الجزء السابع - أخبار أبي دهبل ونسبه

أخبار أبي دهبل ونسبه

نسبه

نسبه - فيما ذكر الزبير بن بكار وغيره - وهب بن زمعة بن أسيد بن أحيحة بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب. ولخلف بن وهب يقول عبد الله بن الزبعري أو غيره:

خلف بن وهب كل آخر ليلةٍ

 

أبداً يكثر أهلـه بـعـيال

سقياً لوهب كهلها ووليدهـا

 

ما دام في أبياتهـا الـذيال

نعم الشباب شبابهم وكهولهم

 

صيابة ليسوا من الجهـال

أمه امرأة من هذيل: وأم أبي دهبل امرأة من هذيل. وإياها يعني بقوله:

أنا ابن الفروع الكرام التي

 

هذيلٌ لأبياتـهـا سـائلة

هم ولدوني وأشبهتـهـم

 

كما تشبه الليلة القـابـلة

واسمها، فيما ذكر ابن الأعرابي، هذيلة بنت سلمة.


كان شاعراً جميلاً عفيفاً: قال المدائني: كان أبو دهبل رجلاً جميلاً شاعراً، وكانت له جمة يرسلها فتضرب منكبيه، وكان عفيفاً، وقال الشعر في آخر خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ومدح معاوية، وعبد الله بن الزبير، وقد كان ابن الزبير ولاه بعض أعمال اليمن.


سأل قوم راهباً عن أشعر الناس فأشار إليه: حدثنا محمد بن العباس اليزيدي قال حدثنا الخليل بن أسد قال حدثنا العمري عن الكلبي عن أبي مسكين، وأخبرني به محمد بن خلف بن المرزبان قال حدثني أحمد بن الهيثم بن فراس قال حدثني العباس بن هشام عن أبيه عن أبي مسكين: أن قوماً مروا براهب، فقالوا له: يا راهب، من أشعر الناس؟ قال: مكانكم حتى أنظر في كتاب عندي، فنظر في رق له عتيق ثم قال: وهبٌ من وهبين، من جمح أو جمحين.


أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثنا علي بن صالح عن عبد الله بن عروة قال: قال أبو دهبل يفخر بقومه:

قومي بنو جمح قوم إذا انحـدرت

 

شهباء تبصر في حافاتها الزغفـا

أهل الخلافة والموفون إن وعـدوا

 

والشاهدو الروع لا عزلاً ولا كشفا

قال الزبير وأنشدني عمي قال أنشدني مصعب لأبي دهبل يفخر بقومه بقوله:

أنا أبو دهـبـل وهـبٌ لـوهـب

 

من جمحٍ في العز منها والحسب

والأسرة الخضراء والعيص الأشب

 

ومن هذيل والدي عالي النـسـب

أورثني المجد أبٌ من بـعـد أب

 

رمحي رديني وسيفي المستلـب

وبيضتي قونسهـا مـن الـذهـب

 

درعي دلاصٌ سردها سردٌ عجب

والقوس فجاء لـهـا نـبـلٌ ذرب

 

محشورةٌ أحكم منهن الـقـطـب

ليوم هيجاء أعدت لـلـرهـب

 

 

كان يهوى امرأة من قومه فكادوا له عندها فهجرته: أخبرني محمد بن خلف قال حدثنا محمد بن زهير قال حدثنا المدائني: أن أبا دهبل كان يهوى امرأةً من قومه يقال لها عمرة، وكانت امرأةً جزلة يجتمع إليها الرجال للمحادثة وإنشاد الشعر والأخبار، وكان أبو دهبل لا يفارق مجلسها مع كل من يجتمع إليها، وكانت هي أيضاً محبة له. وكان أبو دهبل رجلاً سيداً من أشراف بني جمح، وكان يحمل الحملات ويعطي الفقراء ويقري الضيف. وزعمت بن جمح أنه تزوج عمرة هذه بعد ذلك، وزعم غيرهم أنه لم يصل إليها. وكانت عمرة توصيه بحفظ ما بينهما وكتمانه، فضمن لها ذلك واتصل ما بينهما. فوقفت عليه زوجته فدست إلى عمرة امرأةً داهيةً من عجائز أهلها، فجاءتها فحادثتها طويلاً ثم قالت لها في عرض حديثها: إني لأعجب لك كيف لا تتزوجين أبا دهبل مع ما بينكما! قالت: وأي شيء يكون بيني وبين أبي دهبل! قال: فتضاحكت وقالت: أتسترين عني شيئاً قد تحدثت به أشراف قريش في مجالسها وسوقة أهل الحجاز في أسواقها والسقاة في مواردها! فما يتدافع اثنان أنه يهواك وتهوينه، فوثبت عن مجلسها فاحتجبت ومنعت كل من كان يجالسها من المصير إليها. وجاء أبو دهبل على عادته فحجبته وأرسلت إليه بما كره. ففي ذلك يقول: صوت

تطاول هذا اللـيل مـا يتـبـلـج

 

وأعيت غواشي عبرتي ما تفـرج

وبت كـئيبـاً مـا أنـام كـأنـمـا

 

خلال ضلوعي جمرةٌ تـتـوهـج

فطوراً أمني النفس من عمرة المنى

 

وطوراً إذا ما لج بي الحزن أنشج

لقد قطع الواشون ما كان بـينـنـا

 

ونحن إلى أن يوصل الحبل أحوج

الغناء في البيت الأول وبعده بيت في آخر القصيدة:

أخطط في ظهر الحصير كأنني

 

أسيرٌ يخاف القتل ولهان ملفج

لمعبد ثقيلٌ أول بالوسطى. وذكر حماد عن أبيه في أخبار مالك أنه لحائد بن جرهد وأن مالكاً أخذه عنه فنسبه الناس إليه، فكان إذا غناه وسئل عنه يقول: هذا والله لحائد بن جرهد لا لي. وفيه لأبي عيسى بن الرشيد ثاني ثقيل بالوسطى عن حبش. وفي لقد قطع الواشون وقبله فطوراً أمني النفس لمالك ثقيلٌ أول بالسبابة في مجرى الوسطى عن إسحاق. وفيه لمعبد خفيف ثقيل بالوسطى عن حبش؟

رأوا غرةً فاستقبلوها بألـبـهـم

 

فراحوا على ما لا نحب وأدلجوا

وكانوا أناساً كنت آمن غيبـهـم

 

فلم ينههم حلمي ولم يتحرجـوا

فليت كوانيناً من أهلي وأهلـهـا

 

بأجمعهم في قعر دجلة لججـوا

هم منعونا ما نحـب وأوقـدوا

 

علينا وشبوا نار صرم تـأجـج

ولو تركونا لا هدى الله سعيهـم

 

ولم يلحموا قولاً من الشر ينسج

لأوشك صرف الدهر يفرق بيننا

 

ولا يستقيم الدهر والدهر أعوج

عسى كربةٌ أمسيت فيها مقيمةً

 

يكون لنا منها نجاةٌ ومـخـرج

فيكبت أعـداءٌ ويجـذل آلـفٌ

 

له كبدٌ من لوعة الحب تلعـج

وقلت لعباد وجاء كـتـابـهـا

 

لهذا وربي كانت العين تخلـج

وإني لمحزونٌ عيشة زرتـهـا

 

وكنت إذا ما جئتها لا أعـرج

أخطط في ظهر الحصير كأنني

 

أسيرٌ يخاف القتل ولهان ملفج

الملفج: الفقير المحتاج.

وأشفق قلبي من فراق خـلـيلةٍ

 

لها نسبٌ في فرع فهرٍ متـوج

وكفٌ كهداب الدمقس لـطـيفةٌ

 

بها دوس حناء حديثٌ مضـرج

يجول وشاحاها ويغتص حجلهـا

 

ويشبع منها وقف عاج ودملـج

فلما التقينا لجلجت في حديثـهـا

 

ومن آية الصرم الحديث الملجلج

شعره في عمرة: أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا الزبير بن بكار قال أنشدني عمي ومحمد بن الضحاك عن أبيه محمد بن خشرم ومن شئت من قريش لأبي دهبل في عمرة:

يا عمر حم فراقكم عـمـرا

 

وعزمت منا النأي والهجرا

يا عمر شيخك وهو ذو كرم

 

يحمي الذمار ويكرم الصهرا

إن كان هذا السحر منك فلا

 

ترعي علي وجددي السحرا

إحدى بني أود كلفت بـهـا

 

حملت بلا وتر لنـا وتـرا

وترى لها دلاً إذا نـطـقـت

 

تركت بنات فؤاده صعـرا

كتساقط الرطب الجـنـي م

 

ن الأفنان لا بثرا ولا نـزرا

أقسمت ما أحببت حـبـكـم

 

لا ثيباً خلقـت ولا بـكـرا

ومقالةٌ فيكم عركـت بـهـا

 

جنبي أريد بها لك الـعـذرا

ومريد سركم عـدلـت بـه

 

فيما يحاول معـدلاً وعـرا

قالت يقيم بنـا لـنـجـزيه

 

يوماً فخيم عندهـا شـهـرا

ما إن أقيم لحاجةٍ عرضـت

 

إلا لأبلي فـيكـم الـعـذرا

قالوا: وفيها يقول:

صوت

يلومونني في غير ذنب جنـيتـه

 

وغيري في الذنب الذي كان ألوم

أمنا أناساً كنت تأتـمـنـينـهـم

 

فزادوا علينا في الحديث وأوهموا

وقالوا لنا ما لم يقل ثـم كـثـروا

 

علينا وباحوا بالذي كنت أكـتـم

غنى في هذه الأبيات أبو كامل مولى الوليد رملاً بالبنصر:

وقد منحت عيني القذى لفراقهم

 

وعاد لها تهتانها فهي تسجـم

وصافيت نسوانا فلم أر فيهـم

 

هواي ولا الود الذي كنت أعلم

أليست عظيماً أن نكون ببلـدة

 

كلانا بها ثاوٍ ولا نـتـكـلـم

سمع أبو السائب المخزومي شعره فطرب: أخبرني حبيب بن نصر قال حدثنا عمر بن شبة قال حدثني أبو غسان قال: سمع أبو السائب المخزومي رجلاً ينشد قول أبي دهبل:

أليس عجيباً أن نكون ببلدة

 

كلانا بها ثاوٍ ولا نتكلـم

فقال له أبو السائب: قف يا حبيبي فوقف، فصاح بجارية: يا سلامة اخرجي فخرجت، فقال له: أعد بأبي أنت البيت فأعاده، فقال: بلى والله إنه لعجيبٌ عظيم وإلا فسلامة حرة لوجه الله! اذهب فديتك مصاحباً. ثم دخل ودخلت الجارية تقول له: ما لقيت منك! لا تزال تقطعني عن شغلي فيما لا ينفعك ولا ينفعني!

شاب خاطبته عشيقته بشعر أبي دهبل

وحدثني أحمد بن عبيد الله بن عمار قال: كنا نختلف إلى أبي العباس المبرد ونحن أحداثٌ نكتب عن الرواة ما يروونه من الآداب والأخبار، وكان يصحبنا فتًى من أحسن الناس وجهاً وأنظفهم ثوباً وأجملهم زياً ولا نعرف باطن أمره، فانصرفنا يوماً من مجلس أبي العباس المبرد وجلسنا في مجلس نتقابل بما كتبناه ونصحح المجلس الذي شهدناه، فإذا بجارية قد اطلعت فطرحت في حجر الفتى رقعةً ما رأيت أحسن من شكلها مختومةً بعنبر، فقرأها منفرداً بها ثم أجاب عنها ورمى بها إلى الجارية. فلم نلبث أن خرج خادم من الدار في يده كرش ، فدخل إلينا فصفع الفتى به حتى رحمناه وخلصناه من يده وقمنا أسوأ الناس حالاً. فلما تباعدنا سألناه عن الرقعة، فإذا فيها مكتوب:

كفى حزناً أنا جميعاً ببلدةٍ

 

كلانا بها ثاوٍ ولا نتكلـم

فقلنا له: هذا ابتداءٌ ظريف، فبأي شيء أجبت أنت؟ قال: هذا صوت سمعته يغني فيه، فلما قرأته في الرقعة أجبت عنه بصوت مثله. فسألناه ما هو؟ فقال: كتبت في الجواب:

أراعك بالخابور نوقٌ وأجمال

فقلنا له: ما وفاك القوم حقك قط، وقد كان ينبغي أن يدخلونا معك في القصة لدخولك في جملتنا، ولكنا نحن نوفيك حقك، ثم تناولناه فصفعناه حتى لم يدر أي طريق يأخذ، وكان آخر عهده بالاجتماع معنا.

رجع إلى أخبار أبي دهبل

أبو دهبل وعاتكة بنت معاوية أخبرني عمي قال حدثني الكراني قال حدثني العمري عن الهيثم بن عدي قال حدثنا صالح بن حسان قال، وأخبرني بهذا الخبر محمد بن خلف بن المرزبان قال حدثني محمد بن عمر قال حدثني محمد بن السري قال حدثني هشام بن الكلبي عن أبيه، يزيد أحدهما على الآخر في خبره، واللفظ لصالح بن حسان وخبره أتم، قال: حجت عاتكة بنت معاوية بن أبي سفيان، فنزلت من مكة بذي طوى. فبينا هي ذات جالسة وقد اشتد الحر وانقطع الطريق، وذلك في وقت الهاجرة، إذ أمرت جواريها فرفعن الستر وهي جالسةٌ في مجلسها عليها شفوفٌ لها تنظر إلى الطريق، إذ مر بها أبو دهبل الجمحي، وكان من أجمل الناس وأحسنهم منظراً، فوقف طويلاً ينظر إليها وإلى جمالها وهي غافلة عنه، فلما فطنت له سترت وجهها وأمرت بطرح الستر وشتمته. فقال أبو دهبل:

إني دعاني الحين فاقتادنـي

 

حتى رأيت الظبي بالبـاب

يا حسنه إذا سبني مـدبـراً

 

مستتراً عني بجـلـبـاب

سبحان من وقفها حـسـرةً

 

صبت على القلب بأوصاب

يذود عنها إن تطلبـتـهـا

 

أبٌ لها لـيس بـوهـاب

أحلها قصراً منيع الـذرى

 

يحمى بأبواب وحـجـاب

قال: وأنشد أبو دهبل هذه الأبيات بعض إخوانه، فشاعت بمكة وشهرت وغنى فيها المغنون، حتى سمعتها عاتكة إنشاداً وغناءً، فضحكت وأعجبتها إليه بكسوةٍ، وجرت الرسل بينهما. فلما صدرت عن مكة خرج معها إلى الشأم ونزل قريباً منها، فكانت تعاهده بالبر واللطف حتى وردت دمشق وورد معها، فانقطعت عن لقائه وبعد من أن يراها، ومرض بدمشق مرضاً طويلاً. فقال في ذلك:

طال ليلي وبت كالـمـحـزون

 

ومللت الـثـواء فـي جـيرون

وأطلت المقام بالـشـأم حـتـى

 

ظن أهلي مرجمات الظـنـون

فبكت خشية التـفـرق جـمـلٌ

 

كبكاء القـرين إثـر الـقـرين

وهي زهراء مثل لـؤلـؤة الـغ

 

واص ميزت من جوهر مكنون

وإذا ما نسبتهـا لـم تـجـدهـا

 

في سناء من الـمـكـارم دون

ثم خاصرتها إلى القبة الـخـض

 

راء تمشي في مرمرٍ مسنـون

قبةٌ من مراجـل ضـربـوهـا

 

عند برد الشتاء فـي قـيطـون

عن يساوي إذا دخلت من الـبـا

 

ب وإن كنت خارجاً عن يمينـي

ولقد قلت إذ تطاول سـقـمـي

 

وتقلبت ليلـتـي فـي فـنـون

ليت شعري أمن هوى طار نومي

 

أم براني الباري قصير الجفـون

قال: وشاع هذا الشعر حتى بلغ معاوية فأمسك عنه، حتى إذا كان في يوم الجمعة دخل عليه الناس وفيهم أبو دهبل، فقال معاوية لحاجبه: إذا أراد أبو دهبل الخروج فامنعه واردده إلي، وجعل الناس يسلمون وينصرفون، فقام أبو دهبل لينصرف، فناداه معاوية: يا أبا دهبل إلي، فلما دنا إليه أجلسه حتى خلا به، ثم قال له: ما كنت ظننت أن في قريش أشعر منك حيث تقول:

ولقد قلت إذ تطاول سـقـمـي

 

وتقلبت ليلـتـي فـي فـنـون

ليت شعري أمن هوىً طار نومي

 

أم براني الباري قصير الجفـون

غير أنك قلت:

وهي زهراء مثل لؤلـؤة الـغ

 

واص ميزت من جوهر مكنون

وإذا ما نسبتها لـم تـجـدهـا

 

في سناء من المـكـارم دون

ووالله إن فتاةً أبوها معاوية وجدها أبو سفيان وجدتها هند بنت عتبة لكما ذكرت، وأي شيء زدت في قدرها! ولقد أسأت في قولك:

ثم خاصرتها إلى القبة الخض

 

راء تمشي في مرمر مسنون

فقال: والله يا أمير المؤمنين، ما قلت هذا، وإنما قيل على لساني. فقال له: أما من جهتي فلا خوف عليك، لأني أعلم صيانة ابنتي نفسها، وأعرف أن فتيان الشعر لم يتركوا أن يقولوا النسيب في كل من جاز أن يقولوه فيه وكل من لم يجز، وإنما أكره لك جوار يزيد، وأخاف عليك وثباته، فإن له سورة الشباب وأنفة الملوك. وإنما أراد معاوية أن يهرب أبو دهبل فتنقضي المقالة عن ابنته، فحذر أبو دهبل فخرج إلى مكة هارباً على وجهه، فكان يكاتب عاتكة. فبينا معاوية ذات يوم في مجلسة إذ جاءه خصي له فقال: يا أمير المؤمنين، والله لقد سقط إلى عاتكة اليوم كتاب، فلما قرأته بكت ثم أخذته فوضعته تحت مصلاها، وما زالت خاثرة النفس منذ اليوم. فقال له: اذهب فالطف لهذا الكتاب حتى تأتيني به. فانطلق الخصي، فلم يزل يلطف حتى أصاب منها غرةً فأخذ الكتاب وأقبل به إلى معاوية، فإذا فيه:

أعاتك هلا إذا بخلـت فـلا تـرى

 

لذي صبورة زلفى لديك ولا حقـا

رددت فؤاداً قد تولى بـه الـهـوى

 

وسكنت عيناً لا تمـل ولا تـرقـا

ولكن خلعت القلب بالوعد والمنـى

 

ولم أر يوماً منك جودا ولا صدقـا

أتنسين أيامي بربـعـك مـدنـفـاً

 

صريعاً بأرض الشأم ذا سقم ملقى

وليس صديقٌ يرتضـى لـوصـيةٍ

 

وأدعو لدائي بالشراب فما أسقـى

وأكبر همي أن أرى لك مـرسـلاً

 

فطول نهاري جالسٌ أرقب الطرقا

فواكبدي إذ ليس لي منك مجـلـسٌ

 

فأشكو الذي بي من هواك وما ألقى

رأيتك تزدادين للـصـب غـلـظةً

 

ويزداد قلبي كل يوم لكم عشـقـا

قال: فلما قرأ معاوية هذا الشعر بعث إلى يزيد بن معاوية، فأتاه فدخل عليه فوجد معاوية مطرقاً، فقال: يا أمير المؤمنين، ما هذا الأمر الذي شجاك؟ قال: أمر أمرضني وأقلقني منذ اليوم، وما أدري ما أعمل في شأنه. قال: وما هو يا أمير المؤمنين؟ قال: هذا الفاسق أبو دهبل كتب بهذه الأبيات إلى أختك عاتكة، فلم تزل باكيةً منذ اليوم، وقد أفسدها، فما ترى فيه؟ فقال: الله إن الرأي لهينٌ. قال: وما هو؟ قال: عبدٌ من عبيدك يكمن له في أزقة مكة فيريحنا منه. قال معاوية: أف لك؟ والله إن امرأً يريد بك ما يريد ويسمو بك إلى ما يسمو لغير ذي رأيٍ، وأنت قد ضاق درعك بكلمة وقصر فيها باعك حتى أردت أن تقتل رجلاً من قريش! أو ما تعلم أنك إذا فعلت ذلك صدقت قوله وجعلتنا أحدوثةً أبداً؟ قال: يا أمير المؤمنين، إنه قال قصيدة أخرى تناشدها أهل مكة وسارت حتى بلغتني وأوجعتني وحملتني على ما أشرت به فيه. قال: وما هي؟ قال قال :

ألا لا تقل مهلاً فقد ذهب المهـل

 

وما كل من يلحى محباً له عقـل

لقد كان في حولين حالا ولـم أزر

 

هواي وإن خوفت عن حبها شغل

حمى الملك الجبار عني لقـاءهـا

 

فمن دونها تخشى المتالف والقتل

فلا خير في حب يخاف وبـالـه

 

ولا في حبيبٍ لا يكون له وصـل

فواكبدي إني شهرت بـحـبـهـا

 

ولم يك فيما بيننـا سـاعةً بـذل

ويا عجباً إني أكـاتـم حـبـهـا

 

وقد شاع حتى قطعت دونها السبل

قال: فقال معاوية: قد والله رفهت عني، فما كنت آمن أنه قد وصل إليها، فأما الآن وهو يشكو أنه لم يكن بينهما وصل ولا بذلٌ فالخطب فيه يسير، قم عني فقام يزيد فانصرف. وحج معاوية في تلك السنة، فلما انقضت أيام الحج كتب أسماء وجوه قريش وأشرافهم وشعرائهم وكتب فيهم اسم أبي دهبل، ثم دعا بهم ففرق في جميعهم صلاتٍ سنيةً وأجازهم جوائز كثيرةً. فلما قبض أبو دهبل جائزته وقام لينصرف دعا به معاوية فرجع إليه، فقال له: يا أبا دهبل، ما لي رأيت أبا خالد يزيد بن أمير المؤمنين عليك ساخطاً في قوارص تأتيه عنك وشعرٍ لا تزال قد نطقت به وأنفذته إلى خصمائنا وموالينا، لا تعرض لأبي خالد. فجعل يعتذر إليه ويحلف له أنه مكذوبٌ عليه. فقال له معاوية: لا بأس عليك، وما يضرك ذلك عندنا، هل تأهلت؟ قال: لا. قال: فأي بنات عمك أحب إليك؟ قال: فلانة، قال: قد زوجتكها وأصدقتها ألفي دينار وأمرت لك بألف دينار. فلما قبضها قال: إن رأي أمير المؤمنين أن يعفو لي عما مضى! فإن نطقت ببيت في معنى ما سبق مني فقد أبحت به دمي وفلانة التي زوجتنيها طالقٌ البتة. فسر بذلك معاوية وضمن له رضا يزيد عنه ووعده بإدرار ما وصله به في كل سنة، وانصرف إلى دمشق. ولم يحجج معاوية في تلك السنة إلا من أجل أبي دهبل.


قصته مع شامية تزوجها أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثني عمي مصعب قال حدثني إبراهيم بن عبد الله قال: خرج أبو دهبل يريد الغزو، وكان رجلاً صالحاً وكان جميلاً. فلما كان بجيرون جاءته امرأةٌ فأعطته كتاباً فقالت: اقرأ لي هذا الكتاب فقرأه لها، ثم ذهبت فدخلت قصراً ثم خرجت إليه فقالت: لو بلغت القصر فقرأت الكتاب على امرأة كان لك فيه أجرٌ إن شاء الله، فإنه من غائب لها يعنيها أمره، فبلغ معها القصر، فلما دخلا إذا فيه جوارٍ كثيرة، فأغلقن القصر عليه، وإذا فيه امرأة وضيئة، فدعته إلى نفسها فأبى، فأمرت به فحبس في بيت في القصر وأطعم وسقي قليلاً قليلاً حتى ضعف وكاد يموت، ثم دعته إلى نفسها فقال: لا يكون ذلك أبداً، ولكني أتزوجك، قالت: نعم، فتزوجها، فأمرت به فأحسن إليه حتى رجعت إليه نفسه، فأقام معها زماناً طويلاً لا تدعه يخرج، حتى يئس منه أهله وولده، وتزوج بنوه وبناته واقتسموا ماله، وأقامت زوجته تبكي عليه حتى عمشت ولم تقاسمهم ماله. ثم إنه قال لامرأته: إنك قد أثمت في وفي ولدي وأهلي، فأذني لي أطالعهم وأعود إليك، فأخذت عليه أيماناً ألا يقيم إلا سنةً حتى يعود إليها. فخرج من عندها يجر الدنيا حتى قدم على أهله، فرأى حال زوجته وما صار إليه ولده. وجاء إليه ولده، فقال لهم: لا والله ما بيني وبينكم عمل، أنتم قد ورثتموني وأنا حي فهو حظكم، والله لا يشرك زوجتي فيما قدمت به أحد، ثم قال لها: شأنك به فهو لك كله. وقال في الشامية:

صاح حـياً الإلـه حـيا ودوراً

 

عند أصل القناة مـن جـيرون

عن يساري إذا دخلت من البـا

 

ب وإن كنت خارجاً عن يميني

فبذاك اغتربت في الشأم حتـى

 

ظن أهلي مرجمات الظنـون

وهي زهراء مثل لؤلـؤة الـغ

 

واص ميزت من جوهرٍ مكنون

وإذا ما نسبتها لـم تـجـدهـا

 

في سناء من المـكـارم دون

تجعل المسك واليلنـجـوج وال

 

ند صلاءً لها على الكـانـون

ثم ماشيتها إلى القبة الـخـض

 

راء تمشي في مرمر مسنـون

وقبابٍ قد أسـرجـت وبـيوت

 

نظمت بالريحان والـزرجـون

قبة من مراجل ضـربـوهـا

 

عند حد الشتاء فـي قـيطـون

ثم فارقتها على خـير مـا كـا

 

ن قرينٌ مـفـارقٌ لـقـرين

فبكت خشية التفـرق لـلـبـي

 

ن بكاء الحزين إثر الـحـزين

واسألي عن تذكري واطمئنـي

 

لأناسي إذا هـم عـذلـونـي

فلما حل الأجل أراد الخروج إليها، فجاءه موتها فأقام.


وفد على ابن الأزرق فجفاه فذمه ثم مدحه لما أكرمه: أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثني الزبير بن بكار قال حدثني عمي مصعب قال: وفد أبو دهبل الجمحي على ابن الأزرق عبد الله بن عبد الرحمن بن الوليد بن عبد شمس بن المغيرة بن عبد لله بن مخزوم، وكان يقال له ابن الأزرق والهبرزي ، وكان عاملاً لعبد الله بن الزبير على اليمن، فأنكره ورأى منه جفوةً، فمضى إلى عمارة بن عمرو بن حزم، وهو عامل لعبد الله بن الزبير على حضرموت، فقال يمدحه ويعرض بابن الأزرق:

يا رب حـي بـخـير مـا

 

حييت إنسـانـاً عـمـاره

أعطي فـأسـنـانـاً ولـم

 

يك من عطيته الصغـاره

ومن العطـية مـا تـرى

 

جذماه ليس لـهـا نـزاره

حجراً تـقـلـبـه وهـل

 

تعطي على المدح الحجارة

كالبغـل يحـمـد قـائمـاً

 

وتذم مشيته الـمـصـاره

ثم رجع من عند عمارة بن عمرو بن حزم فقدم، فقال له حنين مولى ابن الأزرق في السر: أرى أنك عجلت على ابن عمك وهو أجود الناس وأكرمهم، فعد إليه فإنه غير تاركك، واعلم أنا نخاف أن يكون قد عزل فلازمه ولا يفقدك، فإني أخاف أن ينساك، ففعل وأعطاه وأرضاه. فقال في ذلك:

يا حن إني لما حدثتـنـي أصـلاً

 

مرنح من صميم الوجد معـمـود

نخاف عزل امرىء كنا نعيش بـه

 

معروفه إن طلبنا الجود موجـود

اعلم بأني لمن عاديت مضطـغـنٌ

 

ضباً وأني عليك اليوم محـسـود

وأن شكرك عندي لا انقضاء لـه

 

ما دام بالهضب من لبنان جلمـود

أنت الممدح والمغلي به ثـمـنـاً

 

إذ لا تمدح صم الجندل الـسـود

إن تغد من منقلي نجران مرتحـلا

 

يرحل من اليمن المعروف والجود

ما زلت في دفعات الخير تفعلهـا

 

لما اعترى الناس لأواءٌ ومجهـود

حتى الذي بين عسفانٍ إلـى عـدنٍ

 

لحبٌ لمن يطلب المعروف أخدود

قال: وأنشدنيها محمد بن الضحاك بن عثمان قال سمعتها من أبي.

حديثه عن نظم بيت من شعره

أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال أخبرني الزبير بن بكار، وحدثني حمزة بن عتبة قال: قال أبو دهبل الجمحي: لما قلت أبياتي التي قلت فيها:

اعلم بأني لمن عاديت مضطغنٌ

 

ضباً وأني عليك اليوم محسود

قلت فيها نصف بيت وأن شكرك عندي لا انقضاء له ثم أرتج علي فأقمت حولين لا أقع على تمامه، حتى سمعت رجلاً من الحاج في الموسم يذكر لبنان، فقلت: ما لبنان؟ فقال: جبل بالشأم، فأتممت نصف البيت:

ما دام بالهضب من لبنان جلمود

فضل إبراهيم بن هشام شعره على شعر نصيب: قال الزبير وحدثني محمد بن حبش المخزومي قال: دخل نصيبٌ على إبراهيم بن هشام وهو والٍ على المدينة فأنشده قصيدةً مدحه فيها، فقال إبراهيم بن هشام: ما هذا بشيء، أين هذا من قول أبي دهبل لصاحبنا ابن الأزرق حيث قال:

إن تغد من منقلي نجران مرتحلا

 

يبن من اليمن المعروف والجود

فغضب نصيبٌ فحمي فنزع عمامته وطرحها وبرك عليها، ثم قال: إن تأتونا برجال مثل ابن الأزرق نأتكم بمديح أجود من مديح أبي دهبل.
قال الزبير وحدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد العزيز الزهري قال حدثني إسماعيل بن يعقوب بن مجمع التيمي قال: كان إبراهيم بن هشام جباراً وكان يقيم بلا إذنٍ إذ كان على المدينة الأشهر. فإذا أذن للناس أذن معهم لشاعر، فينشد قصيدة مديح لهشام بن عبد الملك وقصيدة مديح لإبراهيم بن هشام. فأذن لهم يوماً، وكان الشاعر الذي أذن له معهم نصيباً وعليه جبة وشيٍ، فاستأذنه في الإنشاد فأذن له، فأنشده قصيدةً لهشام بن عبد الملك ثم قطعها وأنشد قصيدة مديح لإبراهيم بن هشام، وقصيدة هشام أشعر، فأراد الناس ممالحة نصيب فقالوا: ما أحسن هذا يا أبا محجن! أعد هذا البيت. فقال إبراهيم: أكثرتم، إنه لشاعرٌ، وأشعر منه الذي يقول في ابن الأزرق:

إن تمس من منقلي نجران مرتحلاً

 

يبن من اليمن المعروف والجـود

ما زلت في دفعات الخير تفعلهـا

 

لما اعترى الناس لأواءٌ ومجهود

وحمي نصيب فقال: إنا والله ما نصنع المديح إلا على قدر الرجال، كما يكون الرجل يمدح. فعم الناس الضحك وحلم عنه، وقال الحاجب: ارتفعوا، فلما صاروا في السقيفة ضحكوا وقالوا: أرأيتم مثل شجاعة هذا الأسود على هذا الجبار! وحلم من غير حلم.

 مدح ابن الأزرق بعد عزله

وذم إبراهيم بن سعد:

قال الزبير وحدثني عمي مصعب قال: خرج أبو دهبل يريد ابن الأزرق فلقيه معزولاً، فشق ذلك عليه واسترجع، فقال له ابن الأزرق: هون عليك! لم يفتك شيءٌ، فأعطاه مائتي دينار . فقال في ذلك أبو دهبل:

أعطى أميراً ومنزوعاً وما نزعت

 

عنه المكارم تغشاه وما نـزعـا

وحدثني محمد بن الضحاك مثل ذلك وأنشدني البيت.


وأخبرني محمد بن خلف بن المرزبان قال حدثني أبو توبة صالح بن محمد بن دراج قال حدثنا أبو عمرو الشيباني قال: ولى عبد الله بن الزبير ابناً لسعد بن أبي وقاص يقال له إبراهيم مكان الثبت بن عبد الرحمن بن الوليد الذي يقال له ابن الأزرق، فخرج حتى نزل بزبيد ، فقال لابن الأزرق: هلم حسابك، فقال: مالك عندي حساب ولا بيني وبينك عملٌ، وخرج متوجهاً إلى مكة. فاستأذنه أبو دهبل في صحبة الوقاصي فأذن له فرجع معه، حتى إذا دخلوا صنعاء لقيهم بحير بن ريسان في نفرٍ كثير من الفرس وغيرهم، ومضى ابن الأزرق ومعه ما احتمله من أموال اليمن، فسار يوماً ثم نزل فضرب رواقه ودعا الناس فأعطاهم ذلك المال حتى لم يبق منه درهم فقال أبو دهبل:

أعطى أميراً ومنزوعاً وما نزعت

 

عنه المكارم تغشاه وما نـزعـا

وأقام أبو دهبل مع الوقاصي، فلم يصنع به خيراً. فقال أبو دهبل:

ماذا رزئنا غداة الخل من رمعٍ

 

عند التفرق من خيم ومن كرم

ظل لنا واقفاً يعطي فأكثر مـا

 

سمى وقال لنا في قوله نعـم

نعم حرف موقوف فإذا حرك أجريت حركته إلى الخفض لأنه أولى بالساكن:

ثم انتحى غير مذمومٍ وأعـينـنـا

 

لما تولى بدمع واكـفٍ سـجـم

تحمله الناقة الأدماء معـتـجـرا

 

بالبرد كالبدر جلى ليلة الظـلـم

وكيف أنسـاك لا أيديك واحـدةٌ

 

عندي ولا بالذي أوليت من قـدم

حتى لقينا بحيراً عند مقـدمـنـا

 

في موكب كضباع الجزع مرتكم

لما رأيت مقامي عند بـابـهـم

 

وددت أني بذاك الباب لـم أقـم

بحير بن ريسان وشعره فيه

وبحير بن ريسان الذي يقول فيه أبو دهبل:

بحير بن ريسان الذي سكن الجند

 

يقول له الناس الجواد ومن ولـد

له نفحاتٌ حين يذكر فـضـلـه

 

كسيل ربيع في ضحاضحة السند

في هذين البيتين هزج بالبنصر ذكر عمرو بن بانة أنه ليمان، وذكر الهشامي أنه لابن جامع.


مدائحه في ابن الأزرق: أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان قال حدثنا أبو توبة عن أبي عمرو الشيباني قال: كان ابن الزبير بعث عبد الله بن عبد الرحمن على بعض أعمال اليمن، فمد يده إلى أموالها وأعطى أعطيةً سنية وبث في قريش منها أشياء جزيلةً فأثنت عليه قريش ووفدوا إليه فأسنى لهم العطايا. وبلغ ذلك عبد الله بن الزبير فحسده وعزله بإبراهيم بن سعد بن أبي وقاص. فلما قدم عليه أراد أن يحاسبه، فقال له: مالك عندي حساب ولا بيني وبينك عمل، وقدم مكة، فخافت قريشٌ ابن الزبير عليه أن يفتشه أو يكشفه فلبست السلاح وخرجت إليه لتمنعه، فلما لقيهم نزلت إليه قريشٌ فسلمت عليه وبسطت له أرديتها وتلقته إماؤهم وولائدهم بمجامر الألوة والعود المندلي يبخرون بين يديه حتى انتهى إلى المسجد وطاف بالبيت، ثم جاء إلى ابن الزبير فسلم عليه وهم معه مطيفون به. فعلم ابن الزبير أنه لا سبيل له إليه فما عرض ولا صرح له بشيء. ومضى إلى منزله. فقال أبو دهبل:

فمن يك شان العزل أو هد ركنه

 

لأعدائه يوماً فما شانك العـزل

وما أصبحت من نعمة مستفـادةٍ

 

ولا رحمٍ إلا عليها لك الفضـل

وقال أبو دهبل أيضاً فيه - أخبرني بذلك ابن المرزبان عن أبي توبة عن أبي عمرو الشيباني، وأخبرني به الحرمي عن الزبير عن عمه - :

عقم النساء فلم يلدن شبيهه

 

إن النساء بمثلـه عـقـم

متهللٌ بنعم بلا متـبـاعـدٌ

 

سيان منه الوفر والـعـدم

نزر الكلام من الحياء تخاله

 

ضمنا وليس بجسمه سقـم

وفد على سليمان بن عبد الملك

فلم يحسن وفادته ثم رضي عنه:

أخبرني محمد بن خلف قال حدثنا أبو توبة عن أبي عمرو قال: قال أبو دهبل يمدح ابن الأزرق:

بأبي وأمي غير قول البـاطـل

 

الكامل ابن الكامل ابن الكامـل

والحازم الأمر الكـريم بـرأيه

 

والواصل الأرحام وابن الواصل

جمع الرياسة والسماح كليهمـا

 

جمع الجفير قداح نبل النابـل

أخبرني محمد بن خلف قال حدثني محمد بن عمر قال حدثني سليمان بن عباد قال حدثني أبو جعفر الشويفعي رجل من أهل مكة قال: قدم سليمان بن عبد الملك مكة في حر شديد، فكان ينقل سريره بفناء الكعبة وأعطى الناس العطاء. فلما بلغ بني جمح نودي بأهل دهبل، فقال سليمان: أين أبو دهبل الشاعر؟ علي به، فأتي به، فقال سليمان: أنت أبو دهبل الشاعر؟ قال: نعم، قال: فأنت القائل:

فتنةٌ يشعـلـهـا ورادهـا

 

حطب النار فدعها تشتعل

فإذا ما كان أمنٌ فـأتـهـم

 

وإذا ما كان خوفٌ فاعتزل

قال: نعم. قال: وأنت القائل:

يدعون مروان كيما يستجيب لهـم

 

وعند مروان خار القوم أو رقدوا

قد كان في قوم موسى قبلهم جسد

 

عجلٌ إذا خار فيهم خورةً سجدوا

قال: نعم. قال: أنت القائل هذا ثم تطلب ما عندنا، لا والله ولا كرامة! فقال: يا أمير المؤمنين، إن قوماً فتنوا فكافحوكم بأسيافهم وأجلبوا عليكم بخيلهم ورجلهم ثم أدالكم الله منهم فعفوتم عنهم، وإنما فتنت فقلت بلساني، فلما لا يعفى عني! فقال سليمان: قد عفونا عنك وأقطعه قطيعةً بحاذان باليمن. فقيل لسليمان: كيف أقطعته هذه القطيعة! قال: أردت أن أميته وأميت ذكره بها.

أبو دهبل وعمرة محبوبته

أخبرني محمد بن خلف قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا المدائني عن جماعة من الرواة: أن أبا دهبل كان يهوى امرأةً من قومه يقال لها عمرة وكان امرأةً جزلةً يجتمع الرجال عندها لإنشاد الشعر والمحادثة، وكان أبو دهبل لا يفارق مجلسها مع كل من يجتمع إليها، وكانت هي أيضاً محبةً له. وكان أبو دهبل من أشراف بني جمح، وكان يحمل الحمالة وكان مسوداً، وزعمت بنو جمح أنه تزوجها بعد، وزعم غيرهم من الرواة أنه لم يصل إليها ولم يجر بينهما حلال ولا حرام. قال: وكانت عمرة تتقدم إلى أبي دهبل في حفظ ما بينهما وكتمانه، فضمن ذلك لها. فجاء نسوةٌ كن يتحدثن إليها فذكرن لها شيئاً من أبي دهبل وقلن: قد علق امرأةً، قالت: وما ذاك؟ قلن: ذكر أنه عاشق لك وأنك عاشقة له. فرفعت مجلسها ومجالسة الرجال ظاهرةً وضربت حجاباً بينهم وبينها، وكتبت إلى أبي دهبل تعذله وتخبره بما بلغها من سوء صنيعه. فعند ذلك يقول:

تطاول هذا اللـيل مـا يتـبـلـج

 

وأعيت غواشي عبرتي ما تفـرج

وبت كـئيبـاً مـا أنـام كـأنـمـا

 

خلال ضلوعي جمرةٌ تـتـوهـج

فطوراً أمني النفس من عمرة المنى

 

وطوراً إذا ما لج بي الحزن أنشج

لقد قطع الواشون ما كان بـينـنـا

 

ونحن إلى أن يوصل الحبل أحوج

رأوا غرةً فاستقبلوها بـألـبـهـم

 

فراحوا على ما لا نحب وأدلجـوا

وكانوا أناساً كنـت آمـن غـيهـم

 

فلم ينههم حلم ولـم يتـحـرجـوا

هم منعونا مـا نـحـب وأوقـدوا

 

علينا وشبوا نـار صـرم تـأجـج

ولو تركونا لا هدى الله سـعـيهـم

 

ولم يلحموا قولاً من الشر ينـسـج

لأوشك صرف الدهر يفرق بينـنـا

 

وهل يستقيم الدهر والدهر أعـوج

عسى كربةٌ أمسيت فيها مـقـيمةً

 

يكون لنا منها نـجـاة ومـخـرج

فيكـبـت أعـداءٌ ويجـذل آلـفٌ

 

له كبد من لوعة الحب تـنـضـج

وقلت لعبـاد وجـاء كـتـابـهـا

 

لهذا وربي كانت العين تـخـلـج

وخططت في ظهر الحصير كأنني

 

أسيرٌ يخاف القتل ولهان ملـفـج

فلما التقينا لجلجلت في حـديثـهـا

 

ومن آية الصرم الحديث الملجلـج

وإني لمحجوبٌ عـشـية زرتـهـا

 

وكنت إذا ما جئتـهـا لا أعـرج

وأعيا علي القول والقـول واسـعٌ

 

وفي القول مستنٌ كثيرٌ ومخـرج

أبو السائب المخزومي وأبو جندب الهذلي تغنيهما جارية بشعر أبي دهبل: أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثني الزبير بن بكار قال حدثني خالد بن بكر الصواف قال: أتيت ابن أبي العراقيب فسألته أن يدخلني على جارية مغنية لم ير أحدٌ مثلها قط، فقال لي: إن في البيت والله شيخين كريمين علي، لا أدري ما يوافقهما من دخول أحد عليهما، فلو أقمت حتى أطلع رأيهما في ذلك، فدخل ثم خرج إلي فقال: ادخل فدخلت، فإذا أبو السائب المخزومي وأبو جندب الهذلي، وخرجت علينا الجارية قاطبةً عابسةً، فلما وضع العود في حجرها اندفعت تغني وتقول:

عسى كربةٌ أمسيت فيها مقيمةً

 

يكون لنا منها نجاة ومخـرج

وإني لمحجوبٌ غداة أزورها

 

وكنت إذا ما زرتها لا أعرج

قال: ثم بكت، فوثبا عليه جميعاً فقالا له: لعلك أربتها بشيء، عليك وعلينا إن لم تقم إليها حتى تقبل رأسها وتترضاها، ففعل.
نسبة ما في هذه القصيدة من الغناء

صوت

تطاول هذا الليل مـا يتـبـلـج

 

وأعيت غواشي عبرتي ما تفرج

أخطط في ظهر الحصير كأنني

 

أسيرٌ يخاف القتل ولهان ملفـج

الغناء لمعبد ثقيل أول بالوسطى عن عمرو. وفيه لحن لمالك ذكره حماد عن أبيه في أخبار مالك ولم يجنسه. وحكي أن مالكاً كان إذا سئل عنه يذكر أنه أخذه من حائد بن جرهد فقومه وأصلحه. وفيه لأبي عيسى بن الرشيد ثاني ثقيل بالوسطى عن حبش والهشامي.

صوت

لقد قطع الواشون ما كان بـينـنـا

 

ونحن إلى أن يوصل الحبل أحوج

فطوراً أمني النفس من عمرة المنى

 

وطوراً إذا ما لج بي الهم أنـشـج

الغناء لمالك ثقيل أول بالسبابة في مجرى البنصر عن إسحاق. وذكر حبش أن فيه لمعبد خفيف ثقيل بالوسطى.
شعره في رثاء الحسين بن علي: أخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثني عمي مصعب قال: قال أبو دهبل في قتل الحسين بن علي صلوات الله عليه وزكواته:

تبيت سكارى من أمـية نـومـاً

 

وبالطف قتلي ما ينام حميمهـا

وما أفسد الإسلام إلا عـصـابةٌ

 

تأمر نوكاها ودام نـعـيمـهـا

فصارت قناة الدين في كف ظالمٍ

 

إذا اعوج منها جانب لا يقيمهـا

قصيدته الدالية

قال الزبير وحدثني يحيى بن مقداد بن عمران بن يعقوب الزمعي قال حدثني عمي موسى بن يعقوب قال أنشدني أبو دهبل قصيدته التي تقول فيها:

سقى الله جازاناً فمن حل ولـيه

 

فكل فسيلٍ من سهام وسـردد

ومحصوله الدار التي خيمت بها

 

سقاها فأروى كل ربع وفدفـد

فأنت التي كلفتني البرك شاتـياً

 

وأوردتنيه فانظري أي مـورد

صوت

فواندمي أن لم أعج إذ تقـول لـي

 

تقدم فشيعنا إلى ضحـوة الـغـد

تكن سكناً أو تقدر العـين أنـهـا

 

ستبكي مراراً فآسل من بعد واحمد

فأصبحت مما كان بيني وبـينـهـا

 

سوى ذكرها كالقابض الماء بالـيد

الغناء لابن سريج خفيف رملٍ بالوسطى عن عمرو. وفيه لبذل الكبير رملٌ عن الهشامي:

لعلك أن تلقى محباً فتشتفـي

 

برؤية ريم بضة المتـجـرد

بلاد العدا لم تأتها غير أنهـا

 

بها هم نفسي من تهامٍ ومنجد

وما جعلت ما بين مكة ناقتي

 

إلى البرك إلا نومة المتهجد

وكانت قبيل الصبح تنبذ رحلها

 

بدومة من لغط القطا المتبدد

قال فقلت: يا عمي فما يمنعك أن تكتري دابةً بدرهمين فتشيعها وتصبح معك، فضحك وقال: نفع الله بك يا بن أخي، أما علمت أن الندم توبةٌ، وعمك كان أشغل مما تحسب.

أنشد أبو السائب شعراً له فتهكم به

قال الزبير وحدثني عمي مصعب بن عبد الله قال: أنشد رجل أبا السائب المخزومي قصيدة أبي دهبل:

سقى الله جازاناً فمن حل وليه

 

فكل فسيلٍ من سهام وسردد

فلما بلغ قوله:

فواندمي أن لم أعج إذ تقول لي

 

تقدم فشيعنا إلى ضحوة الغـد

قال أبو السائب: ما صنع شيئاً! ألا اكتري حماراً بدرهمين فشيعهم ولم يقل فواندمي أو اعتذر! وإني أظن أنه قد كان له عذرٌ. قال: وما هو؟ قال: أظنه كان مثلي لا يجد شيئاً.

قصيدته الميمية

فقال الزبير وحدثني ابن مقداد قال حدثني عمي موسى بن يعقوب قال أنشدني أبو دهبل قوله:

صوت

ألا علق القلب المتيم كـلـثـمـا

 

لجاجاً ولم يلزم من الحب ملزما

خرجت بها من بطن مكة بعدمـا

 

أصات المنادي بالصلاة فأعتمـا

فما نام من راعٍ ولا ارتد سامـرٌ

 

من الحي حتى جاوزت بي يلملما

ومرت ببطن الليث تهوي كأنمـا

 

تبادر بالإدلاج نهباً مـقـسـمـا

غنى في هذه الأبيات ابن سريج خفيف رمل بالبنصر عن الهشامي. قال: وفيه هزجٌ يمانٍ بالوسطى، وذكر عمرو بانة أن خفيف الثقيل هو اليماني. وفيه لفيل مولى العبلات رملٌ صحيح عن حماد عن أبيه عن الهشامي. وقال الهشامي: فيه لحكم ثقيلٌ أول. وذكر أبو أيوب المديني في أغاني ابن جامع أن فيه لحناً ولم يجنسه:

وجازت على البزوء والليل كاسـرٌ

 

جناحين بالبزواء ورداً وأدهـمـا

فما ذر قرن الشمس حتى تبـينـت

 

بعليب نخلاً مشرفاً أو مـخـيمـا

ومرت على أشطان رونق بالضحى

 

فما خزرت للماء عيناً ولا فـمـا

وما شربت حتى ثنيت زمـامـهـا

 

وخفت عليها أن تخر وتكـلـمـا

فقلت لها قد بنـت غـير ذمـيمةٍ

 

وأصبح وادي البرك غيثاً مـديمـا

قال: فقلت له: ما كنت إلا على الريح، فقال: يا بن أخي، إن عمك كان إذا هم فعل، وهي الحاجة . أما سمعت قول أخي بني مرة:

إذا أقبلت قلـت مـشـحـونةٌ

 

أطاعت لها الريح قلعاً جفولا

وإن أدبرت قلـت مـذعـورةٌ

 

من الربد تتبع هيقـاً ذمـولا

وإن أعرضت خال فيها البصي

 

ر مالا تكـلـفـه أن يمـيلا

يدا سرحٍ مائلٍ ضـبـعـهـا

 

تسوم وتقدم رجـلاً زحـولا

فمرت على خـشـب غـدوةً

 

ومرت فـويق أريكٍ أصـيلا

تخبـط بـالـلـيل حـزانـه

 

كخبط القوي العزيز الذلـيلا

استحسن ريان السواق شعره وقال ليس بعده شيء: وأخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير قال حدثني جعفر بن الحسن اللهبي قال: أنشدت ريان السواق قول أبي دهبل:

أليس عجيباً أن نكون ببـلـدة

 

كلانا بها ثاوٍ ولا نتـكـلـم

ولا تصرميني أن تريني أحبكم

 

أبوء بذنبٍ إنني أنـا أظـلـم

فقال: أحسن، أحسن الله إليه، ما بعد هذا شيءٌ.
وفي هذه القصيدة يقول:

صوت

أمنا أناساً كنت قد تأمـنـينـهـم

 

فزادوا علينا في الحديث وأوهموا

وقالوا لنا ما لم يقل ثـم كـثـروا

 

علينا وباحوا بالذي كنـت أكـتـم

لقد كحلت عيني القذى لفراقـكـم

 

وعاودها تهتانها فـيه تـسـجـم

وأنكرت طيب العيش مني وكدرت

 

علي حياتي والهوى متـقـسـم

الغناء لابن سريج رملٌ بالسبابة في مجرى الوسطى عن إسحاق. وفيه لابن زرزور الطائفي خفيف ثقيلٍ بالوسطى عن عمرو. وفيه خفيفا رملٍ أحدهما بالوسطى لمتيم والآخر بالبنصر لعريب.
حديث القاسم ابن المعتمر مع أبي السائب عن شعره: أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثني الزبير قال حدثني عمي قال حدثني القاسم بن المعتمر الزهري قال: قلت لأبي السائب المخزومي: يا أبا السائب، أما أحسن أبو دهبل حيث يقول:

صوت

أأترك ليلى ليس بيني وبينـهـا

 

سوى ليلةٍ إني إذاً لـصـبـور

هبوني امـرأً أضـل بـعـيره

 

له ذمة إن الـذمـام كـبـير

وللصاحب المتروك أفضل ذمةً

 

على صاحبٍ من أن يضل بعير

قال: فقال لي: وبأبي أنت! كنت والله لا أحبك وتثقل علي، فأنا الآن أحبك وتخف علي.
وفي هذه الأبيات غناءٌ لابن سريج خفيف رملٍ بالوسطى عن عمرو. وفيه لعلويه رملٌ بالوسطى من جامع أغانيه. وفيه للمازني خفيف ثقيلٍ آخر من رواية الهشامي وذكاء وغيرهما. وأول هذا الصوت بيت لم يذكر في الخبر، وهو:

عفا الله عن ليلى الغداة فإنها

 

إذا وليت حكماً علي تجور

توعد ابن صفوان عمه فقال

أخبرني الحرمي قال حدثني الزبير قال حدثني عمي مصعب ومحمد بن الضحاك عن أبيه: أن أبا ريحانة عم أبي دهبل كان شديد الخلاف على عبد الله بن الزبير، فتوعده عبد الله بن صفوان، فلحق بعبد الملك بن مروان، فاستمده الحجاج فأمده عبد الملك بطارق مولى عثمان في أربعة آلاف، فأشرف أبو ريحانة على أبي قبيس فصاح أبو ريحانة: أليس قد أخزاكم الله يأهل مكة! فقال له ابن أبي عتيق: بلى والله قد أخزانا الله. فقال له ابن الزبير: مهلاً يا بن أخي! فقال: قلنا لك ائذن لنا فيهم وهم قليل فأبيت حتى صاروا إلى ما ترى من الكثرة. قال: وقال أبو دهبل في وعيد عبد الله بن صفوان عمه أبا ريحانة واسمه علي بن أسيد بن أحيحة:

ولا توعد لتقـلـتـه عـلـيا

 

فإن وعـيده كـلأٌ وبـــيل

ونحن ببطن مكة إذ تـداعـى

 

لرهطك من بني عمرو رعيل

أولو الجمع المقدم حين ثابـوا

 

إليك ومن يودعهـم قـلـيل

فلمـا أن تـفـانـينـا وأودى

 

بثروتنا الترحـل والـرحـيل

جعلت لحومنا غرضاً كـأنـا

 

لتهلكنا عـروبة أو سـلـول

رثى ابن الأزرق وأوصى أن يدفن بجانبه

أخبرني محمد بن خلف قال حدثنا أبو توبة عن أبي عمرو الشيباني قال: مات ابن الأزرق وأبو دهبل حي فدفن بعليب، فلما احتضر أبو دهبل أيضاً أوصى أن يدفن عنده. وفيه يقول أبو دهبل يرثيه - عن أبي عمرو الشيباني - :

لقد غال هذا اللحد من بطن عليبٍ

 

فتًى كان من أهل الندى والتكرم

فتى كان فيما ناب يوماً هو الفتى

 

ونعم الفتى للطارق المـتـيمـم

أألحق أني لا أزال على مـنًـى

 

إذا صدر الحجاج عن كل موسم

سقى الله أرضاً أنت ساكن قبرها

 

سجال الغوادي من سحيلٍ ومبرم

خرج إلى مصر لطلب ميراث ثم عاد وقال شعراً: أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثني عمي قال حدثني إبراهيم بن أبي عبد الله قال: وقع لأبي دهبل ميراثٌ بمصر فخرج يريده، ثم رجع من الطريق فقال:

اسلمي أم دهبلٍ بعـد هـجـر

 

وتقضٍّ من الزمـان وعـمـر

واذكري كري المطي إلـيكـم

 

بعد ما قد توجهت نحو مصـر

لا تخالي أني نسـيتـك لـمـا

 

حال بيشٌ ومن به خلف ظهري

إن تكوني أنت المقدم قـبـلـي

 

وأطع يثو عند قبرك قـبـري

قال إبراهيم: فوقفت على قبره إلى جانب قبرها بعليبٍ.

صوت من المائة المختارة

من رواية علي بن يحيى

ألا أيها الشادن الأكحـل

 

إلى كم تقول ولا تفعل

إلى كم تجود بما لا نري

 

د منك وتمنع ما نسأل

الشعر للحسين بن الضحاك. والغناء لأبي زكارٍ الأعمى، ولحنه المختار هزجٌ بالبنصر.