الجزء التاسع - ذكر الحارث بن خالد

ذكر الحارث بن خالد

ونسبه وخبره في هذا الشعر

الحارث بن خالد بن العاصي بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم؛ وقد تقدم ذكره وأخباره في كتاب المائة المختارة في بعض الأغاني المختارة التي شعرها له وهو:

إن امرأً تعتاده ذكر

تزوج حميدة بنت النعمان بن بشير ثم طلقها: أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال حدثنا عمر بن شبة قال: بلغني أن الحارث بن خالد بن العاصي بن هشام بن المغيرة -ويقال: بل خالد بن المهاجر بن خالد بن الوليد بن المغيرة -كان تزوج حميدة بنت النعمان بن بشير بدمشق لما قدم على عبد الملك بن مروان. فقالت فيه:

نكحت المديني إذ جـاءنـي

 

فيالك من نـكـحةٍ غـاويه

كهول دمشق وشـبـانـهـا

 

أحب إلينا مـن الـجـالـيه

صنانٌ لهم كصنـان الـتـيو

 

س أعيا على المسك والغاليه

فقال الحارث يجيبها: صوت

أسنا ضوء نار ضمرة بالقـف

 

رة أبصرت أم سنا ضوء برق

قاطنات الحجون أشهى إلى قل

 

بي من ساكنات دور دمشـق

يتضو عن لو تضمخن بالمـس

 

ك صناناً كأنـه ريح مـرق

غناه مالك بن أبي السمح خفيف ثقيلٍ أول بالسبابة في مجرى البنصر من رواية إسحاق. وفيه لابن محرز لحنٌ من رواية عمرو بن بانة ثقيلٌ أول بالوسطى.


رجعت الرواية إلى خبر الحارث قال: وطلقها الحارث؛ فخلف عليها روح بن زنباع. قال: وكان الحارث خطب أمة لمالك بن عبد الله بن خالد بن أسيد، وخطبها عبد الله بن مطيع. فتزوجها عبد الله ثم طلقها أو مات عنها، فتزوجها الحارث بن خالد بعد ذلك وقال فيها قبل أن يتزوج:

أقوى من آل ظليمة الحزم

 

فالغمرتان فأوحش الخطم

الأبيات التي فيها الغناء.
قال وأخبرني محمد بن العباس اليزيدي قال حدثنا سليمان بن أبي شيخ قال حدثنا محمد بن الحكم عن عوانة بهذا الخبر فذكر مثله، ولم يذكر أن الحارث هو المتزوجها، وفسر قولها:

أحب إلينا من الجاليه

وقال: الجاليه أهل الحجاز، كان أهل الشام يسمونهم بذلك لأنهم كانوا يجلون عن بلادهم إلى الشام. وقال في الحديث: فبلغ عبد الملك قولها فقال: لولا أنها قدمت الكهول على الشبان لعاقبتها.


قتل مصعب أختها عمرة بعد قتل زوجها المختار: قال عوانة: وكانت لحميدة أخت يقال لها عمرة، وكانت تحت المختار بن أبي عبيد الثقفي، فأخذها مصعب بعد قتله المختار وأخذ امرأته الأخرى وهي بنت سمرة بنت جندب، فأمرهما بالبراءة من المختار. أما بنت سمرة فبرئت منه، وأبت ذلك عمرة. فكتب به مصعب إلى أخيه عبد الله. فكتب إليه: إن أبت أن تبرأ منه فاقتلها.
فأبت فحفر لها حفيرة وأقيمت فيها فقتلت. فقال عمر بن أبي ربيعة في ذلك:

إن من أعجب العجائب عندي

 

قتل بيضاء حرةٍ عطـبـول

قتلت حرةٌ على غير جـرمٍ

 

إن لله درها مـن قـتـيل

كتب القتل والقتال عـلـينـا

 

وعلى الغانيات جر الـذيول

رجع الحديث إلى رواية عمر بن شبة قال أبو زيد وحدثني ابن عائشة عن أبيه بهذا الخبر ونحوه، وزاد فيه أن الحارث لما تزوجها قالت فيه:

نكحت المديني إذ جاءني

 

فيالك من نكحةٍ غاويه

تهاجي حميدة مع زوجها روح بن زنباع: وذكر الأبيات المتقدمة. وقال عمر بن شبة فيه: وتزوجها روح بن زنباع؛ فنظر إليها يوماً تنظر إلى قومه جذام، وقد اجتمعوا عنده فلامها. فقالت: وهل أرى إلا جذام !فوالله ما أحب الحلال منهم فكيف بالحرام !.
وقالت تهجوه:

بكى الخز من روحٍ وأنكر جلـده

 

وعجت عجيجاً من جذام المطارف

وقال العبا قد كنت حيناً لباسـكـم

 

وأكـسـيةٌ كـرديةٌ وقـطـائف

فقال روح:

إن تبك منا تبك ممن يهينهـا

 

وإن تهوكم تهو اللئام المقارفا

وقال روح:

أثني علي بما علمت فإنـنـي

 

مثنٍ عليك لبئس حشو المنطق

فقالت:

أثني عليك بأن باعك ضـيقٌ

 

وبأن أصلك في جذام ملصق

فقال روح:

أثني علي بما علمت فإنـنـي

 

مثنٍ عليك بمثل ريح الجورب

فقالت:

فثناؤنا شر الثناء عـلـيكـم

 

أسوا وأنتن من سلاح الثعلب

وقالت:

وهل أنا إلا مـهـرةٌ عـربـيةٌ

 

سليلة أفراس تجللـهـا بـغـل

فإن نتجت مهراً كريماً فبالحرى

 

وإن يك إقرافٌ فما أنجب الفحل

فقال روح:

فما بال مهرٍ رائع عرضـت لـه

 

أتانٌ فبالت عند جحفلة البـغـل

إذا هو ولى جانباً ربـخـت لـه

 

كما ربخت قمراء في دمس سهل

وقالت عمرة لأخيها أبان بن النعمان:

أطال الله شأوك من غلامٍ

 

متى كانت مناكحنا جذام

أترضى بالأكارع والذنابى

 

وقد كنا يقر بنا السـنـام

وقال ابن عم لروح:

رضي الأشياخ بالفطيون فحلاً

 

وترغب للحماقة عن جـذام

يهودي له بضع الـعـذارى

 

فقبحاً للكهـول ولـلـغـلام

تزف إليه قبل الـزوج خـودٌ

 

كأن شمساً تدلت من غمـام

فأبقى ذلكـم عـاراً وخـزياً

 

بقاء الوحي في صم السـلام

يهودٌ جمعوا مـن كـل أوبٍ

 

وليسوا بالغطاريف الكـرام

وقالت:

سميت روحاً وأنت الغم قد علموا

 

لا روح الله عن روح بن زنباع

فقال روح:

لا روح الله عمن ليس يمنعنا

 

مالٌ رغيبٌ وبعلٌ غير ممناع

كشافعٍ جونةٍ ثجلٍ مخاصرها

 

دبابة شثنة الكفـين جـبـاع

قال: والجباع: القصيرة. والجباع من السهام: الذي لا نصل له. والجباع: الرصف . وقالت:

تكحل عينيك برد العشـي

 

كأنك مـسـومةٌ زانـيه

وآية ذلك بعد الخـفـوق

 

تغلف رأسك بالغـالـيه

وأن بنيك لريب الـزمـا

 

ن أمست رقابهم حالـيه

فلو كان أوسٌ لهم حاضراً

 

لقال لهم إن ذا مـالـيه

وأوس رجل من جذام يقال له: أنه استودع روحاً مالاً فلم يرده عليه. فقال لها روح:

إن يكن الخلع من بـالـكـم

 

فليس الخلاعة من بـالـيه

وإن كان من قد مضى مثلكم

 

فأفٌ وتفٌ على المـاضـيه

وما إن برا الله فاستيقـنـي

 

ه من ذات بعلٍ ومن جاريه

شبيهاً بك اليوم فيمن بـقـي

 

ولا كان في الأعصر الخاليه

فبعداً لمحياك إذ مـا حـييت

 

وبعدأ لأعظمك الـبـالـيه

تزوجها بعده الفيض بن محمد بن الحكم: وقال روح في بعض ما يتنازعان فيه: اللهم إن بقيت بعدي فابتلها ببعلٍ يلطم وجهها ويملئ حجرها قيئاً: فتزوجها بعده الفيض بن محمد بن الحكم بن أبي عقيل وكان شاباً جميلاً يصيب من الشراب فأحبته. فكان ربما أصاب من الشراب مسكراً فيلطم وجهها ويقيء في حجرها؛ فتقول: يرحم الله أبا زرعة! قد أجيبت دعوته في. وقالت لفيض:

سميت فيضاً وما شيءٌ تفيض بـه

 

إلا سلاحك بين الـبـاب والـدار

فتلك دعوة روح الخير أعرفـهـا

 

سقى الإله صداه الأوطف الساري

وقالت لفيض أيضاً:

ألا يا فيض كنت أراك فيضاً

 

فلا فيضاً أصبت ولا فراتا

وقالت:

وليس فيضٌ بفياض العطـاء لـنـا

 

لكن فيضاً لنا بـالـقـيء فـياض

ليث الليوث علينـا بـاسـلٌ شـرسٌ

 

وفي الحروب هيوب الصدر جياض

تزوج ابنتها من الفيض الحجاج بن يوسف: فولدت من الفيض ابنةً فتزوجها الحجاج بن يوسف؛ وقد كانت قبلها عند الحجاج أم أبانٍ بنت النعمان بنت بشير فقالت حميدة للحجاج:

إذا تذكـرت نـكـاح الـحـجـاج

 

من النهار أو مـن الـلـيل الـداج

فاضت له العـين بـدمـع ثـجـاج

 

وأشعل القـلـب بـوجـدٍ وهـاج

لو كان نعـمـان قـتـيل الأعـلاج

 

مستوي الشخص صـحـيح الأوداج

لكنت منها بـمـكـان الـنـسـاج

 

قد كنت أرجو بعض ما يرجو الراج

أن تنكحـيه مـلـكـاً أو ذا تـاج

 

 

فقدمت حميدة على ابنتها زائرة. فقال لها الحجاج: يا حميدة، إني كنت احتمل مزاحك مرةً ، وأما اليوم فإني بالعراق وهو قوم سوءٍ فإياك !. فقالت: سأكف حتى أرحل.


أخبرني محمد بن خلف وكيع قال حدثنا سليمان بن أيوب قال حدثنا المدائني عن مسلمة بن محارب قال: قالت حميدة بنت النعمان لزوجها روح بن زنباع، وكان أسود ضخماً: كيف تسود وفيك ثلاث خصال: أنت من جذام، وأنت جبانٌ، وأنت غيور. فقال: أما جذام فأنا في أرومتها ، وبحسب الرجل أن يكون في أرومة قومه. وأما الجبن فإنما لي نفسٌ واحدة، ولو كان لي نفسان لجدت بإحداهما. وأما الغيرة فهو أمر لا أحب أن أشارك فيه، وإن المرء لحقيقٌ بالغيرة على المرأة مثلك الحمقاء الورهاء لا يأمن أنت تأتي بولد من غيره فتقذفه في حجره. ثم ذكر باقي خبرها مثل ما تقدم، وقال فيه فخلف بعده عليها الفيض بن محمد عم يوسف بن عمر، فكان يشرب ويلطمها ويقيء في حجرها فقالت:

سميت فيضاً وما شيءٌ تفيض به

 

إلا سلاحك بين الباب والـدار

قال المدائني: وتمثل فيضٌ يوماً بهذا البيت:

إن كنت ساقيةً يوماً على كـرمٍ

 

صفو المدامة فاسقيها بني قطن

ثم تحرك فضرط. فقالت: واسقِ هذه بني قطن !.
أبو عثمان المازني والواثق: وهذا الصوت أعني:

أقوى من آل ظليمة الحزم

هو الصوت الذي أشخص الواثق له أبا عثمان المازني بسبب بيت منه اختلف في إعرابه بحضرته، وهو قوله:

أظليم أن مصابكم رجلاً

 

أهدى السلام تحيةً ظلم

وقال آخرون: رجلٌ. حدثني بذلك علي بن سليمان الأخفش عن أبي العباس محمد بن يزيد عن أبي عثمان، وأخبرني محمد بن يحيى الصولي قال حدثنا القاسم بن إسماعيل وعون بن محمد وعبد الواحد بن العباس بن عبد الواحد والطيب بن محمد الباهلي، يزيد بعضهم على بعض، قالوا حدثنا أبو عثمان المازني قال: كان سبب طلب الواثق لي أن مخارقاً غنى في مجلسه:

أظليم أن مصابكم رجلاً

 

أهدى السلام تحيةً ظلم

فغناه مخارق " رجلٌ " فتابعه بعض القوم وخالفه أخرون. فسأل الواثق عمن بقي من رؤساء النحويين فذكرت له، فأمر بحملي. فاما وصلت إليه قال: ممن الرجل؟ قلت: من بني مازن. قال: أمن مازن تميم أم مازن قيس أم مازن ربيعة أم مازن اليمن؟ قلت: من مازن ربيعة. فقال لي با اسمك؟ "يريد ما اسمك وهي لغة كثيرة في قومنا " فقلت على القياس: مكرٌ " أي بكر " فضحك فقال : اجلس واطبئن: يريد: اطمئن " فجلست. فسألني عن البيت. فقلت: " إن مصابكم رجلاً " فقال: أين خبر "إن "؟ قلت: " ظلم " وهو الحرف الذي في آخر البيت. وقال الأخفش في خبره: وقلت له: إن معنى " مصابكم " إصابتكم، مثل ما تقول: إن قتلكم رجلاً حياكم ظلمٌ. ثم قلت: يا أمير المؤمنين، إن البيت كله معلق لا معنى له حتى يتم بقوله " ظلم ". ألا ترى أنه لو قال: أظليم إن مصابكم رجلٌ أهدى السلام تحيةً، لما احتيج إلى " ظلم " ولا كان له معنىً، إلا أن يجعل التحية بالسلام ظلماً، وذلك محال، ويجب حينئذٍ أن يقول:

أظليم إن مصابكم رجلٌ

 

أهدى السلام تحيةً ظلما

ولا معنى لذلك، ولا هو، لم كان له وجهٌ، معنى قول الشاعر في شعره. فقال: صدقت، ألك ولدٌ؟ قلت: بنيةٌ لا غير. قال: فما قالت حين ودعتها؟ قال قلت: أنشدت شعر الأعشى:

تقول ابنتي حين جد الرحيل

 

أرانا سواءً ومن قـد يتـم

أبانا فما رمت من عندنـا

 

فإنا بخـيرٍ إذا لـم تـرم

أرانا إذا أضمرتك الـبـلا

 

د نجفى وتقطع منا الرحم

قال: فما قلت لها؟ قال: قلت لها قول جرير:

ثقي بالله ليس له شـريكٌ

 

ومن عند الخليفة بالنجاح

فقال: ثق بالنجاح إن شاء الله تعالى. إن ها هنا قوماً يختلفون إلى أولادنا فامتحنهم، فمن كان منهم عالماً ينتفع به ألزمناهم إياه، ومن كان بغير هذه الصورة قطعناه عنهم. فأمر فجمعوا إلي فامتحنتهم فما وجدت فيهم طائلاً؛ وحذروا ناحيتي، فقلت: لا بأس على أحد. فلما رجعت إليه قال: كيف رايتهم؟ قلت: يفضل بعضهم بعضاً في علوم، ويفضل الباقون في غيرها، وكلٌ يحتاج إليه. فقال لي الواثق: إني خاطبت منهم واحداً فكان في نهاية من الجهل في خطابه ونظره. فقلت: يا أمير المؤمنين، أكثر من تقدم منهم بهذه الصفة؛ ولقد أنشدت فيهم:

إن المعلم لا يزال مضعفـاً

 

ولو ابتنى فوق السماء بناء

من علم الصبيان أضنوا عقله

 

مما يرقي غدوةً ومـسـاء

مضى الحديث:

صوت من مدن معبد في شعر الأعشى

ومنها: صوت  

يوم تبدي لنا قتيلة عن جي

 

دٍ أسيلٍ تزينه الأطـواق

وشيتٍ كالأقحوان جلاه ال

 

طل فيه عذوبةٌ واتسـاق

الشعر للأعشى. والغناء لمعبد. وذكر إسحاق أن لحنه خفيف ثقيلٍ من أصوات قليلات الأشباه، وذكر عمرو بن بانة أن لحنه من الثقيل الأول بالبنصر. ولإسحاق لحنٌ من الثقيل أيضاً وهو مما عارض فيه معبداً فانتصف منه، ومن أوائل أغانيه وصدورها.


أخبرنا إسماعيل بن يونس الشيعي قال حدثنا عمر بن شبة عن إسحاق قال ذكر الحسن بن عتبة اللهبي المعروف بفوركٍ قال: قتيلات معبد: قال لي الوليد بن يزيد: أريد الحج، فما يمنعني منه إلا أن يلقاني أهل المدينة بقتيلات معبد وبقصره ونخله فأفتضح به طرباً. يعني ثلاثة أصوات لمعبد من شعر الأعشى في قتيلة هذه، ونسبتها تأتي بعد. ويعني بقصره ونخله لحنه:

القصر فالنخل فالجماء بينهما

قال أبو زيد قال إسحاق وحدثني عبد الملك بن هلال: وبلغني أن فتنةً من قريش دخلوا إلى قينةٍ ومعهم روح بن حاتم المهلبي، فتماروا فيما يختارونه من الغناء. فقالت لهم: أغني لكم صوتاً يزيل الاختلاف ويوقع بينكم الاجتماع، فرضوا بها. فغنت:

يوم تبدي لنا قتيلةٌ عن جي

 

دٍ أسيلٍ تزينه الأطـواق

فرضوا به واتفقوا على أنه أحسن صوت يعرفونه، وأقاموا عندها أسبوعاً لا يسمعونه غيره.


نسبة أصوات معبد في قتيلة الصوتان الباقيان من قتيلات معبد في شعر الأعشى: منها:

أثوى وقـصـر لـيلة لـيزودا

 

فمضى وأخلف من قتيلة موعدا

يجحدن ديني بالنهار وأقتضـي

 

ديني إذا وقذ النعاس الـرقـدا

وأرى الغواني لا يواصلن أمرأً

 

فقد الشباب وقد يصلن الأمردا

الشعر للأعشى. والغناء لمعبد خفيف ثقيلٍ أول بالوسطى.


أخبرني محمد بن العباس اليزيدي قال حدثنا أبو شراعة في مجلس الرياشي قال: حدثت أن رجلاً نظر إلى الأعشى يدور بين البيوت ليلاً؛ فقال له: يا أبا بصير، إلى أين في هذا الوقت؟ فقال:

يجحدن ديني بالنهار وأقتضي

 

ديني إذا وقذ النعاس الرقدا

أخبرني أحمد بن عبيد الله بن عمار قال حدثنا يعقوب بن إسرائيل قال حدثنا أحمد بن القاسم بن جعفر بن سليمان قال حدثني إسحاق الموصلي قال حدثني أبي قال: غنيت بين يدي الرشيد وستارته منصوبة:

وأرى الغواني لا يواصلن أمرأً

 

فقد الشباب وقد يصلن الأمردا

فطرب واستعاده وأمر لي بمال. فلما أردت أن أنصرف قال لي: يا عاض كذا وكذا ! أتغني بهذا الصوت وجواري من وراء ستارةٍ يسمعنه ! لولا حرمتك لضربت عنقك !. فتركته والله حتى أنسيته.
ومنها: صوت

ألم خيالٌ من قتيلة بـعـدمـا

 

وهى حبلها من حبلنا فتصرما

فبت كأني شاربٌ بعد هجـعةٍ

 

سخاميةً حمراء تحسب عندما

الشعر للأعشى. والغناء لمعبد خفيف ثقيلٍ أول بالبنصر عن عمرو. وفيه لابن محرز ثاني ثقيلٍ بالوسطى عنه وعن ابن المكي.