الجزء السادس عشر - أخبار ربيعة الرقي ونسبه

أخبار ربيعة الرقي ونسبه

هو ربيعة بن ثابت الأنصاري، ويكنى أبا شبابة. وقيل إنه كان يكنى أبا ثابت، وكان ينزل الرقة، وبها مولده ومشؤه، فأشخصه المهدي إليه، فمدحه بعدة قصائد، وأثابه عليها ثواباً كثيراً، وهو من المكثرين المجيدين، وكان ضريراً، وإنما أخمل ذكره وأسقطه عن طبقته، بعده عن العراق، وتركه خدمة الخلفاء، ومخالطة الشعراء، وعلى ذلك فما عدم مفضلاً لشعره، مقدماً له.


أخبرني أحمد بن عبيد الله بن عمار قال: حدثنا محمد بن دواد، عن ابن أبي خيثمة عن دعبل قال: قلت لمروان بن أبي حفصة: من أشعركم جماعة المحدثين يا أبا السمط؟. قال: أشعرنا أيرنا بيتاً. قلت: ومن هو؟ قال: ربيعة الرقي الذي يقول:

لشتان ما بين اليزيدين في الندى

 

يزيد سليم والأغر ابن حـاتـم

وهذا البيت من قصيدة له مدح بها يزيد بن حاتم المهلبي، وهجا يزيد بن أسيد السلمي، وبعد البيت الذي ذكره مروان:

يزيد سليم سالم المال والـفـتـى

 

أخو الأزد للأموال غير مسالـم

فهم الفتى الأزدي إتلاف مـالـه

 

وهم الفتى القيسي حجمع الدراهم

فلا يحسب التمتام أني هجـوتـه

 

ولكنني فضلت أهل المـكـارم

فيا بن أسيد لا تسام ابـن حـاتـم

 

فتقرع إن سامـيتـه سـن نـادم

هو البحر إن كلفت نفسك خوضه

 

تهالكت في موج له متـلاطـم

أخبرني أحمد بن عبيد الله بن عمار قال: حدثني محمد بن القاسم بن مهرويه، قال: حدثني أسيد بن خالد الأنصاري، قال: قلت لأبي زيد النحوي: إن الأصمعي قال: لا يقال: شتان ما بينهما، إنما يقال: شتان ما هما، وأنشد قول الأعشى:

شتان ما يومي على كورها

فقال: كذب الأصمعي، يقال: شتان ما هما، وشتان مابينهما، وأنشدني لربيعة الرقي، واحتج به:

لشتان ما بين اليزيدين في الندى

 

يزيد سليم والأغر ابن حـاتـم

وفي استشهاد مثل أبي زيد على دفع مثل قول الأصمعي بشعر ربيعة الرقي، كفاية له في تفضيله.


وذكره عبد الله بن المعتز فقال: كان ربيعة أشعر غزلاً من أبي نواس، لأن في غزل أبي نواس برداً كثيراً، وغزل هذا سليم سهل عذب. نسخت من كتاب لعمي: حدثنا ابن أبي فنن قال: اشتهى جواري المهدي أن يسمعن ربيعة الرق، فوجه إليه المهدي من أخذه من مسجده بالرقة، وحمل على البريد حتى قدم به على المهدي، فأدخل عليه، فسمع ربيعة حساً من وراء الستر، فقال: إني أسمع حساً يا أمير المؤمنين، فقال: اسكت يا بن اللخناء، واستنشده ما أراد، فضحك وضحكن منه. قال: وكان فيه لين، وكذلك كان أبو العتاهية، ثم أجازه جائزة سنية، فقال له:

يا أمي المؤمنين الله سماك الأمينا

 

سرقوني من بلادي

 

يا أمـير الـمـؤمـنــينـــا

سرقـونـي فـاقـض فـيهــم

 

بجـزاء الـسـارقـــينـــا

قال: قد قضيت فيهم أن يردك إلى حيث أخذوك. ثم أمر به فحمل على البريد من ساعته إلى الرقة.
وفي يزيد بن حاتم يقول أيضاً:

يزيد الأزد إن يزيد قومـي

 

سميك لا يجود كما تجـود

يقود جماعة وقود أخـرى

 

فترزق من تقود ومن يقود

فما تسعون يحقرها ثـلاث

 

يقيم حسابها رجـل شـديد

وكف ششنة جمعت لوجءٍ

 

بأنكد من عطـائك يا يزيد

أخبرني الحسن بن علي قال: حدثنا أحمد بن الحارث عن المدائني قال: امتدح ربيعة الرقي العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، بقصيدة لم يسبق إليها حسناً، وهي طويلة يقول فيها:

لو قيل للعباس يا بن محمـدٍ

 

قل: لا وأنت مخلد ما قالهـا

ما إن أعد من المكارم خصلة

 

إلا وجدتك عمها أو خالهـا

وإذا الملوك تسايروا في بلدة

 

كانوا كوكبها وكنت هلالهـا

إن المكارم لم تزل معقـولة

 

حتى حللت براحتيك عقالها

في البيت الأول والبيت الأخير خفيف رملٍ بالوسطى، يقال إنه لإبراهيم. ويقال إنه للحسين بن محرز.
قال: فبعث إليه بدينارين، وكان يقدر فيه ألفين، فلما نظر إلى الدينارين كاد يجن غيظاً، وقال للرسول: خذ الدينارين، فهما لك، على أن ترد الرقعة من حيث لا يدري العباس، ففعل الرسول ذلك، فأخذها ربيعة، وأمر من كتب في ظهرها:

مدحتك مدحة السيف المحلـى

 

لتجري في الكرام كما جريت

فهبها مدحةً ذهبت ضـياعـا

 

كذبت عليك فيها وافـتـريت

فأنت المرء ليس لـه وفـاء

 

كأني إذ مدحتك قـد رثـيت

ثم دفعها إلى الرسول، وقال له ضعها في الموضع الذي أخذتهامنه. فردها الرسول في موضعها. فلما كان من الغد اخذها العباس، فنظر فيها، فلما قرأ الأبيات غضب، وقام من وقته، فركب إلى الرشيد، وكان أثيراً عنده، يبجله ويقدمه، وكان قد هم أن يخطب إليه ابنته، فرأى الكراهة في وجهه، فقال: ما سأنك؟ قال: هجاني ربيعة الرقي. فأحضر، فقال له الرشيد: يا ماص كذا وكذا من أمه، أتهجو عمي، وآثر الخلق عندي، لقد هممت أن أضرب عنقك. فقال: والله يا امير المؤمنين، لقد مدحته بقصيدة ما قال مثلها أحد من الشعراء، في أحد من الشعراء، في أحد من الخلفاء، ولقد بالغت في الثناء، وأكثرت في الوصف، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأمره بإحضارها. فلما سمع الرشيد ذلك منه سكن غضبه، وأحب أن ينظر في القصيدة، فأمر العباس بإحضار الرقعة، فتلكأ عليه العباس ساعة، فقال له الرشيد: شألتك بحق أمير المؤمنين إلا أمرت بإحضارها، فعلم العباس أنه قد اخطأ وغلط، فأمر بإحضارها فأحضرت، فأخذها الرشيد وإذا فيها القصيدة بعينها، فاستحسنها واستجادها، واعجب بها، وقال: والله ما قال أحد مكن الشعراء في أحد من الخلفاء مثلها، لقد صدق ربيعة وبر. ثم قال للعباس: كم أثبته عليها؟ فسكت العباس: وتغير لونه، وجرض بريقه، فقال ربيعة: أثابني عليها يا أمير المؤمنين بدينارين، فتوهم الرشيد أنه قال ذلك من الموجدة على العباس، فقال: بحياتي يا رقي، كم أثابك؟ قال: وحياتك يا أمير المؤمنين ما أثابني إلا بدينارين.


فغضب الرشيد غضباً شديداً، ونظر في وجه العباس بن محمد، وقال: سوءة لك ! أية حال قعدت بك عن إثابته أقلة مال؟ فو الله لقد مولتك جهدي؛ أم انقطاع المادة عنك؟ فوا لله ما انقطعت عنك، أم أصلك؟ فهو الأصل لا يدانيه شيء، أم نفسك؟ فلا ذنب لي، بل نفسك فعلت ذلك بك، حتى فضحت أباك وأجدادك، وفضحتني ونفسك. فتكس العباس رأسه ولم ينطق. فقال الرشيد: يا غلام، أعط ربيعة ثلاثين ألف درهم وخلعة، واحمله على بغلة، فلما حمل المال بين يديه، وألبس الخلعة، قال له الرشيد: بحياتي يا رقي لا تذكره في شيء من شعرك تعريضاً ولا تصريحاً، وفتر الرشيد عما كان هم به أن يتزوج إليه، وظهر منه له بعد ذلك جفاء كثير واطراح.


أخبرني علي بن صالح بن الهيثم قال: حدثني أحمد بن أبي فنن الشاعر، قال: حدثني من لا أحصي من الجلساء أن ربيعة الرقي كان لا يزال يعبث بالعباس بن محمد بحضرة الرشيد، العبث الذي يبلغ منه، منذ جرى بينهما في مديحه إياه ما جرى، من حيث لا يتعلق عليه فيه بشيء، فجاء العباس يوماً إلى الرشيد ببرنية فيها غاليه، فوضعها بين يديه، ثم قال: هذه يا أمير المؤمنين غالية، صنعتها لك بيدي، اختير عنبرها من شحر عمان، ومسكها من مفاوز التبت، وبانها من قعر تهامة؛ فالفضائل كلها مجموعة فيها، والنعت يقصر عنها.


فاعترضه ربيعة، فقال: ما رأيت أعجب منك، ومن صفتك لهذه الغالية، عند من إليه كل موصوف يجلب، وفي سوقه ينفق، وبه إليه يتقرب، وما قدر غاليتك هذه، أعزك الله، حتى بلغ في وصفها ما بلغت، أأجريت بها إليه نهراً، ام حملت إليه منها وقراً ! إن تعظيمك هذا عند من تحببى إليه خزائن الأرض وأموالها من كل بلدة، وتذل لهيبته جبابرة الملوك المطيعة والخالفة، وتتحفه بطرف بلدانها، وبدائع ممالكها، حتى كأنك قد فقت به على كل ما عنده، أو أبدعت له ما لا يعرفه، أو خصصته بما لم يحوه ملكه، لا تخلو فيه من ضعف أو قصر همة. أنشدك الله يا أمير المؤمنين، إلا جعلت حظي من كل جائزة وفائدة توصلها إلي مدة سنتي هذه الغالية، حتى أتلقاها بحقها.


فقال: أدفعوها إليه، فدفعت إليه. فأدخل يده فيها، وأخرج ملئها، رحل سراويله، وأدخل يدع فطلى بها استه، وأخذ حفنة اخرى، وطلى بها ذكره وأنثييه، وأخرج حفنتين، فجعلهما تحت إبطيه، ثم قال: يا أمير المؤمنين، مر غلامي أن يدخل إلي، فقال: ادخلوه إليه، وهو يضحك، فأدخلوه إليه فدفع إليه البرنية غير مختومة، وقال أذهب إلى جارتي فلانة بهذه البرنية، وقل لها: طيبي بها حرك واستك وإبطيك، حتى أحيء الساعة وأنيكك، فأخذها الغلام ومضى وضحك الرشيد حتى غشي عليه، وكاد العباس يموت غيظاً، ثم قام فانصرف، وأمر الرشيد لربيعة بثلاثين ألف درهم .


وذكر علي بن الحسين بن عبد الأعلى، انه رأى قصيدة لربيعة الرقي مكتوبة في دور بساط من بسط السلطان قديم، وكان مبسوطاً في دار العامة بسر من رأى، فنسخها منه، وهي قوله:

وتزعم أني قد تـبـدلـت خـلةً

 

سواها وهذا الباطل المتـقـول

لحا الله من باع الصديق بغـيره

 

فقالت نعم حاشاك إن كنت تفعل

ستصرم إنساناً إذا صرمتـنـي

 

يحبك فانظر بعده من تـبـدل

في هذه الثلاثة الأبيات لحن من الثقيل الأول، ينسب إلى إبراهيم الموصلي، وإلى إبراهيم بن المهدي، وفيه لعريب رمل من رواية ابن المعتز.


وكان سبب إغراق ربيعة في هجاء يزيد بن أسيد، انه زاره يستميحه، لقضاء دين كان عليه ، فلم يجد عنده ما أحب، وبلغ ذلك يزيد بن حاتم المهلبي، فطفل على قضاء دينه وبره، فاسفرغ بيعة جهده في مدحه، وله فيه عدة قصائد مختارة، يطول ذكرها، وقد كان أبو الشمقمق عارضه في قوله:

لشتان ما بين اليزيدين في الندى

 

يزيد سليم والأغر ابن حـاتـم

في قصيدة مدح بها يزيد بن مزيد، وسلخ بيت الرقي، بل نقله وقال:

لشتان ما بين اليزيدين في الـنـدى

 

إذا عد في الناس المكارم والمجـد

يزيد بني شيبان أكرم مـنـهـمـا

 

وإن غضبت قيس بن عيلان والأزد

فتى لم تلده مـن رعـين قـبـيلة

 

ولا لخم تنميه ولم تنـمـه نـهـد

ولكن نمتـه الـغـر مـن آل وائلٍ

 

وبرة تنميه ومن بعـدهـا هـنـد

ولم يسر في هذا المعنى شيء كما يار بيت ربيعة.


أخبرني أحمد بن عبيد الله بن عمار قال: حدثنا محمد بن دواد بن الجراح قال: حدثنا محمد بن أبي الأزهر قال: عرض نخاس على أحمد بن يزيد بن أسيد الذي هجاه ربيعة جواري، فاختار جاريتين منهن، ثم قال للنخاس: أيتهما أحب إليك؟ قال: بينهما أعز الله الأمير كما قال الشاعر:

لشتان ما بين اليزيدين في الندى

 

يزيد سليم والغر ابـن حـات

فأمر بجر رجله وجواريه.


أخبرني حبيب بن نصر المهلبي قال: حدثنا عبد الله بن شبيب قال: لما حج الرشيد لقيه قبل دخوله مكة رجلان من قريش، فانتسب له أحدهما، ثم قال: يا أمير المؤمنين، نهكتنا النوائب، وأجحفت بأموالنا المصائب، ولنا بك رحم أنت أولى من وصلها، وأمل أنت أحق من صدقه، فما بعدك مكلب، ولا عنك مذعب، ولا فوقك مسئول، ولا مثلك مأمول. وتكلم الآخر، فلم يأت بشيء فوصلهما، وفضل الأول تفضيلاً كثيراً، ثم أقبل على الفضل بن الربيع فقال: يا فضل:

لشتان ما بين اليزيدين في الندى

 

يزيد سليم والأغر ابن حـاتـم

قال أحمد بن أبي طاهر: حدثني أبو دعامة علي بن زيد بن عطاء الملط قال: لما هجا ربيعة يزيد بن أسيد السلمي، وكان جليلاً عن المنصور والمهدي، وفضل عليه يزيد بن حاتم، قلت لربيعة: يا أبا شبابة، ما حملك على أن هجوت رجلاً من قومك، وفضلت عليه رجلاً من الأزد؟ فقال: أخبرك.


أملقت فلم يبق لي شيء إلا داري، فرهنتها على خمس مئة درهم، ورحلت إليه إلى ارمينية، فأعلمته ذلك ومدحته، وأقمت عنده حولاً، فوهب لي خمس مئة درهم، فتحملت وصرت بها إلى منزلي، فلم يبق معي كبير شيء، فنزلت في دار بكراء، فقلت: لو أتيت يزيد بن حاتم، ثم قلت: هذا ابن عمي فعل بي هذا الفعل، فكيف غيره؟ ثم حملت نفسي على أن أتيته، فاعلم بمكاني، فتركني شهراً حتى ضجرت، فأكريت نفسي من الحمالين، وكتبت بيتاً في رقعة وطرحتها في دهليزه، والبيت:

أراني ولا كفران لله راجعـا

 

يخفي حنينٍ من يزيد بن حاتم

فوقعت الرقعة في يد حاجبه، فأولها إليه من غير علمي ولا امري، فبعث خلفي، فلما دخلت عليه قال: هيه، أنشدني ما قلت. فتمنعت، فقال: والله لتنشدني، فأنشدته فقال: والل لا ترجع كذلك، ثم قال: انزعوا خفيه، فنزعا فحشاهما دنانير، وأمر لي بغلمان وجوار وكسا، أفلا ترى لي أن أمدح هذا وأهجو ذاك! قلت: بلى والله. ثم قال: وسار شعري حتى بلغ المهدي فكان سبب دخولي إليه.


أخبرني الحسن بن علي الأدمي قال: حدثني محمد بن الحسن بن عباد بن الشهيد القرقيسياني قال: حدثني عمي عبد الله بن عباد: أن ربيعة بن ثابت الرقي الأسدي كان يلقب الغاوي، وكان يهوى جارية يقال لها عثمة، أمة لرجل من أهل قرقيسياء، يقال له ابن مرار، وكان بنو هاشم في سلطانهم قد ولوه مصر، فأصاب بها مالاً عظيماً، وبلغه خبر ربيعة مع جاريته، فأحضره، وعرض عليه أن يهبها له، فقال: لا تهبها لي، فإن كل مبذول مملول، وأكره أن يذهبحبها من قلبي؛ ولكن دعني أواصلها هكذا، فهو أحب إلي.
قال: وقال فيها:

اعتاد قلبك من حبيبـك عـيده

 

شوق عراك فأنت عنه تـذوده

والشوق قد غلب الفؤاد فقـاده

 

والشوق يغلب ذا الهوى فيقوده

في دار مرار غزال كـنـيسة

 

عطر عليه خزوزه وبـروده

ريم أغر كأنه من حـسـنـه

 

صنم يحج ببيعة مـعـبـوده

عيناه عينا جـؤذر بـصـريمة

 

وله من الظبي المريب جـيده

ما ضر عثمة أن تلم بعـاشـق

 

دنف الفؤاد متيم فـتـعـوده

وتلده من ريقها فـلـربـمـا

 

نفع السقيم من السقام لـدوده

وهي طويلة مده فيها بعض ولد يزيد بن المهلب.


أخبرني يحيى بن علي قال: حدثني أبي عن إسحاق بن إبراهيم الموصلي، عن أبي بشر الفزاري قال: لقى ربيعة الرقي معن بن زائدة في قدمه قدمها إلى العراق، فامتدحه بقصيدة، وأنشده إياها راويته، فلم يهش له معن، ولا رضي ربيعة لقائه إياه، وأثابه ثواباً نزراً، فرده ربيعة، وهجاه هجاء كثيراً، فمما هجاه به قوله:

معن يا معن يا بن زائدة الكـل

 

ب التي في الذراع لا في البنان

لا تفاخر إذا فـخـرت بـآبـا

 

ئك وافخر بعمك الحو فـزان

فهشام من وائل فـي مـكـانٍ

 

أنت ترضى بدون ذاك المكـان

ومتى كنت يا بن ظبية تـرجـو

 

أن تثني على ابنة الغضـبـان

وهي حوراء كالمهاة هـجـان

 

لهجانٍ وأنت غـير هـجـان

وبنات السليل عند بن ظـب

 

ية، أف لكم بني شـيبـان

قيل: معن لنا فلما اختبرنـا

 

كان مرعى وليس كالسعدان

قال أبو بشر: ظبية التي عيره بها أمة كانت لبني نهار بن أبي ربيعة بن ذهل بن شيبان، لقيها عبد الله بن زائدة بن مطر بن شريك، وكانت راعية لأهلها، وهي في غنمها، فسرقها ووقع عليها، فولدت له زائدة بن عبد الله أبا معن بن رائدة، ودجاجة بنت عبد الله. قال: وبنت السليل التي عناها: امرأة من ولد الحوفزان.


أخبرني يحيى عن أبيه إسحاق عن أبي بشر الفزاري، قال: كان ربيعة الرقي يهوى جارية لرجل من اهل الكوفة، يقال لها عثمة، وكان أهلها ينزلون في جوار جعفي، فقال فيها في أبيات له:

جعفي جيرانها فقد عطرت

 

جعفي من نشرها ورياها

فقال له رجل من جعفي: وأنا جار لها بيت بيت، والله ما شممت من دراهم ريحا طيبة قط. فتشمم ربيعة رائحته وقال: وما ذنبي إذا كنت أخشم ، والله إني لأجد ريحها وريح طيبها منك، وأنت لا تجده من نفسك.


أخبرني يحيى عن أبيه عن إسحاق عن أبي بشر قال: كنت حاضراً ربيعة الرقي يوماً وجاءته امرأة من منزل هذه الجارية، فقالت: تقول لك فلاننة: إن بنت مولاي محمومة، فإن كانت تعرف عوذة تكتبها لها فافعل. فقال: أكتب لها يا أبا بسر هذه العوذة:

تفو تفو باسم إلـهـي الـذي

 

لا يعرض السقم لمن قد شفى

أعيذ مولاتـي ومـولاتـهـا

 

وانتها بوذة المصـطـفـى

من شر ما يعرض عن عـلة

 

في الصبح والليل إذا أشدفـا

قال: فقلت له: يا أبا ثابت، لست أحسن أن أكتب: تفو تفو، فكيف أكتبها؟ قال: انضح المداد من رأس القلم في موضعين، حتى يكون كالنفث، وافع العوذة إليها، فإنها نافعة. ففعلت ودفعتها إليها، قلم تلبث أن جائنا الجارية وهي لا تتمالك ضحكاً. فقالت له: يا مجنون، ما فعلت بنا؟ كدنا والله نفتضخ بما صنعت. قال: فما أصنع بك؟ أشاعر أنا أم صاحب تعاويذ؟

ألا من بين الأخـوي

 

ن أمها هي الثكلى

تسائل من رأى ابنيها

 

وتشفي فما تشفـى

فلما استيأست رجعت

 

بعبرة واله حـرى

تتابـع بـين ولـولة

 

وبين مدامعٍ تتـرى

عروضه من الهزيج ، الشعر لجورية بنت خالد بن قارظ الكنانية، وتكنى أم حكيم، زوجة عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب، في ابنيها اللذين قتلهما بسر بن لؤي باليمن.


والغناء لا بن سريج، ولحنه من القدر الأوسط، من الثقيل الأول، بالخنصر في مجرى البنصر. وفيه لحنينٍ الحيري، ثاني ثقيل عن الهشامي. وفيه لأبي سعيد مولى فائد، خفيف ثقيل الأول، مطلق في مجرى الوسطى
.