ابن عمر، بن محمد، بن عيسى، بن شهيد أبو عامر، أشجعي النسب، من ولد الوضاح، بن رزاح، الذي كان مع الضحاك يوم المرج، ذكره الحميدي وقال: إنه مات في جمادى الأولى سنة ست وعشرين وأربعمائة بقرطبة، ومولده سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة وأبو عبد الملك بن أحمد، شيخ من شيوخ وزراء الدولة العامرية، ومن أهل الأدب، وكان في أيام عبد الرحمن الناصر، له شعر وبديهة، ولم يخلف لنفسه نظيراً في علمي النظم والنثر. قال: وهو من العلماء بالأدب، ومعاني الشعر، وأقسام البلاغة، وله حظ من ذلك بسق فيه، ولم ير لنفسه في البلاغة أحداً يجاريه، وله كتاب حانوت عطار في نحو من ذلك.
وسائر رسائله وكتبه نافعة الجد، كثيرة الهزل، وشعره كثير مشهور، وقد ذكره أبو محمد علي بن أحمد مفتخراً به، فقال: ولنا من البلغاء أحمد بن عبد الملك، بن شهيد. وله من التصرف في وجوه البلاغة وشعابها مقدار، ينطق فيه بلسان مركب من لساني عمرو وسهل، ومن شعر أبي عامر المختار:
وما ألان قناتـي غـمـز حـادثة |
|
ولا استخف بحلمي قط إنـسـان |
أمضي على الهول قدماً لا ينهنهني |
|
وأنثني لسفيهـي وهـو حـردان |
ولا أقارض جهالاً بجهلهـم |
|
والأمر أمري والأيام أعوان |
أهيب بالصبر والشحناء ثائرة |
|
وأكظم الغيظ والأحقاد نيران |
وقوله:
ألمت بالحب حتى لو دنا أجـلـي |
|
لما وجدت لطعم الموت من ألـم |
وذادني كرمي عمن ولهـت بـه |
|
ويلي من الحب أو ويلي من الكرم |
قال: وقال أبو محمد علي بن أحمد: ولم يعقب أبو عامر، وانقرض عقب الوزير أبيه بموته، وكان جواداً لا يليق شيئاً، ولا يأسى على فائت، عزيز النفس، مائلاً إلى الهزل، وكان له من علم الطب نصيب وافر.