باب الألف - إبراهيم بن علي الحصري القيرواني

إبراهيم بن علي الحصري القيرواني الأنصاري

قال ابن صهيب: مات بالمنصورة، من أرض القيروان سنة ثلاث عشرة وأربعمائة وقد جاوز الأشد. قال: وكان شاعراً، نقاداً، عالماً بتنزيل الكلام، وتفصيل النظام، يحب المجانسة والمطابقة، ويرغب في الاستعارة، تشبهاً بأبي تمام في أشعاره، وتتبعاً لآثاره، وعنده من الطبع ما لو أرسله على سجيته، لجرى جري الماء، ورق رقة الهواء، كقوله في بعض مقطعاته:

يا هل بكيت كما بـكـت

 

ورق الحمائم في الغصون

هتفت سحيراً والربى للقطر رافعة الجفون

فكأنها صاغـت عـلـى

 

شجوى شجي تلك اللحون

ذكرتني عهـداً مـضـى

 

للأنس منقطع الـقـرين

فتـصـرمـت أيمـهـا

 

وكأنها رجع الجـفـون

وله في الغزل:

كتمت هواك حتى عيل صبري

 

وأدنتني مكاتمتي لرمـسـي

ولم أقدر على إخفـاء حـال

 

يحول بها الأسى دون التأسي

وحبك مالك لحظي ولفـظـي

 

وإظهاري وإضماري وحسي

فإن أنطق، ففيك جميع نطقي

 

وإن أسكت ففيك حديث نفسي

وقوله أيضاً:

إني أحبك حبـاً لـيس يبـلـغـه

 

همي ولا ينتهي فهمي إلى صفته

أقصى نهاية علمي فيه معرفتـي

 

بالعجز مني عن إدراك معرفته

وله تآليف جيدة في ملح الشعر والخبر.
قال ابن رشيق: وقد كان أخذ في عمل طبقات الشعراء على رتب الأسنان، وكنت أصغر القوم سنا، فصنعت:

رفقاً أبا إسحاق بالـعـالـم

 

حصلت في أضيق من خاتم

لو كان فضل السبق مندوحة

 

فضل إبلـيس عـلـى آدم

فبلغه البيتان، فأمسك عنه، واعتذر منه، ومات، وقد سد عليه باب الفكرة فيه، ولم يصنع شيئاً.
والذي أعرف أنا من تصانيفه: كتاب زهرة الآداب، وكتاب النورين، اختصره منها، وهما يتضمنان أخباراً وأشعاراً حساناً، وكتاب المصون والدر المكنون، وله عندي: كتاب الجواهر، في الملح والنوادر، كتبه عبد القادر البغدادي.