باب الألف - أحمد بن سعد أبو الحسين الكاتب

أحمد بن سعد أبو الحسين الكاتب

ذكره حمزة في أهل أصبهان، فقال ندب في أيام القاهر بالله إلى عمل الخراج أبو الحسين أحمد بن سعد، فورد أصبهان غرة جمادى الأولى، سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة، وعزل عنها أبو علي بن رستم في جمادى الآخرة من هذه السنة، ثم قدم أبو الحسين بن سعد من فارس متقلداً لتدبير البلد، وعمل الخراج، من قبل الأمير علي ابن بويه، يعني عماد الدولة، في جمادى الأولى سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، ثم صرف في سنة أربع وعشرين. قال: ثم رد جباية الخراج في أربع وعشرين إلى أبي القاسم سعد بن أحمد بن سعد، قال ثم إن أبا الحسين عزل في شوال من هذه السنة، لم يذكره بعد ذلك، وعد فضلاء أصبهان من أصحاب الرسائل، ثم قال: وأما أبو مسلم محمد، وأبو الحسين أحمد بن سعد، فقد استغنينا بشهرة هذين وبعد صوتهما في كور المشرق والمغرب، وعند كتاب الحضرة، وإجماع أهل الزمان على فضلهما عن وصفهما، وعامة الرسائل لهما، ثم ذكره في المصنفين فقال: له من الكتب، كتاب الاختيار من الرسائل، لم يسبق إلى مثله، وكتاب آخر في الرسائل، سماه فقر البلغاء، وكتاب الحلي والثياب، وكتاب المنطق، وكتاب الهجاء، قرأت في كتاب عتيق.

حدثني شيخ كبير قال: تنبأ في مدينة أصبهان رجل في زمن أبي الحسين بن سعد، فأتي به، وأحضر العلماء والعظماء والكبراء كلهم فقيل له من أنت؟ فقال: أنا نبي مرسل، فقيل له: ويلك: إن لكل نبي آية، فما آيتك وحجتك؟ فقال: ما معي من الحجج لم يكن لأحد قبلي من الأنبياء والرسل، فقيل له: أظهرها: فقال: من كان منكم له زوجة حسناء، أو بنت جميلة، أو أخت صبيحة، فليحضرها إلي أحبلها بابن في ساعة واحدة، فقال أبو الحسين بن سعد: أما أنا فأشهد أنك رسول، وأعفني من ذلك، فقال له رجل: نساء ما عندنا: ولكن عندي عنز حسناء، فأحبلها لي: فقام يمضي، فقيل له إلى أين؟ قال أمضي إلى جبرائيل وأعرفه أن هؤلاء يريدون تيساً، ولا حاجة بهم إلى نبي، فضحكوا منه وأطلقوه وأنشد للإصبهاني أبي الحسين هذا أشعاراً منها في جواب معمى:

رماني أخ أصفي له الود جـاهـداً

 

ومن يتطوع بالـمـودة يحـمـد

بداهبة تعيي علـى كـل عـالـم

 

بوجه المعمى بالـصـواب مـؤيد

وحمل سرب الوحش والطير سره

 

وأرسلها تكـرا بـبـيداء قـردد

فانهضت قلبي وهو في نفس جارح

 

ومن يغد يوماً بالجوارح يصطـد

فحاش لي الصنفين من بين أرنـب

 

يقود الوحوش طائعات وهـدهـد

يسوق لنا أسراب طير تتـابـعـت

 

على نسق مثل الجمان المنـضـد

ومزقتها بالزجر حتى تـحـولـت

 

وعادت عباديداً بشـمـل مـبـدد

وراوضتها بالفكر حتى تـذلـلـت

 

فمن مسمح طوعاً ومن متجـلـد

فأخرجت السر الخفي وأنـشـدت

 

قريض رهين بالصـبـابة ذي دد

وإني وإياها لكالخمـر والـفـتـى

 

متى يستطع منهـا الـزيادة يزدد

وله في الفضل محمد بن الحسين بن العميد:

البين أفردنـي بـالـهـم والـكـمـد

 

والبين جدد حر الثكل فـي كـبـدي

فارقت من صار لي من واحدي عوضاً

 

يا رب لا تجعلـنـهـا فـرقة الأبـد

أمسك حشاشة نفسي أن يطيف بـهـا

 

كيد من الدهر بعد الفـقـد لـلـولـد

لا في الحياة فإني غـير مـغـتـبـط

 

بالعيش بعد انقصاف الظهر والعضـد

بل ابق لي الخلف المأمول حيطـتـه

 

علـى عـيال وأطـفـال ذوي عـدد

من أن يروا ضيعة في عرصة البلـد

 

وأن يروا نهزة في كف مضطـهـد

ربي رجائي وحسب المرء معتمداً

 

نجل العميد وصنع الواحد الصمد

وله إلى أبي الحسين بن لرة، في مملوك له أسود كان تبناه:

حذر فديتك بشرى من تـبـرزه

 

إني أخاف عليه لفعة الـعـين

إذا بدت لك منه طرة سـبـلـت

 

على الجبين وتحريف كنـونـين

حسبت بدراً بدا تما فـأكـلـفـه

 

غمامة نشرت في الأرض ثوبين

كأنما خط في أصداغـه قـلـم

 

بالحبر خطين جاءا نحو قوسـين

لكن ذلك منـه غـير دافـعـه

 

عن القبول وعن بعد من الشـين

وهذه قطعة شعر لأبي الحسين بن سعد على أربع قواف كلما أفردت قافية كان شعراً برأسه إلى آخر الأبيات.

وبلدة قطعتها بـضـامـر

 

خفيدد عـيرانة ركـوب

وليلة سهرتـهـا لـزائر

 

ومسعد مواصل حـبـيب

وقينة وصلتها بطـاهـر

 

مسود ترب العلا نجـيب

إذا غوت أرشدتها بخاطر

 

مسدد وهاجس مصـيب

وقهوة باكرتها لـفـاجـر

 

ذي عتد، في دينه وروب

سورتها كسرتها بماطـر

 

مبرد من جمة القـلـيب

وحرب خصم بختها بكائر

 

ذي عدد في قومه مهيب

معوداً بل سفتها بـبـاتـر

 

مهند يفري الطلى رسوب

وكم حظوظ نلتها من قادر

 

ممجد بصنعة الـقـريب

كافية إذ شكرتها في سامر

 

ومشهد للملك الـرقـيب