الجزء السابع - أخبار أبي كامل

أخبار أبي كامل

كان مغنياً محسناً مضحكاً: اسمه الغزيل، وهو مولى الوليد بن يزيد، وقيل: بل كان مولى أبيه، وقيل: بل كان أبوه مولى عبد الملك. وكان مغنياً محسناً وطيباً مضحكاً. ولم أسمع له بخبر بعد أيام بني أمية، ولعله مات في أيامهم أو قتل معهم.
غنى الوليد وأطربه فخلع عليه قلنسيته: أخبرني الحسن بن علي قال حدثنا أحمد بن الحارث الخراز عن المدائني: أن أبا كامل غنى الوليد بن يزيد ذات يوم فقال: صوت

نام من كان خـلـياً مـن ألـم

 

وبدائي بت لـيلـي لـم أنـم

أرقب الصبح كأني مـسـنـدٌ

 

في أكف القوم تغشاني الظلـم

إن سلمى ولنا مـن حـبـهـا

 

ديدنٌ في القلب ما اخضر السلم

قد سبتني بـشـتـيتٍ نـبـتـه

 

وثنايا لم يعـبـهـن قـضـم

قال فطرب الوليد وخلع عليه قلنسية وشيٍ مذهبة كانت على رأسه. فكان أبو كامل يصونها ولا يلبسها إلا من عيد إلى عيد ويمسحها بكمه ويرفعها ويبكي ويقول: إنما أرفعها لأني أجد منها ريح سيدي يعني الوليد.


الغناء في هذا الصوت هزج بالوسطى، نسبه عمرو بن بانة إلى عمر الوادي، ونسبه غيره إلى أبي كامل، وزعم آخرون أنه لحكم هكذا نسبه ابن المكي إلى حكم وزعم أنه بالبنصر.


أخبرني إسماعيل بن يونس قال حدثنا عمر بن شبة قال حدثني الأصمعي عن صفوان بن الوليد المعيطي قال: غنى أبو كامل ذات يوم الوليد بن يزيد في لحنٍ لابن عائشة، وهو:

جنباني أذاة كل لـئيم

 

إنه ما علمت شر نديم

للوليد فيه أشعار كثيرة: فخلع عليه ثيابه كلها حتى قلنسيته. ثم ذكر باقي الخبر مثل الذي تقدمه، وزاد فيه أنه أوصى أن تجعل في أكفانه. وللوليد في أبي كامل أشعار كثيرة. فمنها مما يغني به: صوت

سقيت أبا كـامـل

 

من الأصفر البابلي

وسقيتها مـعـبـداً

 

وكل فتى فاضـل

وقال أيضاً فيه:

وزقٍّ وافر الجـنـب

 

ين مثل الجمل البازل

به رحت إلى صحبي

 

وندماني أبي كامـل

شربناه وقد بـتـنـا

 

بأعلى الدير بالساحل

ولم نقبل من الواشـي

 

قبول الجاهل الخاطل

الغناء لأبي كامل خفيفٌ رملٍ بالوسطى. وذكر الهشامي أنه ليحيى المكي وأنه نحله أبو كامل. وذكر أنه لعمر الوادي أو لحكم فيه رملاً بالوسطى وهو القائم.
وأخبرني أبو الحسن محمد بن إبراهيم قريش رحمه الله أن لينشو فيه خفيف رمل. ومنها في قول الوليد: صوت

سقيت أبـا كـامـل

 

من الأصفر البابلـي

وسقيتهـا مـعـبـداً

 

وكل فتىً فـاضـل

لي المحض من ودهم

 

ويغمرهـم نـائلـي

وما لامنـي فـيهـم

 

سوى حاسدٍ جاهـل

فيه هزجٌ ينسب إلى أبي كامل وإلى حكم. وفيه لينشوا ثقيلٌ أول. أخبرني بذلك قريشٌ ووجه الرزة جميعاً.
كان المعتضد يمدح شعر الوليد ويقول: فيه شمائل الملوك: وأخبرني قريش عن أحمد بن أبي العلاء قال: كان للمعتضد علي صوتان من شعر الوليد، أحدهما:

سقيت أبا كـامـل

 

من الأصفر البابلي

والآخر:

إن في الكأس لمسكاً

 

أو بكفي من سقاني

وكان يعجب بهما ويقول لجلسائه: أما ترون شمائل الملوك في شعره! ما أبينها :

لي المحض من ودهم

 

ويغمرهـم نـائلـي

وحين يقول:

كللاني توجانـي

 

وبشعري غنياني

وقد نسب إلى الوليد بن يزيد في هذه المائة الصوت المختارة شعر صوتين، لأن ذكر سليمى في أحدهما، ولأن الصنعة في الآخر لأبي كامل ، فذكرت من ذلك ها هنا صوتين، أحدهما : صوت من المائدة المختارة

سليمى تلك في العـير

 

قفي نخبرك أو سيري

إذا ما أنت لم تـرثـي

 

لصب القلب مغمور

فلما أن دنا الصـبـح

 

بأصوات العصافـير

خرجنا نتبع الشمـس

 

عيوناً كـالـقـوارير

وفينـا شـادنٌ أحـو

 

ر من حور اليعافـير

الشعر ليزيد بن ضبة. والغناء في اللحن المختار لإسماعيل بن الهربذ، ولحنه رملٌ مطلق في مجرى الوسطى. هكذا ذكر إسحاق في كتاب شجا لابن الهربذ، وذكر في موضع آخر أن فيه لحناً لابن زرزور الطائفي رملاً آخر بالسبابة في مجرى البنصر. وذكر إبراهيم أن فيه لحناً لأبي كامل ولم يجنسه. وذكر حبش أن فيه لعطرد هزجاً بالوسطى.