لها مرحانة على جبل تحتها أنهار وأودية وعمارات. ثم يصير منها إلى مملكة بني إدريس بن إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عم ، وأول حد مملكتهم بلد يقال له غميرة، بها رجل يقال له عبيد الله بن عمر ابن إدريس. ثم إلى بلد يقال له ملحاص لخانة عنده يجتمع فيها حاج السوس الأقصى وطنجة، ويملكه علي بن عمر بن إدريس. ثم قلعة صدينة وهو بلد عظيم به محمد بن عمر بن إدريس. ثم من قلعة صدينة إلى النهر العظيم الذي يقال له لمهارنة، حصون وعمارات، وبلد واسع عليه رجل من ولد داود بن إدريس بن إدريس، وإلى نهر يقال له سبو عليه حمزة بن داود ابن إدريس بن إدريس، ثم يدخل إلى المدينة العظمى التي يقال لها مدينة أفريقيا على النهر العظيم، الذي يقال له فاس، بها يحيى بن يحيى بن إدريس بن إدريس، وهي مدينة جليلة، كثيرة العمارة، والمنازل.
ومن الجانب الغربي من نهر فاس وهو نهر يقال إنه أعظم من جميع أنهار الأرض، عليه ثلاثة آلاف رحاً، تطحن المدينة التي تسمى مدينة أهل الأندلس، ينزلها داود ابن إدريس، وكل واحد من يحيى بن يحيى وداود ابن إدريس يخالف على صاحبه، يدافعه ويحاربه. وعلى طرف فاس مدينة يقال لها.... تسكنها برقسانة، قوم من البربر القدم. وعلى نهر فاس عمارات جليلة، وقرى، وضياع، ومزارع من حافتيه، يأتي ماؤه من عيون قبلية، إلا أنهم يقولون إنه لا يزيد ولا ينقص، ويغيض في النهر الذي يقال له سبو، وقد ذكرناه، ويفرغ سبو في البحر المالح، ومملكة بني إدريس واسعة كبيرة. حدثني أبو معبد عبد الرحمن بن محمد ابن ميمون بن عبد الوهاب ابن عبد الرحمن بن رستم التاهرتي قال: تاهرت مدينة كبيرة، آهلة بين جبال وأودية، ليس لها فضاء، بينها وبين البحر المالح مسيرة ثلاث رحلات، في مستوى من الأرض، وفي بعضها سباخ، ووادٍ يقال له وادي شلف، وعليه قرى وعمارة، يفيض كما يفيض نيل مصر، يزرع عليه العصفر، والكتان، والسمسم، وغير ذلك من الحبوب؛ ويصير إلى جبل يقال له أنقبق، ثم يخرج إلى بلد نفزة، ثم يصير إلى البحر المالح. وشرب أهل مدينة تاهرت من أنهار وعيون، يأتي بعضها من صحراء، وبعضها من جبل قبلي. يقال له جزول. لم يجذب زرع ذلك البلد قط، إلا أن يصيبه ريح أو برد. وهو جبل متصل بالسوس، يسميه أهل السوس درن، ويسمى بتاهرت جزول، ويسمى بالزاب أوراس.
ومن خرج من تاهرت سالك الطريق بين القبلة والغرب، سار إلى مدينة يقال لها أوزكا ثلاث مراحل، والغالب عليها فخذ من زناتة يقال لهم بنو مسرة، رئيسهم عبد الرحمن بن أودموت بن سنان، وصار بعده ولده، فانتقل ابن له يقال له زيد إلى موضع يقال له ثاربينة فولده به. ومن مدينة أوزكا لمن سلك مغرباً إلى أرض لزناتة، ثم يصير إلى مدينة سجلماسة، بعد أن يسير سبع مراحل أو نحوها، على حسب الجد في المسير والتقصير، ومسيره في قرى ليست بآهلة، وفي بعضها مفازة.