الجزء الرابع عشر - أخبار أبي الشبل ونسبه

أخبار أبي الشبل ونسبه

نسبه

أبو الشبل اسمه عاصم بن وهب من البراجم، مولده الكوفة، ونشأ وتأدب بالبصرة.

مجونه واتصاله بالمتوكل

أخبرني بذلك الحسن بن علي، عن ابن مهرويه، عن علي بن الحسن الأعرابي.

 

وقدم إلى سر من رأي في أيام المتوكل ومدحه، وكان طبا نادراً، كثير الغزل ماجنا، فنفق عند المتوكل بإيثاره العبث، وخدمه، وخص به، فأثرى وأفاد، فذكر لي عمي عن محمد بن المرزبان بن الفيرزان عن أبيه أنه لما مدحه بقوله:

أقبلي فالخير مقـبـل

 

واتركي قول المعلل

وثقي بالنجـح إذ أب

 

بصرت وجه المتوكل

ملك ينصـف يا ظـا

 

لمتي فـيك ويعـدل

فهو الغـاية والـمـأ

 

مول يرجوه المؤمل

أمر له بألف درهم لكل بيت، وكانت ثلاثين بيتاً، فانصرف بثلاثين ألف درهم.

 

الغناء في هذه الأبيات لأحمد المكي رمل بالبنصر.


أخبرني يحيى بن علي، عن أبي أيوب المديني، عن أحمد بن المكي قال: غنيت المتوكل صوتاً شعره لأبي الشبل البرجمي وهو:

أقبلي فالخير مقبل

 

ودعي قول المعلل

فأمر لي بعشرين ألف درهم، فقلت: يا سيدي أسأل الله أن يبلغك الهنيدة، فسأل عنها الفتح فقال: يعني مائة سنة، فأمر لي بعشرة آلاف أخرى.
وحدثنيه الحسن بن علي عن هارون بن محمد الزيات، عن أحمد بن المكي مثله.
دعنه جاريته فقال شعراً حدثني الحسن بن علي قال: حدثنا ابن مهروية قال: حدثني أبو الشبل عاصم بن وهب الشاعر، وهو القائل:

اقبلي فالخير مقبل

 

ودعي قول المعلل

قال: كانت لي جارية اسمها سكر، فدخلت يوماً منزلي ولبست ثيابي لأمضي إلى دعوة دعيت إليها، فقالت: أقم اليوم في دعوتي أنا، فأقمت وقلت:

أنا في دعـوة سـكـر

 

والهوى ليس بمنكـر

كيف صبري عن غزالٍ

 

وجهه دلـو مـقـير

فلما سمعت الأول ضحكت وسرت، فلما أنشدتها البيت الثاني قامت إلى تضربني وتقول لي: هذا البيت الأخير الذي فيه "دلوٌ" لمالك ، لولا الفضول؛ فما زالت-يعلم الله- تضربني حتى غشي علي.

مدحه مالك بن طوق ثم ذمه

ذكر ابن المعتز أن أبا الأغر الأسدي حدثه قال: مدح أبو الشبل مالك بن طوق بمدح عجيب، وقدر منه ألف درهم، فبعث إليه صرة مختومة فيها مائة دينار، فظنها دراهم، فردها وكتب معها قوله:

فليت الذي جادت به كف مـالـكٍ

 

ومالك مدسوسان في أست أم مالك

فكان إلى يوم القيامة في أستـهـا

 

فأيسر مفقـودٍ وأيسـر هـالـك

وكان مالك يومئذٍ أميراً على الأهواز، فلما قرأ الرقعة أمر بإحضاره، فأحضر، فقال له: يا هذا ظلمتنا واعتديت علينا، فقال: قد قدرت عندك ألف درهم فوصلتني بمائه درهم، فقال: افتحها، ففتحتها فإذا فيها مائة دينار، فقال: أقلني أيها الأمير. قال: قد أقلتك، ولك عندي كل ما تحب أبداً ما بقيت وقصدتني.

رئاؤه لطبيب

حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا ابن مهرويه قال: قال لي أبو الشبل البرجمي: كان في جيراني طبيب أحمق، فمات فرثيته فقلت:

قد بكاه بول المريض بـدمـعٍ

 

واكفٍ فوق مقلـتـيه ذروف

ثم شقت جيوبهـن الـقـواري

 

ر عليه ونحن نوح اللـهـيف

ياكساد الخيار شـنـبـر والأق

 

راص طراً ويا كساد السفوف

كنت تمشي مع القوي فإن جـا

 

ء ضعيفٌ لم تكترث بالضعيف

لهف نفس على صنوف رقاعا

 

تٍ تولت منه وعقلٍ سخـيف

عبثه بخالد بن الوليد

حدثنا الحسن قال: حدثنا ابن مهرويه قال: حدثنا أبو الشبل قال: إن خالد بن يزيد بن هبيرة كان يشرب النبيذ، فكان يغشانا، وكانت له جارية صفراء مغنية يقال لها لهب، فكانت تغشانا معه، فكنت أعبث بهما كثيراً ويشتماني، فقام مولاها يوماً إلى الخابية يستقي نبيذاً، فإذا قميصه قد أنشق، فقلت فيه:

قالت له لهبٌ يوماً وجـادلـهـا

 

بالشعر في باب فعلان ومفعول

أما القميص فقد أودى الزمان به

 

فليت شعري ما حال السراويل؟

فبلغ الشعرأبا الجهم أحمد بن يوسف فقال:

حال السراويل حالٌ غير صالحة

 

تحكي طرائقه نسج الغرابـيل

وتحته حفرة قـوراء واسـعة

 

تسيل فيها ميازيب الأحـالـيل

قال أبو الشبل: وكانت أم خالد هذا ضراطة، تضرط على صوت العيدان وغيرها في الإيقاع، فقلت فيه:

في الحي من لا عدمت خلتـه

 

فتى إذا ما قطعتـه وصـلا

له عجوز بالحبق أبصر مـن

 

أبصرته ضارباً ومرتـجـلا

نادمتها مرة وكـنـت فـتـى

 

ما زلت أهوى وأشتهي الغزلا

حتى إذا ما أمالـهـا سـكـر

 

يبعث في قلبها لهـا مـثـلا

اتكأت يسرة وقـد حـرقـت

 

أشرجها كي تقوم الـرمـلا

فلم تزل بأستها تطـارحـنـي

 

اسمع إلى من يسومني العللا

عرض شعره على المازني فذمه

حدثني الحسن قال: حدثنا ابن مهرويه قال: حدثني أبو الشبل قال: لما عرض لي الشعر أتيت جاراً لي نحوياً وأنا يومئذ حديث السن أظنه قال إنه المازني فقلت له: إن رجلاً لم يكن من أهل الشعر ولا من أهل الرواية قد جاش صدره بشيء من الشعر، فكره أن يظهره حتى تسمعه. قال: هاته، وكنت قد قلت شعراً ليس بجيد، إنما هو قول مبتدىء، فأنشدته إياه، فقال: من العاض بظر أمه القائل لهذا؟ فقمت خجلاً، فقلت لأبي الشبل: فأي شيء قلت له أنت؟ قال: قلت في نفسي: أعضك الله بظر أمك وبهضك

بعض نوادره

أخبرني عمي عن محمد بن المرزبان بن الفيرزان قال: كنت أرىأبا الشبل كثيراً عند أبي، وكان إذا حضر أضحك الثكلى بنوادره، فقال له أبي يوماً: حدثنا ببعض نوادرك وطرائفك؛ قال: نعم، من طرائف أموري أن أبني زنى بجارية سندية لبعض جيراني، فحبلت وولدت، وكانت قيمة الجارية عشرين ديناراً، فقال: يا أبت، الصبي والله أبني، فساومت به، فقيل لي: خمسون ديناراً، فقلت له: ويلك! كنت تخبرني الخبر وهي حبلى فأشتريها بعشرين ديناراً، ونربح الفضل بين الثمنين، وأمسكت عن المساومة بالصبي حتى اشتريته من القوم بما أرادوا. ثم أحبلها ثانياً فولدت له ابناً آخر، فجاءني يسألني أن أبتاعه، فقلت له: عليك لعنة الله، ما يحملك أن تحبل هذه؟ فقال: يا أبت لا أستحب العزل ، وأقبل على جماعة عندي يعجبهم مني، ويقول: شيخ كبير يأمرني بالعزل ويستحله! فقلت له: يا بن الزانية، تستحل الزنا وتتحرج من العزل! فضحكنا منه.

خبره مع خمار يهودي

وقلت له: وأي شيء أيضاً؟ قال: دخلت أنا ومحمود الوراق إلى حانة يهودي خمار، فأخرج إلينا منها شيئاً عجيباً، فظنناه خمراً بنت عشر، قد أنضجها الهجير فأخرج إلينا منها شيئاً عجيباً وشربنا، فقلت له: أشرب معنا، قال: لا أستحل شرب الخمر، فقال لي محمود: ويحك! رأيت أعجب مما نحن فيه. يهودي يتحرج من شرب الخمر، ونشربها ونحن مسلمون! فقلت له: أجل، والله لا نفلح أبداً، ولا يعبأ الله بنا، ثم شربنا حتى سكرنا، وقمنا في الليل فنكنا بنته وامرأته وأخته، وسرقنا ثيابه، وخرينا في نقيرات نبيذٍ له وانصرفنا.

هجاؤه هبة الله بن إبراهيم

أخبرني محمد بن يحيى الصولي قال: أخبرنا عون بن محمد الكندي، قال: وقعت لأبي الشبل البرجمي إلى هبة الله بن إبراهيم بن المهدي حاجة فلم يقضها فهجاه، فقال:

صلف تندق منه الـرقـبة

 

ومساوٍ لم تطقها الكـتـبة

كلما بادره ركـبٌ بـمـا

 

يشتهيه منه نـادى يا أبـه

ليته كان التوى الفرج بـه

 

لم يزد في هاشم هذي هبه

يعني غلاماً لهبة الله كان يسمى بدراً، وكان غالباً على أمره.
حدثني الصولي قال: حدثني القاسم بن إسماعيل قال: قال رأى أبو الشبل إبراهيم بن العباس يكتب، فأنشأ يقول:

ينظم اللؤلؤ المنثور منطـقـه

 

وينظم الدر بالأقلام في الكتب

حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا ابن مهرويه قال: حدثني أبو الشبل البرجمي قال: حضرت مجلس عبيد الله بن يحيى بن خاقان، وكان إلي محسناً، وعلي مفضلاً، فجرى ذكر البرامكة، فوصفهم الناس بالجود وقالوا في كرمهم وجوائزهم وصلاتهم فأكثروا، فقمت في وسط المجلس، فقلت لعبيد الله: أيها الوزير، إني قد حكمت في هذا الخطب حكماً نظمته في بيتي شعر لا يقدر أحد أن يرده علي، وإنما جعلته شعراً ليدور ويبقى، فيأذن الوزير في إنشادهما قال: قل، فرب صواب قد قلته، فقلت:

رأيت عبيد الله أفضـل سـودداً

 

وأكرم من فضل ويحيى بن خالد

أولئك جادوا والزمان مسـاعـد

 

وقد جاد ذا والدهر غير مساعد

فتهلل وجه عبيد الله وظهر السرور فيه، وقال: أفرطت أبا الشبل، ولا كل هذا، فقلت: والله ما حابيتك أيها الوزير و لا قلت إلا حقا، واتبعني القوم في وصفه وتقريظه، فما خرجت من مجلسه إلا وعلي الخلع، وتحتي دابة بسرجه ولجامه، وبين يدي خمسة آلاف درهم.

قصته مع جاريتين

حدثني الحسن قال: حدثنا ابن مهرويه قال: حدثني علي بن الحسن الشيباني قال: حدثني أبو الشبل الشاعر قال: كنت أختلف إلى جاريتين من جواري النخاسين كانت تقولان الشعر، فأتيت إحداهما فتحدثت إليها، ثم أنشدتها بيتاً لأبي المستهل شاعر منصور بن المهدي في المعتصم:

أقام الإمام منار الهـدى

 

وأخرس ناقوس عموريه

ثم قلت لها: أجيزي؛ فقالت:

كساني الميلك جلابيبه

 

ثياب علاها بسموريه

ثم دعت بطعام فأكلنا، وخرجت من عندها، فمضيت إلى الأخرى، فقالت: من أين ياأبا الشبل؟ فقلت: من عند فلانة، قالت: قد علمت أنك تبدأ بها وصدقت، كانت أجملهما فكنت ابدأ بها ثم قالت: أما الطعام فأعلم أنه لا حيلة لي في أن تأكله، لعلمي بأن تلك لا تدعك تنصرف أو تأكل. فقلت: أجل قالت: فهل لك في الشراب قلت: نعم، فأحضرته و أخذنا في الحديث، ثم قالت: فأخبرني ما دار بينكما؟ فأخبرتها، فقالت: هذه المسكينة كانت تجد البرد، وبيتها أيضاً هذا الذي جاءت به يحتاج إلى سمورية، أفلا قالت:

فأضحى به الدين مستبشراً

 

وأضحت زنادهما واريه

فقلت: أنت والله أشعر منها في شعرها، وأنت والله في شعرك فوق أهل عصرك. والله أعلم.

شعره في الشيب

أخبرنا الحسن قال: حدثنا ابن مهروية قال: أنشدني أبو الشبل لنفسه:

عذيري من جواري الحي

 

إذ يرغبن عن وصلـي

رأين الشـيب قـد ألـب

 

سني أبـهة الـكـهـل

فأعرضـن وقـد كـن

 

إذا قيل أبو الـشـبـل

تساعين فـرقـعـن ال

 

كوى بالأعين النـجـل

قال: وهذا سرقه من قول العتبي:

رأين الغواني الشيب لاح بمفرقي

 

فأعرضن عني بالحدود النواضر

وكن إذا أبصرنني أو سمعـنـي

 

سعين فرقعن الكوى بالمحاجـر

خبره مع حاتم بن الفرج

حدثني الحسن قال: حدثني ابن مهرويه قال: حدثني أبو الشبل قال: كان حاتم بن الفرج يعاشرني ويدعوني، وكان أهتم، قال أبو الشبل: وأنا أهتم؛ وهكذا كان أبي وأهل بيتي، لا تكاد تبقى في أفواهم حاكة ، فقال أبو عمر أحمد بن المنجم:

لحاتم في بخـلـه فـطـنة

 

أدق حساً من خطا النـمـل

قد جعل الهتمان ضيفـاً لـه

 

فصار في أمن من الأكـل

ليس على خبر امرىء ضيعة

 

أكيله عصم أبو الـشـبـل

ما قدر ما يحمـلـه كـفـه

 

إلى فم من سنـه عـطـل

فحاتم الجـود أخـو طـيىء

 

مضى وهذا حاتم البـخـل

شعره في جارية سوداء يحبها

أخبرني بن خلف بن المرزبان قال: حدثني أبو العيناء قال: كانت لأبي الشبل البرجمي جارية سوداء، وكان يحبها حباً شديداً، فعوتب فيها، فقال:

غدت بــــــطـــــــول الــــــــلام عــــــــاذلة

تلــومـــنـــــــي فــي الــــســــــــــواد والــــدعـــــج

ويحــــك كـــيف الــــــســــــــــــلـــــو عـــن غـرر

مفــــــتـــــرقـــــات الأرجـــاء، كـــالـــســــــبـــح

يحـــمـــــلــــن بــــين الأفــــــخــــاذ أســـــــنـــمة

تحـــــرق أوبــــارهـا مـــــن الـــوهــج

لا عــــذب الـــلــه مــســـــلــمـــاً بـــهــــم

غيري ولا حــان مــــنـــهـــــم فـــــرجـــــــي

فإنـــــنـــــــي بـــالــــســــــــواد مـــــبــــــتـــهـــج

وكـــــنــــت بـالـــبـــيض غـــير مـــبــــــتــــهـــج

حدثني عمي قال: حدثني أحمد بن الطيب قال: حدثني أبو هريرة البصري النحوي الضرير قال: كان أبو الشبل الشاعر البرجمي يعابث قينة لهاشم النحوي يقال لها خنساء، وكانت تقول الشعر، فعبث بها يوماً فأفرط حتى أغضبها، فقالت له: ليت شعري، بأي شيء تدل؟ أنا والله أشعر منك، لئن شئت لأهجونك حتى أفضحك، فأقبل، عليها وقال:             

حسناء قد أفرطت علينا

 

فلــــيس مـــــنــهــــا لـــنــا مــــجـــــــير

تاهـــــت بـــــأشــــعــارهـا عـلــينـا

 

كأنــــــمـــا نــــاكـهـا جــــــــرير

قال: فخجلت حتى بان ذلك عليها وأمسكت عن جوابه.

شعره في ذم المطر

قال عمي: قال أحمد بن الطيب: حدثني أبو هريرة هذا قال: حدثني أبو الشبل أنها وعدته أن تزوره في يوم بعينه كان مولاها غائباً فيه، فلما حضر ذلك اليوم جاء مطر منعها من الوفاء بالموعد، قال: فقلت أذم المطر:

دع المواعيد لا تعرض لوجهتهـا

 

إن المواعيد مقرون بها المطـر

إن المواعيد والأعياد قد مـنـيت

 

منه بأنكد ما يمنى بـه بـشـر

أما الثياب فلا يغررك إن غسلت

 

صحو شديد ولا شمس ولا قمر

وفي الشخوص له نوء وبـارقة

 

وإن تبيت فذاك الفالج الـذكـر

وإن هممت بأن تدعو مـغـنـية

 

 

حدثني عمي قال: حدثني أحمد بن أبي طاهر قال: كان لعبيد الله بن يحيى بن خاقان غلام يقال له نسيم، فأمره عبيد بقضاء حاجة كان أبو الشبل البرجمي سأله إياها، فأخرها نسيم، فشكاه إلى عبيد الله، فأمر عبيد الله غلاماً آخر فقضاها بين يديه، فقال أبو الشبل يهجو نسيماً:

قل لنسيم أنت في صـورة

 

خلقت من كلب وخنـزيره

رعيت دهراً بعد أعفاجهـا

 

في سلح مخمور ومخموره

حتى بدا رأسك من صدغها

 

زانية بالفسق مشـهـوره

لا تقرب الماء إذا أجنـبـت

 

ولا ترى أن تقرب النـوره

ترى نبات الشعر حول أستها

 

درابزيناً حول مقـصـوره

حدثني عيسى بن الحسين الوراق قال: حدثني ابن مهرويه قال: كان أبو الشبل يعاشر محمد بن حماد بن دلقيش، ثم تهاجرا بشيء أنكره عليه، فقال أبو الشبل فيه:

لابـن حـمـاد أياد

 

عندنا ليست بـدون

عنده جـارية تـش

 

في من الداء الدفين

ولها في رأس مولا

 

ها أكالـيل قـرون

ذات صدع حاتمي ال

 

فعل في كن مكـين

لا يرى منع الذي يح

 

وي ولو أم البنـين

حدثني عمي قال: حدثني أحمد بن الطيب قال: حدثني أبو هريرة النحوي قال: كان أبو الشبل البرجمي قد اشترى كبشاً للأضحى، فجعل يعلفه ويسمنه، فأفلت يوماً على قنديل له كان يسرجه بين يديه، وسراج وقارورة للزيت، فنطحه فكسره، وانصب الزيت على ثيابه وكتبه وفراشه، فلما عاين ذلك ذبح الكبش قبل الأضحى، وقال يرثي سراجه:

يا عين بكي لفقـد مـسـرجةٍ

 

كانت عمود الضياء والـنـور

كانت إذا ما الظلام ألبـسـنـي

 

من حندس الليل ثوب ديجـور

شقت بنيرانـهـا غـياطـلـه

 

شقا دعا اللـيل بـالـدياجـير

صينية الصين حين أبـدعـهـا

 

مصور الحسن بالـتـصـاوير

وقبـل ذا بـدعة أتـيح لـهـا

 

من قبل الدهر قرن يعـفـور

وصكها صكة فمـا لـبـثـت

 

أن وردت عسكر المكـاسـير

وإن تولت فقد لهـا تـركـت

 

ذكراً سيبقى على الأعاصـير

من ذا رأيت الزمـان ياسـره

 

فلم يشب يسره بـتـعـسـير

ومن أباح الزمان صـفـوتـه

 

فلم يشب صفـوه بـتـكـدير

مسرجتي لو فديت ما بخـلـت

 

عنك يد الجود بـالـدنـانـير

ليس لنـا فـيك مـا نـقـدره

 

لكنما الأمـر بـالـمـقـادير

مسرجتي كم كشفت من ظلـم

 

جليت ظلمـاءهـا يتـنـوير

وكم غزال علـى يديك نـجـا

 

من دق خصييه بالطـوامـير

من لي إذا ما النـديم دب إلـى

 

الندمان في ظلمة الـدياجـير

وقـام هـذا يبـوس ذاك، وذا

 

يعنق هـذا بـغـير تـقـدير

وأزدوج القوم في الظلام فمـا

 

تسمع إلا الرشاء في الـبـير

فما يصلون عند خـلـوتـهـم

 

إلا صلاة بغـير تـطـهـير

أوحشت الدار من ضـيائك وال

 

بيت إلى مطـبـخ وتـنـور

إلى الرواقين فالمجالـس فـال

 

مربد مذ غبت غير معـمـور

قلبي حزين عليك إذ بـخـلـت

 

عليك بالدمع عـين تـنـمـير

إن كان أودى بك الزمان فقـد

 

أبقيت منك الحديث في الـدور

دع ذكرها واهج قرن ناطحهـا

 

وأسرد أحاديثه بـتـفـسـير

كان حديثي أني اشتريت فما اش

 

تريت كبشاً سلـيل خـنـزير

فلم أزل بالـنـوى أسـمـنـه

 

والتبن والـقـت والأثـاجـير

أبرد الماء فـي الـقـلال لـه

 

واتقي فـيه كـل مـحـذور

تخدمه طول كـل لـيلـتـهـا

 

خدمة عبد بـالـذل مـأسـور

وهي من التيه ما تكلمـنـي ال

 

فصيح إلا من بعد تـفـكـير

شمس كأن الظلام ألبـسـهـا

 

ثوباً من الزفـت أو الـقـير

من جلدها خفها وبرقـعـهـا

 

حوراء في غير خلقة الحـور

فلم يزل يغتذي السرور، وما ال

 

محزون في عيشةٍ كمسـرور

حتى عدا طوره، وحق لـمـن

 

يكفر نعمى بقـرب تـغـيير

فمد قرنيه نـحـو مـسـرجة

 

تعد في صون كل مـذخـور

شد عليها بقـرن ذي حـنـقٍ

 

معودٍ للنطـاح مـشـهـور

وليس يقوى بـروقـه جـبـل

 

صلد من الشمخ الـمـذاكـير

فكيف تقوى علـيه مـسـرجة

 

أرق من جوهر الـقـوارير

تكسرت كـسـرة لـهـا ألـم

 

وما صحيح الهوى كمكسـور

فأدركته شعوب فأنشـعـبـت

 

بالروع والشلو غير مقـتـور

أديل مـنـه فـأدركـتــه يد

 

من المنايا بـحـد مـطـرور

يلتهب الموت في ظباه كـمـا

 

تلتهب النار في المسـاعـير

ومزقته المدى فمـا تـركـت

 

كف القرا منه غير تعـسـير

وأغتاله بعد كـسـرهـا قـدر

 

صيره نهـزه الـسـنـانـير

فمزقت لحمـه بـراثـنـهـا

 

وبـذرتـه أشـد تـبـــذير

واختلسته الحداء خلساً مـع ال

 

غربان لم تزدجر لتـكـبـير

وصار حظ الكلاب أعظـمـه

 

تهشم أنحاءهـا بـتـكـسـير

كم كاسر نـحـوه وكـاسـرة

 

سلاحها في شفا المـنـاقـير

وخامـع نـحـوه وخـامـعة

 

سلاحها في شبـا الأظـافـير

قد جعلت حول شلوه عـرسـاً

 

بلا افتقـار إلـى مـزامـير

ولا مغن سوى هماهـمـهـا

 

إذا تمطـت لـوارد الـعـير

يا كبش ذق إذ كسرت مسرجتي

 

لمدية الموت كأس تـنـحـير

بغيت ظلماً والبغي مصرع من

 

بغى على أهلـه بـتـغـيير

أضحية ما أظن صاحـبـهـا

 

في قسمه لحمها بـمـأجـور

أخبرني الحسن بن علي الشيباني قال: دخلت على أبي الشبل يوماً فوجدت تحت مخدته ثلث قرطاس، فسرقته منه ولم يعلم بي، فلما كان بعد أيام جاءني فأنشدني لنفسه يرثي ذلك الثلث القرطاس.

فكــر تـــعـــتـــري وحـــزن طـــويل

 

وسـقـيم أنـحـى عـلـــيه الـــنـــحـــول

ليس يبـكـي رسـمـــاً ولا طـــلـــلا مـــح

 

كمـا تـنـدب الــربـــا والـــطـــلـــول

إنـمـا حـزنـه عــلـــى ثـــلـــث كـــا

 

ن لـحـاجـاتـه فــغـــالـــتـــه غـــول

كان لــلـــســـر والأمـــانة والـــكـــت

 

مان إن بـاح بــالـــحـــديث الـــرســـول

كان مـثـل الـوكـــيل فـــي كـــل ســـوق

 

إن تــلـــكـــا أو مـــل يومـــاً وكـــيل

كان لـلـهـم إن تـراكـــم فـــي الـــصـــد

 

ر فـلـم يشـف مـن عـــلـــيل غـــلـــيل

لم يكن يبتغي الحجاب من الحجاب إن قيل ليس فيها دخول    

إن شكا حاجباً تشدد في الإذ

 

ن فـلـلـحـاجـب الـشـقـــي الـــعـــويل

يرفـع الـخـير عـنـه والــرزق والـــكـــس

 

وة فـهـو الـمـطــرود وهـــو الـــذلـــيل

كان يثـنـى فــي جـــيب كـــل فـــتـــاة

 

دونــهـــا خـــنـــدق وســـور طـــويل

يقـــف الـــنـــاس وهـــو أول مــــن يد

 

خلـه الـقـصــر غـــادة عـــطـــبـــول

فإذا أبـــرزتـــه بـــاح بـــه فـــــي ال

 

قصـر مـسـك وعـنـبــر مـــعـــلـــول

ولـه الـحـــب والـــكـــرامة مـــمـــن

 

بات صـبـا والـشــم والـــتـــقـــبـــيل

 

ليس كالكاتب الذي بأبي الخطاب يكنى قد شابه التطفيل

 

ذا كريم يدعى، وهذا طفيلي وهذا وذا جميعاً دليل

ذاك بالبشر والجماعة يلقى

 

ولـهـذا الـحـجـاب والـتـنـــكـــيل

لم يفـد وفـده الـزمــان عـــلـــى الأل

 

سن مـنـه عـطـــف ولا تـــنـــويل

كان مـع ذا عـدل الـشـهـادة مـقــبـــو

 

لاً إذا عـز شـــاهـــداً تـــعـــديل

وإذا مـا الـتـوى الـهـوى بـالألــيفـــي

 

ن فـلـم يرع واصـــلاً مـــوصـــول

فهـو الـحـاكـم الـذي قــولـــه بـــي

 

ن الألـيفـين جــائز مـــقـــبـــول

فلئن شتت الزمـان بـه شـم

 

ل دواتي وحان منه رحـيل

لقديماً ما شتت الـبـين والأل

 

فة من صاحب، فصبر جميل

لا تلمني على البكاء عـلـيه

 

إن فقد الخليل خطب جلـيل

قال: فرددته عليه، وكان اتهم به أبا الخطاب الذي هجاه في هذه القصيدة، فقال لي: ويلك، نحيت ووقع أبو الخطاب بلا ذنب، ولو عرفت أنك صاحبها لكان هذا لك، ولكنك قد سلمت.