الجزء الثالث والعشرون - أخبار الحسن بن وهب

أخبار الحسن بن وهب

هو الحسن بن وهب بن سعيد، كاتب شاعر مترسل فصيح أديب، وأخوه سليمان بن وهب فحل من الكتاب ويكنى أبا علي، وهو عريق في الكتابة، ولأولاده نجابة مشهورة تستغني عن وصف ذلك، وكانوا يقولون إنهم من بني الحارث بن كعب، وأصلهم نصارى، وفي بني الحارث نصارى كثير.


وفي الحسن بن وهب يقول البحتري:

يا أخا الحارث بن كعب بن عمرو

 

أشهـوراً تـصـوم أم أيامـا؟

وكان البحتري مداحاً لهم، وله في الحسن ،وقد اجتاز بمنزله بعد وفاته:

أناة أيها الفلـك الـمـدار

 

أنهب ما تطرق أم جبـار

نزلنا منزل الحسن بن وهب

 

وقد درست مغانيه القفـار

يقول فيها يصف صبوحاً كانوا قد اصطحبوه:

أقمنا، أكلنا أكل اسـتـلاب

 

هناك وشربنا شـرب يدار

تنازعنا المدامة وهي صرف

 

وأعجلنا الطبائخ وهي نـار

ولم يك ذاك سخفاً غير أنـي

 

رأيت الشرب سخفهم الوقار

أخبرني الصولي، وذكر ذلك عن جماعة من الكتاب: أن الحسن بن وهب كان أشد تمسكاً بالنسب إلى بني الحارث بن كعب من أخيه سليمان، وكان سليمان ينكر ذلك، ويعاتب عليه أخاه الحسن وابنه أحمد بن سليمان. وأصلهم من قرية من سواد واسط في جسر سابور يقال لها "سارقيقا" أخبرني عمي: قال: حدثني عمر بن نصر الكاتب، وكان من مشايخ الكتاب بسر من رأى، قال: كنا نتهادى ونحن في الديوان أشعار الحسن بن وهب، ونتباهى بحفظها، قال: وأنشدني له، وكتب بها إلى أخيه سليمان بن وهب من مدينة السلام وهو محبوس في أيام الواثق:

خطب أبـا أيوب جـل مـحـلـه

 

فإذا جزعت من الخطوب فمن لها؟

إن الذي عقد الذي انعـقـدت بـه

 

عقد المكاره فيك يحسن حـلـهـا

فاصبر لعلها الصبر يفتق ما تـرى

 

وعسى بها أن ينجلي ولـعـلـهـا

قال: وكتب إليه أيضاً وهو في الحبس بسر من رأى:

خليلي من عبد الـمـدان تـروحـا

 

ونصا صدور العيس حسرى وطلحا

فإن سليمان بـن وهـب بـبـلـدة

 

أصاب صميم القلب مني فأقرحـا

أسائل عنه الحارسين لـحـبـسـه

 

إذا ما أتوني: كيف أمسى وأصبحا!

فلا يهنئ الأعداء أسر ابـن حـرة

 

يراه العدا أندى يميناً وأسـمـحـا

وأنهض للأمر الجلـيل بـعـزمة

 

وأقرع للباب الأصـم وأفـتـحـا

أخبرني محمد بن يحيى الصولي: قال: حدثني محمد بن موسى بن حماد: قال: وجه الحسن بن وهب إلى أبي تمام وهو بالموصل خلعاً فيها خز ووشي، فامتدحه بقصيدة أولها:

أبو علي وسمي منتـجـعـه

 

فاحلل بأعلى واديه أو جزعه

ثم وصف الخلعة فقال:

وقد أتاني الرسول بالملبس الفخ

 

م لصيف امرئ ومرتبـعـه

لو أنها جللـت أويسـاً لـقـد

 

أسرعت الكبرياء في روعـه

رائق خـز أجـيد سـابــره

 

سكب تدين الصبا لمـدرعـه

وسر وشي كأن شعري أحـيا

 

ناً نسيت العيون من بـدعـه

تركتني ساهر الجفون عـلـى

 

أزلم دهر بحسنهـا جـذعـه

- يعني الدهر، والدهر يقال له: الأزلم الجذع، والأزلم: الطويل، والجذع: الجديد: يقول: هو قديم سالف، ويومه جديد، قال لقيط الإيادي:

يا قوم بيضتكم لا تفضحن بهاإني أخاف عليها الأزلم الجذعا

أخبرني الصولي: قال: حدثنا محمد بن يزيد المبرد: قال: لما حبس محمد بن عبد الملك الزيات سليمان بن وهب، وطالبه بالأموال وقت نكبته قال الحسن بن وهب:  

خليلي من عبد الـمـدان تـروحـا

 

ونصا صدور العيس حسري وطلحا

فإن سليمان بن وهـب بـمـنـزل

 

أصاب صميم القلب مني فأقرحـا

أسائل عنه الحارسين لـحـبـسـه

 

إذا ما أتوني كيف أمسى وأصبحـا

فلا يهنئ الأعداء حبس ابـن حـرة

 

يراه العدا أندى يميناً وأسـمـحـا

وقولاً لهم صبراً قليلاً وأصبـحـوا

 

فما أقرب الليل البهيم من الضحـا

قال: وقيل له وسليمان محبوس: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت والله قليل النشاط، كال القريحة، صدئ الذهن، ميت الخاطر من سوء فعل الزمان، وتوارد الأحزان، وتغير الإخوان، قال: وآلى ألا يذوق طعاماً طيباً، ولا يشرب ماء بارداً، ما دام أخوه محبوساً؟، فوفى بذلك.


أخبرني الصولي: قال: أخبرني أبو الأسود: قال: كان للحسن بن وهب جار هاشمي، يلقب بالطير، فحج سنة من السنين، ورجع آخر الناس، فقال فيه الحسن:

أينقص أم يزيد من الرقاعـه

 

أخو حمق له الدنيا مشاعـه

يحج على الجمال ولو تجلـى

 

لمكة جاءها في بعض ساعه

أخبرني الصولي: قال: حدثنا الطالقاني: قال: حدثنا أحمد بن سليمان بن وهب. قال :رآني عمي الحسن، وأنا أبكي لفراق بعض ألافي فقال:

ابك فما أنفع ما في البكـا

 

لأنه للوجـد تـسـهـيل

وهو إذا أنت تأمـلـتـه

 

حزن على الخدين محلول

أخبرني الصولي: قال: حدثنا علي بن الصباح : قال: بلغ الحسن بن رجاء أن الحسن بن وهب عابه بحب الغلمان، وكان الحسن بن وهب أشد حباً لهم منه، فقال: مثلي ومثله كما قال حسان بن ثابت:

وإني لأغني الناس عن فضل صاحب

 

يرى الناس ضلالاً وليس بمهـتـد

أخبرنا محمد: قال: حدثنا الحزنبل: قال: كتب رجل إلى الحسن بن وهب يستميحه، فوقع في رقعته:

الجود طبعي ولكن ليس لي مال

 

فكيف يحتال من بالرهن يحتال

أخبرني الحسن بن علي: قال: حدثني محمد بن موسى بن حماد: قال: كنت اكتب في حداثتي بين يدي الحسن بن وهب - وكان شديد الشغف ببنات جارية محمد بن حماد كاتب راشد، فكنا يوماً عنده، وهي تغني، وبين أيدينا كانوا فحم، فتأذت به، فأمرت أن يباعد، فقال الحسن :

بأبي كرهت النار حتى أبـعـدت

 

فعلمت ما معناك في إبعـادهـا

هي ضرة لك بالمتاع ضـيائهـا

 

وبحسن صورتها لدى إيقـادهـا

وأرى صنيعك في القلوب صنيعها

 

في شوكها وسيالها وقـتـادهـا

شركتك في كل الجهات بحسنهـا

 

وضيائها وصلاحها وفسـادهـا

أخبرني الصولي: قال: حدثني الحسين بن يحيى: قال: كنا عند الحسن بن وهب، فقال: لو ساعدنا الدهر لجاءتنا بنات، فما تكلم بشيء حتى دخلت، فقال: إني وإياك لكما قال علي بن أمية:

وفاجأتني والقلب نحوك شاخص

 

وذكرك ما بين اللسان إلى القلب

فيا فرحة جاءت على إثر ترحة

 

ويا غفلتا عنها وقد نزلت قربي

قرأت في بعض الكتب: دخلت يوماً بنات على الحسن بن وهب، وهو مخمور، فسلمت عليه، وقبلت يده، فأراد تقبيل يدها، فمنعته فرعش، فقال:

أقول وقد حاولت تقبيل كفـهـا

 

وبي رعدة أهتز منها وأسكـن

فديتك إني أشجع الناس كلـهـم

 

لدى الحرب إلا أنني عنك أجبن

أخبرني الصولي: قال: حدثني محمد بن موسى، قال: جاءت بنات تسأل الحسن بن وهب من علة نالته، فحين رآها دعا برطل، فشربه على وجهها، وقال: قد عوفيت، فأقيمي اليوم عندي، فأبت وقالت: عند مولاي دعوة، فأمر بإحضار مائتي دينار، فأحضرت فقال: هذه مائة لمولاك، فابعثي بها إليه ومائة لك؛ فقالت: أما هو فأبعث بمائة إليه ؛ وأما أنا فوالله لا أخذت المائة الأخرى، ولأتصدقن بمثلها لعافيتك ولكن أكتب إليه رقعة تقوم بعذري؛ فأخذ الدواة؛ وكتب إلى مولاها :

ضرة الشمس والقمر

 

متعيني من النـظـر

متعينـي بـجـلـسة

 

منك يا أحسن البشـر

أشتريهـا إن بـعـت

 

نيها بسمعي وبالبصر

أذهب السقم سقم طر

 

فك ذي الغنج والحور

فأديمي الـسـرور لا

 

تمزجي الصفو بالكدر

ليس يبقي علي حبك هذا ولا يذر

 

وأنا منه فأنعمي

بمـقـام عـلـى خـطـــر

وتـغـنـي فـــداك كـــل

مغـن لــكـــي أســـر

ربـع سـلـمـى بـذي بـقـر

عرضة الـريح والـمـطــر

       

حدثني أبو إسحاق بن الضحاك عن أحمد بن سليمان - والحكايتان متفقتان متقاربتان - أخبرني الصولي: قال: حدثني الحسين بن يحيى: قال: حدثني أحمد بن سليمان بن وهب قال: قال لي أبي: قد عزمت على معاتبة عمك في حبه لبنات، فقد شهر بها وافتضح، فكن معي، وأعني عليه، وكان هواي مع عمي، فمضيت معه فقال له أبي، وقد أطال عتابه: يا أخي، جعلت فداك! الهوى ألذ وأمتع، والرأي أصوب وأنفع، فقال عمي متمثلاً:

إذا أمرتك العاذلات بهجرها

 

أبت كبد عما يقلن صـديع

وكيف أطيع العاذلات وحبها

 

يؤرقني والعاذلات هجوع

فالتفت إلي أبي ينظر ما عندي، فتمثلت:

وإني ليلحاني على فرط حبها

 

رجال أطاعتهم قلوب صحائح

فنهض أبي مغضباً ضمني عمي إليه، وقبلني، وانصرفت إلى بنات، فحدثتها بما جرى وعمي يسمع، فأخذت العود، فغنت:

يلومك في مودتها أناس

 

لو أنهم برأيك لم يلوموا

فيه ثقيل أول.


قال أحمد بن سليمان، وعذلته عجوز لنا، يقال لها: منى، فقال لها: قومي، فانظري إليها، واسمعي غنائها، ثم لوميني، فقامت معه، فرأتها، وسمعت غنائها فقالت له: لست أعاود لومك فيما بعد هذا، فأنشأ يقول:

ويوم سها عنه الزمان فأصبحـت

 

نواظره قد حار عنها بصـيرهـا

خلوت بمن أهوى به فتكامـلـت

 

سعود أدار النحس عنا مـديرهـا

أما تعذريني يا منى في صبابتـي

 

بمن وجهها كالشمس يلمع نورها؟

قال أحمد بن سليمان: كان لعمي كاتب يعرف بإبراهيم: نصراني يأنس به، فسأل بنات مسألتها عمي أن يجعل رزقه ألف درهم في الشهر، فلما شرب أقداحاً، وطرب وثبت قائمةً وقالت: يا سيدي لي حاجة، فوثب عمي، فقام لقيامها، فقالت: تجعل رزق إبراهيم ألف درهم في الشهر، فقال: سمعاً وطاعة، فجلست فأنشأ يقول:

قامت فقمت ولم أكن لو لم تقم

 

لأجل خلقاً غيرها فأقـومـا

شفعت لإبراهيم في أرزاقـه

 

فوددت أني كنت إبراهيمـا

فأجبتها إني مطيع أمـرهـا

 

وأراه فرضاً واجباً محتومـا

ما كان أطيب يومنا وأسـره

 

لو لم يكن بفراقها مختومـا

قال: ثم إن عمي صار إلى أبي، فأخبره الخبر، فأمر أن يجعل لإبراهيم من ماله ألف درهم أخرى لشفاعتها.
أخبرني الصولي: قال: حدثني إسماعيل بن الخصيب: قال: اعتل الحسن بن وهب، فلم تعلم بنات بذلك، وتأخرت عن عيادته، فكتب إليها:

عليل أنت أعللـتـه

 

فلو أنك عـلـتـه

بوعـد أن تـزوريه

 

إذا ما ممكن نلتـه

قريباً لنـفـيت الـدا

 

ء عنه حين واعدته

وما ضرك لو جـاء

 

رسول منك أرسلته

فيحكي لك ما قـال

 

كما يحكي الذي قلته

أما والله لـو أن ال

 

ذي يحمل حملـتـه

لما احتاج إلى التعل

 

يم فيما قد تجاهلتـه

أخبرني الصولي: قال أحمد بن إسماعيل: قال: حدثني أحمد بن عبيد الله بن جميل: قال: أهدى الحسن بن وهب إلى بنات في علة اعتلتها هدايا حسنة وأهدى معها قفص شفانين ، وكتب إليها:

شفاء أنين بالشـفـانـين أمـلـت

 

لكم نفس من أهدى الشفانين عامدا

كلوها يكل الداء عنكم فـإنـنـي

 

أزوركم للشوق لا زرت عـائدا

أخبرني عمي: قال: حدثني ميمون بن هارون: قال: كتب الحسن بن وهب إلى بنات يوم جمعة يستدعيها، فكتبت إليه أن عند مولاها أصدقاء له، وقد منعها من المسير إليه، فكتب إليها ثانية يقول:

يومنا يوم جمعة بـأبـي أن

 

ت وعند الوضيع لا كان قوم

سفل مثله يسومونه الـخـس

 

ف ويرضاه وهو للوعد سوم

فامنعيهم منك البشاشة حتـى

 

يتغشاهم من الـبـرد نـوم

وليكن منك طول يومك لـل

 

ه صلاة إلى المساء وصوم

وارفعي عنهم الغناء وإن نـا

 

لك عذل من الوضيع ولـوم

واذكري مغرماً بحبك أمسى

 

همه أن يديله مـنـك يوم

أخبرني عمي قال: حدثني ميمون بن هارون، قال: كان الحسن بن وهب يشرب عند محمد بن عبد الله بن طاهر، فعرضت سحابة، فبرقت ورعدت، وقطرت، فقال الحسن:

هطلتنا السماء هطـلاً دراكـاً

 

عارض المرزمان فيها السماكا

قلت للبرق إذ تـألـف فـيهـا

 

يا زناد السماء مـن أوراكـا؟

أحبيبـاً نـأيتـه فـبـكـاكـا

 

فهو العارض الذي استبكاكـا

أم تشبهت بالأمير أبي الـعـب

 

اس في جوده فلست كذاكـا؟

أخبرني عمي، قال: حدثنا أبو العيناء، قال: طلب محمد بن عبد الملك الزيات الحسن بن وهب، وكان قد اصطبح مع بنات فكتب إليه: يا سيدي، أنا في مجلس بهي، وطعام هني، وشراب شهي، وغناء رضي، أفأتحول عنه إلى كد الشقي، ووثبت بنات لتقوم، فردها وكتب:

ما بان عنك الذي بـن

 

ت عنه لا عاش بعدك

إن لم يكن عنده الص

 

بر والسلو فعـنـدك

ومـا وجـدتــه إلا

 

عبد الرجاء وعبـدك

فاستلبها الرسول، ومضى بها إلى محمد، فوقع فيها:

أبا علـي أراك الإل

 

ه في الأمر رشـدك

إن لم تكن عندي اليو

 

م بالشوق كنت عندك

فاهدم محلك عنـدي

 

واجهد لذلك جهـدك

فلـســت أزداد إلا

 

رعـاية لـك ودك

وانعم بمن قلت فيهـا

 

عبد الرجاء وعبـدك

أزيل نحسك فـيهـا

 

وأطلع الله سعـدك

ورد الرقعة إلى الحسن، فلما قرأها خجل، وحلف ألا يشرب النبيذ شهراً، ولا يفارق مجلس الوزير.
أخبرني عمي عن إبراهيم بن المدبر، قال: ولدت بنات من مولاها ولداً وسمته بإبراهيم، فأبغضها الحسن بن وهب، وكتب إليها:

نتج المهرة الهجان هجينـاً

 

ثم سمى الهجين إبراهيمـا

بخليل الرحمن سميت عبـداً

 

أم قريع الفتيان ذاك الكريما

وبعث البيتين إليها، وكان آخر عهده بها.


أخبرني الصولي قال: حدثنا محمد بن موسى قال: كان الحسن بن وهب يعشق غلاماً رومياً لأبي تمام، وكان أبو تمام يعشق غلاماً خزرياً للحسن، فرأى أبو تمام يوماً الحسن يعبث بغلامه، فقال له: والله لإن أعتقت إلى الروم لنركضن إلى الخزر، فقال له الحسن: لو شئت لحكمتنا واحتكمت، فقال له أبو تمام: ما أشبهك إلا بداود، ولا أشبه نفسي إلا بخصيمه، فقال له: لو كان هذا منظوماً حفظه، فأما المنثور فهو عارض لا حقيقة له، فقال أبو تمام:

أبا علي لصرف الدهر والـغـير

 

وللـحـوادث والأيام والـعـبـر

أعندك الشمس لم يحظ المغيب بهـا

 

وأنت مضطرب الأحشاء للقمـر

أذكرتني أمر داود وكنـت فـتـى

 

مصرف القلب في الأهواء والذكر

إن لم تترك السير الحـثـيث إلـى

 

جآذر الروم أعنقنا إلى الـخـزر

إن الغزال له مني مـحـل هـوى

 

يحل مني محل السمع والبـصـر

ورب أمنع منه جانـبـاً وحـمـى

 

أمسى ولكنه مني علـى خـطـر

جردت منه جنود العزم فانكشفـت

 

منه غيابتـهـا عـن تـكة هـدر

سبحان من سبحتـه كـل جـارحة

 

ما فيك من طمحان الأير والنظـر

أنت المقيم فما تـعـدو رواحـلـه

 

وأيره أباً منـه عـلـى سـفـر

قال الصولي: فحدثني أحمد بن إسحاق، قال: حدثني محمد بن إسحاق، قال: قلت لأبي تمام: غلامك أطوع للحسن بن وهب من غلام وهب لك، قال: أجل والله؛ لأن غلامي يجد عنده ما لا يجده غلامه عندي، وأنا أعطي غلامه قيلاً وقالاً، وهو يعطي غلامي ثياباً ومالاً.
أخبرني الصولي: قال: حدثني أبو الحسن الأنصاري، قال: حدثني أبي: وحدثني الفضل الكاتب المعروف بفنجاخ:

أن الحسن بن وهب كان يكتب لمحمد بن عبد الملك الزيات، وهو وزير الواثق، وكان ابن الزيات قد وقف على ما بين الحسن بن وهب وبين أبي تمام في غلاميهما: فتقدم إلى بعض ولده - وكانوا يجلسون عند الحسن بن وهب- بأن يعلموه بخبرهما ،وما يكون بينهما. قال: وعزم غلام أبي تمام على الحجامة، فكتب إلى الحسن يعلمه بذلك، ويسأله التوجيه إليه بنبيذ مطبوخ، فوجه إليه بمائة دن ومائة دينار، وبخلعة حسنة وبخور كثير، وكتب إليه:

ليت شعري يا أملح الناس عندي

 

هل تداويت بالحجامة بـعـدي

دفع الله عنك لـي كـل سـوء

 

باكر رائح وإن خنت عهـدي

قد كتمت الهوى بمبلغ جهـدي

 

فبدا منه غير ما كنـت أبـدي

وخلعت العذار فليعلـم الـنـا

 

س بأني إياك أصفـي بـودي

وليقولوا بما أحـبـوا إذا كـن

 

ت وصولاً ولم ترعني بصـد

من عذيري من مقلتيك ومن إش

 

راق وجه من دون حمرة خـد

قال: ووضع الرقعة تحت مصلاه، وبلغ محمد بن عبد الملك خبر الرقعة، فوجه إلى الحسن، فشغله بشيء من أمره، وأمر من أخذ الرقعة من تحت مصلاه، وجاء بها، فقرأها، وكتب على ظهرها:

ليت شعري عن ليت شعرك هذا

 

أبهـزل تـقـولـه أم بـجـد

فلئن كنت في المقال مـحـقـاً

 

يا بن وهب لقد تغيرت بعـدي

وتشبهت بي وكنـت أرى أنـي

 

أنا العاشق الـمـتـيم وحـدي

أترك القصد في الأمور ولـولا

 

غمرات الهوى لأبصرت رشدي

وأحب الأخ المشارك في الحب

 

وإن لم يكن به مـثـل وجـدي

كنديمي أبي عـلـي وحـاشـا

 

لنديمي مثـل شـقـوة وجـدي

إن مولاي عبـد غـيري ولـولا

 

شؤم جدي لكان مولاي عبـدي

سيدي سيدي ومـولاي مـن أو

 

رثـنـي ذلة وأضـرع خـدي

في هذين البيتين الأخيرين لحن من الرمل، أظنه لجحظة أو غيره من طبقته.


قال: ثم وضع الرقعة في مكانها، فلما قرأها الحسن قال: إنا لله! افتضحنا عند الوزير، وحدث أبا تمام بما كان، ووجهه إليه بالرقعة، فلقيا محمد بن عبد الملك، وقالا له: إنما جعلنا هذين سبباً للمكاتبة بالأشعار لا للريبة، فتضاحك وقال: ومن يظن بكما غير هذا! فكان قوله أشد عليهما من الخبرة.


قرأت في بعض الكتب: كان الحسن بن وهب يعاشر أبا تمام عشرة متصلة، فندب الحسن بن وهب للنظر في أمر بعض النواحي، فتشاغل عن عشرة أبي تمام، فكتب إليه أبو تمام:

قالوا جفاك فلا عهد ولا حـبـر

 

ماذا تراه دهاه؟ قلـت: أيلـول

شهر كأن حبال الهجر منه فـلا

 

عقد من الوصل إلا وهو محلول

فأجابه الحسن:

ما عاقني عنك أيلول بلذتـه

 

وطيبه ولنعم الشهر أيلـول

لكن توقع وشك البين عن بلد

 

تحتله ووكاء العين محلول

وقرأت فيه: كان بين الحسن بن وهب وبين الهيثم الغنوي وأحمد بن أبي داود تباعد ،فقال يهجوهما:

سألت أبي وكان أبي خبيراً

 

بسكان الجزيرة والسـواد

فقلت لهم: أهيثم من غني؟

 

فقال كأحمد بن أبي داود

فإن يك هيثم من جذم قيس

 

فأحمد غير شك مـن إياد

أخبرني عمي: قال: حدثني عمر بن نصر الكاتب، قال: كتب الحسن بن وهب إلى محمد بن معروف الواسطي يسأله أن يصير إليه فكتب إليه محمد:

وقيتك كل مكروه بنفـسـي

 

وبالأدنين من أهلي وجنسـي

أتأذن في التأخر عنك يومـي

 

على أن ليس غيرك لي بأنس

فأجابه الحسن بن وهب، فقال:

أقم لا زلت تصبح في سرور

 

وفي نعم مواصلة وتمسـي

فما لي راحة في حبس من لا

 

أراه يكون محبوساً بحبسـي

وكان الحسن يومئذ معتقلاً في مطالبة يطالب بها.

وجدت في بعض الكتب بغير إسناد.

كان الحسن بن وهب يحب بنات، جارية محمد بن حماد الكاتب، وكان له معها أخبار كثيرة، وكان لا يصبر عنها، فقدم الحسن بن إبراهيم بن رباح من البصرة، واتصل به خبرها، ووصفها له الحسن بن وهب، وصار به إليها، فأتم ليلته معها، ومرت بينهما أعاجيب، ثم خالفه الحسن بن إبراهيم بن رباح، وخاتله في أمرها، فكتب إليه الحسن بن وهب:

لا جـمــيل ولا حـــســـن

 

خنـت عـهـدي ولـم أخـــن

كملت إذ فعلت هذا أعاجيب الزمن

 

 

فإلى الله أشتكي

 

ما بـقـلـبـي مـن الـحــزن

رب شـكـوى مـن الـصــدي

 

ق إلـى غـير ذي شــجـــن

بأبـي أنــت يا حـــســـن

 

يا أخـا الـطـول والـمـنــن

أي رأي أراك خـــتـــــل

 

ى فـي الـشـاهـين الأغـــن

يتــخـــطـــى إلـــيه دو

 

ني فـي حـالـك الــدجـــن

فتــرى مـــنـــه ســـنة

 

تتـعـالـى عـن الـسـنـــن

مع كـشـفـي لـك الـحـــدي

 

ث الـذي عـنـك لـم يصـــن

واعـتـمـادي زعـمـت مــن

 

ك عـلـى أحـصـن الـجـنـن

وعـلـى خـير صــاحـــب

 

وعـلـى خـير مـا سـكـــن

خجـلـــي مـــن إســـاءة

 

فضحـت حـسـن كـل ظـنـي

ثم مـمــن جـــرت إلـــى

 

من وفـيمـن وعـنـد مـــن؟

إن تـكـن تـلـك هــفـــوة

 

فهـي كـالـشـيء لـم يكــن

أو تـكـن بـعـت خـلـتـــي

 

بمـواف مـن الـثـــمـــن

درة الـبـحـر مــن عـــدن

 

ذخـر ســيف بـــن ذي يزن

لم يكـن قـط مـثـلـــهـــا

 

في مـــعـــد ولا عـــدن

فتغافل عن جوابه، وأقام على مواصلتها وسمعها وحظر عليها، فلم يكن الحسن بن وهب يلقاها، فغلظ ذلك عليه، وكتب إليها هذه الأبيات:

أنكرت معرفتي جعلت لك الفـدا

 

إنكـار سـيدة تـلاعـب سـيداً

أنا ذو منعت جفونـه أن تـرقـدا

 

وتركته ليل التمـام مـسـهـدا

وبريت لحم عظامه فـتـجـردا

 

وأزرت مضجعه النساء العـودا

أنا ذا فإن لم تعرفينـي بـعـد ذا

 

فأنا ابن وهب ذو السماحة والدي

أشكو إلى الله الفؤاد المـقـصـدا

 

وجوى ثوى تحت الحشا متلـددا

وغريرة ما كنت من إشفـاقـهـا

 

يوماً وإن بعد التلاقي مسـعـدا

يا ظبـية فـي روضة مـولـية

 

جاد الربيع ترابهـا فـتـلـبـدا

هل تجزين الود منـي مـثـلـه

 

أو تصدقين من الموعد موعـدا؟

وإني وإن جعل القريض يجول بي

 

حتى يغور بما أقـول وينـجـدا

لعلى يقين أن قلـبـك مـوجـع

 

عندي المثال أنا الحمى ولك الفدا

وكما علمت إذا لبست المجـسـدا

 

وثنيت خلف الأذن حاشية الـردا

وحبوت جيدك من حليك عسجـدا

 

ونظمت ياقوتاً بـه وزبـرجـدا

وشكوت وجدك في الغناء شكـاية

 

ينسي حنيناً والغريض ومعـبـدا

سيما إذا غنيتـنـي بـتـعـمـد

 

بأبي وأمي ذاك منك تـعـمـدا

أثوي فـأقـصـر لـيلة لـيزودا

 

ومضى وأخلف من قتيلة موعدا

فوقعت الأبيات في يد ابن رباح فقرأها، وعلم أنه قد بلغ منه. فكتب إليه:

فدى لك آبـائي وحـق بـأن تـفـدى

 

فدى لك قصداً من ملامك لي قصـدا

ولا تلحني في عثرة إن عـثـرتـهـا

 

فلا والذي أمسيت أدعى لـه عـبـدا

وعهدك يا نفسي يقـيك مـن الـردى

 

فأعظم به عندي وأكرم بـه عـهـدا

يمـين امـرئ بـر صـدوق مـبـرإ

 

من الإثم ما حاولـت هـزلاً ولا جـدا

سوى مـا بـه أزداد عـنـدك زلـفة

 

ويكسبني منك الـمـودة والـحـمـدا

أرى الغي إن أومأت للـغـي طـاعة

 

لأمرك فضلاً عن سوى الغي لي رشداً

وأسعى لما تسعى وأتـبـع مـا تـرى

 

وفي كل ما يرضيك أستغرق الجهـدا

إذا أنا لم أمنحـك صـفـو مـودتـي

 

فمن ذا الذي أصفي له غيرك الـودا؟

ومن ذا الذي أرعى وأشـكـر والـذي

 

يؤمل خيراً بـعـد مـنـي أو رفـدا

وأنت ثمـالـي والـمـعـول والـذي

 

أشد به أزري فيعـصـمـنـي شـدا

وآثر خلق الله عـنـدي ومـن لـه

 

أياد وود لست أحصيهـمـا عـدا

 

فلا تحسبن مائلاً عن خـلـيقـتـي

 

لك الدهر حتى أسكن القبر واللحدا

 

معاذ إلهـي أن أرى لـك خـاذلاً

 

ولكن عذري واضح أن بي وجـدا

 

بأحسن من أبصرت شخصاً وصورة

 

وأملح خلق اللـه كـلـهـم قـدا

 

بمالكة أمري وإن كنت مـالـكـا

 

لها ففؤادي ليس من حبهـا يهـدا

 

إذا سألـتـهـن أن أقـيم عـشـية

 

لأونسها لا أستـطـيع لـهـا ردا

 

تراشفني صفـو الـمـودة تـارة

 

وأجني إذا ما شئت من خدها وردا

 

قنعت بها لما وثقـت بـحـبـهـا

 

فلا زينباً أبغي سواها ولا هـنـدا

 

ولو بذلت لي جنة الخلـد مـنـزلاً

 

وقلت: اجتبها لاجتنبت لها الخلـدا

 

           

فلما قرأها الحسن بن وهب علم أنه قد ندم فكتب إليه:

حسن يشكو إلى حسـن

 

فقد طعم النوم والوسـن

وهوى أمست مطالـبـه

 

قرنت باليأس في قـرن

وحبيب في محـلـتـه

 

معه في الدار لم يبـن

فإذا مـا رام زورتــه

 

فهو كالغادين في الظعن

عجباً للشمس لم تـرهـا

 

مقلتي حولاً ولم ترنـي

أتراها بعدنا صـرمـت

 

حبنا هذا من الـيمـين

فقديماً كان مطلـعـهـا

 

بيدي سيف بن ذي يزن

فكتب إليه ابن رباح:

حسن يفـدي بـمـهـجـتـه

 

حسناً من حـادث الـزمـن

ويقـيه مـا تـضـمـنــه

 

من دخيل الهـم والـحـزن

هاك عينـي فـابـك واقـية

 

عينك العبري على الشـجـن

وفـؤادي فـامـلـه حـزنـاً

 

من صروف الهم والـفـتـن

إن لم تكن شمس الضحا حجبت

 

عن سليل المجـد مـن يمـن

فهي حيرى عن مطالـعـهـا

 

في سوى قوم ابـن ذي يزن

ثم اعتذر إليه، ورجع إلى معاشرته، وكان لا يحضر دار محمد بن حماد، ولا يسمع غناء بنات جاريته إلا مع الحسن بن وهب لا يستأثر بها عليه.


وقال محمد بن داود الجراح: حدثني بعض أصحابنا: أن الحسن بن وهب، أتى أبا إسحاق إبراهيم بن العباس مستعدياً على أبي محمد الحسن بن مخلد في أمر بنات جارية محمد بن حماد، وكان الحسن بن وهب يتعشقها، فأفسدها عليه الحسن بن مخلد ،ولم يذكر محمد بن داود من خبرهما غير هذا، وإنما ذكرت هذه القصة على قلة الفائدة فيها ليتضح خبره مع بنات إذ كان ما مضى ذكره من خبرهما لم يقع إلي بروايته.


أخبرني محمد بن يحيى الصولي، قال: حدثني عبد الرحمن بن أحمد، قال: وجدت بخط محمد بن يزيد: كتب أبو تمام إلى الحسن بن وهب يستسقيه نبيذاً:

جعلت فداك عبد الله عندي

 

بعقب الهجر منه والبعـاد

له لمة من الكتاب بـيض

 

قضوا حق الزيارة والوداد

وأحسب يومهم إن لم تجدهم

 

مصادف دعوة منهم جماد

فكم يوم من الصهباء سـار

 

وآخر منك بالمعروف غاد

فهذا يستهل على غلـيلـي

 

وهذا يستهل على تـلادي

فيسقي ذا مذانب كل عرق

 

وينزع ذا قرارة كـل واد

دعوتهم عليك وكنت ممـن

 

نعينه على العقد الـجـياد

قال: فوجه إليه بمائة دينار ومائة دن نبيذاً.
قال محمد بن داود بن الجراح: زار الحسن بن وهب وأبو تمام أبا نهشل بن حميد، فبدأ أبو تمام، فقال:

أغصك الله أبا نهشل

ثم قال للحسن أجز: فقال:

بخد ريم شادن أكحل

ثم قال: أجزيا أبا نهشل، فقال:

نطمع في الوصل فإن رمته

 

صار مع العيوق في منزل

أخبرني جعفر بن محمد بن قدام بن زياد الكاتب: قال: كتب الحسن بن وهب إلى أبي تمام، وقد قدم من سفر: جعلت فداءك ووقاءك وأسعدني الله بما أوفى علي من مقدمك، وبلغ الوطر مل الوطر بانضمام اليد عليك، وإحاطة الملك بك، وأهلاً وسهلاً، فقرب الله داراً قربتك، وأحيا ركاباً أدتك، وسقى بلاداً يلتقي ليلها ونهارها عليك، وجعلك الله في أحصن معاقله، وأيقظ محارسه وأبعدهما على الحوادث مراماً برحمته.

أخبرني الحسن بن علي: قال: حدثنا محمد بن موسى: قال: قال رجل للحسن بن وهب: إن أبا تمام سرق من رجل يقال له مكنف من ولد زهير بن أبي سلمى، وهو رجل من أهل الجزيرة قصيدته التي يقول فيها:

كأن بني القعـقـاع يوم وفـاتـه

 

نجوم سماء خر من بينها الـبـدر

توفيت الآمـال بـعـد مـحـمـد

 

وأصبح في شغل عن السفر السفر

فقال الحسن: هذا دعبل حكاه، وأشاعه في الناس، وقد كذب، وشعر مكنف عندي، ثم أخرجه، وأخرج هذه القصيدة بعينها، فقرأها الرجل فلم يجد فيها شيئاً مما قاله أبو تمام في قصيدته: ثم دخل دعبل على الحسن بن وهب، فقال له: يا أبا علي، بلغني أنك قلت في أبا تمام كيت وكيت، فهبه سرق هذه القصيدة كلها، وقبلنا قولك فيه، أسرق شعره كله؟ أتحسن أنت أن تقول كما قال:

شهدت لقد أقوت مغانيكم بـعـدي

 

ومحت كما محت وشائع من برد

وأنجدتم من بعد اتـهـام داركـم

 

فيا دمع أنجدني على ساكني نجد؟

فانخزل دعبل واستحيا، فقال له الحسن: الندم توبة، وهذا الرجل قد توفي، ولعلك كنت تعاديه في الدنيا حسداً على حظه منها، وقد مات الآن فحسبك من ذكره ،فقال له: أصدقك يا أبا علي، ما كان بيني وبينه شيء قط إلا أني سألته أن ينزل لي عن شيء استحسنته من شعره، فبخل علي به، وأما الآن فأمسك عن ذكره، فجعل الحسن يضحك من قوله واعترافه بما اعترف به.


أخبرني الحرمي بن أبي العلاء: قال: حدثنا إسحاق بن محمد النخعي: قال : كتب إبراهيم بن محمد بن أبي محمد اليزيدي إلى محمد بن حماد الكاتب يهجوه، ويعيره بعشق الحسن بن إبراهيم بن رباح والحسن بن وهب جاريته وتغايرهما عليها:

لي خليطان محكـمـان يجـيدا

 

ن لما يعـمـلانـه حـاذقـان

واحد يعمل الـقـسـي فـيأت

 

يك بها في استقامة الـمـيزان

وفتى يعمل السكاكين في القـر

 

ن مقر بحـذقـه الـثـقـلان

وهما يطلبان قرناً علـى رأس

 

ك فانظر في بعض ما يسألان

قلت: هل يؤلم الفتى قطع ما ف

 

يه تريدان أيهـا الـفـتـيان؟

فأجابا بلطـف قـول وفـهـم

 

قم فإنا إذاً لـنـوكـي مـدان

فاقطع الآن ما برأسك منـهـا

 

إن فيما ترى لـمـض بـيان

ذاك خير من أن يسمى اسم سوء

 

فيقال انظروا إلى الـقـرنـان

قد كان عتبك مرة مكـتـومـاً

 

فاليوم أصبح ظاهراً معلـومـاً

نال الأعادي سؤلهم لا هـنـئوا

 

لما رأونا ظاعنـاً ومـقـيمـا

والله لو أبصرتنـي لأديت لـي

 

والدمع يجري كالجمان سجوما

هبني أسأت فعادة لك أن تـرى

 

متجاوزاً متطاولاً مظـلـومـا

الشعر لأحمد بن يوسف الكاتب، لعبيد بن الحسن الناطفي اللطفي، ثاني ثقيل بالوسط، وفيه خفيف رمل يقال: إنه لرذاذ، وفيه أول مجهول.