الجزء الثاني والعشرون - أخبار أبي دهمان

أخبار أبي دهمان

لا يبيح باسم محبوبته أبو دهمان الغلابي شاعر من شعراء البصرة ممن أدرك دولتي بني أمية وبني العباس. ومدح المهدي، وكان طيباً ظريفاً مليح النادرة.


وهو القائل لما ضرب المهدي أبا العتاهية بسبب عشقه عتبة:

لولا الذي أحدث الخليفة في ال

 

عشاق من ضربهم إذا عشقوا

لبحت باسم الـذي أحـب ول

 

كني امرؤ قد ثناني الـفـرق

يجيد التقليد حدثني بذلك الصولي عن محمد بن موسى عن محمد بن أبي العتاهية. وأخبرني جحظة عن حماد بن إسحاق عن أبيه قال: قال رجل لأبي دهمان: ألا أحدثك بظريفة؟ قال: بلى، قال: كنا عند فلان، فمد رجله هكذا، فضرط، ومد المحدث رجله يحكيه فضرط، فقال له أبو دهمان. يا هذا أنت أحذق خلق الله بحكاية.


حق له أن يتيه عليه نسخت من كتاب بخط ميمون بن هارون: بلغني أن أبا دهمان مر وهو أمير بنيسابور على رجل جالس ومعه صديق له يسايره، فقام الناس إليه ودعوا له إلا ذلك الرجل، فقال أبو دهمان لصديقه وهو يسايره: أما ترى ذلك الرجل في النظارة وترى تيهه علي؟ فقال له: وكيف يتيه عليك وأنت الأمير! قال: لأنه قد ناكني وأنا غلام.


غلامه يتعجل موته وأخبرني الحسن بن علي، قال: حدثنا أحمد بن الحارث عن المدائني، قال: مرض أبو دهمان مرضاً أشفى منه على الموت، فأوصى وأملى وصيته على كاتبه، وأوصى فيها بعتق غلام كان له واقفاً، فلما فرغ غدا الغلام بالرقعة، فأتربها، ونظر إليه أبو دهمان، فقال له: نعم أتربها يا بن الزانية، عسى أن يكون أنجح للحاجة، لا شفاني الله إن أنجحت، وأمر به، فأخرج لوقته، فبيع.

صوت

يكر كما كر الكلـيبـي مـهـره

 

وما كـر إلا خـيفة أن يعـيرا

فلا صلح حتى تزحف الخيل والقنا

 

بنا وبكم أو يصدر الأمر مصدرا

الشعر لأبي حزابة التميمي، والغناء لابن جامع ثاني ثقيل بالبنصر.


وهذا الشعر يرثي به أبو حزابة رجلاً من بني كليب بن يربوع يقال له ناشرة اليربوعي، قتل بسجستان في فتنة ابن الزبير، وكان سيداً شجاعاً.


يرثي ناشرة اليربوعي أنشدنيه جعفر بن قدامة قال: أنشدني أبو هفان وأحمد بن أبي طاهر قالا: أنشدنا عبد الله بن أحمد العدوي لأبي حزابة يرثي ناشرة اليربوعي وقتل بسجستان في فتنة ابن الزبير قال:

لعمري لقد هدت قريش عـروشـنـا

 

بأبيض نفـاح الـعـشـيات أزهـرا

وكان حصاداً لـلـمـنـايا زرعـنـه

 

فهلا تركن النبت ما كان أخـضـرا

لحا الله قومـاً أسـلـمـوك وجـردوا

 

عناجيج أعطتها يمـينـك ضـمـرا

أما كان فيهـم مـاجـد ذو حـفـيظة

 

يرى الموت في بعض المواطن افخرا

يكر كما كر الـكـلـيبـي مـهـره

 

ومـا كـر إلا خـشـية أن يعــيرا

يريد ما كان في هؤلاء القوم من يكر كما كر ناشرة الكليبي مهره؟