باب الألف - إبراهيم بن عبد الله النجيرمي

إبراهيم بن عبد الله النجيرمي

أبو إسحاق النحوي اللغوي أخذ عنه أبو الحسين المهلبي، وجنادة اللغوي الهروي، وكثير من أهل العلم، وكان مقامه بمصر.

قال أبو سعد السمعاني: النجيرمي نسبة إلى نجيرم، ويقال نجارم، وهي محلة بالبصرة، قال المؤلف: لم يصب السمعاني في قوله، إلا أن يكون طائفة من أهل هذا الموضع أقاموا بموضع من محال البصرة فنسب إليهم، ونجيرم قرية كبيرة على ساحل بحر فارس، بينها وبين سيراف نحو خمسة عشر فرسخاً، رأيتها يسمونها أهلها والتجار نيرم، فيسقطون الجيم تخفيفاً، أو تخلفاً، وليس مثلها يحتمل أن يكون لأهلها محلة بالبصرة، وهم فرس من فرس الحال، أكثر أكلهم النبق والسمك حدثني بعض أهل مصر عند كوني بها في سنة اثنتي عشرة وستمائة قال: حدثت أن الفضل بن عباس دخل على كافور الأخشيدي فقال له: أدام الله أيام سيدنا الأستاذ، فخفض الأيام، فتبسم كافور إلى أبي إسحاق النجيرمي، فقال أبو إسحاق:

لا غرو أن لحن الداعي لسيدنـا

 

وغص من هيبة بالريق والبهر

فمثل سيدنا حالت مـهـابـتـه

 

بين البليغ وبين القول بالحصر

فإن يكن خفض الأيام عن دهـش

 

من شدة الخوف لا من قلة البصر

فقد تفاءلت في هـذا لـسـيدنـا

 

والفأل نأثره عن سيد الـبـشـر

بأن أيامه خفـض بـلا نـصـب

 

وأن دولـتـه صـو بـلا كـدر

قال: فأمر له بثلاثمائة دينار، ولابن عباس بمثلها، هكذا أخبرني المصري في خبر هذا الشعر، وأنه لأبي إسحاق النجيرمي، ووجدت في أخبار رواها أبو الجوائز الواسطي قال: حدثني أبو الحسين بن أدين النحوي، وكان شيخاً قد نيف على الثمانين، في سنة أربعمائة قال: حضرت مع والدي وأنا طفل مجلس كافور الإخشيدي، وهو غاص بأهله، فدخل رجل غريب، فسلم ودعا له، وذكر القصة، ولم يذكر الفضل بن عباس، قال: فقام رجل فأنشد ولم يذكر النجيرمي، وأنشد الشعر بعينه، وجهل الرجلين.

قرأت في كتاب من إملاء النجيرمي قال كاتبها: أنشدني أبو إسحاق وهي له:

بدلني الدهر أميراً معوزاً

 

بسيد كان خضماً كوثرا

إذا شممت كفة مؤمـلاً

 

شممت منها غمراً مقترا

بما أشم مسكها والعنبـرا

 

يا بدلاً كان لقاءً أعـورا

وأنشدهم أيضاً لنفسه:

وإني فتى ضبر على الأين والوجى

 

إذا اعتصروا للوح ماء فظاظهـا

إذا ضربوها سـاعة بـدمـائهـا

 

وحل عن الكوماء عقد شظاظهـا

فإنك ضحاك إلى كـل صـاحـب

 

وأنطق من قس غداة عكاظـهـا

إذا اشتغب المولى مشاغب مغشـمٍ

 

فعذره فيها آخذاً بكـظـاظـهـا