باب الألف - أحمد بن الحارث بن المبارك الخزاز

أبو جعفر، راوية أبي الحسن المدائني، والعتابي، كان راوية مكثراً، موصوفاً بالثقة، وكان شاعراً، وهو من موالي المنصور، ومات الخزاز، فيما ذكره قانع، ورواه المرزباني عنه، في ذي الحجة سنة سبع وخمسين ومائتين، وكان ينزل في باب الكوفة، فدفن في مقابرها، وقيل: مات في سنة تسع وخمسين.

وذكره المرزباني في المقتبس: فقال: حدثني علي بن هارون، قال: أخبرني عبيد الله بن أحمد، بن طاهر، عن أبيه، عن محمد بن صالح، بن النطاح، مولى هاشم عن أبيه، قال: طلب المنصور رجالاً يجعلهم بوابين له، فقيل له: لا يضبطهم إلا قوم لئام الأصول، أنذال النفوس، صلاب الوجوه، ولا تجدهم إلا في رقيق اليمامة، فاشترى له مائتي غلام من اليمامة، فصير بعضهم بوابين، وبقي الباقون، فكان ممن بقي خلاد، جد أبي العيناء محمد بن القاسم بن خلاد، وحسان جد إبراهيم بن عطار، جد أحمد بن الحارث الخزاز.

وقال المرزباني: أخبرني محمد بن يحيى قال: حدثني الحسين بن إسحاق، قال: أنشدت أحمد بن الحارث شعراً للبحتري، فعاب منه شيئاً، فبلغ البحتري، فقال:

الحمد لله عـلـى مـا أرى

 

من قدر الله الـذي يجـري

ما كان ذا العالم من عالمـي

 

يوماً ولا ذا الدهر من دهري

يعترض الحرمان في مطلبي

 

ويحكم الخزاز في شعـري

وروى محمد بن داود، لأحمد بن الحارث، في إبراهيم ابن المدبر، وحاجبه بشر:

وجه جميل وصاحب صلف

 

كذاك أمر الملوك يختلف

فأنت تلقى بالبشر واللطف

 

وبشر يلقاهم به جـنـف

يا حسن الوجه والفعال ويا

 

أكرم وجه سما به شرف

ويا قبيح الفعال بالحاجب ال

 

غث الذي كل أمره نطف

فأنت تبني وبشر يهـدمـه

 

والمدح والذم ليس يأتلـف

وذكر أبو بكر الخطيب، فقال: كان الخزاز ذا فهم ومعرفة، صدوقاً، أسمع المدائني كتبه كلها، وهو بغدادي، روى عنه السكري، وابن أبي الدنيا، وغيرهما. وكان كبير الرأس، طويل اللحية كبيرها، حسن الوجه، كبير الفم ألثغ، خضب قبل موته لسنة خضاباً قانئاً، فسئل عن ذلك، فقال: بلغني أن منكراً ونكيراً، إذا حضرا ميتاً فرأياه خضيباً، قال منكر لنكير: تجاف عنه.
ومن سائر شعره قوله:

إني امرؤ لا أرى بالباب أقرعه

 

إذا تنمر دوني حاجب البـاب

ولا ألوم امرأ في رد ذي شرف

 

ولا أطالب ود الكـاره الآبـي

ولما قتل بغا التركي باغر التركي، وهاجت الأتراك على المستعين بالله، وخافهم، وانحدر من سر من رأى إلى بغداد، في سنة إحدى وخمسين إلى مائتين في المحرم، قال أحمد بن الحارث:

لعمري لئن قتلوا بـاغـراً

 

لقد هاج باغر حرباً طحوناً

وفر الخـلـيفة والـقـائدا

 

ن بالليل يلتمسون السفينـا

وحل ببغداد قبل الشـروق

 

فحل بهم منه ما يكرهونـا

فليت السفينة لـم تـأتـنـا

 

وغرقها الله والراكبـينـا

هي قصيدة يذكر فيها الحرب وصفتها.

وقال أحمد بن الحارث، في بشر حاجب إبراهيم ابن المدبر:

قد تركناك لبشر

 

وتركنا لك بشرا

وذكره محمد بن إسحاق النديم في كتابه، وقال: له من الكتب: كتاب المسالك والممالك. كتاب أسماء الخلفاء، وكتابهم، والصحابة. كتاب مغازي البحر في دولة بني هاشم، وذكر أبي حفص صاحب أقريطش. كتاب القبائل. كتاب الأشراف. كتاب ما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه، كتاب أبناء السراري. كتاب نوادر الشعراء. كتاب مختصر كتاب البطون. كتاب مغازي النبي صلى الله عليه وسلم وسراياه وأزواجه. كتاب أخبار أبي العباس. كتاب الأخبار والنوادر. كتاب شحنة البريد. كتاب النسب. كتاب الحلائب والرهان. كتاب جمهرة نسب الحارث بن كعب، وأخبارهم في الجاهلية.