الجزء الثاني والعشرون - أخبار مالك ونسبه

أخبار مالك ونسبه

نسبه هو مالك بن الصمصامة بن سعد بن مالك: أحد بن جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، شاعر بدوي مقل.


يهوى جنوب ويحول بينهما أخوها أخبرني بخبره هاشم بن محمد الخزاعي ومحمد بن خلف بن المرزبان، قالا: أخبرنا أحمد بن الحارث الخراز، عن المدائني، ونسخت خبره أيضاً من كتاب أبي عمرو الشيباني، قالوا: كان مالك بن الصمصامة الجعدي فارساً شجاعاً جواداً جميل الوجه، وكان يهوى جنوب بنت محصن الجعدية، وكان أخوها الأصبغ بن محصن من فرسان العرب وشجعانهم وأهل النجدة والبأس منهم، فنمى إليه نبذ من خبر مالك، فآلى يمينا جزما: لئن بلغه أنه عرض لها أو زارها ليقتلنه، ولئن بلغه أنه ذكرها في شعر أو عرض بها ليأسرنه، ولا يطلقه إلا أن يجز ناصيته في نادي قومه، فبلغ ذلك مالك بن الصمصامة، فقال:

إذا شئت فارقني إلى جنب عيهب

 

أجب ونضوي للقلوص جنـيب

فما الحلق بعد الأسر شر بـقـية

 

من الصد والهجران وهي قريب

ألا أيها الساقي الذي بـل دلـوه

 

بقريان يسقي هل عليك رقـيب

إذا أنت لم تشرب بقريان شـربة

 

وحانية الجدران ظلت تـلـوب

أحب هبوط الـواديين وإنـنـي

 

لمشتهـر بـالـواديين غـريب

أحقا عباد الله أن لست خـارجـا

 

ولا والجا إلا عـلـي رقـيب!

ولا زائراً وحدي ولا في جماعة

 

من الناس إلا قيل: أنت مـريب

وهل ريبة في أن تحن نـجـيبة

 

إلى إلفها أو أن يحـن نـجـيب

يراها فلا يستطيع مخاطبتها وقال أبو عمرو خاصة: حدثنا فتيان من بني جعدة أنها أقبلت ذات يوم، وهو جالس في مجلس فيه أخوها، فلما رآها عرفها، ولم يقدر على الكلام بسبب أخيها، فأغمي عليه، وفطن أخوها لما به، فتغافل عنه، وأسنده بعض فتيان العشيرة إلى صدره، فما تحرك، ولا أحار جوابا ساعة من نهاره، وانصرف أخوها كالخجل، فلما أفاق قال:

ألمت فما حيت وعاجت فأسرعت

 

إلى جرعة بين المخارم فالنجـر

خليلي قد حانت وفاتي فاحـفـرا

 

برابية بين المخافـر والـبـتـر

لكيما تقول العبـدلـية كـلـمـا

 

رأت جدثي: سقيت يا قبر من قبر

جنوب ترعى عهده وقال المدائني في خبره: انتجع أهل بيت جنوب ناحية حسي والحمى، وقد أصابها الغيث، فأمرعت، فلما أرادوا الرحيل وقف لهم مالك بن الصمصامة، حتى إذا بلغته جنوب أخذ بخطام بعيرها، ثم أنشأ يقول:

أريتك إن أزمعـتـم الـيوم نـية

 

وغالك مصطاف الحمى ومرابعه

أترعين ما استودعت أم أ،ت كالذي

 

إذا ما نأى هانت علـيه ودائعـه

فبكت، وقالت: بل أرعى والله ما استودعت، ولا أكون كمن هانت عليه ودائعه، فأرسل بعيرها، وبكى، حتى سقط مغشياً عليه، وهي واقفة، ثم أفاق، وقام، فانصرف وهو يقول:

ألا إن حسياً دونه قلة الـحـمـى

 

منى النفس لو كانت تنال شرائعه

وكيف ومن دون الورود عـوائق

 

وأصبغ حامي ما أحب ومانـعـه

فلا أنا فيما صدني عنه طـامـع

 

ولا أرتجي وصل الذي هو قاطعه

صوت

يا دار هند عفاها كل هـطـال

 

بالخبت مثل سحيق اليمنة البالي

أرب فيها ولـي مـا يغـيرهـا

 

والريح مما تعـفـيهـا بـأذيال

دار وقفت بها صحبي أسائلـهـا

 

والدمع قد بل مني جيب سربالي

شوقاً إلى الحي أيام الجميع بهـا

 

وكيف يطرب أو يشتاق أمثالي؟

قوله. أرب فيها أي أقام فيها وثبت، والولي: الثاني من أمطار السنة، أولها الوسمي، والثاني الولي، ويروى.

جرت عليها رياح الصيف فاطرقت

واطرقت: تلبدت.

الشعر لعبيد بن الأبرص، والغناء لإبراهيم هزج بإطلاق الوتر في مجرى الوسطى عن إسحاق، وفيه لابن جامع رمل بالوسطى، وقد نسب لحنه هذا إلى إبراهيم ولحن إبراهيم إليه.