سمرقند

ومن كش إلى مدينة الصغد العظمى أربع مراحل. وسمرقند من أجل البلدان وأعظمها قدراً، وأشدها امتناعاً، وأكثرها رجالاً، وأشدها بطلاً، وأصبرها محارباً، وهي في نحر الترك. انغلقت سمرقند بعد أن افتتحت عدة مرار لمنعتها، وشجاعة رجالها، وشدة أبطالها، افتتحها قتيبة بن مسلم الباهلي في أيام الوليد بن عبد الملك، وصالح دهاقينها وملوكها. وكان عليها سور عظيم، فانهدم فبناه الرشيد أمير المؤمنين. ولها نهر عظيم يأتي من بلاد الترك كالفرات يقال له ناسف، يجري في أرض سمرقند، ثم إلى بلاد الصغد، ثم إلى أسروشنة، ويعم بلاد سمرقند وأشتاخنج وأسروشنة وشاش.

ومن سمرقند إلى أسروشنة مملكة أفشين خمس مراحل مشرقاً، ومملكة أسروشنة واسعة جليلة يقال أن فيها أربعمائة حصن، ولها عدة مدن كبار منها: أرسمندة، وزامن، ومانك، وحصنك، ولها وادٍ عظيم، يأتي من ناسف نهر سمرقند، وتوجد في ذلك الوادي سبائك ذهب، وليس بخراسان ذهب بموضع من المواضع إلا ما بلغني أنه يوجد في هذا الوادي. وفي جميع مدن خراسان قوم من العرب من مضر، وربيعة، وسائر بطون اليمن، إلا بأسروشنة فإنهم كانوا يمنعون العرب أن يجاوروهم حتى صار إليهم رجل من بني شيبان، فأقام هناك وتزوج فيهم. ومن مدينة أسروشنة إلى فرغانة مرحلتان.

فرغانة

ومدينة فرغانة التي ينزلها الملك يقال لها كاسان، وهي مدينة جليلة القدر، عظيمة الأمر، وكل هذه المدن مضافة إلى عمل سمرقند.