الجزء الثامن عشر - أخبار مساور ونسبه

أخبار مساور ونسبه

نسبه

هو مساور بن سوار بن عبد الحميد من آل قيس بن عيلان بن مضر ويقال: إنه مولى خويلد بن عدوان كوفي قليل الشعر من أصحاب الحديث ورواته وقد روى عن صدر من التابعين وروى عنه وجوه أصحاب الحديث.


أخبرني علي بن طيفور بن غالب النسائي قال: حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب قال: حدثنا حماد بن أسامة عن مساور الوراق قال: حدثني جعفر بن عمرو بن حريث عن أبيه قال: كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته يخطب وعليه عمامة سوداء قد أرخاها بين كتفيه.

خبره مع ابن أبي ليلى

أخبرني محمد بن الحسن بن دريد قال: أخبرني الأشنانداني عن الأصمعي قال: كان قوم يجلسون إلى ابن أبي ليلى فكتب قوماً منهم لعيسى بن موسى وأشار عليه أن يشغلهم ويصلهم فأتى مساورٌ الوراق فكلمه أن يجعله فيهم فلم يفعل فأنشأ يقول:

كثير العيال قليل السؤا ل عف مطاعمه معـدم

يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة وقد حلق العام بالموسم

وأصبح والله في قومه وأمسى وليس بذي درهم

قال: فقال ابن أبي ليلى: لا حاجة لنا فيه فقال فيه مساورٌ أبياتاً قال أبو بكر بن دريد: كرهنا ذكرها صيانة لابن أبي ليلى.

هجا ابن أبي بدرة لعيبه شعراً للمرقش

أخبرني محمد قال: حدثني التوزي قال: كان مساورٌ الوراق وحماد عجرد وحفص بن أبي بردة مجتمعين فجعل حفص يعيب شعر المرقش الأكبر فأقبل عليه مساورٌ فقال:

لقد كان في عينيك يا حفص شاغل وأنفٌ كثيل العود عما تتبع

تتبعت لحناً في كلام مرقشٍ ووجهك مبني على اللحن أجمع

فقام حفص من المجلس خجلاً وهاجره مدة.

وصيته لابنه

نسخت من كتاب عبيد الله اليزيدي بخطه: حدثنا سليمان بن أبي شيخ قال: كان مساور الوراق من جديلة قيس ثم من عدوان مولى لهم فقال لابنه يوصيه:

شمر ثيابك واستعد لقائل واحكك جبينك للعـهـود بـثـوم

إن العهود صفت لكل مشمرٍ دبر الجبين مصفرٍ موسـوم

أحسن وصاحب كل قارٍ ناسكٍ حسن التعهد للصلاة صؤوم

من ضرب حمادٍ هناك ومسعرٍ وسماكٍ العتكي وابن حكيم

وعليك بالغنوي فاجلس عنده حتى تصـيب وديعةً لـيتـيم

تغنيك عن طلب البيوع نسيئةً وتكف عنك لسان كل غـريم

وإذا دخلت على الربيع مسلماً فاخصص شبابة منك بالتسليم

ولاه عيسى بن موسى عملاً فانكسر عليه الخراج

قال: ففعل ما أوصاه به أبوه فلم يلبث مساورٌ أن ولاه عيسى بن موسى عملاً ودفع إليه عهده فانكسر عليه الخراج فدفع إلى بطين صاحب عذاب عيسى يستأديه فقال مساور:

وجدت دواهر البقال أهنى من الفرني والجدي السمين

فكن يا ذا المطيف بقاضيينا غداً من علم ذاك على يقين

وقل لهما إذا عرضا بعهدٍ: برئت إلى عرينه من عرين

فإنك طالما بهرجت فيها بمثل الخنفساء على الجنـين

مر بمقبرة صديقه حميد الطوسي فقال

أخبرني الحسن بن علي قال: حدثنا محمد بن موسى بن حماد قال: مر مساور الوراق بمقبرة حميد الطوسي وكان له صديقاً فوقف عليها مستعبراً وأنشأ يقول:

أبا غانمٍ أما ذراك فواسعٌ وقبرك معمور الجوانب محكم

وما ينفع المقبور عمران قبره إذا كان فيه جسمه يتهدم

شعر له في أصحاب أبي حنيفة

أخبرني إسماعيل بن يونس الشيعي قال: حدثنا الرياشي قال: حدثنا محمد بن الصباح عن سفيان بن عيينة ونسخت هذا الخبر أيضاً من بعض الكتب: أن حامد بن يحيى البلخي حدث عن سفيان بن عيينة وهذه الرواية أتم قال: لما سمع مساور الوراق لغط أصحاب أبي حنيفة وصياحهم أنشأ يقول:

قومٌ إذا اجتمعوا ضجوا كأنهم ثعالبٌ ضجت بين النواويس

فبلغ ذلك أبا حنيفة وأصحابه فشق عليهم وتوعدوه فقال أبياتاً ترضيهم وهي:

إذا ما الناس يوماً قايسونا بآبدةٍ من الفتيا ظـريفـه

أتيناهم بمقياسٍ ظريفٍ مصيبٍ من قياس أبي حنيفه

إذا سمع الفقيه بها وعاها وأثبتها بحبرٍ في صحيفه

فبلغ أبا حنيفة فرضي. قال مساورٌ: ثم دعينا إلى وليمة بالكوفة في يوم شديد الحر فدخلت فلم أجد لرجلي موضعاً من الزحام وإذا أبو حنيفة في صدر البيت فلما رآني قال: إلي يا مساور فجئت فإذا مكان واسع وقال لي: اجلس فجلست فقلت في نفسي: نفعتني أبياتي اليوم. قال: وكان إذا رآني بعد ذلك يقول لي: ها هنا ها هنا ويوسع لي إلى جنبه ويقول: إن هذا من أهل الأدب والفهم انتهى.

حفظ حقوق جيرانه وضيعوا حقه فهجاهم

أخبرني محمد بن الحسين بن دريد قال: حدثنا أبو المعمر عبد الأول بن مزيد أحد بني أنف الناقة قال: كان مساور الوراق لا يضيع حقاً لجارٍ له فماتت بنته فلم يشهدها من جيرانه إلا نفرٌ يسيرٌ فقال مساورٌ في ذلك:

تغيب عني كل جافٍ ضرورةً وكل طفيلي من القوم عاجز

سريع إذا يدعى ليوم وليمةٍ بطيءٍ إذا ما كان حمل الجنائز

أخبرني محمد بن الحسن قال: حدثنا عبد الأول قال: قدم جارٌ لمساور الوراق من سفر فجاءه يسلم عليه فقال: يا جارية هاتي لأبي القاسم غداء فجاءت برغيق فوضعته على الخوان فمد يده يأكل مع مساور وقال له: يا أبا القاسم كل من هذا الخبز فما أكلت خبزاً أطيب منه فقال مساورٌ في ذلك:

ما كنت أحسب أن الخبز فاكهةٌ حتى رأيتك يا وجه الطبرزين

كأن لحيته في وجهه ذنبٌ أو شعرةٌ فوق بظرٍ غير مختـون

يعود أبا العيص الجرمي ويسمع منه شعراً في مرض موته أخبرني الحسن بن علي قال: حدثنا أحمد بن الحارث عن المدائني قال: دخل مساورٌ الوراق على أبي العيص الجرمي يعوده وكان صديقه فكلمه فلم يجبه فبكى مساورٌ جزعاً عليه وأدنى رأسه منه يكلمه فقال أبو العيص:

سيوشك يومٌ أن يجيء وليلةٌ يسوقان حتفاً راح نـحـوك أو غـدا

فتمسي صريعاً لا تجيب لدعوةٍ ولا تسمع الداعي وإن جد في الدعا

ثم لم يلبث أن مات رحمه الله.

صوت

تنامين عن ليلي وأسهره وحدي وأنهى جفوني أن تبثك ما عندي

فإن كنت ما تدرين ما قد فعلته بنا فانظري ماذا على قاتل العمد

الشعر لسعيد بن حميد الكاتب والغناء لعريب خفيف ثقيل مطلق بالسبابة في مجرى الوسطى.